فريد البيدق
New member
(1)
إن سألتك: مم يتكون الكلام؟ فلا بد أن تستحضر بناء هرميا يبدأ بالحرف وينتهي بالموضوع.
كيف؟
اللبنة الأولى في بناء الكلام هو الحرف، ومن تكرار الحروف تتكون الكلمات، ومن تكرار الكلمات تتكون الجمل، ومن تكرار الجمل تتكون الفقر، ومن تكرار الفقر يتكون الموضوع مهما كان طوله.
فإن نحن أحسنا تعليم المبتدئ تكوين الكلمات من الحروف، وتكوين الجمل من الكلمات، وتكوين الفقر من الجمل- فإننا نتوقع أن يتعلم بناء الموضوع من تكرار الجمل.
فهل يتم ذلك؟
إن هذا يتم في تدريبات الصفوف الأولى من التعليم الابتدائي، ولو ركز المعلم فيه وأفرده بوقت لكانت النتيجة جيدة إن شاء الله تعالى.
كيف؟
منذ الصف الأول تكثر تمرينات تحليل الكلمات، وتركيب الكلمات من حروف معطاة. وهذه مهارة أولى لتعرف الكلمة وأحوال الحروف فيها، وهي في مستواها الأعلى تدريب على تجريد الكلمة مما يهيئ في قابل السنوات لدرس الكشف في المعجم.
وهناك مهارة أخرى تساعد المهارة السابقة.
ما هي؟
إنها البناء الشجري للكلمات التي يعطى فيها التلميذ حروفا ويطالب بتكوين كلمات مختلفة على وفق ما يرى. وهذه مهارة تمثل في مستواها الأدنى تخيل بناء الكلمة وتمثل في مستواها الأعلى فكرة الاشتقاق الأكبر الذي يدور حول تقاليب حروف المادة اللغوية كما فعلها جهابذة علماء العربية على مر العصور.
إن هاتين المهارتين لو أحسن المعلم استثمارهما لكانت النتائج وعيا بأحوال بناء الكلمات وتقليباتها،وتهيئة لفهم دروس المعجم والاشتقاق بعد ذلك.
(2)
ثم نصعد للصف الثاني والثالث فنجد الإنشاء يأخذ منحى جديدا.
كيف؟
تختلف صور هذا المنحى؛ فيعطى التلميذ في مستواها الأولي كلمات من موضوع سبق أن قرأه ودرسه غير مرتبة ويطلب منه أن يرتبها.
وهذه الصورة تذكرنا بالإملاء المنقول الذي يقرأ فيه التلميذ الفقرة ويفهمها ثم ينقلها إلى كراسته.
ثم يرتفع المستوى شيئا فيعطى التلميذ جملا كلماتها مرتبة، لكنها غير مرتبة ويطلب منه ترتيبها على وفق تمام المعنى واتساقه كما سبق أن درس. وهذا ما زال يذكرنا بالإملاء المنقول، ويحتوي شيئا من مزايا الإملاء المنظور الذي يقرأ فيه التلميذ القطعة ويفهمها ثم تمحى ويكتب ما يستمع إليه من ذاكرته.
وهذا يتصل ببناء الفقرة التي تتكون من جمل.
ثم يتطور الأمر إلى ما يشبه الإملاء الاختباري الذي يُعطى فيه التلميذ صورة، ويطلب منه أن يعبر عن محتواها بما يراه ملائما.
وبدءا من الصف الرابع أو الخامس يبدأ الإنشاء الكتابي الذي يطلب فيه من التلميذ أن يكتب استقلالا موضوعات تطلب منه.
(3)
هكذا رأينا أن الأمر صالح أن يؤتي ثمرته لو اهتم المعلم الاهتمام الكافي، فماذا بشأن المرحلة الأخيرة التي يطلب فيها من التلميذ الإنشاء الكتابي الإبداعي؟
كتبت قبلا مجموعة مقالات تعالج هذا الأمر عناوينها هي: "الأدب غرس لمعلم اللغة العربية لو أراد وأجاد"، و"الإنشاء مادة بلا محتوى فهيا يا معلم اللغة العربية"، و"عناصر القصة وسيلة تربوية لشرخ القصص التعليمية"، و"مخاطر اعتماد القصة في تدريس التربية الإسلامية"، و"إهمال أصول الفنون الأدبية في مادة الإنشاء من عوامل إضعاف الكتابة الوظيفية والإبداعية".
وأقتبس من المقال الأخير هذا الجزء الذي أطلب فيه تدريس أصول الفنون الأدبية من مقال وقصة ومسرحية: " هذا المقال أدعو فيه إلى تدريس أصول الفنون الأدبية موضوعا للإنشاء التحريري؛ فيعطَى الطالب المعرفة النظرية التي تجعله مستعدا لكتابة مقال أو قصة أو مسرحية، ثم يكون التطبيق المبني على أصول مقررة مستمدة من معرفة الأساليب وأنواعها وخصائصها، فيؤتي الأمر أكله وثمرته.
وهذا ما يخالف الحاصل الآن؟
كيف؟
ما يتبع الآن فيما قبل التعليم الثانوي هو أن يُطلب من التلميذ كتابة موضوع أي مقال أو قصة، وهو لا يدري شيئا عن أجزاء المقال ومكوناته ولا مكونات القصة، فلا يجدي الأمر نفعا معه حتى لو أملاه المعلم الموضوع كله إملاء.
لماذا؟
لأن التلميذ يجهل - فضلا عن السابق- أصول كتابة الفقرة، وأصول الربط بين الفقرات وسبكها لإنتاج موضوع أي مقال أو قصة.
فهل يبدأ المعلمون في جعل المقال والقصة وخصائص الفقرة مادة للإنشاء قبل التعليم الثانوي ولا ينتظرون منهجا من الوزارة؟"
إن سألتك: مم يتكون الكلام؟ فلا بد أن تستحضر بناء هرميا يبدأ بالحرف وينتهي بالموضوع.
كيف؟
اللبنة الأولى في بناء الكلام هو الحرف، ومن تكرار الحروف تتكون الكلمات، ومن تكرار الكلمات تتكون الجمل، ومن تكرار الجمل تتكون الفقر، ومن تكرار الفقر يتكون الموضوع مهما كان طوله.
فإن نحن أحسنا تعليم المبتدئ تكوين الكلمات من الحروف، وتكوين الجمل من الكلمات، وتكوين الفقر من الجمل- فإننا نتوقع أن يتعلم بناء الموضوع من تكرار الجمل.
فهل يتم ذلك؟
إن هذا يتم في تدريبات الصفوف الأولى من التعليم الابتدائي، ولو ركز المعلم فيه وأفرده بوقت لكانت النتيجة جيدة إن شاء الله تعالى.
كيف؟
منذ الصف الأول تكثر تمرينات تحليل الكلمات، وتركيب الكلمات من حروف معطاة. وهذه مهارة أولى لتعرف الكلمة وأحوال الحروف فيها، وهي في مستواها الأعلى تدريب على تجريد الكلمة مما يهيئ في قابل السنوات لدرس الكشف في المعجم.
وهناك مهارة أخرى تساعد المهارة السابقة.
ما هي؟
إنها البناء الشجري للكلمات التي يعطى فيها التلميذ حروفا ويطالب بتكوين كلمات مختلفة على وفق ما يرى. وهذه مهارة تمثل في مستواها الأدنى تخيل بناء الكلمة وتمثل في مستواها الأعلى فكرة الاشتقاق الأكبر الذي يدور حول تقاليب حروف المادة اللغوية كما فعلها جهابذة علماء العربية على مر العصور.
