بحث مصغر حول كيفية الجمع بين النسيان والعصيان لآدم عليه السلام

إنضم
25/04/2010
المشاركات
122
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
الطائف

هل نسي آدم (عليه السلام ) أم عصى ؟
1. قال الله تعالى : (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ) طه 115
2. وقال سبحانه : (وعصى آدم ربه فغوى ) 'طه 121
الإشكال : هل كان أكل آدم من الشجرة نسيانا أم عصيانا، فالناسي ليس بعاص والعاصي لا يكون ناسيا ؟
الجواب من ستة أوجه :
الأول : أن النسيان هنا بمعنى الترك فآدم عليه السلام ما كان ساهيا حتى يقال كيف عوقب بسهوه . قال القرطبي في قوله تعالى (فنسي ) أي ترك الأمر والعهد، وهذا قول مجاهد وأكثر المفسرين"[1]. قال ابن عطية : لأنه لا يتعلق بالناسي عقاب " [2] .
وقال محمد بن أبي بكر الرازي: إن قيل إن الله تعالى أخبر أن آدم عليه السلام نسي عهد الله ووصيته وأكل من الشجرة , وإذا كان فعل ذلك ناسيا فكيف وصفه بالعصيان والغواية فعاقبه بأعظم أنواع العقوبة وهو الإخراج من الجنة ؟
قلنا : النسيان هنا بمعنى الترك كما في قوله( إنا نسيناكم)[3] وقوله( نسوا الله فنسيهم)[4] فمعناه أنه ترك عهد الله ووصيته ، وكيف يكون من النسيان الذي هو ضد الذكر وقد جرى بينه وبين إبليس من المجادلة والمناظرة في أكل الشجرة فصول كثيرة ؟! منها قوله( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ..)[5] الآية فكيف يبقى مع هذا نسيان "[6] .
ولا ينافي ذلك في عصمة الأنبياء لما ذكر من أن ذلك كان قبل البعثة ولم يكن كبيرة . والدليل على أنه لم يكن نبيا قوله تعالى ( وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) قال الطبرسي : (ثم اجتباه ) أي اصطفاه الله تعالى واختاره للرسالة "[7]
وقال في تنزيه الأنبياء : آدم عليه السلام لم يكن عند أكله من الشجرة نبيا والعصمة لا تشترط للنبي إلا بعد ثبوت النبوة له فمن الناس من ذكر الإجماع على أنه لم يكن نبيا عندما أكل من الشجرة ومنهم من اكتفى بظاهر قوله تعالى (ثم اجتباه ربه فتاب عليه) فعطف بثم التي تعطي المهلة ، ثم ذكر الاجتباء والهداية . والاجتباء هنا النبوة بدليل قوله تعالى في سورة مريم عليها السلام عندما عدد الأنبياء عليهم السلام ومناقبهم على التفصيل قال( وممن هدينا واجتبينا) يعني من النبيين أجمعهم ، وقال في قصة يونس عليه السلام بعد قصة الحوت( فاجتباه ربه) وهذا وجه من الوجوه يثبت أكله من الشجرة قبل نبوته لا بعدها "[8] .

