سأرفع بمشيئة الله بحثا لي قدمته للترقية لدرجة المشارك موسوم ب ( الاحتراز للمعنى في القرآن الكريم ) تناولت فيه صور الاحتراز الدقيق للمعنى من جهة الأساليب النحوية في التراكيب والأدوات وأبعاده البلاغية العجيبة ، وهو يختلف في موضوعه عن الاحتراس عند البلاغيين القدماء ، أسأل الله التوفيق لذلك والدعاء .
[FONT="]د / عبدالله علي عبدالله الهتاري[/FONT][FONT="]*[FONT="][1][/FONT][/FONT]
[FONT="]ملخص البحث:-[/FONT]
[FONT="]يتجلّى النص القرآني بأسلوبه البياني المعجز البليغ , ويتفنن غاية التفنن في التصرف بفن القول , ودقة سبك الألفاظ , في تراكيبه المختلفة وسياقاته المتنوعة .[/FONT] [FONT="]وهو في ذلك كله يحترز كل الاحتراز للمعنى المقصود المراد, وتظهر صور هذا الاحتراز في أنماط متعددة ومتنوعة, يعمد إليها النص القرآني, وهو أسلوب من أساليبه العجيبة المدهشة لمتذوق هذا البيان.[/FONT] [FONT="]وهو ما يهدف إليه الباحث في الحديث عنه في هذا البحث، متناولاً صور هذا الاحتراز وأشكاله المتنوعة, وإبراز جانب الدقة والبيان في أساليب هذا القرآن.[/FONT]
[FONT="]أولاً: مفهوم الاحتراز:-[/FONT]
[FONT="]الاحتراز لغة واصطلاحاً :-[/FONT]
[FONT="]يقول ابن فارس في المقاييس[/FONT][FONT="](1)[/FONT][FONT="] " الحاء والرَّاء والزَّاء أصل واحد , وهو في الحفظ والتحفظ , يقال : حرزته , واحترز هو , أي :- تحفظ , وناس يذهبون إلى أنَّ هذه الزَّاء مبدلة من سين , وأن الأصل الحَرْ س , وهو وجه " .[/FONT] [FONT="]ويرى الجوهري[/FONT][FONT="](2)[/FONT][FONT="] : أن "الحٍرْز : الموضع الحصين , يقال هذا حٍرْز حريز : واحترزت من كذا , وتحرَّزت : توقيته" .[/FONT] [FONT="]ويقول الزبيدي[/FONT][FONT="](3)[/FONT][FONT="] : "الحٍرْز : الموضع الحصين وحرزه حَرْزاً : حفظه وجعله في حرز , أو هو إبدال , والأصل حرسه بالسين المهملة " .[/FONT]
[FONT="]ونجد مما سبق ذكره عند علماء المعاجم, أن مادة حرز واحترز والاحتراز تدل على الحفظ والصون وتوقِّي الشيء، فكأن المتكلم يحترز لكلامه بحفظه وصونه والتوقِّي له من كل ما يشين معناه أو يصرفه عن المراد ، ونلحظ أيضاً أن أصحاب المعاجم يرون أن أصل مادة ( حَرَزَ ) هي (حَرَسَ ) أبدلت الزاي فيها بالسين.[/FONT]
[FONT="]ويبدو للباحث أن كلمة الاحتراز آكد في دلالتها على الحفظ والصون من كلمة الاحتراس ؛ لما يوحيه صوت الزاي المجهورة من قوة لا توجد في السين المهموسة.[/FONT] [FONT="]والاحتراز للمعنى مفهومه قديم, ظهر عند البلاغيين(4) بمسمى ( الاحتراس ) لكنهم حصروه على نماذج محدودة ومكررة, لا تخرج في جملتها عن دلالة السياق اللغوي للنص.[/FONT] [FONT="]وقد عُرِف مصطلح الاحتراس عندهم بـ " أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه, أي: يؤتى بشيء يدفع ذلك الإيهام, نحو قوله تعالى: { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}(المائدة 54)[/FONT] [FONT="]فإن المولى–عز وجل– لو اقتصر على وصفهم بأذلة على المؤمنين؛ لتوهم أن ذلك لضعفهم, وهو خلاف المقصود, فأتى على سبيل التكميل بقوله: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ " (5)، وقد سماه ابن جني في الخصائص بالاحتياط إذ يقول(6) :- "واعلم أن العرب إذا أرادت المعنى مكنته واحتاطت له " .[/FONT] [FONT="]ويرى الباحث أن مصطلح الاحتراز آكد في مفهومه ومعناه من مصطلح الاحتياط أو الاحتراس ؛ لما فيه من الدلالة المعجمية على الغاية في الحيطة والحفظ والصون , والتحرز مما يصرف الكلام عن مقصوده ؛ ولما توحيه الدلالة الصوتية أيضاً بالفرق بينه وبين الاحتراس .[/FONT]
[FONT="]ومن شواهد احتراز العرب لكلامها قول ابن المعتز يصف فرسه(7) :- [/FONT] [FONT="]صَببنَا عليها – ظالمينَ – سياطَنا .. فطارتْ بها أيدٍ سراعٌ وأرجلُ [/FONT] [FONT="]فقد أتى الشاعر بكلمة ( ظالمينَ ) احترازاً من أن يفهم أن سياطه التي صبها على فرسه ؛ بسبب بلادة فيها , وإنما ذلك ظلمٌ منه , وهي لا تستحق ذلك(8) .[/FONT] [FONT="]وكذلك قول الشاعر :-[/FONT]
[FONT="]وأصفحُ عن سبابِ الناسٍ حِلماً وشرُ الناسِ من يهوي السِّبابا[/FONT]
[FONT="]فقد ذكر الشاعر كلمة (حِلما) احترازاً منه حتى لا يفهم أنَّ صفحه عن السباب بسبب ضعف منه(9).[/FONT] [FONT="]وإذا كانت العرب تحتاط في كلامها وتحترز له كما ذكر ابن جني, وذكرناه سابقاً, فإن كلام المولى – عز وجل – في نظمه البديع, وبيانه المعجز, يبرز فيه الاحتراز للمعنى غاية في الدّقة والإعجاز.[/FONT] [FONT="]وهو ما يهدف الباحث إلى توضيحه في هذا البحث والوقوف على صوره المختلفة في البيان القرآني, في تراكيبه النحوية, وجمله, وفواصله, ودلالاته السياقية. وما قد يوهم ظاهره الخروج عن الاحتراز حسب ما يظهر من قواعد النحو واللسان العربي. [/FONT]
[FONT="]ثانياً : صور الاحتراز وأنماطه :-[/FONT]
[FONT="] يبرز أسلوب الاحتراز للمعنى في صور شتى في البيان القرآني أبرزها :-[/FONT]
1- [FONT="]الإعراب:-
