محمد إبراهيم العبادي
New member
- إنضم
- 23/10/2007
- المشاركات
- 49
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد .
لا شك أن تدبر القراّن من أعظم القربات إلى الله عز وجل ، ومن أثمن ما تنفق فيه الأوقات ، وتفنى فيه الأعمار ، ومن إعجاز القراّن العظيم أنه لا تفنى عجائبه فكلما قرأته لاحت لك معانٍ جديدة ، وكأنك تقرأ لأول مرة ! و لا عجب أن يكون كلام الله عز وجل كذلك .
وهذه بعض الخواطر التي لاحت لي أثناء قراءتي لسورة طه - وهي من أكثر السور التي أحببتُها منذ صغري - أردتُ أن أضعها بين يديكم ؛ لعلها تكون فيها فائدة ينتفع بها ، أو خطأ فأنبه عليه شاكرا من نبهني ، مع التذكير أن معظم ما أذكره - إن لم يكن كله - قد أخذته عن علمائنا إما من قدماء المفسرين ، أو من المشايخ الذين أتعلم منهم التفسير كالدكتور محمد إسماعيل المقدم حفظه الله والأستاذ الدكتور عبد البديع أبي هاشم حفظه الله وغيرهما .
وقد وضعت هذه التأملات على هيئة عناصر موضوعية أذكر تحتها الاّيات الكريمة التي وردت في هذا العنصر من هذه السورة المباركة ، فالله الموفق .
1 - الجزاء من جنس العمل :
أ -" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ( 97 )"
فكما أن السامري مس ما لا يحل له من أثر الرسول جبريل عليه السلام عوقب بأنه لا يَمس أحدا و لا يمسه أحد .
ب - "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) "
فكما أنه تعامى عن اّيات الله في الدنيا حشر يوم القيامة أعمى ، وكما أنه ترك اّياتِ الله عز وجل في الدنيا سيترك في النار يوم القيامة .
ج - " قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) "
فكما أنهم أعرضوا عن ذكر الله عز وجل ، أعرض الله عن توجيه الكلام لهم مباشرة ، بل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ذلك .
2 - من مظاهر حب موسى عليه السلام لربه :
أ -" قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) "
والشاهد منه أنه كان يكفيه أن يقول ( هي عصاي ) ولكن أراد الإطناب في الكلام ؛ حبا لربه وأنسا بحديثه .
ب - " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) "
فلم يتحمل موسى عليه السلام أن ينتظر قومه ، بل سارع إلى ميعاد ربه ؛ شوقا إليه ، وطمعا في رضاه ، وترك أخاه هارون عليه السلام مع بني إسرائل ، وطلب منهم أن يلحقوا به .
ج - "فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86 ) "
فلا شك أن الغضب عند انتهاك حرمات الله من علامات حب الله عز وجل .
3 - دعوة المرسلين دعوة واضحة لا خفاء فيها :
* " قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) "
فاختياره موعدا يجتمع فيه الناس ، بل وفي وقت الضحى - فلم يختره ليلا - دليل على وضوح دعوة المرسلين ، وقد أُمرنا بالاقتداء بهم .
4 - الأم أرحم من الأب غالبا :
"قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) "
رغم أن موسى عليه السلام شقيق هارون عليه السلام إلا أنه ناداه بأمه ، لما في الأمومة من رأفة ورحمة ، وكأنها يقول له لقد كنا في رحِم واحد فلتكن بيننا رحمة .
5 - الرجل هو القائم على أهله :
أ - "إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) "
فموسى عليه السلام طلب من زوجه البقاء في مكانها ، وهو الذي يذهب للبحث عن النار ؛ حتى يحصلوا على الدفء وعلى الإضاءة .
ب - " فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) "
فلم يقل ( فتشقيا ) لأن الرجل هو الذي يسعى على أهله .
6 - الكفر سبب الفرقة والإيمان سبب للوَحدة :
فالسحرة عندما كانوا كفرة قال الله عز وجل عنهم : " فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) "
أما بعد إسلامهم فاجتمعت كلمتهم .
7 - الأخذ بالأسباب منهج الإسلام :
* "وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) "
فالإسراء هو السير ليلا ، وقد كان الله قادرا أن يأمرهم بالغدو من الصباح ، ولكن حتى يعلمنا الأخذ بالأسباب .
