سالم سرور عالي
New member
- إنضم
- 15/04/2006
- المشاركات
- 161
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
الطائف / المنطقة المركزية
[FONT="]مسجد حبر الأمة[/FONT]
[FONT="]15/ 7/ 1435هـ[/FONT]
[FONT="]بند الأُجور والتنافس على الرواتب ![/FONT]
[FONT="]بالأمس كنتُ أقرأُ في المغني لابن قدامة ( ت : 620هـ )رحمه الله تعالى ، المسألة الفقهية المشهورة : من أعطى الزكاة لمن ظن أنه مستحقٌ لها فظهر أنه غير مستحق ! . وأن الراجح عند الجمهور أنه يُجزئه دفعها إليه وإن بان غنياً ، للحديث الوارد في المسألة عند أبي داود في سننه .[/FONT]
[FONT="]وكنتُ أقول في نفسي : سبحان الله ، غنيُّ يرزق غنياً بغير حساب ! [/FONT]
[FONT="]في القرآن الكريم هدايات لا تظهر إلا للمتدبِّرين ، كنسبة الأجر والمال لفعل الآدمي في قول الله تعالى : " إنما الحياة الدنيا لعبٌ ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ، إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم " ( محمد : 36- 37 ) .[/FONT]
[FONT="]في التعامل الدنيوي الخاص بالأجور ، قد لا يُعطى الموظف امتيازات مالية ووظيفية بسبب محدودية الأجر الذي يعمل على كادره ، فهو يعمل طوال السنة ، وقد لا ينتفع من وظيفته إلا الكدِّ والكدح ! .[/FONT]
[FONT="]في التعامل الإيماني مع الله تعالى تختلف مسألة سُلَّم الأجور، لأنها ليست خاضعة للتفكير المادي البشري . فهي ليست عقود ولا معاملات متعلقة بنظام النسبة ! . [/FONT]
[FONT="]قال ابن كثير ( ت: 774هـ )رحمه الله تعالى : " لا يسألكم أموالكم : هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئا ، إنما فرض عليكم الصدقات مواساة لإخوانكم الفقراء ليعود نفع ذلك عليكم ويرجع ثوابه عليكم ، ومعنى يُحفِكم : يحرجكم " .[/FONT]
[FONT="]ومن أجل ذلك امتن الله تعالى على عباده بمضاعفة الحسنات ، وهو من الأجور التي لا يمكن تحصيلها في البنود الدنيوية للعمال .كقول الله تعالى : " والله يضاعف لمن يشاء " ( البقرة : 261 ) وقوله : "ومن يتق الله يُكفِّر عنه سيئاته ويُعظِم له أجرا " ( الطلاق : 5 ) .[/FONT]
· [FONT="]وهذه فوائد حكمية تتعلَّق بالأجور وفيها تنبيهات علمية لازمة :[/FONT]
[FONT="]1- ليس كل جهد يلزم منه الأجر المادي ، فقد يكون التعب لتحصيل منفعة دينية أو علمية . كما في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام : " لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " ( الكهف : 62 )وقد كانت الملازمة للتعليم والإفادة وبدون أجر ، ففيها تربية ربانية أن المسلم يندب له البحث في مناكب الأرض لاتخاذ القدوة لا لمجرد تحصيل لقمة العيش . وعند الأصوليين يتعين ترك الدليل إلى ما هو أولى إذا وجد معارض أقوى منه .[/FONT]
[FONT="]2- من معائب بنود الأجور الدنيوية أن العامل حظُّه منها الحرص على الراحة والاستجمام ، بينما رفيع الهمة وقوي العزيمة غايته في الأجور الشرعية تحصيل مزيد من الأجور بعد الفراغ من العزائم ، لقول الله تعالى : " فإذا فرغتَ فانصب" ( الشرح : 7 ) .[/FONT]
[FONT="]3- في قانون العمال الحقوق مبنية على المشاحة ، فكل يشح بما في يديه لمصلحة نفسه وخوفا أن يحتاج إلى مسألة غيره ، للحديث المرفوع : " قال الله تعالى: " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره " أخرجه البخاري . [/FONT]