الثاني : أنه فعله ناسيا لكنه عوتب على ترك التحفظ حتى وقع في النسيان .
قال الطبري:في تفسير قوله تعالي (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا ...) إن قال لنا قائل وهل يجوز أن يؤاخذ الله عز وجل عباده بما نسوا أو أخطئوا [9] فيسألوه أن لا يؤاخذهم بذلك قيل إن النسيان على وجهين : ـ
أحدهما : على وجه التضييع من العبد والتفريط .
والآخر : على وجه عجز الناسي عن حفظ ما استحفظ ووكل به وضعف عقله عن احتماله . فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط فهو ترك منه لما أمر بفعله فذلك الذي يرغب العبد إلى الله عز وجل في تركه مؤاخذته به وهو النسيان الذي عاقب الله عز وجل به آدم صلوات الله عليه فأخرجه من الجنة فقال في ذلك (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) "[10].
قال الزمخشري : يجوز أن يراد النسيان الذي هو نقيض الذكر وأنه لم يعن بالوصية العناية الصادقة ، ولم يستوثق منها بعقد القلب عليها وضبط النفس حتى تولد من ذلك النسيان .."[11]
قال البيضاوي .إنه فعله ناسيا لقوله سبحانه وتعالى ( فنسي ولم نجد له عزما) ولكنه عوتب بترك التحفظ عن أسباب النسيان. ولعله [ يعني النسيان] وإن حط عن الأمة لم يحط عن الأنبياء لعظم قدرهم "[12]
وقال القرطبي :يحتمل أن يكون آدم عليه السلام في ذلك الوقت مأخوذا بالنسيان ، وإن كان النسيان عنا اليوم مرفوعا "[13] .
ورجحه الآلوسي فقال : والأحوط نظرا إلى مقام آدم عليه السلام أن يقال : إن صدور ما ذكر منه كان قبل النبوة وكان سهوا أو عن تأويل ، إلا أنه عُظّم الأمر عليه وعَظُم لديه نظرا إلى علو شأنه ومزيد فضل الله تعالى عليه وإحسانه ، وقد شاع حسنات الأبرار سيئات المقربين .
ومما يدل على استعظام ذلك منه لعلو شأنه عليه السلام ما أخرجه البيهقي في شعب الأيمان[14] عن أبي عبد الله المغربي قال تفكر إبراهيم في شأن آدم عليهما السلام فقال يا رب خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك ثم بذنب واحد ملأت أفواه الناس من ذكر معصيته فأوحى الله تعالى إليه يا إبراهيم أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب شديدة [15] " [16] .

الثالث : أن النسيان على حقيقته لكنه نسي تحذير الله له من عداوة الشيطان "[17] ولا ينافي أنه قد أكل عامدا وعليه كان العتاب أو العقاب .

الرابع: يحتمل أن يكون الذي وقع من آدم نسيانا، فسمي ـ تفخيما لأمره ـ عصيانا"[18]

الخامس : أنه عليه السلام أقدم عليه بسبب اجتهاد أخطأ فيه فإنه ظن أن النهي للتنزيه أو الإشارة إلى عين تلك الشجرة فتناول من غيرها من نوعها، وكان المراد بها الإشارة إلى النوع "[19] ذكره البيضاوي وفيه ما لا يخفى .

السادس : أن النسيان على حقيقته وأوخذ به عليه السلام لأن عدم المؤاخذة بالنسيان من خصائص هذه الأمة . أشار إليه صاحب المنار في أقوال ذكرها [20].

وذكره الشنقيطي في أحد وجهين ذكرهما في هذه المسألة ، فبدأ به في دفع إيهام الأضطراب[21] ،واستظهره وانتصر له في أضواء البيان وذكر عددا من الأدلة على أن العذر بالنسيان والخطأ والإكراه من خصائص هذه الأمة! وفي كون هذا العذر خاصا بالأمة المحمدية نصر يأتي في بحث آخر بإذن الله تعالى.

وبعد فهذه ستة أوجه في التوفيق بين الآيتين ولكل وجه حظ من الصواب وفي بعضها مقال وفيما ذكر أولا رجحان لا يخفى لأسباب منها :
1- أن عليه أكثر المفسرين ويد الله مع الجماعة وقديما قال قائلهم :
ورأيان خير من واحد ** ورأي الثلاثة لا ينقض .
2- المقاولة التي دارت بين آدم وإبليس يستبعد معها النسيان خاصة وأن سياق القرآن يدل على أن الأكل كان عقب هذه المحادثة مباشرة ، قال تعالى (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ )[28] وقال (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا )[29] . فعطف بالفاء التي تدل على الترتيب والتعقيب بلا مهلة . وبهذا يعلم ضعف قول البيضاوي : عن قوله تعالى (ما نهاكما ربكما) و( قاسمهما) إنه ليس فيهما ما يدل على أن تناوله حين ما قال له إبليس فلعل مقاله أورث فيه ميلا طبيعيا ثم إنه كف نفسه عنه مراعاة لحكم الله تعالى إلى أن نسي ذلك وزال المانع فحمله الطبع عليه"[30].
3- قوله تعالى (وعصى آدم ربه فغوى ) والساهي لا يقال فيه " عصى وغوى " .
4- ويؤيد هذا أيضا ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث الشفاعة وفيه (فيأتونه فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟
فيقول ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ونهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي..) " [31] والله أعلم .

