عبد الحميد بن المير
New member
الرسول يحاول الانتحار !
قال أيلال : -الرسول يحاول الانتحار
في " صحيح البخاري برقم ( 6581) من كتاب " التعبير " ، باب " أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة " "قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : ... وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ؛ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ " .
الحديث ورد في كتاب من كتب صحيح البخاري ، وهو يتهم الرسول بمحاولة الانتحار ، ومحاولة الانتحار لاتنتج عن إنسان سوي ، فهي نتيجة لاضطرابات نفسية ، فكيف يسوغ لإنسان مسلم أن يتهم رسوله بهذا ، ورغم المحاولة التي قام بها ابن حجر العسقلاني وغيره لتبرير رواية البخاري لبلاغ إقدام الرسول على محاولات الانتحار مرات عدة ، معتبرا أن الزياد "فيما بلغنا" وما بعدها ليست من كلام عائشة بل هي زيادة للزهري ، لكن رغم أن هذا تأويل مجرد تأويل ، فالكذب على رسول الله واضح من خلال الرواية الموجودة في صحيح البخاري ، لكن عباد الأسطورة لا يتورعون عن القول :"إن كل ما في صحيح البخاري صحيح"[1]
و قال أيضا : من بلاغات صحيح البخاري في أول كتاب منه يتهم الرسول بمحاولة الانتحار -حاشاه صلى الله عليه وسلم- وإليكم نص ما ورد بصحيح البخاري بكتاب التعبير باب أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة بالحديث رقم [ 6581 ] [حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ]. لكن مازال البعض يعتقد أن كل ما في صحيح البخاري صحيح ، افلا تعقلون؟!!!![2]
تخريج رواية البلاغ :
البخاري رقم 6982 ج 9ص 29 و احمد في المسند رقم 25959 ج 43/112-113 . عبد الرزاق في المصنف 5/323 ابن عوانة في المستخرج رقم 328 ج1/102 و ابن حبان في الصحيح رقم 33 ج 1/216 ، ابن منده في الإيمان 2/692 ، اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة 4/835 ، ابو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة 214 ، الدولابي في الذرية الطاهرة 33، ابن عبد البر في اختصار المغازي و السير 33 و ذكره القاضي عياض في الشفا 2/244 و ابن كثير في السيرة 1/386 و البغوي في الأنوار في شمائل النبي المختار 17.
- صنيع البخاري رحمه الله :
أخرج هذه الرواية في صحيحه في مواضع متعددة و لم يذكر في واحد منها ما ذكره في رواية باب أول نا بدئ به رسول الله صلة الله عليه وسلم ! فمن ذلك أنه أخرجه من حديث الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة الى قوله : " ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، و فتر الوحي . قال ابن شهاب : و أخبرني ابو سلمة ... ." دون ذكر محاولة التردي .
ثم أخرجه في (باب واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصا) رقم 3392 ج4/151
عن ابن شهاب أيضا و ليس فيه ذكر بلاغ محاولة التردي . و أخرجه في ( باب ما ودعك ربك و ما قلى ) رقم 4953 ج 6/173 عن ابن الشهاب عن عروة عن عائشة و فيه : " ثم لم ينشب ورقة أن توفي و فتر الوحي حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم .
فهذه الزيادة ليست من شرطه في الصحيح " و لعل البخاري ذكرها لينبهنا الى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي الذي لم تذكرفيه هذه الزيادة .[3]
ثم إن القائل فيما بلغنا هو الزهري ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا.
وقال الكرماني[4] هذا هو الظاهر ويحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور ووقع عند بن مردويه في التفسير من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله فيما بلغنا ولفظه فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزنا غدا منه إلى آخره فصار كله مدرجا على رواية الزهري وعن عروة عن عائشة ، والأول هو المعتمد قوله فيها .[5]
قال الدكتور أبو شهبة : هذه الرواية ليست على شرط الصحيح ، لأنها من البلاغات ، و هي من قبيل المنقطع ، و المنقطع من أنواع الضعيف ، و البخاري لا يخرج إلا الأحاديث المسندة برواية العدول الضابطين ، و لعل البخاري ذكرها لينبهنا الى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي الذي لم تذكرفيه هذه الزيادة .[6]
قال الألباني – رحمه الله - : إن لهذه الزيادة علتين :
الأولى تفرد معمر بها دون يونس و عقيل ، فهي شاذة .