[FONT="]بينما في التعامل مع الله تعالى والسعي إليه ، الحقوق مبنية على المسامحة ، لأن الله تعالى سبحانه [/FONT][FONT="]: " [/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="]: يده ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، وقال الحبيب صلى الله عليه وسلم : أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يَغِض ما في يده" .متفق عليه . [/FONT]
[FONT="]فهل من مشمِّر ؟! .[/FONT]
[FONT="]4- المسابقة مشروعة في الأجور الدنيوية والأعمال الإيمانية . فمن سَبق إلى عمل من الأعمال فهو أحق به من غيره . [/FONT]
[FONT="]ولهذا ترد في كتب الفقهاء مسألة : وضع السجادة في المسجد لحجز مكان دون الغير ، وهي من المسائل الشرعية المشتركة مع الأعمال الدنيوية ، فيجوز لمن رأى ذلك إماطة السجادة والصلاة مكانها لأن السبق يُقدَّم على صاحبه .[/FONT]
[FONT="]5- مذهب المنفعة مذهب فلسفي يحكم على سلوك الفرد من خلال منفعته بغض النظر عن مقصده وغايته من عمله . وهو مذهب انجليزي فرنسي يجعل الفرد كالبهائم يتلذَّذ وينفع نفسه بلا غاية ، فلا استقرار ولا مبدأ . وهو مثل القول العامي : كان سيِّدها وصار يطبل بعرسها ! . [/FONT]
[FONT="]6- الرواتب الدنيوية يوصف صاحبها بالخيبة والتعاسة إذا كان الإنسان عبداً لها لحديث: " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم " أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح . [/FONT]
[FONT="]بينما الرواتب الشرعية يوصف صاحبها بالظفر والعاقبة الحسنة لحديث : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالأ فسلَّطه على هلكته في الحق .." متفق عليه . ومن لم يؤت مالاً فذكر الله أعظم الأموال التي يتعدَّى نفعها للمسلم وذريته وأهله .[/FONT]
[FONT="]7- الاستقامة وغنى النفس مع العفاف هي مثلث السعادة ، والتنافس فيها من ثمرات التقوى . قال الشاعر : [/FONT]
[FONT="]بلوتُ أمور الناس سبعين حِجةً[/FONT]
[FONT="]وخُبِّرت صرف الدهر في العُسر واليسرِ [/FONT]
[FONT="]فلم أر بعد الدِّين خيراً من الغنِى [/FONT]
[FONT="]ولم أر بعد الكفر شراً من الفقر .[/FONT]
[FONT="]8- يستطيع الإنسان أن يُحصِّل أجوراً مضاعفة لمدة ألف سنة ، بل أكثر إذا نوى الخير للناس ، وسن سنة حسنةً لمن بعده بعمل المعروف .[/FONT]
[FONT="]9- " نحن قسمنا بينهم معيشتهم " ( الزخرف : 32 ) هذه قاعدة قرآنية لمن تأمل ، فلا يجزع أحدٌ من قسمةٍ فاتته ، ولا يطمع أحدٌ لشيٍ في يدِ غيره .[/FONT]
[FONT="]10- من عيوب التعليم العام اليوم – إلا من رحم الله - العناية بالجوائز المادية وإغفال الحوافز الإيمانية ، ولهذا تعلَّق الشبيبة بالماديات وضعف عندهم الميل إلى الإيمانيات ، لأن الأُولى هي الغاية في كل مراحل التعليم ، فلا عجب أن تكثر حوادث الإنتحار والسرقة والجرائم الخلقية . وانتعشت العيادات النفسية لضعف التربية الإيمانية في المدارس ، بل زاد التنافس بين الناس في الذهاب إليها . والله المستعان . ودواء هذه العِلة هو ربط التلاميذ بالإيمان في كل شؤون الحياة ، والإكثار من مجالس القرآن والصحبة الصالحة .[/FONT]
[FONT="]والمقصود مما تقدَّم أن مراعاة الكمال مطلوبة كما هو متقرِّر عند الأصوليين : الكمال الواجب والكمال المسنون ، في الأجور والتنافس على الرواتب الشرعية .[/FONT]
[FONT="]هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .[/FONT]
أ/ أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
