بحث "برامج إعداد معلمات القرآن الكريم الواقع والمستقبل"

إنضم
18/07/2010
المشاركات
537
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1
أضع بين أيديكم بحثي المتواضع الذي شاركت به كحلقة نقاش في المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية
والذي أقيم في الفترة 10 – 13 جمادى الأولى 1436 هـ
وإني لأرجو الله أن ينفع به ويجعله خالصا لوجهه الكريم.
البحث بعنوان:
"برامج إعداد معلمات القرآن الكريم الواقع والمستقبل"
حفصة محمد سعد اسكندراني
ملاحظة: البحث تمت طباعته ضمن مجلدات بحوث المؤتمر, كما وتم نشره في موقع المؤتمر بصيغة pdf
المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية


المقدمــــة
الحمد لله العظيم المنان, الذي من علينا بالإسلام, وأنزل علينا القرآن أفضل كلام, فيه هدى وعبرة لأولي الأحلام.. بُعث به محمد عليه الصلاة والسلام, خليل الله وصفوته من بين الأنام, صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الكرام..
أما بعد..
لقد شهدت سطور التاريخ على عناية أمتنا الإسلامية في مختلف عصورها بكتاب الله تعلماً وتعليماً, وما كان ذاك إلا لأن القرآن روح الإسلام ودستوره, ومنبع شرائعه وأحكامه التي من خلالها تُنظّم حياة الفرد والمجتمع, وهو سبب لنزول الرحمة على الأمة إذا قرؤوه واستمعوا له وعملوا به؛ قال تعالى: "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون"[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]), وقال أيضا: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" [SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]), لذا صُرفت جهود المسلمين على هذا الكتاب السماوي العظيم لدراسة علومه, واستخراج كنوزه, وتتبع معجزاته وهداياته جيلاً بعد جيل, حتى أُفردت مؤلفات طوال في كل علم من علومه, بل وفي جزئيات من تلك العلوم, ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب وإنما جُنّدت جهود للعناية بتعلم حروفه وألفاظه, ليتناقلها المسلمون قرناً بعد قرن, وهي بعد باقية على نطقها بالطريقة التي أقرأها جبريل عليه السلام لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. لم تؤثر فيها عوامل الزمن التي تقتضي ضعف اللسان العربي والعجمة.
والتخصص في الإقراء يعد هدياً نبوياً شريفاً، فقد قال صلى الله عيه وسلم: "استقرؤوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب"[SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]), كما بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى: (رِعل وذكوان وعصية وبني لحيان) سبعين رجلاً من الأنصار، قال أنس - رضي الله عنه - : " كنا نسميهم القراء في زمانهم"[SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP]).
وكان أخذ الصحابة للقرآن الكريم من النبي صلى الله عليه وسلم على طبقتين: طبقة أخذت عنه مباشرة كابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وأُبيّ، وزيد، وغيرهم من المكثرين, وطبقة أخذت عن الصحابة كابن عباس، وعبد الله بن السائب، وغيرهم من صغار الصحابة رضي الله عن الجميع.
ومضى الأمر في المئة الهجرية الأولى على أن عامة الناس يقرؤون بما في المصاحف الموجهة إليهم، وَفق ما أقرأهم الصحابة والتابعون, ثم اشتهر بعد ذلك طائفة من القراء تجردوا للقراءة، واعتنوا بضبطها أتم عناية، وداوموا عليها فنسبت إليهم[SUP]([SUP][5][/SUP][/SUP]).
ومرت العصور وأُنشئت الكتاتيب, وأُعدّ للتدريس فيها المتفوقون من طلابها, ثم ظهر في عصرنا الحاضر محاضن متخصصة لإعداد معلمي القرآن الكريم, تختلف في رؤاها ومناهجها وبرامجها؛ لكنها تتحد في هدفها تأهيل معلم القرآن الكريم وتأصيله علمياً وتربوياً، ليكون ضابطاً لتلاوة القرآن الكريم وأحكامها التجويدية، قادراً على العطاء التربوي، متمكناً من أداء رسالته مع مختلف الشرائح التي يدرسها.
ومن هنا رأيتُ أهمية التحدث عن برامج إعداد معلم القرآن الكريم في عصرنا الحاضر, خاصة في المملكة العربية السعودية, وأخص منها تلك التي تعنى بالإناث, لألقي الضوء على برامجها, وطريقة الدراسة بها, وبعض الإيجابيات والسلبيات التي تعتريها, حتى أصل إلى نموذج أمثل أحاول فيه الاستفادة من إيجابيات كل برنامج وتجنب سلبياته.
وبعد أن حرصتُ أول الأمر على تزويد هذا البحث بمعلومات دقيقة عن معاهد معروفة لإعداد معلمات القرآن الكريم بالمملكة, وعرضتُ نماذج من مناهجها؛ رأيتُ أن أكتفي بذكر معلومات عامة عن هذه المعاهد وغيرها دون تحديد مسمياتها, وذلك للأسباب التالية:
*أنني لو استشهدتُ في بحثي ببرنامج لإحدى الجمعيات في إعداد معلمات القرآن الكريم ولم أحصر بقية الجمعيات التي تسير على ذات النهج؛ ففي ذلك تميز لواحدة على حساب الآخرين, وقد يكون النموذج الذي استشهدت به مقلداً لأصل أعرق منه, وذكر الأقدم بالطبع أولى.
*برامج إعداد المعلمات من أكثر البرامج التي يتم التعديل عليها سنوياً, فلا يمكن أن يقال أن برنامج إعداد المعلمات في هذه الجمعية يعتمد على برنامج مُعين إلا إذا حُددت سنة تطبيق هذا البرنامج, وهذا أمر صعب, وليس مجاله في بحث مختصر كهذا.
لأجل ذلك رأيتُ أن الحديث العام عن هذه البرامج دون الاستشهاد بأحدها يجعل الفائدة أكمل, خاصة لمن يبحث عن برنامج أمثل لإعداد معلمات القرآن الكريم مستفيداً من تجارب البرامج المنفذة.
ولقد اقتضتُ طبيعة البحث أن أقسمه إلى مقدمة, وتمهيد, وثلاثة مباحث, وخاتمة, وذلك على النحو الآتي:
المقدمة
التمهيد: لمحة عن الاهتمام بتعليم المرأة القرآن الكريم وإنشاء الجمعيات الخيرية النسائية بالمملكة لهذا الغرض.