الأدب مع الأنبياء :
قال الآلوسي :"وعلى العلات لا ينبغي لأحد أن ينسب اليه العصيان اليوم وأن يخبر بذلك إلا أن يكون تاليا لما تضمن ذلك أو راويا له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما أن يكون مبتدئا من قبل نفسه فلا. وقد صرح القاضي أبو بكر بن العربي بعدم جواز نسبة العصيان للآباء الأدنين إلينا المماثلين لنا فكيف يجوز نسبته للأنبياء الأقدام والنبي المقدم الأكرم ؟
ثم إن ما وقع كان في الحقيقة بمحض قضاء الله تعالى وقدره وإلا فقد روى عن أبي أمامة الباهلي والحسن أن عقله عليه السلام مثل عقل جميع ولده وعداوة إبليس عليه اللعنة له عليه السلام في غاية الظهور وفي ذلك دليل على أنه لا ينفع عقل ولا يغنى شئ في جنب تقدير الله تعالى وقضائه"[32]



[1] -الجامع لأحكام القرآن :11/267 .

[2] - المحرر الوجيز :4/66.

[3] - السجدة : 14.

[4] -التوبة :67.

[5] - الأعراف :20.

[6] -مسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي التنزيل :222-223

[7] - مجمع البيان ك 7/51.

[8] - تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء : : 66

[9] - قول ابن جرير رحمه : هل يجوز أن يؤاخذ الله عزوجل عباده بما نسوا ؟" في النفس من هذا التعبير شيء فإن الله عزوجل لا يسأل عما يفعل وله سبحانه أن يؤاخذ من شاء بما شاء ، فلو قال الإمام :إن الله سبحانه قد وضع عن عباده الخطأ والنسيان ففيم سؤالهم إياه ألا يؤاخذهم بهما ؟ لكان للسؤال موضعه .

[10] - جامع البيان للطبري : 3/155.

[11] - الكشاف : 2/448. وانظر : التفسير ا لكبير للرازي : 22/107.

[12] - أنوار التنزيل للبيضاوي : 1/304-305.

[13] - الجامع لأحكام القرآن :11/267.

[14] - شعب الإيمان :1/384.

[15] - أبو عبد الله المغربي اسمه محمد بن إسماعيل من أهل المغرب ، قال ابن الجوزي :أسند الحديث عن عمرو بن أبي غيلان وكان المغربي أستاذ إبراهيم الخواص وتوفي على جبل الطور في سنة تسع و تسعين و قيل تسع وسبعين و مائتين " (صفوة الصفوة : 4 / 336) قلت يرحم الله أبا عبد الله من أين لمثله أخبار إبراهيم عليه السلام . أما نحن فلا نقبل شيئا من ذلك ـ أعنى أقوال الأنبياء الأولين وأخبارهم ـ إلا أن يرد ذلك في كتاب الله أو ينقل إلينا بسند صحيح متصل مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ونتوقف في قبول كل خبر يأتينا من غير هذين الطريقين مهما كان من أخبر به ومهما كانت منزلته من علم أودين . قال تعالى :( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ) هود :49.

[16] - روح المعاني 16/401-402

[17] - انظر تفسير المنار :1/232.

[18] - تفسير المنار :1/232.

[19] - أنوار التنزيل للبيضاوي :1/304-305.

[20] -تفسير المنار :1/232.

[21] - دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب :202.

[22] - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن :3/72.

[23] - النمل :19.

[24] - رواه بن ماجة :1/659 ، وابن حبان : 16/202 ،والدارقطني : 4/170 ، والطبراني في الصغير : 2/52، والكبير : 2/97، والبيهقى في السنن الكبرى : 6/84. والحاكم في المستدرك :2/216.

