تأملات في سورة العلق

إنضم
15/08/2010
المشاركات
14
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
إن الله يحب عباده​


سورة العلق
بسم الله الرحمن الرحيماقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)​


سورة تعبر بكل تأملاتها في سياق آياتها عن مدى حب الله لعبده، وتتجلى معاني الحب من خلال تعليم الإنسان أهمية الارتباط بخالقه والالتصاق به حتى لا ينشغل عنه بحب من لا ينفعه حبه، يتجلى الحب من خلال تذكير الإنسان بحقيقة وجوده وبداية خلقه في هذا الكون والتي ستعرفه بمقدار نفسه أمام عظمة خالقه وتبيان مدى تفضله عليه سبحانه منذ أن وجد في عالم اللاوجود أي في عالم الذر أو المهين، سورة أنارت آياتها بمعانيها الدالة على أهمية الإنسان في هذا الوجود وتفضيله على باقي خلقه سبحانه، وفتح الباب لسعادته الحقيقية من خلال العلم والتعلم واستخدام العقل فيما يحقق رفاهية الإنسان واستمراره في البقاء، وأهمية تثبيت وتوثيق ذلك العلم حتى تستمر الإستفاده منه للأجيال المتتالية عبر الزمان، كما صورت السورة صورة لحقيقة الإنسان الغافل عن ربه المتفضل عليه بكثير النعم وكيفية جحود الإنسان من خلال تسخير تلك النعم وخاصة قوته العلمية والفكرية للفساد في الأرض وصد المؤمنين عن دين الله، سورة أنارت قلب المؤمن بمعرفة الطريق الموصل لتلك السعادة الدنيوية وفي الآخرة من خلال ربط العبد بخالقه في كل أمر بالعمل على التواصل بالطاعة والعبادة المخلصة لله وأفضل العبادات التي يبدأ العبد بها طريق التعلق بخالقه هي الصلاة وإكثار السجود بين يديه والاستذلال على باب رحمته، ومدى انعكاس ذلك على شخصية الإنسان المتعبد بفتح مدارك العلم وزيادة نور البصيرة في القلب وارتقاء الروح وعلو في الأخلاق وسمو في صفات الشخصية من خلال انضباط جوارحها ونوازعها بما يتناسب مع شرع الله وإرادته .​

فالعلقة حسب ما يقول الأصفهاني في كتاب المفردات " التشبث بالشئ، يقال علق الصيد في الحبالة، وأعلق الصائد إذا علق الصيد في حبالته، علق دم فلان بزيد إذا كان زيد قاتله، والعلق دود يتعلق بالحلق، والعلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد " .
كما جاء تعريف العلق في المعجم الوسيط :
" ( العلق ) النفيس من كل شيء يتعلق به القلب ( ج ) أعلاق وعلوق ويقال هو علق علم وهو علق الشر يحبه ويميل إليه ( العلق ) كل ما علق والطين الذي يعلق باليد وهو دود أسود يمتص الدم يكون في الماء الآسن إذا شربته الدابة علق بحلقها واحدته علقة والدم الغليظ أو الجامد وفي التنزيل العزيز ) خلق الإنسان من علق ( والقطعة منه علقة والعلقة طور من أطوار الجنين وهي قطعة الدم التي يتكون منها وفي التنزيل العزيز ) هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة "
فالعلق هو شدة الإلتصاق بالشئ حتى يكاد من الصعوبة الإنفكاك عنه، فهو يلتصق به ليمتص منه غذاءه ولو انفك عنه سيفقد قدرته على البقاء أو ينقطع عنه أسباب الحياة، ومن شدة تعلقه فهو لا يكاد يرى لصغر حجمه وشدة إلتصاقه حتى أصبح كالجزء الأساسي مما علق به، والعلق هو شدة الإستمتاع بالشئ من خلال علقه أي امتصاصه فأنت تعلق أصابعك بعد أن تلذذت في تناول طعام شهي ، فمن شدة حبك لذلك الطعام بعد الإنتهاء منه علقت ما بقي منه عن أصابعك .​
 
أعظم صفات الربوبية
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) إن المتدبر لمعنى تسمية هذه السورة بالعلق ليدل على إشراقات نورانية يريد الله سبحانه وتعالى أن تتربى عليها البشرية جمعاء من خلال التعلق بها واتخاذها منهج للحياة في كل مجالاتها، فاسم ( العلق ) له علاقة قوية بكل آية من آيات هذه السورة والتي تدعو العقل ليتدبر ويتأمل عظمة الله سبحانه في وضع الأشياء كلها في نظام موزون لا يخل أبدا، وأن تبدأ السورة بأمر القراءة للإنسان يبين أهمية كرامة الإنسان وعلو شأنه عند خالقه، فالإنسان المخلوق الوحيد الذي أعطاه الله نعمة القابلية للتعلم والتعليم والتفكير من خلال نعمة العقل، وأعطاه نعمة الإرادة وحرية الاختيار والتمييز، وهو من حمل الأمانة ورضي بها عن باقي المخلوقات، مما يدل على حب الله له وتميزه عن غيره من مخلوقاته، فالله الرب الخالق الذي أوجده ويعلم ما ينفع بقاءه واستمرار وجوده، فبالعلم وحده يبقى الإنسان مستمرا، وبمعرفته يستطيع أن يكون قويا، فأنت كلما قرأت واستمعت وتدبرت كلما تعرفت على خالقك فازددت قربا وتعلقا به، وازداد قلبك يقينا وإيمانا بما عنده، فبدون العلم يعيش الإنسان في جهل وضلال ولا يعرف معنى حقيقة وجوده في هذه الحياة، فالقوة العلمية والفكرية هي من تبني الإنسان الفرد وترتقي به، وهي من تبني المجتمع وترتقي به إلى معارج الحضارة والتقدم، ومن أهم العلوم التي يجب أن ينشغل الإنسان بها العلم الذي يوقظ في داخلك البصيرة لنور الحقيقة ومعرفة حقيقة وجودك وحقيقة هذه الحياة وما بعدها، علما يأخذك إلى طريق الله ليعرفك عليه فتزداد حبا وقرباً إليه عندها تتكشف لك الحجب لرؤية ما هو أعظم بنور من الله يلقيه على كل جوارحك فتصبح لا تتحرك ولا تسكن إلا معه .
وقال الامام الرازي في تفسيره حول هذه الاية " إن الحكيم سبحانه لما أراد أن يبعثه رسولاً إلى المشركين ، لو قال له : اقرأ باسم ربك الذي لا شريك له ، لأبوا أن يقبلوا ذلك منه ، لكنه تعالى قدم ذلك مقدمة تلجئهم إلى الاعتراف به "
أمر الله لرسوله وأمته من بعده بقراءة الكون وكل ما خلقه الله من حوله في هذا الوجود وسخره لخدمتك في هذه الأرض، وقراءة كتاب الله المقروء ( القرآن العظيم ) لفقه أحكام وآياته، فاستخدام العقل في التدبر والتفكر ورؤية أثار وجود الله وعظمته تشدك إليه مرتبطا بحبل حبه ورحمته فيتعلق القلب به سبحانه حتى يلتصق في كل أمر من أموره بالرجوع إليه والبدء بإسمه لنيل بركته وزيادة فضله، كما أن ذكر الخلق هنا على عموم ما خلقه الله من جميع مخلوقاته المشاهدة أمام الإنسان ومنها ما خفي عن رؤيتها، فيدعو العقل للبحث والتعلم لاكتشاف ما يكشف الله للعباد مما خلقه وسخره لهم لتطوير حياتهم ونموها.فإن صفات الربوبية من الخلق والعلم هي من أعظم الصفات التي تدل على أن ذلك الرب الخالق والعليم والمعلم هو الإله الحق وهو الله، فابدأ وجودك في هذا الكون مرتبطا بعظمة ذلك الرب من خلال الإستدلال على آثار عظمته سبحانه باستخدام العقل والعلم والتفكر في الكون، فأن تبدأ السورة بأمر القراءة يبين أهمية العلم في حياة الإنسان، فهو فرض وواجب على كل مسلم ويجب الإستزاده الدائمة منه من خلال الإطلاع والبحث والاستكشاف للمعرفة وعدم الظن بالاكتفاء منه بل لا بد للإنسان أن يبقى طالبا للعلم متزودا به راحلا إليه ما دامت أنفاسه ترتفع في هذه الحياة .​
 
