ابو العزايم عبد الحميد
New member
انتهينا في الحلقة السابقة إلى سؤال مؤداه هل فرعون من قوم موسى ؟ الذين أرسل إليهم أم أن قوم موسى هم فقط بنوا إسرائيل ؟ خاصة انه لم ترد آيه في القران تقول أن فرعون وملأه كانوا من قوم موسى بل اقتصر إطلاق لفظ قوم موسى على بني إسرائيل فقط
والعجيب انا لم نرى الكثير ممن التفتوا الى أن القران رغم كثرة الحديث عن موسي لم يذكر أن فرعون من قومه بل صرح أن قومه هم بنو إسرائيل والقران يتحدث أن موسى عندما كان يخاطب بني إسرائيل يخاطبهم يا قومي لكن لم يرد في القران انه خاطب فرعون أو ملأه بهذا اللفظ ويرد الحديث في القران كثيرا عن بني إسرائيل بوصفهم قوم موسي فقال " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) طه " قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) طه , فكل ما ورد من لفظ قوم في القران منسوبا الى موسي كان المقصود به بني إسرائيل وليس فرعون وإذ جمع الله في الطغيان قارون مع فرعون إلا انه عند الحديث عن قارون منفردا ذكر انه من قوم موسي واتفق العلماء أن قارون كان من بني إسرائيل وقيل انه ابن عم موسي فلم يكن من آل فرعون
إذا فالأصل أن موسي رسول من بني إسرائيل الى بني إسرائيل لكن بني إسرائيل في ذلك الوقت كانوا تحت الفراعنة يسومونهم سوء العذاب يذبحون أبنائهم ويستحيون نسائهم وقد بلغت الفرعونية مداها في الطغيان لقد استقرت أخلاق الأمم الظالمة عند الفرعون وتجمعت في شخصه كل مظاهر الانحراف عبر التاريخ فقد جمع غطرسة قوم نوح واستكبار عاد الذين قالوا من اشد منا قوة وفساد ثمود وانحرافات قوم شعيب كل هؤلاء تركوا بصماتهم على وجه فرعون فخرج لنا كائن يقول "أنا ربكم الأعلى" ويقول "ما علمت لكم من اله غيري" ويقول لهم " ما اريكم مالا ما أرى " وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) القصص
ويروى المؤرخون رواية في سبب وجود بني إسرائيل تحت الفراعنة يقولون انه بعد أن اكتشف العالم الفرنسى شامبليون – حجر رشيد – عرفنا أن الفترة التي دخل فيها سيدنا يوسف مصر, لم يكن الفراعنة هم الذين يحكمون مصر, بل كان الحكام هم ملوك الهكسوس الرعاة, وأظهر القرآن هذه الحقيقه التاريخية حين سمى حكام مصر قبل يوسف فراعين, وفى الفترة التى جاء فيها سيدنا يوسف سماهم ((الملوك)), وهؤلاء هم من أغاروا على مصر وحكموها وساعدهم بنو إسرائيل وخدموهم, وقاموا على مصالحهم, وبعد أن طرد المصريون الهكسوس التفت الفراعنة بالشر إلى من أعان الهكسوس, فبدءوا في استذلال بني إسرائيل لمساعدتهم الهكسوس إبان حكمهم مصر. وأراد الله أن يخلصهم بواسطة موسى عليه السلام,
ونحن لا نري الإغراق في هذه الروايات لأنها ظنية من ناحية ولا ترقى أن نفسر آيات القران من خلالها ولا نرى أمرا ذا بال في التفرقة في حديث القران عن الحاكم في عهد يوسف عليه السلام بصفة الملك وفي عهد موسي عليه السلام بصفة فرعون حتى ان نقول أن الحكام أيام يوسف لم يكونوا من الفراعنة واري أن هذا تفسيرا متعسفا ليجاري أراء المؤرخين اذ هي في أحسن الأحوال ظن وان الظن لا يغني عن الحق شيئا واري انه لا طائل من تأويل الآيات لكي توافق ما يسمي اكتشاف هنا أو هناك اذ الافضل دائما القرار في معين القران نفهم القران بلغة القران لا بلغة غيره والقدر المتيقين من خلال القران أن يوسف حكم مصر فترة من الزمن وقد شهدت البلاد علي يديه استقرارا ورخاء وأمنا وفي هذه الأجواء