نماذج من الآيات القرآنية التي يمكن توجيه النشء بها في: العقيدة والأخلاق والمعاملات والعبادات.
في زمننا هذا المنفتح على ساحات الفتن والشهوات؛ تعد التربية على مراقبة الله خير ما يغرسه والد في ولده, فينمي داخله الشعور بأن الله في عالمه الغيبي يشغلنا, ويهمنا رضاه حتى وإن لم نره, فهو حاضر في حياتنا وفي كل تفاصيلها, كل الفعال نقيسها على ميزان رضاه لنقدم أو نحجم, "وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير" [SUP](
[SUP][1][/SUP][/SUP]), فتأكيد هذا المفهوم باستمرار وإلحاح, رغم توالى أخطاء الطفل يجعله تدرجياً يبدأ في استحضار وجود الله في خلوته فيحجم عن أي فعل سيء.
ومن القرآن يجب أن يستقي الطفل عقيدته النقية بانسيابية "قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد" [SUP](
[SUP][2][/SUP][/SUP]) تتلى عليه وتشرح له معانيها, ويقص عليه قصة ثبات بلال وقوله: أحد أحد.. فترسخ في ذهنه صورة الثبات رغم الألم والعذاب من أجل حماية العقيدة.
نعرف الطفل بأننا نحب الله ونطمئن بذكره: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [SUP](
[SUP][3][/SUP][/SUP]), ونرضى بكل قضاءه حتى ذاك القضاء الذي لا يحلو لنا "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [SUP](
[SUP][4][/SUP][/SUP]), فنحن لا نعلم بنظرنا القاصر أين الخير؟ لكننا نؤمن أن الله سيختاره لنا, وما يصيبنا إنما هو مكتوب ومقدر علينا من الله "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون" [SUP](
[SUP][5][/SUP][/SUP]).
ومن الجيد إشعار الطفل بأنه مسؤول عن فعاله: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"[SUP] (
[SUP][6][/SUP][/SUP]), وأن أمامه دربين "وهديناه النجدين" ﭐ[SUP] (
[SUP][7][/SUP][/SUP]), إما طريق يوصل إلى الجنة وإن حف بالمكاره, والآخر يأخذ به إلى النار وإن بدت له الأهواء والسعادة الدنيوية المؤقتة تحف بها, وليس لنا دليل إلى درب النجاة سوى نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, فلا نؤمن حتى نتبع شرعه "ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون" [SUP](
[SUP][8][/SUP][/SUP]) "وما ءاتكم الرسول خذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [SUP](
[SUP][9][/SUP][/SUP])
ولابد أن نبصّر أطفالنا بعدوهم الأول دون خوف من أن يسبب إدراكهم لوجود عالم آخر غير مرئي = إشكالات نفسية, لأن الطفل استوعب وجود الله تبارك وتعالى وآمن به بلا مشاكل, لذا يعلمه على حسب إدراكه كيف يتحصن من الشيطان, ويلقنه الاستعاذة بالله منه "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله"[SUP](
[SUP][10][/SUP][/SUP]).
ومن الجميل تنمية شعور الطفل بالامتنان لله بكل نعمة في حياته, "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" [SUP](
[SUP][11][/SUP][/SUP]), وأن الله مستحق للشكر, "ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد"[SUP](
[SUP][12][/SUP][/SUP]) يزيد الشاكرين نعما, والكافرين غفلة وانغماسا في المعاصي, وليس جيداً أن يرانا الله أو يسمعنا نتسخط على أنعمه, فثمة أناس قد حرمهم الله نعمه.. فلله الحمد والمنة.
ويلقن الطفل كذلك الآداب القرآنية في المأكل والمشرب, فالمسلم ينبغي أن يقتصد في أكله وشربه وصرف أمواله "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [SUP](
[SUP][13][/SUP][/SUP]), وعند مرض الطفل يُلقن: "وإذا مرضت فهو يشفين" [SUP](
[SUP][14][/SUP][/SUP]) فيرددها ثقة بأن الله هو الشافي الذي بدونه لن يجدي الدواء شيئا, فيتعلم أن الدواء سبب أمرنا بفعله لكن الله هو من يأذن بالشفاء.
وعلينا أن نغرس في الطفل تقدير والديه وندله على مفاتيح البر بل ويريه المربي صور البر واقعية ببذله هو نفسه لوالديه, فيكون قدوة عملية في حسن البر بالوالدين "ووصينا الإنسان بوالديه" [SUP](
[SUP][15][/SUP][/SUP]),"أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" [SUP](
[SUP][16][/SUP][/SUP]),"فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما"[SUP] (
[SUP][17][/SUP][/SUP]), لو أدرك الطفل واستوعب أهمية البر منذ نعومة أظافره فستظل نفسه اللوامة تلاحقه فيما لو حاد عن هذا الدرب في فترات مراهقته.