أصل الإنسان المكلف
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) ثم دعوة الله للإنسان أن يتدبر حقيقته ولا يغفل عن حقيقة وجوده وأصل تكوينه، فهو مخلوق ضعيف لم يكن شيئا مذكورا، وهو محتاج لغيره حتى يدير له شؤونه، وهو من رفعه الله عنده بالتشريف والاختصاص عن باقي مخلوقاته واختاره للخلافة في أرضه، فمن أعظم ما كرمه الله به أنه تدرج في عملية خلقه ومراحل نموه حتى وصل ليكون إنسانا عاقلا مكلفا، فالعلقة هي المرحلة الثانية من التكوين لنمو الإنسان بعد اجتماع النطفة مع البويضة في رحم المرأة فتتشكل بعدها تلك العلقة وهي أهم مرحله يبدأ فيها تشكيل الإنسان، وحسب ما جاء في قول ابن عاشور في تفسيره حول العلق
" العلق : اسم جمع عَلَقَة وهي قطعةٌ قَدرُ الأنملة من الدم الغليظ الجامد الباقي رطْباً لم يجفّ ، سمي بذلك تشبيهاً لها بدودةٍ صغيرة تسمَّى علقة ، وهي حمراء داكنة تكون في المياه الحلوة ، تمتص الدم من الحيوان إذا علق خرطومها بجلده وقد تدخل إلى فم الدابة وخاصة الخيل والبغال فتعلق بلهاته ولا يُتفطن لها "

يقول سيد قطب في تأملاته في كتاب الظلال حول هذه الأية :
" خلق الإنسان ومبدأه : { خلق الإنسان من علق } . . من تلك النقطة الدموية الجامدة العالقة بالرحم . من ذلك المنشأ الصغير الساذج التكوين . فتدل على كرم الخالق فوق ما تدل على قدرته . فمن كرمه رفع هذا العلق إلى درجة الإنسان الذي يُعلم فيتعلم وإنها لنقلة بعيدة جداً بين المنشأ والمصير . ولكن الله قادر . ولكن الله كريم . ومن ثم كانت هذه النقلة التي تدير الرؤوس "

أصلك أيها الإنسان من علقة صغيرة وهي القطعة الصغيرة التي لا تكاد أن ترى من صغرها وحقارتها والتي تتشكل من أشياء تنفر منها النفس عند سماعها، فهي كالدودة الصغيرة الحقيرة التي لا تكاد ترى وهي سابحة في الماء العكر المنفر، فهذه بصغرها وضعفها سخرها الله لتلتصق بجدار الرحم وتكون لديها قابلية الامتصاص للدم حتى تتغذى وتكبر وتنمو لتصبح إنسانا بأجمل تقويم ، فلو تفكر الإنسان بحقيقته هذه لعلم أن الله منّ عليه بالفضل العظيم وأفضل النعم أن خلقه وأوجده إنسانا مكرما أشرف من باقي مخلوقاته، ثم فضله بالعقل والقابلية للتعلم والبحث والإبداع كي يرتقي بنفسه ومجتمعه وعمارة أرضه، فمن واجب تلك النعم أن تؤثر بالإنسان فتدفعه للتعلق بخالقه وعدم الفرار منه بالتعلق بغيره ونوازع الهوى والشيطان، فهو من تكفل به وبرعايته من قبل وجوده إلى حين مماته.​
 
