تأملات في بعض الآيات

إنضم
01/03/2006
المشاركات
144
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[line]قال الله تعالى:" اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"(35)من سورة النور

معاني الكلمات: مشكاة: الثقب في الحائط من غير نافذة
دري: متلألأ وقاد صافي لامع
لا شرقية ولا غربية: لا تصيبها الشمس إلا في حالة الشروق، ولا غربية لا تصيبها إلا في حالة الغروب(1)

المعنى الإجمالي: قوله تعالى : { الله نور السموات والأرض } يخبر تعالى أنه لولاه لما كان في الكون نور ولا هداية في السموات ولا في الأرض فهو تعالى منورهما فكتابه نور ورسوله نور أي يهتدي بهما في ظلمات الحياة كما يهتدي بالنور الحسي والله ذاته نور وحجابه نور فكل نور حسي أو معنوي الله خالقه وموهبه وهادٍ إليه .
وقوله تعالى: { مثل نوره كمشكاة } أي كوة في جدار { فيها مصباح المصباح في زجاجة } من بلور، { والزجاجة } في صفائها وصقالتها مشرقة
{ كأنها كوكب دري } والكوكب الدري هو المضيء المشرق كأنه درة بيضاء صافية، وقوله: { يوقد من شجرة مباركة } أي وزيت المصباح من شجرة مباركة وهي الزيتونة والزيتونة لا شرقية ولا غربية في موقعها من البستان لا ترى الشمس إلا في الصباح، ولا غربية لا ترى الشمس إلا في المساء بل هي وسط البستان تصيبها الشمس في كامل النهار فلذا كان زيتها في غاية الجودة يكاد يشتعل لصفائه، ولو لم تمسه نار، وقوله تعالى:{نور على نور } أي نور النار على نور الزيت وقوله تعالى : { يهدي الله لنوره من يشاء } يخبر تعالى أنه يهدي لنوره الذي هو الإيمان والإسلام والإحسان من يشاء من عباده ممن علم أنهم يرغبون في الهداية ويطلبونها ويكملون ويسعدون عليها .
وقوله: { ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم } يخبر تعالى: أنه يضرب الأمثال للناس كهذا المثل الذي ضربه للإيمان وقلب عبده المؤمن وأنه عليم بالعباد وأحوال القلوب، ومن هو أهل لهداية ومن ليس لها بأهل، إذ هو بكل شيء عليم.

البلاغة : تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي :
1. التشبيه التمثيلي ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح .... ) شبه نور الله الذي وضعه في قلب عبده المؤمن بالمصباح الوهاج في كوة داحل زجاجة تشبه الكوكب الدري صفاءً وحسناً ، وسمي تمثيلياً لأن وجه الشبه منتزع من متعدد وهو من روائع التشبيه.

الإعجاز العلمي : قام العالم أديسون مخترع المصباح الكهربائي، بأكثر من آلف تجربة قبل أن ينجح في اكتشافه، الذي لم يتكلل بالنجاح إلا بعد أن هداه الله إلى وضع زجاجة حول المصباح، لتغطي السلك المتوهج، وتزيد من شدة الإضاءة، ويصبح المصباح قابلاً للإستخدام من قبل الناس، ولو كان هذا العالم يعلم ما في القرآن الكريم من آيات معجزات، لعلم أن مصباحه بحاجة إلى أن يغطى بزجاجة، كي ينجح ويضئ لمدة طويلة كما يجب، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: "الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري"

ما ترشد إليه الآية الكريمة :
1. أن نور الله جل جلاله هو مصدر الهداية للناس، وأن أحداً من أعداء الله لن يستطيع إطفاء ذلك النور.
2. أن الزيتون شجرة مباركة، فيها غذاء ودواء وسراج.
3. أن الهداية بيد الله يهدي من يشاء.
4. أن الله تعالى عليم بكل شيء ، وعلمه ببواطن الأمور كظواهرها ، فالسر عنده إعلان.



--------------------------------------------------------------------------------

(1) البحر المديد، ابن عجيبة الجزء 4 ص 244 ، طبعة المكتبة الشاملة

[line]

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) من سورة الزمر

معاني الكلمات : نفس واحدة : آدم عليه السلام
زوجها : حواء
ظلمات ثلاث : البطن والرحم والمشيمة

المعنى الإجمالي : { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } أي: خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة، وهو آدم عليه السلام { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ، وهي حواء، عليهما السلام، كقوله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً } [النساء:1] .
وقوله: { وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } أي: وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية، أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام: { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ } [الأنعام:143] ، { وَمِنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ } [الأنعام:144] .
وقوله: { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ } أي: قدركم في بطون أمهاتكم { خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ } أي: يكون أحدكم أولا نطفة، ثم يكون علقة، ثم يكون مضغة، ثم يخلق فيكون لحما وعظما وعصبا وعروقا، وينفخ فيه الروح فيصير خلقا آخر، { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } [المؤمنون:14] .
وقوله: { فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ } يعني: ظلمة الرحم، وظلمة المشيمة -التي هي كالغشاوة والوقاية على الولد -وظلمة البطن. كذا قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو مالك، والضحاك، وقتادة، والسدي، وابن زيد

