برنامج خواطر قرآنية - د. محمد المختار المهدي

إنضم
07/05/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
نبدأ على بركة الله تعالى مع حلقات برنامج خواطر قرآنية الذي قدّمه د. محمد المختار المهدي على قناة أهل القرآن في شهر رمضان ويتناول في كل حلقة الحديث عن جزء من أجزاء القرآن.
ونبدأ مع الجزء الأول من القرآن الكريم الذي يشمل سورة الفاتحة وآيات سورة البقرة (1 - 141)

تفريغ الحلقات حصريًا لموقع وصفحة إسلاميات

برنامج خواطر قرآنية
د. محمد مختار المهدي
رمضان 1434هـ

الحلقة الأولى – الجزء الأول


من أفضل القربات أن نتدبر في آيات كتاب الله العزيز. يبدأ الجزء الأول بفاتحة الكتاب وفاتحة الكتاب تعلّمنا الأدب في بدئنا لأي عمل صالح بأن يكون بحمد الله عز وجل والثناء عليه واستحضار نعمه وآلآئه واستحضار رحمته التي وسعت كل شيء واستحضار موقفنا أمامه سبحانه وتعالى يوم الدين وبتجديد العهد أن نكون عبدة له وحده مستعينين به وحده والدعاء له بأن يهدينا صراطه المستقيم الذي سار عليه من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقاً بعيدين عن هؤلاء المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وحادوا عنه وأولئك الضالين الذين لم يبحثوا عن الحق فتاهوا في طرق الغيّ والضلال.
ثم تأتي سورة البقرة بادئة ببيان الفِرَق التي يمكن أن تنتفع بهذا الكتاب الكريم وأولها الفرقة التي كان جهاز الاستقبال عندها رائقاً ونظيفاً فتستقبل الهدى من الله عز وجل، هذه الفرقة هي التي توصَف بالمتقين. وهؤلاء المتقون حصّلوا مواصفات خاصة أنهم يؤمنون بما يأتي في هذا الكتاب من غيبيات لا يستطيع العقل أن يُدركها ولا الحسّ من أمثال الغيب الماضي في حديث القرآن الكريم عن الملأ الأعلى وعن رسل الله عز وجل الماضين أو عن الحاضر حين يتحدث عن السموات السبع والأراضين السبع والعرش والكرسي والجنة والنار وعن المستقبل في أهوال يوم القيامة فهم يؤمنون بالغيب كله. ثم إنهم يؤمنون أيضاً بما أنزل الله عز وجل على محمد وعلى الرسل السابقين جميعاً لا تفرقة بين الرسل أجمعين. ثم هم أيضاً يؤدّون ما أوجبه الله عليهم فيقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله، ثم إنهم يوقنون بالجزاء في يوم الدين هؤلاء هم الملفحون وهم المنتفعون بهدي القرآن الكريم. أما غيرهم ممن انطفأ النور في قلوبهم وكان هناك ضلال في عقولهم فجهاز الاستقبال عندهم معطّل فلا يستطيعون أن ينتفعوا بهذا الوحي المبارك. أما أولئك المذبذبون الذين يُظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ويستجيبون لما يمليه عليهم شياطين اليهود من هذه الحيرة التي تنتابهم من أنهم يقولون للمؤمنين ما ليس في قلوبهم ويدعون أنهم مصلحون مع أنهم مفسدون ويستكبرون على خلق الله عز وجل هؤلاء في حيرتهم واضطرابهم كمن جاء له النور ورأى من أعدائه المتربصين به ثم انطفأ النور وهو لا يستطيع أن يدافع عن نفسه ضد هؤلاء الأعداء. ويخاطب القرآن الكريم كل هذه الأصناف: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ويبين لهم استحقاق الله عز وجل لهذه العبادة لأنه خلق ورزق وهو الذي سخّر كل ما في السموات والأرض وكرم هذا الإنسان حينما علمه الأسماء كلها وحينما استقبل هذه الأسماء واستوعبها استطاع أن ينقلها إلى الملائكة فكانت له ميزة التعلّم والتعليم وبهذه الميزة كان أهلاً لأن يكرّم فأسجد له الملائكة وأدخله الجنة يتبوأ منها حيث يشاء لكنه اختُبر في هذه الجنة حينما أمره الله أن لا يأكل من هذه الشجرة فأغواه إبليس اللعين وأقسم له بالله أنه من الناصحين فغوى وعصى آدم ربه ثم تاب عليه الله عز وجل وأخرجه من الجنة خليفة في الأرض خليفة لغيره يعبد الله عز وجل بما أوحى عليه وما أنزل عليه من الهدى. لكن هناك فريقاً من بني آدم لم يستجب لهذا الهدى وهم بنو إسرائيل بالرغم من أنا أبهم إسرائيل كان نبياً مرسلاً وكان عابداً لله عز وجل وأوصى أبناءه بأن يكونوا مسلمين عابدين لله عز وجل ولكن هؤلاء الذرية كانوا على خلاف منهج أبيهم تماماً. ولما أرسل الله عز وجل إليهم سيدنا موسى ناصبوه العداء وآذوه وطلبوا منه المستحيلات وتباطأوا في تنفيذ أوامر الله وكانت قصة البقرة خير دليل على هذا التلكؤ والتباطؤ، فقصة البقرة التي سميت السورة باسمها تنبيهاً للأمة المحمدية أن لا تكون مثل هؤلاء لأن طبيعتها أن تسمع كلام الله فتنفذه فهي شعارها سمعنا وأطعنا لكن شعارهم كانا يقولون سمعنا وعصينا. أمرهم سيدنا موسى نقل إليهم أمر الله عز وجل (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً (67))؟ أين الهزو وهم ينقل لهم أمر الله عز وجل لهم؟! ثم بدأوا يطلبون: ما هي؟ ما لونها؟ إن البقر تشابه علينا، ثم ذبحوها وما كادوا يفعلون! هذه القصة تنبئ عن هذه الطبيعة التي لا تريد أن تستجيب لأمر الله عز وجل. ووضعوا من الشبهات أمام الإسلام والمسلمين وأمام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون إن الله قد ختم الرسالات بسيدنا موسى وختم الكتب بالتوراة ولن يأتي بعد موسى رسول ولن يأتي بعد التوراة كتاب فمعجزات الله عز وجل كانت مع موسى باليد والعصى وتسع آيات ولكن الله عز وجل رد عليهم وقال (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)). وهنا ينبههم أن الله عز وجل قد أعطى محمداً من الآيات ما يفوق الآيات التي أعطاها لسيدنا موسى وينبهنا إلى دجلهم وكذبهم وافترائهم بأنهم قالوا عن سيدنا سليمان أنه رجل ساحر وأن ملكه كان عن طريق السحر فينفي رب العزة سبحانه وتعالى عن عبده ونبيه سيدنا سليمان هذا الوصف الشائن فقال (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ (102)) ويحذرنا رب العزة سبحانه وتعالى من أن نستخدم السحر لأنه كفر بالله عز وجل. ثم ينبهنا أيضاً إلى مكائدهم المستمرة على الإسلام والمسلمين وذلك يدعونا إلى أن لا نطمع أن يؤمنوا برسولنا صلى الله عليه وسلم لأنهم زيفوا وكذبوا على الله سبحانه وتعالى فهل يكذبون على الله ثم نثق بهم (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75))؟! ثم مع ذلك أيضاً جاءهم موسى بالآيات والبينات فكفروا بها وبمجرد أن تركهم عبدوا العجل (وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (92)). ثم بعد ذلك نراه يتحدث إليهم ويذكّرهم بأبيهم يعقوب وبجدّهم سيدنا إبراهيم فيذكّرهم بأن يعقوب حينما جاءته الوفاة جمع أبناءه (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)) وكذلك كان موقفه جدهم سيدنا إبراهيم إذ قال له ربه أسلِم قال أسلمت لرب العالمين (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132)). وأرشد المسلمين إلى أن يقولوا نحن نؤمن بنبينا ونؤمن بكل الأنبياء السابقين فإن أردتم أن تدخلوا في هذا الدين الذي يصدّق ما بين أيديكم مما تتلونه من كتب الله عز وجل فهذا محمد قد تسلم الرسالة لأنكم عجزتم عن حملها وعن تبليغها بهذه المواقف التي وقفتموها ضد أوامر الله وضد رسل الله عز وجل. هذا هو محمد الذي يصدق ما بين يديه ويكون خاتماً حقيقاً للأنبياء والرسل ويكون رسولاً للعالمين. ندعو الله عز وجل أن يجعلنا من أمته وأن يستخدمنا لنشر هدايته على العالمين.
http://www.youtube.com/watch?v=baoLJDBtmq0&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=1
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد مختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة الثانية – الجزء الثاني[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=TXcohsEUmzY&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=2[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]طمعاً في الحصول على أجر التدبر لآيات الله عز وجل نتحدث اليوم عن الجزء الثاني من كتاب ربنا عز وجل من سورة البقرة حيث يبدأ هذا الجزي ببيان وفضح المؤامرات التي كانت تحاك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما زالت تحاك من هؤلاء اليهود إلى وقتنا الحاضر وستستمر إلى يوم القيامة. لقد منح الله عز وجل هذه الأمة ميزة لم تكن لغيرها من الأمم فجعل قبلتها هي الكعبة أول بيت وضع للناس في الأرض وقبل أن يحوّل القبلة إليها كان قد أمر نبينا صلى الله عليه وسلم حين فرض عليه الصلاة بأن يتجه إلى بيت المقدس ليقول للناس جميعاً بأنه يسير في فلك الرسل والأنبياء السابقين ولينزع العصبية للبيت الحرام عند قريش، إنهم يتجهون إلى بيت الله وليس إلى بيت آبائهم (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ (143)) لكن هؤلاء السفهاء قالوا إذا كان يتبع قبلتنا فلماذا لا يتبع ديننا؟ وحينما حوّل الله القبلة إلى الكعبة قالوا لماذا ترك قبلتنا مع أن هؤلاء الذين يصلّون إليها بطلت صلاتهم فردّ الله عز وجل عليهم (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143)) وحوّل الله الكعبة إرضاء لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا (144)) وحثّ الأمة كلها أن تتجه إلى البيت الحرام حيثما ما كانوا حتى يقطع حجة بني إسرائيل عليهم. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم بيّن لنا أيضاً أن السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله عز وجل لأن الصحابة كانوا يتحرجون من أن يطوفوا بين الصفة والمروة لما كان عليهما من أصنام في الجاهلية فأزاح الله تعالى عنهم هذا العبء وهذا الحرج (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)). ونبههم إلى هذه المخلوقات والملكوت الأعلى أن يتفكروا فيها ليعرفوا عظمة الله (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)) فهل من فعل كل هذا نجعل له ندّاً ونظيراً من الأصنام أو من البشر أو ما إلى ذلك (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ (165)).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تتحدث الآيات عن تيسير الله عز وجل للأمة المحمدية في أن فرض عليها بعض العبادات التي تزكي نفوسهم من الصيام والصلاة والزكاة والحج إلى بيت الله الحرام وما يسّره عليهم في أداء هذه العبادات. فتحدثت الآيات عن البر وأنواع البر. نعلم أن البر عطاء لكن الله عز وجل يحدثنا عن أنواع كثيرة من البر ومنها العبادة (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)). (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) ليست مسألة الإتجاه إلى القبلة هو البر (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) أركان العقيدة ثم أقام الصلاة وأنفق من ماله للفقراء والمساكين واليتامى وأعطى كل ذي حق حقه (وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ)، هذا هو البر الحقيقي الذي يطلبه الله تعالى من البشر.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي فريضة الحج التي تزكّي النفس وتجعل كل العبادات والمناسك لله عز وجل (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ (196)) لا بد أن تكون لله ويفصل تلك المناسك في هذه الآيات الكريمة. ونبينا صلى الله عليه وسلم طبقها في دنيا الواقع وقال لأمته: خذوا عني مناسككم. [/FONT]
[FONT=&quot]وجاءت بعض التشريعات الأخرى التي تضبط حركة الحياة للمسلم ففرض الله عز وجل القصاص (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)) والغريب في الأمر أن الله عز وجل يجعل الهدف من وراء القصاص الوصول إلى التقوى كما يجعل الهدف من الصيام الوصول إلى التقى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)) التقوى هي الأساس أن تتقي الله عز وجل ، أن تتقي غضبه وأن تتقي عذابه وأن تسعى إلى رضوانه فتنفيذ أوامر الله يوصلنا إلى هذه التقوى وإذا جاءت التقوى جاءت السعادة للمجتمع كله (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) الطلاق).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم أرشدت الأمة إلى أن تتخذ من الأهلة ومن منازل القمر مواعيد لأداء العبادات (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ (189)) لأننا نصوم في رمضان ولا نصوم في شهر أغسطس ونحج في شهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة ولا نحج في شهر أكتوبر فالأهلة الأشهر العربية هي المعتمدة عن الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم حرّم علينا الخمر لما فيها من عدوان على العقل (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا (219)) وحرّم علينا أيضاً أن نتزوج من المشركات لكن أباح لنا أن نتزوج من الكتابيات من أهل الكتاب من اليهود والنصرى بشرط واحد أن تكون هذه المرأة الكتابية عفيفة وتريد الإحصان ويريد الإنسان المسلم أن يحصّن نفسه أيضاَ فلا مانع إطلاقاً من أن يتزوج المسلم من كتابية.[/FONT]
[FONT=&quot]وتتحدث الآيات عن العلاقات بين المسلم وأخيه المسلم وغير المسلم. [/FONT]
[FONT=&quot]وتبين الآيات أيضاً قواع الاستقرار في الأسرة المسلمة فتنهى عن عملية الطلاق المستمر وتعطي فرصتين فقط (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ (229)) ولا بد أن يحرص المرء المسلم على أن يحترم الكلمات الشرعية (وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا (231)) كثير من المسلمين الآن يتهاون في إطلاق لفظ الطلاق ويجعله يميناً مع أن الطلاق لفظ جعله الله للفرقة بين الزوج وزوجه وحدده (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)) وناشدت كلاً من الزوج والزوجة أن يراعي مشاعر الآخر وأن يعيشوا في أمن وأمان واستقرار. ثم أوجبت على من طُلّقت أن تتولى رضاعة أبنائها حتى لو كانت مطلقة (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ (233)) فالرضاعة الطبيعية حق للطفل لا ينبغي أن تتركه الأم حتى لو كانت مطلقة لكن على الأب أو من يتولى أمر هذا الطفل أن ينفق على هذه المرضعة (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ (7) الطلاق) فإذا امتنعت هذه المطلقة عن إرضاع الطفل كان على ولي أمر هذا الطفل أن يسترضع أن يأتي برمضع آخر لأن هذا حق ثابت للطفولة وهذا من إعجاز القرآن الكريم في موضوع التنشئة الصحية البدنية للإنسان. وكذلك في موضوع الرضاعة فيه تنمية للحنان والرحمة التذي يتكتسبه الطفل من ضمه إلى صدر أمه مما ينعكس هذا الأثر على سلوكياته مع الآخرين. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم حدد أيضاً في هذا الإطار أن المطلقة طلاقاً بائناً وأن المتوفى عنها زوجها كلٌ منهما له عدة لا بد من قضائها قبل أن تتزوج من آخر. ومن هنا نجد القرآن يفسّر لنا ويوضح العلاقات الطيبة التي تجعلنا نعيش في أمن وطمأنينة وأن نجعل عبادات الله عز وجل تزكية لأرواحنا واستقراراً لأوضاع مجتمعنا وهذا هو الإسلام. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة الثالثة – الجزء الثالث[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=A76dAp1jQls&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=3[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]مع الجزء الثالث من كتاب الله سبحانه وتعالى من سورتي البقرة وآل عمران. يبدأ هذا الجزء بحديث القرآن عن رسل الله الذين اختارهم ربنا سبحانه وتعالى لهداية البشر والله أعلم حيث يجعل رسالته ولكن هؤلاء الرسل متفاوتون وليسوا سواء فقد فضل الله بعضهم على بعض (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ (253)) وحثّنا مباشرة على الانفاق في سبيل الله قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ). ثم تأتي آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله عز وجل هذه الآية التي يهرب منها الشياطين والتي أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقرأها دائماً في صباحنا ومسائنا وبعد صلاتنا لأنها تتعلق بعظمة الخالق سبحانه وبأسمائه العليا وصفاته السامية (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) ثم من كانت هذه صفاته وهذه أسماؤه وهذه آثاره لا بد أن يُطاع وأن يُعبد لكن هناك أناساً يكفرون بالله عز وجل فيضع القرآن الكريم أمامهم مصير الكافر ومصير المؤمن ويقول لهم لن أكرهكم على الدخول في الدين ولكن كلٌ يتحمل مسؤولية عمله (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أما أولئك الذين يكفرون بالله عز وجل فليس لهم إلا عذاب الجحيم. هؤلاء الكفرة الذين لم يعبدوا الله ولم يستجيبوا لوحيه مثلهم كمثل هذا الملك الذي جاءه سيدنا إبراهيم يشرح له عبادة الله عز وجل فيقول له (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ) فيقول هذا المتغطرس وأنا أحيي وأميت، أحكم على اثنين بالاعدام ثم أعفو عن واحد وأبقي الآخر فأنا أحييت هذا وأمتّ هذا، لم يجادله سيدنا إبراهيم بذكائه وفطرته ولكن قال له فالله الذي ندعوك إليه (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يضع أمامنا القرآن الكريم قصة سيدنا إبراهيم في موضوع الإحياء والإماتة فيقول لربه (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى) وهذا السؤال لا ينبغي أن يكون من البشر ومن هنا قال له الله عز وجل (قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) فكلّفه الله عز وجل بأن يأتي بأربعة من الطير يعرف مواصفات كل طير منها ثم يقطّعها أجزاء ويضع هذه الأجزاء فوق الجبال المتناثرة ثم يدعوها فإذت بها تأتي إلى سيدنا إبراهيم سعياً وينضم كل جزء إلى الآخر وتأتي هذه الطيور الأربعة إلى سيدنا إبراهيم أحياء هنا يقول سيدنا إبراهيم عن هذه التجربة أنه آمن بالله عز وجل واطمأن قلبه.[/FONT]
[FONT=&quot]يدعونا القرآن الكريم ما دام الله هو الذي يحيي ويميت وهو الذي يرزق وهو الذي بيده كل شيء فعلينا أن ننفق مما آتانا الله ويضع أمامنا جزاء لهذا الإنفاق (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) أي أن الصدقة يمكن أن تصل إلى سبعمائة حسنة ومع هذا أيضاً هناك مضاعفة لهذه الحسنة لكن بشرط أن تكون هذه النفقة من غير ضرر ولا أذى للمتصدَّق عليه فالكلمة الطيبة أفضل من إعطائك مالاً تمنّ به على السائل (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) وإذا منّ الإنسان بما أعطاه للفقير فإن صدقته تُحبط ولا أثر لها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى) لأن هذا معناه (كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) إذن أنت تعطي ليس لله وإنما لكي يقول الناس عنك أنك كريم وليقول هذا المعطى بأنك سيده وأنت قد أخذت المال من رب العزة وتعطيه لعباد الله عز وجل. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم تحدث القرآن عن أن الإنسان المسلم ينبغي أن يعطي تلك النفقات سراً أفضل حتى ينجو من مسألة الرياء لكن إذا كانت الصدقات واجبة كالزكاة مثلاً وإعلانها سيشجع غيره على أدائها فلا مانع من الإعلان (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ). ثم أنت عليك نفسك (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) فلا تُذهب نفسك على هؤلاء الضالين حسرات (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) (وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) الله عز وجل يعطي على الصدقة أمثال أمثالها من فضله العظيم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يتحدث القرآن عن المقابل لهذه الصدقة أولئك الذين يرابون يتخذون الربا وزيادة المال في مقابل الزمن هؤلاء عندهم جشع وعندهم سُعار يصل بهم إلى درجة الذي يتخبطه الشيطان من المسّ وقد حرّم الله عز وجل الربا وأحل البيع، لكنهم في الجاهلية كانوا يقلبون الأوضاع فيقولون إن البيع مثل الربا. الأصل هو البيع لكنهم كانوا يقولون الأصل هو الربا كما يحدث الآن في الرأسمالية الجشعة التي تجعل الربا والفائدة هي الأساس في الاقتصاد فالقرآن هنا يعيب عليهم (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) ويتحدث عن المرابي (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) الذي يتصدق يتصور أنه يُنقص ماله والذي يرابي يتصور أنه يزيد ماله ولكن الله عز وجل على عكس ذلك يربي الصدقات ويمحق الربا. ثم تأتي الآية الكريمة التي جاءت في نهاية هذا النهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ثم يهدد ويحذر المرابين بأنهم سيتعرضون لحرب من الله ورسوله (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ). ثم تأتي آية المداينة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) يوصينا القرآن الكريم بالاستيثاق من الدين بالرغم من أن ذكمم الناس وإيمانهم كان عظيماً لكن لا بد من الاستيثاق بالكتابة وبالشهود لكن إن أمن بعضنا بعضا فليؤد الذي ائتمن أمانته. ثم تُختم سورة البقرة بآية تتحدث عن كتابة الله عز وجل لكل ما يصدر عن الإنسان بل وما يفكر فيه (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ) هنا يقلق الصحابة لا يستطيعون أن يتحكموا في خواطرهم فيقول الله عز وجل (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) هذه هي سِمة المسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي سورة آل عمران لتناقش نصارى نجران الذين كانوا يدّعون بألوهية سيدنا عيسى، فتقول لهم إن عيسى هو ابن مريم ومريم بنت عمران وعمران رجل تعرفوته إذن عيسى من أسرة بشرية ترونها وتعلمونها فكيف يكون إلهاً؟! ومن الذي كان يرعى البشرية قبل أن يأتي عيسى إلى الأرض؟! ولكن هذه السورة تبدأ بتوحيد الله عز وجل (اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) لم ينزل القرآن فقط بل وأنزل التوراة والزبور والانجيل وكلها كتب من عند الله عز وجل لكن هناك أناساً يتعمّدون أن يأخذوا من هذه الكتب ما هو متشابه عليهم لا يعقلونه يريدون أن يضلوا الناس (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) وتتحدث الآية أيضاً عن معجزة الله عز وجل في لقاء نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأعدائه في أهل بدر (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) وتأتي الآيات بعد ذلك تحدثنا عن قصة سيدنا عيسى ابن مريم (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) إن الله اصطفى آل عمران لأن منهم السيدة مريم البتول الطاهرة التي حفظت فرجها وجعلها الله خير نساء العالمين وجاءت بسيدنا عيسى روح الله الذي جاء بلا أب تأكيداً لمقدرة الله وطلاقة القدرة الإلهية بأن يأتي بما يشاء بقوله كن فيكون، جاء ليعلّم الناس الحكمة والتوراة والانجيل وليحلّ لبني إسرائيل بعض ما حُرّم عليهم وينبئهم بما تُخبأ عنهم من عالم الغيب وجاء عيسى ولكن أحسّ منهم الكفار (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) من هنا كان هؤلاء الأنصار هم المبلِّغون لرسالة سيدنا عيسى وندعو الله أن يجعلنا من أنصار رسول الله محمد بن عبد الله لنبلِّغ رسالته إلى العالمين إنه ولي ذلك والقادر عليه. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة الرابعة – الجزء الرابع[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=QRD6s_J7lrk&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=4[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]الجزء الرابع في سورتي آل عمران وآيات من سورة النساء. يبدأ هذا الجزء بالحديث عما وضعه بنو إسرائيل أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول إن ملتي هي ملة إبراهيم فقالوا له إن إبراهيم كان يحرّم لحوم الإبل وألبانها وأنت تُحلّ لحوم الإبل فكيف تكون على ملّته؟! فكذبهم الله عز وجل في ذلك وأرشد إلى أن من حرّم لحوم الإبل هو يعقوب، هو إسرائيل نفسه هو الذي حرّم على نفسه هذا الطعام وكان أحبّ شيء إليه فحرّمه الله تعالى عليهم (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ) ثم تحداهم وقال (قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). ثم تحدث عن إبراهيم الذي ينتسبون إليه أنه أول من رفع قواعد البيت الحرام، الكعبة المشرفة (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) البقرة) اسماعيل وليس اسحق اسماعيل هو الذي ساعد أباه في رفع قواعد البيت مع أنهم كانوا يبنون بيت الله إلا أنهم كانوا في نهاية الخضوع لله عز وجل وكانوا يدعون أن يتقبل الله منهم وأن يجعلهم من المسلمين (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) البقرة). ولكن بني إسرائيل هؤلاء الذين كان المفروض أن يسيروا على نهج آبائهم يقفون بالمرصاد أمام دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيريدونها أن تكون عوجا (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا) (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ (211) البقرة) ولكنهم يبدّلون آيات الله عز وجل، يعاتبهم الله عز وجل ويسألهم لماذا يصرّون على أن يجعلوا طريق رسول الله عوجاً وأنهم يضعون العراقيل في سبيل وحدة المسلمين ويفرقون بينهم. ثم إن هؤلاء الذين يسعون في آيات الله وفي دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يبلغوا ما يريدون مطلقاً لأن الله عز وجل هو ناصر الرسول وناصر دعوته. ثم إن هؤلاء كانوا فِرَقاً أكثرهم فاسقون لكن ليسوا سواءً، كيف تكون الأمة حذِرة أمامهم من هذه المكائد وهذه المؤامرات؟ أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم) لكنهم لم يؤمنوا فيحذّرنا ربنا عز وجل من مكرهم وأنهم قد ضربت عليهم الذلّة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس، إذا سألنا عن حبل الله قال الله عز وجل في آية أخرى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) فحبل الله هو كتاب الله عز وجل لو أن يدنا قد تهاونت في الاعتصام بحبل الله ثم هم مدّوا حبل الناس والدول الأخرى وأغروهم بالمال وبالإعلام انقلبت ذلتهم إلى عزة فعلى الأمة إذن أن تتخذ من الوسائل ما يجعلهم أذلة والوسائل هي أن تعتصم بكتاب الله وأن تُخذّل بينهم وبين القوى الأخرى التي تساعدهم لأنهم جبناء لا يستطيعون أن يقفوا أمام المسلمين فيستعينون بغيرهم، ومع هذا يقول القرآن (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ). [/FONT]
