تأملات في آية الكرسي

إنضم
17/02/2013
المشاركات
5
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
حفرالباطن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين , نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين ... وبعد :
فكما هو معلوم أن شرف العلم بشرف المعلوم , وإن من أشرف العلوم , كلام الله , بتلاوته وتدبره وفهم معانيه والعمل به , وكلما تعلّقت معاني الآية بالحديث عن الله عز وجل كانت أشرف وأعلى منزلة , وإن من أعظم الآيات التي تناولت جناب التوحيد آية الكرسي , ولذلك استحقت أن تكون سيدة آي القرآن , وأن تُتلى بعد كل صلاة , وقبل النوم , وفي الصباح وفي المساء , وإذا كانت البقرة سنام القرآن فآية الكرسي سنام البقرة, ولتوضيح سبب استحقاق هذه الآية لهذه المنزلة, لا بد أن نتأملها ونعرف معناها , أسأل الله التوفيق والإعانة والسداد
( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) البقرة(255)

تأملات في آية الكرسي :
( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ....)
1- هذه الآية موضوعها هو (الله) جل وعلا , فهي بمثابة النبذة التعريفية عنه سبحانه كما سيأتي.
2- هذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة ظاهراً مرتبطة المعاني باطناً.
3- بدأ باسمه سبحانه من دون سائر الأسماء الحسنى لأن هذا الإسم ( الله ) لا يشاركه فيه معه أحد سواه .
4- ثم بعد هذا الإسم جاءت كلمة التوحيد التي تفسر معنى( الله ) وهو الإله الذي لا معبود بحق إلا هو..
5- ثم بعد نفي جميع الآلة بيّن ما يختص به سبحانه عن سائر المعبودات من قوة وقدرة وملك ووجاهة وعلم فبدأ بالقوة والقدرة ( الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) ثم الممتلكات ( له ما في السماوات وما في الأرض ) ثم الجاه ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) ثم العلم ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) ثم المشيئة ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) ثم الذات ( وسع كرسيه السماوات والأرض) ثم القدرة مع العلو والعظمه ( ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ).
6- ( الحي ) وهذا أول ما يتبادر بذهن العبد تجاه معبوده هل هو حي أو لا ؟. وبدأ بها لأنها من أعظم الفروق بينه وبين كل معبود من دونه سبحانه فحياته أزلية أبدية , فهو متصف بجميع معاني الحياة الكاملة على وجهٍ يليق به سبحانه.
7- ولأن بعض الأحياء يحتاج من يقوم به ويساعده فأتبعه بصفة ( القيوم )، قائمٌ بنفسه وقائم بشؤون عباده ، ولا قِوام للموجودات بدون أمره , فهو(قائم على كل نفسٍ بما كسبت).
وهاتان الصفتان(الحي القيوم) تدلان على جميع الصفات لله تعالى دلالة تضمين ولزوم.
أي : من لولزم الحي أن يكون سميعاً بصيراً متكلماً...إلخ.
ومن لوازم القيوم أن يكون عليماً حكيماً على كل شيء قدير سبحانه ... إلخ.
8- ولأن القائم على شيء ما قد يكِلّ أو يملَّ أو يغفل ، اتبعها بقوله ( لا تأخذه سنه ) وهي الغفلة أو النعاس ، فمن كمال قيوميته أنه لا تأخذه السنة ولا النوم, وجاء في الحديث الصحيح: (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه،
يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار
حجابه النور لو كشفه لاحترقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) رواه مسلم.
9- ولئلا يُظن أن عدم السِنه سببه نوم سابق ، جاء بنفي بنفي ذلك بقوله ( ولا نوم ).
10- ثم يتشوق السامع إلى معرفة ما الذي يملكه هذا الحي القيوم الذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم ، فقال تعالى ( له ما في السماوات وما في الإرض ) وبدأ بالسموات لأنها في جهة العلو الدالة عليه فهو سبحانه العلى الأعلى.
11- وخص سبحانه السماوات والأرض بالذكر مع كونه يملك ما هو أكبر منهما , لكون العبد يعيش بينهما فالأرض تُقلّه والسماء تُظله.
12- ويكتمل هذا الملك إذا كان له جاه فقال ( مَن ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) ومن المعروف أن صاحب المنزلة والوجاهة جديرٌ بالشفاعة ، وزيادة على ذلك لا بدّ من أن يأذن سبحانه للشافع, فلا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده إلا بإذنه.
13- ثم يكتمل هذا المُلك والجاه مع العلم التام , حيث إن كل ملك من ملوك الأرض لابد أن يعلم عن كل ما يدور في مملكته, والله له المثل الأعلى فيعلم مستقبلهم وحاضرهم وماضيهم وإنسهم وجنهم( ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتابٍ مبين).
14-ثم إن هذا العلم لا يطّلع أحد شيء منه وجاءت (شيء) نكرة في سياق النفي , فحتى الشيء البسيط من العلم لا يطلعون عليه إلا بمشيئته ، ( ولا يحيطون بشيءٍ من عِلمه إلا بما شاء ).
15- بعد هذا كله يتساءل السامع عن صفة هذا الحي القيوم ، فجاءت العبارة القرآنية ببلاغة جميلة, حيث جاءت صفة مخلوق يتعلّق بجزءٍ من ذاته سبحانه وهو الكرسي موضع قدمي الرب جل وعلا ، فهذا الكرسي يسع السماوات والأرض بل إن السماوات والأرض في الكرسي كحلقةٍ أُلقيت في فلاةٍ كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
16- ومع صغر حجم السماوات والأرض بالنسبة لكرسي الرب سبحانه ، لا يعجزه ولا يثقله حفظهما(ولا يؤوده حفظهما).
17- وخُتمت الآية بقوله(وهو العلي العظيم) إشارة إلى أنه مع كونه يحفظ السماوات والأرض إلا أنه عالٍ بعظمته, مستوٍ على عرشه سبحانه وتعالى.[/COLOR]
وصلى الله على نبينا محمد .
أخوكم/ بسام العنزي
تويتر : @bassamalenzi
 
عودة
أعلى