الإعجاز العلمي :
قام فريق الأبحاث الذي كان يجري تجاربه على إنتاج ما يسمى بأطفال الأنابيب، بعدة تجارب فاشلة في البداية، واستمر فشلهم لفترة طويلة، قبل أن يهتدي أحدثهم ويطلب منهم إجراء التجارب في جو مظلم ظلمة تامة، فقد كانت نتائج التجارب السابقة تنتج أطفالاً مشوهين، ولما اخذوا برأيه واجروا تجاربهم في جو مظلم تماماً، تكللت تجاربهم بالنجاح. ولو كانوا يعلمون شيئا من القرآن الكريم لاهتدوا إلى قوله تعلى، ووفروا على أنفسهم التجارب الكثيرة الفاشلة، لأن الله تعالى يقول: "يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون"
والظلمات الثلاث التي تحدث عنها القرآن هي: ظلمة الأغشية التي تحيط بالجنين وهي
(غشاء الأمنيون، والغشاء المشيمي، والغشاء الساقط).ظلمة الرحم الذي تستقر به تلك الأغشية.ظلمة البطن الذي تستقر فيه الرحم.

ما ترشد إليه الآية الكريمة :
1. أن الله تعالى له الملك ولا يكونه في ملك إلا ما يشاء.
2. أن الله تعالى يمتن على عباده بأن رزقهم من الأنعام ثمانية أزواج، لذا وجب على العباد شكر هذه النعمة.
[line]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) من سورة فاطر

معاني الكلمات :
جدد : جمع جدة أي طريقة ظاهرة من قولهم طريق مجدود أي مسلوك مقطوع(1).
غرابيب : حالك اللون

المعنى الإجمالي: يقول تعالى منبها على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد، وهو الماء الذي ينزله من السماء، يخرج به ثمرات مختلفا ألوانها، من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض، إلى غير ذلك من ألوان الثمار، كما هو المشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها، كما قال تعالى في الآية الأخرى: { وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

البلاغة:
1. الإستفهام التقريري في قوله تعالى : (ألم تر أن الله أنزل من السماء .........).
2. التضاد في قوله تعالى "جدد بيض " وقوله تعالى " غرابيب سود"

ما ترشد إليه الآية الكريمة :
1. ضرورة التفكر في خلق الله جل جلاله
2. أن الله تعالى أنعم على الناس بالغيث والثمرات المختلفة والجبال الملونة، فوجب على كل عبد أن يشكره.



--------------------------------------------------------------------------------

(1) غريب القرآن للأصفهاني ، الجزء الأول ص 89، طبعة المكتبة الشاملة
[line]
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) من سورة الممتحنة .

معاني الكلمات:
أولياء تلقون إليهم بالمودة: أي لا تتخذوهم أنصاراً توادونهم .
وقد كفروا بما جاءكم من الحق : أي الإِسلام عقيدة وشريعة .
يخرجون الرسول وإياكم: أي بالتضييق عليكم حتى خرجتم فارين بدينكم(1) .

المعنى الإجمالي : نهي للمسلمين ان يتخذوا من أعداء الدين أولياء، إن كان المسلمون قد اخلصوا نياتهم في جهادهم وهجرتهم، وقد أخرجو المسلمين من ديارهم وكذلك رسول الله صلى عليه وسلم ، فمثل هؤلاء لا ينبغي للمسلم أن يتخذهم أنصاراً، ومن يفعل ذلك فقد حاد عن سواء السبيل سبيل المؤمنين

سبب نزول الآية :
وقد أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ، وقصة الرسالة مع الظعينة لأهل مكة قبل الفتح بإخبارهم بتجهز المسلمين إليهم مما يؤيد المراد بالعدو هنا(2)

البلاغة:
1. التضاد في قوله تعالى أخفيتم وأعلنتم
2. استخدام الفعل يخرجون للدلالة على استمرار إيذاء الكفار للمسلمين.

ما ترشد إليه الآية الكريمة:
1. وجوب ترسخ عقيدة الولاء للمسلمين و البراء من الكافرين في قلوب المؤمنين.
2. أن الحق والباطل في حالة تدافع مستمر ، وعداء مستحكم، فعلى المسلم ان يعد العدة لمواجهة الباطل.



--------------------------------------------------------------------------------

(1) أيسر التفاسير للجزائري ، ج 4 ص 241، طبعة المكتبة الشاملة
(2) الشنقيطي الجزء 8 ص 217، طبعة المكتبة الشاملة

[line]
 
سامي السلفي قال:
أسأل الله ان ينور قلبك ووجهك وصراطك وقبرك


بارك ا لله فيك أخي الحبيب سامي


ولك من الدعاء مثله وأزود

شكراً لك
 
عودة
أعلى