[FONT=&quot]وتضع الآيات القرآنية أمام المسلمين قصة غزوة أحد التي لم يسمعوا فيها كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولجأوا إلى البحث عن الغنائم فهُزموا شر هزيمة وعصوا ثم أدركهم الله عز وجل في نهاية الأمر بعد أن استفاقوا وعلموا خطأهم وتاب عليهم (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) هكذا القرآن الكريم يدعوهم إلى هذا الاعتصام ليأتي النصر لأن النصر ليس إلا من عند الله عز وجل. ويذكّرهم بما حدث منهم من هرج ومرج عندما أشاعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قُتِل فبدأ بعضهم يهرب ويفرّ من المعركة فيقول الله عز وجل (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) هذه الآية الكريمة التي تمثّل بها سيدنا أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليردّ على عمر الذي لم يكن مصدقاً أن النبي قد مات فقال سيدنا أبو بكر: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت. ثم أن من كان مؤمناً بمحمد فليقاتل على منهج محمد كذلك كان المناصرون لرسل الله (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ). وفي هذا الإطار يضع القرآن الكريم أمامنا نهاية الشهداء وأنهم أحياءٌ عند ربهم يرزقون (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) وهذا تطمين لأهالي الشهداء الذين استشهدوا في غزوة أحد فهم قد اختارهم الله عز وجل عنده أحياء في جنة ربهم. ثم يتحدث القرآن الكريم عن الابتلاءات التي تنتظر الأمة من أهل الكتاب ومن المشركين فيقول (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا) ولكن عندكم العلاج (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ). ثم يضرب الله عز وجل لنا الأمثال فيمن كان يخاف من عدوّه فأماته الله عز وجل من غير قتال وتتحدث الآيات في ختام هذه السورة الكريمة عن فضل التدبر والتفكر في خلق الله عز وجل (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ) فشأن المؤمن دائماً أن يكون ذاكراً لله بقلبه وبلسانه وبأعماله (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ويستمر المؤمن داعياً ربه عز وجل أن يتقبّله وأن يجزيه على إيمانه خيراً.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي سورة النساء وسورة النساء مهمة جداً في هذا المجال لأن الأسرة المسلمة متوائمة منسجمة متوادّة متراحمة يكون المجتمع كله قوياً ويكون متحابّاً أيضاً. ولأن بني إسرائيل كانت فتنتهم الأولى في النساء فجاءت السورة لتبين لنا كيف تكون المعاملة مع النساء وسيلة للمتعة ووسيلة أيضاً للاستقرار ومحضناً صالحاً لتربية الأطفال. وتحدثت السورة عن اليتامى وعن حقوق اليتامى وتحدثت عمن يريد ظلم اليتامى بأن يكون هو وليّ أمر لهذه الفتاة فيريد أن يزوّجها لابنه حتى يهضمها حقها فيقول الله عز وجل لماذا تصرّ على الزواج من هذه اليتيمة وقد أبحتُ لك أن تتزوج اثنين وثلاثاً وأربعاً من غيرهنّ فلماذا تظلم هذه الفتاة اليتيمة؟ لا بد أن تعطي ما لليتامى من من حقوق وأن تتقي الله في ذلك لأن من يأكل مال اليتيم كأنما يأكل النار. ثم بعد ذلك تأتي الآيات لتنظم حركة الميراث وتعطي كل وارثٍ حقّه وتجعله فريضة محكمة لا يتحكم فيها أحد سوى رب العزة سبحانه وتعالى (فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (11)) هذا هو ما شرعه الله سبحانه وتعالى للأمة حتى تكون خير أمة أخرجت للناس. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة الخامسة – الجزء الخامس[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=N0quuX0wr0I&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=5[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]من آيات سورة النساء وقد حددت سورة النساء في أولها ما يباح للإنسان بالزواج من اثنتين وبثلاث أو بأربع بشرط العدل بين هذه الزوجات فإن خاف الإنسان من عدم العدل فعليه أن يكتفي بواحدة وفي هذا الجزء ينبهنا القرآن الكريم عن المحرّمات من النساء سواء كان عن طريق النسب أو عن طريق الرضاعة أو عن طريق المصاهرة فيبدأ أولاً بتنبيهنا على حرمة زوج الأب (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ) ثم يثنّي بمحرّمات من النسب (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ) ثم من الرضاعة (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ) فمن ناحية المصاهرة تحرُم على الإنسان أم زوجته وزوجة ابنه والربيبة التي هي بنت زوجتك من رجل آخر وتنتهي المسألة بالمحصنات من النساء لأن من كانت متزوجة بآخر فهي محرّمة عليك أيضاً. ثم يحث الإسلام كلٍّ من الرجل والمرأة بالزواج العفيف الطاهر ويحدد واجبات الرجل وواجبات المرأة فعلى المرأة أن تطيع زوجها وأن تكون قانتة لله عز وجل أولاً ثم لأبيها وأمها فيما قبل الزواج فإذا تزوجت انتقل القنوت وهو الطاعة في خضوع ورضى وسعادة إلى زوجها (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ) فإذا خرجت المرأة عن طبيعتها الأنثوية والتي فيها هذه الطاعة وبدأت تقف على نشز من الأرض وتدعي لنفسها ما ليس لها إن خاف المرء من نشوزها فعليه أن يتدرج في علاج هذا النشوز فعليه أولاً بعظتها وتبيين الجزاء الأخروي والدنيوي على طاعة زوجها التي قال عنها نبينا صلى الله عليه وسلم: إذا صلّت المرأة خمسها وصامت شهرها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها من أيّ أبواب الجنة شاءت". ويحذرها أيضاً من أن هذا العصيان فيه غضب الله عز وجل فإذا فاءت ورجعت إلى طبيعتها فبها ونعمت وإلا هجرها في المضجع وليس هجر المضجع لا بد أن تكون معه في فراش واحد ويُعرض عنها فذلك ضرب لأنوثتها ثم إن لم تستجب فعليه أن يضربها ضرباً غير مبرح تنبيهاً لها على أنها بسلوكها ذاك ستهدم الأمر كاملة فإذا لم تستجب أيضاً فلا بد من حكم من أهله وحكماً من أهلها ليتبين كلٌ منهما من المخطئ ومن المصيب فإن كان لديهما نية للإصلاح يوفق الله بينهما.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تتعرض الآيات الكريمة إلى العلاقات الإنسانية التي تبدأ بعد عبادة الله عز وجل بالإحسان إلى الوالدين وإلى ذي القربى واليتامى والمساكين والجيران الجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب أياً كان هذا الصاحب الصديق سواء كان في سفر أو في زمالة في العمل كل هؤلاء لهم حقوق وهذه الحقوق تأتي مباشرة في درجتها بعد عبادة الله عز وجل. ويتوجه القرآن الكريم إلى بني إسرئيل وهم أهل الكتاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً) تهديد ووعيد لأهل الكتاب الذين يمتنعون عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء مصدّقاً لما معهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي الآيات بعد ذلك مشيرة إلى مبدأ خطير في كيان الأمة المحمدية وهو تحقيق العدالة في المجتمع بمعنى أن يحرص المرء على أن يعدل بينه وبين زوجته، بينه وبين أولاده، بينه وبين غيره فهذه إرادة الله وأمره (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ) فإذا حدث خلاف فالمردّ والمرجع هو الله عز وجل أيّ اختلاف بين المؤمن وأخيه المؤمن أو بين المؤمن وغيره فالمرجع هو الله عز وجل كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم علينا الطاعة لأولياء الأمور وهنا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) لم يقل القرآن ووليّ الأمر وهذا معناه أن الإسلام لا يشجع أن يكون هناك فرد واحد يُلزم الناس جميعاً ديكتاتور ولكن لا بد أن تكون قيادة الأمة لأولي الأمر وأولي الأمر يشمل فيما يشمل العلماء والحكماء وأهلّ الحل والعقد ورئيس الدولة إذا كان ملتزماً بأمر الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ثم يشير القرآن الكريم أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من طاعة الله فما أرسل الله الرسل إلا ليطاعوا بإذن الله (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ) (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) ثم إن هذه الطاعة لا بد أن تكون عن رضى وقناعة (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا (51) التوبة) هذا هو مسلك المؤمن مع أوامر الله عز وجل. ثم حتى لو أطعتم ربكم وتمسكتم بسنة نبيكم فإن أعداءكم لن يتركوكم فلا بد أن تحافظوا على كرامتكم وعلى عزتكم واستقلالكم (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) ما دام مدافعاً عن دينه وعرضه ووطنه فهو شهيد وهو عند الله عز وجل حيٌّ يُرزق.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم إنه وعد الله سبحانه وتعالى بأن كيد الأعداء كيد ضعيف وكيد الشيطان أيضاً ضعيف مع المؤمن التقي المرتبط بربه عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]وتستمر الآيات في عرض ما عند المنافقين من مؤامرات وكيد لهؤلاء المؤمنين بالله عز وجل فالقرآن الكريم يحثنا على أن نحذر هؤلاء المنافقين (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ) وهنا تنبيه من الله عز وجل أن نكون يقظين لما يجري في المجتمع من هؤلاء المنافقين الذين يتولون أعداء الله عز وجل ويتقربون إليهم ويلتمسون العزة عندهم ويلتمسون المال عندهم وهؤلاء المنافقون تجد عندهم أمراضاً قلبية يشتهون المنصب، يشتهون الغنى والثروة هؤلاء الذين في قلوبهم مرض. ثم عندهم وصف آخر وهم أنهم يشيعون الفساد في الأرض ويرجفون ويثيرون الشائعات التي تتسبب في الحيرة والاضطراب والقلق والبلبلة في المجتمع فالقرآن الكريم يحذّرنا من هؤلاء المنافقين.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يحدثنا القرآن الكريم عن أهمية الكلمة وآثارها (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ) ثم إن الإنسان إذا وجد نفسه في أيّ بيئة من البيئات ذليلاً لا يستطيع أن يقيم حدود الله فعليه أن يهاجر (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) وحينما يحافظ الإنسان على الكلمة التي تخرج منه لا بد أن يستغلها في الإصلاح بين الناس ومن هنا كانت الآية (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ) كلمة الإنسان لا بد أن تكون هادفة إلى خير يقدّم للأمة وللوطن إما بالإصلاح وإما بالأمر بالصدقة والحض على إطعام المساكين وما إلى ذلك. ومن هنا تأتي صفة المؤمن في أنه من البررة، البررة مع الله عز وجل والبررة مع المجتمع ومع إخوانه ومع كل العالمين لأن دينه هو دين الرحمة للعالمين كما قال رب العزة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء). [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة السادسة – الجزء السادس[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=1JQwMLgLZes&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=6[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]من أهم ما ينبغي تدبره في الجزء السادس من القرآن الكريم ما ورد فيه من الحقائق الآتية:[/FONT]
[FONT=&quot]للمظلوم أن يجهر بمظلمته حيت تُغلق أمامه أبواب الإنصاف أما الجهر بأعمال الخير فإن كان له تأثير في الاقتداء والانتشار فهو مطلوب وإن كان يُخشى منه الرياء والسمعة فالإسرار أفضل.[/FONT]
[FONT=&quot]مبادئ الرسالات السماوية كلها واحدة ومتكاملة والرسل جميعاً أمناء فيما يبلّغون عن الله عز وجل فمن كفر بأحدهم أو شكّك فيما جاء به أيُّ رسول فهو من الكافرين حقاً.[/FONT]
[FONT=&quot]تعنَّتَ المكذّبون بالرسل وطلبوا أن يروا الله جهراً وعبدوا العجل ونقضوا الميثاق وقتلوا الأنبياء وافتروا على مريم بهتاناً عظيماً وادّعوا أنهم قتلوا المسيح ابن مريم وصلبوه وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم ورفعه الله عز وجل إليه وسيؤمنون به قبل موته وسيشهد عليهم يوم القيامة، ومن أجل ذلك حرّم الله عز وجل عليهم طيبات كانت حلالاً لهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ما أوحى الله به إلى محمد صلى الله عليه وسلم هو ما أوحى به إلى نوح والنبيين من بعده وإلى كل من أرسله الله ممن جاء ذكره في القرآن الكريم وممن لم يجئ ذكره، والله عز وجل بجلالة قدره يشهد لمحمد صلى الله عليه وسلم وبما أنزله عليه والملائكة كذلك يشهدون معه وكفى بالله شهيداً فمن كفر به وصدّ عنه فقد ضلّ ضلالاً بعيداً.[/FONT]
[FONT=&quot]على الناس جميعاً أن يعلموا أن ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو الحقّ من ربهم وعلى أهل الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ) وليس هناك آلهة ثلاثة ولن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله والملائكة المقرّبون.[/FONT]
[FONT=&quot]القرآن برهان ونور من اعتصم به سيُدخله الله في رحمة منه وفضل ويهديه إليه صراطاً مستقيماً.[/FONT]
[FONT=&quot]من أحكام الإسلام ميراث الكَلالة والكلالة هو الرجل الذي توفي ولم يترك أصلاً ولا فرعاً فإن كان له أخت فلها نصف ما ترك وإن كان له أختان فلهما الثلثان وإن كان له إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين (يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).[/FONT]
[FONT=&quot]بهذا تنتهي سورة النساء وتبدأ سورة المائدة. [/FONT]
[FONT=&quot]تبدأ بالأمر بالوفاء والعقود وبالعهود وبالوعود فالوفاء صفة الإسلام. ثم بيان ما أحلّ الله من الطيبات وما حرّم من الخبائث ومنالخبائث العدوان على حجاج بيت الله الحرام وعلى الشعائر والمشاعر ومن الخبائث أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به ومن الميتة المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما أُدرك وذُبح وسال منه الدم. ومن الخبائث أيضاً التشاؤم والتطيّر والكهانة والاستقسام بالأزلام فذلك كله فِسْق.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي يوم عرفة من حجة الوداع نزّل الله عز وجل وسام هذه الأمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) وفي هذا اليوم أيضاً أحلّ الله الطيبات وأحلّ أيضاً طعام الذين أوتوا الكتاب وأحلّ لغير المسلمين طعام المسلمين كما أحلّ للمسلمين أن يتزوجوا من الكتابيات بشرط التأكد من عفّتهن وبشرط أن يكون الغرض الأساسي هو إحصان كلٍّ من الطرفين. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم حينما يريد المرء أن يلقى ربه في الصلاة فلا بد أن يتطهر ويتوضأ ويغسل الأعضاء المحدّدة في كتاب الله الوجه واليدين والرأس والرجلين إذا كان ذلك متيسراً بالماء فبها ونعمت وإلا فليمسح على الوجه والكفين بالتراب الطهور وذلك تيسيرٌ من الله عز وجل فما جعل في الدين من حرج.[/FONT]
[FONT=&quot]إقامة العدل بالنسبة للمؤمنين أمرٌ إلهي لا بد من أن يكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين بل وعلى من يكرهونهم (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى). تأتي هذه الآيات الكريمة تذكّر المسلمين بقصة موسى عليه السلام حينما طلب من قومه أن يدخلوا الأرض المقدّسة فجَبَنوا عن ذلك (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) (قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) فضرب عليهم رب العزة سبحانه الذلّ وجعلهم يتيهون في الأرض أربعين سنة. وذلك إشارة من القرآن الكريم إلى الأمة المحمّدية أن لا تكون من أخلاقها مثل هؤلاء.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاءت قصة ولدي آدم حينما تقدّم كل منهما بقربان فتقبل الله من التقيّ فاغتاظ الآخر وطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فجعله الله تلميذاً للغراب ليواري سوءة أخيه وأصبح من النادمين. ومن أجل ذلك شرع الله القصاص ليظل المجتمع في أمن وأمان.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاءت عقوبة الحِرابة أولئك الذين يفسدون في الأرض ويروّعون الأمناء جزاؤهم عند الله عز وجل أن يُقتّلوا أو يُصلبوا إذا قتلوا وأن تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف إذا سلبوا ونهبوا وروّعوا وأن ينفوا في الأرض إذا أخافوا الناس ولم يقتلوا ولم يسلبوا أولئك لهم خزي في الدين ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا من تاب قبل أن يقبض عليه فإن الله غفور رحيم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي عقوبة السارق والسارقة بقطع اليد التي امتدت إلى أموال الآخرين (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي الحديث عن رِدّة كثيرٍ من الناس بأن الله عز وجل سيبعث من خلقه من يكون مُحباً لله ويُحبه الله من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ). [/FONT]
[FONT=&quot]ينبئنا القرآن الكريم عن أن اليهود سيزيدهم وجود القرآن الكريم طغياناً وكفراً وأنهم كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله وأن الله عز وجل ألقى العداوة والبغضاء بينهم إلى يوم القيامة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تنتهي الآيات في هذا الجزء بلعن أولئك الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه يقول سبحانه (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79)).[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة السابعة – الجزء السابع[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=kqxVlawbISA&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=7[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]تحدث القرآن الكريم في الجزء السادس من هذا الكتاب العزيز عن أن مناصرة أعداء الإسلام من اليهود والنصارى نفاق وخيانة لأنهم يعتمدون على الخلق وينسون الخالق ويقولون نخشى أن تصيبنا دائرة. وأنكر اليهود حد الرجم للزاني المحصن الذي باشر العلاقة الجنسية في زواج صحيح مع أن ذلك موثّق في توراتهم وجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بغير ما أنزل الله ولكن الله عز وجل أخزاهم وبيّن أنه حكم الله في التوراة وفي القرآن ,ان ما جاء في القرآن هو مصدّق لما كان في التوراة والإنجيل من هدى ونور وأنه مهيمن على كل ما نزل من كتب السماء السابقة وأن الحكم بما أنزل الله في هذا القرآن واجب بحيث من لم يحكم بما أنزل الله فيه فهو كافر ظالم فاسق. [/FONT]
[FONT=&quot]وجاء الجزء السابع من القرآن بادئاً بأن عداوة اليهود والمشركين مستمرة متجددة أما النصارى فمنهم قسيسون ورهباناً وهؤلاء لا يستكبرون عن قبول الحق وأنهم إذا سمعوا ما أُنزل إلى رسول الله آمنوا به ورجوا رحمة الله عز وجل. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاءت الآيات الكريمة تبين للمؤمنين رحمة الله بهم حيث لا يؤاخذهم باللغو في أيمانهم وهذا اللغو الذي لم يقصده الحالف أساساً ولم يعزم عليه فإذا عقّد اليمين ثم خالف ما حلف عليه فعليه أن يكفّر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله أو يكسوهم فإذا عجز فعليه أن يصوم ثلاثة أيام فتلك كفارة الأيمان إذا قام بها الإنسان ولم يفِ بما وعد به.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاء الأمر للمؤمنين أن يجتنبوا الخبائث وأمّ الخبائث وهي الخمر التي تستر العقل وتعتدي على أهم ما ميّز الله به الإنسان وأضاف إلى هذه الجريمة الميسر والأنصاب والأزلام وجعلها رجساً من عمل الشيطان وأن الشيطان يستغلها في إحداث العداوة والبغضاء بين المسلمين وإلهاء الناس عن ذِكر الله وعن الصلاة، وطلب من المؤمنين أن ينتهوا عن هذه الخبائث وأن يكونوا من العقلاء المتدبرين.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم حرّم عليهم إذا كانوا مُحرمين بالحج والعمرة أن يصطادوا من صيد البر أماناً لهذا الحرم واكتفاءً بأن اباح لهم صيد البحر ما داموا حرماً وعليهم حينما يكونون في هذه الأراضي المقدسة أن يحترموا شعائر الله وأن يعظّموا الكعبة والهدي المقدّم إلى فقراء الحرم وأن يكونوا مُثُلاً ونماذج لأخلاق الإسلام.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم نبّههم إلى أن سؤالهم عن ما لم يبينه الله عز وجل في كتابه الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ذلك إلا تجاوزاً منهم حيث أن الله عز وجل لم يكن ناسياً ولكنه ترك ذلك رحمة بهم. وبناء على ذلك لا ينبغي للإنسان أن يسأل ما لم يرد في كتاب الله عز وجل أو سنة رسوله. والحلال هو ما أحلّه الله والحرام ما حرّمه أما المشركون الذين حرموا مما أحلّه الله بعض الأنعام من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام فكل ذلك افتراء على الله عز وجل. على كلٍّ منا أن يقوم بما أوجبه الله عليه من مسؤوليات وإذا اهتدى فلن يضرّه أحد ممن خالفه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم إذا مات الإنسان في مكان مجهول ووصّى ببعض أمواله وهناك من شهد على هذه الوصية فعلينا أن نستوثق من هذه الوصية بالإشهاد عليها وبمواجهة الشهداء بعضهم مع بعض حتى نستوثق مما وصى به الميت حيث لا بينة على ذلك إلا بالشهود.[/FONT]
[FONT=&quot]ونبّه القرآن الكريم عن أن الله سيجمع الجميع ومنهم الرسل يوم القيامة ليسألهم عما بلّغوه إلى أقوامهم (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109)) وسيسأل سيدنا عيسى ويذكّره بنعمته عليه وبما آتاه من معجزات في نفخه في صور الحيوان والطير فإذا به يحيى بإذن الله وفي إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله وبهدايته للحواريين أن يؤمنوا به ومع ذلك فإن الحواريين قد طلبوا من سيدنا عيسى أن يُنزل الله عليهم مائدة من السماء يأكلون منها وتطمئن بها قلوبهم وتكون آية يشهدون بها ويجعلونها معجزة باقية. ومع استغراب الطلب لجأ سيدنا عيسى إلى ربه أن يُنزل عليه مائدة من السماء تكون لهم عيداً لأولهم وآخرهم ونزلت المائدة ولكن ترتّب على ذلك أن من يكفر بعد ذلك فإن الله سيعذبه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين. ثم ينبّه القرآن الكريم أنه سيسأل عيسى ابن مريم يوم القيامة عما ادّعاه اتباعه بأنه أمرهم أن يعبدوه هو وأمه فسيقول سيدنا عيسى (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)) وبهذا تنتهي سورة المائدة وتبدأ سورة الأنعام.[/FONT]
[FONT=&quot]تبدأ سورة الأنعام بحمد الله خالق السموات والأرض وجاعل الظلمات والنور خالق الإنسان من طين محدداً له أجلاً في الدنيا يتركها إلى الآخرة ومحدداً له أيضاً أجلاً آخر للحساب والجزاء في يوم الدين. ولقد طلب المكذبون بهذا أن ينزل القرآن الكريم في كتاب مسجّل من السماء مع أنهم حاقدون رافضون ولو نزل الكتاب كما أردوا ولمسوه بأيديهم لقالوا هذا سحر مبين. طلبوا كذلك أن يكون مع الرسول ملك ولو نزل الملك مع محمد صلى الله عليه وسلم لجاء في صورة بشر ولجاء اللَبْس عليهم أنه ملك أو بشر لأن الملك لا ينزل بصورته الحقيقية.[/FONT]
[FONT=&quot]وقد أوحى الله عز وجل إلى محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة لينذر بها قومه ومن بلغته الرسالة إلى يوم القيامة وسيحشر الجميع ويسالهم عن كل ما كُلِّفوا به . لقد كان الأولى بهم أن يسألوا أنفسهم عمّن يرزقهم ويُطعمهم وهو لا يُطعم، ألا يخافون عذاب الله وهو القاهر فوق عباده؟! ليس محمد صلى الله عليه وسلم أول من كذّب وليس في مقدوره أن يأتي بمعجزات ولو خرق الأرض أو صنع سلماً في السماء لأن ذلك كله بإرادة الله وحده، من هنا كان على الجميع أن يؤمن وأن تكون الرسالة مبلّغة إلى الجميع بالرغم أن المترفين لا يريدون الضعفاء في مجلسهم مع أن الله عز وجل قد جعل هؤلاء الضعفاء جنوداً للحق فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يطرد هؤلاء الضعفاء.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي بعد ذلك قصة سيدنا إبراهيم مع الكواكب ذلك أنه وجد أناساً يؤمنون بالكواكب فوقف أمام النجم واتفق معهم على الإله لا ينبغي أن يغيب عن الخلق فلما ذهب هذا النجم وأفل قال إني لا أحب الآفلين ثم جاء القمر وأفل وجاءت الشمس وأفلت فإذا به يتوجه إلى الله عز وجل (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)) وألزمهم الحجة وآتاه الله عز وجل الفنّ في مخاطبة وجدال المخالفين.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي بعد ذلك حديث عن قدرة الله وهيمنته الذي فلق الحب والنوى والذي فلق الإصباح والذي أنزل من السماء ماء وأنبت بهذا الماء ما يطعم به الإنسان ويعيشه فعيلنا جميعاً أن نعود إلى رب العزة الذي خلق ورزق وهيمن وأنزل ما يهدينا إلى الطريق المستقيم. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة الثامنة – الجزء الثامن[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=1QVCoV4Vj6g&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=8[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]نتدبر في الجزء الثامن من كتاب الله عز وجل ما ورد فيه من الحقائق الآتية:[/FONT]
[FONT=&quot]شياطين الإنس والجن يتعاونون في عداوة الأنبياء وما جاؤوا به ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفتروه ذلك أن الله عز وجل جعل ذلك فتنة لعباده لتصغى أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون وفي النهاية مثواهم النار وبئس مثوى الظالمين.[/FONT]
