بينات من الهدى والفرقان

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع أبو علي
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

أبو علي

Member
إنضم
04/09/2003
المشاركات
382
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الحمد لله العزبز الحكيم
إذا علمتم أن الدنيا مدرسة والناس فيها هم التلاميذ والرسل هم المعلمون والمنهج يأخذه الرسل (المعلمون) من عند الله.
وكل رسول يعلم قومه ما أوتي من منهج ، ومتى فهم التلاميذ الدرس فإنه لا بد من الامتحان ليعلم بالحجة من ذاكر جيدا ومن تهاون.
أليس ذلك منطقيا؟
كذلك كان حال كل قوم أتاهم رسول من الله ، لا بد أن يمتحنوا بعد أن تستيقن أنفسهم آيات الله.
والامتحان يأتي دائما على عكس ما أيقنت به الأنفس أنه حق، يأتي الامتحان على صيغة جواب خاطئ ليمتحن ذكاء التلاميذ ، فالذين اجتهدوا وذاكروا جيدا سيعتبرون ذلك الجواب خاطئ وإنما هو مصيدة ودهاء، والكسالى سيقعون في تلك المصيدة.
من الذي يقوم بالامتحان؟
إنه الشيطان، لا يعمل ذلك تطوعا وإنما حسدا، والحكمة تقتضي أن يكون الامتحان بعد أن يبين الله للناس ما يتقون لينجح من ينجح ويرسب من يرسب.
لنأخذ مثلا قوم موسى
قوم موسى لما اجتازوا البحر الأحمر مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم فطلبوا من موسى أن يجعل لهم إلها جسدا فوبخهم موسى،
والشيطان حاضر يدرس نقطة ضعف اليهود، ها هو علم أنه يمكن أن يضلهم بصناعة صنم لهم، وعلم الشيطان أن أحسن مادة يصنع منها ذلك الصنم هو معدن الذهب لأن اليهود يحبون الذهب فقد سرقوا الذهب من المصريين. وأما صناعة صنم على هيئة عجل فنحن لا نعلم لماذا اختار هيئة العجل، الجواب يعلمه الشيطان فهو ذكي في اختيار الحيل.
وهكذا أضل الشيطان كثيرا من قوم موسى فاتخذوا العجل الذهبي إلها.
ماهي أنسب حيلة يختارها الشيطان ليضل بها قوم جاءهم رسول ولد من غير أب وجاهم بالبينات : إحياء الموتى....؟
إن أنسب حيلة يفكر بها الشيطان هي أن يأتي هؤلاء القوم ويقول لهم:
ما فعل المسيح تلك المعجزات الخارقة إلا لأنه هو الإله وهو ابن الإله.
وهذا ما حصل بالفعل فها هم قومه يقولون ذلك.
ماذا عن رسالة الإسلام؟
ما هي الحيلة التي يمكن أن يأتي بها الشيطان ليضل بها الأشقياء؟
هل تنبؤنا الحكمة بذلك؟
إذا فهمنا شيئا من الحكمة فإن الحكمة ستنبؤنا بما يمكن أن يفكر فيه الشيطان من ضلال.
سوف نصل إلى معرفة ذلك ، وسآتي بأدلة مقنعة إن شاء الله.

يتبع
 
آية الإسلام الكبرى بجب أن يكون فيها من اليقين ما هو أعظم من اليقين الذي في آيات المسيح، لأن الله ما نسخ آية المسيح بالآيات التي أوتيها رسول الإسلام إلا لأن معجزة الإسلام فيها من اليقين ما يفوق كل المعجزات التي جاءت قبل الإسلام.
هل ظهرت آية الإسلام هذه؟
لو كانت قد ظهرت واستيفنها الناس جميعا لجاء الامتحان، لأن التلاميذ
لا يمتحنوا إلا بعدما يفهم لهم الدرس ويتأكد معلمهم أنهم قد فهموا الدرس واستيقنته أنفسهم.
فهل سكان العالم الذين أغلبيتهم غبر مسلمين استيقنوا رسالة الإسلام
وجحدوها ظلما؟
لاشك أن الإنسان يحب الخير لنفسه لو استيقن الناس رسالة الإسلام
لآمنوا إلا الذين غلب عليهم حب الهوى،والهوى يتولد من مصدرين :
1) حب النففوذ والسلطان.
2) حب المال.
الله تعالى بين لنا ذلك في القرآن فقال في آخر سورة النمل:
وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون)
إذن سيري الله الناس آياته فيعرفونها ويستيقنوها وعندئذ سينقسم الناس إلى فسطاطين :
فسطاط استيقن فجحد ظلما ،هذا هوالفسطاط الكافر.وهذا الفسطاط معفى من الاختبار لأنه راسب وخاسر من البداية.
وفسطاط استيقن فآمن،هذاهو الفسطاط المؤمن، هذا الفسطاط هو الذي
يمتحن الله إيمانه ليعلم بالحجة الصادق من الكاذب.
فبعدما ختم الله سورة النمل بقوله : وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون)
أتى بسورة تعبر عن الفسطاط الكافر الذي اتبع هواه، وضرب فرعون
مثلا لمن غره هوى حب النفوذ والسلطان،وضرب قارونا مثلا لمن غره
هوى حبىالمال، وسميت سورة القصص بهذا الإسم لأن في قصص فرعون وقارون عبرة للظالمين الذين سيكفرون بالبينة.
ثم جاء الله بعد سورة القصص بسورة تتكلم عن الفسطاط المؤمن ويتبين من مطلعها أن الله سيمتحن إيمان هؤلاء الذين قالوا آمنا ليعلم
بالحجة الذين صدقوا والذين كذبوا. من يستمسك بالعروة الوثقى يفوز
ويسقط في الفتنة من تمسك بخيوط العنكبوت، إذن حتى في تسمية سورة العنكبوت بهذا الإسم فيه ما يوحي بالفتنة والإختبار.
الإسلام جاء ليصحح عقيدة قوم قالوا ولد الله بناتا (الملائكة).
وجاء ليصحح عقيدة الذين قالوا اتخذ الله المسيح ولدا.
فإذا كانت عقيدة قوم الرسول صلى الله عليه وسلم قد صححت ولم يعد بوجد من يقول بذلك، كذلك سيصحح الله عقيدة النصارى وسينفكون عن عبادة المسيح حينما تأتيهم البينة ويتفرقوا بعد أن يأتيهم العلم (اليقين) إلى فريقين : فريق مؤمن وآخر كافر .
وبما أن عقيدة النصارى ستصحح فإن الإختبار سيكون في نفس المادة
التي صححت ،أليس المنطق والحكمة يقول بذلك؟
إذا أخطأ التلميذ في مسألة من المسائل فإن معلمه يصححها له ثم يمتحنه بتمرين في نفس المسألة التي صححت ليعلم هل استوعب الدرس أم لا.
كذلك ستصحح عقبدة النصارى وسيجد الشبطان أن أنسب حيلة لردهم
إلى ما كانوا عليه هو أن يدعي هو أو أحد جنوده من الإنس أنه هو المسيح الذي صلب من أجلهم قبل 2000 سنة تقريبا، وسيكون معه من السحر ما يخيل به إلى الناس أنه يحيي الموتى، هذه الفتنة ستكون للناس كافة.
وبما أن كلمة الله هي العليا، وكلمة الله المفترى عليها هو المسيح، إذن
فكان من الحكمة أن بعود المسيح عليه السلام لتكون كلمة الله هي الأعلى، والمسيح هو تلك الكلمة المفترى عليها من طرف الشبطان.
 
