ابو العزايم عبد الحميد
New member
قال تعالى" فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48) طه
استجاب الله لموسي عليه السلام وأرسل معه أخاه هارون وزيرا وأمرهما بأن يذهبا معا الى فرعون ونتناول هنا في هذا التكليف سؤالان الأول :- هل فرعون الذي كلف موسي بالذهاب إليه هل هو فرعون الذي تربي عنده؟ والسؤال الثاني :- لما ذا تكرر الخوف من موسي حتى بعد أن أرسل معه أخاه هارون عليهما السلام فقالا الاثنين معاً إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغي
المسالة الأولى هل فرعون الذي كلف موسي بالذهاب إليه هل هو فرعون الذي تربي عنده؟
بالتأمل في عدد السنوات التي قضاها موسى عليه السلام قبل عودته من مدين وتكليفه بالرسالة تقريبا نجد أن سنه أربعين سنة فالقرآن يقول أنه قد بلغ أشده واستوي قبل دخوله المدينة واشتباكه بالقبطي وهو ما يرجح انه قد تجاوز العشرين أو وصل سن الثلاثين كما تقول بعض الروايات ثم خرج منها الى مدين فقضي على الأقل عشر سنوات في مدين فيكون في سن الأربعين عند تكليفه بالرسالة و الأنبياء عادة يبعثون في سن الأربعين على المشهور , ورغم انه ليس هناك نص يثبت ذلك لكن النبوة بعد الأربعين أمر غالبي ،
وبعث رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم في سن أربعين قال ابن عباس رضي الله عنهما:
أنزل على رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أُمر بالهجرة...) [متفق عليه (ومَن بعث من الأنبياء قبل الأربعين فهو استثناء من الأصل يعرف بالنص عليه كما قال تعالى في شان يحي عليه السلام ". وآتيناه الحكم صبياً*وحنانا من لدنا "(12) مريم.
والسؤال هو هل ظل فرعون الذي تربي عنده موسي على قيد الحياة حتى عاد موسي من بعد مدين أم انه مات وجاء غيره ؟
العهد القديم يذكر أن الفرعون الذي كان يحكم مصر في وقت ولادة موسى مات أثناء إقامة موسى في مدين (سفر الخروج، 2: 23؛ 4: 19) وأن كفاح موسى بعد عودته من مدين كان ضد فرعون آخر.
أما القرآن فلا يشير لشيء من ذلك والخلاف في شخص فرعون لا قيمة له من النظرة القرآنية فالمتأمل في عرض القرآن لقصة فرعون مع موسي عليه السلام يميل الى أن الفرعون هو لقب الحاكم في تلك الفترة وليس اسمه الحقيقي وعلى هذا فموسي عليه السلام قد أرسل الى فرعون كنظام وليس شخص فقد يكون هو الشخص الذي تربي عنده موسي وقد يكون غيره لكن الثابت أن النظام لم يتغير فظل هو قبل ولادة موسي ما هو بعد عودته إليه رسولا من الله يستضعف طائفة من قومه يذبح أبنائهم ويستحي نسائهم قال تعالى عن فرعون قبل ولادة موسي " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ "(4) القصص ,وقال تعالى عن نظام فرعون وقت أن كان موسي رسولاً " وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الأعراف .
