بحث بعنوان: استخدام نصوص الآيات القرآنية في التوجيه التربوي للطفل

إنضم
18/07/2010
المشاركات
537
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1
أهديكم مقتطفات من بحث قرآني كتبته مؤخرا بعنوان:
استخدام نصوص الآيات القرآنية في التوجيه التربوي للطفل
وهو من واقع جربته بنفسي ووفقني الله لتطبيقه في تربية صغاري, وقد بهرتُ بالنتائج حتى تمنيتُ لو أني ركزتُ في تربيتهم على هذا الجانب أكثر.
صحيح أن أسلوب استخدام نصوص الآيات القرآنية في التوجيه التربوي للطفل ليس جديدا مبتكرا, لكني أتناوله في بحثي هذا لأذكر به من لا يعرفه من آباء وأمهات ومربين, وذلك بأسلوب مبسط اجتهدت أن يكون مقنعا ومشجعا.
وكم تمنيت لو أني تناولت الموضوع بشكل مكثف ومتكامل, لكن هذا ما جاد به وقتي وجهدي, وأسأل الله أن يبارك فيه.
وقد اخترت نشر مقتطفات منه في ملتقانا الحبيب لعل الله أن ينفع به أعضاء وزوار ملتقى أهل التفسير, وسأعرض هذه المقتطفات في مشاركات تحت هذا الموضوع بمشيئة الله.

حفصة اسكندراني
20 ذو الحجة 1437هـ
 
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد
نحن أمةٌ شرَّفنا اللهُ بهذا القرآنِ, وجعله تاجَ فخرٍ على رؤوسنا؛ كتابٌ فيه عزنا ورفعتنا, وتاريخنا ومستقبلنا, ومنه نستمد قوتنا, ونستقي دستورنا ومنهجنا, وبه نرقى القمم ونسود الأمم.
وحاجة المسلمين لهذا الكتاب في عصرنا الحاضر حاجة ماسة فقد وهنت الأمة وتكالب عليها الأعداء ينهشون جسدها ويشوهون فكرها ويهزون ثقة أبناءها بها, ويزعزعون مبادئها ويهدّون ثوابتها, حتى بتنا مسخا هزيلا مستباحا لكل أحد, فتحكّم الأعداء في مصائرنا, ومدوا يدا خبيثة تسرق أبناءنا من بين أيدينا, باسم التحضر والتمدن, وتحت غطاء مواكبة موجات الحضارة المتلاحقة, فإذا بهم بيننا أجسادا بلا فكر ولا روح, فعقولهم بأيد الغرب يشكلونها كيفما شاءوا, فينشأ بيننا جيل من الشباب هو العدو الأول لنفسه ودينه وقومه, وهو الساعي في نقض عرى الإيمان عروة عروة, لذا كان لزاما على أفراد الأمة الناصحين فيها أن يهبوا لإفشال خطط الأعداء, فينادوا بالعودة إلى كتاب الله ليكون هو المرجع والمصدر والدستور والمنبع, وهو المربي الأول للنشء وهو المقوم والموجه, حتى لا تتلقف عقول أبناءنا أيد العابثين فيشوهوهم.
والطفل أول ما يرى من الوجود منزله وذويه, فترتسم في ذهنه أول صور الحياة, مما يراه من حالهم, وطرق معيشتهم, فتتشكل نفسه المرنة القابلة لكل شيء والمنفعلة بكل أثر؛ بشكل هذه البيئة, يقول الإمام الغزالي: "الصبي أمانة عند والديه, وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش, ومائل إلى كل ما يقال, فإن عود الخير وعلمه؛ نشأ عليه, وسعد في الدنيا والآخرة, وشاركه في ثوابه كل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم؛ شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له"[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]) قال صلى الله عليه وسلم: " كل مولود يولد على الفطرة"[SUP] ([SUP][2][/SUP][/SUP]), ولقد أدرك سلفنا وأجدادنا القدامى أهمية مرحلة الطفولة, وأن ذاكرة الصغير أقوى من ذاكرة الكبير, وقدرة الحفظ لديه أعظم, ووفق إدراكهم هذا اعتنوا بتربية النشء أيّما عناية, "فتربية الطفل فرصة لا تتكرر, ولا يمكن إيقاف نفادها, والسنوات الخمس الأولى في حياة أي طفل تشكل أهم مرحلة تربوية في حياته, وينبغي ألا يسمح للأسرة الجاهلة والأسر التي يغلب عليها الانحراف = بالانفراد بتربية أبنائها في تلك السن الحساسة, فتؤذي أبناءها في البداية, ومجتمعها في النهاية". [SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP])
ومهما تحدثنا مع أطفالنا عن المثالية والأخلاق الحميدة لن تترسخ لديهم حتى يروها ماثلة أمامهم في سلوكيات الكبار؛ لأنهم هم القدوة في زمن تُشَوّه فيه القدوات, زمن كثر فيه الانفتاح على العالم عبر وسائل الاتصال المختلفة, ذلك العالم المتعدد الأطياف والرؤى والمبادئ, "حتى باتت أهم مشكلة يعاني منها الإنسان تتمثل في كيفية امتلاك الحكمة في إدارة الحرية الواسعة التي باتت في حوزته. ورغم التطور الحضاري المتلاحق والذي يُظَن أنه يساهم في تحسين نوعية الإنسان والارتقاء بحياته, إلا أن دلائل الواقع تشير إلى أن سلوك الناس يبتعد عن العلم ويميل إلى الانجراف في هاوية الرغبات والأهواء".[SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP])
فمعظم الآباء مهزومون أمام أنفسهم, قاصرون عن إيجاد الحكمة التي من خلالها تدار مساحات الحرية في حياتهم وفي حياة أبناءهم, ومشكلة الوالدين والمربين عموما تكمن في اضطرابهم وارتباكهم في السير على خطط التطوير التربوي, خاصة مع عجزهم عن ملاحقة تطلبات التطور الحضاري التي تتلاحق.
"إن واقع البيئات الجديدة تفرض علينا نعومة في التعامل, وثقة بالذات, وقدرة على ضبط النفس, وفاعلية في الأداء, ودقة في الفهم, ومبادرة إلى الخير أكبر وأعظم مما كان سائدا لدى الجيل السابق.. وغرس هذه المعاني وتفعيلها يحتاج إلى خبرات وأساليب تربوية جديدة.[SUP] ([SUP][5][/SUP][/SUP])
لذا قام المربين بتناول التربية الإسلامية باهتمام بالغ, وأفردوا لها المؤلفات, وتناولوها في كل وعاء جديد يصلح, فهناك البرامج الإذاعية والتلفزيونية وأشرطة (الكاسيت), والمحاضرات والدورات والمؤتمرات, وما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. وغيرها, مما يعكس اهتمام المربين عامة في عصرنا الحاضر بتربية الأجيال وحسن تأديبهم.
وحين نستطلع السواد الأعظم من الكتب الإسلامية التي تناولت تربية الطفل؛ نجدها لا تنفك عن الاستشهاد بالآيات القرآنية والسيرة النبوية وتؤصل وتنظر منهما, وفي بحثي هذا لا أتحدث عن أهمية أن تكون التربية مستقاة من كتاب الله, فقد تم تناول هذا الموضوع من المربين باستفاضة, ولا يزال, لكني فقط أسلط الضوء على أهمية استحضار الآيات القرآنية عند توجيه النشء لربطهم المباشر بالقرآن الكريم.




([1]) محمد نور بن عبدالحفيظ سويد, التربية النبوية للطفل, ص31

([2]) رواه البخاري في كتاب الجنائز (1385), ورواه مسلم باب القدر حديث (22ـ25)

([3]) د.عبدالكريم بكار, بناء الأجيال, ص209 بتصرف

([4]) د.عبدالكريم بكار, بناء الأجيال, ص8 بتصرف

([5]) د.عبدالكريم بكار, دليل التربية الأسرية 75 ملحظا تربويا للأبوين, ص12
 
تعريف التربية: "هي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا"[SUP] ([SUP][1][/SUP][/SUP]).
ويرى كثير من علماء المسلمين أن التربية هي: "عملية تحقيق النمو المتزن المنسجم لجميع استعدادات الفرد الجسمية والنفسية والعقلية والخلقية حتى يصل إلى كماله"[SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP])
"ومصطلح التربية القرآنية يعني: تنشئة الفرد وإعداده على نحو متكامل في جميع أموره العقدية والتعبدية والخلقية, والعقلية والنفسية والصحية, وتنظيم سلوكه وعواطفه على وفق ما أمر الله تعالى به في كتابه الكريم"[SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]), والتربية الإسلامية تستهدف تكوين المسلم الحق الذي يعيش زمانه في ضوء العقيدة والمبادئ التي يؤمن بها.[SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP])
وثمة مراحل هامة لبناء وتثقيف وتأهيل المربي, فإن لم يكن إخراج جيل مسلم قرآني مميز يبدأ من المربي فلن يتحقق هذا الهدف, فتأهيل هذا المربي أمر هام, لن ينجح إلا بتعلمه وصبره وإصراره وتفانيه في تربية وتقويم الصغار, وإدراكه للهدف الذي يسعى لتحقيقه في نفوس أبناءه؛ فالمربون يخفقون حين تتشتت بوصلتهم فلا يعرفون ما الذي يريدون غرسه بالتحديد في النشء الغض الذي بين أيديهم.
"ولقد اكتوى كثير من أبناء هذه الأمة المباركة بنيران النظريات والفلسفات التربوية الغربية الوافدة, والتي تضر أكثر مما تنفع, وتهدم أكثر مما تنفع غالبا"[SUP] ([SUP][5][/SUP][/SUP]) لذا كان لزاما الالتفات إلى التربية القرآنية المعجزة الآمنة الصالحة لكل زمان ومكان.
"فالتربية القرآنية تربية مميزة؛ لأنها تعد الإنسان للحياة كما تعده للموت, وتربط بينه وبين محيطه المادي والمعنوي, وهذا الترابط ينتج عنه تكامل وتفاعل بين عناصر الوجود, وهو سر من أعظم أسرار الخليقة مكّن التربية القرآنية من أن تتميز بالاستمرارية والعمومية لكل الناس في كل زمان ومكان".[SUP] ([SUP][6][/SUP][/SUP])