تعالوا لندرس المقدمات والأسباب التي جاء ت برسالة الإسلام.
نجد أن عهد الله قبل الإسلام ناله بنو إسرائيل ، تعاقبت فيهم رسل وأنبياء كلهم كانوا يأتون بمعجزات حسية، فإذا أراد الله أن يرسل رسولا بآيات عقلية غير حسية فالحكمة تقتضي أن يعطى العهد لأمة تفهم في الآيات العقلية وعندها إدراك يؤهلها لتحمل المسؤولية.
بنو إسرائيل لا يفهمون إلا في الأمور المادية المحسوسة ومع ذلك لم يلتزموا ولم يصونوا ما اؤتمنوا عليه فكيف يسند إليهم أمر ليسوا أهله!!
هل تذهب بالعجين للميكانيكي ليخبزه لك أم إلى الخباز؟
كذلك كان لا بد أن ينزع العهد من بني إسرائيل ويعطى لأمة تحسن فهم ما تستقبله من الله.
أضرب مثلا ولله المثل الأعلى:
رجل لديه مصنع وعمال وفنيون وآلات تستخدم في إنتاج ما يصنع في هذا المصنع.
رب المصنع هذا اختار نخبة من الناس وأوكل إليهم تسيير وصيانة تلك الآلات اليدوية، وكلما تقادمت تلك الآلات أبدلها بآلات خير من سابقاتها، لكن تلك النخبة المكلفة بصيانة الآلات لم تقدر ثقة صاحب المصنع فيهم حق قدرها فأهملوا صيانة تلك الآلات ولم ينفذوا التعليمات المطلوبة لبقاء الآلات صالحة فتعطلت تلك الآلات.
صاحب المصنع علم بذلك فجاء بآلات أخرى جديدة ولكن هذه المرة ليست آلات ميكانكية وإنما هي آلات إلكترونية آخر ما أنتجته التكنولوجيا الحديثة،
فما هو التصرف الصائب الحكيم الذي يجب أن يقوم به صاحب المصنع؟
هل يكلف نفس النخبة بصيانة الآلات الإلكترونية ؟
كيف يكون ذلك وهي لم تفلح حتى في صيانة الآلات الميكانيكية فكيف نفلح في تسيير الآلات الإلكترونية وهي ليس لديها علم بالتكنولوجيا الحديثة وعلم الإلكترونيات!!؟
إذن من الصواب ومن الحكمة أن يختار صاحب المصنع نخبة أخرى عندها دراية بالتكنووجيا الحديثة ، فاختار رجلا يعلم فيه الصدق والأمانة والكفاءة في العلم فسلمه الآلات الجديدة وناوله كاتالوج الآلات وأمره أن يقرأ الكاتالوج ويتبع تعليماته ويعلم إخوته الذين يعملون تحت رئاسته، وأمر كل العمال بمن فيهم النخبة السابقة أن يعملوا تحت إمرة الرئيس الجديد، فمنهم من نفذ الأمر ومنهم من أرسلهم إلى معاهد لتعلم فن الإلكترونيات وعلم التكنولوجيا الحديثة ، ومتى أتموا مدة الدراسة والتدريب أذن لهم أن يلتحقوا بأعمالهم من جديد.

تعالوا لنرى هل هذا المثل الذي ضربته يمكن أن نفهم من خلاله مراد الله من رسالة الإسلام.
أما النخبة الأولى التي استؤمنت على صيانة الآلات الميكانيكية فهم بنو إسرائيل.
وأما الآلات الميكانيكية فضربت مثلا للآيات الحسية المادية،
وأما النخبة الجديدة فهم الأميون الذين ورثوا الكتاب والنبوة بعد أن نزعت من بني إسرائيل.
وأما الآلات الإلكترونية التي أوتيها الأميون فهي الآيات العقلية آيات الحكمة،
وأما الذين لا يفقهون إلا الآلات الميكانيكية والذين أرسلهم صاحب المصنع إلى المعاهد لتعلم التكنووجيا فهم أهل الكتاب وكل الناس الذين لا يفقهون إلا الآيات المادية الحسية، فهم الذين قال الله عنهم :
فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)
لو كان عندهم علم بالحكمة لفقهوا الآيات المحكمات ولاستيقنوا أن الإسلام هو الحق، لذلك فتح الله لهم مجالا آخر ليدركوا به حكمة الله ألا وهو العلم الدنيوي الذي به سيكتشف أن الكون بكل جزئياته من تدبير إله عزيز في حكمته، ومتى بلغوا المستوى المطلوب بين الله لهم الآيات.
وأما الكاتالوج الذي ناوله صاحب المصنع إلى المصطفى من رجال المصنع وأمره أن يقرآه ويتبع تعليماته فهو مثلا ضربته للمصطفى من البشر وكتابه القرآن، وأول ما أنزل من القرآن هو قوله تعالى:
إقرأ بسم ربك.......).
ما هي معجزة الإسلام؟
هل هي أعظم من معجزة عيسى؟
ما هي وظيفة المعجزة؟
وظيفة المعجزة هي البيان الذي يتحقق منه اليقين.
هل توجد معجزة أكثر بيانا وأعظم يقينا من معجزة إحياء الموتى؟
نعم إذا كانت المعجزة من جنس الحكمة ( الرتابة والإتقان ووضع الشيء في موضعه) .

أضرب مثلا على ذلك:
خرجت من بيتي ونسيت الباب مفتوحا ولما تذكرت ذلك عدت فوجدت بالداخل عمامة ملقاة على الأرض ، قلت ربما دخل أحد إلى منزلي أثناء غيابي فنسي عمامته، لكني ساورني الشك فقلت ربما وجدها الكلب في الطريق فأخذها بأسنانه وأدخلها إلى البيت.
لكني لما اتجهت إلى غرفة الكتب وقد كنت تركت الكتب بالأرض مبعثرة وجدتها قد رتبت وؤضع كل كتاب في خانته وكل نوعية من الكتب رصت لوحدها ، هنا أيقنت أن رجلا دخل البيت وهذا الرجل عالم
وليس أمي.
هذا مثل ضربته ، فمعجزة إحياء الموتى وإن كانت معجزة عظيمة إلا أن الساحر قد يخيل للناس أنه يحيي الموتى وهو كاذب.
إذن فالمعجزة التي لا يتطرق إليها الشك هي التي من جنس الحكمة والإتقان.
والإسلام جاء بتلك المعجزة : ( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم)
(كتاب أحكمت آياته).
كان من الحكمة أن تكون معجزة الإسلام أعظم من سابقاتها لأن الله ما ينسخ من آية أو ينسها إلا ويأت بخير منها أو مثلها.
ها نحن قد علمنا شيئا من مقدمات الإسلام والتي سندرسها ونستخلص
منها نفس النتائج التي أخبرنا بحدوثها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
 