[FONT=&quot]أنزل الله تعالى القرآن الكريم مفصّلاً حكماً بين الخلق وأهل الكتاب يعلمون ذلك ويعلمون أنها سنة الله ولا تتبدل ولكن المؤمنين ينظرون إلى أنفسهم فيجدونها قلة والقلة لا تضر المؤمنين فأكثر أهل الأرض لا يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحلق شيئاً والله أعلم بمن يستحق الهداية. فليست المسألة إذن بالكمّ والكثرة. [/FONT]
[FONT=&quot]لقد أحل الله عز وجل للمؤمنين كل الطيبات فأحل لهم أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه ذلك أن من يذبح ما أحلّه الله يقول في بدء ذبحه: بسم الله والله أكبر، أي أنه قد أخذ الإذن ممنا خلق الحيوان ومن خلق الإنسان فليس معتدياً على هذا الحيوان والله أكبر من الإنسان والحيوان. فإذا ذكر اسم غير اسم الله عز وجل وهو غير خالق لهذا الحيوان ولم يأذن به كان ذلك عدواناً على هذا الحيوان. وقد فصّل الله عز وجل ما حرّم على المؤمنين إلا عند الضرورة القصوى فقد أحلّ لهم ما يحفظ حياتهم حتى ولو مما حرّم الله عليهم. [/FONT]
[FONT=&quot]فعليهم إذن ألا يستمعوا إلى جدال أولياء الشياطين في اعتراضهم على المؤمنين حينما يقولون كيف تحلّون ما قتلتم وتحرمون ما قتل الله عز وجل؟ لقد أحيا الله قلوباً أضاء فيها نور الإيمان وأمات بالكفر قلوباً تنكر وتتمنى أن تُعطى مثل ما أُعطي رسل الله مع أن الله عز وجل يعلم حيث يجعل رسالته إن هؤلاء الذي يتمنون ما لا يستحقون سيصيبهم صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يكفرون ويمكرون ومن يرد الله به خيراً يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون. إن من التزم صراط الله المستقيم له دار السلام عند ربه وما قدروا المكذبون ربهم حق قدره ولو شاء لأهلكهم ولاستخلف من بعدهم ما يشاء وكل ما توعدهم الله به آتٍ لا محالة وما يعجز الله عن شيء في الأرض ولا في السماء وسيعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون.[/FONT]
[FONT=&quot]لقد قسّم الكفرة الحرث والأنعام بين آلهتهم وبين رب العزة (وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا (139)) كل ذلك افتراء على الله عز وجل فهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أُكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه وأحلّ لنا ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين لم يحرّم من ذلك شيئاً إلا الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير وما أُهلّ لغير الله به ولكن الكفرة لا يرضيهم ما أحلّه الله وجزى الله اليهود ببغيهم وعدم التزامهم بما حرّم الله عز وجل فحرّم عليهم ما له أظفار وشحوم البقر والغنم إلا شحوم الظهور والحوايا وما اختلط بعظم فإن أنكروا ذلك فكفى بالله شهيداً.[/FONT]
[FONT=&quot]ويتعلل المشركون بالقدر كما تعلل من قبلهم ولكننا نتساءل معهم هل عندهم علم بهذا القدر الذي يتعللون به أم إنهم يخرصون ويكذبون على الله عز وجل؟! [/FONT]
[FONT=&quot]إن هناك عشر وصايا تواترت بها كل الرسل والأنبياء: عدم الإشراك بالله عز وجل، الإحسان بالوالدين، قتل الأولاد من أجل الفقر هذا محرّم في كل الديانات، عدم القرب من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق حرام في كل الديانات، عدم القرب من مال اليتيم واجب، الوفاء بالكيل والميزان فرض، العدل ولو على الأقربين من أخلاق الرسل أجمعين، الوفاء بالعهد وبالوعد، الالتزام بصراط الله المستقيم. هذه الوصايا العشر كما جاءت في كتاب الله عز وجل جاءت أيضاً في كتب الرسل السابقين ولقد أوتي موسى الكتاب تماماً وتفصيلاً لكل شيء وهدى ورحمة ولكنهم حرّفوه وجاء القرآن الكريم عربياً مبيناً ليقطع حجة العرب الذين كانوا يقولون إنما أُنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين، عليهم إذن بعد أن جاءهم القرآن أن يتحدوا عليه. إن الذي فرّق الدين وجعل الأمة شيعاً ليس من الإسلام في شيء. قل يا محمد وقل يا مسلم بفخر وعزو إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملّة أبينا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين، قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين، إنه لا تكسب كل نفس إلا عليها وإلى الله المرجع والمصير.[/FONT]
[FONT=&quot]إلى هنا تنتهي سورة الأنعام وتأتي بعد ذلك سورة الأعراف. تبدأ بالإشادة بهذا الكتاب الذي أنزله الله لينذر به الكفرة وليذكّر به المؤمنين فعلى المؤمنين أن يتبعوه وأن يحذروا مخالفته فكم من قرية خالفت فأُهلكت وسيأتي الوزن الحق يوم القيامة فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفّت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم. [/FONT]
[FONT=&quot]عليهم إذن أن يحذروا من عداوة إبليس وعليهم أن يتكروا قصة بدء الخلق حينما كرّم الله آدم وأسجد له الملائكة وأبى إبليس أن يسجد فلُعِن وتوعّده الله بالجحيم فإذا به يتوعّد بني آدم (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿١٧﴾) إذن فهو العدو وبناء على ذلك استطاع أن يُغري أبانا آدم في الجنة وأن يجعله يأكل من الشجرة وكان هدفه الأساسي أن يُبدي لهما سوءاتهما ولكنه لم يقل لهم ذلك ولكن قال لهم إنه لا يريد لهم إلا الخير وفعلاً هبط آدم إلى الأرض ومعه إبليس العدو. يريد أيضاً أن ينزع من بني آدم هذه الزينة التي أنزلها الله عز وجل لباساً من السماء وقال رب العزة لبني آدم (لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا) ومن هنا استطاع إبليس أن يغري بني آدم ويغريهم بالعُري حتى إنهم طافوا بالبيت عرايا مع أن الله عز وجل جعل الزينة في لقاء الله عز وجل أن يلبس الإنسان أفضل ما عنده فقد أباح له كل زينة الدنيا وطيباتها ولم يحرّم عليه إلا الفواحش ولم يحرّم عليه إلا ما يفسد الأرض بعد إصلاحها.[/FONT]
[FONT=&quot]إن البلد الطيب يُخرج نباتاً بإذن ربه والذي خبُث لا يخرج إلا نكدا فعلينا إذن أن نجعل هذا البلد الطيب يسعد بتنفيذ أوامر الله عز وجل وقد سبقت الرسل بدعوة التوحيد وكذبهم المترفون ونالوا جزاءهم في الدنيا وكذلك في الآخرة. فهذا نوح نجّاه الله عز وجل وأهلك أهله بالطوفان. وهذا هود نجاه الله عز وجل وأهلك قومه بالريح وهذا صالح مع قومه ثمود نجاه الله وأهلكهم بالصيحة والرجفة وهذا لوط جعل الله على قومه عاليها سافلها، وشعيب ومدين فأخذتهم الرجفة. كل هذا إنذار لمن كذّب وعاند وخالف شرع الله فلنكن جميعاً مع رب العزة ومع آياته البينات لنسعد في دنيانا وفي أخرانا والله وليه والقادر عليه. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة التاسعة – الجزء التاسع[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=vUFSineJFp4&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=9[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء التاسع من القرآن الكريم بقصة سيدنا شعيب مع قومه حينما هددوه بأن يخرجوه من قريته ما لم يترك دينه ويدخل في دينهم وكان هذا هو حال كل المكذبين للرسل السابقين (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴿٨٨﴾ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴿٨٩﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ﴿٩٠﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٩١﴾ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ﴿٩٢﴾) وفعلاً أهلك الله سبحانه وتعالى قوم شعيب كما أهلك مَنْ قبلهم فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. وهكذا كان أخذ ربنا للمكذبين بغتة وهم لا يشعرون مع أنهم لو آمنوا واتقوا لفتح الله عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذهم بما كانوا يكسبون. إنهم لا يأمنون مكر الله عز وجل يمكن أن ينزل العذاب عليهم بياتاً وهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ﴿١٠١﴾). وتبعهم في هذا الضلال فرعون وملؤه وما طلب منه موسى إلا أن يحر قومه من الذلّ وطلب منه آية على صدقه فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين فاتهمه فرعون بالسحر وبأنه يريد قلب نظام الحكم وحشر السحرة وأغراهم بالمكافأة (قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴿١١٦﴾ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴿١١٧﴾ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١١٨﴾ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ﴿١١٩﴾ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴿١٢٠﴾) وصمدوا أمام تهديد فرعون بقطع الأيدي والأرجل وبصلبهم في جذوع النخل وبدأ ينتقم من قوم موسى وممن آمن معه. وطلب موسى من قومه أن يصبروا والعاقبة دائماً للمتقين ولما شكوا إليه قال لهم (قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴿١٢٩﴾) وأخذ الله عز وجل فرعون وقومه بالسنين وبنقص الأموال والطوفان والجراد والقُمّل والضفادع والدم فاستكبروا فانتقم الله منهم وأغرقهم وأورث المستضعفين مشارق الأرض ومغاربها ودمر ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون لكن قوم موسى لم يشكروا نعمة الله عليهم فبمجرد نجاتهم من بطش فرعون ومجازاتهم للبحر وجدوا قوماً يعكفون على أصنام لهم فقالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة. ثم طلب موسى من ربه أن يكلمه فوعده بثلاثين ليلة وأتمها بعشر وأمّر عليهم أخاه هارون وطلب موسى في ذلك أن يرى ربه جهراً فتجلى الله عز وجل للجبل وجعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً. وآتاه الله الألواح فيها موعظة وتفصيل لكل شيء وعاد موسى فوجدهم قد عبدوا عجلاً جسداً له خوار وأخذ موسى برأس أخيه هارون يجره إليه (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١٥٠﴾) (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴿١٥٤﴾) واختار موسى من قومه سبعين رجلاً ليحضروا معه مكالمة ربه فأخذتهم الرجفة وبعثهم الله وقالوا إنا هدنا إلى الله وتبنا فقال الله (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٥٦﴾ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٥٧﴾). هذه قصة بني إسرائيل وهذا عهد الله إليهم أن يؤمنوا بخاتم الأنبياء وبرسول الله إلى الناس أجمعين نبياً أمياً يؤمن بالله وكلماته.[/FONT]
[FONT=&quot]وتوالت نعم الله على بني إسرئيل فضرب موسى الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا بعدد أسباطهم وظلل الله عليهم الغمام في صحراء سيناء وأنزل عليهم المن والسلوى وقال لهم (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿١٦٠﴾) فما كان منهم إلا أنهم احتالوا على أكل الحرام إذ حرّ الله عز وجل أن يصطادوا يوم السبت فنصبوا الشباك يوم الجمعة وأخذوا الحصيلة يوم الأحد واستحقوا اللعنة من الله. وقالت أمة منهم (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿١٦٤﴾ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿١٦٥﴾) هكذا تأذّن الله سبحانه وتعالى ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب وقطّعهم في الأرض أمماً وخلف من بعدهم خَلْف ورثوا الكتاب (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٦٩﴾). ونتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة ليحثّهم على الطاعة فما كان منهم إلا أن فسقوا عن أمر ربهم واتبعوا أهواءهم وكانوا كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ومع ذلك فهناك ممن خلق الله أمة تهدي بالحق وبه تعدل وسيأتي يوم لا يعلم موعده إلا الله حتى الرسل لا يعلمون موعده يحاسب الله فيه كل إنسان على ما قدّم فمن نسب الفضل لصاحبه كوفئ ومن أشرك بالله فقد ألغى عقله. وعلى المؤمن إذن أن يعتز بالله وأن يعامل الناس على طبيعتهم وأن يأمرهم بالمعروف وأن يُعرِض عن الجاهلين وأن لا يستمع إلى نزغات الشياطين وأن يتوب إلى الله في كل وقت وحين وإذا مسّه طائف من الشيطان تذكر وأصغى إلى سماع القرآن الكريم وذكر ربه تضرعاً وخيفة ودون الجهر بالقول بالغدو والآصال.[/FONT]
[FONT=&quot]تنتهي سورة الأعراف وتبدأ سورة الأنفال والأنفال هي ما يرزق الله المؤمنين من أموال المحاربين بعد نصرهم، جعل الله هذه الأنفال لله ورسوله حفاظاً على صلاح النفوس حتى لا يختلفوا في توزيعها وجعلهم يخضعون لأوامر الله فهذا شأن المؤمن ذلك أنه إذا تليت عليه آياته زدته إيماناً وأقام الصلاة وأنفق مما رزقه الله فأولئك هم المؤمنون حقا.[/FONT]
[FONT=&quot]وهنا يذكّر الله عز وجل المؤمنين بنصره لهم في بدر وموقف الصحابة الذين كانوا يتخوفون من هذا اللقاء ولكن الله عز وجل أراد أن يحق الحق بكلماته وأن يري العالم كله أنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين فأمدهم الله عز وجل بملائكته وغشّاهم النعاس وأدخل الرعب في قلوب أعدائهم ونصرهم عليهم حين استعانوا بالله عز وجل وحين دعاهم الرسول لما يحبّه الله فتذكروا فضله واتقوه ليجعل لهم فرقانا. وذكّرهم الله عز وجل بفضله عليهم حينما مكر بهم المشركون وأرادوا أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أن يسجنوه أو أن يُخرجوه من بلده فكانت عناية الله عز وجل برسوله وأخرجه سالماً غانماً فهجر مكة وذهب إلى المدينة المنورة ونصره الله عز وجل وأقام دولة الإسلام والمسلمين هناك في عزّة وكرامة وبناء على ذلك فما أراد الله عز وجل عزّه فلن يذلّه أحد. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة العاشرة – الجزء العاشر[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=kQaeAi8-2fg&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=10[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]ختم الله عز وجل الجزء التاسع من كتابه الكريم بطمأنة المؤمنين بقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)) ومع ذلك فتح الله عز وجل لهم باب التوبة (إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ (38)) وسينصر الله أهل الحق لأنهم لا يريدون إلا أن يكون الدين لله وحده بعيداً عن ضغوط التقاليد والأساطير.[/FONT]
[FONT=&quot]ويبدأ الجزء العاشر ببيان تقسيم الغنائم كما أراد الله عز وجل فلله الخمس ولرسوله ولذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. ثم بتذكير المسلمين بفضل الله عز وجل عليهم يوم التقى الجمعان في بدر حيث أرى الله عز وجل للمؤمنين أن عدوّهم قليل وأرى أعداءهم أنهم أقلية كل ذلك ليتشجع كل فريق على لقاء الآخر وليقضي الله أمراً كان مفعولاً. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بأن يثبتوا وأن يديموا ذكر الله وطاعته وأن يتركوا التنازع والخلاف فهو سبيل الفشل والدمار وأن يلزموا الصبر وإخلاص النية فإنهم لم يخرجوا بطراً ولا رياءً. وليذكروا مواقف أعدائهم المغرورين بقوتهم وبالمنافقين وبما حاق بهم كما حاق بآل فرعون من قبل وليذكروا عداء شرّ دوابّ الأرض وهم اليهود الذين ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون وأنهم سيدّعون أنهم سبقوا المؤمنين في العتاد والقوة ولكن على المؤمنين أن يعدّوا لهم ما استطاعوا وسيُكمّل الله عز وجل للمؤمنين ما لم يستطيعوا ليرهبوا به عدو الله ومن يسانده فإن ضعفوا ومالوا إلى السلم وما زال المسلمون أقوياء فليقبلوا المسالمة ولا يخشوا خداعهم فالله معهم بشرط واحد أن تبقى وحدتهم وتآلف قلوبهم وارتفاع روحهم المعنوية بحيث إذا لقي أحدهم عشرة من أعدائه كان قادراً على هزيمتهم بفضل الله وقد حقق الله للمؤمنين ما وعد وأُسر من المشركين سبعون ورضي النبي صلى الله عليه وسلم بفدائهم طمعاً في إيمانهم مع أنهم لا يستحقون العفو بعد كل هذه الجرائم. وفرح المؤمنون بنصر الله واتخذ المهاجرون الوحدة بينهم وبين الأنصار أساساً وعرفوا عدوهم من صديقهم وانضم إليهم من هاجر متأخراً وقويت شوكة الإسلام.[/FONT]
[FONT=&quot]وهنا تنتهي سورة الأنفال لتبدأ سورة التوبة وتبدأ ببراءة الله عز وجل ورسوله ممن نقض العهد من المشركين وأمهلهم رب العزة أربعة أشهر فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وإلا قُتِلوا وإن استجاروا بالمؤمنين حتى يسمعوا كلام الله أجارهم المؤمنون لأنهم لا يريدون النقمة من أحد. إن طبيعة المؤمنين أن يستقيموا مع المستقيم وأن يسالموا مع المسالم أما من يخون العهد ويضمر الشرّ فالسلام معه استسلام وعجز فهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ولا أيمان لهم ولا ينبغي للمؤمنين أن يخشوهم فيقاتلوهم يعذبهم الله بأيديهم وينصرهم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين وهذا هو الامتحان الحقيقي للإيمان. إن المشركين يحتمون بأنهم يُعمّرون المسجد الحرام لكن العُمّار الحقيقيين هم المؤمنون برب المسجد الحرام هم المجاهدون في سبيل الله المتبرئون من الشرك وأهله ومن زينة الدنيا وزخارفها ومن عصبيات النسب والقرابة ومن الاعتزاز بالكثرة فما منعت الكثرة يوم حُنين ضاقت الأرض على من قال لن نُغلب اليوم عن قلّة. ثم أنزل الله سكينته على المؤمنين وعذب الذين كفروا وعلى المؤمنين أن يطهّروا المسجد الحرام من رجس المشركين فلا يقربوه بعد عامهم هذا وأن يقاتلوا من لا يؤمنو بالله من أهل الكتاب حتى يخضعوا للحق ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. فقد ادعى اليهود أن عزيراً ابن الله وادّعى النصارى أن المسيح ابن الله واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله يحرمون لهم ويحلون لهم دون سند من أوامر الله وما أمرهم موسى وعيسى إلا بتوحيد الله وهم يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله ولو كره المشركون.[/FONT]
[FONT=&quot]إن كثيراً من أحبارهم ورهبانهم يأكلون أموال الناس بالباطل ويلتزمون أن يكنزوا الذهب والفضة وستكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. وقد غيّر المشركون في عدة الشهور التي جعلها الله يوم خلق السموات والأرض اثني عشر شهراً منها أربعة حرم لكنهم جعلوا النسيء يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً فإذن فقد ضل كل من المشركين وأهل الكتاب واعتدوا على المسلمين فلماذا لا يستنفر المسلمون طاقاتهم في درء أخطارهم أيخشونهم؟ إن الله أحق أن يخشوه. لقد نصر الله نبيه ولم يكن معه سوى صاحبه أبي بكر في الغار مع ذلك نصره الله لأنه استحضر معيّة الله وأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم يرها أحد. فانفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالهم وأنفسكم في سبيل الله ولا تسمعوا للمنافقين الذين يفضّلون القعود ولو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً وإن تصبكم حسنة تسؤهم. هل تنتظرون من جهادكم إلا إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة؟ أما المنافقون فإنهم لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ومنهم من يلمز النبي صلى الله عليه وسلم في توزيع الزكاة مع أن الله عز وجل حدّد مصارفها في ثمانية في الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ومنهم من يؤذي النبي ويحلفون بالله ليرضوا المؤمنين ويحذرون أن تنزل سورة تفضحهم ويعتذرون أنهم يخوضون ويلعبون وهم متعاونون على الإثم والعدوان يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف فلهم جهنم وبئس المصير. أما المؤمنون والمؤمنات فبعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وسيرحمهم الله ولهم جنات النعيم وليس على المحسنين سبيل إذا نصحوا لله ولرسوله ولم يجدوا ما ينفقون وسيرحمهم الله لأنهم بذلوا ما يستطيعون. ندعوا الله عز وجل أن يجعلنا من الأوفياء لدينه المجاهدين في سبيله المعتزين بالله المنتصرين بالله إنه ولي ذلك والقادر عليه.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 11 – الجزء
[/FONT]

[FONT=&quot]11[/FONT]
[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=gHZV5Dusdvg&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=11[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الحادي عشر من كتاب الله عز وجل برفع اللوم عمن أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليساعدهم على الجهاد ولم يجد ما يحملهم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون. أما أولئك الذين يختلقون الأعذار وهم أغنياء ويرضون أن يتخلفوا مع النساء فقد طبع الله على قلوبهم وقد فضحهم الله عز وجل ووصفهم بالرجس ومأواهم جهنم وبئس المصير. وهناك الأعراب الذين يبخلون عن النفقة في سبيل الله ويعدونها مغرماً ويتربصون بالمسلمين وهم أشد كفراً ونفاقاً ومع ذلك من هؤلاء الأعراب قوم صالحون يتخذون ما ينفقون مغنماً وقربات عند الله وصلوات الرسول فهؤلاء سيدخلهم الله في رحمته. وهناك السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأع لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم. وهناك من خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فعسى الله أن يتوب عليهم وسيطهّرهم ربهم بالزكاة وبالتوبة والعمل الصالح وسيرى الله ذلك والمؤمنون وهو التواب الرحيم. وهناك من اتخذ مسجداً ضراراً يناوئ فيه الدعوة الإسلامية ويجمع فيه أعداء الإسلام باسم الإسلام فإذا بهم ينهار بهم بنيانهم في جهنم وبئس المصير.[/FONT]
[FONT=&quot]إن الجهاد في سبيل الله شرف ومن نال فيه الشهادة استبشر بجنة عرضها السموات والأرض وليس هناك محاباة لقرابة من رسول الله فقد مُنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لعمه المُشرك بل وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم فالعلاقة إذن هي الإيمان ومن استجاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة العسرة في تبوك مع ما كان فيها من شدة وأذى تاب الله عليه ووعده بالجزاء العظيم كما تاب على الثلاثة الذين خلفوا حتى ضاقت عليهم بما رحبت ولكنهم صبروا على مقاطعة المسلمين لهم فتاب الله عليهم. وما كان لأحد أن يتخلّف عن الجهاد بعد أن يعلم أن أيّ أذى يلحقه وأي ظمأ أو جوع يحدث له سيكتب له الله به عملاً صالحاً ويجزيه بأحسن ما كان يعمل.[/FONT]
[FONT=&quot]ومن الجهاد في سبيل الله أن ينفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين وليتعمقوا في فهمه ويبذلوا في ذلك المشقات ليحصلوا على العلم النافع وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون وتلك فريضة من فرائض الكفاية على الأمة كلها. ومن مقتضيات الجهاد أن يري المسلمون أعداءهم في كل عام ما عندهم من قوة حتى لا يحترئوا على حِماهم وحتى يظلوا أعزة كراماً بعيدين عن العنف الذي يعزّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقع فيه الأمة (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (128)).[/FONT]
[FONT=&quot]وإلى هنا تنتهي سورة التوبة وتبدأ سورة يونس التي تبدأ بالإشارة والإشادة بآيات الكتاب الحكيم التي أوحاها الله إلى خاتم المرسلين وتهتم بتقديم الأدلة والبراهين من الآيات الكونية والنعم الإلهية على صدق هذا الرسول العظيم والتعرض لطبيعة النفس البشرية التي تتعجل الخير وتتضرر من وقوع الشر وإذا كشف الله الضر عنها نسيت فضله وإذا تليت عليها آيات الله تطلب قرآناً آخر غير هذا وما كان لمحمد أن يغير فيما أنزله الله وما جاء القرآن الكريم إلا ليبين للناس حقيقة الحياة الدنيا وزخرفها إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغنَ بالأمس. هكذا الله عز وجل يدعو الناس إلى دار السلام ومن أحسن فله الحسنى وزيادة وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ومن يدّعي ذلك فليأت بسورة واحدة منه وليدعو من استطاع من البشر أجمعين أن يساعدوه أن يأتي بتلك السورة ولن يفعل! إن من يكذب بالقرآن جاهل لما حواه وسيأتيهم العذاب بياتاً أو نهاراً فلا داعي للاستعجال بهذا العذاب! لقد نزل من عند الله موعظة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وكان الأولى بالبشر أن يفرحوا بفضل الله ورحمته فهو خير مما يجمعون. لقد بيّن الحلال والحرام وكان فضل الله به على الناس عظيماً ومن يتلوه ويعمل به فسيرى الجزاء العظيم ممن لا يعزب عنه مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. إنه بذلك سيكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ولهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. [/FONT]
[FONT=&quot]وما جاء في القرآن متفق مع رسل الله عز وجل مع ما أرسل به نوح وكذب به قومه فنجاه الله وأغرقهم وجاء بعده رسل كثيرون ثم جاء موسى وهارون إلى فرعون وقومه فاستكبروا فاتهموهما بسلب ملكهم وجاؤوا بالسحرة وأبطل الله سحرهم. ونصح موسى قومه بالصبر والتوكل وإقامة الصلاة ودعا على فرعون فاستجاب الله دعاءه وجاوز ببني إسرائيل البحر ودخل فرعون في الغرق وأراد أن يؤمن ولم يستجب الله له ونجا الله بدنه ليكون آية لمن بعده. كل هذا يعلمه من أُرسل قبل محمد وجاء في كتب الله. وما آمن من أقوام الرسل إلا قوم يونس ولما آمنوا كشف الله عنهم الخزي في الحياة الدنيا ومتّعهم الله عز وجل بالعزّ إلى حين وهكذا وعد الله عز وجل وكان حقاً عليه أن ينجي المؤمنين. فيا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وهو خير الحاكمين فعليكم إذن أن تكونوا مع الحق والحق قد جاء مع محمد صلى الله عليه وسلم ولا حق سواه فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ أمامكم سبل النجاة وأمامكم الطريق فلا تضلوا الطريق وكونوا مع الله يكن الله معكم وينصركم على أعدائكم إنه وليّ ذلك والقادر عليه. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 12 – الجزء 12[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=IfLV6_SGTLE&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index 12[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الثاني عشر من كتاب الله عز وجل بسورة هود وفي بدئها إشادة بالكتاب المحكم المفصّل من لدن حكيم خبير بعبادته وحده واستغفاره يعيش المرء متمتعاً سعيداً في دنياه لا يحمل همّ رزقه فهو على ربه (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6)) وما عليه إلا أن يعمل تنفيذاً لأمر ربه، وخلق السموات والأرض إلا ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وعليه أن يصبر عند المصيبة وأن يشكر عند النعمة طلباً لثواب الآخرة فإن زينة الدنيا زائلة وبذلك يصير من أصحاب الجنة ويكون بصيراً وسميعاً في مقابل الأعمى والأصم. ثم إن هذا الذي جاء به القرآن الكريم هو ما طلبه الرسل الكرام من قبل محمد صلى الله عليه وسلم فنوحٌ طلب ذلك من قومه ولم يطلب منهم أجراً فقابلوه بالتحدي أن يعاقبهم الله عز وجل على كفرهم فأُمِر بصنع الفلك فسخروا منه وجاء الأمر بالطوفان فحمل معه من كلٍّ زوجين اثنين وأهله ومن آمن، ورفض ابنه أن يركب معه فغرق مع الكافرين وصحّح لنوح عاطفته حين حزن على غرق ولده بأن النسب الحق هو الإيمان.[/FONT]
