محمد أبوالعمايم
New member
تأملات في سورة "الفيل"
في ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، تهيج الذكرى بتذكر أحداث مولده -صلى الله عليه وسلم- والأحداث التي سبقت مولده.
ومن الأحداث التي سبقت مولده -صلى الله عليه وسلم- حادثة الفيل، والتي أراد فيها أبرهة الحبشي هدم الكعبة،وقد حكاها لنا القرآن الكريم فى سورة (الفيل).
وملخص هذه القصة أن أبرهة بنى بيتا عظيما وشيده ودعا الناس أن تحج إليه عام ويحج هو إلى الكعبة عام فأغاظ هذا الفعل بعض العرب فمثل أحدهم بهذا البنيان وقيل أنهم أحرقوه فأقسم أبرهة أن يهدم الكعبة وأن يقتلعها حجرا حجرا فذهب على رأس جيش عظيم تتقدمه الفيلة ولما وصل إلى الكعبة وأراد هدمها فإذا بالفيل لا يتقدم ناحية الكعبة إجلالا وتعظيما لبيت الله الحرام فإذا وجههوه ناحية الشام توجه وإذا وجههوه ناحية اليمن توجه أما ناحية الكعبة فلا.
كل هذا والعرب ترقب المنظر من أعالي جبال مكة وفي خضم هذه الأحداث إذا بالسماء تنشق عن "طَيْر مِنَ الْبَحْرِ أَمْثَالَ الْخَطَاطِيفِ وَالْبَلَسَانِ مَعَ كُلِّ طَائِرٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يَحْمِلُهَا: حَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ أَمْثَالُ الْحُمُّصِ والعدس ولا يصيب مِنْهُمْ أَحَدًا إِلَّا هَلَكَ."([1])
وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [الفيل: 1 - 5]
"وقوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يعني التبن الذي تسميه العامة هبور، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ سَعِيدٍ: وَرَقُ الْحِنْطَةِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: الْعَصْفُ التِّبْنُ وَالْمَأْكُولُ الْقَصِيلُ يُجَزُّ لِلدَّوَابِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: العصف القشرة التي على الحبة"([2])
وبالتأمل في أحداث هذه القصة نجد دروسا ينبغي ان نستفيد منها في واقعنا المعاصر بل وسننا كونية ينبغي أن نؤمن بها .
ومن هذه السنن أن الله عز وجل ناصر دينه لا محالة وأن من يحارب دينه فلا شك أنه هالك ومعاقب في الدنيا قبل الآخرة بل لابد أن يكون عبرة لمن يعتبر ومثل هذه السنة تكررت في التاريخ كثيرا ولم تحدث مع أبرهة فقط بل حدثت قبله مع النمروذ الذي قال أنا أحي وأميت ومع فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى فينبغي علينا ان نكون متيقنين من نصر الله لدينه وأتباع دينه وهلاك من يحارب دين الله ويحارب بيوت الله {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة: 114].
ومن السنن التي سنها الله -عز وجل- أن المسجد تبع للعالم وليس العكس ويدل على هذا ماذكره صاحب مفاتيح الغيب من أن" قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ مَذْكُورٌ فِي مَعْرِضِ التَّعَجُّبِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَجِيبَةً، فَمَا السَّبَبُ لِهَذَا التَّعَجُّبِ؟ الْجَوَابُ: مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْكَعْبَةَ تَبَعٌ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُؤَدَّى بِدُونِ الْمَسْجِدِ أَمَّا لَا مَسْجِدَ بِدُونِ الْعَالِمِ فَالْعَالِمُ هُوَ الدُّرُّ وَالْمَسْجِدُ هُوَ الصَّدَفُ"([3]) ونحن نرى في هذا الزمان العجب العجاب في زخرفة المساجد وزينتها لكن الدعاة ليسوا على المستوى المطلوب حتى المؤسسات الرسمية لاتهتم بالدعاة ولا بتنشئتهم التنشئة العلمية المناسبة بل جعلوا كليات الدعوة وأصول الدين والشريعة واللغة العربية في ذيل القائمة فلا يدخلها إلا ضعفاء الرأي قليلي الهمة في الغالب وهذا يؤدي إلى إفساد دين الناس إذا وسد الأمر لمن لا يستحق.
أيضا تحدثنا السورة وتخبرنا بأن هناك من الناس من لايقبل الحق مهما حدث ولو رأى المعجزات بنفسه فهؤلاء أهل مكة أحاطو الكعبة بأصنام كثيرة ولما نجاهم الله بمعجزة رأوها بأعينهم وشاهدوها بعقولهم ظلوا يعبدون الأصنام وكأن شيئا لم يكن.