([1]) د.عبد الرحمن عميرة, منهج القرآن في تربية الرجال, ص6

([2]) د.عبد الرحمن عميرة, منهج القرآن في تربية الرجال, ص6

([3]) د.عبدالله موسى أبو المجد, التربية القرآنية بين النظرية والتطبيق, بحوث ملتقى التربية بالقرآن ـ مناهج وتجارب, ج 1, ص186

([4]) د.عبدالكريم بكار, بناء الأجيال, ص13

([5]) د.عبدالله موسى أبو المجد, التربية القرآنية بين النظرية والتطبيق, ص176

([6]) د.صالح عبدالله حميد, نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم, ج1, ص57
 
المراد بأسلوب استخدام نصوص الآيات القرآنية المباشرة في توجيه الطفل:
استحضار الآيات القرآنية المناسبة عند توجيه النشء لربطهم المباشر بالقرآن الكريم, فلا يكفي أن يطبق المربي الأساليب القرآنية والنبوية في التربية فقط وإنما يلقى على مسامع الطفل آية تناسب التوجيه الذي يوجهه إليه مهما صغر سن الطفل, دون أن يتوقف كثيرا عند الآية, وإنما يسردها أثناء التوجيه.
ومشكلتنا تكمن في أن أطفالنا داخل الأسرة ـ المحضن التربوي الأول ـ يكونون بمنأى عن الاتصال المباشر مع الآيات القرآنية في توجيههم, صحيح أن المربي الذي يعنى بتطبيق الأساليب التربوية من الكتب التربوية التي تستقي أساليبها من الكتاب والسنة؛ يخرج لنا طفلا يتأدب بالآداب ويحسن التعامل.. لكن هذا الطفل لا يعرف مصدر تلك الآداب على وجه الدقة, هل توجيهه لخفض صوته ـ على سبيل المثال ـ من آداب الإسلام؟ أم من آداب ما يُعرف بـ (الاتيكيت) أعني الآداب الإنسانية العامة؟.
إن الأساليب التربوية الإسلامية التي لا تعتمد أسلوب استخدام نصوص الآيات القرآنية المباشر في توجيه الطفل؛ قد تفرز نماذج جيدة لأطفال صالحين مهذبين يعرفون الحلال والحرام, لكن هذه النتيجة غالبا ما تكون أقل نفعا إذا ما قورنت بنتيجة استخدام المربين داخل أسرهم للآيات القرآنية في التوجيه.
ولتقريب الصورة وتوضيح الفرق أقول: من يوجه الطفل تربويا في الغرب والشرق (الغير إسلامي) يعلمه مثلا أن السرقة عيب ومنقصة وهي فعل يستوجب العقوبة من القانون, ومفهوم المخالفة من هذا التوجيه يخبر الطفل بأنه إذا أمن مراقبة أعين الناس والقانون له فليس هناك كبير إشكال في ممارسة بعض السلوكيات الممنوعة, وإذا جئنا للمربي المسلم نراه يلقن الطفل أن السرقة حرام يحاسب عليها يوم القيامة, وقد يكتفي بعضهم بهذه المعلومة, وقد يزيد البعض بتعريف الطفل بعقوبة السارق في الاسلام "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا" [SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]) , لكن قلة من يقرن التوجيه بترديد الآية على مسمع الطفل أثناء التوجيه, بل وفي كل مناسبة يتطرق فيها للحديث عن السرقة, بل ويقرن ذلك بآيات وأحاديث أخرى تعزز مراقبة الله في السر والعلن, مثل:"ألم يعلم بأن الله يرى" [SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]),"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" [SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]), وإني لأعتقد جازمة أن هذا الأسلوب في النهي عن السرقة أكثر عمقا وأثراً على الطفل.

ومن الانصاف الاعتراف بأن هذا الأسلوب التربوي مطروق وليس بجديد, فهو يطبق في بيوت أهل القرآن, خاصة إذا كان الأبوين أو أحدهما من حفظة القرآن الكريم وكانا ممن وفقهم الله للعناية بهذا الجانب في تربية أبنائهم.
وما أطمح إليه من وراء كتابة بحث كهذا إلقاء الضوء على أهمية هذا الموضوع طمعاً في أن يتم إعداد دراسة عنه مستقبلا؛ دراسة تتناول هذا الأسلوب باستفاضة, وتجمع الآيات التربوية وهداياتها من القرآن حتى يسهل للوالدين ـ وإن لم يكونا من حفظة كتاب الله ـ استخدام هذا الأسلوب مع أبناءهم بهدف ربط النشء بكتاب الله تبارك وتعالى, فالطفل يشكل عادة تصوراته ومفهوماته عن الوجود والأشياء من خلال الكلمات التي يسمعها من والديه ومعلميه ومجتمعه, لكن هذه التصورات تظل بسيطة وخالية من مضامينها الحقيقية حتى تُختبر وتُعايش معايشة حقيقية, حينها تترسخ وتنعكس على القناعات, ويشكل بعضها المبادئ التي تنمو بنمو هذا الطفل.

