ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالي "وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء
هذه الآية هي جزء من الآية رقم( 12) من سورة النساء وهي احدي ثلاث آيات جمعت أحكام المواريث وليس المجال هنا للحديث عن أحكام المواريث فان ذلك يحتاج إلى موضع آخر لكن سنتعرض بالقدر الضروري لها حتى نفهم الآية ويسهل النفاذ إلى ما بها من بعض اللطائف والإشارات
هذه الآيات تتناول ببساطة ميراث الإخوة لأم فقوله تعالي وله أخ أو أخت المقصود به أخ أو أخت من الأم هكذا الاتفاق بين جميع العلماء وقد كان سعد بن أبي وقاص يقرأ وله أخ أو أخت من أم الخلاصة انه لا خلاف في أن المقصود من الأخ والأخت في الآية هم الإخوة لام .
ومعنى الآية انه في حالة الكلالة يرث الأخ آو الأخت من الأم السدس فرضا فإن كانوا أكثر من واحد اخذوا الثلث بالسوية بينهم الذكر مثل الأنثى وهو مقتضي قوله تعالي شركاء في الثلث وهذه من الحالات التي يتساوي فيها النساء مع الرجال في الميراث لكن لم يفهمها الذين يخوضون في آيات الله بغير علم ويتحدثون عن مساواة المرأة بالرجل في الميراث المهم هذا ليس موضوعنا وموضوعنا هو التأمل في نظم الآية وما به من لطائف فنعود إلى الآية .
فعندما نزلت هذه الاية شغلت كبار الصحابة وشغل بها عمر رضي الله عنه كثيرا وكان يقول ما راجعت رسول الله في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بأصبعه في صدري وقال: يا عمر ألا يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء ؟وفي رواية أخري : ما سألت رسول الله عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة وروى ابن جرير : عن سعيد بن المسيب قال : سأل عمر بن الخطاب النبي عن الكلالة ، فقال : " أليس قد بين الله ذلك ؟ " فنزلت : " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة .. الآية" وهذه الآية وان شغلت عمر رضي الله عنه في معني الكلالة إلا أنها شغلته في التطبيق العملي أيضا وما نتج عنها من وضع يبدو في ظاهره عدم العدل وكانت الواقعة بعد ذلك عندما عرضت على القاضي أمر امرأة توفيت وتركت زوجا وأما وإخوة لام وإخوة أشقاء فعلي نص الآية حكم القاضي بأن أخذت الأم السدس لوجود عدد من الإخوة واخذ الزوج النصف لعدم وجود فرع وارث واخذ الإخوة لام الثلث والمفروض أن يأخذ الإخوة الأشقاء الباقي تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين وفي هذا المسالة لم يبقي شيء للإخوة الأشقاء إذ أن النصف والسدس والثلث استغرقوا التركة كلها فجاء الإخوة الأشقاء عمرا يشكون ويبكون يقولون هب أن أبانا حجر ألقى في اليم، هب أنه حمار ما زادنا الأب إلا قرباً، أي: إذا لم ينفع فلا يضر، أي نحرم لأننا أشقاء من الأم والأب للميت السنا أبناء ام واحدة ؟!! فأنت إذا لم تورثنا من جهة الأب فأمنا واحدة، كيف تورث إخوتنا الذين يدلون إلى أختنا بأمنا ولا نرث نحن وأمنا واحدة؟ فتأمل عمر رضي الله عنه هذه المسألة وقال: أصبتم، وغير القضاء، والغي قرابة الأب واعتبرهم جميعا إخوة لام يرثون ميراث الإخوة لام وهو الثلث بالسوية بينهم ، يرث الآن جميع الإخوة على أنهم إخوة لأم، وعدم اعتبار قرابة الأب واعتبرناه غير موجود كما طلبوا هم وسميت هذه المسالة بالمشتركة لان الإخوة الأشقاء شاركوا الإخوة لام في الثلث كما سميت بالحجرية لقولهم هب أن أبانا كان حجرا القي في اليم وسميت الحمارية لقولهم هب أن أبانا كان حمارا وسميت أيضا اليمية , وقد سار الجمهور على هذا الحل والآن ونحن نتأمل في الآية نسال لما جاءت الآية بهذا الشكل وهذا النظم الذي أنتج هذه المشكلة الغريبة يرث الإخوة لام ولا يرث الإخوة الأشقاء ؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال لنتأمل وضع الإخوة لام في الآية فربما يفيدنا في الإجابة على هذا السؤال لنلاحظ الأتي :-
أولا :-جاء ميراثهم مع ميراث الزوجين في أية واحدة ولم يأتي مع ميراث الإخوة الأشقاء أو لأب الوارد في آخر سورة النساء فلماذا لم يأتي ميراث الإخوة جميعا في آية واحدة ؟
ثانيا :- نصيب الإخوة لام مثل نصيب الأم تماما فالأم تأخذ إما السدس وإما الثلث فتأخذ الثلث في حالة عدم وجود فرع وارث أو عدد من الإخوة وتأخذ السدس إذا فقدت هذين الشرطين والإخوة لام يأخذون أيضا إما السدس وإما الثلث فلهم السدس إن كانوا واحدا أو واحدة ويأخذون الثلث إذا كانوا أكثر من واحد
ثالثا :- حالة الإخوة لام هي الحالة الوحيدة المستثناه من قاعدة الحجب فالمعروف في الحجب ان كل من أدلى للميت بواسطة حجبته تلك الواسطة ، مثل ابن الابن مدل بالابن ، فإذا اجتمع معه في مسألة حجبه الابن من الميراث .الجد مدل بالأب ، فإذا اجتمع معه في مسألة حجبه الأب من الميراث .إلا في حالة الإخوة لام فإنهم رغم أنهم يدلون للميت عن طريق الأم إلا أنهم يرثون مع وجود الأم فهذه ثلاث ملاحظات فما السر في ذلك ؟ وهل هذه الملاحظات لها دخل في وجود حالة أن الإخوة لام يرثون ولا يرث الإخوة الأشقاء رغم أنهم أبناء أم واحد إلا إذا ألغينا قرابة الأب تماما واعتبرناهم جميعا إخوة لام كما فعل عمر رضي الله عنه ؟ سنلاحظ أن للام حالة فريدة في الميراث بشان قاعدة الحجب فإذ كان الإخوة لام يرثون مع وجود الأم رغم أنهم يدلون بها خلافا للقاعدة العامة في الحجب فان الأم أيضا تحجب الجدة لأب رغم أنها لا تدلي إلى الميت عن طريقها
اشعر أن السر في الآية هو بسبب هذه الأم وان الإخوة لام عندما اخذوا حصتهم في الميراث بالفرض سدسا أو ثلثا إنما كان ذلك لأجل الأم وكرامة لها فالإخوة لأم يرثون مثل نصيبها في حالة وجودها وفي حالة عدم وجودها ويمكن لنا أن نتصور الحالة الاجتماعية التي أخرجت بما سمي المسالة الحجرية او المشتركة , وهي إعطاء الإخوة لام من الميراث وحرمان الأشقاء إلا اذا ألغينا اعتبار الأب وجعلناهم جميعا إخوة لام يرثون ميراث الإخوة لام وذلك في وجود الأم, لنتصور أن امرأة معها أولاد من زوج سابق انتهت علاقته بها بالوفاة أو الطلاق تريد الارتباط بزوج جديد ويؤرقها هؤلاء الأولاد الذين حرموا من العيش في رعاية أبيهم فيكونون شغلها الشاغل وكثير من الأمهات في هذه الحالة يعكفن على تربية أولادهن ويرفضون الزواج خوفا على هؤلاء الأولاد من العيش مع رجل أجنبي عنهم لا يدرين ما يفعل بأولادهن فأكثر ما يقلق المراة تعامل الزوج الجديد مع أولادها فضلا عن توزع مشاعرها بين زوجها وأولادها كما انه ليس من السهل على هؤلاء الأولاد ان يروا رجلا غير أبيهم في حياتهم يقوم مقام أبيهم وربما يمتد هذا الحاجز النفسي بعد ذلك إلى أولاد هذا الزوج الجديد من أمهم وفي الغالب ما يكون أبناء