[FONT=&quot]وجاء بعد نوح هود ووعد قومه إن آمنوا بالله واستغفروه أن يزيدهم قوة على قوتهم وأن يمنحهم رخاء في المعيشة فرفضوا وتحدوه فنجاه الله وأرسل عليهم ريحاً تدمِّر كل شيء بأمر ربها.[/FONT]
[FONT=&quot]وجاء بعد هود صالح إلى قومه ثمود مذكِّراً بفضل الله عليهم في الخلق والرزق فليستغفروه وليعبدوه فطلبوا المعجزة فأعطاه الله الناقة آية فعقروها فأصحبوا في ديارهم جاثمين. وقبل الحديث عن لوط وما فعله قومه وما حاق بهم يسوق القرآن الكريم قصة سيدنا إبراهيم بعد أن طلب على كِبَر أن يرزقه الله بولد وزوجه عقيم وبعد أن نجح في امتحان الله له عز وجل في محن كثيرة فجاءته الملائكة تبشّره بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب. ثم تمضي الملائكة ويصف القرآن الفاحشة التي ارتكبها قوم لوط وما أرادوه بالملائكة وهناك نجا الله لوطاً ومن آمن معه إلا امرأته وجعل عاليها سافلها وأمطر عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي ممن يعمل عمل قوم لوط ببعيد.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا شعيب أمر قومه بتقوى الله عز وجل في المكيال والميزان محذراً عقاب الله عز وجل لهم كما عاقب من قبلهم فهددوه بالقتل فنجاه الله وأخذتهم الصيحة وأصبحوا في ديارهم جاثمين.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا موسى مع فرعون وقومه اتّبعوا أمر فرعون فنجّى الله موسى وأغرقهم وما هذا الهلاك بشيء بجانب عذاب الآخرة يوم يتحول الناس إلى شقيّ وسعيد. ومن الأشقياء من يركن إلى الظَلَمة فستمسّه النار ولن يصل إلى هدفه فمهمته الأساسية أن يقضي على الظلم وأن ينضم إلى المُصلحين لينجو مما سيحيق بهم وأن يصبر على عبادة ربه فإليه المصير وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة يوسف تبدأ كذلك بالإشادة بهذا الكتاب المبين وتقصّ رؤيا يوسف ونصيحة أبيه له وحبَّ أبيه له وكيد إخوته له ورميَه في الجبّ وبيعَه في أسواق مصر وشراء العزيز له وفتنةَ زوجة العزيز به وإباءَه أن يخون من أكرم مثواه ودفاعه عن نفسه وبرآءةَ القاضي عندما كان مع زوجها وشهد بأنه إذا كان قدّ القميص من أمام فهو المعتدي وإن كان من خلف فهي الظالمة وبرّأه الله عز وجل. وجاء حديث النسوة وتحدث عن فضيحة المراودة من امرأة العزيز لخادمها وما ترتب على هذا من طلب امرأة العزيز أن يسجن سيدنا يوسف وهو بريء ثم يدخل السجن ويدعو من فيه إلى عبادة الله وحده ويرى أصحاب السجن رؤيا فيفسرها لهم وتتبين حقيقة تأويل سيدنا يوسف لتلك الرؤيا ويخرج من نجى من السجن ويسمع الملك وهو يقص رؤيا أخرى على الملأ ويطلب منهم تأويلها فيدلّهم هذا السجين السابق على سيدنا يوسف ويأتي سيدنا يوسف بتأويل تلك الرؤيا ويفسّرها على مصلحة مصر في الدورات الزراعية التي ينتج عنها خير كثير لمصر ويذهب الرسول المبعوث من الملك إليه بتأويل تلك الرؤيا فإذا به يسأل عن هذا السجين ويطلب إخراجه من السجن ولكن سيدنا يوسف يرفض أن يخرج قبل أن تثبت برآءته رسمياً فيطلب أن تشهد هؤلاء النسوة اللآتي كنّ معه أمام امرأة العزيزة وهي تعترف بأنها هي التي روادته عن نفسها وتأتي النسوة ويشهدن ليوسف بالبراءة فيمكّنه الملك من المكانة التي يستحقها ويطلب منه أن يحدد المجال الذي يخدم فيه في ملكه فيختار أن يتولى وزارة الخزانة والزراعة والتموين فينجح في ذلك أيَّما نجاح وهكذا تكون رعاية الله عز وجل لأنبيائه ورسله. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 13 – الجزء 13[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=n7xyUaci75c&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=13[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]في الجزء الثالث عشر من كتاب الله عز وجل تكملة لقصة سيدنا يوسف الذي كان يتميز بتأويل الرؤى والأحاديث. حينما رأى الملك رؤيا بأن سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف واحتار من كان بجوار الملك في تأويل هذه الرؤيا فأرسل إلى سيدنا يوسف في سجنه من نجا من السجن بسبب رؤية رآها أيضاً في السجن. وفسّر سيدنا يوسف لأهل مصر عملية الدورات الزراعية على حسب المياه التي تنزل على هذا المكان الطيب. لما وجد الملك ذلك أرسل إليه ليخرج من سجنه فرفض سيدنا يوسف قبل أن تثبت برآءته وطلب شهادة النسوة اللآتي قطعن أيديهن حينما كنّ في ضيافة امرأة العزيز وجئن وشهِدْن (ما علمنا عليه من سوء) وجاءت امرأة العزيز أيضاً وقالت (وما أبرئ نفسي ربي). ثم تبين للملك أن هذا الرجل وتلك العقلية لا ينبغي أبداً إلا أن تكون في حاشيته فمكّن له وطلب منه أن يختار المجال الذي يَصلُح له ويُصلِحه فقال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم، لم يطلب سيدنا يوسف الإمارة ولكنه بعد أن صدر قرار الملك بالتمكين بأنه صار لدينا مكيناً أميناً حدّد المجال الذي يصلُح له فقال اجعلني على خزائن الأرض ولم يقل على خزائن مصر لأنه حينما يحقق الدورة الاقتصادية الزراعية ستكون مصر يكتفي أهلها بنتاجها بل توزعه على الآخرين فكأن مصر فيها خيرات تكفي الأرض كلها، وتولى سيدنا يوسف وحقق المعجزة.[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد أن تحققت هذه النهضة جاء إخوة يوسف لطلب المساعدة لأنه يعيشون في الصحراء فعرفهم سيدنا يوسف وهم له منكرون وأحسن إليهم وطلب منهم أن يصطحبوا معهم في جولتهم الثانية أخاه بنيامين شقيقه فذهبوا إلى أبيهم وطلبوا منه ذلك وخاف سيدنا يعقوب أن يصطحبوا بنيامين حتى لا يصيبه سوء كما أصاب يوسف من قبل. وفعلاً جاء بنيامين مع إخوته فاحتجزه سيدنا يوسف بحيلة علمه إياها رب العزة سبحانه وتعالى بموضوع صواع الملك. ثم جاءت التفاصيل بعد ذلك وردّ سيدنا يوسف ما جاء به إخوته من سلع أو هدايا، جاؤوا مرة أخرى فقال لهم يوسف (قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89)) هنا تأملوا في أوصاف سيدنا يوسف وهو صغير فقالوا إئنك لأنت يوسف فقال (قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا (90)) ثم جاءت الحكمة (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) كان سيدنا يوسف تقياً لله وامتنع عن الفحشاء تقوى لله وكان صبوراً حيث سُجن وهو بريء (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ). وطلب أبويه ورفعهما على العرش وخروا له سجداً وقال هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً ولم ينس سيدنا يوسف أن يشكر ربه وأن يدعوه فيقول (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي بعد ذلك سورة الرعد وهي تؤكد كذلك في مبدئها أن القرآن نزل بالحق ممن رفع السموات بغير عمد وممن سخر الشمس والقمر وممن مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنبت فيها من كل زوج بهيج وتفضّل رب العزة سبحانه بكل ذلك منّة منه. وهو يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد بل إنه يعلم السر وأخفى من السر وإذا أراد العقاب فلا رادّ لأمره فهو الذي يرسل البرق خوفاً وطمعاً وهو الذي يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وكل من يمد يده لغير الله فهو كمن يمد يده إلى خيال يراه في الماء فيمدّ يده إلى فمه الذي ظهر في الخيال فلا يصل إلى هذا الخيال شيء ومن هنا يأتي هذا المثل الرائع ليبين أن الإنسان لا ينبغي أن يسأل إلا الله وحده وما عداه خيال، هو الحق وكتابه الحق وسيزول الباطل ويذهب جفاء (وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ (17)) وعلى أهل الحق أن يستمسكوا به وفاء بالعهد وصلة للرحم وخشية من حساب الله وصبراً على الطاعة وإقامة للصلاة وإنفاقاً في السر والعلن وعفواً عند المقدرة ولهم بذلك جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم. ذلك بأن الله يهدي إليه من أناب واطمأن قلبه بذكر الله وبكتاب الله الذي لو نزل على جبل لخشع والذي يعترف بفضله هم المنصفون من أهل الكتاب وليس محمد بدعاً من الرسل فقد كان لمن قبله أزواج وذرية فإن كذب هؤلاء محمداً لأن له أزواجاً وله ذرية فكفى بالله شهيداً ومن عنده علم الكتاب.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي سورة إبراهيم الذي كان أمة والذي كانت ملته هي ملة محمد صلى الله عليه وسلم وتبدأ كذلك ببيان أن مهمة هذا القرآن هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور على يد من أوتي جوامع الكلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جاءهم بلسان عربي مبين بلسان قومه ليبين لهم كما كان الرسل السابقون. ثم جاءت قصة موسى في أنه ما ذهب إلى فرعون إلا ليحرّر قومه من الذلّ فرسالته هي رسالة الحرية والله عز وجل يرفض إذلال عباده مهما كان منهم فمن آمن وشكر زاده الله نعمة ومن كفر فعذاب الله شديد. وقد وقع العذاب على قوم نوح وعلى عاد وثمود وعلى غيرهم لما ردوا أيديهم في أفواههم ورفضوا الإيمان وهدوا الرسل بالنفي والطرد من أرضهم أو برجمهم وقتلهم إن لم يدخلوا في دينهم، وصارت أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وسينتظرهم عذاب الله في الآخرة، الأتباع والمتبوعون، الكبراء والضعفاء، وسيأتون أمام الله عز وجل هناك يحيل بعضهم ضلاله على الآخر ويتجادلون ولكن يتبرأ كلٌّ منهم من الآخر. ويأتي الشيطان ليقول لهم (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم (22)) أما من اعتصم بكلمة التوحيد تلك الكلمة الطيبة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24)) هذه الكلمة الطيبة هي ملة إبراهيم الذي ضحى من أجل هذه الكلمة ووهبه الله عز وجل من أجلها أن أعطاه اسحق ويعقوب واسماعيل على كِبَر زالله عز وجل لم يفعل ذلك مع إبراهيم فقط إنما هي سنة من سنن الله عز وجل أن يكافئ من آمن به وحده ومن استقام على أمره (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء (43)) وهذا بلاغ للناس ولينذَروا به وليتذكر أولو الألباب وحين يتذكر أولو الألباب فإنهم يستقيمون على أمر الله عز وجل ويحملون رسالة هؤلاء الرسل لينجوا في الدنيا ولينعموا في الآخرة.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 14 – الجزء 14[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=Lx5VfYcQaC8&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=14[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الرابع عشر بسورة الحجر وهي تبدأ كذلك بالإشادة بآيات القرآن والكتاب المبين الذي سيودّ الكَفَرة يوم القيامة أن لو كانوا به مؤمنين حينما يرون العذاب الأليم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. فقد وصفوا من أتى به بالكذب وبالجنون مع أن الله سبحانه وتعالى هو الذي تكفّل بحفظه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) لكنه العناد والجحود لقدرة من جعل السماء بروجاً وزيّنها للناظرين وألقى في الأرض رواسي وأنبت فيها من كل شيء موزون وخلق الإنسان من صلصال من حمأ مسنون وعلّمه فتعلم فأسجد له ملائكته وامتنع إبليس عن السجود وأعلن عداوته وأقسم لأغوينّ ذريته حتى يدخلوا معه جهنم ذات الأبواب السبعة إلا عباد الله المخلَصين فإنهم يدخلون الجنة إخواناً على سرر متقابلين ومنهم سيدنا إبراهيم بالطبع وسيدنا إبراهيم بشّره الله عز وجل بغلام عليم هو سيدنا يعقوب وكانت البشارة من قِبَل الملائكة المرسلين لعقاب قوم لوط الذين طغوا ومارسوا الفاحشة التي لم يُسبقوا بها من أحد من العالمين فجعل الله عقوبتهم من نفس انقلاب الأخلاق والقيم التي مارسوها وهي ما يسمى الآن بالشذوذ الجنسي. ترك أرضهم آية للعالمين يمرّ الناس عليها ويتذكرون عقوبة الله عز وجل عليهم وما هي من الظالمين ببعيد. وكذلك أهلك الله عز وجل أصحاب الأيكة فليس من كذّب بمحمد بأقوى من هؤلاء، فليس لمحمد أيضاً أن يحزن على كفرهم وعليه أن يهتم بمن آمن معه غير عابئ بهؤلاء المشركين فقد كفاه الله عز وجل شرّهم وليعبد ربه حتى يأتيه اليقين.[/FONT]
[FONT=&quot]بهذا تنتهي سورة الحجر وتبدأ سورة النحل وسورة النحل فيها نعم كثيرة جعلها الله عز وجل آية لمن يؤمن بالله عز وجل وتبدأ بالإنذار بقرب قيام الساعة (أَتَى أَمْرُ اللّهِ) قرُب إتيان أمر الله فلا تستعجلوه سيأتي هذا اليوم عاجلاً أو آجلاً فلا ينبغي على المؤمنين إلا أن يثبتوا على إيمانهم وعقيدتهم بالتوحيد والإيمان باليوم الآخر فإن رب العزة سبحانه هو الذي خلق الإنسان من نطفة وسخّر له الأنعام فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ومنها تركبون وبها تفتخرون وأنزل من السماء ماء منه نشرب ومنه نسقي ومنه نزرع وسخّر البحر نأخذ منه اللحم الطري وبه خاصية الطفو التي تمكننا من السير فوق الماء بالسفن والفُلْك ثم جعله زينة، أفمن يخلق كمن لا يخلق؟! فما بال من كفر وهو يعلم كيف انتقم الله عز وجل ممن كذب من قبل سيدنا محمد وكيف أسعد من آمن إن الجزاء سيأتي لكلا الطرفين فحجج الكفر كلها داحضة. إنهم استبعدوا البعث وأنكروا الرسالات للبشر واطمأنوا إلى زينة الدنيا مع أن الله قادر على أن يخسف بهم الأرض أو يفاجئهم بالعذاب وهم نيام أو وهم في تقلّبهم ضحى يلعبون وقادر أيضاً على أن يأخذهم بالتدريج وأملي لهم إن كيدي متين سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ولكنه رؤوف رحيم وما بالخلق من نعمة فمن الله عز وجل ولكنهم يجحدونها، ينجيهم من الكرب فينسون فضله ويجحدون تلك النعم ويصفون الملائكة بأنهم بنات الله مع أنهم هم يكرهون البنات فيجعلون لله ما يكرهون ويئدون البنات. إن التأمل فيما يشربون من اللبن الذي يخرج من بطون الأنعام من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين لو تأملوا هذه المعجزة والآية لآمنوا بربهم. ثم هذا النحل الذي يخرج من بطنه شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ولا يكون داءً إلا إذا تدخّل الإنسان فيه بالغشّ. ومن هنا نرى آيات الله ونعمه وما رزق من أزواج وبنين وحفدة وما ركّب في المرء من سمع وبصر لتكون أدوات للمعرفة وللإدراك. ثم ما يراه الإنسان في السماء من طير سابح وما هيأه الله للإنسان من سرابيل تقيه الحر وتقيه البرد وبيوت يشعر فيها بالأمن والسكن، كل ذلك من النعم التي سيُسأل عنها الإنسان يوم القيامة وسيشهد عليه الرسل وسيشهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على أمته فقد جاءهم بكتاب فيه تبيان لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين أمر فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهى فيه عن الفحشاء والمنكر والبغي أمر فيه بالوفاء بالعهد وحذّر من نقض العهود كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، فمن آمن بالكتاب وعمل صالحاً فقد وعده الله تعالى بحياة طيبة سعيدة وبجنة عالية يوم القيامة. [/FONT]
[FONT=&quot]ومن أهم الأعمال الصالحة التي يحصل بها المرء على الحياة الطيبة وعلى الجنة العالية قرآءة القرآن وليعلم الإنسان أن الشيطان يعوّقه عن قرآءة القرآن فعليه أن يستعيذ من الشيطان (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)) ثم لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها. ومن كفر يذيقه الله عز وجل لباس الجوع والخوف بسبب كفره وعصيانه. ومن مقتضيات الإيمان إسناد الحلال والحرام إلى الله وحده، ليس هناك من يُحِلّ ويُحرم إلا رب العزة الذي خلق وشرع والمثل الحيّ لهذا الإيمان شيخ المرسلين إبراهيم الذي كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يكُ من المشركين وكانت دعوة محمد صلى الله عليه وسلم هي ملة إبراهيم حنيفاً بل إن القرآن طلب من المسلمين أن يجعلوا إبراهيم قدوة لهم في هذا الإيمان الصادق الخالص الذي ضحى في سبيله بكل شيء (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ (4) الممتحنة). ثم على المؤمنين حين يدعون إلى كلمة التوحيد وإلى رسالة الإسلام أن يلتزموا بالوسائل المشروعة لتلك الدعوة (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (125)) والحكمة مأخوذة من حَكَمت الدابة وهي لجامها حينما يركب الإنسان الدابة ويجد الطريق فسيحاً وسالكاً يطلق لها العنان فإذا وجد عقبة جعلها تسير يمنة أو يسرة فإذا وجد كل الطرق مغلقة توقف، الكلمة المناسبة للشخص المناسب في الوقت المناسب هذه هي الحكمة. ومن هنا كان علينا أن نلتزم بفقه الواقع وبفقه الأولويات. ثم من يدعو إلى الله لا بد أن يصبر وأن يُحسن إلى من يدعوه، لا يتكبر ولا يُغلظ في كلامه فقد قال رب العزة لموسى وأخيه وهما يسيران إلى فرعون الطاغية (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) طه). فإذا اعتدي على الإنسان وهو يدعو إلى الله فليعفو وليصفح (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴿١٢٦﴾ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴿١٢٧﴾ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴿١٢٨﴾). [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 15 – الجزء 15[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=CDg7RajzE2s&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=15[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الخامس عشر بسورة الإسراء وستبقى معجزة الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى علامة بارزة على عبودية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لربه تلك العبودية التي اختصّ بها فقال ربنا سبحانه وتعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ولم يقل بعبده محمد وتكرر هذا الوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب ربنا وكأن عبودية محمد صلى الله عليه وسلم قد صارت عَلَماً له بأنه هو عبد الله عز وجل. ثم في قصة الإسراء المعراج دلالة على الصلة الوثيقة بين المسجد الحرام والمشجد الأقصى فكلاهما من مقدسات الإسلام والحفاظ على المسجد الأقصى حفاظ على المسجد الحرام وهو أمانة في أعناق المسلمين بعد أن تسلمه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق سيدنا جبريل وهو يقدّم نبينا محمداً لإمامة الأنبياء والمرسلين في المسجد الأقصى حتى يحرر الله عز وجل هذا المسجد الأسير على أيدي المؤمنين إن شاء الله. وقد نبه القرآن الكريم بعد ذلك إلى رسوب بني إسرائيل في الحفاظ على المقدسات بل وفي رفع راية الرسالات السماوية وتوعّدهم رب العزة بأن يدمر ما بنوه وجاء بعدها يقول لهم إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً. وكلُّ مسلم مسؤول بمفرده (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)) ومن أهم ما يصيب الأمم من أسباب الدمار انتشار التَرَف في فئة من فئات المجتمع ومن هنا يأتي التحذير من الترف. ثم يبين الله عز وجل أن من أهم الواجبات عبادة الله والإحسان إلى الوالدين وبخاصة عند الكِبَر واستشعار ما بذلوه في صغر هؤلاء الأولاد والوفاء يقتضي البرّ بهم في كِبَرهم. ثم يأتي تحذير القرآن الكريم من إزهاق النفس التي حرّم الله إلا بالحق وبالوفاء بحقوق ذوي القربى وعدم القرب من الزنا وروافد هذه الفاحشة وإزهاق النفس التي حرم اله إلا بالحق وأكل مال اليتيم ونقض العهد وبخس الكيل والميزان وتتبع عورات الناس والتكبر والخيلاء كل ذلك مما يستجلب سخط الله عز وجل الذي يسبح له ما في السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده. ومما يمنع كل ذلك قرآءة القرآن فإنها تجعل بين الإنسان والمعاصي حجاباً ينفع صاحبه يوم لا ينفع مال ولا بنون. ومما يشجع على المعاصي وسوسة الشيطان الذي توعّد أن يلتهم بني آدم بين فكّيه (لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62)) وأن يشاركهم في الأموال والأولاد وأن يغرّهم بالوعود الكاذبة فليحافظ الإنسان إذن على كرامته التي أعطاه الله إياها (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)) ولا يصح أن يكون عبداً لهذا الشيطان بل عليه أن يقتدي بخاتم النبيين في الثبات على الحق وأن يقرأ القرآن في الفجر وأن يتهجّد في الليل كما كان يفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم وعليه أن يستعين بالله عز وجل وحده فإن الله ينزل من القرآن ما فيه شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً. [/FONT]
[FONT=&quot]هذا القرآن لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ولقد صرّف الله فيه من الأمثال ما يُحرج كل عاقل ومع ذلك طلب الكَفرة أن يروا الله جهرة وأن يكون لمحمد بيت من زخرف أو جنة من نخيل وعنب أو أن يفجّر الأنهار أو أن يرقى في السماء واشترطوا أن لا يؤمنوا إلا إذا فعل ذلك مع أن الله عز وجل قد آتى موسى تسع آيات ومع ذلك لم يؤمنوا فأغرق الله فرعون وأسكن بني إسرائيل في الأرض وفرّقهم إلى أن يأتي الوعد الإلهي بتجميعهم لفيفاً حتى يهزمهم المسلمون إن شاء الله في اللقاء الأخير قبل يوم القيامة. ولقد أنزل الله سبحانه وتعالى قرآناً فرّقه ليقرأه على مكث فمن آمن به وسمعه خر ساجداً لله ودعا ربه خاشعاً حامداً مكبراً.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي سورة الكهف وهي تبدأ أيضاً بحمد الله عز وجل على أن أنزل الكتاب قيماً بلا عوج ومبشراً ومنذراً ومبيناً أن ما على الأرض من زينة قد جعله الله امتحاناً للبشر أيهم أحسن عملاً. ثم إن هذه الزينة لا بد أن تزول إما أن تزول عن الإنسان وهو حيّ وإما أن يزول هو عنها فيموت فلا بد أن تُترك، وهذان هما المحوران الأساسيان اللذان تقوم عليهما سورة الكهف وتأتي في سبيل تحقيق هذين المحورين بكثير من القصص التي تثبت ذلك. ومن أبرز هؤلاء قصة أهل الكهف أولئك الذين لم تغرّهم المناصب ولم تُرهبهم المذابح وفضّلوا الإيمان بالله عز وجل وتركوا كل تلك الزينة فحماهم الله عز وجل وجعلهم للناس آية. هؤلاء تولاهم الله عز وجل وأنامهم ومنع الشمس أن تحرق أجسادهم وقلّبهم وألقى عليهم الرعب بحيث لا يعتدي عليهم أحد ومكثوا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً حتى بعثهم الله عز وجل آية للعالمين وأهلك الله من أراد بهم الشرّ. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم هناك موقف صاحب الجنتين الذي اغتر بهما وأنكر البعث فأصبح يقلّب كفّيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها. أهل الكهف لم تغرّهم الزينة ولكن صاحب الجنتين أغرته تلك الزينة فأزالها الله عز وجل عنه.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاءت الأمثال الأخرى في الحياة الدنيا فما مثل الحياة الدنيا إلا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً. ثم تأتي الباقيات الصالحات، المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً. إن ما يجري في الدنيا بقدر وحكمة وهذا موسى قد جعله الله عز وجل سبباً في إيصال هذه الحِكَم التي يدور عليها الكون ويغفل الإنسان عن إدراكها فأعلمه الله بأن هناك عبداً صالحاً عنده علم ليس عند موسى ومع أن موسى كليم الله ومن أولي العزم من الرسل إلا أنه حين علم أن هناك من يعلم شيئاً أقسم بأنه سيذهب إليه مهما كلفه ذلك من مشقة وذهب والتقى بالعبد الصالح وقدّم له نفسه على أنه تابعٌ له حتى يأخذ منه بعض ما وهبه الله إياه. فإذا بالعبد الصالح يقول له إنك متعجل ولن تستطيع معي صبراً فيقدّم له سيدنا موسى شروط التعلّم الصحيحة (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)) وهنا يضع سيدنا موسى لمن يريد أن يتلقى العلم ثلاثة شروط:[/FONT]
· [FONT=&quot]أولاً: الإصرار على الوصول إلى العلم النافع مهما كلفه من مشقة[/FONT]
· [FONT=&quot]ثانياً: الصبر على تلك المشقات[/FONT]
· [FONT=&quot]ثالثاً: طاعة المعلم ولو كان المعلم أقل درجة من المتعلم[/FONT]
[FONT=&quot]وبناء على ذلك دخل سيدنا موسى مع العبد الصالح في مركب فخرق السفينة فاعترض موسى ووجد طفلاً فقاله فاعترض أيضاً سيدنا موسى ووجد العبد الصالح جداراً يريد أن ينقضّ فأقامه فاعترض سيدنا موسى ثم جاء البيان لحكمة الله في كل هذه التصرفات وأن الله عز وجل يبعث من شاء لإصلاح الكون ونحن غافلون عن حكمة الله عز وجل. [/FONT]