تأكيد على فضل العلم بالقلم
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)كلما قرأت زادك علما و فقها وذلك من كرمه سبحانه، فأنت إن أقبلت بصدق النية والإخلاص على الله فلا تخاف عدم الفتح عليك من كرم علمه فهو الأكرم وفوق كل كريم، وإن كنت كريما على الناس بتعليمهم ما علمك الله فهو الأكرم منك، فهو من كان سببا في ذلك الفضل عليك برزقك إياه ورفع شأنك بين الناس بفضل ذلك العلم، ولعل الله فتح لك به أبواب للرزق والخير الكثير فكما قيل " من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخره فعليه بالعلم ) فهذا من أعظم كرم الله على الناس أن أعطاهم العلم لرفعة مكانتهم وعلو شأنهم في الدنيا والآخرة، أما من تكبر واستعلى بذلك العلم على الناس، وأمسك الإنفاق منه خوفا من نقصه أو منافسة الآخرين له ، أو ظنه أن ذلك العلم خاص به ويبخل عن الإنفاق لغيره فذلك الإنسان الجاهل الذي ما عرف مقدار كرم الله سبحانه وكثرة عطائه، فأنت كلما أنفقت خالصا لوجه الله كلما زادك من كرمه وفضله فهو الإله الأكرم الذي لا يعلو فوق كرمه أحدا، فهذه دعوة لعدم كتمان العلم وحبسه في داخل الصدور بل يجب إفادة الناس منه وتعليم الناس الخير وتوجيههم إليه فهذا من أعظم ما يتصدق به الإنسان على نفسه وينفعه في حياته وبعد موته .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كتم علما يَعلمه جاء يوم القيامة مُلْجَمًا بِلِجَام من نار )
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) ثم من نعمه سبحانه أن علمه استخدام القلم لأجل التوثيق لعلمه وتثبيته لتنتفع به الأجيال من بعده ويستمر التطور والعمران، فالعلم ينمو ويتطور من خلال ما سبقه من أبحاث وموضوعات، فلولا نعمة القلم لاحتاج الإنسان في كل عصر إلى إعادة البحث والتطوير من الصفر فلا ينمو ولا يتطور، ولكن المعرفة والعلم تنتشر بتوثيقها والبناء عليها، فكل إنسان يتعلم علما ويتخصص به يجب عليه أن يبدأ الكتابة والتأليف فيما علمه ليوثق ذلك العلم لينتفع الناس منه، وهكذا يجب أن يكون الإنسان في علمه وحياته، أن يكون باحثا عن التطور والنمو كما تطور ونما في الرحم برعاية ربه، فهو ينمو بإقباله على العلم مع رعاية الله له والتصاقه به ليترك للأجيال من بعده علما ينتقع به فيبقى نموه مستمرا حتى بعد مماته بدوام ذكره .
وجاء في تفسير الامام الرازي حول العلم بالقلم
"{ عَلَّمَ بالقلم } وجهان أحدهما : أن المراد من القلم الكتابة التي تعرف بها الأمور الغائبة ، وجعل القلم كناية عنها والثاني : أن المراد علم الإنسان الكتاب بالقلم وكلا القولين متقارب ، إذ المراد التنبيه على فضيلة الكتابة ، يروى أن سليمان عليه السلام سأل عفريتاً عن الكلام ، فقال : ريح لا يبقى ، قال : فما قيده ، قال : الكتابة ، فالقلم صياد يصيد العلوم يبكي ويضحك ، بركوعه تسجد الأنام ، وبحركته تبقى العلوم على مر الليالي والأيام
"
 
أصل الإنسان الجهل
عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
فالإنسان قبل خلقه ووجوده كان جاهلا لا يعلم شيئا مما يحيط به، فعلمه الله وسخر له القوة الجسدية والمادية لأجل الإقبال على العلم والتطور، فوهبه من القدرات العقلية والحسية ما يستطيع أن يبحث ويطور ويتعلم ويحفظ، ثم جعل له الأرض وما فيها مسخره بين يديه للعلم والبحث والتطور، وجعل له في السماء ما يقدر أن يسمح لعقله للوصول إليه وتدبره واكتشاف الحقائق التي تزيده قربا والتصاقا بخالقه. فعلم الله سابق لكل علم وفوق كل ذي علم عليم، فعندما أراد الله أن يجعل في الأرض خليفة له، وأعلم الملائكة بذلك كان مما أعجز فيه الملائكة وميز الله به هذا الخليفة عن ملائكته هو العلم الواسع ( وعلم أدم الأسماء كلها ) أي أعطاه الخاصية للعلم والتعلم والقدرات العقلية والحسية للمعرفة والبحث والإستقصاء للإرتقاء في هذه الأرض وعمارتها، أعطاه القدره على معرفة الأشياء وإعطاء المسميات لها حتى يستطيع التواصل مع الآخرين من خلال اللغات المختلفة حسب اختلاف الشعوب والحضارات، وعندما عرضهم على الملائكة عجزت الملائكة على أن تعرف شيئا أمام معرفة ذلك المخلوق خليفة الله الذي أكرمه بالعلم الذي أمده الله من علمه ووصله إليه من خلال علمه ومعرفته سبحانه، أفلا يدل ذلك على رفعة شأن ذلك المخلوق عند الله ومدى كرم الله عليه وتفضيله حتى على الملائكة بذلك العلم والعقل إن هو صار على ما يرضي الله وأخلص العمل بذلك العلم لتسود شريعة الله ويرتفع صوت الحق ويدمغ الباطل ويهدم الفساد .
لكن هل استجاب الإنسان لأمر ربه ؟
هل حفظ الإنسان نعمة ربه ؟

هل عرف الإنسان مقدار فضل ربه ؟​
 
طغيان الإنسان
كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)
من طبيعة الإنسان الغفلة والنسيان والإنكار، فإن وصل للعلم والمعرفة ينسى أن من وهب له ذلك العلم هو الله، فيطغى ويظلم بما توصل إليه من الصناعات والمعرفة، ومن زيادة ثرواته ومدخراته وتجارته، فيبدأ برحلة الإفساد في الأرض بدل عمارنها، ويزيغ عن هدف وجوده، ويظهر ذلك عندما يفقد الإنسان التصاقه وعلاقته بخالقه، فيسخر ذلك العلم والمعرفة للقوى المادية، فينسى الله، وتطغى على عقله أفكار الكفر والضلال والإنكار فيظن نفسه أنه مستغن عن الله ولا حاجه له بقوة تحميه وتحفظه وتزيده معرفة وفضلا من نعمه، فالآن يظن نفسه قوي ويملك القوة المادية التي يجد فيها أكثر تأثيرا بنفسه من القوة الروحية والإيمانية التي يجب أن يعمل على الاجتهاد والمجاهدة لرقيها، فقد أغرته الدنيا بزينتها وبما عرضت عليه من نعيمها، فأنسته أن من تفضل عليه هو الله، نسي حقيقة خلقه وأنه من العلق التافه الذي لا وجود له، والله من قدر له الوجود على هذه الأرض ورعاه حتى أصبح إنسانا ذا قوة عقلية ومادية، فكيف به الآن يطغو ويعلو في فساد عقله وادعاء أن كل ما توصل له من فضل هو من قوته وجهده وحده ولا ينسبه إلى الله ولا يرجع به بصدق النية إليه سبحانه .
وقد جاء في تعريف الطغيان في كتاب الصحاح باللغة :
" طَغا يَطْغى ويَطْغو طُغْياناً، أي جاوَز الحدّ. وكلُّ مجاوزٍ حدَّه في العِصيان فهو طاغٍ. وطَغِيَ يَطْغى مثله. وأطْغاهُ المال، أي جعلَه طاغِياً. وطَغا البحر: هاجت أمواجُه "