[/FONT] [FONT="]يمثل الإعراب مظهراً بارزاً من مظاهر الاحتراز للمعنى في القرآن الكريم ؛ "لأنه يبين عن المعاني ويكشف عنها ، ولولاه لكان الكلام مبهماً غير مفهوم ولا معلوم"(10) ، والحديث في ذلك يطول ، ونقتصر فيه على شواهد من النظم المعجز ، من ذلك قوله تعالى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } (آل عمران169) .[/FONT] [FONT="]فإننا نلاحظ أن كلمة (أمواتاً) جاءت منصوبة على أنها مفعول ثانٍ للفعل (تحسب) ، ومن العجيب المدهش في هذا البيان مجيء كلمة (أحياءٌ) بعدها مباشرة مرفوعة ، وكان المتوقع أن تكون منصوبة على اعتبار أنها جاءت معطوفة على (أمواتا) ، لكن النظم عمد إلى الرفع دون النصب ؛ احترازاً من توهم إعادة تقدير العامل وهو (بل أحسبهم أحياءً)(11) ، والسياق هنا سياق تأكيد وثبوت لا حسبان فيه ولا شك ، فكان الرفع على تقدير (بل هم أحياءٌ) والجملة الاسمية تدل على ثبوت الوصف واستقراره واستمراره ، وحياة الشهداء عند ربهم ثابتة لا شك فيها ، مستقرة لا تبديل لها ومستمرة لا انقطاع فيها .[/FONT] [FONT="]ومن ذلك ما نجده أيضاً ، في متشابه النظم القرآني ، إذ يعمد النظم إلى المخالفة في الحركة الإعرابية في موضعين متشابهين تمام التشابه ، وما ذلك إلا للاحتراز عن معنى غير مراد ، وذلك في قوله تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ }(النحل24) ، ثم يرد بعدها بآيات قلائل قوله تعالى : {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً }(النحل30) .[/FONT] [FONT="]إذ جاءت الحركة الإعرابية بالرفع في قول الكفار ، على تقدير :- هي أساطيرُ الأولين ، وهم منكرون لإنزالها أصلاً ، ومنكرون أن مصدرها من الله عزوجل ؛ لذا لم يرد النصب هنا كما هو الحال في قول المؤمنين (قالوا خيرا) احترازاً من توهم في المعنى ، أن يكونوا مقرِّين للإنزال (أنزلَ أساطيرَ) ، وهو ما تنبه له الزركشي بقوله(12) : "لو طابقوا أي قالوا : أساطيرَ الأولين – بالنصب – لكانوا مُقِرين بالإنزال ، وهم من الإذعان به على تفاوت" . [/FONT] [FONT="]وترد الحركة الإعرابية لدفع توهم التسوية عن فعلين متفاوتين؛ فيحترز الإعراب لدلالة التفاضل احترازاً دقيقاً، وذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ }(هود69).[/FONT] [FONT="]فقد جاء النصب في الأولى (سلاما) والرفع في الثانية (سلامٌ) ؛ لإظهار التفريق بين سلامين ، سلام الملائكة وسلام النبي ، وإبراز التفاوت بينهما في الرتبة والمكانة .[/FONT] [FONT="]ولو سوَّى النظم بينهما في الحركة الإعرابية لاستوت رتبة الفعل في كليهما ، لذا عمد إلى النصب هناك والرفع هنا ؛ للإشارة إلى أن تحية النبي كانت أبلغ من تحية الملائكة وأفضل منها ؛ لدلالة الرفع في الجملة الاسمية على الثبوت والاستمرار ، وتقديره (سلامٌ عليكم)(13) ، وهو مقال مناسب لمقام النبوة والرسالة ، يفهم من وحي قوله تعالى : {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }(النساء86) .[/FONT] [FONT="]ويرد الإعراب للاحتراز من دلالة التقييد إلى الإطلاق والعموم أو العكس، من ذلك قوله تعالى: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }(آل عمران111). [/FONT] [FONT="]فإننا نجد الفعل (ينصرون) جاء مرفوعاً، وكان المتوقع عطفه على سابقه بالجزم، كما هو الحال في قوله تعالى: { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } (محمد38). [/FONT] [FONT="]وإذا كان اللسان العربي يجيز في هذا السياق وأمثاله ، حالة استيفاء أداة الشرط الجازمة لفعلها وجوابها ، أن يعطف على جواب الشرط بالجزم أو الرفع كما هو مقرر عند النحاة(14)، فإن النظم القرآني يعمد في هذا السياق إلى الرفع دون غيره من الخيارات الأسلوبية المتاحة لا على سبيل الجواز كما يزعمون وإنما على سبيل الوجوب ؛ لاقتضاء المعنى له ، إذ احترز النظم بهذا الإعراب عن معنى غير مرغوب فيه ، فيما لو عطف على الجزم فقال : (ثم لا ينصروا) فيكون تقدير انتفاء النصر عن الكفار مقيداً بشرط قتالهم المسلمين وتوليتهم الأدبار ؛ وهذا غير مراد ، فاحترز منه النظم إلى الرفع على الاستئناف بتقدير (ثم هم لا ينصرون) ؛ لدلالة الجملة الاسمية على ثبوت الوصف واستمراره ، فأفاد ذلك دلالة الإطلاق والعموم ، وهي أن عدو المسلمين مخذول دائماً غير منصور ، سواء أقاتلهم أم لم يقاتلهم ، فهذا حاله على الدوام مخذول مهزوم .[/FONT] [FONT="]وهو في سياق الآية الأخرى في قوله تعالى: { وإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }(محمد38).[/FONT] [FONT="]قد عطف على الجزم بقوله (يكونوا) لإدخال هذا الفعل ضمن قيد الشرط السابق ، فالاستبدال والإتيان بقوم لا يكونون أمثالهم ، مشروط بحالة تولِّيهم عن منهج الله وإعراضهم عنه . فإذا استقاموا على الجادَّة فإنَّ ذلك لا يكون.[/FONT] [FONT="]اللهم إنَّ هذا هو محزُّ البيان ، ومفصل البلاغة من الكلام .[/FONT]
2- [FONT="]التقديم والتأخير:-
[/FONT] [FONT="]ويتصرف النظم القرآني في فن القول من تقديم وتأخير لأغراض دلالية من أهمها الاحتراز للمعنى ، من ذلك قوله تعالى : {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ } (التوبة101).[/FONT] [FONT="]إذ كان المتوقع أن يعطف (من أهل المدينة) على (من الأعراب) لكي لا يفصل بين النعت الجملة (مردوا على النفاق) والمنعوت (منافقون) ، فيكون النظم على نحو (وممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة منافقون مردوا على النفاق) ولو جاء ذلك كذلك لفهم منه أن أهل المدينة ممن حولهم ، وواقع الحال ليس كذلك فهم بينهم ، وليسوا حولهم ؛ لأنهم يساكنونهم ويخالطونهم (15) ، فاحترز النظم المعجز البديع من ذلك بمجيء الكلام على النحو المذكور .