[FONT=&quot]ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقاً وأن يرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 16 – الجزء 16[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=czJF3-m6-14&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=16[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء السادس عشر من كتاب الله عز وجل بتفسير العبد الصالح للأحداث الغريبة التي اعترض عليها سيدنا موسى فخرق السفينة كان لمصلحة المساكين الذين يعملون في البحر لأنه كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً فأراد العبد الصالح أن يعيب هذه السفينة حتى لا يأخذها الملك الظالم وهكذا ينبغي علينا أن نحمي العاملين الصادقين من أخطار هؤلاء الظَلَمة. ثم هذا الولد الذي قتله العبد الصالح كان سيتسبب في انحراف أبيه عن جادة الطريق لشدة حبه إياه فأراد الله عز وجل أن يعوضه بغلام آخر. ثم هذا الجدار الذي أقامه العبد الصالح كان لغلامين يتيمين وكان أبوهما صالحاً وكان قد وضع تحت هذا الجدار كنزاً لهما وقد بلغا أشدهما فأراد الله أن يخرج هذا الكنز لهما لصلاح أبيهما. ثم تأتي قصة ذي القرنين وهو رجل مكنه الله في الأرض مكنه من المشرق والمغرب وأباح له أن يتخذ كل الوسائل في شعبه فاختار أن يحقق العدل بجناحيه بعقوبة الظالم والإحسان إلى المحسن (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)) وحين حقق هذا العدل في المغرب انتقل إلى المشرق فحققه أيضاً على سكان المشرق ثم لم يجلس على مكتبه ولكن ذهب بنفسه ليتحسس آلآم شعبه ويقضي على متاعبهم فيما بين السدين وحين وجد أن يأجوج ومأجوج يفسدون في الأرض وحين طلب من بين السد أن يصنع لهم سداً مانعاً من دخول يأجوج ومأجوج واستعدوا إلى أن يدفعوا له الضرائب فرفض وطلب معونة هؤلاء ليكون تعاون بين الحاكم والمحكوم وكلفهم أن يجمعوا له قطع الحديد من الجبال فيرصها رصاً سليماً بين الجبلين ثم طلب منهم أن يوقدوا النار تحت الحديد وأن ينفخوا فيه حتى إذا جعله ناراً طلب منهم ايضاً أن يأتوه بقطع النحاس حتى يصب هذا النحاس على الحديد فإذا بالسد يقام صلباً لا يستطيع أحد أن ينقبه أملس لا يستطيع أحد أن يتسلقه كما قال ربنا (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)) وبعد أن أتم هذا السد لم يقل أن الذي فعلت السد بل قال (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)) مستشعراً ما بدأت به السورة (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلً (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)) وتأتي السورة في خاتمتها بالجزاء لمن أحسن العمل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107))[/FONT]
[FONT=&quot]تبدأ سورة مريم بقصة سيدنا زكريا الذي كان وصياً عليها. سيدنا زكريا كانت قد بلغت سنه الكبر وامرأته عاقر ولكنه خشي من أقاربه أن يفرطوا في الدعوة بعده فطلب من ربه ذرية طيبة يربيها لتقوم بالدعوة بعده فاستجاب الله دعاءه وبشره بيحيى مصدقاً بكلمة من الله أي بابن خالته سيدنا عيسى ابن مريم وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين وجعل الله لسيدنا زكريا آية في أنه حين يحدث هذا سيُغلق عليه الكلام ولا يتكلم إلا بذكر الله. وتأتي بعد ذلك قصة مريم التي سميت السورة باسمها حينما أراد الله عز وجل أن يجعلها آية للعالمين وأن يخلق عيسى منها بلا أب فجاء سيدنا جبريل وبشّرها بغلام فاستغربت إنها لم تكن في يوم من الأيام بغيا ً ولم يمسسها بشر فكيف يأتي لها غلام فقال (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)) فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً وأجاءها المخاص، فاجأها المخاض إلى جذع النخلة وهنا استشعرت الحرج الشديد كيف ستقول لقومها وهم يعلمون أنها بِكْر فجعل الله آية البرآءة في نفس الغلام الذي نطق وهو صبي رضيع (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)) ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد، إن عيسى رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم. ثم تأتي قصة إبراهيم مع أبيه الذي كان من عُبّاد الأصنام تلطف معه في الدعوة وقال له (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)) ولكنه حين لم يستطع أن يجيب عليه هدّده وقال له لأرجمنّك واهجرني ملياً وخرج سيدنا إبراهيم مهاجراً إلى ربه مطروداً من أبيه ومع ذلك يقول له سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي القرآن الكريم بذكر سيدنا موسى وهارون وبذكر سيدنا إسماعيل الذي كان صادق الوعد وكأن يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً وبذكر سيدنا إدريس الذي كان صديقاً نبياً ورفعه الله مكاناً علياً أولئك الذين اصطفاهم الله عز وجل وطلب منا أن نقتدي بهم وحذرنا القرآن الكريم من يوم القيامة الذي سيُحشر الناس فيه وسيأتي الله بهؤلاء الجبارين الكبراء الذين يضلون الناس ويعذبهم أمام أتباعهم وستكون النار جسراً وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً. تأتي هذه السورة الكريمة قبل سورة طه.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة طه تتحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القرآن لم ينزل عليه ليشقي نفسه وليشعر بالأسى والأسف والحزن على قومه أنهم لم يؤمنوا به، لقد جاء مذكِّراً فقط، إن أنت إلا نذير، إنما أنت مذكِّر ولست عليهم بمسيطر، وما كنت بدعاً من الرسل فقبلك أرسل الله موسى إلى فرعون ليحرر قومه وطلب منه اللين في دعوته وإن كان المدعو طاغية جباراً (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)) ودعا سيدنا موسى ربه أن يشرح صدره وأن ييسر أمره وأن يجعل من لسانه لسان صدق يبلّغ به رسالة ربه. ولكن فرعون كذّب وجاء بالسحرة بعد أن اتهمه بأنه ساحر وجاءت المباراة بين السحرة وبين سيدنا موسى فالتقمت عصاه حبالهم وعصيهم وألقي السحرة سجداً واغتاظ فرعون وهدّد السحرة بأنه سيصلّبهم في جذوع النخل ولكنهم وقد دخل الإيمان شغاف قلوبهم رفضوا أن يسيروا مع فرعون ضد الحق ونجّاهم الله عز وجل ولفقت إليهم تهمة المؤامرة لقلب نظام الحكم وأسرى موسى بقومه فاتبعهم فرعون بجنوده فأغرقهم الله ونجا موسى ومن معه ولكن قوم موسى لم يستشعروا النعمة وطلبوا من موسى أن يعبدوا الأصنام ثم عبدوا العجل من دون الله وجاء موسى من ميقات ربه وأخذ العجل وذرّاه في البحر وعاقب السامري الذي صنع هذا العجل. وطلب من رسولنا صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبر موسى على قومه وكما صبر في دعوته إلى فرعون وحذّره من ألاعيب الشياطين فإن هؤلاء الشياطين ما جاؤوا إلا بعداوة لبني آدم عموماً حينما كان آدم سبباً في لعنة الله لإبليس وما أكرم الله به آدم من دخوله الجنة وضمان ضروراته الأربع إنك لا تجوع فيها ولا تعرى وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى. فكل من سار على هدي الله عز وجل نجّاه الله فلا تذهب نفسك يا محمد عليهم حسرات. جعلنا الله من الناجين ووفقنا للعمل بكتابه الكريم وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 17 – الجزء 17[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=s-TO9oADEl0&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=17[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]تبدأ سورة الأنبياء بتحذير البشر من قُرب يوم الحساب مع غفلتهم ولهوهم عن تدبر ما جاء به الوحي على قلب الصادق الأمين الذي يرمونه أحياناً بالسحر وأحياناً بالشعر ويطلوبن منه الآيات التي جاءت لمن قبلهم من الرسل فكفر بها قومهم فأهلكهم الله ونجا الرسل الذين كانوا رجالاً يأكلون الطعام كمحمد صلى الله عليه وسلم. وقد نزل القرن الكريم عليه بلسان عربي مبين يمنح الفخر للعرب لو كانوا يعقلون ومهما تكاسل العرب عن حمل الرسالة فسيقذف الله بالحق على الباطل فيدمغه والحق هو توحيد الله عز وجل الذي فتق السموات والأرض بعد أن كانتا رتقا وجعل في الأرض رواسي وجعل السماء سقفاً محفوظاً. وسيحاسب الجميع في يوم يأتيهم بغتة توضع فيه الموازين بالقسط فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين. سيحاسبون على عبادتهم أكانت لله الخالق المبدع أم كانت لتلك الأصنام التي لا تملك لها نفعاً ولا ضراً والتي تحداها إبراهيم الخليل حين كسرها وقال لقومه إسألوهم إن كانوا ينطقون فبهتوا ولكنهم نكسوا على رؤوسهم وأقودوا له النار فجعلها الله عليه برداً وسلاماً ونجاه ولوطاً إلى الأرض التي بارك فيها ووهب له إسحق ويعقوب وجعلهم أئمة يهدون بأمر الله عز وجل. وسار الأنبياء على هذا المنهج السوي ونجاهم الله أيضاً من كيد الكافرين، نجّا لوطاً من القرية التي كانت تعمل الخبائث ونجّا نوحاً من الكرب العظيم وأغرق قومه أجمعين ووهب لداوود وسليمان حكماً وعلماً وسخّر مع داوود الجبال والطير تسبح وسخّر الرياح والشياطين لسليمان وكشف الضر عن أيوب وأدخل إسماعيل وإدريس وذا الكفل في رحمته إذ كانوا من الصابرين الصالحين. ونجّا يونس من بطن الحوت ووهب زكريا ابنه يحيى بعد أن أصلح له زوجه لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعون ربهم خوفاً وخشوعاً وكذلك ينجي الله المؤمنين. فالأمة واحدة والرب واحد وسنّة الله تجري فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه ولن يسمع حسيس جهنم ولا زفيرها ولن يخزيه الله أبداً ولن يحزنه الفزع الأكبر وسيمكنه الله في الأرض لينشر الرحمة بين الخلق فما جاء محمد إلا رحمة للعالمين.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي سورة الحج وتحذر من الزلزلة التي تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتذكّر الخلق بأصلهم فقد خُلقوا من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم يقرّ الله عز وجل في الأرحام ما يشاء فهل يعجز من خلق على أن يعيد ما خلقه للحساب؟! إن من يجادل في هذه الحقيقة ليس لديه غقل ولا علم ولا هدى إنه متكبر ومضلّ فله الخزي في الدنيا وله في الآخرة عذاب من الحريق. وإن من يتعامل مع الإسلام على أساس المنفعة إن قدّم له نفعاً آمن به وإن أصابته شدة بسببه انقلب على وجهه لن يكسب شيئاً لا في دنياه ولا في أخراه إن ذلك هو الضلال البعيد. إن من يظن أن الإسلام سيهزم عليه أن يمد حبلاً إلى السماء بعد أن يُحكمه على رقبته ثم يشده وينتحر فإن الله ناصر دينه رغم كل الكائدين ومن يهن الله فما له من مكرم. وستقطع لهم ثياب من نار يصهر بها ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد. إن ملة محمد صلى الله عليه وسلم هي ملة إبراهيم الذي كهّر البيت الحرام للطائفين والركع السجود وأذّن للناس بالحج ليشهدوا منافع لهم يوفوا بالنذر ويطوفوا بالبيت العتيق ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ولن ينال اللهَ لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى. والمؤمنون عليهم أن يدافعوا عن دينهم وقد أذن الله لهم في ذلك لأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير فقد أُخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله. عليهم بعد النصر والتمكين أن يقيموا الصلاة وأن يؤتوا الزكاة وأن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر غير عابئين بمن كذّب وكفر فقد مضت سنة الله في الأولين فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. هذه العراقيل التي يضعها الحاقدون ستزول كما زالت أمام الرسل السابقين فما من رسول إلا تمنى تنشر دعوته فوقف الشيطان في طريقه فنسخ الله ما يلقي الشيطان وأحكم آياته. إذن على المؤمنين أن يلتزموا بالحق الذي قامت عليه السموات والأرض ومن الحق أداء المناسك. لا تسمعوا لأغاليطهم فهم قد سيطر عليهم الشيطان وعبدوا ما لا يضر ولا ينفع وصموا آذانهم عن سماع آيات الله وهم أعجز من أن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له بل وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه فليعبد المؤمنون ربهم وليفعلوا الخير لعلهم يفلحون وليجاهدوا في الله حق جهاده فهو اجتباهم وما جعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم إبراهيم هو سماهم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليهم وليعتصموا بالله وليكونوا معه فهو مولاهم ونعم المولى ونعم النصير. وفقنا الله لما يحبه ويرضاه وجعلنا من أهل نصرته ومن أهل نصرة دينه إنه ولي ذلك والقادر عليه.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 18 – الجزء 18[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=kflxMYxJ6Lc&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=18[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]اختُتِمت سورة الحج بأن الله نِعْم المولى ونِعْم النصير وبدأت سورة المؤمنون بمواصفات لمن يستحق هذه النصرة فذكرت للمؤمنين خمس صفات أساسية الخشوع في الصلاة والمحافظة عليها والإعراض عن اللغو واللهو وأداء الزكاة وحفظ الفروج والأعراض ورعاية الأمانات فمن قام بها فقد فاز لأنه استحضر أصل نشأته فهو من تراب ثم من نطفة وعلقة ومضغة تحولت بعد نفخ الروح فيها إلى خلق آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم خرج الإنسان إلى الحياة محفوفاً برعاية الله أنزل له الماء وأنبت له جنات من نخيل وأعناب بل وسخّر له هذا المكان المقدّس المبارك في طور سيناء تخرج منه شجرة مباركة من الزيتون فيها الصحة وفيها القوة. وسخّر له الأنعام يأكل من لحومها وألبانها فإذا شكر نعمة الله عليه أورثه الفردوس الأعلى. بهذا ولهذا جاءت الرسل منذ سيدنا نوح عليه السلام آمن به قلة واتهمه الكثيرون بأنه مجنون ومكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ودعا ربه فأمره بصنع السفينة وسخروا منه فأغرقهم الله بالطوفان ونجّاه. وتلا نوحاً قومٌ آخرون كذّبوا بالرسل وأنكروا البعث والحساب ودعا عليهم رسلهم أيضاً فأخذتهم الصيحة بالحق وكلما جاءت أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضاً وجعلناهم أحاديث وكان منهم فرعون وقومه فأهلك الله الظالمين واغتروا بما عندهم من خيرات فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون. فلتكن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة واحدة تخشى ربها وتؤمن بآياته تسارع في الخيرات تُخلِص في النيات وفي الأعمال تعطي لله (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)) فهؤلاء هم السابقون بالخيرات. أما أولئك المترفون فسيجأرون من العذاب ولن يستجاب لجؤآرهم فقد عرفوا بقلوبهم صدق الرسل وتليت عليهم الايات بينات فاستكبروا واتبعوا أهواءهم وأنكروا البعث وقالوا عن كتاب الله إنه أساطير الأولين واستكثروا على الله أن يعيدهم للحساب مع أنهم لا ينكرون أن الأرض والسموات ومن فيهن والملكوت كله بيد الله وحده فكيف يكون معه ولد أو شريك ولو كان له شريك لذهب كل إله بما خلق. إن الساعة آتية وسيتمنون العودة إلى الدنيا ليعوضوا ما فاتهم فلا يستجاب لهم وستلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون إذ كانوا يسخرون من عباد الرحمن وينكرون أنهم سيُبعثون ويحسبون أنما خلقناهم عبثاً وأنهم إلينا لا يرجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة النور تبدأ ببيانٍ للخلق أنها نزلت وفُرضت وتضمنت آيات بينات لعل البشر يتذكرونها لأنها تضبط سلوكهم وتحصن فروجهم من الإنحراف وتحمي الأعراض من الانتهاك. فالزانية والزاني إن كانا محصنين قد مارسا الحياة الجنسية في زواج مشروع وثبت عليهم أنهم اقترفوا الزنا فليس لهما إلا الرجم حتى الموت وهذا حكم الله في التوراة والإنجيل والقرآن أما إذا كانا غير محصنين وثبتت عليهم الجريمة فجزاؤهما مائة جلدة تنفّذ عليهما بلا شفقة علناً حتى يظل المجتمع طاهراً عفيفاً. وإذا اتهم أحد رجلاً أو امرأة بالفاحشة فعليه أن يأتي بأربعة شهود وإلا فعقابه ثمانون جلدة ويوصَف بالفسق وبعدم قبول الشهادة إلا إذا تاب. ثم من اتهم زوجته ولم يستطع إلا شهادة نفسه عليها فليطلب الملاعنة أمام القاضي ويشهد عليها أربع شهادات بالله إنه صادق في رميها بالزنا والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان كاذباً ولها أن ترد عليه بأربع شهادات أيضاً والخامسة أن غضب الله عليها إن كان صادقاً ثم يفرّق بينهما فرقة أبدية.[/FONT]
[FONT=&quot]في هذا الإطار تأتي قصة الأفك التي اتهم فيها المنافقون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فبرّأها الله مما قالوا من فوق سبع سموات وعاب على المؤمنين أن يسمعوا لذلك وينشروه مع أن من اتهمها لم يأت بأيّ بينة فهو بهتان عظيم توعّد الله من توى كبره منهم بعذاب عظيم. وأثنى على أبي بكر في عفوه عن أحد المروّجين من أهل بيته، وأمر بالاستئذان عند دخول البيوت وأمر أيضاً أن يغضّ المؤمنون أبصارهم ويحفظوا فروجهم وأمر المؤمنات أن لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وهو الوجه والكفان على رأي جمهور الفقهاء شريطة الحفاظ على غطاء الرأس وغطاء الصدر إلا أمام أزواجهن أو محارمهن كما أمر بتزويج من لا زوجة له ومن لا زوج لها حتى تكون الأمة بعيدة عن ثغرات الإنحراف وهذه تعاليم الإسلام الذي جاء نوراً ممن السموات والأرض بالشمس والقمر ونوّر القلوب بالوحي الذي جاء مع الفطرة يكوِّن في قلب المؤمن نوراً على نور لا كمن صار قلبه في ظلمات في بحر لجّي يغشاه من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض ذلك أن الكون كله يسبِّح بحمد الله كل الكون يسبّح بحمد الله. أما هؤلاء المنافقون فهم لا يستجيبون لأوامر الله إلا إذا رأوا فيها منفعة (أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50)) لقد وعد الله المؤمنين بأنهم إذا عملوا صالحاً أنه سيحييهم حياة طيبة وسيستخلفهم في الأرض ويرزقهم الأمن بشرط الاستقامة على طاعة الله وعلى العمل الصالح. ومنه أن يتعود الأبناء والخدم على احترام خصوصيات المخالطين لهم في أوقات راحاتهم قبل الفجر وبعد العشاء ووقت الظهيرة وقد أباح الله لهم الطعام من بيوت الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والعمّات والخالات ووجههم إلى الأدب مع رؤساهم إذا كانوا معهم على أمر جامع وبخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ليس دعاؤه كدعاء بعضنا لبعض.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الفرقان تبدأ بتنبيه البشر إلى أن القرآن لم ينزل للعرب وحدهم وإنما هو من أول الأمر جاء للعالمين وأنه لم يتأثر بإدّعاء الكَفرة أنه كذب أو أساطير وأن من جاء به رجل يأكل الطعام ويمشي في الأسواق فهكذا كانت الأنبياء وأن محمداً ليس غنياً وتوعّدهم الله عز وجل بالسعير يقذفون فيها بمكان ضيق مقرّنين يذوقون فيها عذاباً كبيراً وعلى المؤمنين أن يوطنوا أنفسهم على أن الله جعل بعضهم لبعض فتنة وأمرهم بالصبر فقال أتصبرون وكان ربكم بصيراً. ثم عليهم أن يصبروا ويصابروا ويعتصموا بالله فهو ناصرهم وهو نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 19 – الجزء 19[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=w9_O7oPMGHU&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=19[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبيّن الله عز وجل للناس في الجزء التاسع عشر من كتابه بعض مظاهر يوم القيامة حيث تتشقق السماء بالغمام وتتنزل الملائكة ويعض الظالم على يديه ندماً على متابعته لمن كفر بمحمد. ويشكو النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه هجر قومه للقرآن ويحشر فيه المجرمون على وجوههم إلى جهنم وساءت مصيراً. ويوضح أيضاً لنا بعض مصائر المكذبين بالرسل حيث دمّر الله فرعون وجنده وأغرق قوم نوح وجعلهم للناس آية وعاداً وثمود وأصحاب الرسّ وقوم لوط وآثارهم تدل على ما لحق بهم. ويذكر لنا بعض مظاهر قدرته وفضله في الكون فقد مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكناً وجعل الليل لباساً والنهار معاشاً وجعل النهار نشوراً وأرسل الرياح بشرى بنزول الماء ليحيي به النبات ويسقي به الأحياء ومرج البحرين وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً وخلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وخلق السموات والأرض واستوى على العرش وجعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً وجعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً. ثم يصف لنا عباد الرحمن بأنهم يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً يبيتون لربهم سجداً وقياماً يستعيذون بربهم من جهنم وعذابها يعتدلون في الإنفاق فلا يسرفون ولا يقترون، لا يشركون بربهم ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ولا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً وإذا ذكروا بآيات ربهم خروا سجداً وقياماً يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً. [/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الشعراء تقصّ علينا قصة موسى مع فرعون بعد أن تخوّف موسى من بطشه ودعا ربه أن يشرح صدره وأن يثبّت قلبه وناقشه فرعون في قتل المصري وتربيته في قصره ومناقشته في أمر الألوهية (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٣﴾ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴿٢٤﴾ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴿٢٥﴾ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٦﴾ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴿٢٧﴾ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢٨﴾) وفرعون يدّعي أنه ربهم الأعلى فأحرجه موسى بذكر السموات والأرض والمشرق والمغرب فاستعان بالحاشية فقالوا إنه مجنون فهدده بالسجن فعرض عليه معجزة العصى واليد فاتهمه بالسحر وحشر له السحرة ووعدهم بالأجر المجزي وبالقرب من السلطة وأقسموا بعزة فرعون إنهم سيغلبون وإذا بعصى موسى تلقف ما كانوا يأفكون وألقي السحرة ساجدين وهدّدهم فرعون بالصَلْب فقالوا لا ضير إنا إلى ربنا لمنقلبون وخرج موسى ليلاً بقومه هرباً من بطش فرعون فأتبعهم بجنوده وقال أصحاب موسى إنا لمدركون إن لم ندرك من فرعون فسندرك من البحر فرفض موسى وقال كلا إن معي ربي سيهدين فأمره ربه أن يضرب البحر فانفلق ونجا موسى وغرق فرعون. كما قصت السورة نبأ إبراهيم مع أبيه وقومه ورفضه لعبادة الأصنام وإيمانه برب العالمين الذي خلق وأطعم وإذا مرض العبد شفاه وإذا أخطأ غفر له ثم دعاء سيدنا إبراهيم لربه أن يجعله من ورثة جنة النعيم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وعرّجت السورة على قصة نوح الذي رفض أن يطرد المستضعفين من مجلسه وهدده قومه بالرجم فدعا ربه فأغرقهم بالطوفان. ثم جاءت قصة عاد لتؤكد مصير المجرمين ولو كانوا جبارين إذ كذبوا فأهلكهم الله بريح صرصر وتبعهم ثمود الذين كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين فأنذرهم صالح وجاءهم بالناقة لها شرب ولهم شرب يوم معلوم فعقروها فأخذهم العذاب. وتبعهم قوم لوط يأتون الذُكران من العالمين فهددوه بالطرد فدمرهم الله أجمعين إلا امرأته كانت في الغابرين. وتبعهم اصحاب الأيكة الذين كانوا يُخسرون الكيل والميزان وعصوا أمر نبيهم شعيب واستعجلوا العذاب فأخذهم الله بعذاب يوم الظُلّة. مضى كل هؤلاء وجاء الرسول الخاتم محمد بن عبد الله معه تنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين بلسان عربي مبين يعلمه علماء بني إسرائيل فأنذرهم أن يحدث لهم ما حدث لمن كذب قبلهم وقد طلب منه رب العزة أن يخفض جناحه للمؤمنين وأن يتوكل على العزيز الرحيم فقد جاءه الحق المبين ما تنزلت به الشياطين كما تتنزل على الشعراء الذين في كل واد يهيمون يقولون ما لا يفعلون وليس كل الشعراء هكذا فمنهم المؤمنون العاملون الصالحون الذاكرون المنتصرون من الظالمين وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.[/FONT]
[FONT=&quot]تأتي سورة النمل لتبدأ بالإشادة بآيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون. تلك الآيات التي تلقّاها محمد صلى الله عليه وسلم من لدن حكيم عليم. وتجلّي السورة مشهداً من قصة موسى حين خرج بأهله من مدين فرأى ناراً وهو في ظلام وبرد فانطلق إليها ليهتدي بها ويُدفئ منها أهله فإذا بنداء الله له من جانب الطور الأيمن يحوّل له العصى إلى حية تسعى فيخاف منها فيطمئنه ربه ويحوّل يده السمراء إلى بيضاء من غير سوء ويعطيه تسع آيات إلى فرعون وقومه فجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فانظر كيف كانت عاقبة المفسدين. ويذكّرنا القرآن بفضل الله على داوود وسليمان ومعرفتهما بمنطق الطير وحشر الله لسليمان الجن والإنس والطير وذكر لنا سيره مع جنوده ورؤية النمل لهذه الجحافل فقامت نملة وقالت (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)) فتبسم سليمان ضاحكاً من قولها وشكر نعمة ربه عليه. ثم تفقد الطير فوجد أن الهدهد قد غاب فقال (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)) وهدده بالتعذيب أو بالذبح لهذا الغياب ويأتي الهدهد حاملاً معه نبأ من دولة سبأ التي تعبد الشمس وتملكها امرأة فلم يصدقه سليمان لأول وهلة بل أرسله بخطاب إليهم فنفّذ واجتمعت الملكة مع الملأ وتخوّفوا من سليمان وأرسلوا إليه بهدية فرفض سليمان وكلّف الذي عنده علم من الكتاب أن يأتي بعرشها قبل أن يأتوه مسلمين ونكّر لها العرش وجاءت فأسلمت لله رب العالمين مع سليمان. يلفت القرآن أيضاً أنظارنا إلى رعاية الله لسيدنا صالح حين تآمر عليه تسعة رهط مفسدين في الأرض تقاسموا ليقتلنه وأهله ومكروا به فكيف كان عاقبة مكرهم لقد دمّرهم الله عز وجل وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون. وقانا الله شر مصير المجرمين وجعلنا من عباده المخلصين الصادقين. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 20 – الجزء 20[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=sjFinOkKnWE&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=20[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء العشرون من كتاب الله عز وجل بسورة النمل ببيان جواب قوم لوط له بأـنه يتطهّر حين رفض الفاحشة التي ما سبقهم بها من أحد من العالمين وعليه إذن أن يخرج من قريتهم فنجّاه الله وأمطرهم بحجارة من سجّيل منضود. ثم تُوجّه السورة إلى الخلق أسئلة حاسمة: من خلق السموات والأرض؟ من أنزل من السماء ماء؟ من أنبت به الحدائق المبهجة؟ من جعل الأرض قراراً؟ من جعل خلالها أنهاراً؟ من جعل للأرض رواسي؟ من جعل بين البحرين حاجزاً؟ من يجيب المضطر إذا دعاه؟ من يهديكم في ظلمات البر والبحر؟ من يرسل الرياح؟ من يبدأ الخلق ثم يعيده؟ أءله مع الله؟! هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. إن هذا القرآن يبين للناس معاشهم ومصيرهم ويحذّرهم من عاقبة المكذبين ويقصّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون، إنه لهدى ورحمة للمؤمنين فإذا لم يؤمنوا فلستَ يا محمد مكلفاً بإسماع الموتى ولا الصُمّ ولا أنت بهادي العُمي فلا تحزن عليهم وسيرون آيات الله سيرونها وسيرون علامات القيامة ومنها الدابّة التي تكلم الناس وسيُحشَرون إلى ربهم وستُكَبّ وجوههم في النار وسينجي الله المؤمنين فما عليك إلا أن تعبد ربّ هذه البلدة الذي حرّمها وأن تتلو القرآن فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فعليها وسيُظهِر الله آياته وسينصر دعوته وما الله بغافل عما يعملون.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة القصص تحكي نبأ موسى وفرعون ذلك الذي طغى وذبح الأطفال الأبرياء خوفاً من زوال ملكه فأراد الله أن يزول ملكه على يد موسى الذي ألقته أمه في اليمّ أملاً في نجاته من الذبح بأمر الله فالتقطه آل فرعون وألقى الله محبته على امرأته فجعلته قرة عين لها وقالت أمه لأخته قصّيه فرأته في قصر فرعون يرفض المراضع كلها فدلّتهم على أهل بيت يكفلونه لهم فعاد إلى أمه تحقيقاً لوعد الله لها وبلغ أشده ثم انتصر لمظلوم من شيعته فقتل الظالم ثم ندم على ذلك. وفي الصباح استنصره آخر فإذا بمصري وفيّ حُرّ يُسرع إليه من أقصى المدينة يحذّره من مؤامرة لقتله فخرج موسى مترقباً خائفاً إلى مدين. وهناك وجد فتاتين تبتعدان عن الرجال وتريدان السقي فسقى لهما وجلس جائعاً تحت شجرة فجاءته إحداهما تمشي على استحياء تستدعيه ليأخذ أجره ثم كان أميناً معها وحين وصل إلى أبيها قصّ عليه ما حدث فقالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين. فطلب الرجل منه أن يختار إحداهما ليتزوجها في مقابل أجره ثماني سنين فإن أتمّ عشراً فمن فضله. وقضى موسى الأجل وسار بأهله فآنس من جانب الطور الأيمن ناراً فاتّجه إليها ليستجلي الخبر أو ليأتي منها بقبس يستدفئ به أهله فنودي من هذا المكان وهو مكان مبارك من قِبَلِ المولى جلّ علاه يكلّفه بالرسالة إلى فرعون ويعطيه معجزة اليد والعصى وتخوف موسى وطلب الاستعانة بأخيه هارون فوعده الحق تبارك وتعالى بأن يجعله عضداً له وأنه سيحميهما. واتهمها فرعون بالسحر واستكبر عن قبول الحق فنبذه الله في اليمّ هو وجنوده. وتلك التفاصيل لم يكن بإمكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يصل إليها إلا عن طريق الوحي فما كان محمد بجبل الطور حين أوحى الله إلى موسى وما كان في قصر فرعون حين التقطه أهله ومع هذا كفرت قريش بمحمد وطلبوا آية كآية موسى مع أن القرآن الكريم الذي جاء به هو آية الآيات، جاءهم بلسانهم وآمن به علماء بني إسرائيل ولكنهم قالوا إن نتبع الهدى معك نُتخطف من أرضنا حرصاً على منافعهم من زوار الحَرَم ونسوا ما حدث للمكذبين من قبلهم، ونسوا أيضاً يوماً يدعون فيه أصنامهم فلا تستجيب فيندمون ولات حين مندم فالملك يومئذ لله وحده له الحمد في الأولى والآخرة فهو الذي جعل الليل سكناً والنهار معاشاً وعلى البشر أن يتأمل لو لم يكن ذلك فكيف يكون حالهم؟! ثم إن ما يعتزون به من مال وجاه هو فضلٌ من الله إن شاء سلبه في لحظة وهذا قارون الذي كان من قوم موسى فتحالف مع فرعون بماله الذي كانت مفاتحه تنوء بها العُصبة ورفض نُصح قومه بأن يُحسن كما أحسن الله إليه وأن يمتنع عن الفساد. وتمنى المادّيون أن يكونوا مثله حين اختال بماله وبزينته فخسف الله به وبكنوزه الأرض فما وجد له نصيراً، بل إن من تمنى مكانه حمد الله على نجاته من هذا المصير. إنها سُنة الله وهي سُنّة غالبة: "العاقبة للمتقين" وسيعود المهاجرون مع محمد صلى الله عليه وسلم إلى مكة منتصرين فعليهم أن يصبروا فوعد الله حق ولا يلتفتوا إلى مكر الماكرين فلله الحكم وإليه يرجعون. [/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة العنكبوت تبدأ بتنبيه أصحاب الرسالات أن يوطِّنوا أنفسهم على الابتلاء والشدائد حتى يكونوا أهلاً لحمل تلك الرسالة فليعلمنّ الله الذين صدقوا الذين إذا أوذوا في الله احتسبوا أذاهم عند الله وليعلمنّ الكاذبين أما أولئك الكاذبون فإنهم إذا أُوذوا جعلوا فتنة الناس كعذاب الله حتى يكونوا أهلاً لحملها فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين الذين إذا أوذي أحدهم في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله. وإن جاء نصر الله ادّعوا أنهم من المؤمنين، أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين؟ إن أعداء الإسلام يُغرون من آمن باتباع نهجهم ويعدونهم بالعز في الدنيا وبحمل خطاياهم في الآخرة وليحملنّ أثقالهم واثقالاً مع أثقالهم وليسألنّ يوم القيامة عما كانوا يفترون فعلى المسلمين أن يصبروا كما صبر نوح ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسن عاماً فأخذهم الطوفان ونجّاه الله وأصحاب السفينة وكما صبر إبراهيم في مقاومة الشِرك فكان شيخاً للمرسلين وخليلاً لرب العالمين ونجّاه الله من النار وآمن له لوط وهاجر معه ووهب الله له اسحق ويعقوب وجعل في ذريته النبوة والكتاب. ونصر الله لوطاً على قومه الذين كانوا يجاهرون بالفحشاء في ناديهم فأرسل ملائكته وأنزلوا على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون. وكذلك نجّا الله شعيباً وأخذت أهل مدين الرجفة ونجّا هوداً وصالحاً وأهلك عاداً وثمود وقارون وفرعون وهامان فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا. إن مَثَل من يتخذ من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتّخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون. رزقنا الله حسن اختيار ما أراده الله عز وجل للبشر من اتّباع هذا الدين. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 21 – الجزء 21[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=3XxzvmhW3Ag&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=21[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الواحد والعشرون في سورة العنكبوت ببيان المنهج السمح للإسلام في حوار أهل الكتاب فهو يطلب من المسلمين أن يكون جالهم بالتي هي أحسن مع من يريد معرفة الحق أما الجاحد المعاند فلا حوار معه وحين نجادلهم نؤكد لهم أننا مشتركون في الإيمان بالوحي الذي نزلنا عليهم وعلى نبينا محمد وفي الإيمان بالله الواحد وبإسلام الوجه لله عز وجل وأن ما اشتمل عليه القرآن الكريم يؤمن به علماؤهم فهم يعلمون من كتبهم صدقه ويعلمون أنه نزل على النبي الأمّي الذي لم يتلُ من قبله كتاباً وهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر أما المشركون فهم الذين يجحدون ويطلبون الآيات الحسية، أولم نمكن لهم حَرَماً آمناً؟ أولم يكفهم أن الله أنزل كتابه على محمد بلسانهم؟ وأن ما اشتمل عليه القرآن يؤمن به علماؤهم فهم يعلمون من كتبهم صدق هذا القرآن ويعلمون أنه نزل على النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل لم يتلُ من قبله كتاباً هم يعلمون ذلك ولكن المشركين هم الذين يجحدون ويطلبون الآيات الحسية، أولم يكفهم أن الله أنزل كتابه على محمد بلسانهم يُتلى عليهم وفيه الرحمة والذكرى بآيات الله وبنعمه عليهم التي لا تحصى. فكم من دابة في الأرض لا تحمل همّ رزقها، الله يرزقها. ثم لا أحد يدّعي خلق السموات والأرض ولا تسخير الشمس والقمر ولا إنزال الماء من السماء وإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين وحين ينجيهم يشركون وهم يتمتعون بالحرم الآمن ويُتخطف الناس من حولهم. فعلى المسلمين أن يجاهدوا في سبيل الله بإحسان وأن يثقوا أن الله مع المحسنين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الروم تبدأ بتقرير انفراد الله عز وجل بعلم الغيب فيُخبر سبحانه أن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين ويومها سيفرح المؤمنون بنصر الله على المشركين وهذا وعد الله ووعد الله لا يُخلف أبداً. كما تقرر أن الخلق يعلمون ظواهر الأشياء ولكن الغافلون عن حقائقها تلهيهم الدنيا وينسون أن الحقائق بيد الله وحده ولو كان الأمر على ما ظنوا لكان خلق الله للكون عبثاً وعلى المكذّب أن ينظر في التاريخ ليرى عاقبة المجرمين ولينظر أيضاً في الكون ليرى آيات الله في خلق الإنسان وكيف خلق له من جنسه زوجة يسكن إليها، جعل بينهما مودة ورحمة وكيف اختلفت ألسنتهم وألوانهم وكيف جعل الليل لباساً والنهار معاشاً وكيف جعل للحياة نهاية إن العاقبة للمتقين وإن العاقل يقيم وجهه لله حنيفاً مستجيباً لفطرته كذلك الدين القيم يطلب الرزق ممن يبسط ويقدر وينفق مما آتاه الله على القريب والمسكين وابن السبيل بلا بخل ولا تبذير. يحذّره الله من الربا ومن الفساد ويحذّره من الحساب ويتذكر فضل المُنعِم الوهاب ويعتصم بالله فهو خير الناصرين والإنسان أضعف من أن ينصر نفسه فقد خُلِق من ضعف وينتهي الأمر به إلى ضعف وشيبة ووعد الله حق في نصر المؤمنين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة لقمان تبدأ بالإشادة بآيات الذكر الحكيم هدى ورحمة للمحسنين ثم تشير إلى وصايا سيدنا لقمان لابنه بحكمة وخبرة فيبدأ بنصيحته بتوحيد الله عز وجل والإحسان للوالدين وبخاصة أمه لكن هذا الإحسان ينبغي أن يكون في نطاق طاعة الرحمن ينصحه بمراقبة الله الذي لا تخفى عليه خافية وبإقامة الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصيبة وتلفت أنظاره إلى التواضع للناس وعدم الكبر والخيلاء وعدم رفع الصوت فإن أبغض الأصوات لصوت الحمير. ثم تلفت السورة نظر الخلق جميعاً إلى سعة علم الله وكلماته بأن مياه سبعة أبحر وكل شجر الأرض لو تحولت إلى مِداد وأقلام لن تستطيع أن تكتب كلمات الله عز وجل وتنبههم إلى ضرورة الخشية من يوم لا يجزي فيه والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إنّ وعد الله حق، فليس لأحد علم بالساعة ولا بنزول الغيث ولا بعلم ما في الأرحام ولا تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي سورة السجدة تبدأ أيضاً بنفي الشكّ عن القرآن وتتحدى من يصفه بالكذب والافتراء فقد جاء ليُنذر العرب أولاً والعالمين من بعدهم ولقد نزل من عند من خلق ودبر الأمر وأحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سوّاه ونفخ فيه من روحه ثم جعل له السمع والأبصار وهيأ له أسباب العلم والمعرفة وقضى عليه بالفناء وبالحساب على ما قدّم فمن نسي يوم الحساب ذاق عذاب الخلد ومن خرّ ساجداً لآيات الله وأحيا ليله ساجداً وقائماً (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)). إن المؤمن لا يستوي أبداً مع الفاسق وللفاسق عذاب دنيوي قبل عذاب الآخرة فليحذر المسلمون أن يكونوا مثلهم فسيأتيهم يوم الفصل فيلحذروه كما حذّرنا مَنْ قبلهم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الأحزاب تنادي السورة في أولها نبي الله محمداً أن يتقي الله وأن يعتصم بكتابه غير عابئ بالكَفَرة والمنافقين متوكلاً على رب العالمين فقد جاء بالحق الذي يرفض الخُرافة والكذب والذي يُبطل التبني والاستعباد والذي يوحّد بين المؤمنين بحبّ نبيهم وباحترام أنسابهم. وتذكّر السورة نبينا محمداً بنعمة الله عليه يوم تجمّع الأحزاب مصممين على استئصال المسلمين فجاؤهم من الشمال وتعاون معهم اليهود من الجنوب وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظهر المنافقون يُخذِّلون ويثيرون الإشاعات ويفرّون من المعركة وثبّت الله المؤمنين بقيادة الأسوة الشجاع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً. فردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً وأنزل الذين ظاهروهم من اليهود من حصونهم وصياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطؤها وكان الله على كل شيء قديراً. فليعتبر المسلمون وليكونوا مع رب العالمين فهو القادر على نصر المؤمنين، نصر الله الأمة وجعلها خير أمة إنه ولي ذلك والقادر عليه. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 22 – الجزء 22[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=xbbIFPf0XYs&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=22[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الثاني والعشرون من كتاب ربنا عز وجل بتوجيه أمهات المؤمنين بأنهن قد صرن قدوة لنساء الأمة فإما أن يلتزمن بالعفة والقناعة وإما أن يفارقن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبدله الله خيراً منهن فإن اخترن الفنوت لله ورسوله وعملن الصالحات ضاعف الله لهن الأجر ومن الصالحات عدم الخضوع في القوب قطعاً لأطماع ذوو القلوب المريضة ومنها الاستقرار في بيوت النبي بعيداً عن تبرّج الجاهلية ومنها إقامة الصلاة وإيتاء الزماة وطاعة الله ورسوله وتلاوة القرآن الذي نزل في بيوتهن حتى يتشبه بهن المسلمون والمسلمات في الإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والتصدق والصوم وحفظ الفروج وذكر الله والخضوع لأمر الله ورسوله. ومن أمهات المؤمنين زينب بنت جحش بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك التي زوجها الله لمن فوق سبع سنوات ليبطل عادة التبني بعد أن كانت اقترنت بزيد بن حارثة الذي كان قد تبناه النبي صلى الله عليه وسلم لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وما كان على النبي من حرج في هذا فما كان أباً حقيقياً لزيد إنه رسول الله وخاتم النبيين أرسله الله شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وأحل له أزواجه وما ملكت يمينه ومن وهبت نفسه له إن أراد حتى لا ينشغل بكيد النساء فهذه خصوصية من رب العزة لترضى أزواجه بما يفعل وحين اخترنه والتزمن بما ألزمهن به الله حرّم الله عز وجل عليه الزواج من غيرهن وفي هذا الإطار جاءت الآداب الاجتماعية للمسلمين جميعاً فأرشدت المؤمنين أن لا يدخلوا بيتاً مسكوناً إلا بإذن أهله وبخاصة بيت النبي صلى الله عليه وسلم وإذا طعموا فيه لا يستأنسوا لحديث وإذا طلبوا شيئاً من زوجاته كان ذلك من وراء حجاب وإذا مات النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحد أن يتزوج منهن وأباح للمؤمنات أن يختلطن بمحارمهن من الآباء والأبناء والإخوة وأبناء الإخوة وأبناء الأخوات والخادمات وفرض عليهن ستر أجسامهن بما لا يصف ولا يشفّ ما عدا الوجه والكفين لأنه لا بد من كشفهما لأنه أقرب إلى أن يُعرفن بالعفة والحياء. وحذّر الأمة من المنافقين والمرجفين وخصّ المؤمنين باستقلال الرأي بعيداً عن السادة والكبراء فلن تجزي نفس عن نفس شيئاً ووصاهم بتقوى الله وتحري القول السديد ورعاية الأمانات ليتوب الله عليهم ويجزيهم أحسن الجزاء إنه غفور رحيم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة سبأ لتبدأ بحمد الله العليم بما يلج في الأرض وما يخرج منها ليجزي المحسن ويعاقب المسيء فذلك هو الحق الذي سيراه الناس يوم البعث ولو مُزِّقت الأجساد كل ممزّق. وقد عمّت نعم الله كل خلقه ومنهم داوود النبي فقد سخّر الله له الجبال والطير يسبحن معه بالعشي والأبكار وسخر لسليمان الريح وأسال له عين القطر وسخّر له الجن يعملون له ما يشاء بإذن ربه وظل مشرفاً عليهم في أعمالهم حتى وافته المنية وهو متكئ على عصاه وهم لا يعلمون لأنهم لا يدرون بالغيب فالغيب لله وحده. ومن أخبار الغيب قصة سبأ كانت لهم جنتان مثمرتان طلب منهم رسلهم أن يشكروا نعمة الله عليهم فأعرضوا فأرسل الله عليهم سيل العرم وبدّلهم بجنتيهم جنتين ذواتا أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل فأعرضوا وتفرقوا في البلاد وجعلهم الله أحاديث ومزّقهم كل ممزق ولقد أرسل الله عز وجل محمداً للناس كافّة بشيراً ونذيراً فكفر به وبالقرآن قوم استعجلوا العذاب واتبعوا كبرائهم وسيقفون معاً يوم الجزاء يرجع بعضهم إلى بعض القول يتلاومون ويتبادلون التُهم وسيندمون حين يرون العذاب جميعاً فلن يغني المستكبرون عن المستضعفين شيئاً ولن تكون أموال المترفين منجية لهم ولا يملك بعضهم لبعض نفعاً ولا ضرّاً فليس على نبي الهدى إلا أن يعظهم بواحدة أن يقوموا لله مثنى وفرادى ثم يتفكروا ما به من جنّة وما سألهم أجراً على نصحه وعليهم أن يستجيبوا لما يخبرهم به لأن الحق سينتصر لا محالة فلن يبدئ الباطل وما يعيد ولن يتحقق لهم ما يشتهون كما فعل باشياعهم من قبل إن وعد الله الحق.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة فاطر تبدأ ايضاً بحمد فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إذا فتح للناس باب رحمة فلا مُمسك له، إنه بيده كل شيء، وعده الحق، من كفر فله عذاب شديد ومن آمن فله مغفرة وأجر كبير. من أراد العزّة فله العزّة وحده، له جميعاً، سبيلها الوحيد الكلم الطيب والعمل الصالح ومن مكر فمكره يبور، هذه سنة الله في خلقه. علمه محيط لا تحمل أنثى ولا تضع إلا بعلمه، آياته بينات، الناس جميعاً له فقراء وهم تحت سلطانه، لا تزر وازرة وزر أخرى، هو العدل من تزكّى فإنما يتزكّى لنفسه. وقد أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق بشيرا ونذيراً فمن كذّبه لحق به عذاب المكذبين للرسل السابقين ومن تدبّر في كونه المنظور واختلاف ألوان الثمرات والجبال والدواب والأنعام والناس أدرك صدق ما في الكتاب المقروء الذي أورثه الله المصطفين من أمة محمد فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله. لا يمكن أن يتناقض العلم التجريبي مع الوحي المبارك لأن الجميع صادر من إله واحد. فليحذر المكذبون من نار يصطرخون فيها لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها فقد استكبروا ومكروا ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجلٍ مسمى وهو بهم عليمٌ بصير. ندعو الله عز وجل أن يجعل من حياتنا سعادة وأن يجعل بعد موتنا نعيماً إنه ولي ذلك والقادر عليه.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 23 – الجزء 23[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=al5BkO73HA4&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=23[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الثالث والعشرون من كتاب الله عز وجل بسورة يس التي تبدأ بالقَسَم بالقرآن الحكيم المنزِّل من العزيز الرحيم أن محمداً صلى الله عليه وسلم من المرسلين وأنه على صراط مستقيم لينذر الغافلين والرافضين، فمن انتفع بهذا الذكر فله البشرى بالأجر الكريم ومن أعرض كان كأصحاب القرية الذين تطيّروا برسل عيسى ولم يستمعوا لنصيحة رجل عاقل منهم أن يتّبعوا من لا يسألهم أجراً ويدعوهم إلى عبادة من فطرهم وإليه يرجعون فقتلوه فأدخله الله الجنة وأرسل عليهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون. إن آيات الله المبثوثة في الكون لتدل على صدق محمد فيما يدعوهم إليه فالأرض الميتة يحييها الله بالماء فتنبت حباً منه يأكلون وجنات بها ثمر مختلف ألوانه وطعومه تُسقى بماء واحد، والليل والنهار ثم الشمس والقمر تجريان لمستقر لهما بقدر معلوم لكنهم يمرون على آيات الله وهم معرضون. ويستعجلون قيام الساعة ولا تأتيهم إلا بغتة فإن كانوا أحياء لا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون وإن كانوا موتى فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون وإذا بالجميع مُحضرون لا تُظلَم نفس شيئاً فأصحاب الجنة في شغل فاكهون والمجرمون يصلون جهنم بما كانوا يكفرون. لقد قالوا عن محمد أنه شاعر وما ينبغي لمقام محمد أن يكون شاعراً وما ينطق إلا بالذكر وبالقرآن المبين لينذر القلوب الحية ولا يزيد الكفرة إلا خساراً ولا ينبغي لهذا النبي أن يحزن لكفرهم فهم سفهاء لا ينظرون إلى أصلهم حين كانوا نطفة قذرة ويستبعدون أن يعيدهم الله عز وجل للحساب فسبحانه إذا أراد شيئاً أن قال له كن فيكون.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الصافات تبدأ بالقسم بالملائكة الصافة أقدامها للعبادة، الزاجرة للشياطين عن استراق السمع، التالية لذكر الله وبالعلماء المتشبهين بهؤلاء الملائكة الزاجرين عن المعاصي بالحُجج والحكمة وبالغُزاة الصافّين للجهاد الزاجرين للأعداء يُقسم الله بهذا كله على أن الإله واحد وأن السماء زُيّنت بالكواكب محفوظة من كل مارد من خطف خطفة أتبعه شهاب ثاقب فهل من كفر بالله أقوى من هذا الخلق وهم من طين لازب؟!! يستغربون بعثهم وما بينهم وبينه إلا زجرة واحدة من إسرافيل في الصور فإذا هم في يوم الفصل الذي كانوا به يكذبون وهناك يساقون إلى الجحيم ويتلاومون مع المضلين وهم في العذاب مشتركون لأنهم جميعاً مجرمين. أما عباد الله المخلَصون فلهم جنات النعيم عندهم قاصرات الطرف عين ينظرون إلى أصحاب الجحيم فيحمدون الغفور الرحيم لِما يرون من أنهم يأكلون من شجر الزقوم جزاء كفرهم بالمرسلين بنوح وإبراهيم الذي أرادوا به كيداً فكانوا هم الأسفلين وبشّره ربه بغلام حليم هو جد النبي الأمين أول الذبيحين سيد الصابرين من فداه الله بذبح عظيم ثم بشّره باسحق نبياً من الصالحين ومنّ الله أيضاً على موسى وهارون وهداهم الصراط المستقيم ومنّ على إلياس ولوط ويونس الذي التقمه الحوت فنجّاه الله وبعثه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين وهكذا سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة ص تبدأ بالقسم بالقرآن ذي الذكر ذلك الذي قالوا عنه إنه سحر وعن من نزل عليه إنه غير أهل لذلك على أن كل من يناوئ الإسلام من الأحزاب مهزوم كما هُزِم قوم نوح وأصحاب الأيكة وما ينتظرون إلا صيحة واحدة ما لها من فواق والله قدير ووهاب، سخّر الجبال والطير يسبّحن مع داوود وشدّ ملكه وآتاه فصل الخطاب وهداه إلى سبل القضاء بين الخصمين وأرشده إلى ضرورة إفساح المجال لكليهما للإدلاء بحجته مهما كان حجة أحدهما قوية. ووهب له سليمان ووهب لسليمان ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فسخّر له الريح والشياطين ومنحه الزلفى وحسن المآب ونجّا أيوب من مرضه واصطفى إبراهيم وإسحق ويعقوب وإسماعيل واليسع وكلٌ من الأخيار. ووعد المتقين بحسن المآب وجنات مفتّحة لهم الأبواب وتوعّد الطاغين بشر مآب حهنم يصلونها فبئس المهاد يتخاصمون فيها ويصطرخون فلا يحزنك يا محمد كيدهم فما أنت إلا منذر وما كان لك علم بالملأ الأعلى وأنت تخبرهم بالوحي عن خلق أبيهم آدم وسجود الملائكة له واستكبار إبليس ولعنة الله له وتوعّده بإغواء بني آدم ثم إنك لا تسألهم أجراً على نصحك وسيعلم العالم كله نبأ هذا الدين بعد حين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الزمر فتشيد بتنزيل الكتاب من العزيز الحكيم على قلب محمد الأمين ليعبدوا الله مخلصين له الدين دون وساطة من أحد فهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد وهو مكوّر الليل على النهار ومسخِّر الشمس والقمر وخالق البشر من نفس واحدة ومنزل الأنعام الثمانية ومصوّر الجنين في بطن أمه خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث. فمن يؤمن به قانتاً آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه فهو العالِم الربّاني ومن يكفر به فهو غني عنه. فعليك يا محمد بإخلاص عبادتك وليعبدوا هم ما شاؤوا فهم الخاسرون في الدنيا والآخرة ولهم من فوقهم ظُلَل من النار ومن تحتهم ظُلَل أما المتقون فلهم غرف من فوقها غرف في جنة تجري من تحتها الأنهار أما في الدنيا فقد شرح الله صدورهم ونوّر قلوبهم حين اقشعرت قلوبهم لذكر الله ولانت جلودهم بآيات الله وانتفعوا بما ضربه القرآن الكريم من أمثال تذكر العقلاء وأولي الألباب.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 24 – الجزء 24[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=QhToXyusePQ&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=24[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الرابع والعشرون من كتاب الله عز وجل بالتعجّب ممن كذب على الله وكذّب بالصدق إذ جاءه مع الوحي على لسان الصادق الأمين مع أن هذا المكذِّب يعترف بأن منزِّل هذا الوحي هو الذي خلق السموات والأرض وأنه الضار النافع ويطمئن الذكر الحكيم نبينا بأن ما أُنزل إليه هو الحق فمن اهتدى به فلنفسه ومن ضل فعليها ولست عليهم بوكيل. فأنفسهم بيد الله وحده يتوفاها عند الأجل ويتوفاها يومياً في المنام فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى. ومع ذلك إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذُكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون وإذا مسهم ضر دعوا ربهم وإذا كشف عنهم نسبوا الفضل لأنفسهم ولطبّهم وعلمهم. فليكن عباد الله على النقيض من ذلك حتى لو أسرفوا على أنفسهم في الذنوب فعليهم أن يتوبوا وينيبوا إلى ربهم فرحمته واسعة بشرط واحد وهو المسارعة بالتوبة قبل وقت الحسرة والندم يوم ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة والأرض جميعاً قبضته وتشرق الأرض بنور ربها ويوضع الكتاب وتوفّى كل نفس ما عملت ويساق الكفرة إلى جهنم زمراً ويساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً ولكنهم يقولون الحمد لله الذي صدقنا وعده وقُضي بينهم بالحق ممن يعلم السرّ وأخفى.