إن الطفل الذي يحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة تتكون لديه أصح التصورات عن الوجود, ويستوعب عواقب الأمور, ويميز بين حسن الأخلاق وسيئها, وما فرض الله عليه من عبادات, ويساعده حفظه للقرآن على الاستشهاد بآياته, ولكن يبقى استيعابه مقتصراً على الآيات التي يحفظها, وتلك التي فسرت له تفسيراً واضحاً, إلا إذا حظي بمعلم فذ, وحقيقة قلما نجد من الأطفال من يكون قرآناً حياً تطبيقاً وعملاً مع حسن الحفظ والاستشهاد؛ ولسنا بصدد الحديث في هذا البحث عن هذه الفئة النادرة, فواقعنا يشهد أن ثمة قصور نعاني منه في حلق التحفيظ في جانب التفسير؛ حيث أن الجهد ينصب غالبا على الحفظ, فيأتي السلوك مخالفا للهدي القرآني, لقصور المربي في الربط بينهما, ومن يحسن سلوكه ثم تجده لا يستحضر الآيات التي تشتمل الهدي القرآني في الخلق والمعاملة والعبادات = فهو أحد اثنين: إما أنه يحفظ القرآن حفظا بلا فهم, فيجعله ذلك عاجزا عن الاستشهاد من حفظه بشيء من هذه الآيات, وإما أنه لم يصل بحفظه إلى تلك الآيات بعد.
لكن أسلوبنا الذي نتحدث عنه في هذا البحث يتميز بأنه يقرن الدليل بالحدث, فيحفظ الطفل الشاهد من الآيات من كثرة ترديده على مسمعه مفسرا بالواقع, ومن أي موضع كان من المصحف, ما يعني أن هذا الأسلوب يستخلص ما بين دفتي المصحف من هدي قرآني في الأخلاق والعبادات والمعاملات؛ خاصة تلك التي يحتاج الطفل لمعرفتها, ومن ثم يطلب من المربي تلقين الطفل إياها مع التوجيه التربوي في ميدان الحياة اليومية, بغض النظر عن حفظ الطفل للقرآن أم لا, وبغض النظر عن حفظه حفظاً مفسراً أو غير مفسر.

والقرآن الكريم زاخر بأساليب تربوية شتى, منها أسلوب القصة التي تختزل تجارب الأمم ومساحات من التاريخ والزمن, بالإضافة لقوة تأثيرها في السامع, ويمكن للوالدين بإجادتهم لمهارات السرد القصصي جذب الطفل والتأثير عليه, وصرفه عن سلبيات الموقف الذي استغرقه واستلزم منهما توجيهه, فباستماع الطفل لقصص القرآن الكريم التي يغيّر المربي أسلوبه في سردها في كل مرة؛ فيزيد من تفاصيلها في كل مناسبة = سينصرف الطفل عن واقع المشكلة التي هو فيها إلى أحداث القصة فتقل بذلك ضغوط واقعه, وتهدأ نفسه, ويزيد حبه للمعرفة, وتُوسع مداركه, ويجعله ذلك يستبصر العواقب قبل الوقوع فيها منذ نعومة أظافره, "فالقصص والحكايات تزيل الأوهام من عقول الناشئة وتساعد على إدخال الدلالات الرمزية في حيز المعقول".[SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP])