المبحث الأول:
أشكال برامج إعداد المعلمات في المملكة, وتحته مطلبان:
المطلب الأول: الشكل الأول لبرامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
· المواد التي تدرس في هذه المعاهد.
· إيجابيات هذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
· سلبيات عامة لهذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
المطلب الثاني: الشكل الثاني لبرامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
· إيجابيات هذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
· سلبيات عامة لهذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
المبحث الثاني:
إيجابيات وسلبيات المناهج المكثفة والمخففة في القرآن والتجويد في أي برنامج كان, وتحته مطلبان:
المطلب الأول: منهج القرآن (حفظاً).
· إيجابيات وسلبيات المنهج المكثف في القرآن الكريم حفظاً.
· إيجابيات وسلبيات المنهج المخفف في القرآن الكريم حفظاً.
المطلب الثاني: منهج التجويد.
· إيجابيات وسلبيات المنهج المكثف في التجويد.
· إيجابيات وسلبيات المنهج المخفف في التجويد.
المبحث الثالث:
النموذج المقترح الذي يحاول جمع إيجابيات البرامج المطبقة ويتجنب سلبياتها, وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: استبانة آراء مفتوحة حول برامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
المطلب الثاني: النموذج المقترح.
المطلب الثالث: عوامل تؤثر في تحسين مخرجات برامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
الخاتمة.
والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل, وأن يكلل أعمالنا بالقبول وعظيم الأجر والمثوبة.

التمهيد
رغم أننا نعيش في عصور وهن وضعف تعتري أمتنا الإسلامية؛ إلا أن المتأمل ليغتبط بما يراه ويلمسه من توسع في إنشاء وإعداد الحلقات القرآنية, خاصة النسائية منها بشكل لم يكن معهوداً من قبل, حتى صار في كل حي من أحياء المدن دار أو أكثر لتحفيظ القرآن, وتشهد هذه الدور إقبالاً كثيفاً حتى أن بعضها يكتظ بالمقبلات على تعلم كتاب الله من جميع الفئات العمرية.
وقد بدأت الجمعيات الخيرية مسيرتها المباركة بافتتاح الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في مكة المكرمة سنة 1382هـ, تلتها الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة سنة 1383هـ, وفي العام نفسه تأسست الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ببريدة, ثم في عام 1385هـ تأسست الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في جازان, ثم في سنة 1386هـ تأسست الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض, ثم توالى تأسيس الجمعيات الأخرى في جميع مناطق المملكة بفروعها المنتشرة في جميع المحافظات والمراكز التابعة لها[SUP]([SUP][6][/SUP][/SUP]).
وقد اعتنت محاضن تحفيظ القرآن الكريم من جمعيات خيرية وغيرها في عصرنا الحاضر بوضع برامج لإعداد معلمات القرآن الكريم لأجل إعداد معلمة مميزة, فياضة العطاء, لتغطية احتياجات الحلقات القرآنية القابلة للتوسع تحت ضغط الإقبال, ولأجل تحسين مخرجاتها لتواكب المتغيرات التربوية الحديثة, وتساير معايير الجودة في المؤسسات التعليمية الأخرى, كما أن "الاتجاهات الحديثة في علم الإدارة والتنظيم في كافة المؤسسات الرسمية والخيرية تدعو في السنوات الأخيرة إلى الحرص على تطبيق الجودة في كافة المنظمات خاصة التربوية والتعليمية"[SUP]([SUP][7][/SUP][/SUP]).
وإعداد معلم/ معلمة القرآن لهذه المهمة الشريفة أمر غاية في الأهمية, لأنه محور نجاح العملية التعليمية, ولو كانت بعض العلوم يمكن أخذها من غير معلم؛ فالقرآن لا ينطبق عليه ذلك.
وقد كُتب وأُلف الكثير في صفاتٍ ومقوماتٍ يجب توفرها في معلم القرآن الكريم قديما وحديثا, وسأذكر بعض تلك الصفات إجمالا لأفرد مساحة من هذا البحث للهدف الأساسي من كتابته.
يرى الدكتور حازم حيدر في كتابه "المقومات الشخصية لمعلم القرآن الكريم"[SUP]([SUP][8][/SUP][/SUP]) أنه يجب أن تتوفر في معلم القرآن الكريم مقومات ذاتية هي: (التمسك بمنهج السلف في الاعتقاد, إخلاص النية, التدين الصادق, حسن الخلق, المقومات العلمية, التأهل بأساسيات العلم الشرعي, الإلمام بعلوم التخصص, الاستمرار في طلب العلم).
وهناك مقومات تربوية: (كوضوح الغاية من التعليم, التدرج في التعليم, مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب, الرفق في التعليم, الصبر على المتعلِّم, استخدام الوسائل التوضيحية, العدل بين الطلاب, القدرة على إدارة الحلقة القرآنية)[SUP] ([SUP][9][/SUP][/SUP]).
المبحث الأول:
أشكال برامج إعداد المعلمات في المملكة, وتحته مطلبان:
المطلب الأول:
الشكل الأول لبرامج إعداد المعلمات (إيجابياته وسلبياته والمواد المدرَّسة فيه)
المطلب الثاني:
الشكل الثاني لبرامج إعداد المعلمات (إيجابياته وسلبياته)

منذ نشأت برامج إعداد معلمات القرآن الكريم في جميع أنحاء المملكة وهي في تغيير وتطوير دائم لفكرتها وطريقتها ومناهج تدريسها تزامناً مع المستجدات والعوامل المحيطة بها وتطور وسائل التعليم, وهذا التغيير قلما تسلم منه إدارة تقوم على مثل هذه البرامج, وهم معذورون في ذلك لأن برامج إعداد معلمات القرآن الكريم تعتبر جديدة لم يسبق أن خُصصت لها دراسة نظامية من قبل, ومن الطبيعي أن يعتري كل جديد شيء من التجارب والاضطراب لأجل الوصول إلى تطوير يحقق الأهداف, ويتماشى مع الواقع الذي يفرض نفسه على طريقة تطبيق هذه البرامج.
ولقد اطلعتُ على نماذج عدة لبرامج إعداد معلمات القرآن الكريم, ووقفتُ على بعضها بنفسي أثناء دراستي وتدريسي في عدد من الجمعيات الخيرية, ويمكنني أن أقسم هذه البرامج إلى شكلين أساسيين, ستندرج تحتهما جميع البرامج المطبقة في المملكة ولو بشكل تقريبي, ولا يمنع أن يكون ثمة أشكال أخرى تطبق هنا أو هناك ولم يصل إليها علمي.
