محمد فهد الحمود
New member
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين أما بعد :
فإن خير ما تقضى به الأوقات وتستجلب به المسرات وتحل به البركات هو بالعيش في ظلال القرآن الوارفة والنهل من معينه الصافي ولعلي أزدلف بكم عند آيتين من سورة الأحزاب ( 70 ، 71 ) حتى نجني من ثمارهما وتتجول أذهاننا في رياضهما .
قال سبحانه وتعالى " ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً *يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )
ينادي الله جل وعلا عباده المؤمنين بنداء ما أعظمه وما أجله إنه نداء يسكب في قلوب المؤمنين السكينة ، ويفيض عليهم الطمأنينة إنه نداء من القوي إلى الضعيف ، من الخالق إلى المخلوق ، من الباقي إلى الفاني ، يأمرهم فيه بتقوى الله سبحانه في جميع أمورهم وأحوالهم وخلواتهم وجلواتهم ، وأن يقولوا القول الصواب الحق الذي لا باطل فيه ولا تلبيس معه ، ووعدهم إن فعلوا ذلك بأن يوفقهم للأعمال الصالحة ويغفر لهم ذنوبهم ثم قال الله عز وجل ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) إي والله فوز وأي فوز إنه الفوز برضا الله تعالى ودخول جناته والنجاة من عذابه قال سبحانه ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) .
ولي مع هاتين الآيتين عدة وقفات وفوائد جليلة يمكن إيرادها على النحو التالي :
1- الهاء في لفظة (أيها )تسمى هاء التنبيه ، أي أنها تعمل على شد انتباه السامع ومن هنا يمكن أن نستنبط من هذه اللفظة أن على الداعية أن يتعلم الأساليب التي تثير المخاطب وتقود قلبه إلى الانسياق وراء ما يريد أن يزرعه ويبذره في قلبه .
2- مخاطبة المؤمنين بأحب الأسماء إليهم ؛ إذ إن الله جل وعلا نادى عباده المؤمنين بأحب الأوصاف إليهم وهو وصف الإيمان ، ومن ذلك المناداة بالكنية ، يقول الشاعر :
أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقب
3- إكرام الله تعالى لعباده المؤمنين وإجلاله لهم وعلو منزلتهم عنده ؛ حيث إن الله تبارك وتعالى خصهم بالنداء وما ذلك إلا لرفعة شأنهم عنده ، قال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال سبحانه : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من إراقة دم امرئ مسلم ) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والفضل إنما هو بالأسماء المحمودة في الكتاب والسنة مثل الإسلام والإيمان والبر والتقوى والعلم والعمل الصالح والإحسان ونحو ذلك لا بمجرد كون الإنسان عربياً أو أعجمياً أو أسود أو أبيض ولا بكونه قروياً أو بدوياً " اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 415) .
4- تقوى الله سبحانه وتعالى وذلك بأن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية باتباع أوامره واجتناب نواهيه . وللتقوى مراتب ودرجات و عمودها التزام الأوامر واجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر كما أن من مكملات التقوى أداء السنن وترك المكروهات وفضول المباحات .
5- التزام القول السديد وهو القول الصواب الذي يوافق مرضاة الله عز وجل ومن جملة القول السديد الأمور التالية :
أ- قول لا إله إلا الله من قلب مخلص لله سبحانه وتعالى وقد أخرج البخاري ومسلم عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) .
ب- قراءة القرآن الكريم قال جل وعلا : ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ) .
ج- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد عده بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام .
د- لين الكلام ولطفه في مخاطبة الأنام ، وقد نوه على هذا المعنى الشيخ السعدي رحمه الله ، قال الله تعالى : ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) ويقول الحق سبحانه : ( وقولوا للناس حسناً ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : لمن هي يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : لمن ألان الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات لله قائماً والناس نيام ) رواه أحمد وحسنه الألباني .
