موقع الدكتور عمر المقبل
New member
بشائر النصر (2/3)
[align=justify]كنتُ أشرتُ في الجزء الأول من هذه المقالة بشائر النصر 1 - 3 - الموقع الرسمي للدكتور/ عمر بن عبد الله المقبل إلى أن بثّ الفأل والبشائر منهج قرآني ونبوي، وأن المبشرات في عصرنا كثيرة جداً، وكانت البداية بالمبشرات التي يقرؤها المسلم من خلال السنن الإلهية، ونواصل في هذا الجزء بقية المبشرات:
ثانياً: مبشرات من أرض الواقع:
وقبل أن أذكر هذه المبشرات، أجد أنه من المهم أن نستصحب - في أذهاننا - الحالة التي كانت تعيشها الأمة الإسلامية في القرن الماضي، بل في القرنين الماضيين، والتي بلغت فيهما أحوال المسلمين من الضعف العقدي، والعلمي، والسياسي، والعسكري، والاقتصادي، والاجتماعي؛ مبلغاً لم يُعرف في زمن مضى، كما يقول أبو الحسن الندوي رحمه الله([1])، وكما يثبته بالأمثلة الواقعية: د.علي الزهراني في أطروحته القيمة: "الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وأثرهما في حياة الأمة"([2])، وهي رسالة قيّمة.
إن من المؤكد أن سقوط الخلافة الإسلامية كان مؤشراً قوياً على نهاية الضعف الذي أصاب هذه الأمة، ومع نهاية هذا الضعف فإن من المحزن أن بعض أبناء الأمة اشتغل في نجارة نعشها حتى سقطت! وقد صاحب سقوطها مؤشرات قوية على حدوثه، منها:
- دخول الاستعمار بلاد الإسلام.
- واستبدال الشريعة الإسلامية بالقوانين.
- ونزع المرأة المسلمة حجابها ودوسه بقدميها في بعض البلاد.
- وصارت الحركة العلمية في ذينك القرنين ضعيفة جداً؛ بدليل: قلة المؤلفات الجيدة في هذه الفترة، ولم تكن دروسُ العلم في المساجد بذاك الحضور القوي المؤثر في الساحة، حتى صار بعض المسلمين يدرس الشريعة واللغة العربية في بلاد الغرب!
أشرتُ إشارة سريعة جداً لواقع الأمة في القرنين الماضيين؛ ليتضح من خلالها وجه كون ما سأذكره من بشائر مفرحة، وليتبين أن الآمال تولد من رحم الآلام، وأن طلوعَ الفجر لا بد أن يُسبَق بظلمة شديدة.
١) انتشار الحجاب ليس في بلاد الإسلام بل في بلاد الكفر، التي لم يعد مستغرباً أن تُرى فيها المرأةُ المسلمةُ المتحجبةُ، وكأنها تَرُد عليهم بلسان حالها فتقول: أنتم من زينتم لنسائنا نزع الحجاب؟! فهاهو الحجاب يُلْبَسُ في بلادكم!
٢) إقبال الشباب المسلم على التدين بمعناه العام: فكم هم الشباب - منذ ثلاثة عقود - الذين يخرج أحدهم من نعيم الدنيا وزهرتها وكلِّ مغرياتها؛ ليعيش حياة الجهاد، وما فيها من عنت ومشقة، يطلب الموت في مظانه، دفاعاً عن هذا الدين؟ ومن رأى الحرمين الشريفين -خاصة في رمضان- رأى ما يبهج النفس، وإقبالُ فئام من الناس على سنّة الاعتكاف من دلائل ذلك أيضًا.
هذه بعض المظاهر التي عرفتها الأمة مع بداية هذا القرن، وإن شئت فقل: مظاهر كانت غائبة في القرنين الماضيين.
ثالثاً: المبشرات العقدية:
٢) سقوط بعض الدعوات المخالفة للإسلام في أسسها وإعلان إفلاسها، كسقوط الشيوعية، وانحسار مد القومية العربية، بل صار بعض دعاة القومية بالأمس يتراجعون اليوم؛ ليكتبوا كتابات إسلامية - وهذا نوع من النصر للإسلام -.
وهاهم بعض من كانوا يعيشون العلمنة يعودون لينتقدوها أشدَّ من نقد بعض من لم يَسِر في طريقها؛ ليساهموا مع غيرهم في كشف أقنعة هؤلاء المنافقين، بل هذه كلمات بعض أساطين الفكر الغربي النصراني - بل حتى اليهودي - في الدفاع عن الإسلام.
رابعاً: المبشرات العلمية:
لقد أتى على الناس زمان ليس بالبعيد يقال: إن في المدينة الفلانية حافظاً لكتاب الله، وفي المدينة الفلانية درسٌ علمي، أما اليوم فلا تكاد تخلو قرية من حافظ، ولا تكاد تخلو مدينة صغيرة من درسٍ علمي.
بل تعدى الأمر إلى حلقات النساء، فانتشرت دور القرآن الكريم، وصرتَ تسمع عن عشرات الحافظات، بل صارت بعض النساء يحضرن دروس العلماء، ناهيك عن عناية الكثير منهن بأشرطة الدروس العلمية.
ومن لطيف ما أذكر في هذا - من المواقف التي أجدها ذات دلالة كبيرة في هذا السياق - أنني أذكر أنني اختبرت طفلاً عمره تسع سنوات يحفظ القرآن، والجمع بين الصحيحين، وهو من (بورما)، وليس عربياً!
٢) العناية العظيمة سواءً بكتب السلف: طباعةً، وتحقيقاً، وتدريساً، وشرحاً، واختصاراً، أو تأليفُ الكتب المعاصرة التي تقرِّب فهم كتبِ السابقين، أو الدراسات العلمية التي تعالج مشاكل الأمة، وغيرها من مظاهر العناية بالنواحي العلمية، وهذا كله - بعد توفيق الله - نتيجة بروز عدد من الكفاءات العلمية المتخصصة، في جميع علوم الشريعة.
وللحديث صلة إن شاء الله، نستكمل فيها بقية البشائر، في الأسبوع القادم.
[line]-[/line]
([1]) ينظر كتابه القيم: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟".
([2]) ينظر: (1/11،43)، وينظر الفصل الأول من الباب الثالث (2/115ـ 207)، فهو مهم.
* رابط المقال على الموقع: بشائر النصر 2 - 3 - الموقع الرسمي للدكتور/ عمر بن عبد الله المقبل[/align]