8 - الداعي حريص على هداية الناس :
أ - " فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) "
فموسى وهارون عليهما السلام أرادا لفرعون التذكرة والخشية .
ب - " قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) "
رغم أن الموقف ينبىء عن صعوبة تقبل السحرة لدعوة موسى ، إلا أنه عليه السلام دعاهم إلى الله عز وجل ، في الوقت الذي يقفون خصوما له ، ولقد كانت لدعوته صدى " فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) " ولكن لم يسلموا ، حتى إذا ما رأوا الاّيات الباهرات أسلموا لله رب العالمين .
ج - " فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) "
فلقد كان سبب خوف موسى عليه السلام هو خوفه أن يغتر الناس بسحر السحرة ، فينصدوا عن الإيمان بالله عز وجل .
9 - الداعي يقطع أي احتمال خطأ يمكن أن يدور على ذهن المرء :
* " قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) "
فعندما أخبر موسى عليه السلام فرعون أن كل شيء قد كتبه الله عز وجل في اللوح المحفوظ أخبره أنه لا يغيب عن الله شيء ، و لا ينسى ربنا شيئا عز وجل ، وذلك لأن الهدف الأساسي من كتابة الإنسان هو النسيان ( قيدوا العلم بالكتابة ) فكأن موسى عليه السلام خشي أن يظن فرعون ذلك برب العالمين ، فقطع الشك باليقين .
10 - إذا كنت تناظر أحدا فإياك أن يخرجك عن موضوعك الأصلي :
* "قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) "
فموسى عليه السلام يدعو فرعون إلى التوحيد ، فأخرجه فرعون بسؤال ليس من صلب الموضوع ، فلم يسترسل موسى في الإجابة ، بل اكتفى بأن علم ذلك عند الله .
11 - براعة الاستهلال :
"وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)"
ففي استفتاح قصة موسى عليه السلام بهذا السؤال الذي فيه تشويق وإثارة لذهن السامع براعة استهلال .
12 - حسن التخلص :
" كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)"
فبعد أن انتهت قصة موسى عليه السلام لم يشعر القارىء بنقلة مفاجئة ، بل هناك تدرج في الانتقال وهذا ما يسمى بحسن التخلص ، وعلى إخواننا الخطباء والمتحدثين أن يراعوه ، فبعض الخطباء يقسمون خطبتهم إلى عناصر ، ويكون الانتقال من عنصر إلى اّخر انتقالا مفاجئا متكلفا ، لكن المهارة في الانتقال الحسن الذي يشعر المستمع بترابط أجزاء الخطبة .
13 -الصلاة والدعوة إليها سبب للرزق :
" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) "
14 - الدنيا قصيرة جدا :
" وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)"
فتشبيه الحياة بالزهرة فيه دلالة على قصر الدنيا ، فهي كالزهرة التي تكون خضراء مزهرة ، ثم لا تلبث بعد أن تذبل وتموت .
15 - تكرير الوعيد منهج قراّني :
" وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) "
قال الجلال المحلي رحمه الله في قوله صرفنا :كررنا .
وهذا فيه رد على من ينكر على الدعاة تكريرهم الوعيد والتحذير من عذاب القبر والنار وأهوال القيامة .
16 - نفي المفسدين ومنعهم من نشر فسادهم هو منهج الأنبياء :
" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
فلما كان السامري من المفسدين نفاه موسى عليه السلام ، وعاقبه الله تعالى بأنه لا يمس أحدا و لا يمسه أحد ، وهكذا لا بد أن يكون التعامل مع رءوس الكفر والبدع ، فلا بد أن يحول السلطان بينهم وبين الناس ؛ حتى لا يفتنوا بهم ، وهذا فيه رد على المتشدقين بحرية الفن والإبداع - هكذا دون أي ضوابط ! - .
17 - تحطيم التماثيل منهج الأنبياء :
" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
لم يقل موسى عليه السلام هذه من مظاهر حضارات الأمم !
18 - عداء العلم الشرعي صفة الكافرين :
" مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) "
فالقراّن والعلم سبب للرحمة والنور والهداية فيالدارين ، وليس سببا للشقاوة كما زعم الكافرون ، وهكذا المنافقون في كل عصر تجدهم مبغضين للعلم الشرعي والعلماء .