· الشكل الأول لبرامج إعداد المعلمات: تدريس القرآن الكريم والتجويد مع تدريس عدد من المواد الأخرى كعلوم القرآن والعلوم الشرعية وبعض المواد التربوية.
· الشكل الثاني لبرامج إعداد المعلمات: يدرس القرآن الكريم والتجويد, مع مادة إضافية واحدة او اثنتين.


المطلب الأول: الشكل الأول لبرامج إعداد معلمات القرآن الكريم المطبقة (المواد المدرَّسة فيه وإيجابياته وسلبياته)

الشكل الأول: الشكل الأول لبرامج إعداد المعلمات: تدريس القرآن الكريم والتجويد مع تدريس عدد من المواد الأخرى كعلوم القرآن والعلوم الشرعية وبعض المواد التربوية.
وهذا الشكل تقريباً هو الشكل المعتمد في المعاهد الخاصة بتخريج معلمات القرآن الكريم, حيث تكون مدة الدراسة فيه: إما عامان, أو عام واحد مكثف.
وفي العامين يتم وضع منهج للتجويد وكذلك منهج لحفظ القرآن الكريم وتلاوته, موزعاً على أربعة فصول دراسية, ثم يتم تدريس مواد علوم القرآن, والعلوم الشرعية, والتربوية, وإقامة بعض الأنشطة الدعوية المختلفة, موزعة على الفصول الدراسية الأربعة, فبعض المواد تُدرس كاملة في فصل واحد، وفي الفصل التالي تحل محلها مادة أخرى, وبعض المواد تقسم على فصلين أو أكثر, وهكذا, ويكون على الطالبة اجتياز المواد جميعها بنجاح للحصول على شهادة المعهد, وفي حال الرسوب في مادة فإنه يتم حملها وحدها ودراستها في فصل دراسي جديد مع الدفعة الجديدة, وفي بعض المعاهد يتم إعادة دراسة الفصل الذي حدث الرسوب في مادة منه كاملاً مع الدفعة الجديدة.
وأما إذا كانت مدة الدراسة في هذا البرنامج عام واحد؛ فيعتمد فيه تدريس مواد أقل ومناهج أقل من مناهج العامين ولكن بنفس الطريقة المطبقة فيها تقريباً, مع اختلاف يسير في الأنظمة الإدارية والتنظيمية التي تختلف من معهد لآخر.
· المواد التي تدرس عادة في هذه المعاهد لا تخرج عن المواد التالية:
*القرآن وعلومه: (القرآن, التجويد, علوم القرآن, تفسير, وأحياناً مادة القراءات في بعض المعاهد).
*المواد الشرعية وهي: (العقيدة, الحديث, الفقه الإسلامي, الثقافة الإسلامية, السيرة النبوية).
*المواد التربوية: (أصول التربية الإسلامية, علم النفس التربوي, علم نفس مراحل النمو, مهارات التدريس في الحلقات القرآنية, تقنيات التعليم, مهارات شخصية, مهارات لغوية, أخلاق أهل القرآن, تربية عملية, طرق تدريس).
وهناك مواد خاصة تدرس لمعلمات القرآن اللاتي تم إعدادهن لتدريس رياض الأطفال منها: ( دور الحضانة ورياض الأطفال, اتجاهات حديثة في تربية الطفل, الأصول العامة للتربية, برامج رياض الأطفال, التنشئة الاجتماعية للأطفال, إدارة وتنظيم, رياض الأطفال, نمو المفاهيم والمهارات للطفل, القياس النفسي وتقويم الأطفال, سيكولوجية لعب الأطفال, إرشاد الطفل وتوجيهه, تنمية المفاهيم الفنية والحركية والإصغائية لمعلمة رياض الأطفال, سيكولوجية الابتكار لدى الأطفال, النمو النفسي للأطفال, تنمية مهارات سرد القصة لدى معلمة رياض الأطفال, سيكولوجية الطفل غير العادي, صحة الطفل وتغذيته, أدب الطفل وثقافته).
*كما أن هناك بعض النشاطات الدعوية الاجتماعية المختلفة والتي تطلبها بعض المعاهد من طالباتها بجانب الدراسة.
وهناك أيضا إضافات أخرى كتطبيقات للحاسب الآلي في التعلم, واللغة العربية... الخ, وليس شرطاً في كل معهد أن تكون المواد التي تدرس فيه بنفس مسمياتها التي ذكرت آنفاً بل قد تدمج عدة مواد مما سبق تحت مادة واحدة, وهكذا, وقد يستغنى أيضاً عن عدد من المواد حسب خطة كل معهد ورؤيته.
*وفي بحثي عرضت نموذجين للدراسة في هذ البرنامج[SUP]([SUP][10][/SUP][/SUP]), وهو خاص بإحدى الجمعيات الخيرية, لكني لم أعرضه هنا في الملتقى بسبب التنسيق, ويمكن الرجوع إليه في موقع المؤتمر.

· إيجابيات هذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم:
أن معلمة القرآن تتخرج ملمة بالعلوم الدينية بشكل جيد, وتكون ثقافتها وثقتها بنفسها عالية, فنكون أمام نموذج داعية مسلحة بالعلوم التي تمكنها من النجاح في المجال الدعوي والتربوي, وبالتالي ستكون قادرةً على تربية وتخريج جيل من الطالبات تربين على خلق القرآن وسلامة المعتقد.
· سلبيات عامة لهذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم:
هذا الشكل من معاهد إعداد معلمات القرآن الكريم -رغم انتشاره- فإنه من الناحية التي تهمنا هنا في هذا البحث وهي: تخريج معلمة ماهرة بالقرآن الكريم أولاً ثم مثقفة بشتى العلوم الدينية الأخرى؛ فإنه يعتبر ذا مخرجات ضعيفة, لأنه معتمد على إضافة مواد كثيرة تدرس بجانب المواد الأساسية, وبعض تلك المواد دسم يشغل الطالبة طوال مدة دراستها حتى تتخرج, فإذا ما تخرجت كانت داعيةً أقرب من كونها معلمة قرآن ماهرة.