"وجميل أن ينتبه المربي إلى أهمية اضفاء جو الدعابة والمرح والطرفة على الجو التعليمي, لأن ذلك يعود بآثار ايجابية على أمزجة الطفل وقابليته للتعلم".[SUP]([SUP][5][/SUP][/SUP]) وتجهم المربي وغضبه أثناء التوجيه حتى وإن استخدم آيات من القرآن فإن أسلوبه قد يخرج الاستدلال عن الهدف المراد منه, فعلى سبيل المثال ليس مناسباً أن نستخدم آية تنهى عن التكبر والاختيال كقوله تعالى:"والله لا يحب كل مختال فخور" [SUP]([SUP][6][/SUP][/SUP]), بأسلوب خال من اللطف والنصيحة والهدوء والحكمة, فإذا بالمربي يجعلها بسوء أسلوبه بدلا من تحذير ونهي عن التكبر وحث على البعد عن أسبابه؛ إلى حكم عنيف يشعر الطفل بأن الله لا يحبك.. وهذا هو الدليل القرآني على ذلك!.
ولا يخفى على المربي أهمية اختبار المفاهيم والتصورات على أرض الواقع, فالمربي لا يأمر الطفل بالصدق ويخبره أنه منجاة فقط, وإنما يأتيه في ميدان التجربة التي صدق فيها فيريه كيف أن الصدق منجاة "فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم" [SUP]([SUP][7][/SUP][/SUP]), وأن صاحبه شجاع يستحق الاحترام خاصة إذا قرن قول الصدق بالندم على الخطأ الذي ارتكبه في حال أنه أخطأ, مما قد يخفف عنه التوبيخ والعقاب, وبهذا الشكل ستترسخ الكثير من المفاهيم القرآنية لدى الطفل, بل إن مصداقية بعض التجارب ستدفع الطفل للإيمان والتسليم بمصداقية مفاهيم أخرى وإن لم يجربها ويختبرها على أرض الواقع, ما يعني أننا ساهمنا في صناعة شخصية إسلامية قرآنية رائعة, لها شأن في مستقبل الأمة بمشيئة الله.
وفي كتاب الله أساليب كثيرة استطاعت تهذيب أناس قد عاشوا في الجاهلية أكثر مما عاشوا في الإسلام.. فكيف بمضغ صغيرة لـمّا تلوثها الحياة بعد؟؟


([1]) سورة المائدة 38

([2]) سورة العلق 14

([3]) سورة النساء 58

([4]) د.عبدالكريم بكار, بناء الأجيال, ص8 بتصرف

([5]) المرجع السابق, ص 86 بتصرف

([6]) سورة الحديد 23

([7]) سورة محمد 21
 
فوائد أسلوب استخدام نصوص الآيات القرآنية المباشرة في توجيه الطفل

ثمة فوائد جمة ستظهر نتائجها على الطفل على المدى القريب والبعيد حين تستخدم الآيات القرآنية في توجيهه, فهذه الطريقة تعلمه أن القرآن الكريم إنما هو مصدر تحاكمنا ومعاملاتنا, وإليه نرجع, وأن تصرفاتنا لا تخلوا من دليل وحجة وبرهان, وسيعجب المربي حين يطلب منه طفله دليلا على توجيه ما, فيقول له: ماذا قال الله عن هذا في القرآن؟ أو ماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك في السنة؟, لأن الطفل الذي نشأ على سماع الآيات في توجيهه سيعدّها مصدره ومرجعه, وبها يحاجج, وإليها يتحاكم, "فتعاليم الشريعة عندما تتمكن من نفس الفرد ومشاعره تصبح بمثابة ضابط خلقي يحاكم المرء نفسه إليه, عندما يقف أمام أمور مشتبهات"[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]) ليس هذا فحسب؛ بل نجد الطفل الذي نشأ على هذا الأسلوب يدعو غيره مستخدما نصوص الآيات بطلاقة وانسيابية, ولا يخفى علينا البعد العميق لطفل ينهى طفلا مثله أو شخصا بالغا عن السرقة أو الغيبة أو عن الخيانة بآية من كتاب الله.
"وللقرآن ـ كما هو معلوم ـ تأثير كبير على النفس البشرية عامة, يهزها ويجذبها ويضرب على أوتارها, وكلما اشتدت النفس صفاء كلما زادت تأثرا, والطفل أقوى الناس صفاء وفطرته ما زالت نقية, والشيطان ما زال في كبوته تجاهها",[SUP] ([SUP][2][/SUP][/SUP]) "وحينما يعايش الطفل القرآن ترتيلا وفهما يستطيع أن يحل كثيرا من مشاكله الاعتقادية والنفسية, ويقوّم سلوكه, ويهدئ انفعالاته العصبية, ويوسّع ذاكرته",[SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]) "فتعديل السلوك في ضوء المنهج القرآني يعمل على علاجات الاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية والمشكلات الأسرية والمدرسية".[SUP] ([SUP][4][/SUP][/SUP])
إن طفلا تُكرر على مسامعه الآيات في توجيهه ولو بواقع مرة أو مرتين كل أسبوع؛ لابد وأن تهذب نفسه بالقرآن, حتى لترى نور الهداية يشع من عينيه الصغيرتين, فتستشرف له شأنا في المستقبل, وغرس هذه الأخلاق والمعاملات القرآنية في الطفل ستجعله عينا يقظة تدرك الأخطاء إذا ما ارتُكبت حوله, ويتفطن اذا ما انتُهكت محارم الله وعُصيت أوامره, بل وتجعله ذا جرأة في قول الحق وتصويبه؛ لأن آلة التصويب وأسلوب الاستشهاد بالآيات قد تشبع به هو نفسه حتى بات يتقنه, فتراه مصلحًا مجتمعيًا صغيرًا, قادرًا على مجاراة الدعاة في توجيه الشباب, وهو يدرك هدفه "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"[SUP] ([SUP][5][/SUP][/SUP]), ولي تجربة تحضرني عند التحدث عن هذه النقطة تحديدا وسأقصها من باب الفائدة والاستئناس.. فقد لاحظت أن ابني ذي الثمانية أعوام كان يتعمد في وقت من الأوقات ـ حين نكون في الأسواق المغلقة (المولات) أو في المنتزهات ـ أن يسأل مجموعات الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 ـ 15 سنة عن مكان المصلى إذا ما حان وقت الصلاة, وكيف السبيل إليه؟, ثم يخبرهم وكأنه لم يعرف الوصف: حسنا .. سأذهب معكم!, وبالفعل يذهب بعضهم معه إلى الصلاة, وأحيانا يقول لهم: المكان بعيد لماذا لا نصلي هنا؟ وبالفعل يتحمس كبيرهم للإمامة وتقام الصلاة, وبعد سؤاله عن ذلك أخبرني ـ بارك الله فيه وفي إخوته ـ : لو قلت لهم تعالوا نصلي لسبوني وضربوني لكن هذه خطة! "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" [SUP]([SUP][6][/SUP][/SUP]), لقد فهم المراد وطبقه قدر استطاعته, صحيح أن الكثير من هذه الأشياء الجميلة قد تتغير وتتبدل في أبناءنا بعد مرحلة البلوغ لكن ليكن يقيننا في الله بأن يجعل أبناءنا هداة مهتدين محبين للخير وأهله وأن يثبتهم على الحق حتى يلقوه.