[25] - الحديث قال فيه ابن أبي حاتم في العلل سألت أبي عنها فقال هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة وقال في موضع آخر منه لم يسمعه الأوزاعي من عطاء إنما سمعه من رجل لم يسمه أتوهم أنه عبد الله بن عامر الأسلمي أو إسماعيل بن مسلم قال ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده .
وقال عبد الله بن أحمد في العلل سألت أبي عنه فأنكره جدا وقال ليس يروى هذا إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقال محمد بن نصر : ليس له إسناد يحتج بمثله .
وقال الحاكم هو صحيح غريب تفرد به الوليد عن مالك .
وقال البيهقي ليس بمحفوظ عن مالك .
ورواه الخطيب في كتاب الرواة عن مالك في ترجمة سوادة بن إبراهيم عنه وقال سوادة مجهول والخبر منكر عن مالك .
ورواه بن ماجة من حديث أبي ذر وفيه شهر بن حوشب وفي الإسناد انقطاع أيضا .
ورواه الطبراني من حديث أبي الدرداء ومن حديث ثوبان وفي إسنادهما ضعف .
وصححه ابن حبان وقال النووي إنه حسن .
قال ابن حجر :وأصل الباب حديث أبي هريرة في الصحيح بلفظ إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم والله أعلم . انظر : العلل ومعرفة الرجال لعبد الله بن الإمام أحمد : 1 / 561 ، وعلل ابن أبي حاتم : 1 / 431، والتلخيص الحبير لابن حجر : 1 / 282 ، كشف الخفاء للعجلوني : 1/ 523 .


[26] - الكهف :73.

[27] - صحيح البخاري :كتاب القدر ، باب تحاج آدم وموسى ثَم الله (6240) .

[28] - الأعراف :20-22.

[29] - طه :120-121.

[30] - أنوار التنزيل : 1/305.

[31] -حديث الشفاعة أخرجه البخاري في صحيحه :كتاب الأنبياء ، باب قول الله تعالى( إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ) (3162) .

[32] - روح المعاني 16/401-402 .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين اما بعد. .جزاكم الله تعالى خيرا الأستاذ الفاضل. .وأرى والله تعالى أعلم. .
ان الوجه الثالث جدير بالتحقيق
والنظر وهو ان النسيان متعلق بنسيان وصية الله تعالى ان الشيطان هو عدوه وعدو زوجه
وقد ذكره الرازي في تفسيره..
والله تعالى أعلم.
 
رااااااااااااااااااااااااااااااااائع دكتور أسامة
 
قال تعالى للملائكة قبل خلق ادم " إني جاعل في الارض خليفة" فآدم عليه السلام خلق لإعمار الارض والتناسل بها فنسيانه وأكله من الشجرة بقضاء الله وقدره .ذنبه غفر "وتاب عليه وهدى" ونسيانه عذر له، فأهبط الى الارض هبوط خلافة وتكريم وتشريف وأهبط ابليس هبوط ذل وتنقيص لأنه أبى واستكبر وقوله "أنا خير منه خلقتني من نار .."فيه طعن في العدل الالهي
 
فأهبط الى الارض هبوط خلافة وتكريم وتشريف
أخي الكريم ابن عربي لا أدري أين وجدت في القرآن أن إخراج آدم من الجنة وإهباطه إلى الأرض كان تكريما وتشريفا ، لا أرى في الآيات شيئا يساعد على ما ذكرت من معنى مطلقا .

بل يدل ظاهر الآيات على كونه عقوبة له على ما كان منه ..

قال تعالى : (فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) ) فأخبر أن شقاءه في خروجه من الجنة فكيف يكون مثل هذا تكريما.

وقال سبحانه (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) فلو كان في خرجهما تكريم وتشريف لكان للشيطان عليه منة حيث أخرجه إلى دار الكرامة والشرف!! وهو ضد ما أخبر الله به من عداوته.

وأما التوبة : فظاهر القرآن أنه قد صدر الأمر الإلهي بالهبوط إلى الأرض قبل التوبة قال تعالى (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) "

وعلى فرض كون التوبة قبل الهبوط ، فمن أين لك أن التوبة مانعة من العقوبة في كل حال ، كيف وقد وردتنا قصة ماعز ، الذي رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ " انتهى ، وهل تمنع التوبة القاتل من القصاص ، او السارق من القطع؟

وإن أصر المخالف على كون هبوطه إلى الأرض تشريفا قلنا : ما الحكمة في كون هذا التشريف قد أتى مقترنا بمعصيته عليه السلام؟ حيث قال سبحانه {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36]

وأما الاستدلال بقوله تعالى : (إني جاعل في الأرض خليفة) ، فنعم كان مقدرا له أن ينزل إلى الأرض ، وكان مقدرا أيضا أن يكون سبب نزوله أكله من الشجرة ، وليس معنى أنه هبوطه مقدر سلفا أنه لا بد أن يكون بلا سبب بل الأسباب والمسببات كلاهما من قدر الله ، كما يقضي الله موت فلان فيقدر له سببه من انتحار أو قتل أو مرض أو غيره .