أيها الإخوة : إن لين الكلام بنية التقرب إلى الله سبحانه عبادة عظيمة يغفل عنها كثير من الصالحين ولربما ألفيت عالماً أو طالب علم ذا حظ من العبادة والصلاة والصيام ولكنه فظ غليظ القلب يخاطب الناس بجفاوة وأهله منه في شقاوة ، النهر ديدنه والتسفيه عادته ، ولاشك أن هذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم فقال له : يرحمك الله ، فجعل بعض الصحابة يرمونه بأبصارهم ثم من بعد ذلك ضربوا بأيديهم على أفخاذهم ليصمتوه يقول معاوية : فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه ، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) .
هـ - الإكثار من ذكر الله عز وجل ، يقول الحق تبارك وتعالى ( فاذكروني أذكركم ) ويقول عز من قائل عليم : ( يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً . وسبحوه بكرة وأصيلاً ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون ، قالوا: وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ) رواه مسلم .
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله : إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به . قال : (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ) رواه الترمذي وقال حديث حسن .
و- نصح العباد بما يعود عليهم بالنفع في أمور الدين والدنيا وعن تميم الداري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ثلاثاً قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .
كما نبه الله سبحانه في هذه السورة على عدد من الأمور التي تجانب القول السديد كنسبة الرجل إلى غير أبيه وهو ما يعرف بالتبني ؛ لأنها دعوى باطلة والله أخبرنا في مستهل هذه السورة أنه يقول الحق قال جل علا : ( والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ) فهو الحق في ذاته وأقواله وأفعاله وصفاته وشرعه سبحانه وتعالى ، ومما حذرت منه هذه السورة من الأقوال وجعلته من صميم صفات المنافقين نشر الأراجيف التي يراد منها النيل من الدين وأهله ، قال سبحانه : ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ) ومن ذلك ما حدث في شهر رمضان الماضي من الطعن بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عرضها الشريف ، وكذلك نشر بعض الصحف الأخبار المغلوطة عن جهاز هيئة المر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وكذلك فقد جاء في ثنايا هذه السورة نهي نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من المؤمنات تبع لهن عن الخضوع في القول ، قال سبحانه : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا ً ) .
وقد ابتلينا في هذه الأزمان بنساء يتوسعن بالحديث مع الرجال إما مع الباعة في الأسواق ، أو أثناء مداخلتهن في القنوات الفضائية وللأسف فإن هذا موجود حتى في بعض القنوات الفضائية المحافظة والله المستعان .
6- في قوله سبحانه : ( يصلح لكم أعمالكم ) إشارة إلى أن تقوى الله والقول السديد سبب لصلاح الأعمال وقبولها ، قال تعالى : ( إنما يتقبل الله من المتقين ) .
7- كما أن في قول الرب سبحانه ( يصلح لكم أعمالكم ) دليل على أن تقوى الله عزوجل وسداد القول يوجبان التوفيق للعمل الصالح وعدم تعريض العمل إلى ما يحبطه ، قال جل وعلا : ( والذين اهتدوا زادهم هدىً وآتاهم تقواهم ) ، وقال بعض السلف : " إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، ومن ثواب السيئة السيئة بعدها "
وهذه الفائدة والتي قبلها استقيتها من الشيخ السعدي رحمه الله .
8- إن الأعمال الصالحة ممثلة في تقوى الله عز وجل وسداد الأقوال سبب لغفران الذنوب .
9- أن طاعة الله ورسوله سبب للفوز بالجنان والنجاة من النيران ، وبقدر الطاعة تتفاوت درجات العباد في الجنة ، كما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم ، قالوا يا رسول الله : تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : بلى ،والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين )
10- حجية السنة وأن ما كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يعمل به ويؤتمر عند أمره وينتهى عند نهيه .
11- التحفيز لعمل الخير إما بذكر الثواب الذي أعده الله سبحانه في جناته وشواهد ذلك من الكتاب والسنة كثيرة جداً ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )
وإما بالثناء ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ) قال سالم : فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً .
فتأمل يا أخي كيف أثر هذا الثناء في نفس عبد الله بن عمر .
وإما أن يكون التحفيز بالمال ، ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قتل قتيلاً فله سلبه) وأنواع التحفيز كثيرة ولكن أكتفي بما ذكرت.
