يقول الإمام الغزالي في تهافت الفـلاسفة " إن العمى أقرب للخلاص من بصيرة حولاء " ويقول ابن سينا في رسائله " إن البلاهة أدنى للنجاة من فطنة بتراء " ويقول الأديب الانكليزي فرنسس باكون " لأن يـجهل الإنسان كل شيء عن الله خير من أن يعرف شيئا خاطئا عن الله " .. ولا غرو إن اتفقت أفكار صدرت عن قرائح متغايرة من حيث الفكر والتركيبة الشخصية ..فالغزالي صـوفي الفكر وابن سينا فلسفي الفكر والأخير أديب غزير العلم واسع الخيال..وهذا الأمر إن كان يعني شيئا فلا يعني إلا أن النضرة الصحيحة للحياة تفضي لاعتدال الفكر وهذا بدوره يفضي لاتفاق الأفكار – إن لم نقل وحدة الأفكار -بغض النضر عن القائل..وهذه الأقـوال تختلف من حـيث التركيبة اللفظية على أنها تتفق من حيث الفكرة العامة والمضمون..وهـو أن اللاعلم بـالشيء أقرب للوصول إليه من علم خاطئ فيه..و هذه الأقوال- وعلى هذا المفهوم- تجعل من مستويات المعرفة تتدرج لثلاث مراتب أدنى ووسط وأعلى..
والأدنى هنا هو اعوجاج الفكرة أو (حول البصيرة )كما سماها الغزالي ثــم بعد ذلك الجهل بالشيء ثم بعد ذلك المعرفة الصحيحة..أي أن الجهل هو الوسط بــين العلم الصحيح والعلم الخاطئ بالشيء..
ولنا مع هذه الأقوال شيء من المراجعة و- نستميح الغزالي وابن سيناء والسيد باكون عذرا – فهذا التقسيم إن صح فإنما يـصح إن اعـتبرنا أن الجهل يعني الخواء والفراغ ، وإلا فما فرق الجهل عن حول البـصيرة إن كان الجهل يعني عدم التميز بين ما هو صحيح ومـا هو خاطئ لأن حول البصيرة يعني نفس الشيء , ولا أحسب الغزالي وصاحبيه أرادا غير هذا ,وهب أن رجلا يسقي بذور القطن باللبن ضنا منه أن اللـبن يزيد الـقطن بـياضا ، أو أن آخر ينام وتحت فراشه خنجر على خـلفية أن ثـعبانا يطارده في منامه وقد عــزم على قتله بهذا الخنجر..فهل نقول في صـاحب الخنجر وصاحب الـسقاية أنهما جـهلاء أم أن فيـهما حـول فكر..في الحقيقة كلا القولين صحيح،أو بمعنى آخر لا فرق بـين اعوجاج الفكر والجهل فهما وجهين لعملة واحدة ذلك لأنا لا يمكن أن نصف الجهل بأنه فراغ لنجعل من الـفراغ خـير من امـتلاء بسوء إذ لا وجـود لما يـسمى بـالفراغ..بل لا يمـكن أن يتـصور الفراغ في فكر الإنـسان وخـياله ، خـصوصا إن كانت المسألة تتـعلق بالعقيدة ، وقـد يـقال فالدهرية لا عـقيدة لهم فهم يقـولون { نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } فهل هذا حـول في العـقيدة أم جـهالة .. وكـما أسلفنا كلا الأمرين صحيح ، فجهلهم أن ليس لهم عقيدة ، واعوجاج عقيدتهم أنهم يعتقدون أن الدهر هو الذي يهلكهم فصاروا جهلاء مع حـول في عقيدتهم ، أو أن جـهلهم هو عـين اعوجاج عقيدتهم والعكس صحيح ، وقبل أن يعرف الإنسان شيئا عـن الله على لـسان الرسل كان يـؤمن أن هنالك آلهة مدبرة لهذا الكون فمنها آلهة الرعود وآلهة البـحار وآلهة الريح ومنهم من كانوا يضنون أن الـكواكب آلهة فـعبدوها وشـاهدنا قصة إبـراهيم مع ملكوت السماوات والأرض – كـوكب ثم القمر ثم الـشمس, ومنهم عبدة الأصـنام ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونـسرا .. فـهل هئولاء ذوي جـهل أم بهم حـول عقيدة وكما قلنا أن كلا الأمرين صحيح .. إذن فما الذي يجعل الجهل أقـرب للـنجاة من بـصيرة حولاء ..؟؟ بماذا امـتاز الجهل عن اعوجاج العقيدة ليكون أعلى منها مرتبة باعتباره أدنى للنجاة منها ..؟؟؟
إنه الإيمان..نعم..الفـرق بين الجهل واعوجاج العقيدة هو الإيمان إذ الجاهل ذو عقيدة وإن كانت ساذجة بسيطة لكنه ليس بمؤمن بها بقدر صاحب العقيدة العوجاء وهذا ما جعله أقرب للنجاة من صاحبه أي أنه أقرب للنجاة لنقص في إيمانه بما يعتقد لا لنقص في عقله أصلا .. وهذا ما جعل من آمن من مكة بالنبي صلى الله عليه وسلم يسلم لله تعالى إذ منهم من كان يـعبد الأصنام عن غـير إيمان كامل بها فكان أقرب للهداية , ومنهم من كان يؤمن بها إيمانا كبيرا فكانت هدايته أصعب من غيره وهي بعد عقيدة لا يقبلها عقل سليم ولا تستسيغها فطر سـوية معتدلة .. لكن الأمر كـما قلـنا متعلق بمساحة الإيمان بعقيدة ما, وعلى هذا الأساس ولو أردنا أن نخرج بصيغة منتقاة من هذه الصيغ الثلاث المـذكورة سـلفا فنقول " إن اللاإيمان في شيء أدنى للنجاة من الإيمان بشيء خاطئ ".. والحمد لله رب العالمين ..