قلت إن معجزة الإسلام هي أعظم المعجزات ولكي تكون كذلك يجب أن تكون معجزة من جنس الحكمة، وضربت مثلا للآيات الحسية بتلك العمامة التي وجدتها وضربت مثلا لآية الحكمة بوجود الكتب قد رصت في المكتبة بعد أن كانت ملقاة على الأرض .
إذن فالآية التي لا يمكن أن يتطرق إليها الشك هي الآية التي فيها رتابة وإتقان في غاية الحكمة.
والذي يحكم على الشيء أنه متقن وقمة في الإبداع هو الذي عنده علم يؤهله لذلك ،فعالم الإلكترونيات هو وحده الذي يحكم ويدلي بدلوه إن كان جهاز التلفزون هذا يحتاج لصيانة أم لا، والميكانيكي هو وحده الذي له الحق في فحص سيارتي، وهكذا فالحكم على الأشياء من اختصاص أهل الخبرة والعلم، فالعليم حكيم والحكيم عليم.
قال تعالى في آخر سورة التين : أليس الله بأحكم الحاكمين ؟)
هذا سؤال من الله، وكيف يجيب الإنسان على هذا السؤال ب ( بلى) إذا ظل هذا الإنسان جاهلا !! إذن لا بد له من العلم الذي يمكنه من إدراك حكمة الله ، ولذلك جاءت سورة العلق بعد سورة التين تعلن أن الله سينعم على الإنسان بالعلم وتأمره بالقراءة وتعلم ما لم يكن يعلم : إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم).
فإذا تعلم الإنسان وبلغ المستوى الذي يدرك به أن الله عزيز حكيم عندئذ يبين الله له آياته، قال تعالى : ولنبينه لقوم يعلمون)، فرب المصنع الذي بعث عماله لدراسة التكنولوجيا لابد أن يعيدهم إلى وظائفهم لأنهم أصبحوا مؤهلين لفهم تسيير الآلات الجديدة ، فلو أنهم تخرجوا ولم يعدهم إلى وظائفهم لقالوا لرب العمل : مادمت لا تنوي توظيفنا فلماذا بعثتنا لتعلم التكنوجيا؟ ولقالوا له أيضا : لو أنك وظفتنا لكنا أكثر إنتاجا من أولائك الذين وثقت فيهم.
إذن كان من الحكمة أن يعلم الله الإنسان ليدرك بذلك العلم هدى الله، فالإسلام رسالة الله إلى البشر جميعا ويجب أن يستيقن آياته كل الناس لأن الله عزيز حكيم ومن لوازم العزيز الحكيم الإقناع، فالتلاميذ الذين لم يفهم منهم الدرس إلا نصف عددهم أو أقل من ذلك ليس العيب فيهم وإنما العيب في المعلم الذي لم يكن حكيما في اختيار الأسلوب المناسب لتوصيل الفهم إلى أذهان تلاميذه.
فما بال الهدى الذي جاء من عند العزيز الحكيم إلى الناس كافة ألا يستيقن آياته كافة الناس؟
بلى سيستيقنه الناس كافة ولن تقوم الساعة إلا بعدما يستيقن كل الناس رسالة الإسلام ، وتلك هي البينة التي تجعل المشركين ينفكون عما كانوا عليه من باطل لأنهم سيتبين لهم الرشد من الغي,
ولقد جاء الإسلام ليصحح عقيدة قوم الني الذين قالوا : الملائكة بنات الله، وليصحح عقيدة قوم الرسول الذي كان قبله الذين هم أيضا قالوا
المسيح ابن الله، فإذا كان قد تم تصحيح ضلال قوم رسول الإسلام ولم يعد يوجد منهم من يقول الملائكة بنات الله فلا شك أن عقيدة النصارى ستصحح بالبينة التي يقتنعون بها لأن الله عزيز حكيم.
كان من الحكمة أن يكون من نصيب النصارى الحظ الأعظم من نيل العلم الدنيوي الذين به يدركون أن الله عزيز حكيم لأنهم أولى بذلك من غيرهم فهم الذين زلوا من بعد ما جاءتهم البينات العظيمة، فلو كان عندهم علم لما قالوا إن الله هو المسيح، ولو كانت عندهم حكمة لما قالوا المسيح ابن الله. إذن فهؤلاء هم أولى من غيرهم لنيل العلم الذين يدركون به حكمة الله، لأنهم زلوا زللا عظيما من بعد ما استيقنت أنفسهم بينات رسولهم، فمثلهم كمثل التلميذ الكسول ، والتلميذ الكسول هو الذي يحضى باهتمام خاص وشرح مفصل من طرف أستاذه.
 
الإسلام جاء لينتصر وليظهر على الدين كله فهو جاء تحت عنوان
تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم.
والنصر سواء كان بقوة القهر أو بقوة الحجة فإنه يكون حليف من أحسن إتقان الأسباب التي تتطلبها المعركة أو القضية المراد الحكم فيها. فمن أحكم إتقان لوازم الأمور كانت الغلبة له، إذن فما النصر إلا للعزيز الحكيم.
فالعزيز الحكيم هو الذي له الكمال المطلق ، وهو المنزه عن كل نقص ولذلك التسبيح في القرآن يكون لإسم الله ( العزيز الحكيم).
وأي أمر يحكم فيه العزيز الحكيم فهو كمال الحق ، والحق هو المحمود
بعكس الباطل الذي هو الخطأ ، والخطأ مذموم ، ولذلك نقرأ :
وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) الحمد هنا حمد مدح
لله على قضاءه بالحق.
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
إذا كنا نحن البشر نتعامل مع الجاهل بالأسلوب الذي يقنعه ونتعامل مع المتعلم بالأسلوب الذي يفهمه فالله تعالى وهو العزيز الحكيم يعامل
خلقه كذلك، فحينما كان الجهل هو السائد كان الناس منكرين لوجود الله
ولليوم الآخر فأقنعهم الله بالآيات التي تزيل إنكارهم ، فولادة إنسان من غير أب لمن أنكر أن الله على كل شيء قدير، وإحياء الموتى لمن أنكر البعث واليوم الآخر.
أما الإنسان إذا علمه الله بالقلم فهو سيدرك بنفسه الرتابة المحكمة في كل شيء في نفسه وفي الآفاق حوله وسيهتدي بذلك أن للكون خالقا يتصف بكمال الحكمة، فإذا أراد الله أن يرسل الهدى إلى الإنسان المتعلم فإن آيات هذا الهدى بجب أن يواطئ ما أدركه هذا الإنسان المتعلم، فهذا الأخير أدرك أن للكون إله عزيز في حكمته فهدى الله له
يجب أن يكون من جنس ما أدركه.
مثلا:
دخلت قصرا فوجدته روعة في الهندسة ، لا أستطيع معرفة من بناه إلا إذا أراني أحدهم التصاميم والزخرفة التي تطابق ما رأته عيناي.
هذا مثل ضربته ولله المثل الأعلى.
إذن سيبين الله الهدى للناس ويستيقن الناس جمبعا أن الله عزيز حكيم ، فإذا جاء أحد يدعي أنه رسول الله وأنه الله أو ابن الله ومعه من الخوارق ما تبهر العقول فهو كاذب، لأن إرسال الآيات الحسية لقوم شهدوا أن الله عزيز حكيم تصرف غير حكيم، والله عزيز حكيم منزه عن التصرف الغير حكيم. وحتى لو أتى هذا المدعي بخوارق كإحياء
الموتى فهو تصرف غير حكيم لأن الذين أدركوا أن الله عزيز حكيم
لم ينكروا البعث حتى يأتيهم الله بآيات تزيل إنكارهم.
إذن مجيء المسيح الدجال اختبار من الله لمستوى إدراك ( أن الله عزيز حكيم).
 