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي سورة غافر تشيد بتنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير فهو غفور رحيم لمن آمن وخضع وهو عزيز جبار لمن أعرض وأبى كما حدث لقوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمّت كل أمة برسولهم ليأخذوه فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر. إن ملائكة الله تسبّح وتستغفر للمؤمنين المخلصين له الدين الخائفين من يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين والملك يومئذ لله وحده. فقد اعتبروا بما حدث لمن قبلهم وقد كانوا أشد منهم قوة فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب. ومنهم فرعون الجبار ووزيره التنفيذي هامان ومموّل ظلمه قارون هؤلاء تعاونوا على تزويد السلطة بالمال للبطش بالضعفاء وادّعوا أن وحي السماء يُفسد الأرض وهم الذين يصلحونها ونصحهم مصري مؤمن بأن يكفوا عن قتل موسى فمعه بينات وإن يكن كاذباً فعليه كذبه وإن يكن صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم به فلا تغتروا بالملك فبأس الله شديد ولكن فرعون أصر على أن رأيه هو السديد وما علم لهم من إله غيره فحذّرهم المصري الناصح من مصير عاد وثمود ومن عذاب يوم التناد وذكّرهم برسالة سيدنا يوسف. فتمادى فرعون في السخرية وطلب من هامان أن يبني له صرحاً ليرى إله موسى واستمر الرجل ينصح حتى قال فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب وسيدخلون في حجاج وخصام وهم في قعر جهنم. ثم كما نصر الله عز وجل موسى سينتصر محمد صلى الله عليه وسلم فقد وعد الله إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا يوم يقوم الأشهاد وما يستوي الأعمى والبصير وستأتي الساعة وسيفصل بين الخلق من كذّب بالكتاب وبما جاء به الرسل سيسحبون في السلاسل ويسجرون في جهنم لاستكبارهم وفرحهم بما كانوا فيه من طغيان. ذلك أن الله أرسل الرسل ولم يأت أحد منهم بآية إلا بإذن الله منهم من قصّه الله علينا في كتابه ومنهم من لم يقصصهم وكانت أقوامهم أشد من قريش قوة وآثاراً في الأرض وعلماً ففرحوا بما عندهم من العلم حتى إذا جاءهم بأسنا قالوا آمنا بالله وحده فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت لعباده وخسر هنالك الكافرون.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة فصلت تشيد بتنزيل القرآن من الرحمن الرحيم قرآناً عربياً مفصلاً لقوم يعلمون بشيراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين ومع أن نزوله بالعربية فخرٌ للعرب فقد قالوا قلوبنا في أكنّة منه وفي آذاننا وقر وناشدهم محمد بأن الله الذي يكفرون به قد خلق الأرض في يومين ومهّدها وقدّر فيها أقواتها في يومين آخرين وخلق السموات السبع في يومين واكتمل الخلق في ستة أيام نعمة منه وفضلاً على الإنسان فأعرض قوم عاد وقالوا من أشد منا قوة؟ فأرسل الله عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات ثم أعرضت ثمود أيضاً واستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون وسيحشر الجميع على النار تشهد عليهم أسماعهم وأبصارهم وجلودهم فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين إذ تبعوا قرناء السوء وأعرضوا عن سماع القرآن وطلبوا من ربهم أن يريهم يوم القيامة من أضلّوهم ليجعلوهم تحت أقدامهم ولكن ماذا يغني عنهم ذلك؟! أما من استقام على أمر الله فتتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون لكم فيها ما تشتهي الأنفس وما تلذ الأعين نزلاً من غفور رحيم ذلك أنهم كانوا يدعون إلى الله ويعملون بالصالحات ويعتزون بانتسابهم إلى الإسلام ويستكثرون من الحسنات ويدفعون بالسيئة الحسنة ويحولون أعداءهم إلى أصدقاء وهذه سمة الدعاة المخلصين وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم. كانوا إذا نزغهم الشيطان استعاذوا بالله وسبحوه بالليل والنهار كملائكة الله عز وجل الذين هم من العبادة لا يسأمون يتلون الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وما فيه هو ما قيل للرسل من قبل محمد غير أنه نزل بلسان عربي مبين ليقطع أعذار العرب إن جاء بغير لسانهم فجاء هدى وشفاء لمن آمن وعمى وضلالاً لمن أغلق دونه أجهزة الاستقبال. إن الله قد استأثر بعلم الغيب وبعلم موعد الساعة وبخروج الثمرة من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وسنري من كذب بهذا القرآن من آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على شيء شهيد ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 25 – الجزء 25[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=eKQsq33ocs0&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=25[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الخامس والعشرون من كتاب الله عز وجل بتأكيد الحقيقة الإلهية في بدء سورة الشورى أن الذي يوحي إلى محمد وإلى من قبله من الرسل هو الله العلي العظيم العزيز الحكيم تتفطر من عظمته السموات والأرض وتسبح بحمده الملائكة العظام وما أوحى به إلى محمد هو القرآن العربي لينذر به أم القرى ومن حولها من جنبات الأرض وينذر يوم الجمع للحساب أمام رب العزة ففريق في الجنة وفريق في السعير فقد شرع الله فيه من الدين ما وصى به نوحاً والنبيين من بعده وما وصى به بقية أولي العزم من الرسل إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كما تفرق من قبلكم لذلك فادعُ يا محمد واستقم كما أُمرت ولا تتبع أهواءهم فحجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب فقد أنزل عليك الكتاب بالحق والميزان ولعل الساعة قريب فمن كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب. ذكِّرهم أنك بُعثت من أفضل قبائلهم وبينك وبينهم مودة وقربى ولم تطلب منهم أجراً وسيغفر الله لهم إن تابوا وآمنوا وسيبسط الله لهم الرزق وما أصابهم من مصيبة فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير بيده ملكوت السموات والأرض إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره فليستجيبوا لأمر الله فما عنده أبقى لمن عليه يتوكل ويجتنب كبائر الإثم والفواحش ويعفو إذا غضب ويقيم الصلاة ويستشير إخوانه وينفق مما رزقه الله وينتصر من ظالمه ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ويصبر ويغفر فذلك من عزم الأمور. وهذه حقائق الإسلام فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ وليس لأحد من الخلق تأثير فيما يهبه الله لمن يشاء من الأولاد ولا من الأرزاق، هبة الله لمن شاء إناثاً أو لمن شاء ذكوراً أو يجعل لهم ذكوراً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً لعلمه بمصلحة خلقه وبهذا يسعد الإنسان بما آتاه الله ويحيا بروحه بالقرآن يستنير ويهتدي بهداه.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الزخرف تبدأ بالقسم بالكتاب العربي المبين المثبت في أم الكتاب لدى العلي الحكيم إنه لقادر على أن ينتقم من المكذبين المستهزئين بمحمد صلى الله عليه وسلم كما انتقم ممن قبلهم فقد أنعم عليهم بنعم لا تحصى جعل لهم الأرض مهداً وجعل لهم فيها سبلاً ونزّل فيها من السماء ماء بقدر فأحيا به الأرض الميتة ومنح الماء خاصية الطفو لتسير الفلك على ظهره ليركبوها ويقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. لكنهم وصفوا الملائكة بأنهم بنات الله مع أنهم إذا بشِّر أحدهم بالأنثى اسودّ وجهه أشهدوا خلقهم؟ ستكتب شهادتهم ويُسألون!. إن الترف هو الذي جعلهم يتمسكون بتقليد آبائهم استكثروا على محمد أن يرسله ربه مع أنه يتيم وفقير وكأنهم يقسمون رحمة ربك وهو أعلم حيث يجعل رسالته. لم يكن الغنى في يوم ما دليل على العظمة بل هو فتنة ولو شاء الله مزيداً من الفتنة لجعل لمن يكفر بالرحمن سقفاً ومعارج وأبواباً وسوراً من فضة وذهب وزخرف فاستمسِك يا محمد بالذي أُوحي إليك إنك على صراط مستقيم. وما أوحي إليك بلغتك ذكر وشرف للعرب ولكنه أيضاً مسؤولية عليهم في البلاء المبين. ولقد أرسلنا قبلك موسى إلى فرعون ومعه كل آية أكبر من أختها فضحك واستهزأ واتهمه بالسحر واعتزّ بملك مصر واستهان بموسى وادّعى لو كان نبياً لأُلقيت عليه أسورة من ذهب أو جاء معه ملك فاستخف قومه فأطاعوه وأنتم الآن تقولون على محمد ما قاله فرعون على موسى وانتقم الله من فرعون فهل تنتظرون مصيره؟! ولما جاء عيسى بالبينات وبالحكمة والتوحيد اختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين لموا من عذاب يوم أليم يتحول فيه الأخلّاء إلى أعداء إلا من كان مؤمناً فسيتمتع بالأنس بزوجته في جنة يطاف عليهما بصحاف من ذهب وبأكواب فيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين أما المجرمون فلا يفتر عنهم العذاب ولا يستجاب لهم لاستغاثتهم بخازن النار فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الدخان يقسم فيها القرآن بالكتاب المبين أنه أنزله في ليلة مباركة هي ليلة القدر من شهر رمضان رحمة وفرقاناً فقابله الكَفرة بالشكّ واللعب وقالوا عمن جاء به أنه معلّم مجنون فليرتقبوا إذن العذاب يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون كما انتقمنا من قوم فرعون حين أُمر موسى بالفرار من بطشه فأتبعه فرعون وجنوده فنبذناهم في اليم وتركوا الجنات والعيون والمقام الكريم فما بكت عليهم السماء والأرض وأورثنا المستضعفين مشارق الأرض ومغاربها أفلا يخشون مصير فرعون ومستقبل أمة محمد؟ وقد أهلكنا قبلهم قوم تُبّع في اليمن وهم يعلمون أكفارهم خير من أولئك؟ أم ينتظرون شجرة الزقوم يطعمونها كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم يصب من فوق رؤوسهم هذا الحميم في مقابل ما كانوا يتمتعون به في الدنيا من ترف واستكبار. أما المتقون فهم في مقام أمين يلبسون من سندس واستبرق لا يذوقون فيها الموت فذلك هو الفوز العظيم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الجاثية تشيد بالكتاب المنزل من العزيز الحكيم الذي بث في الكون من كل دابة ضمن لها رزقها وصرّف الرياح وفصّل الآيات يمر عليها الفجرة كأن لم يروها ويسمعون آيات الله كأن في آذانهم وقراً وإذا علم منها شيئاً اتخذها هزواً فهؤلاء من ورائهم جهنم وهذا هدى لمن يرجو أيام الله فقد آتينا بني إسرائيل الحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم حتى اختلفوا بغياً بينهم فلا تكونوا مثلهم فقد جعلناكم على شريعة فيها بصائر للناس هدى ورحمة ترفع صاحبها فوق من جعل إلهه هواه وأضلّه الله على علم فطلب إحياء آبائه ليخبروه أن القرآن حق وهم لن يخرجوا من قبورهم إلا يوم تقوم الساعة وترى كل أمة جاثية تدعى إلى كتابها لتقرأه وتحاسَب على ما قدّمته وتبدو سيئات ما عملوا فيُنسَون كما نسوا لقاء يومهم هذا وغرّتهم الحياة الدنيا فلله الكبرياء في السماء والأرض وهو العزيز الحكيم.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 26 – الجزء 26[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=8XbtlNedT0g&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=26[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء السادس والعشرون بسورة الأحقاف التي تشيد بما أنزله العزيز الحكيم خالق الكون بالحق وأجلٍ مسمى ومع ذلك يعبدون غيره وهم لم يخلقوا من الأرض شيئاً ولم يكن لهم شِرك في السموات ولم ينزل عليهم كتاب قبل هذا ويصفون القرآن بأنه سحر مفترى وقد شهد به علماء بني إسرائيل فقد جاء مصدقاً لكتاب موسى ولكن نزل بلسان عربي مبشراً لمن استقام على أمر الله بالأمن والسعادة وبالخلود في الجنة. ومن الاستقامة الإحسان إلى الوالدين وبخاصة تلك التي حملته كرهاً ووضعته كرهاً وأرضعته حولين كاملين فشكرهما شكر لله يتقبله الله بقبول حسن عكس من عقّهما وخالف أمر الله فكان من الخاسرين مهما بذل في دنياه من طيبات. ذلك أن السعيد من أخذ حذره وانتفع بالنذر لا كما حدث من قوم عاد أهل الأحقاف حيث رفضوا النذر واستعجلوا العذاب فجاءتهم الريح تدمر كل شيء بأمر ربها بعد أن مكّنهم في الأرض أكثر مما مكن للعرب وكان لهم سمع وأبصار وأفئدة لم يستخدموها بالاعتبار فحاق بهم ما كانو به يستهزئون. أما الجن فحين استمعوا للقرآن من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم نفذ إلى قلوبهم وانطلقوا يدعون قومهم أن يجيبوا داعي الله وحذروهم بأنهم غير معجزين في الأرض فما عليك يا محمد إلا أن تصبر كما صبر أولو العزم من الرسل وأن لا تستعجل لهم فكأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار فما عليك إلا البلاغ.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة محمد صلى الله عليه وسلم وتقرر أن صلاح البال وهدوء النفس تابع للإيمان بما نُزّل على محمد وهو الحق من ربهم فعلى المؤمنون به أن يدافعوا عنه وأن يتحملوا أذى أعدائه وأن يصبروا في قتالهم وأن ينصروا ربهم وإن ينصروه ينصرهم ويثبت أقدامهم ويهزم أعداءهم أولئك الذين كرهوا ما أنزل الله كما هُزم من قبلهم فالله مولاهم ولا مولى للكافرين وسيدخلهم الله الجنة عرّفها لهم ومهما بلغ عدوهم بالقوة فلن يفلتوا من قدرة الله وقهره. ومن ينل الشهادة من المؤمنين فسيدخل الجنة وفيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفّى هكذا مع رضوان الله عز وجل. ثم الجبناء هؤلاء ينظرون إلى الجهاد نظر المغشي عليه من الموت أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ إن المرتدين عن دين الله من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوّل لهم وأملى لهم وقالول لمن كره ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر وهؤلاء ستضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم إن الجهاد ابتلاء يتبين منه الصابر والجبان فلا ينبغي للمؤمن أن يضعف أمام عدوه أو يطلب السلامة وهو ضعيف إلا إذا قوياً فالحياة لعب ولهو لا تستحق الحرص عليها فلا تبخلوا بها على ربكم وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الفتح تبشّر بفتح مكة قريباً بعد أن تمّ فتح طريق الدعوة بصلح الحديبية وبيعة الرضوان وحين يتم هذا الفتح سيغفر الله عز وجل لمحمد ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويتم نعمته عليه ويدخل الناس في دين الله أفواجاً ومن دلائل هذه البشرى إنزال الله السكينة في قلوب المؤمنين بيقينهم برسالة نبيهم البشير النذير ومبايعتهم لهم رغم نكوص المنافقين وظنّهم ظنّ السَوْء برسول الله وجنوده ولذلك رضي الله عنهم ووعدهم بغنائم كثيرة عجّل منها غنائم خيبر ووعدهم بالنصر المؤزر وكفّ أيدي الكفرة وتلك سنة الله الغالبة غير أنه أجّل هذا النصر رعاية لمن لم يهاجر من المؤمنين والمؤمنات خوفاً عليهم من نتيجة الحرب وسيدخل المسلمون المسجد الحرام آمنين وسيظهر دين الإسلام على يد محمد وصحبه أولئك الين وردت صفتهم في التوارة قبل وجودهم بأنهم اشداء على الكفار رحماء بينهم ركع سجود مخلصون وصفتهم في الإنجيل أنهم نشطاء إيجابيون فاعلون كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه ولهم مع النصر أجر عظيم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الحجرات تنصح المؤمنين أن يُسلموا وأن يسلّموا بما ورد عن الله وأن يمتنعوا عن تقديم مقترحات بديلة وأن لا يرفعوا صوتهم فوق صوت النبي وألا يجهروا له طجهر بعضهم لبعض فهؤلاء الأعراب الذين رفعوا أصواتهم من وراء الحجرات كانوا قليلو وعليهم أن يتثبتوا من الأخبار قبل تصديقها وأن يلتزموا طاعة رسول الله فمعصيته توقع في العنت والمشقة وأن يصلحوا بين المتخاصمين وأن يقسطوا بينهم وأن يقفوا مع المظلوم حتى يأخذ حقه وألا يسخر أحد من أحد فلا يدري أحد من الأفضل وألا يعيّر أحد أخاه بلقب وأن يجتنبوا كثيراً من الظن فبعضه إثم وأن لا يتجسسوا أو يغتابوا حتى يكونوا كمن يأكل لحم أخيه ميتاً وأن يستحضروا أنهم أولاد ذكر وأنثى وأن اختلاف شعوبهم يجب أن يصب في التعارف لا في العراك فأكرم الناس عند الله أتقاهم والإيمان في القلوب فمن كان إيمانه قوياً جاهد بماله ونفسه وكان من الصادقين وإذا منح الله أحداً توفيقه للإيمان وجب عليه شكر النعمة فهي أفضل نعمة على الإنسان.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة ق تقسم بالقرآن المجيد على صدق محمد في رسالته وفي تحذير لهم من يوم الحساب فالله قادر على البعث بقدرته على خلق السماء مزينة بلا شقوق وإنزاله الماء مباركاً من السماء ينبت الله به جنات وحب الحصيد وكذلك الخروج من القبور ومن كذب بذلك هلك كما هلك قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط فكل كذب الرسل فحق وعيد الله وما خلقنا السموات والأرض وخلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد يوم يكسف الغطاء ويأتي القرين يلقي في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب فيختصم مع قرينه ويرد الله عليهم لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد وما أنا بظلام للعبيد جهنم تفتح وتقول هل من مزيد والجنة تقترب للمتقين غير بعيد لهم ما يشاؤون فيها ولدى الله المزيد إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أوألقى السمع وهو شهيد فعليك يا محمد أن تصبر وتسبح وتسبح قبل طلوع الشمس وقبل الغروب وأن تنتظر جزاءهم يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً فنحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكِّر بالقرآن من يخاف وعيد.[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 27 – الجزء 27[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=hwK7TC0AXn0&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=27[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء السابع والعشرون من كتاب الله عز وجل بسورة الذاريات وهي تبدأ بالقسم بالرياح تذرو التراب وبالنساء تذرو الجنين وبالسحب تحمل الماء وبالإناث يحملن الأجنة وبالسفن تجري في البحر وبالكواكب تجري في الفضاء وبالرياح تجري بالسحب وتقسمها بين الأرض الموات وبالملائكة تقسم الأرزاق على أن وعد الله صادق وأن الحساب واقع ومن يشك في ذلك فهو من الخراصين الساهين الذين سيفتنون بنار جهنم أما المتقون فهم في جنات وعيون لقد كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم وفي الأرض آيات للموقنين لأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ولقد رزق الله إبراهيم على كبر بغلام عليم وأرسل على قوم لوط حجارة من طين وترك فيها آية لمن يخاف العذاب الأليم وأخذ فرعون وجنوده فنبذهم في اليم وهو مليم وأرسل على عاد الريح العقيم وبنى السماء وفرش الأرض وخلق من كل شيء زوجين لعل الخلق يتذكر الواحد الأحد فما عليك يا محمد إلا أن تذكّر أن الخلق ما جاء بهم رب العزة إلا لعبادته وحده فهو الرزاق وويل لمن كفر من يومهم الذي يوعدون.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الطور يقسم الله بالطور الذي كلّم الله عليه موسى وبالقرآن المحفوظ بالصدور وبالسطور وبالبيت الحرام المعمور بحججاجه وزواره وبالسماء المرفوعة بلا عمد وبالبحر المخبوء تحته نار مشتعلة على أن عذاب الله واقع على المكذبين الخائضين سيُدعون ويدعّون إلى نار جهنم دعّاً وسيصلونها سواء صبروا أو جزعوا فهي جزاء ما كانوا يعملون. أما المتقون ففي جنات النعيم ممتعين بالحور العين وبذرياتهم المؤمنين وبفاكهة ولحم مما يشتهون مع غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون هذه هي الحقيقة التي غفل عنها من وصفوا محمداً بأنه شاعر كذاب مع عجزهم أن يأتوا بسورة واحدة مما جاء به وعجزهم عن خلق السموات والأرض وعن خلق أنفسهم فليذَرْهُم محمد حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون وليصبر فإنه بأعيننا وليسبِّح بحمد ربه بكرة وعشياً.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة النجم يقسم فيها الله بالنجم إذا هوى أن محمداً لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وأنه قد رأى جبريل قاب قوسين أو أدنى ورآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى في ليلة المعراج وما زاغ بصره وما طغى ولقد رأى من آيات ربه الكبرى. أما أصنامكم فليست سوى أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم وقصارى آمالكم في هذه الدنيا لأنها مبلغكم من العلم وعقولكم قاصرة عن إدراك حقيقة الآخرة التي فيها الجزاء وبدونه تكون الحياة عبثاً وقد جاء في صحف موسى وإبراهيم ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن إلى ربك المنتهى وأن عليه النشأة الأخرى وهذا نذير من النذر الأولى فقد أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة القمر فتقرر أن الساعة قد اقتربت لكن المكذبين يقولون إنها سحر مستمر وأن ما جاء به الأنبياء كذب وزور مع أن في الأنباء ما فيه مزدجر فتولّ عنهم يا محمد فسيخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم جراد منتشر خضعاً أبصارهم يقولون هذا يوم عسر. وقد كذبت قبلهم قوم نوح فدعا ربه ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيوناً وحملناه على ذات ألواح ودسر وتركنها آية. وكذبت عاد فأرسلنا عليها ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر وكذبت ثمود وعقروا الناقة فأرسلنا عليهم صيحة فكانوا كهشيم المحتظر وكذب قوم لوط فصبّحهم بكرة عذاب مستقر وكذب فرعون فأخذناه أخذ عزيز مقتدر أكفاركم خير من أولئكم؟ إن الساعة آتية وهي أدهى وأمرّ وكل صغير وكبير مستطر والمتقون في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الرحمن تبدأ بأفضل نعمة على الإنسان وهي تعليمه القرآن وتعليمه البيان وجريان الشمس والقمر بحسبان ورفع السماء ووضع الميزان وتسخير الأرض لكل بني الإنسان فيها فاكهة ونخل وحبّ ورمان. ومن نعمه أنه مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ومن نعمه فناء الإنسان فلو بقي إلى أرذل العمر لديست كرامته. وحفظ السماء من الشيطان من نعم الرحمن. ثم لمن خاف مقام ربه جنتان فيهما عينان تجريان ومن كل فاكهة زوجان وجنى الجنتين دان فيهن قاصرات الطرف كأنهن الياقوت والمرجان فهذا جزاء الإحسان. أما أهل اليمين فلهم أيضاً جنتان فيهما عينان نضاختان وفيهن خيرات حسان وفاكهة ونخل ورمان وحور مقصورات في الخيام متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان فتبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الواقعة ويومها ترفع وتخفض وينقسم الناس إلى سابقين وأصحاب يمين وأصحاب شمال فالسابقون ثلة من الأولين وقليل من الآخرين مسكنهم جنة النعيم لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً وأصحاب اليمين في سدر منضود وطلح مخضود وظل ممدود وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة أما أصحاب الشمال فهم في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم فقد كانوا قبل ذلك مترفين منكرين للبعث مع إقرارهم بالخلق وعجزهم عن دفع الموت وهم يرون وهم يحرثون ولكنهم لا يزرعون وإذا خرج الزرع فلا يأمنون عليه من الكوارث وهم يشربون الماء ولكنهم لا يستطيعون التحكم في نزوله من السماء عذباً زلالاً وهم يستدفئون بالشمس ولا يتحكمون في مصدرها. إن القرآن الكريم الذي أنبأهم بالبعث وذكّرهم بالنعمة لهو كتاب كريم لا يمسه إلا المطهّرون تنزيل من رب العالمين. وسيرون مصيرهم حين تُنزع أرواحهم فإما أن يكونوا من السابقين وإما من اصحاب اليمين وإما من المكذبين الصالين وهؤلاء لهم نزل من حميم إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الحديد فيها تسبيح للأول والآخر الخالق العليم وإرشاد للإيمان والإنفاق وعتاب على عدم الإيمان مع دعوة الرسول البشير ومعه ما يخرجهم من الظلمات إلى النور وعتاب على عدم الإنفاق في سبيل الله مع أن الله سيرث الأرض وسيرث ما يتركه الإنسان وقد طلب إقراضه به وهو ملكه وسيندم المنافقون البخلاء والمفتونون فما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته. على المؤمنين أن يتسابقوا إلى جنة عرضها كعرض السماء والأرض وأن يحققوا العدل الذي جاءت به كل الرسل وجاءت بها كل الكتب وأنزل الله من أجل هذا العدل الحديد ليعلم الله من ينصره بهذا الحديد ومن ينصر رسله بالغيب إن الله قوي عزيز. ولقد أرسل نوحاً وإبراهيم وقفّى من بعده بالرسل وجاء من بعدهم موسى وعيسى وآتى الله عيسى الإنجيل وجعل في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون فيا أيها المؤمنون آمنوا بالله ورسوله واتقوا الله يجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم. رزقنا الله حسن الإيمان واليقين.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 28 – الجزء 28[/FONT]
