بيجوفيتش والإنتصار للإسلام (دراسة لمشروعه الفكري)(1) الإسلام بين الشرق والغرب - طارق منينة

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
قدم علي عزت بيجوفيتش لكتابه الإسلام بين الشرق والغرب بملاحظات أولية كما دار قبل ذلك حول الموضوع بتأكيد مفاهيم مسبقة وجوهرية في الإسلام وفطرية وعقلية وحياتية ، فمنحنا تصور أولي عن مضمون كتابه وغرضه ومرماه ، وتصوراته في معركة الحياة مع المادية المتوغلة، والتي راقبها عن نظر وقراءة واستبصار حقيقي بموضوعاتها ، ومجالاتها، ومحيطها.
فكان مما أورده في البداية أن القرآن ليس كتاباً أدبياً وإنما هو حياة
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص34.
وأن
القرآن قد برهن في حياة محمد صلى الله عليه وسلم -يقول بيجوفتش- :" على أنه وحدة طبيعية : من الحب والقوة، المتسامي والواقعي، الروحي والبشري. هذا المركب المتفجر حيوية من الدين والسياسة يبث قوة هائلة في حياة الشعوب التي احتضنت الإسلام. في لحظة واحدة يتطابق الإسلام مع جوهر الحياة"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص34.
وأن
الإسلام لايمكن حبسه في الزهد أو في العقل ، وهو لايتعارض مع العلم ولا مع النفس البشرية أو السمو الروحي ، فهو كشأن الإنسان له روح وجسد، فالإسلام كما يقول عزت بيجوفيتش:" لايمكن حبسه في تصنيف أحد الفريقين دون الآخر"(يقصد طريق الزهد وطريق العقل)
فالصوفية تحجم الإسلام " في صيغة دينية خالصة"، والعقلانيون أهملوا الجانب الروحي أوالديني في الإسلام.
انظرعلي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ، ص35.
كان منطلق بيجوفيتش في كتابه الحديث عن الإنسان وعن الحرية وعن طبيعة الكيان الإنساني
:" إن الحرية والإشتراكية لايلتقيان ، رغم كل محاولات الإقناع بذلك"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص33.
:" إن تعريف الإسلام بأنه مركب يؤلف بين الدين والمادة، وأنه يقف موقفاً وسطاً بين المسيحية والإشتراكية، هو تعريف تقريبي يمكن قبوله تحت شروط معينة. إنه تعريف صحيح بوجه ما، ولكن من بعض الوجوه وليس جميعها. فالإسلام ليس وسطاً حسابياً بسيطاً ولا قاسماً مستركاً بين تعاليم هاتين العقيدتين"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص34.
تكلم علي عزت بيجوفيتش عن الطوباويات الماركسية في الصين وكوريا الشمالية وفيتنام وأنها من الناحية العملية استعارت من منظومات نقيضة، فهي غير ثابتة من الناحية العملية، فلم تصغ معايير تعكس العلاقات الجديدة في القاعدة الاقتصادية ، وإنما راحت تأخذ من المعايير الأخلاقية التقليدية السائدة :" وبخاصة اثنين منها، وهما: التواضع واحترام كبار السن. وهكذا، وجدنا الماركسية المتطرفة تستعير المبدأين السائدين نفسيهما في الديانة القائمة، ويعترف مؤلفو النظام بهذه الحقيقة رغماً عنهم، ولكن تبقى الحقائق كما هي، بصرف النظر عن اعترافنا بها. في بعض الدول الاشتراكية يُكافأ على إتقان العمل بحوافز معنوية غير الحوافر المادية، مع أن الحوافز المعنوية لايمكن تفسيرها في إطار الفلسفة المادية، والأمر نفسه ينطبق على دعوات: الإنسانية والعدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان... وهلم جرا، فهذه الدعوات جميعا مصدرها الدين"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص32.
ويقصد بمصدرها الدين أنها من طبيعة تعمل حساب الكيان البشري بإعتباره قادر على التجاوز لوجود الروح البشري، وهذا التجاوز أو الروح، أو الأصل الرباني للإنسان، كما قال المسيري (قبس الروح) لاتعترف به الماركسية المادية لأنه خارج عن نطاق المادة، وكل خارج عن نطاق المادية هو خارج عن النظرية وإن حاولوا حشره فيها، فالأصل في الماركسية هو أن المادة هي الأصل ، والتفسير الإقتصادي هو الوحيد الذي يمكنه أن يفسر الحياة والإنسان والمادة.
كما تكلم عن حقيقة أن الإسلام لايتعارض مع العلم
انظرعلي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ، ص35.
وعن الغاية من وجود الأمة الشاهدة
:" إن الإسلام لم يكن مجرد أمة إنما هو على الأرجح دعوة إلى أمة " تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر" أي تؤدي رسالة أخلاقية. وإذا نحن أغفلنا المكون السياسي للإسلام وقصرناه على النزعة التصوفية الدينية ، فإننا بذلك نكرس صامتين التبعية والعبودية"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص36.
:" من أجل مستقبل الإنسان ونشاطه العملي، يُعنى الإسلام بالدعوة إلى خلق إنسان متسق مع روحه وبدنه، ومجتمع تحافظ قوانينه ومؤسساته الإجتماعية والإقتصادية على هذا الإتساق ولاتنتهكه"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص36.
"فكما أن الإنسان هو وحدة الروح والجسد، لإغن الإسلام وحدة بين الدين والنظام الإجتماعي، وكما أن الجسم في الصلاة يمكن أن يخضع لحركة الروح ، فإن النظام الاجتماعي يمكن بدوره أن يخضع للمثل العليا للدين والأخلاق. هذه الواحدة، الغريبة عن المسيحية وعن المذهب المادي معاً، ميزة في الإسلام بل هي من أخص خصائص الإسلام"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ص41.
وعن مستقبل الإسلام
:" إن الإسلام هو - وينبغي أن يظل كذلك- البحث الدائم عبر التاريخ عن حالة التوازن الجواني والبراني هذا هو هدف الإسلام اليوم، وهو واجبه التاريخي المقدر له في المستقبل"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص36.
وعن موقف الإسلام من جانب أصيل من حياة الإنسان، وهو الجانب الأعلى لسياسة الإنسان.
:" يبرز أمامنا عالمان منقسمان، حتى النخاع ، سياسياً وعقائدياً ووجدانياً. إننا نشاهد بأعيننا تجربة تاريخية رهيبة عن ازدواجية عالم الإنسان"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص36.
:" كان على الإسلام الذي يحتل موقعاً وسطاً بين الشرق والغرب أن يصبح على وعي برسالته الخاصة، والآن، وقد أصبح من البين أكثر وأكثر أن هذه الأيديولوجيات المتضاربة بأشكالها المتطرفة -لايمكن فرضها على الجنس البشري، وأنها يجب أن تتجه إلى مركب جديد وموقف وسطي جديد-نود أن نبرهن أن الإسلام يتسق مع هذا الأسلوب الطبيعي من التفكير، وأنه التعبير الأكثر تناغماً معه. وكما كان الإسلام في الماضي" الوسيط" الذي عبرت من خلاله الحضارات القديمة إلى الغرب، فإن عليه اليوم مرة أخرى- ونحن في عصر المعضلات الكبرى والخيارات- أن يتحمل دوره " كأمة وسط" في عالم منقسم . ذلك هو معنى الطريق الثالث، طريق الإسلام"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص37.
 