19 - التعريف بالعدو منهج رباني :
" فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) "
فلا بد أن تعرف أمتنا حقيقة الصهيونية والماسونية والعالمانية والروافض .....إلخ
20 - من أسلحة الباطل في مواجهة الحق :
أ - الترهيب :
" قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) "
وهذا أسلوب الطواغيت في كل عصر ومصر !
ب - الترغيب :
" فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120)"
فقد استخدم إبليس أسلوب الإغراء والشهوات ، كما يصنع أرباب القنوات والمواقع الإباحية وغيرهم ممن يفسدون الأمة بالشهوات .
ج- التضليل والتلبيس :
* "فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) "
* " فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)
وما أشبه اليوم بالبارحة ! ما أكثر الشبهات والتلبيسات والنظريات الكفرية في عصرنا !
21 - أسلحة الحق في مواجهة الباطل :
أ - الدعاء :
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)
ب - ذكر الله عز وجل :
اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
ج - حب الله عز وجل ودينه :
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
وهذا على التفسير بأن ( الذي فطرنا ) معطوفة على ( البينات ) بمعنى لن نفضلك يا فرعون على ديننا وربنا .
وللاّية تفسير اّخر أن الواو هنا واو القسم ، فيكون المعنى ( والي فطرنا لن نفضلك على ديننا ) .
د - تحقير الدنيا :
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)فقد حقر الشهداء البررة ( السحرة سابقا ) من شأن عذاب فرعون عندما علموا أن الدنيا محله .
ه - تذكر الجنة والنار :
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)
على رأي من قال إن هذا من كلام الشهداء البررة .
و - التعرف إلى الله بأسمائه وصفاته :
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
فإذا خفتَ من ظالم فتذكر أن الله يرى كل شيء ويسمعه وهو قادر على كل شيء .
ي - الصبر والصلاة
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
22 - النبوة وهبية وليست كسبية :
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)
23 - سرعة الاستجابة لأمر الله حتى وإن لم ندر العلة من التشريع :قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)
لم يقل موسى ولمَ ألقي عصاي يا رب ومال لحكمة من ذلك ؟؟ بل امتثل أمره بسرعة كما دل حرف الفاء على لك .
24 - لا تنتظر إذنا من أحد لكي تؤدي فرض الله :
قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)
25 - الدعاة هم عباد الله المصطفون :
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
فبعد أن ذكر الله عزوجل لموسى أنه اصطنعه لنفسه أي اصطفاه واجتباه ، عقب ذلك في الاّية التي تليها ، بالتكليف بالدعوة إلى الله عز وجل ، وكأنها إشارة إلى التلازم بين الدعوة والاصطفاء والله أعلم .
26 - التعاون على طاعة الله من أهم سمات الأخوة في الله :
وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34)
27 - العقائد وأصول العبادات ثابتة في جميع الشرائع :
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)
فهاهي شرعة موسى عليه السلام بها توحيد الله والأمر بعبادته وإقام الصلاة والإيمان باليوم الاّخر .
28 - تبرئة هارون عليه السلام من ترك إنكار المنكر كما يزعم البعض:
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)
29 - الحرص على حقوق الإنسان الشرعية من سمات دعوة الأنبياء :
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)
فعلى الدعاة أيضا أن يضعوا نصب أعينهم حقوق الإنسان الشرعية ، وأن يقفوا أمام أي اعتداء عليها .
30 - أنت المستفيد بالعبادة يا ابن اّدم وليس ربك :
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
فأنت الذي سترضى ، إذا سرت على شرع الله .
31 - الحياة الذليلة لا تسمى حياة ً
( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) )
فحياة الكافر في جهنم لا تستحق أن تسمى حياة !
32 - الأنبياء لا يعلمون الغيب
(وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) )
ظن موسى عليه السلام أن قومه على أثره قادمون ، ولم يدر أنهم قد فتنوا من بعده وعبدوا العجل .
33 - العبادة بالخوف والرجاء والحب
(قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) )
ففي قولهم ( لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ) عبادة له بالحب على تفسير الواو بأنها عاطفة وليست واو القسم .