وهذا يؤكد لنا شيئا مهما وهو أن العقل لايستقل بمعرفة الحق وحده بل لابد له من وحي يضبط تفكيره وعقيدته ويضعه على الطريق الصحيح فلا يضل مادام متمسكا بالوحي أم إن اتبع هواه فإنه ولاشك ضال مضل {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)} [القصص: 50]
ولعل هذا يفسر لنا ما نراه في واقعنا من تخبط في الفتاوى وتغير في المعايير بحجة المصلحة العامة والمصلحة الدعوية إلى غير ذلك من الحجج الواهية التي لا يقيم لها الشرع أو العقل السليم دليلا .
ومن العجيب "أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَانُوا مَلَأُوا الْكَعْبَةَ مِنَ الْأَوْثَانِ مِنْ قَدِيمِ الدَّهْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَقْبَحَ مِنْ تَخْرِيبِ جُدْرَانِ الْكَعْبَةِ، فَلِمَ سَلَّطَ اللَّهُ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ قَصَدَ التَّخْرِيبَ، وَلَمْ يُسَلِّطِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ مَلَأَهَا مِنَ الْأَوْثَانِ؟ وَالْجَوَابُ: لِأَنَّ وَضْعَ الْأَوْثَانِ فِيهَا تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَخْرِيبَهَا تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ الْخَلْقِ، وَنَظِيرُهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَالْبَاغِي وَالْقَاتِلُ يُقْتَلُونَ مَعَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ، وَلَا يُقْتَلُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْأَعْمَى وَصَاحِبُ الصَّوْمَعَةِ وَالْمَرْأَةُ، وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُمْ إِلَى الْخَلْقِ"([4]).وهذا درس آخر من الدروس المستفادة من السورة وهو أن الله عز وجل يغفر لعباده بالتوبة ويصبر عليهم ذلك أن رحمته واسعة أما إذا تعلق الأمر بمصالح العباد وحقوقهم فإن الله عز وجل ينصر المظلوم ويجعل الظالم عبرة لمن يعتبر.
وأخيرا فإن القرآن الكريم معين لا ينضب وهذه التأملات نقطة في بحور القرآن أسأل الله عزو وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يرحم مشايخنا وعلمائنا وأن يغفر لآبائنا وأمهاتنا إنه بكل جميل كفيل.
كتبه /محمد أبو العمايم
5/1/2015م
([1] ) تفسير ابن كثير ط العلمية (8/ 461)
([2] ) تفسير ابن كثير ط العلمية (8/ 463
([3] ) تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (32/ 290)
([4] ) تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (32/ 290)[مشاهدة المرفق 8020
في ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، تهيج الذكرى بتذكر أحداث مولده -صلى الله عليه وسلم- والأحداث التي سبقت مولده.
ومن الأحداث التي سبقت مولده -صلى الله عليه وسلم- حادثة الفيل، والتي أراد فيها أبرهة الحبشي هدم الكعبة،وقد حكاها لنا القرآن الكريم فى سورة (الفيل).
وملخص هذه القصة أن أبرهة بنى بيتا عظيما وشيده ودعا الناس أن تحج إليه عام ويحج هو إلى الكعبة عام فأغاظ هذا الفعل بعض العرب فمثل أحدهم بهذا البنيان وقيل أنهم أحرقوه فأقسم أبرهة أن يهدم الكعبة وأن يقتلعها حجرا حجرا فذهب على رأس جيش عظيم تتقدمه الفيلة ولما وصل إلى الكعبة وأراد هدمها فإذا بالفيل لا يتقدم ناحية الكعبة إجلالا وتعظيما لبيت الله الحرام فإذا وجههوه ناحية الشام توجه وإذا وجههوه ناحية اليمن توجه أما ناحية الكعبة فلا.
كل هذا والعرب ترقب المنظر من أعالي جبال مكة وفي خضم هذه الأحداث إذا بالسماء تنشق عن "طَيْر مِنَ الْبَحْرِ أَمْثَالَ الْخَطَاطِيفِ وَالْبَلَسَانِ مَعَ كُلِّ طَائِرٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يَحْمِلُهَا: حَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ أَمْثَالُ الْحُمُّصِ والعدس ولا يصيب مِنْهُمْ أَحَدًا إِلَّا هَلَكَ."([1])
وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [الفيل: 1 - 5]
"وقوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يعني التبن الذي تسميه العامة هبور، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ سَعِيدٍ: وَرَقُ الْحِنْطَةِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: الْعَصْفُ التِّبْنُ وَالْمَأْكُولُ الْقَصِيلُ يُجَزُّ لِلدَّوَابِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: العصف القشرة التي على الحبة"([2])
وبالتأمل في أحداث هذه القصة نجد دروسا ينبغي ان نستفيد منها في واقعنا المعاصر بل وسننا كونية ينبغي أن نؤمن بها .