جاء بنو إسرائيل وهم اخوة يوسف وقال لهم ادخلوا مصر إن شاء الله امنين وهو ما يدل ان مصر كانت تنعم بالأمن والاستقرار وقتها وقد أقاموا فيها، وسار فيهم يوسف بشريعة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام، وأرسى قواعد التوحيد الذي لا يعبد فيه إلا الله وحده لا شريك له في نفوسهم، وأرسى قواعد العدل والمساواة وهذا واضح من قوله تعالى " قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)يوسف في هذه الأجواء توطن بنو إسرائيل بمصر وبعد موت يوسف عليه السلام هبت عواصف الفراعنة تحمل الوثنية وتطرحها على أرض مصر من جديد. وهبت معها رياح الفساد والطغيان مرة أخرى وعادت الفرعونية بوجهها القبيح كما اسلفنا ويمكن ان نفهم من كلام مؤمن ال فرعون في سورة غافر : ﴿وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ﴾ (1) يمكن ان نفهم ان فترة حكم يوسف عليه السلام لمصر ما زالت موجودة في الذاكرة المجتمعية وحاضرة في أذهان الجميع وان هذه الصورة هي صورة كئيبة على العقل الاستبدادي ومفزعة له وقد أوهموا أنفسهم انه لن يعود عهد يوسف مرة أخرى ولن ياتي من بعده رسولا فليرتعوا إذا في الظلم والبغي وهاهو مؤمن ال فرعون يذكرهم بهذه الفترة ويقول وهو يخاطب الملأ من قوم فرعون وليس الهكسوس كما يزعم المؤرخون ليقول لهم ها قد عاد مرة أخرى نبي مثل يوسف وان مستقبله سيكون مثل مستقبل يوسف الا اذا كان كاذبا فعليه في هذه الحالة كذبه أما أن كان صادقا فجميع وعوده ستحقق والأفضل لهم ان يستمعوا له وقد حذرهم من مصائر الأمم الظالمة البائدة " وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31)غافر
أما استضعاف بني إسرائيل فلسنا بحاجة الى تصديق كلام المؤرخين من انهم ساعدوا الهكسوس فان سورة القصص أوضحت أن هذا الأمر ليس بسبب فعل من بني إسرائيل بل بسبب طبيعة اي نظام مستبد ظالم وهو ان يقسم المجتمع الى فرق وشيع وينشر النزعات العرقية والعنصرية والطائفية يسلط بعضهم على بعض لينعم هو بالاستقرار اذ لا حياة للمستبد ولا استقرار له في ظل امن وسلام مجتمعي بل لابد من إثارة النعرات الطائفية والعرقية والعنصرية حتى يحدث الاحتراب والانقسام المجتمعي ان المستبد يجيد صناعة الكراهية وينشرها ونظرا لان بني اسرائل كانوا وافدين على مصر ويختلفون في أصولهم عن المصريين فكانوا ضحية هذه النعرات البغيضة والحقد والانقسام المجتمعي الذي نشره الفرعون في ربوع البلاد يقول تعالى إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) القصص ومن ثم فكان لابد من ان يتحرر بنو إسرائيل أولا قبل أن تنزل اليهم التوراة وان تنتهي الظاهرة الفرعونية ويزول جو القمع والاستبداد وفي هذه دلالة على أن الإيمان والتدين لا بد لهما من جو من الحرية يملك فيها الإنسان إرادته وتعود إليه كرامته فلا تجتمع هداية الرحمن مع سيادة الطغيان والذين يقولون يمكن للإنسان ان يعيش حالته الإيمانية بينه وبين الله تحت نظام مستبد طالما أنهم لن يتعرضوا له هم قوم واهمون فلم يتلقى موسي التوراة إلا بعد هلاك الفرعون وزوال سلطانه فالحرية كانت قبل الشريعة لا لان الحرية تعلوا في قيمتها على الشريعة ولكن لان الشريعة والعبادة في أجواء القمع والاستبداد تبدوا فارغة المضمون لا تحقق أهدافها في الارتقاء بالإنسان وهدايته الى الطريق المستقيم فلابد من إزالة الطغيان أولا حتى ينعم الإنسان بالعبادة في جو من الأمن والحرية يقول تعالى" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) النور