وفي قولهم ( والله خير ) عبادة بالرجاء إذ المعنى خير منك ثوابا فطمعوا في ثواب الله .
وفي قولهم ( وأبقى ) عبادة بالخوف إذ المعنى والله أبقى منك عذابا ، فخافوا من عذاب الله عز وجل .
وهكذا حال المؤمن لا بد أن يجمع في عبادته لله عز وجل بين الحب والرجاء والخوف .
34 - أهم حاجات النفس البشرية :
أ - الأمن من كل ما يخيفها .
ب - نيل ما يحتاجه الجسد .
ج - نيل ما تحتاجه الروح .
( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيْمَنَ وَنزلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) )
فقد أمنهم من فرعون وجنوده ، ورزقهم المن والسلوي - حاجات الجسد - ، وأعطاهم التوراة - حاجات الروح - .
35 - من فطنة هارون عليه السلام:
( وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) )
من فطنته سلام الله عليه اختيار اسم الله الرحمن ؛ حتى يغلق أمامهم أبواب القنوط من رحمة الله .
36 - خوارق العادات ليست دليلا على الولاية دائما :
( قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) )
37 - التوبة اجتباء من الله عز وجل :
( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) )
38 - نشر الشائعات حول الدعاة منهج قديم
( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) )
وما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ، فتارة يتهم الدعاة بالتطرف والرجعية ، وتارة بالإرهاب واستخدام العنف ، وتارة بمحاولة قلب نظام الحكم ، وتارة بالتعاون مع الأجنبي وأخذ الدعم منه !
39 - إذا لم تجد إلا رزقا حراما فاعلم أنك عن ذكر الله معرض !
( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) )
فسر الضحاك وعكرمة ومالك بن دينار المعيشة الضنك بالرزق الخبيث ، أما المؤمنون فلهم الرزق الطيب كما قال تعالى في سورة النحل : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) )
فسر ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة الحياة الطيبة بالرزق الحلال الطيب .
40 - زيارة المقابر وديار الفانين ترقق القلوب :
( أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأولِي النُّهَى (128) )
فالعاقل يتعظ بأنه يمشي في مساكن قوم رحلوا عن هذه الحياة .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين .
لا شك أن تدبر القراّن من أعظم القربات إلى الله عز وجل ، ومن أثمن ما تنفق فيه الأوقات ، وتفنى فيه الأعمار ، ومن إعجاز القراّن العظيم أنه لا تفنى عجائبه فكلما قرأته لاحت لك معانٍ جديدة ، وكأنك تقرأ لأول مرة ! و لا عجب أن يكون كلام الله عز وجل كذلك .
وهذه بعض الخواطر التي لاحت لي أثناء قراءتي لسورة طه - وهي من أكثر السور التي أحببتُها منذ صغري - أردتُ أن أضعها بين يديكم ؛ لعلها تكون فيها فائدة ينتفع بها ، أو خطأ فأنبه عليه شاكرا من نبهني ، مع التذكير أن معظم ما أذكره - إن لم يكن كله - قد أخذته عن علمائنا إما من قدماء المفسرين ، أو من المشايخ الذين أتعلم منهم التفسير كالدكتور محمد إسماعيل المقدم حفظه الله والأستاذ الدكتور عبد البديع أبي هاشم حفظه الله وغيرهما .
وقد وضعت هذه التأملات على هيئة عناصر موضوعية أذكر تحتها الاّيات الكريمة التي وردت في هذا العنصر من هذه السورة المباركة ، فالله الموفق .
1 - الجزاء من جنس العمل :
أ -" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ( 97 )"
فكما أن السامري مس ما لا يحل له من أثر الرسول جبريل عليه السلام عوقب بأنه لا يَمس أحدا و لا يمسه أحد .
ب - "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) "
فكما أنه تعامى عن اّيات الله في الدنيا حشر يوم القيامة أعمى ، وكما أنه ترك اّياتِ الله عز وجل في الدنيا سيترك في النار يوم القيامة .
ج - " قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) "
فكما أنهم أعرضوا عن ذكر الله عز وجل ، أعرض الله عن توجيه الكلام لهم مباشرة ، بل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ذلك .