آية الكرسي
ما علاقتها بالآية الكبرى؟
بما أن رسول الله قال إنها أعظم آية في القرآن فلا بد أنها تتكلم عن البينة العظمى.
نلاحظ أن آية الكرسي والآيات المتعلقة بها جاءت بين آية الأمر بالإنفاق والجزاء على ذلك.
أما الأمر بالإنفاق فقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون.
وأما الجزاء على ذلك فهو قوله تعالى : مثل الذين ينفقون في أموالهم سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل..
لماذا جاءت آية الكرسي والآيات التابعة لها هنا بين الأمر بالإنفاق والجزاء عليه؟
لأن الإنفاق يعبر عن صدق الإيمان، ولذلك سميت الصدقة بهذا الإسم لأنها تعبر عن صدق الإيمان ونجد في القرآن كلما ذكرت الزكاة إلا وكتبت بالواو هكذا ( الزكـ'وة) تعظيما للزكاة، لأنها لا يتسرب إليها النفاق، فالمنافق يصلي وقد تجده في الصفوف الأولى ولكنه لا يزكي لأنه ما نافق إلا لأنه تظاهر بالإسلام طمعا فيما يفاء عليه من خير، فكيف ينفق المال وهم ما دخل في الإسلام إلا لأجل المال!
أما الصلاة فقد أتت في القرآن بالواو تعظيما ( الصلـ'وة) وجاءت صلاة المنافقين غير معظمة بالواو، كذلك حينما يأمر الله المؤمنين في شخص رسوله أن يقول : إن صلاتي
ونسكي...) الصلاة هنا غير معظمة لأن الكلام صادر من العبد، والعبد يجب ألا يعجب بصلاته بل يجب عليه أن يتواضع بها وأنه لا يدري أقبلها الله أم ردها عليه.