بأن يصف الله سبحانه الإنسان بصفة الطغيان يدل على انكار هذا الانسان للفضل والخير، وأن ذلك من طبيعته أن ينسى فضل من أكرمه وأنعم عليه بالخير الكثير، ومن أعظم الطغيان والعصيان أن تعتدي على من أراد لك الخير وسخره لك في الوجود وأكرمك وفتح لك كل أبواب الخير، فتأتي أنت وتقوم بالإساءة إليه بالتجاهل والإعتداء على حقوقه وأوامره، فكيف بالله وهو من سبب لك كل أسباب سعادتك وإكرامك فتأتي أيها الإنسان وتنكر ذلك على خالقك وتعتدي على أوامره وتحارب دينه وأهل دعوته، أليس ذلك ظلما وطغياناً عظيما منك، ولكن ما الذي يمنع الإنسان أن يطغى ويضبط نوازع الشر عنده وينير قلبه للخير، إنه الإيمان والتقوى والخوف من الله التي اكتسبها بعلمه ومعرفته لله سبحانه وتعالى وتسخير كل ما تفضل عليه للإصلاح في الأرض ونصرة دين الله .
يقول الإمام الرازي حول ذلك الاستغناء :
" أن سين { استغنى } سين الطالب والمعنى أن الإنسان رأى أن نفسه إنما نالت الغنى لأنها طلبته وبذلت الجهد في الطلب فنالت الثروة والغنى بسبب ذلك الجهد ، لا أنه نالها بإعطاء الله وتوفيقه ، وهذا جهل وحمق فكم من باذل وسعه في الحرص والطلب وهو يموت جوعاً ، ثم ترى أكثر الأغنياء في الآخرة يصيرون مدبرين خائفين ، يريهم الله أن ذلك الغنى ما كان بفعلهم وقوتهم "


فالمؤمن كلما ازداد علما يعلم حقيقة الرجوع إلى الله في كل أمر، ويعلم أن الله من وراء ذلك الوجود كله وهو من يسخر الأشياء ويدبرها حتى تصلح لحياة الأرض ومن عليها، كلما ازداد علما استنار قلبه وعقله بنور الإيمان وزيادة اليقين وحب الالتصاق بربه وخالقه كلما ازداد الخوف والرجاء منه وشدة المراقبة لربه في كل أمر.​
 
أعظم الظلم
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) ثم تنتقل السورة للتحدث عن أعظم الطغيان والظلم والحرمان للناس، والذي تمثل منذ بداية الدعوة بأبي جهل ومحاربته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوة التوحيد التي جاء بها، ثم تمثلت في كل من تبع دعوة أبي جهل من الطغيان والضلال والجهالة، بأن يُمنع الإنسان المؤمن ويُنهى عن أن يؤدي عبادته لربه وخالقه وخاصة الركن الأساسي من الدين وهو الصلاة، فالصلاة هي أقوى روابط التصاق وتعلق العبد بربه، من خلال تأديتها باليوم والليلة خمس مرات على الأقل فيجد أثرها في نفسه بزيادة الحب والقرب إلى خالقه والارتماء في ساحة رحمته والالتصاق في شريعته ونيل رضاه، يتعلق بربه وخالقه وإلهه ليزداد إيمانا وتقوى وقوة ليتزود بهذه الطاقة لعمارة حياته على هذه الأرض، فمن تجرأ على منع الناس من عبادة ربهم والاتصال به من خلال صلاتهم، فذلك إنما أصاب قلبه الجهل وطمست بصيرته وانتفش بدعوة الكبر والإستعلاء على خالقه وخلقه، فمن ظن نفسه أنه صاحب علم وحكمة ومارس تلك السلوكيات الطاغية في حق ربه وعباده فهو في أخس درجات الجهالة والطغيان، ومن ظن أنه بثروته وسيادة سلطتة يجب على العباد طاعته والإنتهاء عن طاعة ربهم، هو واهم فالله قادر عل أن يأخذه ولا يبقي له أثرا، فدعوته لا تهدف إلا لمنع الهدى والإيمان وانتشاره في الأرض، فالصلاة أهم ركن وعنوان للدعوة إلى الله وهي من تميز أهل الإيمان عن أهل الكفر والضلال، وبها تمثلت دعوة توحيد الله في العبودية، فمن سعى لإيقاف ذلك الرابط بين العبد وربه إنما يريد أن ينهى الناس عن معرفة ربهم واستمداد القوة منه، وأن لا تبني نفوسهم وقلوبهم على تقوى من الله ورقابته، فهم ينطلقون من دعوة قائمة على فساد الاعتقاد والفكر والعمل على نشر الفساد بين الناس وإلحاق الأذى والباطل بهم، فأكثر ما يخيف أصحاب الفكر الفاسد القائم على دعوة الباطل هم من يدعون إلى الله ويحملون همَ هذا الدين ويريدون نشر الحق والإيمان وإدخال أثره في قلوب الصادقين وملء قلوبهم في طاعة الله وحب التعلق فيه، لذا يقوم أهل الباطل على محاربة كل من يدعو لذلك وإيقاف هذه الدعوة والتي ستخالف هوى قلوبهم وفساد نفوسهم، فهؤلاء الفاسدين تعلقت قلوبهم والتصقت بحب الشهوات والماديات والسلطان المزيف، بدل من التعلق بالله والالتصاق به، فلو تفكروا بنعم الله عليهم وتفضله بالعلم وحقيقة خلقهم وإيجادهم على هذه الأرض وإحاطة النعيم بهم من كل جانب ما فعلوا ما فعلوه من الطغيان والفساد .
 