2 - من مظاهر حب موسى عليه السلام لربه :
أ -" قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) "
والشاهد منه أنه كان يكفيه أن يقول ( هي عصاي ) ولكن أراد الإطناب في الكلام ؛ حبا لربه وأنسا بحديثه .
ب - " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) "
فلم يتحمل موسى عليه السلام أن ينتظر قومه ، بل سارع إلى ميعاد ربه ؛ شوقا إليه ، وطمعا في رضاه ، وترك أخاه هارون عليه السلام مع بني إسرائل ، وطلب منهم أن يلحقوا به .
ج - "فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86 ) "
فلا شك أن الغضب عند انتهاك حرمات الله من علامات حب الله عز وجل .
3 - دعوة المرسلين دعوة واضحة لا خفاء فيها :
* " قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) "
فاختياره موعدا يجتمع فيه الناس ، بل وفي وقت الضحى - فلم يختره ليلا - دليل على وضوح دعوة المرسلين ، وقد أُمرنا بالاقتداء بهم .
4 - الأم أرحم من الأب غالبا :
"قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) "
رغم أن موسى عليه السلام شقيق هارون عليه السلام إلا أنه ناداه بأمه ، لما في الأمومة من رأفة ورحمة ، وكأنها يقول له لقد كنا في رحِم واحد فلتكن بيننا رحمة .
5 - الرجل هو القائم على أهله :
أ - "إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) "
فموسى عليه السلام طلب من زوجه البقاء في مكانها ، وهو الذي يذهب للبحث عن النار ؛ حتى يحصلوا على الدفء وعلى الإضاءة .
ب - " فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) "
فلم يقل ( فتشقيا ) لأن الرجل هو الذي يسعى على أهله .
6 - الكفر سبب الفرقة والإيمان سبب للوَحدة :
فالسحرة عندما كانوا كفرة قال الله عز وجل عنهم : " فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) "
أما بعد إسلامهم فاجتمعت كلمتهم .
7 - الأخذ بالأسباب منهج الإسلام :
* "وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) "
فالإسراء هو السير ليلا ، وقد كان الله قادرا أن يأمرهم بالغدو من الصباح ، ولكن حتى يعلمنا الأخذ بالأسباب .
8 - الداعي حريص على هداية الناس :
أ - " فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) "
فموسى وهارون عليهما السلام أرادا لفرعون التذكرة والخشية .
ب - " قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) "
رغم أن الموقف ينبىء عن صعوبة تقبل السحرة لدعوة موسى ، إلا أنه عليه السلام دعاهم إلى الله عز وجل ، في الوقت الذي يقفون خصوما له ، ولقد كانت لدعوته صدى " فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) " ولكن لم يسلموا ، حتى إذا ما رأوا الاّيات الباهرات أسلموا لله رب العالمين .
ج - " فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) "
فلقد كان سبب خوف موسى عليه السلام هو خوفه أن يغتر الناس بسحر السحرة ، فينصدوا عن الإيمان بالله عز وجل .
9 - الداعي يقطع أي احتمال خطأ يمكن أن يدور على ذهن المرء :
* " قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) "
فعندما أخبر موسى عليه السلام فرعون أن كل شيء قد كتبه الله عز وجل في اللوح المحفوظ أخبره أنه لا يغيب عن الله شيء ، و لا ينسى ربنا شيئا عز وجل ، وذلك لأن الهدف الأساسي من كتابة الإنسان هو النسيان ( قيدوا العلم بالكتابة ) فكأن موسى عليه السلام خشي أن يظن فرعون ذلك برب العالمين ، فقطع الشك باليقين .
10 - إذا كنت تناظر أحدا فإياك أن يخرجك عن موضوعك الأصلي :
* "قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) "
فموسى عليه السلام يدعو فرعون إلى التوحيد ، فأخرجه فرعون بسؤال ليس من صلب الموضوع ، فلم يسترسل موسى في الإجابة ، بل اكتفى بأن علم ذلك عند الله .
11 - براعة الاستهلال :
"وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)"
ففي استفتاح قصة موسى عليه السلام بهذا السؤال الذي فيه تشويق وإثارة لذهن السامع براعة استهلال .