سيخصص علي عزت بيجوفتش القسم الثاني من كتابه هذا(الإسلام بين الشرق والغرب)، للإجابة على سؤال: هل هناك وسيلة ما يمكن بواسطتها للعلم أن يخدم الدين والصحة والتقوى والتقدم والإنسانية؟ هل يمكن لطوبيا مملكة الأرض أن يسكنها أناس بدلاً من أفراد مجهولي الهوية بلا وجوه، وأن تتمتع بملامح " مملكة الله" على الأرض" ، إن القسم الثاني من كتابه هذا مكرس للإجابة على هذا السؤال.
وفي المقطعين الفائتين أوردنا إجابة مستعجلة على السؤال، وسيفصل بيجوفيتش الكلام حولها، وسيجري مناقشتها خلال مناقشة سلسلة من الموضوعات في مجالات الدين والقانون والثقافة والتاريخ السياسي، وهو يبدأ بمقارنة بين رسالات موسى وعيسى ومحمد (عليهم الصلاة والسلام)، فالقرآن يجمع بين الواقعية الموسوية والمثالية المسيحية الحقيقية.
وسيتطرق المؤلف في الفصل الثامن لتحليا أعمدة الإسلام الخمسة ، ومنها الصلاة.
انظر علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص41،42.
 