وختاماً أسأل الله سبحانه أن ينفع بهذه الوقفات الكاتب والقارئ وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
فإن خير ما تقضى به الأوقات وتستجلب به المسرات وتحل به البركات هو بالعيش في ظلال القرآن الوارفة والنهل من معينه الصافي ولعلي أزدلف بكم عند آيتين من سورة الأحزاب ( 70 ، 71 ) حتى نجني من ثمارهما وتتجول أذهاننا في رياضهما .
قال سبحانه وتعالى " ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً *يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )
ينادي الله جل وعلا عباده المؤمنين بنداء ما أعظمه وما أجله إنه نداء يسكب في قلوب المؤمنين السكينة ، ويفيض عليهم الطمأنينة إنه نداء من القوي إلى الضعيف ، من الخالق إلى المخلوق ، من الباقي إلى الفاني ، يأمرهم فيه بتقوى الله سبحانه في جميع أمورهم وأحوالهم وخلواتهم وجلواتهم ، وأن يقولوا القول الصواب الحق الذي لا باطل فيه ولا تلبيس معه ، ووعدهم إن فعلوا ذلك بأن يوفقهم للأعمال الصالحة ويغفر لهم ذنوبهم ثم قال الله عز وجل ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) إي والله فوز وأي فوز إنه الفوز برضا الله تعالى ودخول جناته والنجاة من عذابه قال سبحانه ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) .
ولي مع هاتين الآيتين عدة وقفات وفوائد جليلة يمكن إيرادها على النحو التالي :
1- الهاء في لفظة (أيها )تسمى هاء التنبيه ، أي أنها تعمل على شد انتباه السامع ومن هنا يمكن أن نستنبط من هذه اللفظة أن على الداعية أن يتعلم الأساليب التي تثير المخاطب وتقود قلبه إلى الانسياق وراء ما يريد أن يزرعه ويبذره في قلبه .
2- مخاطبة المؤمنين بأحب الأسماء إليهم ؛ إذ إن الله جل وعلا نادى عباده المؤمنين بأحب الأوصاف إليهم وهو وصف الإيمان ، ومن ذلك المناداة بالكنية ، يقول الشاعر :
أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقب
3- إكرام الله تعالى لعباده المؤمنين وإجلاله لهم وعلو منزلتهم عنده ؛ حيث إن الله تبارك وتعالى خصهم بالنداء وما ذلك إلا لرفعة شأنهم عنده ، قال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال سبحانه : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من إراقة دم امرئ مسلم ) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والفضل إنما هو بالأسماء المحمودة في الكتاب والسنة مثل الإسلام والإيمان والبر والتقوى والعلم والعمل الصالح والإحسان ونحو ذلك لا بمجرد كون الإنسان عربياً أو أعجمياً أو أسود أو أبيض ولا بكونه قروياً أو بدوياً " اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 415) .
4- تقوى الله سبحانه وتعالى وذلك بأن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية باتباع أوامره واجتناب نواهيه . وللتقوى مراتب ودرجات و عمودها التزام الأوامر واجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر كما أن من مكملات التقوى أداء السنن وترك المكروهات وفضول المباحات .
5- التزام القول السديد وهو القول الصواب الذي يوافق مرضاة الله عز وجل ومن جملة القول السديد الأمور التالية :
أ- قول لا إله إلا الله من قلب مخلص لله سبحانه وتعالى وقد أخرج البخاري ومسلم عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) .
ب- قراءة القرآن الكريم قال جل وعلا : ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ) .
ج- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد عده بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام .
د- لين الكلام ولطفه في مخاطبة الأنام ، وقد نوه على هذا المعنى الشيخ السعدي رحمه الله ، قال الله تعالى : ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) ويقول الحق سبحانه : ( وقولوا للناس حسناً ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : لمن هي يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : لمن ألان الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات لله قائماً والناس نيام ) رواه أحمد وحسنه الألباني .