12 - حسن التخلص :
" كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)"
فبعد أن انتهت قصة موسى عليه السلام لم يشعر القارىء بنقلة مفاجئة ، بل هناك تدرج في الانتقال وهذا ما يسمى بحسن التخلص ، وعلى إخواننا الخطباء والمتحدثين أن يراعوه ، فبعض الخطباء يقسمون خطبتهم إلى عناصر ، ويكون الانتقال من عنصر إلى اّخر انتقالا مفاجئا متكلفا ، لكن المهارة في الانتقال الحسن الذي يشعر المستمع بترابط أجزاء الخطبة .
13 -الصلاة والدعوة إليها سبب للرزق :
" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) "
14 - الدنيا قصيرة جدا :
" وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)"
فتشبيه الحياة بالزهرة فيه دلالة على قصر الدنيا ، فهي كالزهرة التي تكون خضراء مزهرة ، ثم لا تلبث بعد أن تذبل وتموت .
15 - تكرير الوعيد منهج قراّني :
" وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) "
قال الجلال المحلي رحمه الله في قوله صرفنا :كررنا .
وهذا فيه رد على من ينكر على الدعاة تكريرهم الوعيد والتحذير من عذاب القبر والنار وأهوال القيامة .
16 - نفي المفسدين ومنعهم من نشر فسادهم هو منهج الأنبياء :
" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
فلما كان السامري من المفسدين نفاه موسى عليه السلام ، وعاقبه الله تعالى بأنه لا يمس أحدا و لا يمسه أحد ، وهكذا لا بد أن يكون التعامل مع رءوس الكفر والبدع ، فلا بد أن يحول السلطان بينهم وبين الناس ؛ حتى لا يفتنوا بهم ، وهذا فيه رد على المتشدقين بحرية الفن والإبداع - هكذا دون أي ضوابط ! - .
17 - تحطيم التماثيل منهج الأنبياء :
" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
لم يقل موسى عليه السلام هذه من مظاهر حضارات الأمم !
18 - عداء العلم الشرعي صفة الكافرين :
" مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) "
فالقراّن والعلم سبب للرحمة والنور والهداية فيالدارين ، وليس سببا للشقاوة كما زعم الكافرون ، وهكذا المنافقون في كل عصر تجدهم مبغضين للعلم الشرعي والعلماء .
19 - التعريف بالعدو منهج رباني :
" فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) "
فلا بد أن تعرف أمتنا حقيقة الصهيونية والماسونية والعالمانية والروافض .....إلخ
20 - من أسلحة الباطل في مواجهة الحق :
أ - الترهيب :
" قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) "
وهذا أسلوب الطواغيت في كل عصر ومصر !
ب - الترغيب :
" فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120)"
فقد استخدم إبليس أسلوب الإغراء والشهوات ، كما يصنع أرباب القنوات والمواقع الإباحية وغيرهم ممن يفسدون الأمة بالشهوات .
ج- التضليل والتلبيس :
* "فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) "
* " فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)
وما أشبه اليوم بالبارحة ! ما أكثر الشبهات والتلبيسات والنظريات الكفرية في عصرنا !
21 - أسلحة الحق في مواجهة الباطل :
أ - الدعاء :
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)
ب - ذكر الله عز وجل :
اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
ج - حب الله عز وجل ودينه :
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
وهذا على التفسير بأن ( الذي فطرنا ) معطوفة على ( البينات ) بمعنى لن نفضلك يا فرعون على ديننا وربنا .
وللاّية تفسير اّخر أن الواو هنا واو القسم ، فيكون المعنى ( والي فطرنا لن نفضلك على ديننا ) .
د - تحقير الدنيا :
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)فقد حقر الشهداء البررة ( السحرة سابقا ) من شأن عذاب فرعون عندما علموا أن الدنيا محله .
ه - تذكر الجنة والنار :
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)
على رأي من قال إن هذا من كلام الشهداء البررة .
و - التعرف إلى الله بأسمائه وصفاته :
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
فإذا خفتَ من ظالم فتذكر أن الله يرى كل شيء ويسمعه وهو قادر على كل شيء .
ي - الصبر والصلاة
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
22 - النبوة وهبية وليست كسبية :
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)
23 - سرعة الاستجابة لأمر الله حتى وإن لم ندر العلة من التشريع :قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)
لم يقل موسى ولمَ ألقي عصاي يا رب ومال لحكمة من ذلك ؟؟ بل امتثل أمره بسرعة كما دل حرف الفاء على لك .
