بذكر الله تطمئن القلوب

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
قال الله I : ] أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوْبُ [ ؛ تقديم المفعول يدلُّ على أنَّها لا تطمئِنُّ إلا بذكره ، فنفس ذكر الله يوجب الطمأنينة ؛ لأنَّه هو المعبود لذاته ، والخير كلُّه منه ؛ والطمأنينة سكون القلب ، وعدم اضطرابه وقلقه ؛ وافتتحت الجملة بـ ] أَلَا [ وهو حرف تنبيه ، اهتمامًا بمضمونها ، وإغراءً بفهم معناها .
وفي ذكر الله ها هنا قولان : أحدهما : أنه ذكر العبد ربه ، فإنه يطمئن إليه قلبه ويسكن ؛ فإذا اضطرب القلب وقلق فليس له ما يطمئن به سوى ذكر الله ؛ والقول الثاني : أن ذكر الله ها هنا القرآن ، وهو ذكره الذي أنزله على رسوله ، به طمأنينة قلوب المؤمنين ؛ فإن القلب لا يطمئن إلا بالإيمان واليقين ، ولا سبيل إلى حصول الإيمان واليقين إلا من القرآن ؛ فإن سكون القلب وطمأنينته من يقينه ، واضطرابه وقلقه من شكه ، والقرآن هو الْمُحصِّل لليقين ، الدافع للشكوك والظنون والأوهام ، فلا تطمئن قلوب المؤمنين إلا به ؛ قال ابن القيم - رحمه الله : وهذا القول هو المختار [SUP][1] [/SUP]؛ وقال في موضع آخر : فالطمأنينة إلى الله سبحانه ، حقيقةً تَرِدُ منه سبحانه على قلب عبده ، تجمعه عليه ، وتردُّ قلبه الشارد إليه ، حتى كأنه جالس بين يديه ، يسمع به ، ويبصر به ، ويتحرك به ، ويبطش به ؛ فتسرى تلك الطمأنينة في نفسه وقلبه ومفاصله وقواه الظاهرة والباطنة ، تجذب روحه إلى الله ، ويلين جلده وقلبه ومفاصله إلى خدمته ، والتقرب إليه ، ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلا بالله وبذكره ، وهو كلامه الذي أنزله على رسوله ؛ كما قال تعالى : ] الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [ ؛ فإن طمأنينة القلب سكونه واستقراره ، بزوال القلق والانزعاج والاضطراب عنه ، وهذا لا يتأتى بشيء سوى الله تعالى وذكره البتة ، وأما ما عداه فالطمأنينة إليه غرور ، والثقة به عجز ؛ قضى الله سبحانه وتعالى قضاء لا مرد له ، أن من اطمأن إلى شيء سواه أتاه القلق[SUP] [2] [/SUP].
ولا شك أن كلام الله ( القرآن ) هو أفضل الذكر ، وأفضل ما يُستدعى به طمأنينة القلب .
[1] - مدارج السالكين : 2 / 514 .
[2] - الروح ، ص 220 .
 
عودة
أعلى