([1]) د.أحمد صالح بني سلامة, التربية القرآنية منهج تأصيلي (المفهوم, والأسس, والضوابط نموذجا), بحوث ملتقى التربية بالقرآن ـ مناهج وتجارب, ج 1, ص40

([2]) محمد نور بن عبدالحفيظ سويد, التربية النبوية للطفل, ص237

([3]) المرجع السابق ص 239 بتصرف

([4]) د.عاطف سيد عبدالجواد علي, أساليب تعديل السلوك المستنبطة من القرآن الكريم وتطبيقاتها التربوية, بحوث ملتقى التربية بالقرآن ـ مناهج وتجارب, ج 4, ص272

([5]) سورة النحل 125

([6]) سورة النحل 125
 
نماذج من الآيات القرآنية التي يمكن توجيه النشء بها في: العقيدة والأخلاق والمعاملات والعبادات.

في زمننا هذا المنفتح على ساحات الفتن والشهوات؛ تعد التربية على مراقبة الله خير ما يغرسه والد في ولده, فينمي داخله الشعور بأن الله في عالمه الغيبي يشغلنا, ويهمنا رضاه حتى وإن لم نره, فهو حاضر في حياتنا وفي كل تفاصيلها, كل الفعال نقيسها على ميزان رضاه لنقدم أو نحجم, "وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير" [SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]), فتأكيد هذا المفهوم باستمرار وإلحاح, رغم توالى أخطاء الطفل يجعله تدرجياً يبدأ في استحضار وجود الله في خلوته فيحجم عن أي فعل سيء.
ومن القرآن يجب أن يستقي الطفل عقيدته النقية بانسيابية "قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد" [SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]) تتلى عليه وتشرح له معانيها, ويقص عليه قصة ثبات بلال وقوله: أحد أحد.. فترسخ في ذهنه صورة الثبات رغم الألم والعذاب من أجل حماية العقيدة.
نعرف الطفل بأننا نحب الله ونطمئن بذكره: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]), ونرضى بكل قضاءه حتى ذاك القضاء الذي لا يحلو لنا "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP]), فنحن لا نعلم بنظرنا القاصر أين الخير؟ لكننا نؤمن أن الله سيختاره لنا, وما يصيبنا إنما هو مكتوب ومقدر علينا من الله "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون" [SUP]([SUP][5][/SUP][/SUP]).
ومن الجيد إشعار الطفل بأنه مسؤول عن فعاله: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"[SUP] ([SUP][6][/SUP][/SUP]), وأن أمامه دربين "وهديناه النجدين" ﭐ[SUP] ([SUP][7][/SUP][/SUP]), إما طريق يوصل إلى الجنة وإن حف بالمكاره, والآخر يأخذ به إلى النار وإن بدت له الأهواء والسعادة الدنيوية المؤقتة تحف بها, وليس لنا دليل إلى درب النجاة سوى نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, فلا نؤمن حتى نتبع شرعه "ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون" [SUP]([SUP][8][/SUP][/SUP]) "وما ءاتكم الرسول خذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [SUP]([SUP][9][/SUP][/SUP])
ولابد أن نبصّر أطفالنا بعدوهم الأول دون خوف من أن يسبب إدراكهم لوجود عالم آخر غير مرئي = إشكالات نفسية, لأن الطفل استوعب وجود الله تبارك وتعالى وآمن به بلا مشاكل, لذا يعلمه على حسب إدراكه كيف يتحصن من الشيطان, ويلقنه الاستعاذة بالله منه "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله"[SUP]([SUP][10][/SUP][/SUP]).
ومن الجميل تنمية شعور الطفل بالامتنان لله بكل نعمة في حياته, "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" [SUP]([SUP][11][/SUP][/SUP]), وأن الله مستحق للشكر, "ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد"[SUP]([SUP][12][/SUP][/SUP]) يزيد الشاكرين نعما, والكافرين غفلة وانغماسا في المعاصي, وليس جيداً أن يرانا الله أو يسمعنا نتسخط على أنعمه, فثمة أناس قد حرمهم الله نعمه.. فلله الحمد والمنة.
ويلقن الطفل كذلك الآداب القرآنية في المأكل والمشرب, فالمسلم ينبغي أن يقتصد في أكله وشربه وصرف أمواله "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [SUP]([SUP][13][/SUP][/SUP]), وعند مرض الطفل يُلقن: "وإذا مرضت فهو يشفين" [SUP]([SUP][14][/SUP][/SUP]) فيرددها ثقة بأن الله هو الشافي الذي بدونه لن يجدي الدواء شيئا, فيتعلم أن الدواء سبب أمرنا بفعله لكن الله هو من يأذن بالشفاء.