ولو أن طالبة من هذه المعاهد أتقنت جميع العلوم وتفوقت فيها ثم بالكاد نجحت في القرآن -لضعف مستواها فيه- فإنها ستتخرج بدرجات أفضل من طالبة مستواها متوسط إلى ضعيف في جميع العلوم لكنها حصلت على درجة عالية في القرآن الكريم نظراً لإتقانها للتلاوة والتجويد وجودة قراءتها وترتيلها!, وهذا المثال مزعج جداً, لأن الهدف الأساسي من هذه المعاهد هو إعداد معلمات القرآن الكريم وليس إعداد داعيات يُجدن تدريس القرآن إلى حد متوسط, وللإنصاف أقول إن بعض الجهات النسوية قد أدركت هذه المشكلة فحاولت التعامل معها بتقليص نسبة المواد التي تدرس وجعل نسبة القرآن الكريم والتجويد هي الأعلى لتجنب حدوث المثال السابق ذكره, ومع ذلك يبقى إشغال الطالبة بالمواد الأخرى مع منهج القرآن مشكلة تحتاج لعلاج.
وهناك مشكلة أخرى لاحظتُها في هذه المعاهد وقد تناقشتُ فيها مع جملة من معلمات ومنسوبات بعض هذه المعاهد, ووافقنني الرأي فيها, وهي: أن هذه المعاهد تعتمد عادة على تكثيف منهج حفظ القرآن, فمثلاً أحد معاهد إعداد معلمات القرآن الكريم وعلومه المعروفة في الرياض يطلب من الطالبة حفظ القرآن كاملاً أثناء دراستها, بواقع 7 أجزاء تقريباً في كل ترم دراسي, رغم أن شروط قبول الطالبة في الأساس: أن تكون حافظة لخمسة أجزاء فقط, ما يعني أنها ستحفظ خمسة وعشرين جزءاً أثناء دراستها, وهذه مشكلة أخرى تؤدي إلى إشغال الطالبة تماما بالحفظ الغيب عن تصحيح تلاوتها, هذا بالإضافة لإشغالها وربما إنهاكها بالمواد الأخرى, كل ذلك سيكون على حساب تعليمها وتصحيح تلاوتها وتدريبها على تجاوز أخطائها الخفية والجلية, مما يؤكد نظرية أن المتخرجة من هذه المعاهد هي أقرب إلى داعية منها إلى معلمة قرآن.
وفي الاستبانة التي أجريتُها لهذا البحث والتي سيأتي الحديث عنها لاحقاً؛ رأت 66% تقريباً من المشتركات فيها أن إلزام الطالبة بمنهج مكثف في حفظ القرآن الكريم يشغل الطالبة عن التركيز في منهج التلاوة وتصحيحها, وكذلك تقويم اللسان والأخطاء التطبيقية.
وفي الجدول السابق يتضح تخصيص الوزن النسبي الأعلى للعلوم القرآنية, وهذا يحاول علاج السلبية الأولى إلى حد ما, لكن المشكلة تتضح أكثر في تفصيل الوزن النسبي للمواد القرآنية, إذ أن الأعلى نسبة بينها هو القرآن (حفظا), بينما خصص للتلاوة- التي هي أساس برنامج دورات إعداد معلمات القرآن الكريم- نسبة 4% فقط من إجمالي المواد.
المطلب الثاني: الشكل الثاني لبرامج إعداد معلمات القرآن الكريم المطبقة (إيجابياته وسلبياته)
· الشكل الثاني: الشكل الثاني لبرامج إعداد المعلمات: يدرس القرآن الكريم والتجويد, مع مادة إضافية واحدة او اثنتين.
وهذا الشكل يتميز بقلة مواده, ويقوم بتدريس مادة أو اثنتين من المواد التربوية البسيطة لتعين الطالبة على العملية التعليمية كطرق التدريس, بالإضافة للمواد الأساسية وهي: القرآن والتجويد, ومنهج القرآن الغيب إما أن يكون مخففاً أو مكثفاً, وكذلك التجويد, وأحياناً يضاف شيء من التفسير على شكل محاضرات محدودة.
وتكون مدة إعداد المعلمة فيه سنة دراسية تقريباً (10 أشهر أو أقل).
· إيجابيات هذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم:
*قلة المواد التي تدرس مع القرآن تعين الطالبة على التركيز في الهدف الأساسي من هذا البرنامج وهو إعدادها لتكون معلمة قرآن ماهرة متقنة.
*تعامل الطالبة في هذا البرنامج كمعلمة قرآن, ويتم تنمية مهاراتها التي تهيئها لتكون معلمة قرآن, بعكس المعاهد (في البرنامج الأول) والتي تجعل الطالبة مشروع داعية, مما يجعلها تضع نصب عينيها الداعية الفلانية كنموذج تصبو إلى الوصول اليه وليس نموذج معلمة القرآن.
· سلبيات عامة لهذا الشكل من برامج إعداد معلمات القرآن الكريم:
*من أبرز سلبيات هذا الشكل أن المعلمة قد تكون ضعيفة في الجوانب الشرعية, مما يضعف التزامها وبالتالي سينعكس ذلك على طالباتها, وأحياناً تكون عقيدة المعلمة فاسدة أصلا وهي تتظاهر بعكس ذلك حتى تتمكن من التأهل لمهمة حساسة كهذه, فتقوم لاحقاً ببث سمومها بين أجيال من الطالبات بشكل خفي, مما قد يفسد عقائد الطالبات أو في أخف الأحوال سيتزعزع يقينهن في ثوابتهن الدينية والعقدية, وقد عاصرنا حالات من هذه في المدينة المنورة.
* عدم امتلاك الخريجات من هذا البرنامج مهارات متعمقة في التعليم وطرق التدريس وإدارة الصف وبعض المهارات اللازمة لممارسة مهمة التعليم.
المبحث الثاني:
إيجابيات وسلبيات كلا من المناهج المكثفة والمخففة في القرآن والتجويد في أي برنامج كان, وتحته مطلبان:
المطلب الأول: منهج القرآن (حفظا).
المطلب الثاني: منهج التجويد.

المطلب الأول: منهج القرآن (حفظا)
· إيجابيات وسلبيات المنهج المكثف في القرآن (الحفظ) سواء في البرنامج الأول أو الثاني:
الايجابيات:
كون الخريجة ستكون حافظةً لكتاب الله كاملاً, وقد مرت على كل أحكامه حفظا وليس تلاوة, مما يكسبها درجة أكبر من الاتقان, ودرجة أعلى من الاستذكار للأحكام, وبالتالي يمنحها ثقة كبيرة أمام طالبتها.