أيها الإخوة : إن لين الكلام بنية التقرب إلى الله سبحانه عبادة عظيمة يغفل عنها كثير من الصالحين ولربما ألفيت عالماً أو طالب علم ذا حظ من العبادة والصلاة والصيام ولكنه فظ غليظ القلب يخاطب الناس بجفاوة وأهله منه في شقاوة ، النهر ديدنه والتسفيه عادته ، ولاشك أن هذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم فقال له : يرحمك الله ، فجعل بعض الصحابة يرمونه بأبصارهم ثم من بعد ذلك ضربوا بأيديهم على أفخاذهم ليصمتوه يقول معاوية : فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه ، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) .
هـ - الإكثار من ذكر الله عز وجل ، يقول الحق تبارك وتعالى ( فاذكروني أذكركم ) ويقول عز من قائل عليم : ( يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً . وسبحوه بكرة وأصيلاً ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون ، قالوا: وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ) رواه مسلم .
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله : إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به . قال : (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ) رواه الترمذي وقال حديث حسن .
و- نصح العباد بما يعود عليهم بالنفع في أمور الدين والدنيا وعن تميم الداري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ثلاثاً قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .
كما نبه الله سبحانه في هذه السورة على عدد من الأمور التي تجانب القول السديد كنسبة الرجل إلى غير أبيه وهو ما يعرف بالتبني ؛ لأنها دعوى باطلة والله أخبرنا في مستهل هذه السورة أنه يقول الحق قال جل علا : ( والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ) فهو الحق في ذاته وأقواله وأفعاله وصفاته وشرعه سبحانه وتعالى ، ومما حذرت منه هذه السورة من الأقوال وجعلته من صميم صفات المنافقين نشر الأراجيف التي يراد منها النيل من الدين وأهله ، قال سبحانه : ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ) ومن ذلك ما حدث في شهر رمضان الماضي من الطعن بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عرضها الشريف ، وكذلك نشر بعض الصحف الأخبار المغلوطة عن جهاز هيئة المر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وكذلك فقد جاء في ثنايا هذه السورة نهي نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من المؤمنات تبع لهن عن الخضوع في القول ، قال سبحانه : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا ً ) .
وقد ابتلينا في هذه الأزمان بنساء يتوسعن بالحديث مع الرجال إما مع الباعة في الأسواق ، أو أثناء مداخلتهن في القنوات الفضائية وللأسف فإن هذا موجود حتى في بعض القنوات الفضائية المحافظة والله المستعان .
6- في قوله سبحانه : ( يصلح لكم أعمالكم ) إشارة إلى أن تقوى الله والقول السديد سبب لصلاح الأعمال وقبولها ، قال تعالى : ( إنما يتقبل الله من المتقين ) .
7- كما أن في قول الرب سبحانه ( يصلح لكم أعمالكم ) دليل على أن تقوى الله عزوجل وسداد القول يوجبان التوفيق للعمل الصالح وعدم تعريض العمل إلى ما يحبطه ، قال جل وعلا : ( والذين اهتدوا زادهم هدىً وآتاهم تقواهم ) ، وقال بعض السلف : " إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، ومن ثواب السيئة السيئة بعدها "
وهذه الفائدة والتي قبلها استقيتها من الشيخ السعدي رحمه الله .
8- إن الأعمال الصالحة ممثلة في تقوى الله عز وجل وسداد الأقوال سبب لغفران الذنوب .
9- أن طاعة الله ورسوله سبب للفوز بالجنان والنجاة من النيران ، وبقدر الطاعة تتفاوت درجات العباد في الجنة ، كما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم ، قالوا يا رسول الله : تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : بلى ،والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين )
10- حجية السنة وأن ما كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يعمل به ويؤتمر عند أمره وينتهى عند نهيه .
11- التحفيز لعمل الخير إما بذكر الثواب الذي أعده الله سبحانه في جناته وشواهد ذلك من الكتاب والسنة كثيرة جداً ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )
وإما بالثناء ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ) قال سالم : فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً .
فتأمل يا أخي كيف أثر هذا الثناء في نفس عبد الله بن عمر .
وإما أن يكون التحفيز بالمال ، ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قتل قتيلاً فله سلبه) وأنواع التحفيز كثيرة ولكن أكتفي بما ذكرت.
وختاماً أسأل الله سبحانه أن ينفع بهذه الوقفات الكاتب والقارئ وصلى الله وسلم على نبينا محمد .