الأخرى : أنها مرسلة معضلة ، فإن القائل ( فيما بلغنا) إنما هو الزهري ، كما هو ظاهر من السياق ، و بذلك جزم الحافظ في الفتح ، و قال : و هو من بلاغات الزهري و ليس موصولا .[7]
أما قوله طاعنا في ابن حجر : " ورغم المحاولة التي قام بها ابن حجر العسقلاني وغيره لتبرير رواية البخاري لبلاغ إقدام الرسول على محاولات الانتحار مرات عدة ، معتبرا أن الزياد "فيما بلغنا" وما بعدها ليست من كلام عائشة بل هي زيادة للزهري ، لكن رغم أن هذا تأويل مجرد تأويل ، فالكذب على رسول الله واضح من خلال الرواية الموجودة في صحيح البخاري "
فما قام به ابن حجر و غيره من العلماء و المحدثين إنما هو نقد حديثي صرف خاضع لقواعد علم الحديث .ثم إن التأويل لا يكون للظاهر إلى المعنى البعيد، وليس إلى المتبادر، فهذا الصحفي العقلاني لا يفرق بين الظاهر و التأويل و لا يستطيع فهم عبارات و مصطلحات العلماء ثم يستدرك و يعقب عليهم بهذه الطريقة الصبيانية .
فالعلماء انما انتقدوا هذه الزيادة التي تفرد بها معمر دون باقي الرواة عن الزهري .
أما ما إحتواه هذا الكلام من إسفاف و طعن في العلماء فقد خصصنا له مبحثا خاصا سنسرد فيه قاموس شتائمه و طعونه لنكشف للقارئ زيف ما يتغنى به الحداثيون من إحترام لحرية التعبير و عدم تعيير أو شتم الخصوم !
عبد الحميد بن محمد المير
[1] ص 149-150
[2] ص 68-69
[3] السيرة النبوية في ضوء القرآن و السنة 1/265
[4] انظر الكواكب الدراري 24/97
[5] الفتح 12/359
[6] السيرة النبوية في ضوء القرآن و السنة 1/265
[7] دفاع عن الحديث النبوي و السيرة 41-42
قال أيلال : -الرسول يحاول الانتحار
في " صحيح البخاري برقم ( 6581) من كتاب " التعبير " ، باب " أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة " "قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : ... وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ؛ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ " .
الحديث ورد في كتاب من كتب صحيح البخاري ، وهو يتهم الرسول بمحاولة الانتحار ، ومحاولة الانتحار لاتنتج عن إنسان سوي ، فهي نتيجة لاضطرابات نفسية ، فكيف يسوغ لإنسان مسلم أن يتهم رسوله بهذا ، ورغم المحاولة التي قام بها ابن حجر العسقلاني وغيره لتبرير رواية البخاري لبلاغ إقدام الرسول على محاولات الانتحار مرات عدة ، معتبرا أن الزياد "فيما بلغنا" وما بعدها ليست من كلام عائشة بل هي زيادة للزهري ، لكن رغم أن هذا تأويل مجرد تأويل ، فالكذب على رسول الله واضح من خلال الرواية الموجودة في صحيح البخاري ، لكن عباد الأسطورة لا يتورعون عن القول :"إن كل ما في صحيح البخاري صحيح"[1]
و قال أيضا : من بلاغات صحيح البخاري في أول كتاب منه يتهم الرسول بمحاولة الانتحار -حاشاه صلى الله عليه وسلم- وإليكم نص ما ورد بصحيح البخاري بكتاب التعبير باب أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة بالحديث رقم [ 6581 ] [حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ]. لكن مازال البعض يعتقد أن كل ما في صحيح البخاري صحيح ، افلا تعقلون؟!!!![2]
تخريج رواية البلاغ :
البخاري رقم 6982 ج 9ص 29 و احمد في المسند رقم 25959 ج 43/112-113 . عبد الرزاق في المصنف 5/323 ابن عوانة في المستخرج رقم 328 ج1/102 و ابن حبان في الصحيح رقم 33 ج 1/216 ، ابن منده في الإيمان 2/692 ، اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة 4/835 ، ابو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة 214 ، الدولابي في الذرية الطاهرة 33، ابن عبد البر في اختصار المغازي و السير 33 و ذكره القاضي عياض في الشفا 2/244 و ابن كثير في السيرة 1/386 و البغوي في الأنوار في شمائل النبي المختار 17.