24 - لا تنتظر إذنا من أحد لكي تؤدي فرض الله :
قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)
25 - الدعاة هم عباد الله المصطفون :
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
فبعد أن ذكر الله عزوجل لموسى أنه اصطنعه لنفسه أي اصطفاه واجتباه ، عقب ذلك في الاّية التي تليها ، بالتكليف بالدعوة إلى الله عز وجل ، وكأنها إشارة إلى التلازم بين الدعوة والاصطفاء والله أعلم .
26 - التعاون على طاعة الله من أهم سمات الأخوة في الله :
وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34)
27 - العقائد وأصول العبادات ثابتة في جميع الشرائع :
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)
فهاهي شرعة موسى عليه السلام بها توحيد الله والأمر بعبادته وإقام الصلاة والإيمان باليوم الاّخر .
28 - تبرئة هارون عليه السلام من ترك إنكار المنكر كما يزعم البعض:
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)
29 - الحرص على حقوق الإنسان الشرعية من سمات دعوة الأنبياء :
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)
فعلى الدعاة أيضا أن يضعوا نصب أعينهم حقوق الإنسان الشرعية ، وأن يقفوا أمام أي اعتداء عليها .
30 - أنت المستفيد بالعبادة يا ابن اّدم وليس ربك :
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
فأنت الذي سترضى ، إذا سرت على شرع الله .
31 - الحياة الذليلة لا تسمى حياة ً
( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) )
فحياة الكافر في جهنم لا تستحق أن تسمى حياة !
32 - الأنبياء لا يعلمون الغيب
(وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) )
ظن موسى عليه السلام أن قومه على أثره قادمون ، ولم يدر أنهم قد فتنوا من بعده وعبدوا العجل .
33 - العبادة بالخوف والرجاء والحب
(قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) )
ففي قولهم ( لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ) عبادة له بالحب على تفسير الواو بأنها عاطفة وليست واو القسم .
وفي قولهم ( والله خير ) عبادة بالرجاء إذ المعنى خير منك ثوابا فطمعوا في ثواب الله .
وفي قولهم ( وأبقى ) عبادة بالخوف إذ المعنى والله أبقى منك عذابا ، فخافوا من عذاب الله عز وجل .
وهكذا حال المؤمن لا بد أن يجمع في عبادته لله عز وجل بين الحب والرجاء والخوف .
34 - أهم حاجات النفس البشرية :
أ - الأمن من كل ما يخيفها .
ب - نيل ما يحتاجه الجسد .
ج - نيل ما تحتاجه الروح .
( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيْمَنَ وَنزلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) )
فقد أمنهم من فرعون وجنوده ، ورزقهم المن والسلوي - حاجات الجسد - ، وأعطاهم التوراة - حاجات الروح - .
35 - من فطنة هارون عليه السلام:
( وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) )
من فطنته سلام الله عليه اختيار اسم الله الرحمن ؛ حتى يغلق أمامهم أبواب القنوط من رحمة الله .
36 - خوارق العادات ليست دليلا على الولاية دائما :
( قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) )
37 - التوبة اجتباء من الله عز وجل :
( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) )
38 - نشر الشائعات حول الدعاة منهج قديم
( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) )
وما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ، فتارة يتهم الدعاة بالتطرف والرجعية ، وتارة بالإرهاب واستخدام العنف ، وتارة بمحاولة قلب نظام الحكم ، وتارة بالتعاون مع الأجنبي وأخذ الدعم منه !
39 - إذا لم تجد إلا رزقا حراما فاعلم أنك عن ذكر الله معرض !
( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) )
فسر الضحاك وعكرمة ومالك بن دينار المعيشة الضنك بالرزق الخبيث ، أما المؤمنون فلهم الرزق الطيب كما قال تعالى في سورة النحل : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) )
فسر ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة الحياة الطيبة بالرزق الحلال الطيب .
40 - زيارة المقابر وديار الفانين ترقق القلوب :
( أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأولِي النُّهَى (128) )
فالعاقل يتعظ بأنه يمشي في مساكن قوم رحلوا عن هذه الحياة .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين .