جزاك الله خيراً على هاتين البشارتين .
في محاضرته عن «تفسير القرآن الكريم ومدارسه»: العلامة بشار معروف: سمو الأمير غازي بن محمد شرفني بالإشراف العلمي على مشروع التفاسير الكبير
عمان - الرأي - قدم العلامة العراقي أ.د بشار عواد معروف محاضرة موضوعها «تفسير القرآن الكريم ومدارسه» وذلك يوم الثلاثاء في قاعة المحاضرات في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية «مؤسسة آل البيت».
وقد دارت المحاضرة على محورين اساسيين في تتبع التفسير ومدارسه هما: المنهج والتوجهات، وهو ما وضع الاطار العام لموضوع المحاضرة في سياقه التاريخي والفكري، بعيداً عن السرد الظاهري والصوري للمراحل التي مر بها تفسير القرآن. فاستخراج الأحكام والحكم والبيان والمعاني التي اشتمل عليها القرآن الكريم بوصفها احد تعريفات «التفسير» كان ينطلق منها المفسرون عند تفسير الآيات على نحو ما نجد عند الزركشي، والسيوطي والغرناطي.
ويعزو المحاضر أسباب اختلاف المعنى الاصطلاحي لدى المفسرين الى (أن واحدا من المعرفين يعرّف التفسير استناداً الى المضامين التي يراها مناسبة لتفسير الآيات) كما نجد ذلك عند الزركشي والسيوطي والغرناطي.
وهذا التباين في التوجهات التفسيرية بين المحدثين والنحويين والفقهاء والمتصوفة واصحاب العقائد المختلفة، يعود الى (تفاوت المدارك البشرية والأفهام الانسانية بين مفسر وآخر).
وأوضح المحاضر دور المدرسة النبوية في تفسير القرآن الكريم للصحابة، والتي انطلقت من الابانة عن المشكل من اللغة وتمييز الحقيقة من المجازر وتبيان المطلق من المقيد والعام من الخاص وفقا للأسئلة التي كانت ترد على الرسول الكريم من جمهور الصحابة. ومن هنا كان لمدرسة الرسول الكريم عليه السلام ميزات انفردت بها.
واكتفى المحاضر بالاشارة الى ان التفسير (لم يكن يسير على نسق واحد من حيث الترتيب، وإنما كان أجوبة لما كان يغلق فهمه على السائل، ولذلك فان القرآن لم يفسر جميعه بل فسّر بعض منه) اضافة الى الاكتفاء بالمعنى الاجمالي الذي لم يدوّن في ذلك الوقت بل جرت العادة أن يكتب بعض علماء الصحابة بعض التفسير في مصاحفهم، مما ادى - بحسب المحاضر - الى ارتباك خطير فيما بعد، حيث اعتبر بعض المعنيين بالقراءات القرآنية ان تلك التفاسير زيادة وأنها قراءة قرأ بها اولئك الصحابة وأشكل الأمر على عدد كبير من العلماء التوفيق بين هذه الزيادات الموجودة في عدد من المصاحف الموثوقة وبين قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقد ضرب الباحث عدداً من الأمثلة لهذه الظاهرة استند فيها الى ما قال انه آثار صحيحة.
وأكد د. معروف أن أقدم ما وصل الينا من ذكر التفسير المدون هو تفسير سعيد بن جبير (من التابعين). وان الدراسة المتأنية للمصادر التي اعتمدها الطبري في تفسيره (تؤكد ان النصف الاول من المئة الثانية كانت تزخر بالعديد من التفاسير الكاملة للقرآن الكريم) وأن ما اشيع بين الدارسين من ان الاسانيد التي استعملها الطبري هي اسانيد لروايات شفوية، فيه الكثير من سوء الفهم لحركة التأليف في التفسير عند المسلمين فتحليل هذه الاسانيد يشير الى ان الطبري استعمل مصادر مدونة.
وهنا يربط المحاضر حركة تدوين التفسير بالاطار العام للحركة الفكرية في العالم العربي الاسلامي التي تمت في وقت مبكر.
اما متى استقل التفسير وصارت له كتبه الخاصة، فان ذلك مرهون بالمناهج التي اتبعها المفسرون، وهي مناهج حصرها المحاضر في اربعة مناهج شملت التفسير بالمأثور اي تفسير القرآن الكريم وما نقل عن الرسول عليه السلام من بيان، وما نقل عن الصحابة، ومثل على هذا المنهج بتفسير مقاتل بن سليمان البلخي (ت 150 هـ)، بوصفه اول التفاسير التي عنيت بهذا المنهج. وناقش القضايا المتصلة به، وفق رؤية نقدية لا تستسلم ولا تركن الى السائد عند دارسي العلوم القرآنية.
اما المنهج الثاني الذي تناوله المحاضر، فهو التفسير بالرأي الذي رسم اسسه عبدالله بن مسعود رأس المدرسة العراقية في التفسير ويقابله زيد بن اسلم المدني في المدينة المنورة. وثالث هذه المناهج هو التفسير البياني الذي دعا الى وجوده اختلاط العرب بالاعاجم، ومثل بتفسير الكشاف للزمخشري من القدماء، واعجاز القرآن للخولي من المعاصرين.
وفيما يخص التفسير العلمي، فقد أوضح المحاضر الى ريادة ابي حامد الغزالي لهذا المنهج من خلال كتابه احياء علوم الدين، وألمح بصورة مختصرة الى الاسكندراني من القدماء، والرافعي وعبدالعزيز اسماعيل من المحدثين.
ولم يغفل د. بشار معروف الاشارة الى التفسير الموضوعي او النوعي، وهو النوع الذي يتناول ظاهرة واحدة في القرآن بالدرس والتحليل من مثل كتب التفسير التي عنيت بالمجاز او الناسخ والمنسوخ.
وقد حرص المحاضر على الاشارة الى أثر الفرق الدينية الاسلامية من معتزلة وخوارج وشيعة ومرجئة وغيرها من الفرق في اثراء المكتبة القرآنية بالتفاسير التي حملت آراء هذه الفرق واعتقاداتها ومذهبياتها وهي الملاحظ التي مكنته من الاشارة والاشادة بجهود سمو الأمير غازي بن محمد وفكرته الرائدة في الاستفادة من التقنية الحديثة لخدمة كتاب الله تعالى والتي تمثلت باقامة موقع على الانترنت باسم «مشروع التفاسير الكبير» والذي سيمكن القراء والباحثين من الاطلاع على عشرات التفاسير في آن واحد، ويقف على الآراء والأفكار المتنوعة والمختلفة، ويطلع بالتالي على مناهج تفسيرية متعددة المناظير والرؤى.
وقال المحاضر د. بشار معروف (يقف الباحث في هذا الموقع على اهم التفاسير المعتمدة، ومحركات البحث من فهارس وغيرها بما يزيد على مئة مصدر ومرجع وعلى ترجمة معاني القرآن الكريم الى 16 لغة عالمية. ويقدم هذا العمل مجانا توفيرا للوقت وتيسيرا على الباحثين).
واضاف المحاضر: بلغ الى الآن عدد التفاسير المدخلة على الانترنت 32 تفسيرا (10) منها مدققة ومصنفة ومدققة تدقيقا اوليا. ومن محركات البحث عن المعاجم الميسرة للوصول الى الآيات بواسطة الجذور اللغوية والفهارس المقربة للموضوع الواحد، وحصر مواقع تفسير الآية الواحدة في تفاسير عدة، وقد أدخلت خمسة من هذه الفهارس والمعاجم.
ومما هو جدير بالذكر ان أ.د. بشار معروف هو المشرف العلمي على هذا المشروع.
منقول .