الزوج الجديد عصبة مع بعضهم البعض فهم أشقاء وينتمون الى عائلة غير عائلة أولاد أمهم كما يشعرون باستعلاء على إخوتهم بسبب أبيهم الذي يعيش معهم مما يجعل أبناء الأم من الزوج السابق يعيشون عزلة نفسية أيا كان حجمها مع إخوتهم الجدد فانظر كيف فعلت هذه الآية لعلاج هذه المشكلة النفسية والاجتماعية فقد واجهت هذه المشاعر المضطربة من الجميع بان فرض الله للإخوة من الأم من أخيهم نصيبا مفروضا والذي كان يعتبرهم خارج دائرة العائلة فرض الله لهم نصيبا محددا يأخذوه حتى لو لم يتبقي لإخوته الأشقاء شيء وان الأب الذين كانوا يستعلون به على إخوتهم لام أصبح سببا في حرمانهم من الميراث إذ أصبح إخوة الميت لامه أحسن حالا منهم مما دعاهم ان يفرضوا لو كان حجرا القي في اليم فالأفضل لهم أن يعتبر الجميع أبناء أم ويرثون ميراث الإخوة لام ,سبحان الله كم كانت هذه الآية قوية وهي تغوص في مشاعر الأم ومشاعر الإخوة الأشقاء ومشاعر الإخوة لام لتخرج ما خبث منها ويبقي الطيب منها ان الأساس هو ارتباطهم بالأم فهي التي تجمعهم وهي الأساس في فرض نصيبهم تبدد هذه الآية خوف الأم على أولادها من فكرة الزواج الجديد إذ تكفل لهم في الحياة الجديدة قرارا مكينا لتقول لها إنهم سيكون لهم الأولوية في الميراث من إخوتهم الذين سيأتون من الزواج الجديد بل سيكون نصيبهم مقدم على ميراثهم من بعضهم البعض وحتى على الاجتهاد الذي انتهي إليه عمر رضي الله عنه علي الإخوة الأشقاء أنفسهم أن يلغوا قرابة الأب الذي كانت الأم تخاف منه علي أولادها بل سيقول الأشقاء هب أن أبانا كان حجرا القي في اليم أو كان حمارا لا قيمة له هذا الأب الذي ربما تعالوا به على أولاد الأم الآن يقولون نريد أن نلغي اعتبار قرابته فنحن جميعا أبناء أم واحدة نرث ما فرضه الله لنا كإخوة لام لقد قاربت الآية الكريمة بشكل عجيب بين أبناء الأم الواحدة وإن تعددت آباؤهم وكان هذا ربطا لقلب الأم وسكون لمشاعر القلق, خاصة أن المسالة بهذا الشكل شرطها أن تكون الأم على قيد الحياة واطهر لقلب الإخوة جميعا واصفي لنفوسهم دون النظر لآبائهم ليس في حال تقسيم التركة بل من ساعة أن قررت أمهم الزواج برجل غير أبيهم أن الآية تصنع صورة اجتماعية راقية من وسط ركام من المشاعر المتناقضة وتغوص في أغوار نفوس جميع الأطراف فتحولها إلى نفوس سوية و مستقرة وآمنة في مواجهة اضطرابات اجتماعية كادت أن تعصف بها سبحانك ربي ما أعظمك وما أحكمك لا يعلم ما في هذه النفوس إلا أنت فوضعت لها هذا التشريع المحكم والله لو لم تكن إلا هذه الآية لكانت كافية أن نؤمن أن هذا القران لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد اللهم ارزقنا علم القران
هذه الآية هي جزء من الآية رقم( 12) من سورة النساء وهي احدي ثلاث آيات جمعت أحكام المواريث وليس المجال هنا للحديث عن أحكام المواريث فان ذلك يحتاج إلى موضع آخر لكن سنتعرض بالقدر الضروري لها حتى نفهم الآية ويسهل النفاذ إلى ما بها من بعض اللطائف والإشارات
هذه الآيات تتناول ببساطة ميراث الإخوة لأم فقوله تعالي وله أخ أو أخت المقصود به أخ أو أخت من الأم هكذا الاتفاق بين جميع العلماء وقد كان سعد بن أبي وقاص يقرأ وله أخ أو أخت من أم الخلاصة انه لا خلاف في أن المقصود من الأخ والأخت في الآية هم الإخوة لام .