[/FONT] [FONT="]ومنه أيضاً قوله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}(غافر28) . فقد عمد النظم القرآني إلى تقديم الوصف بشبه الجملة (من آل فرعون) للدلالة على وصف هذا الرجل أنه من آل فرعون وخاصته ، ولو أن النظم أخرها بعد الجملة الفعلية فقال : (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ) لأوهم ذلك أن شبه الجملة متعلق بالفعل (يكتم) ، وأنُّه يكتم إيمانه من آل فرعون ، وليس فيه دلالة على كونه من آل فرعون أصلاً ، فجاء التقديم احترازاً من هذا المعنى .[/FONT] [FONT="]والقرآن دقيق بهذا الاحتراز ؛ لأنه لا يطَّلع على الحوار الخاص بفرعون وملئه إلا رجل من آلهم وخاصتهم .[/FONT] [FONT="]وعجباً للدكتور تمام حسان على جلالة قدره حين ذهب إلى أن الأسلوب القرآني في هذه الآية اختار التقديم والتأخير لأجل مبدأ القصر والطول للكلمة ، فقال(16) : "وجاء بثلاث صفاتٍ للرجل رتبها حسب القصر والطول ، فجعل الصفة الأولى "مؤمن" أولاً لإفرادها ، وأردفها بشبه الجملة فالجملة" ؛ والحقيقة أن النظم القرآني لا يقدم ولا يؤخر إلا لمقصد دلالي ، لا لأجل القصر والطول في البنية والشكل ، كما أوضحناه ، بدليل أنه قد جاء تقديم النعت بالجملة على النعت بالإفراد في قوله تعالى : {وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ }(الأنعام92) .[/FONT] [FONT="]ومن ذلك أيضاً الآية التي وقف عندها الجرجاني كثيراً(17) ، وهي قوله تعالى : {وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ }(الأنعام100) .[/FONT] [FONT="]فقد تصرف النظم القرآني في رتب الألفاظ في هذه الآية غاية التصرف مما يثير الدهشة والذهول ، إذ كان المتوقع أن ترد هذه الآية على نحو (وجعلوا الجنَّ شركاءَ للهِ) ، فيقدم المفعول به الأول (الجنَّ) ثم المفعول الثاني (شركاءَ) ثم يأتي أخيراً بشبه الجملة (لله) ، لكن العجيب في النظم أنه عكس الجملة تماماً ، فجاءت (وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ) ؛ وذلك للاحتراز للمعنى ، إذ لو جاء النظم على المتوقع (وجعلوا الجنَّ شركاءَ للهِ) لكان الاعتراض متجهاً إلى كونهم جعلوا الجنَّ شركاء لله دون غيرهم ، ولو جعلوا غير الجن لكان مسكوتاً عنه ، وهذا غير مراد ؛ لذا جاء النظم (وجعلوا لله شركاءَ الجنَّ) ليوجه الاعتراض إلى كونهم جعلوا للهِ على وجه الخصوص شركاء ، وحقه – عزوجل – ألا يكون له شريك لا من الجنِّ ولا من غيرهم .[/FONT] 3- [FONT="]الجملة الاعتراضية :[/FONT] [FONT="]"[/FONT][FONT="]وهي الجملة التي تعترض بين شيئين متلازمين ، أو متطالبين ، لتوكيد الكلام ، أو توضيحه ، أو تحسينه ، وتكون ذات علاقة معنوية بالكلام الذي اعترضت بين جزأيه ، وليست معمولة لشيء منه" (18) .[/FONT] [FONT="]والذي يحسن ذكره هنا أن الجملة المعترضة قد تقع بين متلازمين في الجملة الواحدة ، كأن تقع بين المبتدأ والخبر ، أو النعت ومنعوته ، والموصول وصلته وهكذا ، وقد تقع بين جملتين مستقلتين تمام الاستقلال ، إلا أنَّ بينهما رابطاً معنوياً من روابط الكلام(19) .[/FONT] [FONT="]وهي في ذلك كله لها علاقة معنوية ودلالية في سياق الكلام الذي ترد فيه، والذي يعنينا من دلالاتها المختلفة دلالتها على الاحتراز للمعنى في السياقات القرآنية الواردة فيها.[/FONT] [FONT="]من ذلك قوله تعالى : {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } (المنافقون1 ) .[/FONT] [FONT="]" [/FONT][FONT="]فجملة (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) معترضة بين الجملتين المتعاطفتين ، وهذا الاعتراض لدفع إيهام من يسمع جملة (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) أنه تكذيب لجملة (إنك لرسول الله) ".(20)[/FONT] [FONT="]فالتعبير هنا "من الدقة والاحتياط بصورة تثير الانتباه ، فهو يبادر بتثبيت الرسالة قبل تكذيب مقالة المنافقين ، ولولا هذا التحفظ لأوهم ظاهر العبارة تكذيب المنافقين في موضوع شهادتهم وهو الرسالة ، وليس هذا هو المقصود ، إنما المقصود تكذيب إقرارهم ، فهم لا يقرون الرسالة حقاً ، ولا يشهدون بها خالصي الضمير." (21)[/FONT]
[FONT="]ومن ذلك قوله تعالى – على لسان امرأة عمران – { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ } (آل عمران36) .[/FONT] [FONT="]فجملة – والله أعلم بما وضعت – اعتراضية ، من تعقيب المولى – عزوجل – على قولها ، إذ جاء قولها بالتوكيد (إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى) من قبيل البوح النفسي والمناجاة ؛ لمفاجأتها بمجيء المولود أنثى ، وقد كانت ترجوه ذكراً ؛ ليقوم بأمور العبادة ، والمخاطب هو المولى – عزوجل – وهو يعلم ما وضعت ، فنقل القرآن قولها واحترز له .[/FONT] [FONT="]ومنه قوله تعالى – في سياق تحدي الكفار أن يأتوا بسورة من مثل هذا القرآن – {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } (البقرة 24).[/FONT] [FONT="]فجملة (ولن تفعلوا) اعتراضية جاءت بين متلازمين هما الشرط وجوابه ، وتقدير الكلام (فإن لم تفعلوا فاتقوا النار) ، ولو جاء النظم على هذا النحو ، لفهم منه أنهم قد عجزوا عن الإتيان بمثله فيما مضى من الزمان ، لكن ذلك لا يمنع في مستقبل الأيام ، فجاءت الجملة الاعتراضية تحترز من هذا المعنى وتقرر عجزهم على مرور الزمان .[/FONT]
[FONT="]4- المغايرة في الاستعمال :-[/FONT]