السلبيات:
ضعف الضبط للمحفوظ, فجهد الطالبة سيُصرف -كما سبق وذكرنا- للحفظ المكثف أكثر من تصحيح التلاوة, حتى أن المعلمات سيتحرجن من ردهن وتصويبهن في أخطاء التطبيق - خاصة الخفية منها - حتى لا تتوتر الطالبة فيذهب الحفظ (وهذه حقيقة أقرت بها أكثر من معلمة) وبالتالي تقل فرص التغلب على أخطاء التطبيق مع هذه الطالبة مقابل زيادة الاهتمام بالحفظ والمراجعة وإتقان المتشابهات وغيرها, مما يجعل الخريجة أقرب لكونها خريجة برنامج لحفظ القرآن الكريم منها لكونها خريجة برنامج لإعداد معلمات القرآن الكريم.
· إيجابيات وسلبيات المنهج المخفف في القرآن حفظاً:
الإيجابيات:
سيتركز جل اهتمام الطالبة على تطبيق القرآن الكريم, وكيفية التدرب على تصويب أخطائها وأخطاء زميلاتها, وسيتاح لها فرصة أكبر للتخلص من الأخطاء الخفية, وإتقان مهارة معرفة واكتشاف طرق تصحيح الأخطاء, وهذا الشكل ينتظر أن يخرِّج أفضل معلمة قرآن متمكنة وعلى قدر كافٍ من استيعاب وسائل التعامل مع شتى أخطاء التلاوة لدى طالباتها.
ومهارة معرفة واكتشاف طرق تصحيح الأخطاء هذه مهارة دقيقة وهامة جداً, وبحكم اطلاعي واستماعي لتلاوات خريجات عدد من برامج إعداد المعلمات؛ وكذلك استماعي لتلاوات بعض المعلمات القائمات على تدريس هذه البرامج ونقاشاتي معهن؛ أدركتُ أن هذه المهارة مغفلة إلى حد كبير في أكثر برامج إعداد معلمات القرآن الكريم, وفي حال وجودها فإننا سنجدها مبنية على جهود فردية من بعض المعلمات الماهرات.
وللفائدة أوضح ما الذي أقصده بمهارة معرفة واكتشاف طرق تصحيح الأخطاء وهو:
أن تقوم معلمة البرنامج مع طالباتها (معلمات القرآن الكريم مستقبلاً) باتباع أسلوب مميز في تصحيح أخطائهن- خاصة الأخطاء الصعبة المستعصية منها أو حتى الدارجة سواء كانت خفية أم جلية- فالمعلمة لا تكتفي بتصحيح الخطأ وإنما تتوصل بمشاركة الطالبات لوضع عدد من الحلول لهذا الخطأ (في طريقة تشبه العصف الذهني), بحيث يتكون لديها ولديهن عدد من الحلول القادرة على تغطية تفاوت الاستيعاب لدى طالباتهن في المستقبل وذلك بعد استبعاد الحلول الواهية واعتماد الجيد منها, وقد أعددت بحثاً[SUP]([SUP][12][/SUP][/SUP]) مستفيضاً في هذه النقطة تحديداً, ويمكن لمن أراد الاستزادة الاطلاع عليه.
السلبيات:
أن معلمة القرآن ستتخرج متقنة للتطبيق الصحيح في تلاوة القرآن لكنها ستكون ضعيفة في حفظ القرآن, ولا تضبط المتشابهات, وإن كان ضبطها للحفظ ليس شرطا لاعتبارها معلمة قرآن ناجحة.

المطلب الثاني: منهج التجويد
· إيجابيات وسلبيات المنهج المكثف في التجويد سواء في البرنامج الأول أم الثاني:
الايجابيات:
دراسة منهج التجويد بشكل متعمق سيجعل المعلمة على معرفة واطلاع دقيق بعلم التجويد ومدارسه المختلفة, والاختلافات الواسعة بين أهل هذا العلم, والقضايا التجويدية التي تثار هنا وهناك, وأهم المؤلفات التي ألفت فيه, ورأي المعاصرين في المسائل المثارة, إلى غير ذلك.
السلبيات:
أن معلمة القرآن - من وجهة نظري - ليست بحاجة لكل ما سبق, فهذا إبحار في عرض بحر لا شواطئ له, وسيجلب عليها وعلى زميلاتها الكثير من الخلافات والنقاشات والجدل الذي يمكن الاستغناء عنه, خاصة أن الهدف الأساسي من علم التجويد هو أن يعين على التطبيق الصحيح لتلاوة القرآن, لكن الولوج في عمق التجويد بالتجربة لا يحقق هذا الهدف, بل يصرف المعلمة لمسائل دقيقة ربما تهم الباحثين في هذا العلم أكثر مما تهم معلم القرآن الحريص على التطبيق والنطق الصحيح للكلمة, دون ذكر الأقوال والآراء التي وردت فيها وسردها ربما سرداً تاريخياً, وتحليلها بالحجة والبرهان.. الخ.
هذا النهج قد استفدته من شيخي الشيخ إبراهيم الأخضر- حفظه الله- الذي لا يحب بطبعه الخوض والاستغراق في كتب التجويد ودقائقها بشكل مبالغ فيه.
· إيجابيات وسلبيات المنهج المخفف في التجويد:
الإيجابيات:
هذا المنهج سيفرغ المعلمة للهدف الأساسي الذي من أجله وضع علم التجويد ألا وهو التطبيق الصحيح للقرآن الكريم, وستتمكن من خلال المنهج التجويدي المخفف المرور على جميع أبواب التجويد التي صيغت بأسلوب وسط بين الاطالة والاختصار, يجعلها تلم بالمهم دون الدخول في أبواب تشغلها ولا تهمها.
السلبيات:
بعض مناهج التجويد قد يبالغ في اختصارها لدرجة تجعلها فقيرة في المعلومات, وأيضا خالية من بعض الأحكام والاستثناءات الهامة في الرواية, مما يجعل معلمة القرآن ضعيفة من الناحية العلمية, متخوفة من مواجهة أسئلة طالباتها التجويدية لضحالة معلوماتها في التجويد بشكل عام.