العقوبة المنتظره
كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ
في كل شئ تجد رحمة الله تتجلى حتى مع أهل الطغيان والفساد، فانظر إلى أثار رحمته كيف يريد الله سبحانه لهؤلاء الطاغين أن يعودوا إلى رشدهم وسلامة عقولهم بالإنتهاء عما يفعلون من محاربه الحق والعودة إلى صفوف الإيمان والالتصاق بخالقهم وسبب وجودهم على هذه الأرض، يعطيهم الفرصة للتفكير والتغير وإلى العودة قبل فوات الأوان، وإلا ستكون العاقبة لهم بالعذاب الشديد والنسف لأثار وجودهم .
فالله يتوعد هؤلاء الفاسدين الداعين لدعوة الباطل إن استمروا على كذبهم وعنادهم وباطلهم، بأن تكون عاقبتهم المذلة والخزي، فسوف يقبضهم الله من نواصيهم قبضة شديدة ليلقوا في العذاب الشديد في جهنم،
يقول الإمام الرازي حول معنى " السفع لَنَسْفَعاً لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار ، والسفع القبض على الشيء ، وجذبه بشدة ، وهو كقوله : { فَيُؤْخَذُ بالنواصى والأقدام } [ الرحمن : 41 ] وثانيها : السفع الضرب ، أي لنلطمن وجهه وثالثها : لنسودن وجهه "
فالأخذ الشديد من الناصية والسحب منها إلى نار جهنم والإلقاء في العذاب الشديد تدل على أن الناصية هي أهم وأشرف ما يرفع الإنسان به نفسه بين الناس، فهو يمشي متبخترا رافعا لجبهته عند كبره، كما أن تخصيص الناصية هنا يدل على أنها مجمع الأفكار واتخاذ القرار في الدماغ، فكانوا يكثرون من التفكير والتدبير واتخاذ القرارات ضد دعوة الحق، وهي مكان العلم والتعلم، والدماغ خلقه الله منقسما لقسمين الأيسر والإيمن فيجتمع فيه تفكير الإنسان بالجانبين ويميل لأحدهما أكثر من الآخر ومن خلاله تبرز سلوكياته وتصرفاته في حياته وتنطبع شخصيته، فبعض الناس يميلون مع الخيال والإبداع وهو الجانب الأيمن من الدماغ وآخرون يميلون مع التعقل والتفكير المنطقي والنظري وهو الجانب الأيسر من الدماغ، فمن فسد في الأرض ورفض دعوة الحق والإيمان ولم يستخدم تلك النعمة العظيمة بأن جعل الله له ذلك الدماغ للتفكير والتدبير بعد أن كان علقة تافه حقيرة، فهذا العلم الذي تعلمه أوصله لقرارات ومنهج حياة خاطئ مخالف لمنهج الله، فالمتعلم يبحث ويختبر ويفحص ويمحص ومن المتوقع أن يصل للخطأ والصواب، ولكن هؤلاء كانت مسيرتهم ضد دعوة الحق بالعناد والكذب رغم أن علمهم قد أوصلهم لحقائق ثابتة تدل على عظمة الله وقدرته سبحانه إلا أنهم غفلوا وتعاموا عن الرؤية وجاءوا بنتائج خاطئة للناس لإضلالهم، فكانوا يجتمعون للتخطيط لقلب الحقائق، وكانوا يتعاونون معا على إيقاف مسيرة الحق، ويناصر بعضهم بعض ويتفاخرون بأعدادهم وقوتهم الفكرية الزائفة، فيوم القيامة سيطلب منهم دعوة هؤلاء الذين اجتمعوا بهم في الدنيا بنواديهم الخاصة إن كان سينتفع بعضهم ببعض،أو يشفع بعضهم لبعض، والله سيدعو زبانية العذاب وهم الملائكة لتلقي بهم في أشد العذاب .
كما أن الناصية تنعقد عليها خطوط الإنفعالات الداخلية الصادره عن ردة فعل الإنسان نتيجة غضبه أو وجود مثير ما قد أدى لذلك الإنفعال، فهؤلاء الطاغين عقدوا جباههم ونواصيهم بخطوط الغضب عند رؤية أهل الطاعة والعبادة لله، اسودت وجوههم وارتسمت بخطوط التجهم عند رؤية المصلين لله والداعين للحق، لأنهم يظنون أن هؤلاء سيمنعون عنهم لذة الحياه ونعيمها، إنهم أخطئوا بما اعتقدوه وغضبوا لأجله ولو غضبوا للحق ودعوة الإيمان لكان خيرا لهم، لذا ستكون العقوبة بالسحب من تلك الناصية المنعقدة لأجل الباطل .
وبما أن هؤلاء الطاغين المفسدين حاولوا منع نواصي وجباه المؤمنين للسجود لله والتقرب إليه، فسيعاقبون بالسحب من نواصيهم وجرها إلى مهالك العذاب .​
 
التعلق والفرار إلى الله
كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)
دعوة الله سبحانه بعدم الطاعة والإستجابه لهؤلاء المكذبين الطاغين، مهما جاءوا بالدلائل الكاذبة التي يدعونها بالعلم، وان لا يسمح المؤمن لنفسه للوقوع فريسة للفتن وأن يفر منها بالتقرب إلى الله وكثرة السجود بين يديه والتقرب إليه والتعلق في رحمته وحبه، ومن أكثر الطاعات التي يفعلها الإنسان للتقرب من خالقه وتميزه عن باقي خلقه، كثرة السجود والصلاة لله والدعاء إليه والالتصاق بدين الله ودعوة الحق، لامتصاص غذاء الروح من ذلك العلم الذي لا تنتهي طاقته فتغذي الجسد بقوته وضبط نوازع الشهوات وحب الماديات بحسب ما يريده الله ويشرعه، وتغذي الروح برقيها، وتغذي النفس بعلو أخلاقها وسموها في الحياة .