ونكمل ان شاء كيف كانت الجولة الاولى من رسالة موسي عليه السلام
والعجيب انا لم نرى الكثير ممن التفتوا الى أن القران رغم كثرة الحديث عن موسي لم يذكر أن فرعون من قومه بل صرح أن قومه هم بنو إسرائيل والقران يتحدث أن موسى عندما كان يخاطب بني إسرائيل يخاطبهم يا قومي لكن لم يرد في القران انه خاطب فرعون أو ملأه بهذا اللفظ ويرد الحديث في القران كثيرا عن بني إسرائيل بوصفهم قوم موسي فقال " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) طه " قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) طه , فكل ما ورد من لفظ قوم في القران منسوبا الى موسي كان المقصود به بني إسرائيل وليس فرعون وإذ جمع الله في الطغيان قارون مع فرعون إلا انه عند الحديث عن قارون منفردا ذكر انه من قوم موسي واتفق العلماء أن قارون كان من بني إسرائيل وقيل انه ابن عم موسي فلم يكن من آل فرعون
إذا فالأصل أن موسي رسول من بني إسرائيل الى بني إسرائيل لكن بني إسرائيل في ذلك الوقت كانوا تحت الفراعنة يسومونهم سوء العذاب يذبحون أبنائهم ويستحيون نسائهم وقد بلغت الفرعونية مداها في الطغيان لقد استقرت أخلاق الأمم الظالمة عند الفرعون وتجمعت في شخصه كل مظاهر الانحراف عبر التاريخ فقد جمع غطرسة قوم نوح واستكبار عاد الذين قالوا من اشد منا قوة وفساد ثمود وانحرافات قوم شعيب كل هؤلاء تركوا بصماتهم على وجه فرعون فخرج لنا كائن يقول "أنا ربكم الأعلى" ويقول "ما علمت لكم من اله غيري" ويقول لهم " ما اريكم مالا ما أرى " وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) القصص
ويروى المؤرخون رواية في سبب وجود بني إسرائيل تحت الفراعنة يقولون انه بعد أن اكتشف العالم الفرنسى شامبليون – حجر رشيد – عرفنا أن الفترة التي دخل فيها سيدنا يوسف مصر, لم يكن الفراعنة هم الذين يحكمون مصر, بل كان الحكام هم ملوك الهكسوس الرعاة, وأظهر القرآن هذه الحقيقه التاريخية حين سمى حكام مصر قبل يوسف فراعين, وفى الفترة التى جاء فيها سيدنا يوسف سماهم ((الملوك)), وهؤلاء هم من أغاروا على مصر وحكموها وساعدهم بنو إسرائيل وخدموهم, وقاموا على مصالحهم, وبعد أن طرد المصريون الهكسوس التفت الفراعنة بالشر إلى من أعان الهكسوس, فبدءوا في استذلال بني إسرائيل لمساعدتهم الهكسوس إبان حكمهم مصر. وأراد الله أن يخلصهم بواسطة موسى عليه السلام,
ونحن لا نري الإغراق في هذه الروايات لأنها ظنية من ناحية ولا ترقى أن نفسر آيات القران من خلالها ولا نرى أمرا ذا بال في التفرقة في حديث القران عن الحاكم في عهد يوسف عليه السلام بصفة الملك وفي عهد موسي عليه السلام بصفة فرعون حتى ان نقول أن الحكام أيام يوسف لم يكونوا من الفراعنة واري أن هذا تفسيرا متعسفا ليجاري أراء المؤرخين اذ هي في أحسن الأحوال ظن وان الظن لا يغني عن الحق شيئا واري انه لا طائل من تأويل الآيات لكي توافق ما يسمي اكتشاف هنا أو هناك اذ الافضل دائما القرار في معين القران نفهم القران بلغة القران لا بلغة غيره والقدر المتيقين من خلال القران أن يوسف حكم مصر فترة من الزمن وقد شهدت البلاد علي يديه استقرارا ورخاء وأمنا وفي هذه الأجواء جاء بنو إسرائيل وهم اخوة يوسف وقال لهم ادخلوا مصر إن شاء الله امنين وهو ما يدل ان مصر كانت تنعم بالأمن والاستقرار وقتها وقد أقاموا