[FONT=&quot]يعتبر بيجوفيتش أن الصلاة هي خلاصة الإسلام، وهي شفرته أو صيغته الكودية، فهي تمثل الرؤية الجوانية الحقيقية، مع عملية الوضوء ، وهي عملية تناسب بين العلاقة ونظافتها والإقبال عليها بروح عاقلة نظيفة ، وهما -أي الصلاة والوضوء- مبدآن يذهبان عميقاً في الإسلام أي العقلانية والجوانية، أما العقلانية الغربية المادية فترفض (الجوانية)، والرؤيا الجوانية المجانبة للإسلام تستبعد المدخل العقلاني ، والصلاة والوضوء تشكلان هنا (مبدأ التوازن في الصلاة) ' ذلك أن الرؤى الجوانية المناقضة للإسلام تستبعد العقلانية ، والعقلانية (التي تمسى كذلك وليست كذلك)، المخالفة للإسلام، ترفض الرؤية الجوانية أو حقيقة الصلة بين الغيب والإنسان، الروح والجسد، العلاقة والإقبال الكلي ، ولذلك فالإسلام، هو الإستسلام العاقل لله.[/FONT]
[FONT=&quot]انظر علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص42.
إنه [/FONT]
[FONT=&quot]يقصد ان الصلاة والوضوء مثل الجسد والروح توازن عقلاني وجواني مفهوم ومعقول.[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فالوصوء إنعاش للجسد وطهارة وإحساس بشعور بالدخول في عالم جديد والصلاة بشمولية مافيها من تذلل ودعاء وقراءة وتحليق فيها من الروح والعقل والوجدان والعلم والتعلم والحقيقة والتاريخ والعبرة والوعي مافيها مع قراءة العلم القرآني وآياته
والتعبير بالجوانية إنما هو تعبير عن قلب الإنسان داخل الكيان الإنساني بخطوطه وطبيعته ومقوماته وخصائصه [/FONT]
[FONT=&quot]وهو تعبير عن ماهية الانسان ككل ولمحمد قطب كتاب دراسات في النفس الانسانية اكتشف ٨ خطوط غير مرئيّة للجوانبة أو لإمتزاج طبيعتي الروح والجسد في الكيان الإساني الواحد.[/FONT]
 
[FONT=&quot]يبدأ كتاب الإسلام بين الشرق والغرب لعلي عزت بيجوفيتش "فعلياً" ، كما أشرنا من قبل، بدارون (ذلك الصنم الذي فرقوه على القبائل المتحالفة ضد الدين والخلق والإنسان والغيب)[/FONT]
[FONT=&quot]وهي قبائل علوم الإنسان والمجتمع والنفس والسياسة والاقتصاد الغربية.[/FONT]
[FONT=&quot]وتعبير القبائل هو لي.[/FONT]
 
[FONT=&quot]فتحت عنوان (دارون ومايكل أنجلو) ، يمهد بيجوفيتش للموضوع بقوله إن " قضية أصل الإنسان هي حجر الزاوية لكل أفكار العالم"[/FONT]
[FONT=&quot]علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ص 47.[/FONT]
 