يأمر الله المؤمنين بالإنفاق قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة، ويتبع الأمر بقوله : والكافرون هم الظالمون. ليدلنا أن الإنفاق في سبيل الله يعتبر شكرا لله
لأن الكفر هو عكس الشكر، وما هو وجه الشبه بين الكفر والظلم ؟
الكفر هو إنكار وجحود نعمة مع اليقين الكامل أنها تستحق الشكر،فالذي كفر بالله ورسوله أيقن بوجود الله وأيقن أن محمدا رسول الله وأنه يهدي إلى سبيل الرشاد وكان عليه أن يشكر على ذلك بالإيمان إلا أنه لم يفعل.
أما الظلم فهو تعمد اتباع الباطل مع العلم بالحق، قال تعالى : ولإن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذن لمن الظالمين) إذن هذا هو الظلم ،الظالم هو الذي يعلم يقينا الحق ويتبع الباطل، ولا يتبع الباطل إلا لأنه يوافق هواه، الظالم هو الذي فضل الضلال من بعد ما تبين له الهدى واستيقنه، إذن كلمة الظلم مشتقة من الظلام،لأن الظالم اختار البقاء في الظلام من بعد ما تبين له النور.السارق ظالم لأنه يعلم أن السرقة عمل غير صالح بدليل أنه لا يحب أن يسرقه أحد،وهكذا كل سوء يرتكبه الإنسان ولا يحب أن يرتكبه في حقه إنسان آخر فهو ظلم.
إذن فالكافر هو الظالم.
لماذا جاءت آية الكرسي بعد أمر الله للمؤمنين بالإنفاق؟
الله سبحانه إذا أمر عباده بشيء فإنه يعالج كل الخواطر التي تحول بين العبد وتنفيذ أمر ربه.
فإذا أمر الله بالإنفاق فإنه يذكر مع الأمر التطمين أو يذكر بشيء يشجعه على الإنفاق.
مثلا : الوالد يهب ابنه المال لينفقه على شراء كل لوازم الدراسة، وكتطمين للإبن يقول له أبوه : أنفق ما أعطيتك من مال في كل ما يفيدك في دراستك وإن احتجت المزيد أنا موجود .
وإذا رأى الوالد أن ابنه لم ينفذ الأمر كما ينبغي فإن الوالد يقول لابنه : لماذا لم تنفق كما أمرتك، فالمال الذي أمرتك بإنفاقه هو مالي فلماذا لم تفعل ما أمرتك به؟
كذلك الحق سبحانه أتى بنفس التعبير للأمر بالإنفاق مرتين في القرآن : هنا في سورة البقرة وأتى بآية الكرسي بعدها للتطمين، وفي سورة إبراهيم جاء مع الأمر
التذكير بتسخير مافي السموات والأرض وتسخير الأنهار إلى آخره بعد أمره تعالى : قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلـ'وة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال).
وحيث أن التطمين يأتي أولا فإن آية الكرسي التي جاءت بعد الأمر بالإنفاق يجب أن تكون متضمنة ذلك التطمين، قال تعالى : الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، فكأن الله يقول ياعبدي أنفق أنفق عليك،فإن كان الذي يمددك بالمال من أهل الأغيار تخاف أن يغير رأيه فيقطع عنك الإمداد فأنا الله لا تتناولني الأغيار ولا إله يمنعني من إمدادك فاطمئن، وإن كان الذي يمددك بالمال تخاف أن ينقطع عنك مدده بموته فأنا الحي الذي لا يموت، وإن كنت تخاف ألا يدري من يمددك بالمال بحاجتك فأنا قيوم، وقد يغفل عنك من يمددك بحاجياتك لانشغاله عنك بأمور أخرى، أما الله فلا تأخذه سنة ولا نوم ولا يشغله شأن عن شأن، له ما في السموات والأرض وعلى الله تدبير أمر كل شيء في ملكه ورزق كل دابة .
من ذا الذي يشفع عند إلا بإذنه تناسب قول الله في الآية السابقة: (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ). إذا كان الشفيع يأتي كوكيل عن المشفوع له يلتمس له العفو ويقدم أدلة غابت عن علم الله من شأنها إيجاد عذر للمشفوع له فذلك محال على الله، لأن الله له الكمال المطلق في العلم يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم.
بما أن الكافر هو الذي استيقن الهدى الذي يستوجب الشكر ولم يؤمن به ،والظالم هو الذي عرف الحق واستيقنه واختار اتباع الباطل عن علم أنه باطل، فإن البشر الذي علمهم الله العلم الذي أدركوا به أن الله عزيز حكيم إن لم يبين الله لهم بينة الإسلام وتستيقنها أنفسهم فلن تكون بذلك حجة عليهم أنهم كافرين ظالمين، إذن سيقيم الله عليهم الحجة فيستيقنها الناس جميعا ومن جحدها وكفر بها فهو كافر ظالم، إذن سيحيطون بعلم تلك البينة=( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) هذه البينة العظمى هي التي أعطت آية الكرسي تلك المكانة والعظمة، والأشياء تقاس عظمتها بوظائفها ومهماتها، ومهمة الآية هي توصيل اليقين إلى أذهان الناس أنها من عند الله. وإذا جاء اليقين امتنع الإكراه، لأن الإكراه إنما يكون لمن ليس عنده علم ويقين بالحق، فإذا جاء اليقين تبين الرشد من الغي فلا داعي للإكراه، قد تكره ابنك على الذهاب إلى المدرسة لتحصيل العلم لأنه ليس عنده إدراك بفضل العلم، وحينما يكبر ويصير له إدراك يتبين له الرشد من الغي ويعلم عندئذ أنك كنت على حق في إكراهك له عل التعليم.
إذن مجيء قول الله ( لا إكراه في الدين) بعد آية الكرسي يدل أن اليقين موجود في الآية التي جاءت قبل ( لا إكراه في الدين).نحن المسلمون نعمل بقول الله ( لا إكراه في الدين) لأننا تبين لنا الرشد من الغي منذ عهد النبوة، أما من يسلم من أهل الكتاب فإنه لا شك يحب أن يهتدي أقاربه أيضا إلى الإسلام، إذن فإكراهه في الدين لمن له ولاية عليه أمر محمود إن كان المكره ( بفتح الراء) لم يتبين له الرشد من الغي.
( لا إكراه في الدين ) هنا ( مطلقة) مما يعني أن الرشد سيتبين للجميع.
هكذا نعلم أن آية الكرسي هي آعظم آية في القرآن لأنها تتضمن تصريحا بالبينة العظمى.
وإذا جاءت البينة العظمى فسوف يستيقنها الناس جميعا ومتى تم ذلك فإن الاختبار قادم لا محاله، وإنما الامتحان يأتي بعد فهم الدرس جيدا، وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون، ستكون فتنة عظمى تناسب الآية العظمى ، إنها فتنة الطاغوت الذي سيخرج أولياءه الذين كفروا بالله من النور إلى الظلمات، أما أولياء الله
الذين آمنوا يخرجهم الله من الظلمات إلى النور لأنهم استمسكوا بالعروة الوتقى ولن تغريهم خيوط العنكبوت التي استمسك بها الكافرون.
والسؤال الذي يأتي إلى بالنا هو : ما هي تلك الآية البينة التي سيستيقنها الناس جميعا؟
وكيف سيكون رد فعل الناس بعد تبين اليقين؟
هذين السؤالين يجيبنا عليهما القرآن.
أما البينة فإن فيها من اليقين ما هو أعظم من آية إحياء الموتى ولذلك يضرب الله لنا ثلاثة أمثلة من إحياء الموتى، وتلك الأمثلة الثلاثة هي الجواب على رد فعل الناس عند مجيء اليقين.
ففي قوله تعالى : ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي ( يحيي ويميت)......) .
نلاحظ هنا أن هذه الآية ابتدأت ب ( ألم تر) وهذه الكلمة لا تأتي ابتداء وإنما تأتي لتدل أن ما بعدها له علاقة بما قبلها فهي تأتي لزيادة الإيضاح والتنبيه،نلاحظ أن الله ضرب مثلا لآية الإسلام آية ( إحياء الموتى) لأن هذه الآية هي العظمى عند أكثر الناس، والله سبحانه دائما يضرب المثل بالأقل، وبذلك نستدل أن آية الإسلام هي أعظم يقينا من آية عيسى عليه السلام.
وقصة إبراهيم مع ذلك الملك الطاغية ضربت مثلا لرد فعل الكافرين الظالمين حينما تستيقن أنفسهم البينة.
ثم بعد ذلك يقول تعالى : أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى ( يحيي) هذه الله بعد (موتها) (فأماته) الله مائة عام ثم (بعثه).....).
هذه الآية ضربها الله للفريق الذي سيؤمن حينما تأتيهم البينة.
ثم يقول الله بعد ذلك : وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف (تحيي الموتى) قال ألم تؤمن قل بلى ولكن ليطمئن قلبي.....واعلم أن الله عزيز حكيم).
هذه الآية ضربت مثلا لنا نحن المسلمين فإبراهيم رمز للمسلمين وأما طلبه لربه أن يريه كيفية إحياء الموتى فهو إيماننا أن الله عزيز حكيم ولكننا نريد أن نرى الكيفية, فمثلا نحن نوقن أن كتاب الله كتاب حكيم ومنا من يقف متدبرا ومفكرا لعله يدرك لماذا جاءت هذه الآية بعد هذه الآية ليس لأنه يشك وإنما ليعلم كيف جاءت الآية في موضعها بالحق،فيهتدي إلى معرفة الحكمة من ذلك, وذلك مثل قول الله لإبراهيم : فخذ أربعة من الطير.... إلى أن يقول : واعلم أن الله عزيز حكيم).
إذن فهذا مثل لرد فعل المسلمين حين يبين الله البينة، فالمسلمون يؤمنون أن الله عزيز حكيم ويتمنون أن يبين الله آياته للناس جميعا، وحينما يحصل ذلك سيعلمون حق اليقين أن الله عزيز حكيم تصديقا لما آمنوا به من قبل.
إذن فهذه الأمثلة الثلاثة لإحياء الموتى ضربها الله لما سيكون من الناس بعد أن تأتيهم الآية الكبرى التي شبهت لما فيها من اليقين بآية إحياء الموتى التي هي في نظر الناس أعظم البينات.
ونفهم من هذه الأمثلة أن الناس سينقسمون إلى فسطاطين،
فسطاط استيقن البينة فكفر وجحد بها ظلما.
وفسطاط مؤمن :منهم من استيقن البينة فآمن، ومنهم من كان مؤمنا قبل مجيء البينة، هؤلاء هم المسلمون الذين ستزيدهم تلك البينة إيمانا ويتحقق ما آمنوا به أن الله عزيز حكيم.
 