المبحث الثالث:
النموذج المقترح الذي يحاول جمع إيجابيات البرامج المطبقة ويتجنب سلبياتها, وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: استبانة آراء مفتوحة حول برامج إعداد معلمات القرآن الكريم
المطلب الثاني: النموذج المقترح
المطلب الثالث: عوامل تؤثر في تحسين مخرجات برامج إعداد معلمات القرآن الكريم
بحكم احتكاكي ببرامج إعداد المعلمات وتدريسي لبعضها في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة, وفي منطقة الباحة, وكذلك تدريسي لبرامج تصحيح تلاوات معلمات القرآن المباشرات للعمل في مؤسسة والدة الأمير ثامر بالمدينة المنورة, وكذلك معلمات طريقة "نور البيان" الناشئة في المدينة المنورة, بالإضافة لقيامي -أثناء كتابتي لهذا البحث- بالتواصل مهاتفة مع عدد من الأخوات القائمات على برامج إعداد معلمات القرآن الكريم في أنحاء مختلفة من المملكة, فلقد تبلورت لدي صورة لبرنامج نموذجي يجمع الكثير من إيجابيات البرامج المطبقة, وفي ذات الوقت يتجنب سلبياتها قدر الاستطاعة, وقد نال هذا البرنامج استحسان شريحة من المعنيات بهذا الأمر.
وفي مقترحي هذا لم أتعرض لتحديد المواد التي تدرس بعينها, ولم أتحدث عن مناهج كل مادة, بل جعلتُ ذلك عائداً للقائمين على البرنامج, لأنهم الأدرى بالمستوى الذي يريدونه من خريجاتهم وفق الاحتياج الذي هم بصدد التعامل معه, لذا فإن تركي تحديد هذه المواد ومناهجها مفتوحاً لمن ينفذ البرنامج إنما أهدف من ورائه جعل هذا البرنامج مرناً بما يكفي ليناسب شرائح مختلفة في أماكن عدة, غايتي الأهم الوصول إلى مخرجات نوعية تستحق بجدارة أن تكون معلمة ماهرة لكتاب الله, مستعدة لأن تباشر مهمتها في البيئة غير المسلمة تماماً كما في البيئة المسلمة, لأنها مسلحة بالعقيدة الصحيحة, وبالعلم الشرعي الذي يؤهلها لأن تكون قدوةً تتصدر في جميع الظروف التي توضع فيها.

المطلب الأول: استبانة آراء مفتوحة حول برامج إعداد معلمات القرآن الكريم
لقد قمتُ بإعداد استبانة الكترونية مفتوحة[SUP]([SUP][13][/SUP][/SUP]), الغرض منها الاستئناس بآراء عدد من الأخوات اللاتي لديهن احتكاك مباشر بمجال إعداد معلمات القرآن الكريم وذلك لتصور أدق أستأنس به في وضع مقترحي لبرنامج نموذجي لإعداد معلمات القرآن الكريم, وقد شارك في الاستبانة (53) ممن كان لهن ارتباط بمعاهد إعداد المعلمات, وقد تنوعت أدوار المشاركات في الاستبيان حسب الرسم البياني التالي:
وقد عرضت في الاستبانة خمسة أسئلة, وفيما يلي عرض نتائجها:
السؤال الأول: في حالة اعتماد مواد شرعية وتربوية ضمن مناهج برامج إعداد معلمات القرآن الكريم؛ هل ترين أن تكون هذه المناهج:
ـ مخففة بحيث تشتمل على مفاتيح ومبادئ كل علم (48), أي ما نسبته 90,5%
ـ مكثفة بحيث تبحر بالطالبة في تفاصيل ومسائل كل علم (5), أي ما نسبته 9,5%
السؤال الثاني: من واقع خبرتك ترين أن برامج إعداد معلمة القرآن..
ـ لابد أن تشتمل على مناهج في علوم القرآن, والعلوم الشرعية, والتربوية, وبعض النشاطات الدعوية, بالإضافة للقرآن والتجويد (46), أي ما نسبته 86,7%
ـ يكفي أن تقتصر مناهجها على القرآن الكريم (حفظا وتلاوة), وكذلك منهج التجويد, وشيء من طرق التدريس فقط (7), أي ما نسبته 13,3%
السؤال الثالث: تدريس الطالبات المواد الشرعية والتربوية في معاهد إعداد معلمات القرآن الكريم
ـ لا يُشغل الطالبة عن التركيز في تصحيح التلاوة والتجويد (43), أي ما نسبته 81,2%
ـ يُشغل الطالبة عن التركيز في تصحيح التلاوة والتجويد (10), أي ما نسبته 18,8%
السؤال الرابع: إلزام الطالبة بمنهج مكثف في حفظ القرآن الكريم
ـ لا يشغل الطالبة عن التركيز في منهج التلاوة وتصحيحها, وكذلك تقويم اللسان والأخطاء التطبيقية
(19), أي ما نسبته 35,8%
ـ يشغل الطالبة عن التركيز في منهج التلاوة وتصحيحها, وكذلك تقويم اللسان والأخطاء التطبيقية (34), أي ما نسبته 64,2%
السؤال الخامس: الزام الطالبة بمنهج مكثف في علم التجويد
ـ لا يشغل الطالبة عن الغاية والهدف الأساسي من تعلم التجويد (35), أي ما نسبته 66%
ـ يشغل الطالبة عن الغاية والهدف الأساسي من تعلم التجويد (18), أي ما نسبته 34%
وبناء على استطلاع الآراء البسيط هذا كان اقتراح النموذج التالي لبرنامج متميز لإعداد معلمات القرآن الكريم.

المطلب الثاني: شكل النموذج المقترح
النموذج المقترح:
· مدة البرنامج: عامان.
· العام الأول: يخصص لتدريس القرآن الكريم والتجويد.
يكون منهج القرآن (الحفظ) مخففاً, (من خمسة أجزاء إلى عشرة كحد أقصى), أما بالنسبة للتلاوة فيقرأ المصحف كاملاً مرتين على أقل تقدير, للمرور والتدرب على جميع أحكامه باستفاضة وبتركيز, وبالنسبة للتجويد فيدرس منهج متوسط بين المخفف والمكثف, يضعه نخبة من المختصين.
وفي نهاية هذا العام فإن الطالبة إما أن تجتازه بنجاح يفوق الثمانين في المائة (أو أكثر), فترشح لإكمال العام التالي للحصول على شهادة برنامج إعداد معلمات القرآن الكريم, أو أنها تخفق في اجتياز هذه النسبة فتمنح شهادة "تصحيح تلاوة", وهذه الشهادة لا تمكنها من تدريس القرآن الكريم.
وفي حال اجتياز الطالبة للعام الأول وتعرضها لظروف تمنعها من المواصلة فإنها تمنح شهادة أعلى تدل على أنها لم تكمل برنامج الإعداد, لكنها قادرة على أن تكون معلمة قرآن عند الضرورة (كأن تجد نفسها في مكان يفتقر لوجود معلمة قرآن سواء كان هذا المكان في بلادنا الإسلامية أو غيرها من بلاد العالم), وأيا ما كانت صيغة هذه الشهادة فإن الغرض منها أن تكون هذه الطالبة غير معطلة لعدم إكمالها للسنة الثانية, بل يمكن الاستفادة منها عند الاحتياج نظراً لتميزها.