[FONT="]ويعمد النظم القرآني في سياقاته المتشابهة أحياناً إلى المغايرة في اللفظ ؛ وذلك للاحتراز ممّا قد توحيه الكلمة من معنى غير مناسب .[/FONT] [FONT="]من ذلك ما نجده في قوله تعالى في الحديث عن زكريا عليه السلام – {قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } (آل عمران40) .[/FONT] [FONT="]وفي سياق مشابه لهذه الآية تماماً عند حديثه عن مريم في السورة نفسها , يقول المولى عز وجل - {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } (آل عمران47 ).[/FONT] [FONT="]فنلاحظ أن النظم القرآني عبر في سياق الحديث عن زكريا بقوله (يفعلُ ما يشاء) وفي سياق الحديث عن مريم قال : (يخلقُ ما يشاء) ؛ وذلك لأن " لفظ (يفعل) لا يناسب أن تخاطب به الأنثى ؛ لما تحمله الكلمة من إشارات غير مناسبة , وإيحاءات ممجوجة"(22) .[/FONT] [FONT="]ومن ذلك ما يرد في النظم القرآني من مغايرة في الضمائر , وهو ما أسماه علماء البلاغة قديماً بالالتفات(23) ، وقد ذكروا له وظائف دلالية كثيرة , ولكنهم لم يشيروا إلى دلالة الاحتراز , وهو ما نجده في قوله تعالى : {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } (الحجر6) .[/FONT] [FONT="]فقد جاء النظم بضمير الغيبة في قوله : ( عليه ) , ثم تحول عنه إلى ضمير الخطاب فقال : ( إنَّك ) , ولم يُسَوِّ النظم بينهما ؛ وذلك أن المغايرة في الضميرين في هذا السياق تشير إلى المغايرة بين قضيتين , قضية أنهم غير مقرَّين له بإنزال الذكر عليه أصلاً , وإنما قالوا ذلك على سبيل التهكم والسخرية فغيبوه في الخطاب ؛ إمعاناً في تغييب هذا الأمر عن أذهانهم , وقضية أنهم يؤكدون أنه مجنون ( إنّك لمجنون ) فخاطبوه به مباشرة , فاحترز النظم عن التسوية بين الضميرين , ولو سوَّى بينهما في هذا السياق في الغيبة أو الخطاب لما استقام هذا المعنى .[/FONT] [FONT="]ويتصرف النظم القرآني أيضاً في صيغ الأفعال فيغاير بينها, بالتحول من صيغة الماضي إلى المضارع أو العكس؛ بقصد الاحتراز, من ذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ } (الكهف47).[/FONT] [FONT="]إذ كان المتوقع أن تنتظم الأفعال في مجيئها بصيغة واحدة ، فتكون (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ ، وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ، وَنحشُرهُمْ) ، فتكون صيغ الأفعال دالة على المضارع في جميعها (نسير – ترى – نحشر) ، لكن النظم البديع عمد إلى التحول عند فعل الحشر إلى صيغة الماضي , فقال ( وحشرناهم ) ؛ ليشير إلى أن حشرهم سابق لتسيير الجبال وبروز الأرض , أي :- وحشرناهم قبل ذلك ؛ليشاهدوا تلك الأهوال, وذلك أوقع في النفوس.(25) [/FONT]
[FONT="]5- السياق:-[/FONT]
[FONT="]يعد السياق اللغوي في النص القرآني من أبرز وسائل الاحتراز للمعنى فيه , والبحث فيه يطول , ونقتصر هنا على أبرز وظائفه الدلالية للاحتراز , من ذلك أنه يحدد الدلالة المقصودة للأدوات النحوية المتعددة الدلالات , في نحو قوله تعالى : {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ }يس35 .[/FONT] [FONT="]إذ تحتمل الأداة ( ما ) في هذه الآية أن تكون دالة على الموصولية , بمعنى (الذي) , ويكون المعنى حينئذ ( ليأكلوا من ثمره ومن الذي عملته أيديهم ) , وتحتمل أن تكون نافية فيصبح المعنى ( ليأكلوا من ثمره ولم تعمله أيديهم ) , لكن السياق احترز للمعنى الثاني وقصد إلى ( ما ) النافية دون غيرها بقوله :- ( أفلا يشكرون ) ؛ " لأن من يأكل طعاماً لم يصنعه بيده أولى بأن يعبر عن شكره لمن أطعمه, ممن يأكل طعاماً صنعه بنفسه "(26).[/FONT] [FONT="]ومن ذلك أيضاً الآية التي وقف عندها المفسرون كثيراً ؛[/FONT][FONT="](27)[/FONT][FONT="] لأن القرآن ذكر فيها شيئاً من البدهيات ,والبدهيات لا تذكر غالباً في الكلام , وهي قوله تعالى : {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}البقرة196 [/FONT] [FONT="]فإن ( إذا ) تحتمل هنا معنى الشرط فيكون المعنى , إذا كان الصيام في الحج فثلاثة أيام , وإذا كان بعد الرجوع فسبعة , وتحتمل أيضاً – الظرفية , فيكون المعنى : صوموا ثلاثة أيام في الحج وسبعة عند رجوعكم , فاحترز النظم القرآني لهذا المعنى الأخير بقوله :- (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) فمحَّص (إذا) للدلالة على الظرفية(28) .[/FONT]
[FONT="]ويرد السياق وسيلة من وسائل الاحتراز للمعنى في الوقوف على تقدير المحذوف المناسب لسياق النظم القرآني .[/FONT] [FONT="]من ذلك قوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } (الأنعام108).[/FONT] [FONT="]فالذي " لا يفطن لدواعي الحذف في هذه الآية يظن أن المعنى ولا تسبُّوا الكفار الذين يدعون آلهة من دون اللهِ فيسبُّوا اللهَ عدواً بغير علم , لكن هذا التقدير يهمل عنصر التقابل الذي ينبغي أن يكون بين طرفي السَّب , ولو طبقنا مبدأ التقابل هنا لكان جواب النهي بحسب هذا الفهم (فيسبُّوكم) ، أما الفهم الصحيح فإنه يستدعي تقدير ضمير يعود على ( الذين ) أي : على آلهتهم , والتقدير:-(لا تسبُّوا الذين يدعونهم من دون الله فيسبوا الله ) "(29).[/FONT] [FONT="]ويكون السياق عنصراً مهماً للاحتراز للمعنى في حالة اللبس في الإعراب ، من ذلك الآية التي اعترض في تقدير إعرابها الإمام الجرجاني على معربي القرآن , وهي قوله تعالى : { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ } (النساء171) .