توقفت على أول آية من سورة النحل :أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عمايشركون) وتبين لي تفسير آخر يخالف التفسير المتواتر. وقد قيل في تفسير هذه الآية :
يخبر تعالى أنه قد اقتربت الساعة،وعبر بصيغة الماضي الدال على التحقيق، وأما قوله (فلا تستعجلوه: أي لا تستعجلوا العذاب).
ولقد تبين لي هذا التفسير:
( الله سبحانه هو العزيز الحكيم إذا قال قولا فهو منتهى الحق،فإذا قال :أتى أمر الله فيجب أن نؤمن أنه فعلا أتى كما قال، ومن سياق الكلام يمكن أن نعلم ما هو ذلك الأمرالذي أتى،لقد جاءت كلمة :فلا تستعجلوه) بعد ( أتى أمر الله).
والخطاب ( فلا تستعجلوه) لمن؟ أيخاطب الله الكافرين؟ وهل الكافرون يستجيبون لأمر الله إذا أمرهم!!؟ كلا.
لا يخاطب الله إلا المؤمنين به، وإذا خاطب الله الكافرين فلا يكون الخطاب مباشرا بل بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول : قل يا أيها الكافرون... قل يا أهل الكتاب... وإذا خاطب الله الناس فإنه يقول : يأيها الناس.
إذن فالخطاب هنا للمؤمنين .يخاطبهم قائلا : فلا تستعجلوه.
والمؤمنون لا يستعجلون إلا شيئا محبوبا إلى النفس،
فما هو ذلك الأمر المحبوب الذي أتى بالفعل والمؤمنون يستعجلونه؟ أهو النصر؟ النصر شيء محبوب ولكن إن كان قد أتى في الماضي فقد تم وشهده المؤمنون وبالتالي لا يمكن أن يقول فلا تستعجلوه، إذن إنه شيء آخر محبوب قد أتى بالفعل ولكن لم يكن قد تحقق في زمن المعنيين بالخطاب.
من أين لنا أن نعلم ذلك الأمر الذي أتى؟
من آخر كلمة سبقت مطلع سورة النحل، آخر كلمة في سورة الحجر التي سبقت النحل هي ( اليقين )، ولا شك أن المؤمنين يستعجلون أن يبين الله آياته للناس فيستيقنوها ويدخل الإسلام كل بيت وبذلك تنعم الأرض بالسلام ويصبح الناس إخوة ، أليس ذلك ما نستعجل حصوله؟
لقد جاء ذلك اليقين منذ أزيد من 14 قرن، وسيبينه الله للناس في الوقت الذي يريده ، ونحن المسلمين نتمنى أن يأتي ذلك اليقين إلى الناس فيدركون أن الإسلام هو دين الحق.
 
يريدون أن يطفئوا و يريدون ليطفئوا

يريدون أن يطفئوا و يريدون ليطفئوا

حينما أقرأ سورة الفيل : بسم الله الرحمن الرحيم ، ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل .....) أقرن بينها وبين الحدث العظيم الذي جاء بعدها ألا وهو ( مجيء الهدى = الإسلام)
يتبين لي أن الحدث الأول (أصحاب الفيل) والحدث الثاني ( بعثة الإسلام) لكل منهما هدفا مضادا للآخر).
الحدث الأول (أصحاب الفيل) كان يريد بهدمه لبيت الله إطفاء نور الله وأن يعم الظلام.
والحدث الثاني( الإسلام) جاء ليتم النور ، ليكمل النور،
يتطابق هذا مع قوله تعالى : يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
إذن لكل حدث سبب ، وسبب إرسال النور أن قوما كانوا يريدون أإطفاءه .
قول الله هذا يذكر مرة أخرى في سورة الصف مع اختلاف بسيط في استبدال بعض الحروف وبعض الكلمات. مما يدل أن التاريخ سيعيد نفسه مرة أخرى في المستقبل، ونصر الله سيتحقق ويظهر على الدين كله حينما يريد أعداءه أن يطفؤوا نور الله، انظروا إلى زمننا هل ما يحدث الآن شبيه بفعل أصحاب الفيل؟ إن كانت أحداث اليوم يراد بها إطفاء نور الله فاعلموا أن الله سيتم نوره بنصر جديد وفتح مبين.
والنصر يتم بإحدى الحسنيين : بقوة القهر أو قوة الحجة،
في آية سورة التوبة تم النصر بقوة القهر بقرينة ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره).
وفي آية سورة الصف والله متم نوره)، مما يدل أن النصر سيتحقق
بقوة الحجة والبرهان.
وفي آية سورة الصف : يريدون ( ل) يطفئوا, اللام تضمر المكيدة فكأن هؤلاء ظاهرهم مختلف عن باطنهم، يظهرون نية ويضمروا نية سيئة، يظهرون : تحرير الإنسان والديمقراطية,,, ويضمروا أنهم يريدون القضاء على كل ما من شأنه أن يهدد حضارتهم)، اللام في:ليطفئوا) لام سببية،
أما أبرهة فكان هدفه واضحا لذلك عبر ت عنه آية سورة التوبة ب (أن) يطفئوا) .
ومن العجيب أن القوم الذين يريدون ( ل) يطفئوا نور الله يتشابهون مع أصحاب الفيل ، فهؤلاء المعاصرون لنا شعار حزبهم هو الفيل.
 