لعل حكمة الله في جعل بداية آيات هذه السورة من أول ما أنزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على أن الله أراد للناس كافة أن يبدأ وجودهم على هذه الأرض مرتبطين بالله سبحانه متعلقة قلوبهم به ولا تنظر أبصارهم وجوارحهم إلا إليه، عندها تسعد البشرية ويسود فيها الأمن وتزداد حضارة وعمارة، وبداية الأمر بالقراءة يدل على أن بداية التعلق بالله والتقرب منه تكون من خلال العلم والتدبر والمعرفة والتي كلما ازددت منها كلما زادك ذلك العلم معرفتا بخالقك وحقيقة وجودك فتزداد إيمانا وقربا منه سبحانه وتعالى، وكلما تعرفت على خالقك جعل الله لك نورا وفرقناً تميز به بين الحق والباطل، وتمشي به في الأرض فلا تخاف أحدا سوى الله .​
 
الفوائد التربوية من هذه السورة :- ابدأ حياتك كلها متوكلا على الله وباسم الله- الحرص الدائم على طلب العلم والتعلم
- الحرص على توثيق العلم وتسجيله كلما تعلمه الإنسان- العمل على نقل ذلك العلم بالعمل وتعليمه للأخرين- الحضارة والتقدم لا يكون إلا من خلال الإهتمام بعقول المبدعين المرتبطين بحبل الله- التدبر الدائم والتفكر بحقيقة خلقه وأصل وجودك أيها الإنسان- عدم الكبر والإستعلاء عند فتح الله عليك أبواب الخير من العلم والثروات- عدم تصديق أي دعوة دون دلائل علمية ثابته وصادقة .- عدم التعلق بالدنيا وملذات وتذكير النفس أن الرجوع إلى الله- التعلق والرجوع اليه سبحانه ولا يعلق القلب إلا في حبه سبحانه- الثبات على العبادة والدعوة إلى الله مهما عظمت المحن- الفرار إلا الله بكثرة السجود والدعاء إليه وخاصة وقت الفتن والمحن
تم بحمد الله وفضله سبحانه، فإن صح مني شي فذلك بتوفيق الله وفضله وكرمه وإن أخطأت فذلك من نفسي وزلتي وضعفي فأسأل الله أن يسامحني ويعفو عني .
اللهم زدنا علمنا وأعطنا ولا تحرمنا وتقبل منا ولا تخذلنا وارزقنا الإخلاص في كل أمر يا أرحم الراحمين​
 
أصل الإنسان الجهل
عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
فالإنسان قبل خلقه ووجوده كان جاهلا لا يعلم شيئا مما يحيط به،
إذا كان الإنسان قبل خلقه لم يكن شيئاً مذكوراً فهل يمكن أن يكون عاقلاً ؟؟؟ وكيف يشعر بما يحيط به وهو لم يكن؟؟؟
أظن أن العبارة تحتاج الى إعادة صياغة أختي الفاضلة وبارك الله بعلمك وفهمك.
ثم يا أختي ماذا تقصدين بأن أصل الإنسان جاهلاً؟؟ هل تقصدين قبل الخلق أم بعده ؟؟ إذا كنت تقصدين بعد أن خلقه الله . فنعم ولكن عن أي جهل تتكلمين ؟ عن جهل المعرفة بالله ؟ أم جهل معرفة الأشياء ؟ أم الصناعة؟ وماذا تفعلين بقول الله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) ؟ فهل يُفترض من الخليفة الجهل أم العقل؟؟
 
علم الإنسان مسبوق بالجهل


اختيار الإنسان خليفة الله في الأرض

قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) البقرة

حتى يصلح ذلك الإنسان ليكون خليفة في الأرض، أعطاه الله سبحانه خاصية القدرة على التعلم واكتساب المعرفة، فوضع فيه القدرات العقلية من خلال وجود العقل والحواس والتي هي أساسية في اكتساب المعرفة من حاسة السمع والبصر والتذوق وغيرها، ثم أعطاه الخصائص الانفعالية التي تشكل الدوافع والحوافز لكسب المعرفة والتي تستثار من البيئة الخارجية من خلال الحواس والمدركات العقلية، فقد أعطى الله لعقل الإنسان القدره على القراءة والفهم والحفظ والتذكر والتحليل والربط والخيال للإبداع في الكون، وذلك لحكمة صلاحيته للخلافة في الأرض، ( ولعل قوله في الأرض ) ليبن أنه سيخلقه ويجعله من جنس هذه الأرض وخصائصها الطينية، ثم علمه وأعطاه الخصائص القدرات على الكتابة وعلمه طريقة ذلك حتى يحفظ ذلك العلم ويتدارسه، ومن أوائل ما حفظ بالعقول والصدور ثم حفظ بالكتابة بالقلم والتدوين هو كتاب الله ( القرآن الكريم ) وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فدون وجود هذه الخصائص لا يمكن أن يصلح الإنسان لعمارة الأرض وتطويرها، ومن حكمة الله أن جعل الله ذلك للبشرية كافة أو لجنس الإنسان كله، ثم ميزهم بعد ذلك بالهداية والإيمان أو الكفر والضلال من خلال ما وضع فيهم من غرائز وشهوات يحتاج الإنسان منها ما يَبقي على وجوده فجعل الله له منها حظا ونصيبا من خلال ما شرعه وأحله، وكل من اتخذ تلك الشهوات والغرائز مسلكا ومنهجا وأصبحت إلهه وهواه فقد ضلته عن طريق النور والهدايه لتسير به إلى طريق الجهل والضلال، ثم ابتلي الإنسان بالصراع مع الشيطان وهو العدو الأكبر له وهو من سيقوده من خلاله شهواته ونوازعه للشر والفتن فيهلكه، وسلاح العبد لصد ذلك الشيطان هو الإيمان والعلم بالله سبحانه والثبات على طريق الحق، فإن صار العبد مع الله وزاد من معرفته وإيمانه بما عنده وارتقى في طاعته وعبادته فلعله يرتقي بروحه إلى درجة رقي الملائكة فيشرق النور في قلبه وتتفتح له طرق المعرفة واليقين بما عند الله ، فلعل حكمة الله في هذه الآيات أن ذكر وجود الملائكة برقيها ونورها، وذكر الشيطان ودناءته وحقارة سلوكه ومسلكه بالشهوات، كي ينبه الإنسان أن الله سيضع فيه من كل منهما ما يتصف به إن اتبع طريق كل منهما، فالرقي بالروح من رقي الملائكة فيقتدي بها، وانحطاط النفس يكون من اتباع شهوات الشيطان ونزغه .