ومعنى هذا أن الحديث عن فرعون في القرآن هو حديث عن نظام وليس عن شخص وهو حديث عن حالة انحراف في تاريخ البشرية ويقدم لنا القرآن الحل في إزالة هذا الطغيان وهي أينما وجدت الحالة الفرعونية فلابد من الحالة الموسوية لمواجهتها ومقاومتها وليس بانتظار موت شخص الفرعون أو هلاكه أو استبداله بآخر والذين لم يتنبهوا الى حديث القرآن عن الحالة الفرعونية قد ضلوا ضلالا بعيدا فإما عقدوا الآمال على التخلص من شخص الفرعون بالقتل أو انتظار موته فربما يستقيم الحال وربما انحرف بعضهم فطالب المستضعفين بالصبر على ما هم عليه حتى ينتهي اجل الفرعون و هذه ليست حلولا لمقاومة الطغيان بقدر ما تعمل على استقرار هذا الطغيان ودعمه إذ انه إذا ظلت حالة الطغيان فانه إذا مات الفرعون خلفه فرعون آخر اما نظرة القرآن فهو اعتبار الفرعون نظاما يزول الطغيان بزوال النظام كله بهلاك شخص الفرعون وهلاك جنوده و أجهزته وتمكين المستضعفين من خلافته في الأرض " فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) القصص
ونتناول في الحلقة القادمة قصة الخوف في حياة سيدنا موسي عليه السلام
استجاب الله لموسي عليه السلام وأرسل معه أخاه هارون وزيرا وأمرهما بأن يذهبا معا الى فرعون ونتناول هنا في هذا التكليف سؤالان الأول :- هل فرعون الذي كلف موسي بالذهاب إليه هل هو فرعون الذي تربي عنده؟ والسؤال الثاني :- لما ذا تكرر الخوف من موسي حتى بعد أن أرسل معه أخاه هارون عليهما السلام فقالا الاثنين معاً إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغي
المسالة الأولى هل فرعون الذي كلف موسي بالذهاب إليه هل هو فرعون الذي تربي عنده؟
بالتأمل في عدد السنوات التي قضاها موسى عليه السلام قبل عودته من مدين وتكليفه بالرسالة تقريبا نجد أن سنه أربعين سنة فالقرآن يقول أنه قد بلغ أشده واستوي قبل دخوله المدينة واشتباكه بالقبطي وهو ما يرجح انه قد تجاوز العشرين أو وصل سن الثلاثين كما تقول بعض الروايات ثم خرج منها الى مدين فقضي على الأقل عشر سنوات في مدين فيكون في سن الأربعين عند تكليفه بالرسالة و الأنبياء عادة يبعثون في سن الأربعين على المشهور , ورغم انه ليس هناك نص يثبت ذلك لكن النبوة بعد الأربعين أمر غالبي ،
وبعث رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم في سن أربعين قال ابن عباس رضي الله عنهما:
أنزل على رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أُمر بالهجرة...) [متفق عليه (ومَن بعث من الأنبياء قبل الأربعين فهو استثناء من الأصل يعرف بالنص عليه كما قال تعالى في شان يحي عليه السلام ". وآتيناه الحكم صبياً*وحنانا من لدنا "(12) مريم.
والسؤال هو هل ظل فرعون الذي تربي عنده موسي على قيد الحياة حتى عاد موسي من بعد مدين أم انه مات وجاء غيره ؟
العهد القديم يذكر أن الفرعون الذي كان يحكم مصر في وقت ولادة موسى مات أثناء إقامة موسى في مدين (سفر الخروج، 2: 23؛ 4: 19) وأن كفاح موسى بعد عودته من مدين كان ضد فرعون آخر.
أما القرآن فلا يشير لشيء من ذلك والخلاف في شخص فرعون لا قيمة له من النظرة القرآنية فالمتأمل في عرض القرآن لقصة فرعون مع موسي عليه السلام يميل الى أن الفرعون هو لقب الحاكم في تلك الفترة وليس اسمه الحقيقي وعلى هذا فموسي عليه السلام قد أرسل الى فرعون كنظام وليس شخص فقد يكون هو الشخص الذي تربي عنده موسي وقد يكون غيره لكن الثابت أن النظام لم يتغير فظل هو قبل ولادة موسي ما هو بعد عودته إليه رسولا من الله يستضعف طائفة من قومه يذبح أبنائهم ويستحي نسائهم قال تعالى عن فرعون قبل ولادة موسي " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ "(4) القصص ,وقال تعالى عن نظام فرعون وقت أن كان موسي رسولاً " وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الأعراف .
ومعنى هذا أن الحديث عن فرعون في القرآن هو حديث عن نظام وليس عن شخص وهو حديث عن حالة انحراف في تاريخ البشرية ويقدم لنا القرآن الحل في إزالة هذا الطغيان وهي أينما وجدت الحالة الفرعونية فلابد من الحالة الموسوية لمواجهتها ومقاومتها وليس بانتظار موت شخص الفرعون أو هلاكه أو استبداله بآخر والذين لم يتنبهوا الى حديث القرآن عن الحالة الفرعونية قد ضلوا ضلالا بعيدا فإما عقدوا الآمال على التخلص من شخص الفرعون بالقتل أو انتظار موته فربما يستقيم الحال وربما انحرف بعضهم فطالب المستضعفين بالصبر على ما هم عليه حتى ينتهي اجل الفرعون و هذه ليست حلولا لمقاومة الطغيان بقدر ما تعمل على استقرار هذا الطغيان ودعمه إذ انه إذا ظلت حالة الطغيان فانه إذا مات الفرعون خلفه فرعون آخر اما نظرة القرآن فهو اعتبار الفرعون نظاما يزول الطغيان بزوال النظام كله بهلاك شخص الفرعون وهلاك جنوده و أجهزته وتمكين المستضعفين من خلافته في الأرض " فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) القصص
ونتناول في الحلقة القادمة قصة الخوف في حياة سيدنا موسي عليه السلام