ومن هذه السنن أن الله عز وجل ناصر دينه لا محالة وأن من يحارب دينه فلا شك أنه هالك ومعاقب في الدنيا قبل الآخرة بل لابد أن يكون عبرة لمن يعتبر ومثل هذه السنة تكررت في التاريخ كثيرا ولم تحدث مع أبرهة فقط بل حدثت قبله مع النمروذ الذي قال أنا أحي وأميت ومع فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى فينبغي علينا ان نكون متيقنين من نصر الله لدينه وأتباع دينه وهلاك من يحارب دين الله ويحارب بيوت الله {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة: 114].
ومن السنن التي سنها الله -عز وجل- أن المسجد تبع للعالم وليس العكس ويدل على هذا ماذكره صاحب مفاتيح الغيب من أن" قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ مَذْكُورٌ فِي مَعْرِضِ التَّعَجُّبِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَجِيبَةً، فَمَا السَّبَبُ لِهَذَا التَّعَجُّبِ؟ الْجَوَابُ: مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْكَعْبَةَ تَبَعٌ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُؤَدَّى بِدُونِ الْمَسْجِدِ أَمَّا لَا مَسْجِدَ بِدُونِ الْعَالِمِ فَالْعَالِمُ هُوَ الدُّرُّ وَالْمَسْجِدُ هُوَ الصَّدَفُ"([3]) ونحن نرى في هذا الزمان العجب العجاب في زخرفة المساجد وزينتها لكن الدعاة ليسوا على المستوى المطلوب حتى المؤسسات الرسمية لاتهتم بالدعاة ولا بتنشئتهم التنشئة العلمية المناسبة بل جعلوا كليات الدعوة وأصول الدين والشريعة واللغة العربية في ذيل القائمة فلا يدخلها إلا ضعفاء الرأي قليلي الهمة في الغالب وهذا يؤدي إلى إفساد دين الناس إذا وسد الأمر لمن لا يستحق.
أيضا تحدثنا السورة وتخبرنا بأن هناك من الناس من لايقبل الحق مهما حدث ولو رأى المعجزات بنفسه فهؤلاء أهل مكة أحاطو الكعبة بأصنام كثيرة ولما نجاهم الله بمعجزة رأوها بأعينهم وشاهدوها بعقولهم ظلوا يعبدون الأصنام وكأن شيئا لم يكن.
وهذا يؤكد لنا شيئا مهما وهو أن العقل لايستقل بمعرفة الحق وحده بل لابد له من وحي يضبط تفكيره وعقيدته ويضعه على الطريق الصحيح فلا يضل مادام متمسكا بالوحي أم إن اتبع هواه فإنه ولاشك ضال مضل {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)} [القصص: 50]
ولعل هذا يفسر لنا ما نراه في واقعنا من تخبط في الفتاوى وتغير في المعايير بحجة المصلحة العامة والمصلحة الدعوية إلى غير ذلك من الحجج الواهية التي لا يقيم لها الشرع أو العقل السليم دليلا .
ومن العجيب "أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَانُوا مَلَأُوا الْكَعْبَةَ مِنَ الْأَوْثَانِ مِنْ قَدِيمِ الدَّهْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَقْبَحَ مِنْ تَخْرِيبِ جُدْرَانِ الْكَعْبَةِ، فَلِمَ سَلَّطَ اللَّهُ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ قَصَدَ التَّخْرِيبَ، وَلَمْ يُسَلِّطِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ مَلَأَهَا مِنَ الْأَوْثَانِ؟ وَالْجَوَابُ: لِأَنَّ وَضْعَ الْأَوْثَانِ فِيهَا تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَخْرِيبَهَا تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ الْخَلْقِ، وَنَظِيرُهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَالْبَاغِي وَالْقَاتِلُ يُقْتَلُونَ مَعَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ، وَلَا يُقْتَلُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْأَعْمَى وَصَاحِبُ الصَّوْمَعَةِ وَالْمَرْأَةُ، وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُمْ إِلَى الْخَلْقِ"([4]).وهذا درس آخر من الدروس المستفادة من السورة وهو أن الله عز وجل يغفر لعباده بالتوبة ويصبر عليهم ذلك أن رحمته واسعة أما إذا تعلق الأمر بمصالح العباد وحقوقهم فإن الله عز وجل ينصر المظلوم ويجعل الظالم عبرة لمن يعتبر.
وأخيرا فإن القرآن الكريم معين لا ينضب وهذه التأملات نقطة في بحور القرآن أسأل الله عزو وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يرحم مشايخنا وعلمائنا وأن يغفر لآبائنا وأمهاتنا إنه بكل جميل كفيل.
كتبه /محمد أبو العمايم
5/1/2015م
([1] ) تفسير ابن كثير ط العلمية (8/ 461)
([2] ) تفسير ابن كثير ط العلمية (8/ 463
([3] ) تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (32/ 290)
([4] ) تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (32/ 290)[مشاهدة المرفق 8020