فيها، وسار فيهم يوسف بشريعة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام، وأرسى قواعد التوحيد الذي لا يعبد فيه إلا الله وحده لا شريك له في نفوسهم، وأرسى قواعد العدل والمساواة وهذا واضح من قوله تعالى " قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)يوسف في هذه الأجواء توطن بنو إسرائيل بمصر وبعد موت يوسف عليه السلام هبت عواصف الفراعنة تحمل الوثنية وتطرحها على أرض مصر من جديد. وهبت معها رياح الفساد والطغيان مرة أخرى وعادت الفرعونية بوجهها القبيح كما اسلفنا ويمكن ان نفهم من كلام مؤمن ال فرعون في سورة غافر : ﴿وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ﴾ (1) يمكن ان نفهم ان فترة حكم يوسف عليه السلام لمصر ما زالت موجودة في الذاكرة المجتمعية وحاضرة في أذهان الجميع وان هذه الصورة هي صورة كئيبة على العقل الاستبدادي ومفزعة له وقد أوهموا أنفسهم انه لن يعود عهد يوسف مرة أخرى ولن ياتي من بعده رسولا فليرتعوا إذا في الظلم والبغي وهاهو مؤمن ال فرعون يذكرهم بهذه الفترة ويقول وهو يخاطب الملأ من قوم فرعون وليس الهكسوس كما يزعم المؤرخون ليقول لهم ها قد عاد مرة أخرى نبي مثل يوسف وان مستقبله سيكون مثل مستقبل يوسف الا اذا كان كاذبا فعليه في هذه الحالة كذبه أما أن كان صادقا فجميع وعوده ستحقق والأفضل لهم ان يستمعوا له وقد حذرهم من مصائر الأمم الظالمة البائدة " وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31)غافر
أما استضعاف بني إسرائيل فلسنا بحاجة الى تصديق كلام المؤرخين من انهم ساعدوا الهكسوس فان سورة القصص أوضحت أن هذا الأمر ليس بسبب فعل من بني إسرائيل بل بسبب طبيعة اي نظام مستبد ظالم وهو ان يقسم المجتمع الى فرق وشيع وينشر النزعات العرقية والعنصرية والطائفية يسلط بعضهم على بعض لينعم هو بالاستقرار اذ لا حياة للمستبد ولا استقرار له في ظل امن وسلام مجتمعي بل لابد من إثارة النعرات الطائفية والعرقية والعنصرية حتى يحدث الاحتراب والانقسام المجتمعي ان المستبد يجيد صناعة الكراهية وينشرها ونظرا لان بني اسرائل كانوا وافدين على مصر ويختلفون في أصولهم عن المصريين فكانوا ضحية هذه النعرات البغيضة والحقد والانقسام المجتمعي الذي نشره الفرعون في ربوع البلاد يقول تعالى إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) القصص ومن ثم فكان لابد من ان يتحرر بنو إسرائيل أولا قبل أن تنزل اليهم التوراة وان تنتهي الظاهرة الفرعونية ويزول جو القمع والاستبداد وفي هذه دلالة على أن الإيمان والتدين لا بد لهما من جو من الحرية يملك فيها الإنسان إرادته وتعود إليه كرامته فلا تجتمع هداية الرحمن مع سيادة الطغيان والذين يقولون يمكن للإنسان ان يعيش حالته الإيمانية بينه وبين الله تحت نظام مستبد طالما أنهم لن يتعرضوا له هم قوم واهمون فلم يتلقى موسي التوراة إلا بعد هلاك الفرعون وزوال سلطانه فالحرية كانت قبل الشريعة لا لان الحرية تعلوا في قيمتها على الشريعة ولكن لان الشريعة والعبادة في أجواء القمع والاستبداد تبدوا فارغة المضمون لا تحقق أهدافها في الارتقاء بالإنسان وهدايته الى الطريق المستقيم فلابد من إزالة الطغيان أولا حتى ينعم الإنسان بالعبادة في جو من الأمن والحرية يقول تعالى" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) النور
ونكمل ان شاء كيف كانت الجولة الاولى من رسالة موسي عليه السلام