وأما قول من قال إن الجنة ليست بدار تكليف ، فقد وقع التكليف فيها بقوله تعالى : (وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) بلا شك ، فعلى من قال ليست بدار تكليف أن يجيب عن الآية وليس علينا ، فإن الآية لا تعارض بقوله ، بل يعارض قوله بالآية. فإما أن يقول : ليست هذه الجنة بدار الخلد ، ولكنها جنة أخرى ... أو يقول غير ذلك.

قال الطبري (1/ 524): "فأخرجهما" يعني إبليس"مما كانا فيه"، لأنه كانَ الذي سَبَّب لهما الخطيئة التي عاقبهما الله عليها بإخراجهما من الجنة.
 
قال تعالى " إني جاعل في الارض خليفة "
والخليفة يجب أن يظهر بصورة من استخلفه فعلمه الحق تعالى الاسماء كلها وخلقه على صورته " خلق الله ادم على صورة الرحمان"
خلقه بيده
واسجد له ملائكته
أليس هذا تكريما
فآدم عليه السلام معد للسكن في الارض وسكناه الجنة مرحلة انتقالية كانت لظهور مقتضيات الاسماء الالهية فعصى ادم ليظهر مقتضى اسمه التواب وأنزل الى الارض ليظهر مقتضى اسمه تعالى الخافض وهكذا....ومقتضى اسمه تعالى المنتقم في حق ابليس ،وأقسم ابليس بالعزةفأظهر الاسم العزيز .... فَأكل آدم عليه السلام من الشجرة وأعطى الانطلاقة للاسماء الالهية وعالم الظهور
فاسمه تعالى الرزاق يطلب المرزوقين التواب يطلب المذنبين والغفار يطلب المستغفرين...
ولو بقي ادم في الحنة لبقيت هذه الاسماء الالهية معطلة بدون فعالية فكيف يكون رزاقا ولا وجود للخلائق . كما ان الاسماء التي تعلمها آدم " وعلم ادم الاسماء كلها" كـــــلـــهـــا .أليس من بين هذه الاسماء اسم نبي ورسول وولي وصالح وطالح وجنة ونار وحساب ...وما طلب ابليس بقوله " انظرني الى يوم يبعثون" الا بمعرفة بذلك اليوم كما كان على علم بمهمته" ولأتينههم من بين ايديهم ومن خلفهم ...."
 
ولو بقي ادم في الحنة لبقيت هذه الاسماء الالهية معطلة بدون فعالية فكيف يكون رزاقا ولا وجود للخلائق .
أسماء الله الحسنى تدل على الذات الالهيه (الله سبحانه وتعالى) ، وما قام بها من صفات ،ولدلالة هذه الاسماء على الذات لايجوز القول بالتعطيل، لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (17) (سورة فاطر )

والحديث القدسي
(يا عبادي لو أنَّ أوَّلََكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانوا على أتقى قلبِ رجُلٍ واحدٍ منكُمْ ما زادَ ذلك في مُلكي شيئًا ، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانوا على أفْجَرِ قلبِ رجُلٍ واحدٍ منكُمْ ما نقصَ ذلك من مُلكي شيئًا)

والله اعلم
 
أخي الكريم ابن عربي غفر الله لك ..
خرجت عن الموضوع ، وجئت بآيات محرفة ، وعبارات منكرة في حق الله تعالى ، كقولك
([FONT=&quot]والخليفة يجب أن يظهر بصورة من استخلفه!!)
[/FONT][FONT=&quot](وأعطى الانطلاقة للاسماء الالهية وعالم الظهور!!)[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT] (ولو بقي ادم في الحنة لبقيت هذه الاسماء الالهية معطلة بدون فعالية!!) ....وغيرها


فاتق الله ، وتكلم بعلم، أو اسكت بحلم !

غفر الله لي ولك
 
البحث ممتاز ..
ولكن .. ينقصه الربط السياقي بما قبل من آيات .
يقول ابن عطيه رحمه الله في المحرر في تفسير قوله تعالى (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا )، يقول ...(إما أن يكون ابتداء قصص لا تعلق له بما قبله ، وإما أن يجعل تعلقه أنه لما عهد إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يعجل بالقرآن مثل له بنبي قبله عهد إليه { فنسي } فعوقب لتكون أشد في التحذير وأبلغ في العهد إلى محمد صلى الله عليه وسلم )انتهى.