وبعد أن يعرض المؤلف كيف نظر العلم الغربي، المادي، الحديث، الذي أصطنع لنفسه نظرة خاصة وهو يتوجه للإنسان ويفرض رؤيته عليه، و(كونياً) ، ويتوجه به إلى التعامل مع الأشياء، كما سيظهر في الماركسية، والوجودية، والرأسمالية والتفكيكية، وغيرها، وبعد أن يعرض كيف يتحدث الدين والفن عن خلق الإنسان (والخلق هو فعل إلهي)، راح ينتقل نقلة للسؤال الأهم وهو سؤال: ماهو الإنسان، وهل هو جزء من العالم أو شئ مختلف عنه؟
ثم راح يستعرض نظرة الماديين إلى الإنسان.
انظر علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص47.
يقول الماديون: إن الإنسان هو الحيوان الكامل... وأن الفرق بين الإنسان والحيوان إنما هو فرق في الدرجة وليس في النوع، فليس هناك جوهر إنساني متميز. الذي يوجد فحسب،" فكرة تاريخية واجتماعية محددة عن الإنسان" و " التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وحده هو التاريخ الذي يوجد على الحقيقة"."إن الإنسان نظامSystem كغيره من النظم في الطبيعة يخضع لقوانين الطبيعة الحتمية العامة". وتطور الإنسان متأثر بحقيقة موضوعية خارجية - هي العمل. أو كما قال فردريك إنجلز: " إن الإنسان نتاج بيئته وعمله". وماخلق الإنسان إلا عملية بيولوجية خارجية تحددها حقائق روحية خارجية. فاليد تسبب وتدعم تطور الحياة النفسية... " فاكتشافها مع اكتشاف اللغة حدد نهاية التاريخ الحواني وبداية التاريخ الإنساني"
يعلق علي عزت بيجوفيتش على تلك الأفكار المادية (وبعد أن نقل كلام للمفكر الماركسي إنجلز صديق ماركس)، بقوله :" هذه الأفكار تبدو مقنعة ، ولكن الذي يبدو فيها بوضوح أنها في الوقت نفسه إنكار جذري للإنسان"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص47،48.
ثم يقول:" في الفلسفة المادية يُفكك الإنسان إلى أجزائه التي تكونه، ثم يتلاشى في النهاية"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص48.
مضيفاً:" وقد أوضح إنجلز أن الإنسان نتاج علاقات اجتماعية أو بدقة أكثر هو نتاج أدوات الإنتاج الموجودة. الإنسان ليس شيئاً يُذكر ولا هو خَلَقَ شيئاً، بل على العكس ، إنه مجرد نتاج حقائق معينة"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ،ص 48.
قلت: تعتبر الفكرة المادية الإنسان أنه فكرة معكوسة عن نظريات (وكما عرض بيجوفيتش نظرة إنجلز الماركسي لو صح التعبير فهناك نظريات أخرى تنظر إلى الإنسان من خلال اللغة أو نظريات نفسية كنظرية فرويد مثلا)!
كما تعتبره حقيقة حيوانية من نتاج نسل الحيوان!
وهذه الخرافات عن الإنسان يعتبرها أصحابها حقائق!
هو نتيجتها!
ذلك أنهم يلغون أولاً أصل الإنسان في الدين ثم يخترعون له أصولاً مادية تختلف بإختلاف مشاربها.
وفي جملة بليغة يعرض فيها كيف زور وزيف دارون حقيقة الإنسان وكل مايتعلق به قال بيجوفيتش
:" لقد أخذ "دارون" هذا الإنسان اللاشخصي بين يديه ووصف تقلبه خلال عملية" الإنتخاب الطبيعي" حتى أصبح قادراً على الكلام، وصناعة الأدوات، يمشي متاصباً. ثم يأتي علم البيولوجيا ليستكمل الصورة ، فيرينا أن كل شئ يرجع إلى الأشكال البدائية للحياة والتي هي بدورها ، عملية طبيعية كيميائية.. لعب بالجزيئيات. أما الحياة والضمير والروح فلا وجود لها، وبالتالي ليس هناك جوهر إنساني"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ، ص48.
 