· العام الثاني: تدرس فيه مواد علوم القرآن والمواد الشرعية والتربوية الأخرى بالإضافة إلى النشاطات الدعوية المختلفة, وأقترح أن تكون هذه المواد مخففة, فيُكتفى بمداخل كل علم وأصوله وأولوياته.
يضاف لتلك المواد مادة القرآن الكريم (حفظاً), بحيث يكون منهج القرآن مقتصراً على الحفظ والمراجعة, ويخصص لكل ترم خمسة أجزاء على الأقل غير تلك الأجزاء التي حفظت في العام الأول, ولا بأس من الزيادة حتى الوصول إلى حفظ ومراجعة القرآن الكريم كاملاً, ويتوقف هذا على تقييم الإدارة لقدرات الأغلبية العظمى من الدارسات.
وفي نهاية العام أقترح أن يتم إضافة اختبار لمنهج التجويد الذي درس في العام الأول, إما بدرجات مستقلة أو يكون له نسبة من درجات القرآن الغيب.
وفي حالة اجتياز الطالبة لمواد العام الثاني بنسبة ستين في المئة (أو أكثر) فإنها تمنح شهادة برنامج إعداد معلمات القرآن, وبموجبها تكون جاهزة للانطلاق إلى الحلقات للتدريس فيها والرقي بمستوى طالباتها.
وفي حالة عدم اجتياز الطالبة لنسبة النجاح في العام الثاني فإنها تمنح شهادتها للعام الأول فتكون متساوية مع من اجتازت العام الأول ولم تلتحق بالثاني لكن بسبب حضورها لكامل البرنامج يكون لها الأولوية في الترشح للوظائف الإدارية في مدارس ودور تحفيظ القرآن الكريم أكثر من غيرها.
أما في حالة رغبة القائمين على البرنامج تكثيف مناهج العلوم المدرّسة فيه لغرض ما؛ فلا مانع من إضافة عام ثالث لأجل تحقيق هذه الرغبة, كما يمكن في حالة تدريس الأعاجم تخصيص ترم دراسي أو ترمين تسبق البرنامج لتعليمهم اللغة العربية ليسهل تعليمهم سائر العلوم, وعموماً تعد هذه البرامج وفق قاعدة الاحتياج.
وهناك عوامل هامة تؤثر في تحسين مخرجات برامج إعداد معلمات القرآن الكريم أوصي بالعناية بها وتطبيقها مع هذا البرنامج لتحقيق نجاح أكبر فيه, وهي موضحة في الصفحات التالية.
المطلب الثالث: عوامل تؤثر في تحسين مخرجات برامج إعداد معلمات القرآن الكريم
عوامل تؤثر في تحسين مخرجات برامج إعداد معلمات القرآن الكريم:
· شروط القبول والتسجيل ومدى تأثيرها في المخرجات.
عادة ما يضطر القائمون على برامج إعداد المعلمات للتساهل في شروط قبول الطالبة الملتحقة بالبرنامج وذلك بسبب الضعف العام الذي يضطرهم للقبول بها وهي ضعيفة الشخصية, ضعيفة التعليم, وبالتالي ستكون مخرجاتهم هزيلة ضعيفة, على عكس من يضع شروطاً عالية في الطالبة فيسهل عليه أثناء البرنامج تدريبها وتحسين مستواها, وكلما رفع سقف شروط القبول كلما كانت المخرجات نوعية وأكثر تميزاً.
وحقيقة أنا لا ألوم المضطرين لتخفيف شروط القبول في حالة وجود ضعف مستشر في البيئة التي يُطبق فيها البرنامج, خاصة إن كان البرنامج في أول سنوات تطبيقه, لكني أشد على أيديهم التفطن لأمور:
*اعتماد سياسة التدرج في رفع شروط القبول, وإعداد فريق لقياس إمكانية التدريج بناء على معطيات الواقع المتغيرة, وكذلك لتحديد خطوات التدرج الحكيمة.
*منح شهادات غير قوية للدفعات الأولى (التي اضطِّر لقبولها دون المستوى), بحيث يشترط على الناجحات منهن اتمام عدد من دورات المتابعة القصيرة سنوياً, لتمكنهن من مواكبة مستجدات التدرج في البرنامج, وذلك لمدة خمس سنوات أو أقل, بعدها تُمنح الطالبة شهادة قوية معتمدة.
والسبب في اقتراحي هذا الإجراء أن الكثير من الجمعيات الخيرية التي طبقت برامج إعداد المعلمات لأول مرة تقع في مشكلة.. فالدفعات الأولى التي يفترض أن تكون نواة التدريس في جميع المدارس التابعة لهم؛ وهن كذلك مرشحات للتدريس في برامج إعداد المعلمات اللاحقة.. هن في الواقع أضعف الدفعات مقارنة بمن تخرج بعدهن, وتتجلى هذه المشكلة مع مرور السنوات وتحسن المخرجات, فالطبقة الأولى الضعيفة هن معلمات للطبقات المتأخرة من المتميزات, ويصعب استبعاد أستاذة لإحلال طالبتها مكانها, كما يصعب أن يطلب من الدفعات الأولى إعادة دراسة الدورة, وقد حدثت مثل هذه المشكلة في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة منذ أكثر من عشرين سنة تقريباً, فظهر مصطلح (خريجات دورات إعداد المعلمات القديمة) و (خريجات دورات إعداد المعلمات الجديدة), واعتبرت الأولى ضعيفة لا يعمل بها مع مرور الوقت, واشترط لتلافي ذلك معادلتها بعدد من دورات تصحيح التلاوة المعدة خصيصاً لهذه الفئة, وقد صاحب ذلك الكثير من الخلافات بسب إخضاع الأساتذة الأُوَل لتصحيح تلاواتهن واعتبار شهاداتهن لاغية أو ضعيفة.
*الاستعانة بأساتذة مهرة لهن خبرة في إعداد المعلمات من خارج قطرهم لتدريس البرنامج في سنواته الأولى ولحين ترشيح خريجات صالحات لهذه المهمة من بنات المنطقة.