وقوله الثاني والربط السياقي أراه وجيها ..
قوله تعالى ( وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ )
فالعجلة فطرة ، تشمل آدم عليه السلام وكل البشر لقوله تعالى ( خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ) (سورة الأنبياء 37)، نجد التناسب بين قوله تعالى(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) وبين الاية السابقة وقوله تعالى( وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) ) ، تنبيه لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، بترك العجلة وخاصة عند تلقي الوحي والتاكيد على ذلك ، فالعجلة تؤدي إلي النسيان (الغفلة والتفريط )ويؤدي ذلك بدوره إلي التردد والحيرة، وتذكيره عليه الصلاة والسلام بقصة أبينا آدم عليه السلام .

( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) (سورة طه 121)
الاية على ظاهرها المتبادر ولكن لقرينة ، قوله تعالى ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا )، علمنا بصرف هذه المعصية الي الذنب وإرتباطها منبعا بالفطرة الاولى ، قال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ( والذي نفسي بيدِه ! لو لم تذنبوا لذهب اللهُ بكم ، ولجاء بقومٍ يذنبون ، فيستغفرون اللهَ ، فيغفرُ لهم ).
حدثت العجلة (من آدم عليه السلام) وقت تلقيه الاوامر(العهد ) ، مما تسبب في إنعدام العزم (التردد والحيرة) عند المواجهة ، والتهاون في تقدير خطورة الخصم ، فلم تكن معصيته لسوء ظنه بالله سبحانه وتعالى (وحاشاه عليه الصلاة والسلام ) بل كانت بسبب فطرته الاولى (العجلة ) .



والله اعلم
 
هل الحق تعالى كان يريد من ابليس السجود ولم يسجد ؟ أ ابليس كان عاصيا للارادة الالهية ؟والحق فعال لما يريد ولا يمكن ان يخالف أحد إرادته
هل الحق تعالى كان لايريد من ادم الاكل من الشجرة ومع ذلك أكل منها ادم ؟
لا احد يمكنه أن يخالف الارادة الالهية ، الامر الالهي يمكن أن يُخالف ويُعصى أما الارادة فلا .والقضاء والقدر تابعان للارادة الالهية
فهماك فرق بين الارادة الالهية والامر الالهي
ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
فلا يقع في الكون شئ خارج عن ارادة الله
قل كل من عند الله
ان هي الا فتنتك
فالاسماء الالهية ظهر تفاعلها في الكون الالهي بعد اكل ادم من الشجرة وهبوطه الى الارض
الاسماء الالهية لها علاقة بالمخلوقات
الرب يطلب المربوب
والرزاق يطلب المرزوق
والغفار يطلب المذنب
لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون.... (الحديث) فلا تعطيل لدائرة من دوائر الاسماء الالهية
فالحق تعالى خلق ادم للخلافة في الارض قبل أن يهبط الى الارض فسكناه الارض لا الجنة وهو مخلوق من ترابها انما الكون الالهي متعلق بالامر والنهي ومربوط بالاسباب والله وراء الاسباب "قل كل من عند الله"
الاخوة الافاضل اعتادوا الرجوع الى السلف الصالح فيقولون قال القرطبي قال ابن عطية قال ....حصروا كلام الله في فهم السلف الصالح
و اراحوا فكرهم من التدبر والاستنباط
وكل من خالف رايهم يقولون له ( اتق الله)
ونسوا قوله تعالى ( ثم ان علينا بيانه) و اداة ثم تفيد التراخي والتماطل فسياتي الله تعالى في القرون القادمة من فهمه في كلام الله اكبر واتم من السلف الصالح

وانظر الى ما قالوا في قوله تعالى " مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان"
ترى العحب العجاب
القرءان كلام الله وليس ملكا لأحد فوسع حويصلتك فللقرءان ظاهر وباطن ولباطنه سبعة ابطن( الفتاوي لابن تيمية)
ولا تكن اسير فهم أحد
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الكريم ابن عربي ...ارجو من
حضرتكم توضيح رقم الجزء والصفحة لقول ابن تيمية الذي
ذكرته...وجزاكم الله تعالى خيرا.
 
عودة
أعلى