لاينكر علي عزت بيجوفتش أن الإنسان يحوي جانباً حيوانياً أو طبيعيا (من الطبيعة)،" فالمادية تؤكد دائماً على ماهو مشترك بين الحيوان والإنسان، بينما يؤكد الدين على مايفرق بينهما"
الإسلام بين الشرق والغرب، عزت بيجوفيتش، ترجمة محمد يوسف عدس، طبعة المانيا، مؤسسة بافاريا، ص 80.
ولم يكن نزاع الإسلام مع العلم الغربي المادي، الإفتراضي، وليس الثابت والنهائي ، والحقيقي، هو حول الجانب الحيواني أو المادي أو الطبيعي في الإنسان، وإنما الإختلاف الجوهري في شمولية هذا الوصف على الكيان الإنساني كله، فضلاً عن مصدر الإنسان وأنه مخلوق مربوب.​

وفي ذلك يقول بيجوفيتش:" إن القول بأن الإنسان ( باعتباره كائناً بيولوجياً) فيه طبيعة حيوانية ، جاء عن طريق الدين قبل دارون ، وقبل " دي لامارك"... فالدين يذهب إلى أن الحيوانية جانب من جوانب الإنسان. وإنما يكمن الفرق في مدى سمولية هذا الجانب. فطبعا للعلم(يقصد العلم المادي، أي إفتراضاته فيه، إختزالية وأُحادية)، : الإنسان ليس أكثر من حيوان ذكي، وطبقاً للدين : الإنسان حيوان(يقصد من الحياة) مُنح شخصية ذاتية"​

علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ، ص50.​
 
نهاية العلم الغربي المادي: "يجعل الحياة خلوا من الحياة، ويجعل الإنسان خلواً من الإنسانية".
إن ما آل إليه علم الإفتراضات ، عن الإنسان، في الغرب، والتخرصات المتراكمة المتعاقبة، التي جُعلت حقائق فيما بعد، مثل نظرية دارون ، ومن قبلها نظرية " رينان" ، في " الأعراق البشرية"، ونظرة فرويد الجنسية عن أصل الإنسان وأصل البشرية، وما تعلق بها أو بُني عليها، هي وغيرها من خرافات وأساطير، وسيطرت فيما بعد على نظرية المعرفة في علوم الإنسان والإجتماع الغربيين، إنما هو الصورة غير الدقيقة عن العلم والعالم، بل إنها أكبر عملية تغيير لحقيقة الإنسان وعلاقاته بالعالم ، وبمن حوله.
فالإنسان ليس نتاجاً للعالم الواقعي العلماني، ولا هو جزء من هذا العالم المادي غير مختلف في حقيقته الكلية عنه.
من هنا يتشكك علي عزت بيجوفيتش في الصورة التي رسمها العلم المادي الغربي، أو بالأحرى ( نظرياته الخاطئة) والتي ادعى أنها كاملة، وحاول فرضها على العالم بالعلمنة والعولمة.
يقول بيجوفيتش عن هذا العلم أو بالأحرى تخرصاته التي جعلوها علماً(وهي خارج حقيقة ونتائج العلم الحقيقي)، أو التي تفتقر إلى كثير من أبعاد الحقيقة العلمية والكونية والإنسانية ، خصوصاً موضوع الإنسان، الذي يدور حوله كلام بيجوفيتش:" إن العلم يعطينا صورة فوتوغرافية دقيقة للعالم، وإن كانت تفتقر إلى بُعد جوهري للواقع. حيث يتميز العلم بفهم طبيعي خاطئ لكل ماهو حي وكل ماهو إنساني. إنه بمنطقه التحليلي المجرد يجعل الحياة خلوا من الحياة، ويجعل الإنسان خلواً من الإنسانية. إن العلم في علاقته بالإنسان ممكن فقط، إذا ماكان الإنسان حقاً جزءاً من العالم أو نتاجاً له -بمعنى آخر- أن يكون شيئاً. وعلى عكس ذلك، الفن ممكن فقط إذا كان الإنسان مختلفاً عن الطبيعة... فكل الفنون تحكي قصة متصلة لغُربة الإنسان في الطبيعة"
علي عزت بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف عدس، مؤسسة بافاريا، ، ألمانيا، طباعة دار النشر للجامعات-مصر، الطبعة الثانية 1997م ، ص49.
 
عودة
أعلى