[FONT="]عضو هيئة التدريس بمعاهد القوات البرية[/FONT]
( منقول )
[FONT="]مسجد حبر الأمة[/FONT]
[FONT="]15/ 7/ 1435هـ[/FONT]
[FONT="]بند الأُجور والتنافس على الرواتب ![/FONT]
[FONT="]بالأمس كنتُ أقرأُ في المغني لابن قدامة ( ت : 620هـ )رحمه الله تعالى ، المسألة الفقهية المشهورة : من أعطى الزكاة لمن ظن أنه مستحقٌ لها فظهر أنه غير مستحق ! . وأن الراجح عند الجمهور أنه يُجزئه دفعها إليه وإن بان غنياً ، للحديث الوارد في المسألة عند أبي داود في سننه .[/FONT]
[FONT="]وكنتُ أقول في نفسي : سبحان الله ، غنيُّ يرزق غنياً بغير حساب ! [/FONT]
[FONT="]في القرآن الكريم هدايات لا تظهر إلا للمتدبِّرين ، كنسبة الأجر والمال لفعل الآدمي في قول الله تعالى : " إنما الحياة الدنيا لعبٌ ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ، إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم " ( محمد : 36- 37 ) .[/FONT]
[FONT="]في التعامل الدنيوي الخاص بالأجور ، قد لا يُعطى الموظف امتيازات مالية ووظيفية بسبب محدودية الأجر الذي يعمل على كادره ، فهو يعمل طوال السنة ، وقد لا ينتفع من وظيفته إلا الكدِّ والكدح ! .[/FONT]
[FONT="]في التعامل الإيماني مع الله تعالى تختلف مسألة سُلَّم الأجور، لأنها ليست خاضعة للتفكير المادي البشري . فهي ليست عقود ولا معاملات متعلقة بنظام النسبة ! . [/FONT]
[FONT="]قال ابن كثير ( ت: 774هـ )رحمه الله تعالى : " لا يسألكم أموالكم : هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئا ، إنما فرض عليكم الصدقات مواساة لإخوانكم الفقراء ليعود نفع ذلك عليكم ويرجع ثوابه عليكم ، ومعنى يُحفِكم : يحرجكم " .[/FONT]
[FONT="]ومن أجل ذلك امتن الله تعالى على عباده بمضاعفة الحسنات ، وهو من الأجور التي لا يمكن تحصيلها في البنود الدنيوية للعمال .كقول الله تعالى : " والله يضاعف لمن يشاء " ( البقرة : 261 ) وقوله : "ومن يتق الله يُكفِّر عنه سيئاته ويُعظِم له أجرا " ( الطلاق : 5 ) .[/FONT]
· [FONT="]وهذه فوائد حكمية تتعلَّق بالأجور وفيها تنبيهات علمية لازمة :[/FONT]
[FONT="]1- ليس كل جهد يلزم منه الأجر المادي ، فقد يكون التعب لتحصيل منفعة دينية أو علمية . كما في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام : " لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " ( الكهف : 62 )وقد كانت الملازمة للتعليم والإفادة وبدون أجر ، ففيها تربية ربانية أن المسلم يندب له البحث في مناكب الأرض لاتخاذ القدوة لا لمجرد تحصيل لقمة العيش . وعند الأصوليين يتعين ترك الدليل إلى ما هو أولى إذا وجد معارض أقوى منه .[/FONT]
[FONT="]2- من معائب بنود الأجور الدنيوية أن العامل حظُّه منها الحرص على الراحة والاستجمام ، بينما رفيع الهمة وقوي العزيمة غايته في الأجور الشرعية تحصيل مزيد من الأجور بعد الفراغ من العزائم ، لقول الله تعالى : " فإذا فرغتَ فانصب" ( الشرح : 7 ) .[/FONT]
[FONT="]3- في قانون العمال الحقوق مبنية على المشاحة ، فكل يشح بما في يديه لمصلحة نفسه وخوفا أن يحتاج إلى مسألة غيره ، للحديث المرفوع : " قال الله تعالى: " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره " أخرجه البخاري . [/FONT]