فقال تعالى واصف للإنسان وجهله

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)الأحزاب
ما المقصود بالأمانه ؟
إنها أمانة العقل والعلم الذي ميز الله سبحانه به الإنسان عن غيره من مخلوقاته وأكرمه به، وأعطاه الإرادة والاختيار في تسخير ما علمه الله فإما يهتدي للهدى والحق أو يهتدي ويختار طريق الباطل والفساد في الأرض، فالعلم والعقل أمانه عظيمة استودعها الله مع كل إنسان مخلوق على هذه الأرض كلفه الله واختاره ليكون خليفة على دينه وشريعته فهل أدى جميع الناس عهدهم وأمانتهم مع الله، أم أنكروا وجحدوا وطغوا في الأرض كثيراً منهم .
المقصود بجهل الإنسان أن دون هداية من الله ورعاية لهذا الإنسان يبقى جاهلا ولن يقدر على شئ إلا من فضل الله، فلولا أن الله قد أكرمه منذ أن خلقه بأن جعل فيه خاصية التعلم من قدرات عقلية ونفسية يستطيع من خلالها أن يكتسب المعرفة المتنوعه ما استطاع الإنسان أن يتعلم شيئاً .ولقد سمعنا عن أطفال منذ مولدهم عاشوا بين حيوانات أو عاشوا في عزلة عن العالم لم يستطيعوا أن يفقهوا شيئا سواء من اللغة بالحديث أو الكتابة أو غير ذلك وكانت صعوبة في محاولة تدريبهم وحتى أن بعض منهم قد أصيب الدماغ لديهم بالضعف، واكتسب هؤلاء تصرفات البيئة المحيطة بهم من كائنات غير الإنسان، فعلم الإنسان يسبقه جهله، فإذا لم يأخذ الإنسان بسبب العلم والهدى إليه يبقى جاهلا أو ناقصا في علمه، والهداية من الله يبدو أنها نوعان، هداية طوعيه وذلك من خلال قول الله سبحانه ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (طـه:50 وقوله تعالى (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)(السجدة: من الآية7 فالإنسان مسير من الله لهذه الهداية وغير محاسب عليها .
وهداية اختيارية بإرادة المخلوق وهذه لا تكون إلا للإنسان العاقل المكلف صاحب الإرادة والإختيار وهي من سيحاسب عليها الإنسان عند ربه، وإذا لم يهتدي إلى طريق الحق والنور يبقى في ظلمات الجهل مهما ارتفع في علمه الدنيوي .قال تعالى {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا}الإنسان ( 3 )
وقال تعالى (وهديناه النجدين}البلد ( 10 ) وقال تعالى {فألهمها فجورها وتقواها}الشمس ( 8 )
وآثار هداية الله للإنسان لاكتسابه المعرفة كثيرة سواء كانت هداية طوعية من إرادة الله أو هداية اختيارية بإرادة الإنسان المكلف، حيت تبدأ منذ أن سخر الله سبحانه باجتماع الزوجين وتشكيل النطفة ثم العلقة في رحم المرأة، ثم هداية هذه العلقة بتعليمها من أين تأتي بالتغذية وأسباب الحياة ، حيث هديت للتعلق بجدار الرحم لكسب الغذاء. ثم من هدى الجنين لحركات يتدرب عليها عند خروجه للرضاعة وغيرها، ومن هداه أن يلتقم ثدي والدته لنيل التغذية المكون بقدرة إلهية، من علمه أن يميز أمه ويعرف رائحتها من بين كل النساء .
ثم انظر إلى نمو ذلك الطفل كيف يكون جاهلا لا يعرف كيف يحمي نفسه ولا يقوى على شئ، فهو محتاج في كل شئ إلى التدريب والتعليم حتى يكتسب مهارات الحياة، فانظر إليه بعد أشهر قليله من مولده كيف يبدأ الحبو والتحرك ليمسك بالأشياء ويتذوقها بلسانه دون أن يميز شيئا، فهذه مرحلة النمو في الطفوله المبكره تسمى المرحله الحس حركية، ثم بعد سنتان يبدأ الطفل بالأسئلة الكثيرة لمن حوله عن كل شيئ من جعل فيه هذا الدافع للمعرفة والسؤال سوى الله، ثم يتفتح الخيال الواسع لدية ويبدأ بالتصورات والأسئلة التي تظهر مدى إبداع الإنسان لو استخدم خياله، ثم انظر كيف يبدأ الطفل بعد ثلاثة سنوات بجمع حصيلة لغوية حتى يكتسب اللغة، فيبدأ بالحديث بالكلمات التي تعلمها دون نطق سليم، ثم بعد سنتان أو أكثر يبدأ الطفل بنطق الكلمات بصورة أفضل مما كان عليه ويبدأ يعبر عن نفسه بوضوح، ثم انظر في مرحلة ما قبل المراهقة كيف تبدأ معالم شخصيته بالظهور من خلال ما علمه من مفاهيم وشكله من علاقات، وفي المراهقة يبدأ نضجه الجنسي والعقلي والانفعالي يتشكل وبصورة سريعة فتراه يميز أشياء كثيرة لم يكن يعرفها ويدركها قبل ذلك، ويبدأ بمعرفة مصطلحات ومفاهيم مجردة وتظهر الميول في شخصيته لتبين ما سوف يكون عليه ذلك الطفل وليبدأ تكونه كإنسان عاقل بالغ مكلف أمام الله ومسئول عن كل شئ .
فمن يسر وسخر لهذا المخلوق كل ذلك أليس هو الله، ولولا وجود الله لكان الإنسان جهولا ضعيفا لا يقدر على شئ .فالإنسان دون الله لا يمكن أن يدرك شيئا أو حتى يكون موجودا في هذا الوجود، ولكن هل كل إنسان يعلم العلم الحقيقي الذي يريده الله ويخرج الإنسان من دائرة الجهل والضلال، أن أنه علم دنيوي فقد يكتسب فيه الإنسان المعرفة في كل العلوم الدنيا ويصل فيه لأعلى مراحل التقدم والتطور ولكنه لا يعلم عن خالقه شيئا ولا ينسب ذلك العلم له بل لقوته العقلية وجهده الذاتي، صحيح أنه اكتسب علما ولكن من سخر له ذلك العلم سوى الله فهو دون تسخير من الله لم يكن يعرف شيئا، والأهم من ذلك إذا فصل ذلك العلم عن المعرفة بالله والارتباط به وطلب الهداية والتوفيق منه لن يكون الإنسان إلا جاهلا ولن ينفعه علمه ذلك إلا منفعة دنيويه قصيرة، أما العلم القائم على ارتباط بالله وهداية منه لا بد أن يولد في القلب الخوف والخشية منه والخشوع إليه وإعادة ذلك الفضل لله وحده فهو من سخر له أسباب المعرفة والعلم ولولا ذلك لكان في ضلال وجهل عظيم . قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر/28 .