- صنيع البخاري رحمه الله :
أخرج هذه الرواية في صحيحه في مواضع متعددة و لم يذكر في واحد منها ما ذكره في رواية باب أول نا بدئ به رسول الله صلة الله عليه وسلم ! فمن ذلك أنه أخرجه من حديث الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة الى قوله : " ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، و فتر الوحي . قال ابن شهاب : و أخبرني ابو سلمة ... ." دون ذكر محاولة التردي .
ثم أخرجه في (باب واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصا) رقم 3392 ج4/151
عن ابن شهاب أيضا و ليس فيه ذكر بلاغ محاولة التردي . و أخرجه في ( باب ما ودعك ربك و ما قلى ) رقم 4953 ج 6/173 عن ابن الشهاب عن عروة عن عائشة و فيه : " ثم لم ينشب ورقة أن توفي و فتر الوحي حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم .
فهذه الزيادة ليست من شرطه في الصحيح " و لعل البخاري ذكرها لينبهنا الى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي الذي لم تذكرفيه هذه الزيادة .[3]
- أنها من بلاغات الزهري و ليست موصولة
ثم إن القائل فيما بلغنا هو الزهري ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا.
وقال الكرماني[4] هذا هو الظاهر ويحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور ووقع عند بن مردويه في التفسير من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله فيما بلغنا ولفظه فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزنا غدا منه إلى آخره فصار كله مدرجا على رواية الزهري وعن عروة عن عائشة ، والأول هو المعتمد قوله فيها .[5]
قال الدكتور أبو شهبة : هذه الرواية ليست على شرط الصحيح ، لأنها من البلاغات ، و هي من قبيل المنقطع ، و المنقطع من أنواع الضعيف ، و البخاري لا يخرج إلا الأحاديث المسندة برواية العدول الضابطين ، و لعل البخاري ذكرها لينبهنا الى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي الذي لم تذكرفيه هذه الزيادة .[6]
قال الألباني – رحمه الله - : إن لهذه الزيادة علتين :
الأولى تفرد معمر بها دون يونس و عقيل ، فهي شاذة .
الأخرى : أنها مرسلة معضلة ، فإن القائل ( فيما بلغنا) إنما هو الزهري ، كما هو ظاهر من السياق ، و بذلك جزم الحافظ في الفتح ، و قال : و هو من بلاغات الزهري و ليس موصولا .[7]
أما قوله طاعنا في ابن حجر : " ورغم المحاولة التي قام بها ابن حجر العسقلاني وغيره لتبرير رواية البخاري لبلاغ إقدام الرسول على محاولات الانتحار مرات عدة ، معتبرا أن الزياد "فيما بلغنا" وما بعدها ليست من كلام عائشة بل هي زيادة للزهري ، لكن رغم أن هذا تأويل مجرد تأويل ، فالكذب على رسول الله واضح من خلال الرواية الموجودة في صحيح البخاري "
فما قام به ابن حجر و غيره من العلماء و المحدثين إنما هو نقد حديثي صرف خاضع لقواعد علم الحديث .ثم إن التأويل لا يكون للظاهر إلى المعنى البعيد، وليس إلى المتبادر، فهذا الصحفي العقلاني لا يفرق بين الظاهر و التأويل و لا يستطيع فهم عبارات و مصطلحات العلماء ثم يستدرك و يعقب عليهم بهذه الطريقة الصبيانية .
فالعلماء انما انتقدوا هذه الزيادة التي تفرد بها معمر دون باقي الرواة عن الزهري .
أما ما إحتواه هذا الكلام من إسفاف و طعن في العلماء فقد خصصنا له مبحثا خاصا سنسرد فيه قاموس شتائمه و طعونه لنكشف للقارئ زيف ما يتغنى به الحداثيون من إحترام لحرية التعبير و عدم تعيير أو شتم الخصوم !
عبد الحميد بن محمد المير
[1] ص 149-150
[2] ص 68-69
[3] السيرة النبوية في ضوء القرآن و السنة 1/265
[4] انظر الكواكب الدراري 24/97
[5] الفتح 12/359
[6] السيرة النبوية في ضوء القرآن و السنة 1/265
[7] دفاع عن الحديث النبوي و السيرة 41-42