إن هاتين المهارتين لو أحسن المعلم استثمارهما لكانت النتائج وعيا بأحوال بناء الكلمات وتقليباتها،وتهيئة لفهم دروس المعجم والاشتقاق بعد ذلك.
(2)
ثم نصعد للصف الثاني والثالث فنجد الإنشاء يأخذ منحى جديدا.
كيف؟
تختلف صور هذا المنحى؛ فيعطى التلميذ في مستواها الأولي كلمات من موضوع سبق أن قرأه ودرسه غير مرتبة ويطلب منه أن يرتبها.
وهذه الصورة تذكرنا بالإملاء المنقول الذي يقرأ فيه التلميذ الفقرة ويفهمها ثم ينقلها إلى كراسته.
ثم يرتفع المستوى شيئا فيعطى التلميذ جملا كلماتها مرتبة، لكنها غير مرتبة ويطلب منه ترتيبها على وفق تمام المعنى واتساقه كما سبق أن درس. وهذا ما زال يذكرنا بالإملاء المنقول، ويحتوي شيئا من مزايا الإملاء المنظور الذي يقرأ فيه التلميذ القطعة ويفهمها ثم تمحى ويكتب ما يستمع إليه من ذاكرته.
وهذا يتصل ببناء الفقرة التي تتكون من جمل.
ثم يتطور الأمر إلى ما يشبه الإملاء الاختباري الذي يُعطى فيه التلميذ صورة، ويطلب منه أن يعبر عن محتواها بما يراه ملائما.
وبدءا من الصف الرابع أو الخامس يبدأ الإنشاء الكتابي الذي يطلب فيه من التلميذ أن يكتب استقلالا موضوعات تطلب منه.
(3)
هكذا رأينا أن الأمر صالح أن يؤتي ثمرته لو اهتم المعلم الاهتمام الكافي، فماذا بشأن المرحلة الأخيرة التي يطلب فيها من التلميذ الإنشاء الكتابي الإبداعي؟
كتبت قبلا مجموعة مقالات تعالج هذا الأمر عناوينها هي: "الأدب غرس لمعلم اللغة العربية لو أراد وأجاد"، و"الإنشاء مادة بلا محتوى فهيا يا معلم اللغة العربية"، و"عناصر القصة وسيلة تربوية لشرخ القصص التعليمية"، و"مخاطر اعتماد القصة في تدريس التربية الإسلامية"، و"إهمال أصول الفنون الأدبية في مادة الإنشاء من عوامل إضعاف الكتابة الوظيفية والإبداعية".
وأقتبس من المقال الأخير هذا الجزء الذي أطلب فيه تدريس أصول الفنون الأدبية من مقال وقصة ومسرحية: " هذا المقال أدعو فيه إلى تدريس أصول الفنون الأدبية موضوعا للإنشاء التحريري؛ فيعطَى الطالب المعرفة النظرية التي تجعله مستعدا لكتابة مقال أو قصة أو مسرحية، ثم يكون التطبيق المبني على أصول مقررة مستمدة من معرفة الأساليب وأنواعها وخصائصها، فيؤتي الأمر أكله وثمرته.
وهذا ما يخالف الحاصل الآن؟
كيف؟
ما يتبع الآن فيما قبل التعليم الثانوي هو أن يُطلب من التلميذ كتابة موضوع أي مقال أو قصة، وهو لا يدري شيئا عن أجزاء المقال ومكوناته ولا مكونات القصة، فلا يجدي الأمر نفعا معه حتى لو أملاه المعلم الموضوع كله إملاء.
لماذا؟
لأن التلميذ يجهل - فضلا عن السابق- أصول كتابة الفقرة، وأصول الربط بين الفقرات وسبكها لإنتاج موضوع أي مقال أو قصة.
فهل يبدأ المعلمون في جعل المقال والقصة وخصائص الفقرة مادة للإنشاء قبل التعليم الثانوي ولا ينتظرون منهجا من الوزارة؟"