[FONT="]بينما في التعامل مع الله تعالى والسعي إليه ، الحقوق مبنية على المسامحة ، لأن الله تعالى سبحانه [/FONT][FONT="]: " [/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="]: يده ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، وقال الحبيب صلى الله عليه وسلم : أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يَغِض ما في يده" .متفق عليه . [/FONT]
[FONT="]فهل من مشمِّر ؟! .[/FONT]
[FONT="]4- المسابقة مشروعة في الأجور الدنيوية والأعمال الإيمانية . فمن سَبق إلى عمل من الأعمال فهو أحق به من غيره . [/FONT]
[FONT="]ولهذا ترد في كتب الفقهاء مسألة : وضع السجادة في المسجد لحجز مكان دون الغير ، وهي من المسائل الشرعية المشتركة مع الأعمال الدنيوية ، فيجوز لمن رأى ذلك إماطة السجادة والصلاة مكانها لأن السبق يُقدَّم على صاحبه .[/FONT]
[FONT="]5- مذهب المنفعة مذهب فلسفي يحكم على سلوك الفرد من خلال منفعته بغض النظر عن مقصده وغايته من عمله . وهو مذهب انجليزي فرنسي يجعل الفرد كالبهائم يتلذَّذ وينفع نفسه بلا غاية ، فلا استقرار ولا مبدأ . وهو مثل القول العامي : كان سيِّدها وصار يطبل بعرسها ! . [/FONT]
[FONT="]6- الرواتب الدنيوية يوصف صاحبها بالخيبة والتعاسة إذا كان الإنسان عبداً لها لحديث: " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم " أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح . [/FONT]
[FONT="]بينما الرواتب الشرعية يوصف صاحبها بالظفر والعاقبة الحسنة لحديث : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالأ فسلَّطه على هلكته في الحق .." متفق عليه . ومن لم يؤت مالاً فذكر الله أعظم الأموال التي يتعدَّى نفعها للمسلم وذريته وأهله .[/FONT]
[FONT="]7- الاستقامة وغنى النفس مع العفاف هي مثلث السعادة ، والتنافس فيها من ثمرات التقوى . قال الشاعر : [/FONT]
[FONT="]بلوتُ أمور الناس سبعين حِجةً[/FONT]
[FONT="]وخُبِّرت صرف الدهر في العُسر واليسرِ [/FONT]
[FONT="]فلم أر بعد الدِّين خيراً من الغنِى [/FONT]
[FONT="]ولم أر بعد الكفر شراً من الفقر .[/FONT]
[FONT="]8- يستطيع الإنسان أن يُحصِّل أجوراً مضاعفة لمدة ألف سنة ، بل أكثر إذا نوى الخير للناس ، وسن سنة حسنةً لمن بعده بعمل المعروف .[/FONT]
[FONT="]9- " نحن قسمنا بينهم معيشتهم " ( الزخرف : 32 ) هذه قاعدة قرآنية لمن تأمل ، فلا يجزع أحدٌ من قسمةٍ فاتته ، ولا يطمع أحدٌ لشيٍ في يدِ غيره .[/FONT]
[FONT="]10- من عيوب التعليم العام اليوم – إلا من رحم الله - العناية بالجوائز المادية وإغفال الحوافز الإيمانية ، ولهذا تعلَّق الشبيبة بالماديات وضعف عندهم الميل إلى الإيمانيات ، لأن الأُولى هي الغاية في كل مراحل التعليم ، فلا عجب أن تكثر حوادث الإنتحار والسرقة والجرائم الخلقية . وانتعشت العيادات النفسية لضعف التربية الإيمانية في المدارس ، بل زاد التنافس بين الناس في الذهاب إليها . والله المستعان . ودواء هذه العِلة هو ربط التلاميذ بالإيمان في كل شؤون الحياة ، والإكثار من مجالس القرآن والصحبة الصالحة .[/FONT]
[FONT="]والمقصود مما تقدَّم أن مراعاة الكمال مطلوبة كما هو متقرِّر عند الأصوليين : الكمال الواجب والكمال المسنون ، في الأجور والتنافس على الرواتب الشرعية .[/FONT]
[FONT="]هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .[/FONT]
أ/ أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
[FONT="]عضو هيئة التدريس بمعاهد القوات البرية[/FONT]
( منقول )