[/FONT] [FONT="]فقد ذهب معربوا القرآن(30) إلى جعل ( ثلاثة ) خبراً لمبتدأ محذوف تقديره ( آلهتنا) , واعترض عليهم الجرجاني بقوله : (31) " فإذا قلنا :- (ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة) ، كنا قد نفينا أن تكون عِدَّة الآلهة ثلاثة , ولم ننف أن تكون آلهة , جل الله عن الشريك والنظير , كما أنَّك إذا قلت : (ليس أمراؤنا ثلاثة) , كنت قد نفيت أن تكون عِدَّة الأمراء ثلاثة , ولم تنف أن يكون لكم أمراء , هذا ما لا شبهة فيه , وإذا أدَّى هذا التقدير إلى هذا الفساد , وجب أن يعدل عنه إلى غيره" .[/FONT] [FONT="]ويظهر للباحث – والله أعلم – أن اعتراض الجرجاني هنا ليس في محلِّه ؛ لأن السياق القرآني قد احترز من هذا المعنى الموهم بقوله في سياق الآية نفسها (إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ ) , فنفى المعنى الموهم من التَّعدد بالقصر بقوله (إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ ) , وهذا احتراز بديع ملفوظ يصرف المعنى الموهم الملحوظ .[/FONT]
[FONT="]6- الفاصلة:-[/FONT] [FONT="]ترد الفاصلة وهي أواخر الآي , مرتبطة كل الارتباط بمعنى الآية ، فالقرآن في نظمه البديع لا يراعي الجمال الصوتي في إيقاعه الرَّخي فحسب , وإنَّما يراعي أيضاً المعنى والدلالة المقصودة التي من أجلها ختمت الآية بهذه الفاصلة أو تلك .[/FONT] [FONT="]لذلك نجد أن الفاصلة القرآنية تمثل في موضعها ضرباً من ضروب الاحتراز للمعنى , لا يسدَّ مسدَّها غيرها , إذ يختل معنى الآية ولا يستقيم لو غيرَّنا هذه الفاصلة بأخرى .[/FONT] [FONT="]وهو ما أدركه أعرابي بفطرته اللغوية , فقد ذكر الجاحظ(32) " أن أعرابياً في عهد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – سمع رجلاً يقرأ : {فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غفور رحيم}، فقال الأعرابي : إن كان هذا كلام الله فلا يقول : كذا حكيم ، لا يذكر الغفران عند الزلل ؛ لأنه إغراء عليه" وكانت خاتمة الآية { فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(البقرة209) .[/FONT]
[FONT="]ومن بديع الفواصل في ذلك قوله تعالى : {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (المائدة38 ) .[/FONT] [FONT="]نلاحظ أن الفاصلة القرآنية هنا ختمت بقوله (عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) , ويعلل الزركشي ذلك بقوله:- (33) " فهو العزيز ؛ لأن العزيز في صفات الله هو الغالب , من قولهم : عَزَّه يعزه عِزَّا , إذا غلبه , ووجب أن يوصف بالحكيم أيضاً ؛ لأن الحكيم يضع الشيء في محله , فالله سبحانه وتعالى كذلك , إلا أنه قد يخفى وجه الحِكم في بعض أفعاله , فيتوهم الضعفاء أنه خارج عن الحِكم , فكان الوصف بالحِكم احتراس حكم" .[/FONT] [FONT="]وقصد الزركشي بالاحتراس هنا ما قد يتوهمه بعض ضعفاء النفوس ، وسقيمي الأفهام من المغرضين والمشككين في أوامر الله وأحكامه ، أن هذه العقوبات فيها شِدَّة وقسوة وتخفى عليهم الحكمة ، فجاءت الفاصلة (عزيز حكيم) ، فهو عزيز غالب في أحكامه ، وحكيم يضع أحكامه في مواضعها بحكمة متناهية ، قد تظهر للأذهان ، وتخفي على ضعيفي الأفهام.[/FONT] [FONT="]ولا يمكن في هذا السياق أن يسدَّ مسدَّ هذه الفاصلة غيرها ، وإذا تعسفنا ذلك حصل الوهم والخطأ واختلَّ المعنى ، وقد ذكر بعض المفسرين(34) " أن الأصمعي قال : كنت أقرأ :- (والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيديَهما جزاءً بما كسَبا ، نكالاً من اللهِ واللهُ غفور رحيم) ، وبجواري أعرابي ، فقال : كلام من هذا ؟ فقلت : كلام الله ، قال : ليس هذا كلام الله ، فانتبهت فقرأت :-( واللهُ عزيزٌ حكيمٌ ) ، فقال : أصبت هذا كلام الله ، فقلت : أتقرأ القرآن ؟ قال: لا، قلت: فمن أين علمت ؟ قال: يا هذا عزَّ فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع".[/FONT] [FONT="]ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً } (الأحزاب25) .[/FONT] [FONT="]فقد جاءت الفاصلة (قوياً عزيزا) للاحتراز " لأن الكلام لو اقتصر فيه على قوله : (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ) لأوهم ذلك بعض الضعفاء موافقة الكفار في اعتقادهم أن الريح التي حدثت كانت سبب رجوعهم ، ولم يبلغوا ما أرادوا ، وأن ذلك أمر اتفاقي ، فأخبر سبحانه في فاصلة الآية عن نفسه بالقوة والعزَّة ليعلَّم المؤمنين ، ويزيدهم يقينا وإيماناً على أنه الغالب الممتنع ، وأنَّ حزبه كذلك ، وأن تلك الريح التي هبَّت ليست اتفاقاً ، بل هي من إرساله سبحانه على أعدائه".(35)[/FONT] [FONT="]ومن الفواصل التي جاءت في القرآن للاحتراز للمعنى وقد عدَّها الزركشي والسيوطي(36) من مشكلات الفواصل قوله تعالى – في سياق الحديث على لسان عيسى عليه السلام في حديثه عن قومه الذين أشركوا بالله - {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (المائدة118) .[/FONT] [FONT="]فإن قوله (وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ) يوهم أن تكون الفاصلة (الغفور الرحيم) لكن النظم القرآني عمد إلى الفاصلة (العزيز الحكيم) دون غيرها ؛ للاحتراز للمعنى ، ذلك " أن العفو عن المستحق للعذاب العظيم ، قد يكون عن عجز وضعف ، لا عن استطاعة وقدرة ، أو قد يكون عن سوء تدبير وتقدير ، أو عن كليهما ، فلو قال : (فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ؛ لما دفع هذين الوصفين عنه ، فإن الغافر الرَّاحم قد يكون إنما يفعل ذلك لضعفه ، أو لسوء تدبيره ، فقال : (فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ليدفع ذلك عنه ، وليقول : إنه إن عفا وغفر فعن كمال العزَّة والقدرة ، وعن غاية الحكمة والتدبير" (37) .[/FONT]
[FONT="]ويظهر للباحث أيضاً أن الفاصلة لو جاءت (الغَفَورُ الرَّحيم) لأوهم ذلك أن عيسى عليه السلام يستعطف – المولى عزوجل – العفو عن قومه الكافرين ، وذلك باستحضار معنى الوصفين (الغَفَورُ الرَّحيم) ، وهذا غير مراد قطعاً ؛ لذا كان الاحتراز من كل وجه في نظم هذه الآية بمجيء الفاصلة على النحو المذكور دون غيرها .[/FONT]
[FONT="]الخروج عن الظاهر في الاحتراز للمعنى :-[/FONT]
[FONT="]ومع أن القرآن الكريم يعمد في نظمه الرفيع إلى التحرز الشديد للمعنى ، والاحتراز له ، إلا أننا نتفاجأ بمجيء عبارات فيه ظاهرها موهم ، وتخرج في ظاهرها عن الاحتراز ، وهذا يدعو إلى إمعان النظر فيها وإنعام الفكر ؛ للوقوف على دقائق التعبير فيها . "وهذا غير ميسور من النظرة العجلى ، بل لا بد لإدراكها من قدح زناد الفكر ، وإعمال الذهن ، وإدامة النظر ، وإرهاف الحس"(38).[/FONT] [FONT="]والمتذوق للبيان "لا يجد متعة نفسه في الكلام الواضح المكشوف ، وإنما يجدها حيث يتحرك حسُّه وينشط ؛ ليستوضح ويتبيَّن ، ويكشف الأسرار والمعاني وراء الإيحاءات والرموز ، وحين يدرك مراده ، ويقع على طلبته من المعنى يكون ذلك أمكن في نفسه ، وأملك لها من المعاني التي يجدها مبذولة في ظاهر الألفاظ"(39)[/FONT] [FONT="]من ذلك قوله تعالى : {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ }النساء127 .[/FONT] [FONT="]فإن العجيب في هذا النظم مجيء قوله (وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ) فالفعل (رَغِبَ) حقُّه أن يقترن بحرف الجر ليُفهم معناه ، فهو يقترن بــ (في) ، (رغب في) للدلالة على طلب الشيء ، ويقترن بـ (عن) ؛ للدلالة على الانصراف عن الشيء (رغب عن) ، وقد تقرر عند النحاة أنه لا يجوز حذف حرف الجر عند اللبس ، كما هو الحال في هذا السياق ، يقول ابن عقيل(40) : "فإن لم يتعين الحرف لم يجز الحذف نحو : (رغبت في زيد) ، فلا يجوز حذف (في) ؛ لأنه لا يدرى حينئذ هل التقدير (رغبت عن زيد) أو (في زيد)" .[/FONT] [FONT="]وعند إنعام الفكر وإمعان النظر في سياق الآية يتضح " أن اللَّبس هنا مؤشر أسلوبي مقصود ؛ لأن اليتيمة الغنية لا يخلو إما أن تكون جميلة فيرغب وليُّها في زواجها والاستئثار بمالها فيكون المعنى (رغب في) ، وإما أن تكون قبيحة فيرغب عن زواجها ، ولكنه يعضلها بمنعها عن الزواج ليستمتع بمالها فيكون المعنى (رغب عن) ، فالمال مطلب للولي في الحالتين ، سواء صاحبه الزواج بالجميلة أم الرفض للقبيحة"(41) ؛ لذا جاء التعبير على هذا النحو (وترغبونَ أنْ تَنْكِحُوُهنَّ) ليجمع الدلالتين معاً (رغب في ورغب عن ) وهذا من بديع الإيجاز في اللفظ ، والاتساع في المعنى ؛ ليوافق المقال مقتضى الحال ، وما ظاهره عدم الاحتراس هو نفسه عين الاحتراز . [/FONT] [FONT="]ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا} (الأعراف155).[/FONT] [FONT="]فالفعل (اختار) يقترن بحرف الجر (مِنْ)، وحذف حرف الجر هنا مُلبس في تحديد موقعه، وخارج في ظاهره عن الاحتراز؛ لأنه لا يعرف هل هو (اختار موسى من قومه سبعين رجلاً) أو (اختار موسى قومه من سبعين رجلاً).[/FONT] [FONT="]والنحاة لا يجيزون في مثل هذا السياق حذف حرف الجر للإلباس ، يقول ابن عقيل(42) : " وكذلك إن لم يتعين مكان الحذف لم يجز ، نحو : (اخترت القوم من بني تميم) فلا يجوز الحذف : فلا تقول : (اخترتُ القومَ بني تميم) ؛ إذ لا يدرى هل الأصل : (اخترتُ القومَ من بني تميم) أو (اخترتُ من القومِ بني تميم) " .[/FONT]
[FONT="]والنظم القرآني رفيع المستوى في هذا التعبير ، وقصد إليه قصداً ، فكأن القرآن يشير إلى أن الاختيار تمَّ وفق مرحلتين ، الأولى اختار موسى من قومه سبعين رجلاً ، ثم كانت المرحلة الثانية إذ صار قومَه هؤلاء السبعون ، وفي ذلك إشارة إلى قلة الصالحين في بني إسرائيل ، وكثرة لددهم وعدم الانصياع ؛[/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="]فإسقاط حرف الجر قصد منه النعي على بني إسرائيل ، لكثرة تمرُّدهم وعصيانهم ، ودوام مخالفتهم لنبيهَّم ، حتى كأنَّه لم يجد فيهم خياراً غير هؤلاء السبعين ، فهم القوم كل القوم في ميزان الطاعة والصلاح ، وفي ذلك ما فيه من التلميح بكثرة العاصين ،وقلَّة الصالحين فيهم[/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="]([/FONT][FONT="]43)[/FONT][FONT="]. [/FONT]
[FONT="]وإذا كان ظاهر عدم الاحتراز فيما سبق سببه سقوط الحرف من نظم البيان، فإنه في سياقات أخرى يرجع سببه إلى الإبهام في رتب الكلام.[/FONT] [FONT="] من ذلك قوله تعالى : {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً }(الفرقان43) .[/FONT] [FONT="]فإن ظاهر نظم الآية مشكل في المعنى ، لجواز أن يجعل المؤمن إلهه هواه ، أي : محبوبه ، فالمحبوب يمكن أن يسمى "هوى" للمحب ، كما قال عروة بن أذينة:(44)[/FONT]
[FONT="]إنَّ التي زَعَمتْ فؤَادَك مَلَّها * خُلِقَتْ هَوَاكَ كما خُلِقْتَ هوىً لها[/FONT]
