تأملات في قصة البقرة (1)

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
يقول تعالي "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) البقرة
سميت أول سورة من القران باسم هذه القصة ومن ثم فلابد أن تكون لهذه القصة مغزاها في السورة كلها إذ آن اسم السورة على ما اخترنا توقيفي وإذا فصلنا هذا المقطع عن المقطع الذي يليه في قوله تعالي "وإذ فتلتم نفسا " إذ أن غالبية المفسرين اعتبروها قصة واحدة رغم أن السياق من أول الآية رقم (49) من السورة عبارة عن مواقف متعددة لبني إسرائيل وما أغدقه الله عليهم من نعم يبدأ كل منها ب ( وإذ) وإذ نجيناكم من آل فرعون , وإذ فرقنا بكم البحر , وإذ واعدنا موسى . وإذ استسقي موسي 0000000000000 الخ وكلها لتعداد مواقف متفرقة لبني إسرائيل ومن ثم فإننا نميل الى فصل قصة البقرة عن القصة الذي تليها من السورة يقول الطهر بن عاشور "تصديره بإذ على طريقة حكاية ما سبق من تعداد النعم والألطاف ومقابلتهم إياها بالكفران والاستخفاف يومئ إلى أن هذه قصة غير قصة الذبح ولكنها حدثت عقب الأمر بالذبح" والتأمل في قصة البقرة ودلالتها بذاتها يظهر لنا الأتي :-
أولا : خرج بنو إسرائيل من مصر وقد علقت بنفوسهم بقايا آثار الوثنية من المصرين بتقديس البقرة أو ابنها" العجل " وقد وقعوا في مصيبة عبادته قبل ذلك فأراد الله أن يقتل الوثنية في قلوبهم ليطهرهم ويصفي قلوبهم للتوحد فأمرهم بذبح البقرة عبادة وطاعة لله وإخلاص للتوحيد وقد نشئوا في بيئة تقدس البقرة وإننا اليوم نري من بعض الهنود الذين اسلموا حديثا من لا يستطيع أن يرى بقرة تذبح فضلا عن أن يباشر الذبح فكان هذا الأمر انتزاعا لبقايا تقديس البقرة في قلوبهم وسلا للوثنية من نفوسهم
ثانيا :-لو تأملنا أسئلتهم وهي ثلاثة أسئلة لوجدنا السؤال الأول سؤال طبيعي ادع لنا ربك يبين لنا ما هي - يلاحظ أن السؤال الأول هو نفس السؤال الثالث غير أن السؤال الثالث يختلف في إجابته عن الأول كما سنري فالأول كان منطقيا ومعقولا ومناسبا لعملية الذبح أي معناه أي البقر أصلح في الذبح فكانت الإجابة طبيعية أيضا ومناسبة للذبح إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فأفضل البقر عند الذبح هي الوسط لا فارض كبيرة (كندوز) فلحمها يكون غير طيب ولا بكر صغيرة ليس فيها وفرة في اللحم وحيث كان السؤال الأول مناسبا للذبح كانت الإجابة طبيعية أيضا ومستطاعه وسهلة التطبيق لكن السؤال الثاني كان غير مناسب إطلاقا اذ قالوا ادع لنا ربك يبين ما لونها ؟ ما صلة لون البقرة بعملية الذبح؟ وبعد ان تذبح البقرة فما يفيد لونها ؟ إن الإنسان عندما يذهب الى الجزار ليشتري قطعة من اللحم ويجد البقرة معلقة مذبوحة مسلوخة سيسال هل هي صغيرة ام كبيرة لكنه لن يسال ما لونها إنها بعد أن تذبح لا فائدة للون هنا إذ ا السؤال عن اللون ليس له صلة بالذبح وهو سؤال لا ينبني عليه عمل ولكن له صلة ببقايا التقديس في نفوسهم وهنا ظهرت الحكمة من الأمر بذبح البقرة اذ خرج مكنون نفوسهم عند التردد في التنفيذ ومن ثم كانت الإجابة عسيرة "صفراء فاقع لونها تسر الناظرين" ومعنى هذا انه بعد أن يدخل الإعجاب في نفوسهم" تسر الناظرين يقوموا بذبحها وهذا ادعي لتخليصهم من بقايا الوثنية ثم سألوا السؤال الثالث وان كان هو نفس السؤال الأول إلا أنهم لم يكونوا يقصدون نفس الإجابة الأولى بل أفصحوا عن حقيقة ما تكن صدورهم حول هذه القضية لقد كانوا يقصدون بقرة بعينها حيث أن البقر تشابه عليهم حسب زعمهم فقال إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها وهذه الاجابة صعبة جدا وهذه المواصفات اقرب الى مواصفات البقرة التي يقدسها الوثنيون لا ذلول لا تقاد تمشي كما تشاء وتأكل كما تشاء وكأنه يقول اذبحوا البقرة التي كنتم تعتقدون أنها اله كما عودكم المصريون حتى تنخلع بقايا الوثنية من نفوسكم فذبحوها وما كادوا يفعلون والى هنا انتهت القصة إذ حققت غرضها بذبح البقرة وتخليصهم من بقايا الوثنية ولا علاقة لها بموضوع إحياء الميت فتلك قصة أخرى والله اعلم
يبقي العبرة من تسمية أطول سورة من القران بهذه القصة وهذا ما نتناوله في الحلقة القادمة إن شاء الله
 
عودة
أعلى