والأدنى هنا هو اعوجاج الفكرة أو (حول البصيرة )كما سماها الغزالي ثــم بعد ذلك الجهل بالشيء ثم بعد ذلك المعرفة الصحيحة..أي أن الجهل هو الوسط بــين العلم الصحيح والعلم الخاطئ بالشيء..
ولنا مع هذه الأقوال شيء من المراجعة و- نستميح الغزالي وابن سيناء والسيد باكون عذرا – فهذا التقسيم إن صح فإنما يـصح إن اعـتبرنا أن الجهل يعني الخواء والفراغ ، وإلا فما فرق الجهل عن حول البـصيرة إن كان الجهل يعني عدم التميز بين ما هو صحيح ومـا هو خاطئ لأن حول البصيرة يعني نفس الشيء , ولا أحسب الغزالي وصاحبيه أرادا غير هذا ,وهب أن رجلا يسقي بذور القطن باللبن ضنا منه أن اللـبن يزيد الـقطن بـياضا ، أو أن آخر ينام وتحت فراشه خنجر على خـلفية أن ثـعبانا يطارده في منامه وقد عــزم على قتله بهذا الخنجر..فهل نقول في صـاحب الخنجر وصاحب الـسقاية أنهما جـهلاء أم أن فيـهما حـول فكر..في الحقيقة كلا القولين صحيح،أو بمعنى آخر لا فرق بـين اعوجاج الفكر والجهل فهما وجهين لعملة واحدة ذلك لأنا لا يمكن أن نصف الجهل بأنه فراغ لنجعل من الـفراغ خـير من امـتلاء بسوء إذ لا وجـود لما يـسمى بـالفراغ..بل لا يمـكن أن يتـصور الفراغ في فكر الإنـسان وخـياله ، خـصوصا إن كانت المسألة تتـعلق بالعقيدة ، وقـد يـقال فالدهرية لا عـقيدة لهم فهم يقـولون { نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } فهل هذا حـول في العـقيدة أم جـهالة .. وكـما أسلفنا كلا الأمرين صحيح ، فجهلهم أن ليس لهم عقيدة ، واعوجاج عقيدتهم أنهم يعتقدون أن الدهر هو الذي يهلكهم فصاروا جهلاء مع حـول في عقيدتهم ، أو أن جـهلهم هو عـين اعوجاج عقيدتهم والعكس صحيح ، وقبل أن يعرف الإنسان شيئا عـن الله على لـسان الرسل كان يـؤمن أن هنالك آلهة مدبرة لهذا الكون فمنها آلهة الرعود وآلهة البـحار وآلهة الريح ومنهم من كانوا يضنون أن الـكواكب آلهة فـعبدوها وشـاهدنا قصة إبـراهيم مع ملكوت السماوات والأرض – كـوكب ثم القمر ثم الـشمس, ومنهم عبدة الأصـنام ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونـسرا .. فـهل هئولاء ذوي جـهل أم بهم حـول عقيدة وكما قلنا أن كلا الأمرين صحيح .. إذن فما الذي يجعل الجهل أقـرب للـنجاة من بـصيرة حولاء ..؟؟ بماذا امـتاز الجهل عن اعوجاج العقيدة ليكون أعلى منها مرتبة باعتباره أدنى للنجاة منها ..؟؟؟
إنه الإيمان..نعم..الفـرق بين الجهل واعوجاج العقيدة هو الإيمان إذ الجاهل ذو عقيدة وإن كانت ساذجة بسيطة لكنه ليس بمؤمن بها بقدر صاحب العقيدة العوجاء وهذا ما جعله أقرب للنجاة من صاحبه أي أنه أقرب للنجاة لنقص في إيمانه بما يعتقد لا لنقص في عقله أصلا .. وهذا ما جعل من آمن من مكة بالنبي صلى الله عليه وسلم يسلم لله تعالى إذ منهم من كان يـعبد الأصنام عن غـير إيمان كامل بها فكان أقرب للهداية , ومنهم من كان يؤمن بها إيمانا كبيرا فكانت هدايته أصعب من غيره وهي بعد عقيدة لا يقبلها عقل سليم ولا تستسيغها فطر سـوية معتدلة .. لكن الأمر كـما قلـنا متعلق بمساحة الإيمان بعقيدة ما, وعلى هذا الأساس ولو أردنا أن نخرج بصيغة منتقاة من هذه الصيغ الثلاث المـذكورة سـلفا فنقول " إن اللاإيمان في شيء أدنى للنجاة من الإيمان بشيء خاطئ ".. والحمد لله رب العالمين ..