ومعنى الآية انه في حالة الكلالة يرث الأخ آو الأخت من الأم السدس فرضا فإن كانوا أكثر من واحد اخذوا الثلث بالسوية بينهم الذكر مثل الأنثى وهو مقتضي قوله تعالي شركاء في الثلث وهذه من الحالات التي يتساوي فيها النساء مع الرجال في الميراث لكن لم يفهمها الذين يخوضون في آيات الله بغير علم ويتحدثون عن مساواة المرأة بالرجل في الميراث المهم هذا ليس موضوعنا وموضوعنا هو التأمل في نظم الآية وما به من لطائف فنعود إلى الآية .
فعندما نزلت هذه الاية شغلت كبار الصحابة وشغل بها عمر رضي الله عنه كثيرا وكان يقول ما راجعت رسول الله في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بأصبعه في صدري وقال: يا عمر ألا يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء ؟وفي رواية أخري : ما سألت رسول الله عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة وروى ابن جرير : عن سعيد بن المسيب قال : سأل عمر بن الخطاب النبي عن الكلالة ، فقال : " أليس قد بين الله ذلك ؟ " فنزلت : " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة .. الآية" وهذه الآية وان شغلت عمر رضي الله عنه في معني الكلالة إلا أنها شغلته في التطبيق العملي أيضا وما نتج عنها من وضع يبدو في ظاهره عدم العدل وكانت الواقعة بعد ذلك عندما عرضت على القاضي أمر امرأة توفيت وتركت زوجا وأما وإخوة لام وإخوة أشقاء فعلي نص الآية حكم القاضي بأن أخذت الأم السدس لوجود عدد من الإخوة واخذ الزوج النصف لعدم وجود فرع وارث واخذ الإخوة لام الثلث والمفروض أن يأخذ الإخوة الأشقاء الباقي تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين وفي هذا المسالة لم يبقي شيء للإخوة الأشقاء إذ أن النصف والسدس والثلث استغرقوا التركة كلها فجاء الإخوة الأشقاء عمرا يشكون ويبكون يقولون هب أن أبانا حجر ألقى في اليم، هب أنه حمار ما زادنا الأب إلا قرباً، أي: إذا لم ينفع فلا يضر، أي نحرم لأننا أشقاء من الأم والأب للميت السنا أبناء ام واحدة ؟!! فأنت إذا لم تورثنا من جهة الأب فأمنا واحدة، كيف تورث إخوتنا الذين يدلون إلى أختنا بأمنا ولا نرث نحن وأمنا واحدة؟ فتأمل عمر رضي الله عنه هذه المسألة وقال: أصبتم، وغير القضاء، والغي قرابة الأب واعتبرهم جميعا إخوة لام يرثون ميراث الإخوة لام وهو الثلث بالسوية بينهم ، يرث الآن جميع الإخوة على أنهم إخوة لأم، وعدم اعتبار قرابة الأب واعتبرناه غير موجود كما طلبوا هم وسميت هذه المسالة بالمشتركة لان الإخوة الأشقاء شاركوا الإخوة لام في الثلث كما سميت بالحجرية لقولهم هب أن أبانا كان حجرا القي في اليم وسميت الحمارية لقولهم هب أن أبانا كان حمارا وسميت أيضا اليمية , وقد سار الجمهور على هذا الحل والآن ونحن نتأمل في الآية نسال لما جاءت الآية بهذا الشكل وهذا النظم الذي أنتج هذه المشكلة الغريبة يرث الإخوة لام ولا يرث الإخوة الأشقاء ؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال لنتأمل وضع الإخوة لام في الآية فربما يفيدنا في الإجابة على هذا السؤال لنلاحظ الأتي :-
أولا :-جاء ميراثهم مع ميراث الزوجين في أية واحدة ولم يأتي مع ميراث الإخوة الأشقاء أو لأب الوارد في آخر سورة النساء فلماذا لم يأتي ميراث الإخوة جميعا في آية واحدة ؟
ثانيا :- نصيب الإخوة لام مثل نصيب الأم تماما فالأم تأخذ إما السدس وإما الثلث فتأخذ الثلث في حالة عدم وجود فرع وارث أو عدد من الإخوة وتأخذ السدس إذا فقدت هذين الشرطين والإخوة لام يأخذون أيضا إما السدس وإما الثلث فلهم السدس إن كانوا واحدا أو واحدة ويأخذون الثلث إذا كانوا أكثر من واحد
ثالثا :- حالة الإخوة لام هي الحالة الوحيدة المستثناه من قاعدة الحجب فالمعروف في الحجب ان كل من أدلى للميت بواسطة حجبته تلك الواسطة ، مثل ابن الابن مدل بالابن ، فإذا اجتمع معه في مسألة حجبه الابن من الميراث .الجد مدل بالأب ، فإذا اجتمع معه في مسألة حجبه الأب من الميراث .إلا في حالة الإخوة لام فإنهم رغم أنهم يدلون للميت عن طريق الأم إلا أنهم يرثون مع وجود الأم فهذه ثلاث ملاحظات فما السر في ذلك ؟ وهل هذه الملاحظات لها دخل في وجود حالة أن الإخوة لام يرثون ولا يرث الإخوة الأشقاء رغم أنهم أبناء أم واحد إلا إذا ألغينا قرابة الأب تماما واعتبرناهم جميعا إخوة لام كما فعل عمر رضي الله عنه ؟ سنلاحظ أن للام حالة فريدة في الميراث بشان قاعدة الحجب فإذ كان الإخوة لام يرثون مع وجود الأم رغم أنهم يدلون بها خلافا للقاعدة العامة في الحجب فان الأم أيضا تحجب الجدة لأب رغم أنها لا تدلي إلى الميت عن طريقها
اشعر أن السر في الآية هو بسبب هذه الأم وان الإخوة لام عندما اخذوا حصتهم في الميراث بالفرض سدسا أو ثلثا إنما كان ذلك لأجل الأم وكرامة لها فالإخوة لأم يرثون مثل نصيبها في حالة وجودها وفي حالة عدم وجودها ويمكن لنا أن نتصور الحالة الاجتماعية التي أخرجت بما سمي المسالة الحجرية او المشتركة , وهي إعطاء الإخوة لام من الميراث وحرمان الأشقاء إلا اذا ألغينا اعتبار الأب وجعلناهم جميعا إخوة لام يرثون ميراث الإخوة لام وذلك في وجود الأم, لنتصور أن امرأة معها أولاد من زوج سابق انتهت علاقته بها بالوفاة أو الطلاق تريد الارتباط بزوج جديد ويؤرقها هؤلاء الأولاد الذين حرموا من العيش في رعاية أبيهم فيكونون شغلها الشاغل وكثير من الأمهات في هذه الحالة يعكفن على تربية أولادهن ويرفضون الزواج خوفا على هؤلاء الأولاد من العيش مع رجل أجنبي عنهم لا يدرين ما يفعل بأولادهن فأكثر ما يقلق المراة تعامل الزوج الجديد مع أولادها فضلا عن توزع مشاعرها بين زوجها وأولادها كما انه ليس من السهل على هؤلاء الأولاد ان يروا رجلا غير أبيهم في حياتهم يقوم مقام أبيهم وربما يمتد هذا الحاجز النفسي بعد ذلك إلى أولاد هذا الزوج الجديد من أمهم وفي الغالب ما يكون أبناء الزوج الجديد عصبة مع بعضهم البعض فهم أشقاء وينتمون الى عائلة غير عائلة أولاد أمهم كما يشعرون باستعلاء على إخوتهم بسبب أبيهم الذي يعيش معهم مما يجعل أبناء الأم من الزوج السابق يعيشون عزلة نفسية أيا كان حجمها مع إخوتهم الجدد فانظر كيف فعلت هذه الآية لعلاج هذه المشكلة النفسية والاجتماعية فقد واجهت هذه المشاعر المضطربة من الجميع بان فرض الله للإخوة من الأم من أخيهم نصيبا مفروضا والذي كان يعتبرهم خارج دائرة العائلة فرض الله لهم نصيبا محددا يأخذوه حتى لو لم يتبقي لإخوته الأشقاء شيء وان الأب الذين كانوا يستعلون به على إخوتهم لام أصبح سببا في حرمانهم من الميراث إذ أصبح إخوة الميت لامه أحسن حالا منهم مما دعاهم ان يفرضوا لو كان حجرا القي في اليم فالأفضل لهم أن يعتبر الجميع أبناء أم ويرثون ميراث الإخوة لام ,سبحان الله كم كانت هذه الآية قوية وهي تغوص في مشاعر الأم ومشاعر الإخوة الأشقاء ومشاعر الإخوة لام لتخرج ما خبث منها ويبقي الطيب منها ان الأساس هو ارتباطهم بالأم فهي التي تجمعهم وهي الأساس في فرض نصيبهم تبدد هذه الآية خوف الأم على أولادها من فكرة الزواج الجديد إذ تكفل لهم في الحياة الجديدة قرارا مكينا لتقول لها إنهم سيكون لهم الأولوية في الميراث من إخوتهم الذين سيأتون من الزواج الجديد بل سيكون نصيبهم مقدم على ميراثهم من بعضهم البعض وحتى على الاجتهاد الذي انتهي إليه عمر رضي الله عنه علي الإخوة الأشقاء أنفسهم أن يلغوا قرابة الأب الذي كانت الأم تخاف منه علي أولادها بل سيقول الأشقاء هب أن أبانا كان حجرا القي في اليم أو كان حمارا لا قيمة له هذا الأب الذي ربما تعالوا به على أولاد الأم الآن يقولون نريد أن نلغي اعتبار قرابته فنحن جميعا أبناء أم واحدة نرث ما فرضه الله لنا كإخوة لام لقد قاربت الآية الكريمة بشكل عجيب بين أبناء الأم الواحدة وإن تعددت آباؤهم وكان هذا ربطا لقلب الأم وسكون لمشاعر القلق, خاصة أن المسالة بهذا الشكل شرطها أن تكون الأم على قيد الحياة واطهر لقلب الإخوة جميعا واصفي لنفوسهم دون النظر لآبائهم ليس في حال تقسيم التركة بل من ساعة أن قررت أمهم الزواج برجل غير أبيهم أن الآية تصنع صورة اجتماعية راقية من وسط ركام من المشاعر المتناقضة وتغوص في أغوار نفوس جميع الأطراف فتحولها إلى نفوس سوية و مستقرة وآمنة في مواجهة اضطرابات اجتماعية كادت أن تعصف بها سبحانك ربي ما أعظمك وما أحكمك لا يعلم ما في هذه النفوس إلا أنت فوضعت لها هذا التشريع المحكم والله لو لم تكن إلا هذه الآية لكانت كافية أن نؤمن أن هذا القران لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد اللهم ارزقنا علم القران