وعلينا أن نغرس في الطفل تقدير والديه وندله على مفاتيح البر بل ويريه المربي صور البر واقعية ببذله هو نفسه لوالديه, فيكون قدوة عملية في حسن البر بالوالدين "ووصينا الإنسان بوالديه" [SUP]([SUP][15][/SUP][/SUP]),"أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" [SUP]([SUP][16][/SUP][/SUP]),"فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما"[SUP] ([SUP][17][/SUP][/SUP]), لو أدرك الطفل واستوعب أهمية البر منذ نعومة أظافره فستظل نفسه اللوامة تلاحقه فيما لو حاد عن هذا الدرب في فترات مراهقته.
وما أجمل أن يحفظ الطفل وصايا لقمان من كثرة ما يرددها والديه على مسمعه ويوجهانه بها, "يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور * ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور * واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" [SUP]([SUP][18][/SUP][/SUP]).
وجميل أن نسمع الطفل من الآيات التي حكت حب الله لصفة ما أو فعل ما فينشأ الطفل محباً لله متتبعا لمرضاته "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" [SUP]([SUP][19][/SUP][/SUP]).
وينشأ طيب النفس يذكر الله إذا رأى ما يعجبه مستشهداً بقوله تعالى: "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله"[SUP] ([SUP][20][/SUP][/SUP]).
حريصاً على عبادة الله حتى يكون من عباد الله المؤمنين :والذين هم على صلاتهم يحافظون"[SUP]([SUP][21][/SUP][/SUP]), "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"[SUP]([SUP][22][/SUP][/SUP]).
كما يعالج الأبوين سلوكيات الطفل السيئة التي يلحظانها عليه بأسلوب هادئ متعقل, مطعم بالاستشهاد بآيات القرآن الكريم قدر الاستطاعة, فحين يكذب الطفل نحثه على الصدق: "ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"[SUP]([SUP][23][/SUP][/SUP]), "فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم" [SUP]([SUP][24][/SUP][/SUP]).
ونحذره من السخرية بالآخرين "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن" [SUP]([SUP][25][/SUP][/SUP]),"ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب" [SUP]([SUP][26][/SUP][/SUP]), أو ذكر الآخرين بما يكرهون في غيبتهم "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه"[SUP] ([SUP][27][/SUP][/SUP]).
وفي الغيرة "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"[SUP]([SUP][28][/SUP][/SUP]), وقصة غيرة إخوة يوسف منه وكيف كادت تدفعهم الغيرة لقتل أخيهم وإيذاء أبيهم من فقد فلذة كبده, "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين * اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا"[SUP]([SUP][29][/SUP][/SUP]).
وفي تشجيع الطفل على تجنب الكبر والاعتداد بالنفس "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"[SUP]([SUP][30][/SUP][/SUP]).
وفي الإحسان لليتيم والمسكين "فأما اليتيم لا تقهر * وأما السائل فلا تنهر"[SUP]([SUP][31][/SUP][/SUP]).
كما يلقن عند الغضب: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" [SUP]([SUP][32][/SUP][/SUP]), "وقولوا للناس حسنا" [SUP]([SUP][33][/SUP][/SUP]).
وعلى المربي حين يرى أن الطفل لم يستوعب مقصود الآية ولم يفهم ما ترمي إليه؛ يحاول تيسير سبل الفهم له, ويبسط المعاني لسن الطفل وفويقه قليلا, وأعني بفويقه قليلا ألا ينتهج المربي دائما تبسيط الأسلوب والمعاني لسن الطفل أو أصغر من سنه, ويعتقد أن أسلوباً يفوق سن الطفل لن يستوعبه, والحقيقة أننا نحن من نوسع مدارك أطفالنا, وكلما استمرينا في اعتبارهم أصغر من سنهم سيظلون هكذا طوال حياتهم, حتى تجد بعض الآباء والأمهات يتحدثون مع أبنائهم الشباب كما لو كانوا في المرحلة الابتدائية, لذا لا عجب أن نرى الشاب بالمقابل يتدلل ويعاند ويسيء الأدب في حديثه تماماً كالطفل الذي أرادوه.