الحمد لله رب العالمين
العلم هو الإدراك والمعرفة، فهو أهم الرحمات وأعظمها،
وبالعلم فضل الله الجنس البشري على كثير ممن خلق، والعلم شرط للتكليف ، فمن لم يستو إدراكه يعفى من التكليف. والأدوات التي نحصل بها العلم هي : السمع والأبصار والأفئدة ، وهي التي يمتن الله بها علينا ,كلما جاء ذكرها في القرآن إلا وقال بعدها : (لعلكم تشكرون) ، قليلا ما تشكرون، وذلك لأن الله يمتن بقمة النعم.
بالعلم نعرف الحق من الباطل،والهدى من الضلال، والصواب من الخطأ، فمن أدرك الهدى وآمن به فكأنه استفاد من وسائل الإدراك (السمع والأبصار والفؤاد) وأحسن استعمالها، فهذا يزيده الله من فضله، ومن جنس ما فضل الله
به الجنس البشري على كثير ممن خلق يفضله به عن كثير من بني جنسه.ويتجلى ذلك في قوله تعالى : ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين، إذن فالحكمة والعلم جزاء المحسنين.
أما الذي أدرك هدى الله واستيقنته نفسه ولم يتبعه واتبع هواه فإنه بذلك لم يرد أن يستفد من وسائل الإدراك ،ولم يعرها أية قيمة، فمادام أساء استعمالها ولم يقدرها حق قدرها فلا داعي أن يبقي الله له هذه النعمة العظيمة بل يختم الله على قلبه وسمعه ويجعل على بصره غشاوة.
ونلاحظ عظمة نعمة العلم في قوله تعالى : إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم).لقد أضاف الله إسمه (الأكرم) إلى (ربك) لأن الذي يمن بأعظم نعمة لا يعتبر كريما فقط بل أكرم الكرماء.
العلم هو أساس كل نجاح في أي مجال من مجالات الحياة، وكل فشل في أي شيء ناتج عن سوء تقدير ونقص في الإدراك والعلم.
إذن كل نجاح في الحياة مرده إلى العلم، فالغني بالمال لم يصل إلى ما وصل إليه من غنى إلا لأنه ذو علم بأمور بالتجارة ودراية بأسباب الربح.وإذا كان المال يكسب صاحبه النفوذ فإن الفضل في كسب النفود يعود إلى العلم. ونحن نلمس ذلك اليوم في أقوى دولة في العالم ، فهي بعلم التكنولوجيا وعلم التجارة صارت أغنى دولة في العالم، وبالمال اكتسبت النفوذ ووظفت الأموال في بناء قوتها لتعزيز نفوذها، فدخلها من الضرائب والموارد يصل إلى 3000 بليون دولار.
وكنا نأمل أن يكتسب الإنسان الحكمة من العلم إلا أنه رغم رقيه في الحضارة لا زال يطبق قانون الغاب ولم يرتق إلى درجة أكثر من مستوى وحوش الغابة، فأنشأ مجلسا للأمن الدولي لصناعة القرار العالمي وإصدار الأحكام، وجعل عضويته الدائمة للدول الأقوى تسلحا في العالم، وأقوى هذه الدول الخمس هي التي تسمح بتمرير الأحكام أو رفضها، أليس حكم القوي هو قانون الغاب!!؟
القوي قد يكون غالبا(عزيزا) في ميدان ونوعية القوة التي يتمتع بها ، ولكن القوي لا يمكن أن يكون حكما، فالله تعالى لم يصف القوي بالحكيم وإنما وصفه بالعزيز فقال (قوي عزيز) ). وأما الحكم العادل فهو الذي يصدر ممن هو عليم بأحوال الناس ، ولذلك يوصف العليم بالحكيم ،والحكيم بالعليم.
إن أول ما يتبادر إلا أذهاننا- ونحن نقرأ الآيات الخمس الأولى من سورة العلق- أن الإنسان سيعلمه الله العلم وسيعم العالم النور ويصبح الناس إخوانا يعيشون في سلام ورقي حضاري وسيوظف الإنسان العلم في مجال التنمية لترفيه الحياة البشرية...
هذه الأماني والأحلام الوردية هي التي تأتي إلى بالنا عند قراءتنا للآيات الخمس من سورة العلق، لكن الله سبحانه يضرب عن كل هذه الخواطر في قوله بعد ذلك : كلا إن الإنسان ليطغى. فكلمة (كلا) لا تأتي ابتداء في الكلام وإنما تأتي لتضرب عن كلام سابق، فهي حرف استدراك، والكلام الذي أضربت عنه هو تلك الخواطر.
وها نحن نرى اليوم أن الذين علمهم الله ما لم يعلموا هم الذين طغوا لما استغنوا بعلمهم، والدولة التي أوتيت النصيب الأكبر من العلم والتي بالعلم كسبت المال والنفوذ العالمي لم تحسن كما أحسن الله إليها،فاحتكرت التكنولوجيا وتبدل أقصى جهودها في سبيل الحفاظ على تفوقها، وسخرت ما أوتيت من علم في بناء قوتها لتجعل من نفسها أكبر قوة في العالم، وسمحت لنفسها بصناعة كل أسلحة الدمار الشامل بينما منعته عن غيرها لكي تبقى هي الأقوى والأعلى، وتريد أن تشرع للعالم نظاما عالميا جديدا موافقا لهواها.
أليس هذا تصديقا لقوله تعالى : كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى؟
ها نحن رأينا فرعون يبعث من جديد وكأن التاريخ يعيد نفسه، بل هذه المرة يعود بطغيان أكبر من الأول.
هذه المرة علا في الأرض كلها وليس في أرض مصر فقط كما حصل في المرة الأولى، وجعل أهل الأرض شيعا، من ليس معه فهو عدوه. وبات يراقب سكان العالم ويتجسس عليهم بأقماره المنتشرة في السماء، وكل قرار في مجلس ال لا أمن لا ينفذ إلا إذا جاء موافقا لهواه، لقد جعل من نفسه إلها في الأرض يشرع للناس القوانين من عنده، والويل لمن عصاه وتمرد عليه.
إذن ها هو فرعون يعود بفساد أكبر وأوسع من فساده الأول. فهل يأخذه الله نكال المرة الآخرة كما أخذه نكال المرة الأولى؟
أم ينذره ويريه الآية الكبرى كما أراه إياها المرة الأولى؟
بما أن الله عزيز حكيم ولا تتغير ولا تتحول سنته فإننا نرى أنه سيعامله مثلما عامله في المرة الأولى، وسيبين له آية الإسلام الكبرى لعله يذكر أو يخشى وبذلك يكون قد أقام عليه الحجة.
 