[FONT="]وهذا لا غبار عليه ولا اعتراض ، لكن السياق في الآية سياق ذم لمن هذا حاله ، فقد وصفه المولى – عزوجل – بالضلال في موضع آخر فقال تعالى : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } [/FONT][FONT="](الجاثية23)[/FONT][FONT="] .[/FONT] [FONT="]وعندما نمعن النظر بعمق في تحديد رتب الكلام ، نجد أن النظم على نحو (اتّخذ هواه إلههُ) ، ففي النظم تقديم وتأخير ، وعليه نعرب (هواه) مفعولاً أولاً للفعل (اتَّخذ) لزاماً ، وعلَّة التقديم "لأجل الحصر ، فكأنه قال : (أرأيتَ من لم يتخذ معبودَه إلا هواه) فهو أبلغ في ذمه وتوبيخه".(45)[/FONT] [FONT="]وقد يرد النظم في ظاهره لبس وخروج عن الاحتراز بسبب مجيء قيد أو وصف ليس مقصوداً بعينه في المقال ، وإنما هو وصف زائد يفهم من سياق الحال .[/FONT] [FONT="]من ذلك قوله تعالى: { وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنا } (النور33).[/FONT] [FONT="]فقد تقرر في الشرع الحكيم أن البغاء محرم مطلقاً ، سواء أرادت الفتاة التحصن أم لم ترده ، وعليه فإن الشرط في قوله (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ليس قيداً على حقيقته في نظم الكلام ، وإنما يفهم من سياق الحال الذي نزلت فيه الآية ، [/FONT][FONT="]وذلك أنها نزلت في قوم كانوا يُكرهون إماءهم على البغاء , وهنَّ يردن التحصن والعفاف , فهو وصف لحالهم , وفيه تبشيع وزجر لهم , إذ كانت إماؤهم أفضل منهم في التعفف , وهم يرغمونهنَّ على الفحشاء(46) .[/FONT]
[FONT="]ومن ذلك أيضاً قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران130 .[/FONT] [FONT="]فالإسلام قد حرَّم الرِّبا مطلقاً كثيره وقليله , وجاء ذلك صريحاً في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } (البقرة278) .[/FONT] [FONT="]لكن ظاهر النظم يشعر بقوله (أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً ) أنه قد نهى عن الرِّبا الفاحش الكثير، وهذا غير مراد.[/FONT] [FONT="]وعليه فالحال في قوله: (أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً ) ليست وصفاً مقيِّداً, وإنما هي وصف يفهم من سياق الحال عند نزول القرآن ، يقول أبو السعود(47) : " (أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً ) ليس لتقييد النهي بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخا لهم بذلك , إذ كان الرجل يربي إلى أجل , فإذا حلَّ الأجل , قال للمدين :- زدني في المال حتى أزيدك في الأجل فيفعل" . [/FONT]
· [FONT="]الخاتمة:[/FONT][FONT="]-[/FONT] [FONT="]ومما سبق ذكره يمكننا الوصول إلى النتائج الآتية:-[/FONT] 1- [FONT="]موضوع الاحتراز للمعنى هو من أهم الموضوعات في دراسة المعنى في النص القرآني؛ لأنه النص البياني المعجز الدقيق في استعمالاته اللغوية.[/FONT] 2- [FONT="]يتسع موضوع الاحتراز ليشمل صوراً كثيرة أهمها, الاحتراز بالإعراب, والتقديم والتأخير, والسياق, والفواصل القرآنية, وأنه يتجاوز ما ذكره القدماء إلى صور أخرى كثيرة تفهم من خلال النص القرآني.[/FONT] 3- [FONT="]أن التراكيب النحوية بمختلف أشكالها يتم تشكيلها وفقاً للمعنى المقصود منها , وأنه لا يخلو تركيب من معنى مراد .[/FONT] 4- [FONT="]دراسة المعنى في أدق صورها وأعمقها تتضح من خلال معرفة طرق الاحتراز لهذا المعنى.[/FONT] 5- [FONT="]تتسع دراسة الاحتراز للمعنى في القرآن الكريم لتشمل موضوعات كثيرة ,[/FONT][FONT="]يوصي الباحث بإفراد دراسات مستقلة لها , منها دراسة صور الاحتراز للمعنى من الوجهة البيانية في الصور والتشبيهات والمجاز , وكذلك طرق الاحتراز للمعنى في الجوانب الصرفية من صيغ ومشتقات , وكذلك طرق الاحتراز للمعنى في تعدد القراءات القرآنية ، وكذلك الاحتراز المعجمي بالألفاظ . [/FONT] 6- [FONT="]أن التعبير القرآني دقيق في أسلوبه البياني, وأن ما يظهر للمتلقي أنه خروج عن الاحتراز في بعض عباراته, هو في حقيقة أمره عند التحقيق والنظر الاحتراز بعينه. [/FONT]
[FONT="] الهوامش :-[/FONT]
(1) [FONT="]أحمد بن فارس ، معجم مقاييس اللغة ، تحقيق إبراهيم شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1999م ، مادة (حرز).[/FONT] (2) [FONT="]إسماعيل بن حماد الجوهري ، الصحاح ، دار الكتاب العربي – مصر ، مادة (حرز) .[/FONT] (3) [FONT="]محمد مرتضى الزبيدي ، تاج العروس من جواهر القاموس ، تحقيق عبد الستار فراج ، مطبعة الكويت ، مادة (حرز)[/FONT] (4) [FONT="]انظر :- ابن أبي الإصبع المصري ، تحرير التحبير ، تحقيق : د . حفني شرف ، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، القاهرة ، 1995م ، ص245.[/FONT] (5) [FONT="]علي بن محمد الشريف الجرجاني ، التعريفات ، مكتبة لبنان بيروت ، ص 25.[/FONT] (6) [FONT="]أبو الفتح عثمان بن جني ، الخصائص ، تحقيق : محمد علي النجار ، دار الهدى ، ط2 ، بيروت ، 3/101.[/FONT] (7) [FONT="]انظر : ابن رشيق القيرواني ، العمدة ، دار الجيل ، ط4 ، 1972م ، 2/69.[/FONT] (8) [FONT="]انظر :- د . فضل حسن عباس ، البلاغة فنونها وأفنانها ، دار الفرقان ، ط7 ، الأردن ، 2000م ، ص513.[/FONT] (9) [FONT="]انظر :- د . فضل حسن عباس ، البلاغة فنونها وأفنانها ، ص515.[/FONT] (10) [FONT="]د . فاضل صالح السامرائي ، الجملة العربية والمعنى ، دار ابن حزم ، بيروت ، 2000م ، ص30.[/FONT] (11) [FONT="]انظر : جار الله محمود بن عمر الزمخشري ، الكشاف ، دار الفكر ، 1977 ، 1/439.