وما أجمل أن يحفظ الطفل وصايا لقمان من كثرة ما يرددها والديه على مسمعه ويوجهانه بها, "يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور * ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور * واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" [SUP](
[SUP][18][/SUP][/SUP]).
وجميل أن نسمع الطفل من الآيات التي حكت حب الله لصفة ما أو فعل ما فينشأ الطفل محباً لله متتبعا لمرضاته "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" [SUP](
[SUP][19][/SUP][/SUP]).
وينشأ طيب النفس يذكر الله إذا رأى ما يعجبه مستشهداً بقوله تعالى: "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله"[SUP] (
[SUP][20][/SUP][/SUP]).
حريصاً على عبادة الله حتى يكون من عباد الله المؤمنين :والذين هم على صلاتهم يحافظون"[SUP](
[SUP][21][/SUP][/SUP]), "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"[SUP](
[SUP][22][/SUP][/SUP]).
كما يعالج الأبوين سلوكيات الطفل السيئة التي يلحظانها عليه بأسلوب هادئ متعقل, مطعم بالاستشهاد بآيات القرآن الكريم قدر الاستطاعة, فحين يكذب الطفل نحثه على الصدق: "ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"[SUP](
[SUP][23][/SUP][/SUP]), "فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم" [SUP](
[SUP][24][/SUP][/SUP]).
ونحذره من السخرية بالآخرين "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن" [SUP](
[SUP][25][/SUP][/SUP]),"ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب" [SUP](
[SUP][26][/SUP][/SUP]), أو ذكر الآخرين بما يكرهون في غيبتهم "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه"[SUP] (
[SUP][27][/SUP][/SUP]).
وفي الغيرة "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"[SUP](
[SUP][28][/SUP][/SUP]), وقصة غيرة إخوة يوسف منه وكيف كادت تدفعهم الغيرة لقتل أخيهم وإيذاء أبيهم من فقد فلذة كبده, "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين * اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا"[SUP](
[SUP][29][/SUP][/SUP]).
وفي تشجيع الطفل على تجنب الكبر والاعتداد بالنفس "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"[SUP](
[SUP][30][/SUP][/SUP]).
وفي الإحسان لليتيم والمسكين "فأما اليتيم لا تقهر * وأما السائل فلا تنهر"[SUP](
[SUP][31][/SUP][/SUP]).
كما يلقن عند الغضب: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" [SUP](
[SUP][32][/SUP][/SUP]), "وقولوا للناس حسنا" [SUP](
[SUP][33][/SUP][/SUP]).
وعلى المربي حين يرى أن الطفل لم يستوعب مقصود الآية ولم يفهم ما ترمي إليه؛ يحاول تيسير سبل الفهم له, ويبسط المعاني لسن الطفل وفويقه قليلا, وأعني بفويقه قليلا ألا ينتهج المربي دائما تبسيط الأسلوب والمعاني لسن الطفل أو أصغر من سنه, ويعتقد أن أسلوباً يفوق سن الطفل لن يستوعبه, والحقيقة أننا نحن من نوسع مدارك أطفالنا, وكلما استمرينا في اعتبارهم أصغر من سنهم سيظلون هكذا طوال حياتهم, حتى تجد بعض الآباء والأمهات يتحدثون مع أبنائهم الشباب كما لو كانوا في المرحلة الابتدائية, لذا لا عجب أن نرى الشاب بالمقابل يتدلل ويعاند ويسيء الأدب في حديثه تماماً كالطفل الذي أرادوه.
([1]) سورة الحديد 4
([2]) سورة الإخلاص
([3]) سورة الرعد 28
([4]) سورة البقرة 216
([5]) سورة التوبة 51
([6]) سورة الإسراء 36
([7]) سورة البلد 10
([8]) سورة النور 52
([9]) سورة الحشر 7
([10]) سورة فصلت 36
([11]) سورة إبراهيم 34
([12]) سورة إبراهيم 7
([13]) سورة الأعراف 31
([14]) سورة الشعراء 80
([15]) سورة لقمان 14
([16]) سورة لقمان 14
([17]) سورة الإسراء 23
([18]) سورة لقمان 17 ـ 19
([19]) سورة البقرة 222
([20]) سورة الكهف 37
([21]) سورة المعارج 34
([22]) سورة المؤمنون 8
([23]) سورة التوبة 119
([24]) سورة محمد 21
([25]) سورة الحجرات 11
([26]) سورة الحجرات 11
([27]) سورة الحجرات 12
([28]) سورة النساء 32
([29]) سورة يوسف 8 , 9
([30]) سورة النجم 32
([31]) سورة الضحى 9 ـ 10
([32]) سورة آل عمران 134
([33]) سورة البقرة 83