[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=Q1dE--SmyUs&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=28[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الثامن والعشرون من كتاب الله عز وجل بسورة المجادلة وتبدأ السورة بسماع الله لشكوى مجادِلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضية الظِهار التي تقصم عرى الزوجية بمجرد قول الزوج لزوجته أنت حرامٌ عليّ كظهر أمي وحكم الله على ذلك التصرف بأنه زور ومنكر فليست الزوجة أماً لزوجها وشرع لذلك كفارة بتحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع الصيام فإطعام ستين مسكيناً وجعل ذلك حداً من حدود الله من يتعداه له عذاب أليم لافتاً نظر الجميع إلى أن الله مع كل إنسان مهما كان في أي مكان وسينبئ الله عز وجل كل إنسان بما عمل يوم القيامة وعلى ذلك فلا يظنّ المتآمرون الذين يتناجون بالإثم والعدوان أن الله لا يعلم سرّهم ونجواهم حين يتولون أعداء الإسلام من اليهود والمشركين ويحلفون كاذبين أنهم مع المسلمين فسيظهر تآمرهم لا محالة وسيغلبون وما دفعهم إلى ذلك إلا كفرهم بالله وباليوم الآخر وسيسلط الله عليهم جنوده المؤمنين الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان نصرهم بوعده سبحانه حين قال: كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي إن الله قوي عزيز.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الحشر تبدأ بتسبيح الله عز وجل الذي أخرج يهود بني النضير من ديارهم لأول الحشر بعد أن ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله وبعد أن ظن المؤمنين أنهم لن يخرجوا فقذف الله في قلوبهم الرعب يخبرون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وأفاء الله على المؤمنين منهم بما تكفّل به وبتوزيعه على رسوله وعلى ذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل حتى لا يستأثر الأغنياء بالثروة وحتى لا يكون المال دولة بين الأغنياء فقط. فالفقراء المهاجرون الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم طالبين فضل الله ونصرة نبيه أولى بهذا الفيء وهم الصادقون المخلصون وأما الأنصار فهم الذين ضربوا المثال في الإيثار والكرم وهم المفلحون. ثم من جاء بعدهم ممن قدّر جهدهم واستغفر لهم فهم تابعون لهم أما المافقون فهم الذين مآلأوا اليهود وناصروهم وسيولون الأدبار حين يلتقون بالمؤمنين ولن يجتمعوا مع اليهود مطلقاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ولنعلم أن بأسهم شديد بينهم وقلوبهم شتى كمثل إخوانهم في بني قينقاع وكمثل الشيطان الذي قال للإنسان اكفُر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله. فليتزم أهل الحق بالتقوى والعمل للمستقبل مستضيئين بالقرآن الذي لو نزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله فهو القدوس الملك السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الممتحنة تنهى عن تولي المؤمنين لأعداء الله، فالله يعلم السرّ وأخفى وهم يودون الكفر لمن آمن بالله ورسله ولمن يقتدي بإبراهيم الذي تبرأ من الكفر وعاداه وكان هذا عتاباً شديداً من رب العزة لسيدنا حاطب بن أبي بلتعة الذي أرسل إلى قريش بعزم رسول الله على غزوهم وكشف الوحي ما فعل مبيناً أن كتمان الخبر من شأنه منع سفك الدماء وأن سياسة الإسلام هي مسالمة المسالم وعدم تولي الظالم وإعطاء الحق لصاحبه ولو كان على غير العقيدة حتى إذا أسلمت بعض زوجات المشركين فعلى المسلمين أن يردوا على أزواجهم ما أنفقوه ولو كفرت بعض زوجات المؤمنين فكذلك أيضاً مع ضرورة امتحان هؤلاء المؤمنات الجدد حتى نمنع تسلل الجواسيس إلى الأمة وعلى كل مؤمنة أن تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على التوحيد وتجنب السرقة والزنى والكذب والمعصية وعدم تولي أعداء الأمة.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الصف تبدأ بتسبيح لله عز وجل يتبعه عتاب لمن يقول ما لا يفعل وحثٌ على وحدة الصف لمناصرة الحق الذي جاءت به كل الرسل ومنهم سيدنا عيسى الذي برسول الله محمد وسماه أحمد وفوجئ أحمد بتكذيبه والإصرار على إخفاء نور الله عز وجل والله يأبى ذلك كله ولو كره الكافرون بشرط واحد هو ممارسة التجارة مع الله عز وجل بالإيمان والجهاد وهي تجارة رابحة نهايتها الجنة والمساكن الطيبة وفي الدنيا النصر والفتح القريب لأنصار الله كما كان الحورايون مع عيسى ابن مريم فأصبحوا ظاهرين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الجمعة تبدأ بتسبيح وتذكير بمنّة الله على خلقة في بعثة محمد النبي الأمي الذي يتلو كتاب الله ويزكي أتباعه ويعلمهم الكتاب والحكمة وهذه هي البداية الصحيحة لمناهج التعليم في الأمة المسلمة سماع للقرآن وتزكية للقلوب وتعليمه قبل التخصص في سائر العلوم فهذا هو الفضل العظيم وإلا فالضلال المبين. ومع العلم لا بد من العمل بما جاء به الوحي وإلا كنا كالحمار يحمل أسفاراً كما فعل اليهود مع التوراة. ومن أهم الأعمال إقامة الصلاة واجتماع الأمة في صلاة الجمعة لذكر الله ثم الانطلاق بعد الصلاة إلى السعي للرزق الحلال ابتغاء فضل الله تاركين اللغو والتجارة والانشغال عن ذكر الله فهو خير الرازقين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة المنافقون تبدأ ببيان دأب المنافقين إظهار ما لا يبطنون وتأكيد كذبهم بالأيمان وبالمظهر الخادع والكلام المعسول والاستكبار عن الحق والتعالي عن الخضوع إلى الوحي والتآمر في التضييق على أهل الحق مالياً وأدبياً وهذا ما حدث منهم في حادثة بئر المريسيع حيث امتنوا على المهاجرين بإيوائهم وادّعوا لأنفسهم العزة بمواطنتهم وأما المؤمنون فليس لهم إلا أن يديموا ذكر الله وينفقوا مما رزقهم الله قبل أن يفاجئهم الأجل.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة التغابن تبدأ بتسبيح الله فله الملك والحمد والخلق والقدرة والعلم ويأتي التحذير من بطشه سبحانه بمن يقف أمام دعوته فقد زعم الهالكون أن لن يبعثوا فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم. على أهل الحق إذن أن يؤمنوا بالله ورسوله وكتابه فهو النور الذي أنزله الله ليخرجهم من الظلمات وعليهم الإيمان باليوم الآخر الذي يتّسم بالتغابن وادّعاء كلٍّ ظلم الآخر وهناك سيُنصب الميزان ليميز الله بين الظالم والمظلوم والمؤمن والكافر. على المؤمنين طاعة الله ورسوله فما على رسوله إلا البلاغ المبين وأن يحذروا الميل إلى عاطفة الزوجية أو البنوة بالإنحراف إلى الظلم فالأموال والأولاد فتنة والسمع والطاعة وإنفاق المال لمن يستحقه حكمة وفلاح والله يضاعف للمؤمنين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الطلاق تأمر بالإحسان إلى المطلقات وعدم احتباسهن ومراجعة أخطائهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً وعلى كلٍّ إما إمساك بمعروف أو فراق بمعروف مع استحضار تقوى الله عز وجل واستيفاء العدّة والإنفاق عليهن أثناء هذه العدة ورعاية الحمل والإحسان للمرضعات منهم فالرضاعة حق ثابت ومؤكد للأطفال بصرف النظر عن خلاف الأبوين وليكن الإنفاق بحسب الاستطاعة وليخشَ الجميع حدود الله فالله على كل شيء قدير وقد أحاط بكل شيء علماً.[/FONT]
[FONT=&quot]ويختتم الجزء بسورة التحريم وسورة التحريم فيها عتاب لرسول الله لمبالغته في إرضاء زوجاته مع إفشاء أسراره منهن وتهديد لهنّ بأن يزوجه الله خيراً منهن وأمرٌ بحفظ النفس والأهل من نار وقودها الناس والحجارة وحثٌّ على التوبة النصوح وجهاد الكفار والمنافقين وضرب للمثل بنساء صالحات لجميع المؤمنين ومنهن امرأة فرعون ومريم ومثلٌ آخر لمن كفر بزوجتي لوط ونوح فإن الله عز وجل لا يجزي أحداً بفعل أحد وقانا الله سوء المصير. [/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 29 – الجزء 29[/FONT]
[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=0WNNJ5mcjPs&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=29[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء التاسع والعشرون من كتاب الله عز وجل بسورة الملك التي تبدأ بتمجيد من بيده المُلك خالق الموت والحياة لمعرفة من أحسن العمل من عباده بعد أن أحكم الخلق وزيّن السماء الأولى بالكواكب وجعلها رجوماً للشياطين وأعدّ للكافرين ناراً تشهق وتفور غيظاً على من كذّب بآيات ربه ولم يستعمل عقله وسمعه فيما يراه من أرض ذلول وطير صافّات وما يتوقعه من خسف الأرض أو قصف الرياح أو منع المطر وكل ذلك بأمر الله وحده وإليه المرجع والمحشر في يوم تسوء فيه وجوه الكفرة وهم يرون ما استبعدوه أمام أعينهم ولا منقذ لهم ولا شفيع. [/FONT]
[FONT=&quot]بهذا تنتهي سورة الملك لتبدأ سورة القلم وفيها قَسَمٌ بالقلم وما يسطرون بأن محمداً ليس بمجنون وبأنه على خلق عظيم وأن المستقبل له ولدينه وستفشل محاولات المكذبين الآثمين البخلاء بأموالهم عن المحتاجين كأصحاب الجنة حين أقسموا على حصاد زرعهم في الصباح الباكر قبل أن يستيقظ المساكين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبت كالصريم ولعذاب الآخرة أكبر فعدل الله يابى أن يتساوى المسلم والمجرم ولو كان المسلم زعيماً أو ثرياً سنستدرج المجرم ونملي له حتى ينفذ فيه كيد الله وعلى هذا النبي العظيم محمد أن يصبر وأن يستمر في دعوته ولا يستعجل لهم كما استعجل سيدنا يونس فما أوتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذِكرٌ للعالمين.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الحاقة من كذّب بها تعرّض لعقاب الله كعادٍ بريح صرصر عاتية ولعقاب ثمود بالطاغية ولعقاب فرعون ومن قبله بالأخذة الرابية ذلك أنها آتية لا ريب بها بنفخة واحدة تدكّ بها الأرض والجبال وتنشق بها السماء ويُعرض العباد فمن أوتيه كتابه بيمينه فهو في عيشة راضية في جنة عالية جزاء ما قدّم في الأيام الخالية وأما من أوتي كتابه بشماله فلن ينفعه ماله ولا سلطانه وسيسلك في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً ويلقى به في جهنم إذ لم يكن يؤمن بالله ولا يحض على طعام المسكين إنها لحقيقة نطق بها رسول كريم ليس بشاعر ولا بكاهن فيها تذكرة للمتقين وحسرة على الكافرين وإن هذا القرآن لحقّ اليقين فسبح باسم ربك العظيم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة المعارج لتقرر أنه لا داعي لاستعجال العذاب فللكفرة عذاب واقع بهم لا محالة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وهو قريب وإن رآه الناس بعيداً ويومها لا يسأل صديق صديقه لمساعدة فالجميع يقول ويردد نفسي نفسي، يضحي الأب ببنيه وبزوجته وأخيه ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه وليهرب من تلك اللظى التي تحاصرهو تنزع أعضاءه وتحرق جوارحه وما على الإنسان إلا أن يهذِّب طباعه فقد جُبِل على الهلع وعلى الجزع وعلى البخل ولن يهذِّب كل ذلك إلا الديمومة على الصلاة وأداء الحق المعلوم للسائل والمحروم والخوف من عذاب الرقيب الشهيد والحفظ للفروج وأداء الأمانات والقيام بالشهادة بصدق والمحافظة على الصلاة فمن فعل ذلك أصحاب الجنة المكرمين بعيداً عن من يخوض ويلعب بآيات الله فهؤلاء سترهقهم ذلة وتخشع لها أبصارهم ورقابهم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة نوح وفيها حوار حكيم بين نوح وقومه لعلهم يدركون الحقيقة قبل أن يأتي أجلُ الله الذي لا يؤخّر، ويأخذ الحوار صفة الدوام بالليل والنهار وفي السر والعلن مذكّراً لهم بأثر الإيمان في الرخاء بشكر النعمة فما كان منهم إلا أن استغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً وعكفوا على أصنامهم ودّ وسواع ويغوث ويعوق فأُغرقوا وأدخلوا ناراً بدعوة نوح عليه السلام حين قال لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الجن وهؤلاء لديهم فهم وإدراك واستجابة واستيعاب لأهداف القرآن وبمجرد سماعهم من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها تصريح بما كان منهم من تعاون على الإثم مع شياطين الإنس في استراق السمع وقد تغير الوضع في السماء ببعثة خاتم الأنبياء وصرّحوا بإدراكهم أن الإيمان بالله يمنح المرء أمناً ورشداً ورخا وأن الكفر يسلكه عذاباً صعداً وأن محمداً يدعو إلى توحيد ربه وإفراد المساجد لعبادته وحده ومن يعصه له نار جهنم وتسليمهم لله في موعد الحساب فهو لا يُظهِر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول وقد أحصى كل شيء عدداً.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة المزمل لتهيئ داعية الإسلام الأول لينجح في دعوته بقيام الليل وتلاوة القرآن فهما العون على حمل العبء الثقيل مع التبتّل والصبر والإعراض عمن كذّب فهؤلاء لهم طعام ذو غصّة يوم ترجف الأرض والجبال ولهم وعيد بالعقاب الدنيوي أيضاً كما حدث لفرعون حين عصى موسى وقد نفّذ محمد وصية ربه فشهد له بذلك وخفف عنه وعن أمته بقبول ما تيسر لهم من القرآن حيث يعلم انشغالهم بالجهاد تارة وبالسعي على الرزق تارة وبالمرض أحياناً شريطة المحافظة على الصلاة والزكاة وفعل الخير والاستغفار من الذنوب.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة المدثر بتكليف نبينا بالدعوة إلى الله والإنذار بعد الحصول على الزاد من قيام الليل وترتيل القرآن وهجر المنكرات والصبر عل الأذى معرضاً عمن أغناه الله فأكبر واستكبر وقال عن القرآن إنه قول البشر وسحر يؤثر وسيصلى سقر وعليها تسعة عشر ملكاً حدد الله عددهم ليستهين به المشركون ويزداد المؤمنون إيماناً بكثرة جنود الله ما هي إلا ذكرى للبشر. إن من جعل الليل يدبر والصبح يُسفر سيمحق ظلمات الكفر وينشر نور الإسلام وسيسكن المجرمون في سقر معترفين بأنهم لم يكونوا من المصلّين ولم يطعموا المسكين وكذبوا بيوم الدين وخاضوا مع الخائضين مما لا ينفعهم شفاعة الشافعين إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة القيامة يتساءل الناس عنها وينسون الحيرة حين تأتي فإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر يومئذ يعلم الإنسان ما قدّم وأخّر. أولى بهذا السائل أن يعمل لهذا اليوم وأن لا تغره العاجلة حتى يكون يومها من الوجوه الناضرة مستحضراً وقت الفراق والتفاف الساق بالساق إلى ربك يومئد لمساق شاكراً لمن حوّله من نطفة إلى إنسان سويّ عاقل.[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الإنسان فتذكر بأصله وما صار إليه وما أُعدّ له في الآخرة فإن كان كافراً فله السلاسل والأغلال والسعير وإن كان باراً مؤمناً موفياً بالنذر خائفاً من يوم الحشر مُطعِماً للمساكين واليتامى والأسارى لوجه الله وحده فله جنة ينعم فيها بالظل وبالحرير وبالفضة والقوارير وبماء السلسبيل وبالنضرة والسرور وبالخدم الحسان كاللؤلؤ المنثور وبالسندس والشراب الطهور هذا هو الإنسان وما عليك يا محمد إلا أن تبلّغه القرآن وتعمل بما فيها فتسجد وتسبح وتصبر لحكم ربك وتعرض عمن يريد الدنيا وما أنت إلا مذكِّر.[/FONT]
[FONT=&quot]ويختتم الجزء بسورة المرسلات وفيها قسم بجنود الله المرسلة الناشرة والفارقة على أن هؤلاء الكفرة سيقع بهم عذاب واقع يوم تنطمس النجوم وتنفرج السماء وتنسف الجبال ويُفصل بين العباد من القادر الجبار الذي أهلك المجرمين وخلق البشر من ماء مهين وجعل الأرض كفاتاً أحياء وأمواتاً سيؤمرون فيها بالانطلاق إلى نار ذات لهب ترمي بشرر كالقصر كأنه مجموعة من الجمال الصفر ويومها لا ينطقون أما المتقون ففي ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون فبأي حديث بعد ذلك يؤمنون؟! وقانا الله شر المصير.[/FONT]
 
[FONT=&quot]برنامج خواطر قرآنية[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد المختار المهدي[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434هـ[/FONT]
[FONT=&quot]الحلقة 30 – الجزء 30[/FONT]
[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=9e88U9j_oiY&list=PLAM1iAjklGYMWE8abFodMAase6Fce4uZ5&index=30[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ الجزء الأخير من القرآن الكريم بسورة النبأ وفيها تفنيد لحجج من يستبعدون البعث أيعجز عنه من جعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً وجعل النوم سباتاً والليل لباساً والنهار معاشاً وأنزل من السحب ماء ثجاجاً ليخرج به حباً ونباتاً، ما اسهل الإعادة على من خلق أولاً وستكون جهنم للمكذّب بهذا اليوم وللطاغين مآباً يذوقون فيها حميماً وغساقاً فقد كانوا لا يرجون حساباً أما المتقون فسيمنحهم الله حدائق وأعناباً وكواعب أتراباً جزاء من ربك عطاء حساباً يوم ينظر ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة النازعات تقسم بالملائكة الموكلين بقبض أرواح المؤمنين بيسر وسهولة وبنزع أرواح الكافرين بمشقة وصعوبة أن ما يراه الكفرة من عودة العظام النخرة إلى الحياة محض سَفَه وهراء فما حدث لفرعون بعد أن حشر جنوده وادعى ألوهيته فأخذه الله نكال الآخرة والأولى دليل على طلاقة قدرة الله عز وجل ورفع السماء بلا عمد ودحو الأرض وإرساء الجبال تثبياً له أدلة أخرى وساعتها سيتذكر الإنسان ما سعى وسيرى الطامة الكبرى ويشهد بنفسه من طغى وفضّل الحياة الدنيا وهو يهوي في جهنم وسيرى من نهى نفسه عن الهوى وهو يتنعم في الجنة فلا فائدة إذن من السؤال عن موعد هذه القيامة كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة عبس فيها حرص من رسول الله على هداية الأغنياء فبهدايتهم سيتبعهم الضعفاء وقد عاتب الله عز وجل نبيه على هذا الحرص حين ترك سيدنا عبد اله بن أم مكتوم وهو أعمى لا يرى من مع رسول الله وانصرف عنه إليهم مع أنه عند الله أفضل منهم فما أنت يا محمد إلا مذكّر لهذا الإنسان بأصله وبخلقته من نطفة ونهايته في حفرة ومن هذه الحفرة يخرج للحساب ممن خلقه ورعاه وأطعمه وسقاه مَنْ شقّ الأرض وصب الماء وأنبت الحب متاعاً له ولأنعامه فإذا جاءت الصاخة فرّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وتحولت الوجوه إلى مسفرة ضاحكة مستبشرة أو إلى وجوه عليها غبرة ترهقها قترة وأولئك هم الكفرة الفجرة. [/FONT]
[FONT=&quot]وسورة التكوير تتحدث عن مظاهر الفزع عند صدور الأمر بالحشر فالشمس تكوّر والنجوم تنكدر والجبال تسير والبحار تلتهب والصحف تنتشر والجحيم تسعّر والجنة تقترب وحين ذاك تعلم كل نفس ما أحضرت، هناك يعلم الجميع صدق ما بلّغه جبريل الأمين إلى الصادق الأمين محمد حين رآه بالأفق المبين وتلقى منه الذكر للعالمين.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الانفطار تتحدث عن معرفة كل نفس ما قدمت وأخرت يوم تنفطر السماء وتبعثر القبور وتنفجر البحار وسيعلم مدى تقصيره في حق من صوّرها وستقرأ كل نفس ما كتبه الحفظة وساعتها لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله. [/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة المطففين فتتحدث عن من يظن أن الشيء الضعيف الطفيف الذي اختلسه البائع أو المشتري أنه لن يحاسَب عليه وأن الله عز وجل سيتركه وهو واهم في ذلك وفاجر ومكذّب بيوم الدين وسيصل الجحيم أما الأبرار الشرفاء ففينعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوهم نضرة النعيم وسيسخرون من المجرمين الذين كانوا منهم يضحكون في الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الانشقاق تبين للمرء أنه كان يعيش في دنياه كادحاً مكابداً مسارعاً إلى أجله ليلقى ربه يوم تنشق السماء فإن كان من أهل اليمين حوسب حساباً يسيراً وإلا فسيصلى سعيراً لأنه ظن أنه لن يُبعث وكان ربه به بصيراً.[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة البروج ففيها بيان لحقد الكفرة على من آمن وبيان لإجرامهم في تعذيبه والتمتع بمشاهدة النار وهي تحرق بدنه ولن يترك الله عقابهم بنفس الوسيلة فلهم عذاب الحريق وبطش ربك شديد وقد بطش بفرعون وثمود والله من ورائهم محيط.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة الطارق تقسم بالنجم الثاقب أن كل نفس عليها حافظ وتذكّر الإنسان بأن من خلقه من ماء دافق قادر على رجعه يوم تبلى السرائر وهذا قول فصل ومهما كاد الكافرون للإسلام فكيد الله أعظم.[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الأعلى فتأمر بتسبيح الملك الأعلى من خلق فسوّى ومن قدّر فهدى ويسّر نبيه لليسرى وأمر بتذكير من يخشى ولم يؤثر الحياة الدنيا والآخرة خير وابقى وهذا ثابت في الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الغاشية تذكر بأحوال الناس يوم القيامة فوجوه خاشعة ذليلة تصلى ناراً حامية ووجوه ناعمة في جنة عالية وتذكير بمن رفع السماء ونصب الجبال وسطح الأرض وإليه المرجع والحساب.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الفجر تقسم بالفجر وعشر ذي الحجة وصلاة الليل والوتر وفي ذلك تعظيم لتلك الأوقات أن الله بالمرصاد لمن كذّب بىياته كعاد وثمود وفرعون الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم ربك سوط عذاب وأن المرء إذا أحسن الله إليه شكر وإذا ضيق عليه رزقه يقول رب أهانن مع أنه لم يُكرم اليتيم ولم يحض على طعام المسكين فكيف يوسع الله رزقه وهو يبخل على هؤلاء المساكين فيندم حين يقف أمام ربه ويقول يا ليتني قدمت لحياتي أما النفس المطمئنة فسترجع إلى ربها راضية مرضية.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة البلد تقسم بمكة وبمحمد وبآدم وبمن ولد أن الإنسان قد خُلق في كبد ومع ذلك يظن أن لن يقدر عليه أحد وينسى نعمة الله عليه في عينيه وشفتيه ولا يفك كربة مكروب أو يُطعم يتيماً ذا مقربة فعليه أن يؤمن ويتوب ويتواصى بالحق وبالصبر وبالمرحمة ليكون من أصحاب الميمنة.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الشمس تنبه أن النفس البشرية تحتاج إلى دوام التزكية فهي ميّالة للطغيان ولذلك يقسم الله بالشمس وضحاها وبالقمر وما تلاها وبالنفس وما سواها بأنه قد أفلح من زكّاها وقد خاب من تركها على هواها كمن عقر ناقة صالح فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الليل فيها عدل الله عز وجل واضح فمن أعطى واتقى يسره الله لليسرى ومن بخل واستغنى يسره الله للعسرى بهذا يقسم المولى بالليل إذا يغشى وبالنهار إذا تجلي فما عليه إلا الهدى ويتحمل المرء نتيجة ما يختاره بعد أن بيّن الله له عاقبة أفعاله.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الضحى تذكّر برعاية الله لنبيه محمد ووعده له بأن تكون آخرته خيراً من أولاه وأنه سيعطيه حتى يرضى ويقسم على ذلك بالضحى والليل إذا سجى ويذكّره بإكرام اليتيم والعطف على السائل والتحدث بنعمة الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الشرح تذكّر بشرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر لنبينا محمد وتيسير الأمر له[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة التين فيها قسم برسالة عيسى في بلد التين والزيتون وبرسالة موسى في جبل الطور وبرسالة محمد في البلد الأمين بأن الله قد خلق الإنسان في أحسن تقويم وهو الذي بفعله يرتد إلى أسفل سافلين فإن آمن فله أجر غير ممنون. [/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة العلق وهي أول ما نزل من الوحي توجه إلى القرآءة لكل ما ينفع باسم الخالق الأكرم الذي يعلم بالقلم وتطمن نبيه بأن الله سينتقم ممن طغى وكذب واستغنى وبأنه إن لم ينتهِ ليسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي سورة القدر تشيد بليلة نزل فيها كتاب الله عز وجل فهي خير من ألف شهر وتنزل الملائكة والروح فيها من كل أمر هي سلام حتى مطلع الفجر.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة البينة تبين أن البينة هو محمد صلى الله عليه وسلم حين يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة يدعو لدين القيمة والعبادة المخلصة فمن كفر به فهو شر البرية ومن آمن به فقد رضي الله عنه وهو خير البرية.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الزلزلة تحدّث أنه لن تزلزل الأرض وتخرج ما فيها من الأجداث إلا بأمر الله وحده ليرى الناس أعمالهم.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة العاديات تقسم بالخيل المغيرة على عدوها صباحاً بأن الإنسان جحود لنعمة ربه شديد الحب للمال غافل عن الحساب إذا بُعثر ما في القبور.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة القارعة تحدث بأن يومها يتميز فيه من ثقلت موازينه بأنه في عيشة راضية ومن خفّت موازينه فأمه نار حامية.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة التكاثر تنبه إلى أنه يلهي عن النظر في العواقب ولا بد من السؤال عن النعيم.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة العصر تنبيء أن الناس جميعاً في خسر إلا من تواصى بالحق والصبر[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الهمزة تبين أن المال لن يخلّد أحداً وسينبذ صاحبه في الحطمة وهي نار الله الموقدة.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الفيل تنبه إلى العبرة بما حدث لأبرهة حين أراد هدم الكعبة فأرسل الله عليه طيراً أبابيل ولا بد أن تظل هذه العبرة ماثلة لمن تحدثه نفسه بالعدوان على المقدسات.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة قريش تذكر بفضل الله عليهم أن أطعهم من جوع وآمنهم من خوف وجعلهم يألفون رحلة الشتاء والصيف [/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الماعون تحدث بأن ترك الصلاة يدعو إلى الرياء ومنع المعونة عن الناس وقهر اليتامى وحرمان المساكين وفي كل ذلك تكذيب بعقاب رب العالمين[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الكوثر تنبئ بالخير الكثير ونهر الكوثر لرسول الله وجعل من يبغضه هو الأبتر فعليه أن يصلي وينحر ولا يخشى من كفر[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الكافرون براءة ممن يعبدون ومسالمة لهم ما داموا مسالمين.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة النصر تبشّر بدخول الناس في دين الله أفواجاً.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة المسد تظل مثلاً لأبي لهب وامرأته حمّالة الحطب وتجعلهما مضرب المثل بوعيدهما في النار.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الإخلاص تحدد توحيد الله ولجوء الناس إليه.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الفلق تنبّئ أن لا مغيث من شر ما خلق إلا من رب الفلق.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الناس لا يقدر على الوسواس إلا رب الناس ملك الناس إله الناس، نعوذ بالله من شر الوسواس ومن شر ما خلق.[/FONT]
 
عودة
أعلى