[/FONT] (12) [FONT="]بدر الدين محمد بن عبدالله الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، المكتبة العصرية ، بيروت ، 2004م ، ص 4/34.[/FONT] (13) [FONT="]انظر :- جار الله محمود بن عمر الزمخشري ، الكشاف ، 1/48 ، ود . سمير شريف استيتية ، منازل الرؤيا منهج تكاملي في قراءة النص ، دار الأوائل ، الأردن ، 2003م ، ص 325 – 326.[/FONT] (14) [FONT="]انظر : جار الله محمود بن عمر الزمخشري ، المفصل في علم العربية ، دار الجيل ، ط2 ، بيروت ، د.ت ، ص255 . وبهاء الدين بن عقيل ، شرح ابن عقيل ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة العصرية ، بيروت ، 2003م ، 2/246.[/FONT] (15) [FONT="]انظر : د . تمام حسان ، البيان في روائع القرآن ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1993م ، ص 178 .[/FONT] (16) [FONT="]د . تمام حسان ، البيان في روائع القرآن ، ص99.[/FONT] (17) [FONT="]انظر : عبد القاهر الجرجاني ، دلائل الإعجاز ، تحقيق : محمود شاكر ، مطبعة المدني ، ط3 ، القاهرة ، 1992 ، ص 287 – 288 .[/FONT] (18) [FONT="]د . فخر الدين قباوة ، إعراب الجمل وأشباه الجمل ، دار القلم العربي ، ط5 ، سوريا ، 1989م ، ص 67 .[/FONT] (19) [FONT="]انظر : جمال الدين ابن هشام الأنصاري ، مغنى اللبيب ، ت : مازن المبارك ، دار الفكر ، ط3 ، بيروت ، 1972 ، ص 514 .[/FONT] (20) [FONT="]الطاهر بن عاشور ، التحرير والتنوير ، الدار التونسية ، تونس ، 1984م ، 15/93.[/FONT] (21) [FONT="]سيد قطب ، في ظلال القرآن ، دار الشروق ، بيروت ، ط22 ، 1994 ، 6/3574 .[/FONT] (22) [FONT="]د . تمام حسان ، البيان في روائع القرآن ، ص 323 .[/FONT] (23) [FONT="]انظر : ضياء الدين بن الأثير ، المثل السائر ، دار الرفاعي ، ط2 ، الرياض ، 1983م ، 2/181 – 183 .[/FONT] (24) [FONT="]انظر :- المصدر السابق نفسه ، والصفحة نفسها .[/FONT] (25) [FONT="]انظر :- الزمخشري ، الكشاف ، 2/487.[/FONT] (26) [FONT="]د . تمام حسان ، اجتهادات لغوية ، عالم الكتب ، القاهرة ، 2007م ، ص 186 .[/FONT] (27) [FONT="]انظر :- الحافظ ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم ، دار الحديث ، القاهرة ، 2002 ، 1/499 – 510 ، ومحمد بن أحمد القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، المكتبة التوفيقية ، مصر ، د.ت ، 1/328 – 362 .[/FONT] (28) [FONT="]انظر :- أحمد ميقري الأهدل ، البرهان في إعراب آيات القرآن ، ت : د.حسن الأهدل ، المكتبة العصرية ، 2001م ، 1/190 ، و د. تمام حسان ، البيان في روائع القرآن ، ص404.[/FONT] (29) [FONT="]د.تمام حسان ، اجتهادات لغوية ، ص205.[/FONT] (30) [FONT="]انظر :- أبو البقاء العكبري ، التبيان في إعراب القرآن ، ت : علي البجاوي ، إحياء الكتب ، بيروت ، 1/204 ، ومكي بن أبي طالب القيسي ، مشكل إعراب القرآن ، ت : حاتم الضامن ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط2 ، 1405هـ ، 1/214.[/FONT] (31) [FONT="]عبد القاهر الجرجاني ، دلائل الإعجاز ، ص379.[/FONT] (32) [FONT="]أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، البيان والتبيين ، دار صعب ، بيروت ، 1401هـ ، 2/269.[/FONT] (33) [FONT="]بدر الدين الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، 1/89.[/FONT] (34) [FONT="]الطاهر بن عاشور ، التحرير والتنوير ، 2/226.[/FONT] (35) [FONT="]بدر الدين الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، 1/70.[/FONT] (36) [FONT="]انظر :- بدر الدين الزركشي ، البرهان 1/75 ، وجلال الدين السيوطي ، الإتقان في علوم القرآن ، مكتبة مصطفى الحلبي ، ط3 ، 1951 ، 2/103.[/FONT] (37) [FONT="]د. فاضل السامرائي ، لمسات بيانية في نصوص من التنزيل ، دار عمار ، ط3 ، الأردن ، 2003 ، ص 78 .[/FONT] (38) [FONT="]د . يوسف الأنصاري ، من أسرار نزع الخافض في القرآن ، مجلة جامعة أم القرى ، ج16 ، ع 28 ، 1424هـ ، ص723.[/FONT] (39) [FONT="]د . محمد أبو موسى ، خصائص التراكيب ، ط4 ، مكتبة وهبة ، مصر ، 1996م ، ص 154.[/FONT] (40) [FONT="]بهاء الدين ابن عقيل ، شرح ابن عقيل ، 1/488.[/FONT] (41) [FONT="]د . تمام حسان ، البيان في روائع القرآن ، ص 428 .[/FONT] (42) [FONT="]بهاء الدين ابن عقيل ، شرح ابن عقيل ، 1/488 – 489 .[/FONT] (43) [FONT="]د . محمد الأمين الخضري ، من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم ، مكتبة وهبة ، القاهرة ، 1989م ، ص 336 .[/FONT] (44) [FONT="]انظر :- أحمد بن علي القلقشندي ، صبح الأعشى في صناعة الإنشا ، تحقيق : د . يوسف الطويل ، دار الفكر ، دمشق ، 1987 ، 2/230.[/FONT] (45) [FONT="]محيي الدين الدرويش ، إعراب القرآن الكريم وبيانه ، دار ابن كثير ، دمشق ، د.ت ، 9/358 ، وانظر : د . تمام حسان ، البيان في روائع القرآن ، ص 439 .[/FONT] (46) [FONT="]انظر :- أبو السعود ، محمد بن محمد العمادي ، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ، دار المصحف ، القاهرة ، د.ت ، 5/45. ود. عبده زايد ، عكس الظاهر في ضوء أسلوب القرآن الكريم ولغة العرب ، دار الصحوة ، القاهرة ، 1992م ، ص 101 .[/FONT] (47) [FONT="]أبو السعود ، إرشاد العقل السليم ، 1/454.[/FONT]
[1]*- أستاذ اللغة والنحو المشارك – كلية الآداب – جامعة ذمار .