يقول ابن عاشور في تفسيره حول ( علم الإنسان ما لم يعلم ) العلق

أن علم الإنسان ما لم يعلم خبر عن قوله : { وربك الأكرم } وما بينهما اعتراض .
وتعريف { الإنسان } يجوز أن يكون تعريف الجنس فيكون ارتقاء في الإِعلام بما قدره الله تعالى من تعليم الإِنسان بتعميم التعليم بعد تخصيص التعليم بالقلم .وقد حصلتْ من ذكر التعليم بالقلم والتعليم الأعم إشارة إلى ما يتلقاه الإنسان من التعاليم سواء كان بالدرس أم بمطالعة الكتب وأن تحصيل العلوم يعتمد أموراً ثلاثة:
أحدها : الأخذ عن الغير بالمراجعة ، والمطالعة ، وطريقهما الكتابة وقراءة الكتب فإن بالكتابة أمكن للأمم تدوين آراء علماء البشر ونقلها إلى الأقطار النائية وفي الأجيال الجائية .
والثاني : التلقي من الأفواه بالدرس والإِملاء .
والثالث : ما تنقدح به العقول من المستنبطات والمخترعات . وهذان داخلان تحت قوله تعالى : { علم الإنسان ما لم يعلم } .وفي ذلك اطمئنان لنفس النبي صلى الله عليه وسلم بأن عدم معرفته الكتابة لا يحول دون قراءته لأن الله علّم الإنسان ما لم يعلم ، فالذي علّم القراءة لأصحاب المعرفة بالكتابة قادر على أن يعلمك القراءة دون سبق معرفة بالكتابة .وأشعر قوله : { ما لم يعلم } أن العلم مسبوق بالجهل فكل علم يحصل فهو علم ما لم يكن يُعلَم من قبل ، أي فلا يُؤْيِسَنَّك من أن تصير عالماً بالقرآن والشريعة أنك لا تعرف قراءة ما يكتب بالقلم . وفي الآية إشارة إلى الاهتمام بعلم الكتابة وبأن الله يريد أن يُكتَب للنبيء صلى الله عليه وسلم ما ينزل عليه من القرآن فمن أجل ذلك اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً للوحي من مبدإ بعثته .وفي الاقتصار على أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالقراءة ثم إخباره بأن الله علّم الإنسان بالقلم إيماء إلى استمرار صفة الأمية للنبيء صلى الله عليه وسلم لأنّها وصف مكمِّل لإعجاز القرآن قال تعالى : { وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون } [ العنكبوت : 48 ]


وقد جاء موضوع الجهل في القرآن الكريم وعلاقته بسلوك الإنسان بكثير من الآيات وهي

معارضة أمر الله من الجهل :
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)البقرة

الحكم على ظواهر الأمور من الجهل :
لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) البقرة

سوء الظن بالله ، ودخول الهم بالقلب لعدم الرضى بقدر الله
ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) ال عمران

الغفلة والنسيان
قال تعالى ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)النساء

وقال تعالى ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)النحل

التقاليد والعادات البالية
قال تعالى ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) المائدة

قال تعالى ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) الفتح



تحميل النفس فوق طاقتها بالدعوة ( الحزن على المعرضين )
قال تعالى ( وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام

الإيمان المادي بدل الإيمان بالغيب
قال تعالى ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138 الأعراف

السمو بالأخلاق وعلوها بالدعوة
قال تعالى ( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) الأعراف

الرقي الإيماني وإنحطاط الكفر
قال تعالى ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) الفرقان

الأخلاق الإيمانية
قال تعالى ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) القصص

الجهل المستحب عند الله
قال تعالى ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)هود

نوازع الهوى تغلب الإيمان
قال تعالى ( قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) يوسف

سو الظن والتسرع في الحكم
قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) الحجرات


تغير فطرة الله
قال تعالى ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)​
العقل والإراده وصراع الشهوات
قال تعالى ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73) الاحزاب






 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك أستاذي على إهتمامك
وبارك الله فيك
وأرجوا أن اكون وفقت بالرد على التساؤل لديك حول جهل الإنسان وعلمه
وبارك الله فيكم
 
فالإنسان قبل خلقه ووجوده كان جاهلا لا يعلم شيئا مما يحيط به،
نعم أختي . ولكن هذه العبارة التي ذكرتي . هل تعتقدين أنها صواب؟؟وهل أصلاً لها ضرورة؟؟
أما ما ذكرته وتفضلت به فهو صحيح وقد أجدت التوضيح باستشهادك بأولي العلم . مشكورة على ذلك وبارك الله بك على ما بذلت فيه من جهد . وأسأل الله أن تكون في ميزانك يوم القيامة.
 
الإنسان بين العلم والجهل

الإنسان بين العلم والجهل

شكر الله لأختنا الفاضلة آمال على موضوعها القيم
وشكر الله لأخينا الفاضل تيسير على مداخلاته الطيبة
حقيقة موضوع الإنسان والعلم يحتاج إلى تأمل ودراسة عميقة
وفي ضوء آيات القرآن نرى أن الإنسان قيمته تتوقف على أمرين الحياة والعلم
إذا فقد أحدهما ذهب الآخر
فالحياة بلا علم لاقيمة لها ، ولا علم بلا حياة
يقول تعالى:
( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل (78)
وقال في نفس السورة:
(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) النحل (70)
ومن هاتين الآيتين الكريمتين يمكن الوصول إلى حقائق عن الإنسان قبل وجوده "روحا وجسدا" وبعد وجوده "روحا وجسدا" وبعد مفارقة روحه للجسد.
إنها أمور تحتاج إلى بحث ودراسة وعناية لنعرف الكثير عن الحقائق الغائبة عن كثير من الناس​
 
عودة
أعلى