مما سبق يتضح لنا أن آيات الله يعقلها العالمون، فلو أنني حكبت
ما كتبت لرجل غير متعلم لا يقرأ ولا يكتب هل بإمكانه أن يفهم شيئا مما ذكرت؟ بالطبع لن يفهم شيئا إلا إذا تعلم بالقلم القراءة والكتابة.
إذن كان من الحكمة أن يعلم الله الإنسان ما لم يعلم ليدرك بالعلم البينات. وكان من الحكمة أن ينبه ا لله على ذلك في أول ما أنزل من الوحي، ففي عرفنا نحن البشر إذا كلفت أحدا بمهمة فإنك لا تكلف إلا من ترى فيه الكفاءة لإنجاز المهمة ، فإذا توفرت فيه الشروط تسلمه
الكاتالوج أو التصاميم ليقرأها ويتبع تعليماتها.
كذلك أنزل الله كتابا محكما ، آياته من جنس الحكمة، فكان من الحكمة أن يعلم الله رسوله الحكمة التي تؤهله لفهم الكتاب ومراد كلام الله.
ولقد جئت عند قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم حم، تنزيل من الرحمن الرحيم، كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون).
والسؤال الذي يأتي إلى الأذهان هو : كيف يدرك هؤلاء الذين يعلمون أنه تنزيل من الرحمن الرحيم إذا لم يبين الله لهم ذلك!؟
فكان من الحكمة أن يجيبنا الله على هذا التساؤل ويقول في نفس السورة قبل أن يختمها : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى بتبين لهم أنه الحق....).
والحق أن أحكم مثل يضرب لهدى الله يجب أن يضربه للإنسان في نفسه وفي الآفاق.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل متابعة الكلام عن آية الإسلام لا بد من العودة إلى التفكر في رسالة
النبي عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
من الحكمة أن تكون طبيعة الرسول الذي يؤتيه الله معجزات عظيمة كإحياء الموتى... من جنس هذه المعجزات.
إذن فكان من الحكمة أن يولد المسيح بدون أب، وذلك يناسب آية إحياء
الموتى. بل إن آية المسيح في نفسه أعظم من آية إحياء الموتى.
لأن كلمة الله ألقيت إلى أمه دون أن يكون شيئا مذكورا، لم يكن نطفة ثم علقة كأي إنسان ثم ينفخ فيها الروح، نفخت الروح في مريم فصارت إنسانا إسمه عيسى، بينما آية إحياء الموتى التي أوتيها عيسى هي إعادة الروح لجسم كانت فيه قبل ذلك.
فآي الآيتين أعجب ؟ آية المسيح في نفسه أم آية إحياء الموتى؟
لا شك أنها آية المسيح في نفسه، فالذي ينكر البعث لو أنه تفكر في نفسه وكيف أنه لم يكن شيئا مذكورا ثم صار إنسانا من جسد وروح، لو تفكر في هذا لما أنكر البعث، ولذلك حينما يوجه الله السؤال للإنسان : أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟ فالمؤمن يقول : بلى إن الله قادر على إحياء الموتى. أما الذي عنده شك فيذكره الله بهذا السؤال :
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا؟
كلنا لم نكن شيئا مذكورا ، والمسيح عليه السلام هو أكثر من تتجلى فيه ( لم يكن شيئا مذكورا) وذلك لطبيعة المهمة التي أسندت إليه.
والحكمة تتطلب أن تتوافق آيته في نفسه ( الطريقة التي جاء بها إلى الحياة) مع المعجزة التي أيده الله بها ( إحياء الموتى...).
آية المسيح في نفسه وآياته التي أيده الله بها : خلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وإحياؤه الموتى بإذن الله ...
كل ذلك يزيل الشك من قلوب الذين لا يؤمنون بالساعة. إذن فالمسيح بآيته في نفسه وآياته التي أوتيها دليل وعلامة على أن الساعة حق،
ولذلك يقول تعالى : وإنه لعلم للساعة أي أن كل من يشكك في الساعة لو تذكر آية المسيح في نفسه والآيات التي أوتيها لعلم أن الساعة حق.
رسالة المسيح عليه السلام بما فيها من بينات هي رسالة لمنكري اليوم الآخر فجاءت لتعطي اليقين أن الله يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
ورسالة الإسلام جاءت لتبين أن الله هو الحق، والحق هو الصواب، ولا يكون الحق حقا إلا إذا وضع في موضعه الذي يجب أن يكون عليه، ولا يضع الشيء في موضعه إلا من له الكمال في الحكمة، وكيف يعلم الإنسان الحق من الباطل والصواب من الخطأ إذا لم يعلمه الله العلم الذي يدرك به أن الله هو الحق ، وأنه عزيز حكيم وضع كل شيء في موضعه الذي يجب أن يكون عليه؟
إذن لكي يدرك الإنسان أن الله هو الحق لابد أن يعلمه الله مالم يعلم.
إذا كانت الحكمة تقتضي أن تكون طريقة مجيء المسيح إلى الحياة متناسبة مع طبيعة الآيات التي أوتيها، فكذلك الشأن يكون في رسالة الإسلام، رسالة الإسلام آياتها من جنس الحكمة، إذن فلا بد أن محمدا رسول الله تتجلى الحكمة في الطريقة التي جاء بها إلى الحياة الدنيا.
إنها آية أعجب وأعظم يقينا من آية عيسى في نفسه.
تذكروا جيدا أن الله ما نسخ آية المسيح بآية الإسلام إلا لأن آية الإسلام خير منها في اليقين أو على الأقل مثلها.
فهل سنعلم في الأيام المقبلة تلك الآية؟
 
قلت إن أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى : إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.

و قال الله بعد ذلك : كلا إن الإنسان ليطغى.... إلى آخر السورة.
هاهو قول الله (كلا إن الإنسان ليطغى) قد تحقق ، فالإنسان الذي أوتي النصيب الأكبر من العلم هو الذي طغى بعد أن رآى نفسه قد استغنى.
هاهو قد جعل الناس شيعا، من ليس معه فهو ضده، يذيق العذاب كل من لم يتبعه بالحرب أو الحصار.
فهل يترك الله الطغاة يفسدون في الأرض ؟
كلا. سنة الله لا تتغير منذ خلق الكون، كل الذين طغوا أهلكهم الله,
ولذلك لا بد أن ينزل الله رحمته التي ينجي بها المستضعفين من ظلم الطاغية، وأنسب زمن لتنزيل تلك الرحمة هو شهر الرحمة رمضان،
وأنسب ليلة من رمضان ينزل الله فيها تلك الرحمة هي ليلة القدر، لتكون آية للمؤمنين، فهم المستضعفون المعنيون بتلك الرحمة.
قال الله بعد سورة العلق : بسم الله الرحمن الرحيم : إنا أنزلناه في ليلة القدر....).
نحن المسلمون نعلم أن ما أنزله الله في ليلة القدر هو القرآن، لكن الله
يجعل الضمير في (أنزلناه) يعني أية رحمة ، أي خير، فإذا كان الضمير (ه) يعني القرآن الذي أنزل قبل 1400 سنة، فماذا عساه أن يكون في هذه المناسبة؟
لنعد إلى القرآن نفسه لنرى ماذا يمكن ينزل الله من رحمات أخرى في لي ليلة القدر.
قال تعالى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
يتبين لنا في الآية عطف بالواو مما يعني أن شهر رمضان أنزل فيه :
1) القرآن هدى للناس.
و
2)بينات من الهدى والفرقان.
وبهذا نعلم أن الرحمة التي سينزلها لينصر الله به عباده المؤمنين هي بيان الهدى، وعندنا شواهد من القرآن أن الله لا يهلك الطغاة إلا بعدما يبين الله لهم آياته لعلهم يذكروا أو يخشوا. ففرعون أراه الله الآية الكبرى وثمود وغيرهم، كذلك فإن طاغية هذا الزمان لم تستيقن نفسه
أن الإسلام حق وأن محمدا رسول الله، إذن فلا يهلكه الله بعذاب من عنده حتى يريه ويبين الله له آياته فيستيقن أن الإسلام وأن محمد رسول الله، فإن آمن آمنه الله من خوف، وإن جحدها ظلما بعدما استيقنتها نفسه فاعلموا أن هلاكه بات متوقعا .
ولقد جاءت بعد سورة القدر سورة تسمى سورة البينة مما يعني أن الضمير في ( أنزلناه) هو البينة (بينات من الهدى والفرقان) وهي سورة تقص علينا ما سيكون من أخبارهم بعد أن تأتيهم البينة،
سيتفرق أهل الكتاب والمشركون إلى فريق مؤمن و فريق جاحد
 
في المرة القادمة سأتكلم عن آيات الله في الأنفس وفي الآفاق .
والسلام عليكم ورحمة الله
 
كل عام وأنتم بخير .
مبارك عليكم العيد.
ماهو رأيكم ، هل هو موضوع يستحق المتابعة؟
سأعود لإكماله متى سمح الوقت بذلك.
 
عودة
أعلى