تأملات وعبر من قصة موسي في القران (5) العصا الآية الكبري

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
عند وصول موسي عليه السلام الى موضع النار ناداه ربه وكلمه بطريقة يسمعها ويفهمها لا حاجة لنا في البحث عن كيفيتها وإضاعة الوقت في مباحث جدلية لا طائل منها سوى أنها تذهب بفوائد الحدث فما دام اخبرنا ربنا في كتابه انه كلمه فانه يكون كلمه ولا نملك إلا نقول صدق الله. وصف الله المكان بالمقدس وبالبركة ففي سورة طه قال له " اخلع نعلك انك بالواد المقدس طوي " وفي سورة القصص " نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة " وفي سورة النمل " نودي أن بورك من النار ومن حولها" فلقد أصبح المكان مقدسا لأنه شهد النداء الإلهي الجليل وأصبح مباركا فلأنه شهد بداية زوال الطغيان وزوال الطغيان بركة لأهل الأرض جميعا .
العصا الآية الكبرى
" وما تلك بيمينك يا موسي " فائدة السؤال هو السماع من موسي إقرارا بحالة العصا السابقة و أن العصا التي في يده هي عصا عادية من احد أغصان الأشجار العادية يستعملها في الاستعمالات العادية ومن ثم قال موسي وظيفتها العادية هي عصاي أتوكؤ عليها وأهش بها على غنمي ولقد ذكر موسي وظيفيتين وأوجز في الباقي عندما قال " ولي فيها مآرب أخري" اختصارا للحديث لأنه قد فهم المقصود من السؤال وان شانا عظيما ينتظره ومن ثم فقد اختصر الإجابة بخلاف ظن البعض انه أسهب في الحديث تلذذا بالحوار مع الله بل نقول بل اختصر الحديث تأدبا مع الله في الحوار "قال القها يا موسي" وطالما ألقى موسي عصاه في الماضي مرات ومرات وهي عصا إن حملها وعصا إن ألقاها لكن هذه المرة وهنا سيري ما سيطرأ عليها من الآيات "فالقاها فإذا حية تسعي " ووصف القران التغيير بشيئين حية -ليست من أنثي الثعبان كما ظن البعض- بل حية أي دبت فيها الحياة ووصفها بأنها تسعي أي دبت فيها الحياة وأخذت مظهرا من مظاهر الحياة وهو السعي كما تقول حي يرزق أي ما زال عليه مظهر من مظاهر الحياة وهو الرزق وعصا موسي دبت فيها الحياة ثم هي تسعي وتسعي ليست مرادفة للحياة بل زيادة عليها وسنري أن هذه العصا بعد ذلك ستسعي لتحقيق المهام الصعبة في حياة سيدنا موسي وحل المعضلات الكبرى التي تعترض طريق هذا النبي الكريم واذ كان موسي في الماضي قد جاءه رجل من يسعي من اقصى المدينة لينقذه من القتل فانه ابتداء من اليوم فان الذي سيسعي لإنهاء مشكلاته وإزالة العقبات أمامه هي هذه العصا إنها ستكون الحجة أمام فرعون وسيضرب بها البحر ليخط فيه طريقا يابسا وسيضرب بها الحجر فتتفجر منه اثنتا عشر عينا أنها أي العصا كما وصفها القران آية كبري وسنأتي على ذلك بالتفصيل .
كيف كانت العصا حجة على فرعون
وقد شاع عند البعض أن معجزة كل نبي تكون من جنس ما برع في قومه فيقولون لان السحر انتشر في عصر موسي فكانت معجزته العصا ولان قوم عيسي برعوا في الطب فكانت معجزته إبراء الأكمه والأبرص وهكذا وهذا الكلام تنقصه الدقة التاريخية والدقة العلمية فبني إسرائيل لم يعرف عنهم أنهم برعوا في الطب حتى تكون معجزة عيسي بن مريم إبراء الأكمه والأبرص تحديا لهم في الطب وحتى لو برعوا في الطب وهذا غير صحيح فما دخل الطب في إحياء الميت ؟ وما الذي برع فيه قوم إبراهيم حتى تكون معجزته نجاته من النار ؟, وتفريعا على هذه القاعدة زعموا أن قوم موسي برعوا في السحر فبعث الله لهم موسي بمعجزة العصا لتتحدى ما هم عليه من السحر ورغم أن هذا الكلام مبني على قاعدة خاطئة كما بينا فان ما انتهي إليه كان خطئا كبيرا فهل كانت عصا موسي من جنس السحر حتى نقول انه جاءهم بما برعوا فيه من السحر؟ ولقد اشتهر على السنة العوام العصا السحرية كناية عن عصا موسي وفي هذا خلط وتشويش إذ أن الذي وصف عصا موسي بالسحر هو فرعون اما الله فقد وصفها بالآية الكبرى فالعصا السحرية هي تسمية فرعون والاية الكبرى هي تسمية الله الامر الاخر لم يكن وصف فرعون لموسي بانه ساحر بسبب ما شاهده بسبب العصا بل هذا اتهام لكل رسول من قبل اعدائه يقول تعالى " وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) ثم تعقب السورة على ذلك بان ذلك لم يكن خاص بفرعون بل هو شان عامة المكذبين حتى أن القران يتعجب من هذا الاتفاق بين أولهم وآخرهم يقول تعالى" كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)الذاريات .
ففرعون لم يكن بدعا من غيره من المكذبين عندما وصف موسي بأنه ساحر فلماذا الصق السحر بالعصا ؟هل لأنها فضحت إفك السحرة ؟سنأتي على ذلك لكنها أيضا لم تكن قاصرة على فضح السحرة لقد ضرب بها موسي البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشر عينا إنها أية كبري تدل على وجود الله وإبطال إلوهية فرعون فقد ادعى أنه إله ، وقال ما علمت لكم من اله غيري وزعم انه رب وقال انا ربكم الأعلى والإله ينبغي أن يخلق " أفمن يخلق كمن لا يخلق " كيف يكون إلها لا يخلق وهو مخلوق ، فأعطى الله موسي آية يتبين منها عملية خلق كائن حي من مادة ميتة ، فإن كنت يا فرعون إلها فاخلق وهب الحياة لما خلقت ، فإن فعلت عندئذ تستحق أن تكون إلها. وإلا فأنت مخلوق ينبغي أن تخضع لله الذي خلقك وسنرى هذا في حجاج موسي له كما صورتها سورة الشعراء وليبرهن لفرعون أن الذي حول العصا الى حية تسعى هو رب موسى رب العالمين . لقد كانت العصا برهانا على وجود اله وإبطال ألوهية فرعون ولم تكن عصا سحرية
لم تكن العصا فقط هي الآية الوحيدة لموسي عليه السلام بل أوتي آية أخري وهي آية اليد بل إن سورة النمل بينت أن هذين الآيتين هما من مجموع تسع آيات " وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) النمل وسنتحدث عن هذه الآيات تفصيلا بعد ذلك لكن ماذا كان رد فعل موسي عندما رأى أية العصا ؟ هذا ما سنوضحه في المقالة التالية
 
عودة
أعلى