بلحسن زين العابدين
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
أما بعد,
هذا بحث موجز عن غريب كلمات سورة المسد المكية, قمت فيه بموازنة بين ثلاثة كتب في علم غريب القرآن, بُغية الاطلاع على مدى نسبية الغريب في هاته السورة عند كل مصنف, الكتاب الأول تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي, الكتاب الثاني: التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم, الكتاب الثالث: غريب القرآن للسجستاني. اعتمدتها كلها من المكتبة الشاملة الموافقة للمطبوع. وبالله أستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب الأول: تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي
اعتبر ابن الجوزي أنَّ الغريب في سورة المسد هو في قوله تعالى﴿ـ تَبَّتْ﴾,﴿ـ وَمَا كَسَب﴾,﴿جِيدِهَا ﴾
قال المصنف رحمه الله تعالى:
سورة تبت المسد
1 - كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا قريشا ليلة فأقبلوا إليه فقال إني لكم نذير فقال أبو لهب تبا لك ألهذا دعوتنا فنزلت ومعنى ﴿ـ تَبَّتْ﴾ خسرت
2 - والمعني بــ﴿مَا كَسَبَ﴾ولده وامرأته أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان كانت تمشي بالنميمة فشبهت النميمة بالحطب لأنها توقع العداوة فتلتهت التهاب النار بالحطب
5 - والجيد العتق قال ابن قتيبة والمسد كل ما ضفر وقتل من ليف وغيره والمراد بالحبل سلسلة في جهنم تعذب بها ( )
الكتاب الثاني: التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم
اعتبر ابن الهائم أن الغريب في سورة المسد هو في قوله تعالى ﴿ـ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبّ﴾, ﴿ـ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ , ﴿حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾.
قال ابن الهائم رحمه الله تعالى:
- سورة أبي لهب
1- ﴿ـ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ : أي خسرت يداه وخسر.
2- ﴿ـ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ : امرأة أبي لهب كانت تمشي بالنّمائم. وحمل الحطب كناية عن النّمائم لأنها توقع بين الناس الشّرّ وتشعل بينهم النّيران كالحطب الذي يدلى به في النار «2» . ويقال إنها كانت موسرة وكانت لفرط بخلها تحمل الحطب على ظهرها فنعى الله- عز وجل- عليها هذا القبح من فعلها. ويقال: إنها كانت تقطع الشّوك فتطرحه في طريق رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه لتؤذيهم بذلك. والحطب يعنى به الشّوك في هذا الجواب والله أعلم بالصّواب.
3- ﴿ـ حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ قيل إنه السّلسلة التي ذكرها الله في «الحاقة» «3» تدخل من فمها وتخرج من دبرها ويلوى سائرها على جسدها. وقيل: المسد: ليف المقل «4» وقيل: حبال من ضروب من أوبار الإبل. وقيل: الحبل المحكم فتلا من أي شيء كان، تقول: مسدت الحبل إذا أحكمت فتله. ويقال: امرأة ممسودة إذا كانت ملتفّة الخلق، ليس في خلقها اضطراب.( )
الكتاب الثالث: غريب القرآن للسجستاني
أما الإمام السجستاني رحمه الله فقد عدَّ آية واحدة غريبة من سورة المسد وهي قوله تعالى ﴿ـ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾. وفيها لفظين: تَبَّتْ و تَبَّ
قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب التاء, فصل التاء المفتوحة.
﴿ـ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾: خسرت يدا أبي لَهب، وَقد خسر هُوَ( )
وفي الختام نستخلص أنَّ تصنيف الغريب عند ابن الجوزي والسجستاني وابن الهائم نسبيٌّ, كلٌّ حسب اجتهاده وعلمه.
وقد أعدتُّ إحصائية لألفاظ الغريب الواردة في سورة المسد لدى كلٍّ منهم:
اتفق ابن الجوزي والسجستاني وابن الهائم على أنَّ لفظ تَبَّ من الغريب.
تفرد ابن الجوزي بعدِّ لفظ الجِيدِ من الغريب وبالتطرق إلى ذكر من هو المعني بقوله تعالى وَمَا كَسَبَ.
تفرد ابن الهائم بعدَّ ألفاظ ﴿ـ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ و ﴿حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ من الغريب.
ختاما, إنَّ الاستفادة الحقيقية للباحث وسط هذا التنوع في الطرح تكمن في اطلاعه على تفسيرٍ موسَّعٍ وشاملٍ لأغلب أركان السورة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
والله ولي التوفيق,,,
وقد نال هذا البحث الموجز استحسان الدكتور مساعد الطيار الذي كلفنا به في مادة مصادر البحث ومناهجه في الدراسات القرآنية في أكاديمية تفسير وعده بحثا متميزا.