([1]) سورة الحديد 4

([2]) سورة الإخلاص

([3]) سورة الرعد 28

([4]) سورة البقرة 216

([5]) سورة التوبة 51

([6]) سورة الإسراء 36

([7]) سورة البلد 10

([8]) سورة النور 52

([9]) سورة الحشر 7

([10]) سورة فصلت 36

([11]) سورة إبراهيم 34

([12]) سورة إبراهيم 7

([13]) سورة الأعراف 31

([14]) سورة الشعراء 80

([15]) سورة لقمان 14

([16]) سورة لقمان 14

([17]) سورة الإسراء 23

([18]) سورة لقمان 17 ـ 19

([19]) سورة البقرة 222

([20]) سورة الكهف 37

([21]) سورة المعارج 34

([22]) سورة المؤمنون 8

([23]) سورة التوبة 119

([24]) سورة محمد 21

([25]) سورة الحجرات 11

([26]) سورة الحجرات 11

([27]) سورة الحجرات 12

([28]) سورة النساء 32

([29]) سورة يوسف 8 , 9

([30]) سورة النجم 32

([31]) سورة الضحى 9 ـ 10

([32]) سورة آل عمران 134

([33]) سورة البقرة 83
 
وفي الجدول التالي آيات يمكن الاستشهاد بها في توجيه الطفل في مناسبات مختلفة, وقد جمعتها ليسهل استحضارها, وبين دفتي المصحف الكثير والكثير مما يمكن أن يضاف عليه:





 
الصعوبات التي تواجه المربي في اتباع أسلوب استخدام نصوص الآيات القرآنية المباشرة في توجيه الطفل.

ليس هناك سلبيات من استخدام أسلوب قرآني في تربية الأبناء, وليس هناك قلق بإذن الله من استخدام أسلوب كهذا, لكن هناك صعوبات قد تواجه المربي في اتباع هذا الأسلوب, منها:
*عدم حفظ الأبوين للقرآن الكريم, مما يولد رهبة من تلقين الطفل آية بها خطأ فيحفظها خاطئة, كما أن المواقف التربوية لا تحتمل انصراف المربي إلى المصحف أو إلى حاسوب قبل توجيه الطفل ليراجع الآيات.
* عدم احاطة المربي بتفسير الآيات التي يستخدمها في توجيه الطفل, وقد يفسر الآيات على غير تفسيرها الصحيح تساهلا منه, والمشكلة الأكبر إذا ترسخ التفسير الخاطئ في ذهن الطفل.
*استخدام الأسلوب بشكل عشوائي غير مدروس قد يؤدي إلى نتائج عكسية, فحين يستخدم المربي هذا الأسلوب دائماً في إيضاح الحرام وما لا ينبغي على الطفل فعله بطريقة جافة, ثم لا يستخدمه حين يحسن الطفل التصرف = فقد ينتقل إلى الطفل شعور: بأن القرآن هو مجموعة قيود خانقة في حياته!, وكلما قال المربي: (قال الله كذا..) انقبض الطفل لأنه تعود أن ما سيأتي به القرآن إنما هو تقييد جديد يفرض على حريته وأهواءه وتصرفاته, "فلا يجوز أن يتكئ المربي على خط الخوف حتى يرعب الطفل بغير موجب بكثرة الحديث عن غضب الله وعذابه والنار وبشاعتها, إنما ينبغي كما هو مقرر في المنهج الرباني في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المزاوجة الدائمة بين الرضا والغضب, والنعيم والعذاب, وأن نبدأ بالترغيب لا الترهيب, حتى يتعلق قلب الطفل بالله, فهو أحوج في صغره إلى الحب, ولا بأس أن يصل الترهيب إلى نفس الطفل من طريق غير مباشر"[SUP]([/SUP][SUP][SUP][1][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP].

ختاما..
من خلال هذا البحث تتضح معالم أسلوب استخدام نصوص الآيات القرآنية المباشرة في توجيه الطفل داخل أسرته, وقد عرضتُ أهمية هذا الأسلوب ونتائجه على المدى القريب والبعيد, كما عرضت نماذج لآيات يمكن أن تساعد المربي في توجيه الطفل, وتكون دافعاً له لتطوير هذا الأسلوب وتعزيزه بالمزيد من الآيات, كما أنها ستدفعه كلما كبر الطفل واستوى شاباً لإيصال الأحكام والعبادات الأكثر تفصيلا له من خلال تفسير آيات أخرى, ليخرج لنا شاب يطبق القرآن ويتخلق به ويفهمه وإن لم يحفظه.

هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


([1]) صباح بنت ناصر بن عبدالله الطليان, منهج تربية الناشئة في القرآن الكريم ودوره في مواجهة الأخطار المعاصرة ـ دراسة موضوعية,0 ص322
 
عودة
أعلى