*التروي في برامج منح الطالبات للسند حتى تتم الطالبة دراسة دورة إعداد المعلمات أولاً, ولا يخفى على المتابع الانكباب المشاهد من الجمعيات الخيرية لمنح طالباتها السند المتصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بغض النظر عن أهلية هذه الطالبة لهذه الدرجة العالية مما أضعف طالبات السند أيضاً لهذا السبب.
ومن واقع تجربتي الشخصية في هذه النقطة بالذات: ضرورة إخضاع طالبة السند لبرنامج إعداد المعلمات أولاً, أو على الأقل دراسته مواكبة مع أخذها للسند, فقد بدأتُ -أنا شخصياً- بأخذ السند على شيخ المقارئ الشيخ إبراهيم الأخضر - حفظه الله- قبل التحاقي بدورة إعداد المعلمات, وحين التحقت بالدورة مواكبة مع أخذي للسند أدركت الفرق, فأصبحت أعي لم يَرُدني الشيخ؟ وماذا يريد تحديداً؟, فطبيعة دروس السند جامدة لا تشبه طبيعة التعلم في فصل دراسي من حيث الأخذ والرد, واستعمال الوسائل التعلمية للشرح والتقريب, كما أن أخذ المرأة على رجل يفرض أيضاً بعض القيود, لذا أدركت أن أخذ السند ينبغي أن يأتي في مرحلة تلي التصحيح المكثف والدقيق للتلاوة حتى تكتمل الفائدة.
· إجراء اختبارات تقيمية عند التعيين, أو بعد مرور ثلاث سنوات من التدريس.
أقترح فرض اختبارات تقيمية عند تعيين معلمة القرآن الكريم في وظيفة شاغرة بإحدى الحلقات وذلك في تلاوة القرآن الكريم (نظراً فقط) والتجويد, حتى يمكن من خلال هذه الاختبارات استبعاد المخرجات الضعيفة التي تسربت بسبب أو بآخر من برامج إعداد المعلمات, وكذلك لتحفيز المعلمة على تحسين تلاوتها واستذكار التجويد استعداداً لاختبار التعيين.
كما أقترح إجراء اختبارات دورية كل ثلاث سنوات (أو أكثر) هدفها الحفاظ على مستوى المعلمة من النزول, وربما يغني عن هذا المقترحُ التالي:
· تناول برامج إعداد معلمات القرآن الكريم بالدراسات ـ النظرية منها والميدانية ـ للوقوف على المشاكل والأسباب التي تؤدي إلى ضعف المخرجات, وأستشهد هنا بدراسة ميدانية أعجبتني لكونها متعدية النفع ليس باعتبار نتائجها؛ وإنما باعتبار جاهزيتها لأن تطبق كنموذج لدراسة تحليلية في أي جمعية خيرية أخرى, قدمها الدكتور فؤاد بن صدقة مرداد, والدكتور يعن الله بن علي القرني, كورقة عمل مقدمة لملتقى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم 1427/1428هـ, بعنوان: "تحليل الاحتياجات التدريبية لمعلم الحلقات القرآنية : دراسة ميدانية"[SUP]([SUP][14][/SUP][/SUP]), وقد تعرضت الدراسة لأهمية التدريب لتحسين المخرجات.
· إجراء دورات تصحيح تلاوة إجبارية للمعلمات لرفع مستوياتهن أو على الأقل للحفاظ على مستوياتهن من النزول.

الخــــــــــــــــــــاتمـــــــــــــــــــــــــــــــة
من خلال ما عُرض في هذا البحث يتضح ضرورة الالتفات لتطوير برامج إعداد معلمات القرآن الكريم المطبقة حالياً, وتحقيق الجودة التعليمية بها, لأن التطوير في حد ذاته بصمة المتميزين, وهو ضرورة لا يمكن الاستهانة بها, "والجودة التعليمية مطلب أساسي في كافة التنظيمات التعليمية والإدارية، فهي تهدف إلى التحسين المستمر للأداء, ومن أسسها الاعتماد على القياس والمعلومات والتعليم والتدريب"[SUP]([SUP][15][/SUP][/SUP]), ومن ينشد التميز عليه أن يراجع خطواته ويقيمها قبل أن يكرر السير في ذات الدرب, والفطن أيضاً من يستفيد من تجارب الآخرين حتى لا يقع في أخطائهم, ولعل النظر باهتمام إلى سلبيات برامج إعداد معلمات القرآن الكريم ودراسة الحلول مع متخصصين من أهل الخبرة مؤذن بخروج برامج نموذجية كثيرة متنوعة ورائدة إلى حيز التطبيق والتنفيذ الذي يصقلها من عيوب لا ينتبه إليه الـمُنَظِّر عادة.
ولقد وفقني الله وأعانني في هذا البحث على عرض مقترح لبرنامج إعداد معلمات القرآن الكريم لطالما تمنيت تطبيقه, وهو لا يعدو أن يكون فكرة من بحر أفكار في هذا المجال ننتظر أن يدونها أصحابها ليُستفاد منها, خاصة وأن الساحة فقيرة جداً في المؤلفات والكتابات التي تعنى بنقد برامج إعداد معلمات القرآن الكريم المطبقة, لأجل ذلك.. لستُ أدعي كمال أو تميز هذا البرنامج؛ وإنما جل ما يميزه - من وجهة نظري- أنه كُتب ووُثق في بحوث مؤتمر مميز كمؤتمر تطوير الدراسات القرآنية, وهو بذلك خطوة مسجلة بحيث لا يبدأ من يأتي بعدي من حيث بدأتُ وإنما يبدأ من حيث انتهيتُ.
وأختم هذا البحث ببعض النتائج والتوصيات:
النتائج:
· هناك سلبيات يستحق بعضها وصف (فادحة) في برامج إعداد معلمات القرآن الكريم المطبقة, والقائمون عليها يدركون بعض هذه السلبيات, وبعضهم ينجح فعلاً في تلافيها ولكن بجهود فردية.
· الكتابة والتأليف في نقد برنامج إعداد معلمات القرآن الكريم قليل جداً رغم الحاجة إليه, ووجود مؤتمرات تعنى محاورها بمثل هذه المواضيع لهي فرصة يجدر بمنسوبي المؤسسات القرآنية استغلالها.
· وجود فجوة بين من ينظر لبرامج إعداد المعلمات وبين من يطبق, فمن يطبق ويباشر العمل فيها ويحتك بمشاكلها وتفاصيلها الدقيقة هم الأجدر - من وجهة نظري - لوضع خطط وبرامج تطويرية لها.
· وجود موقع إلكتروني لدليل المعاهد القرآنية هو "مركز معاهد للاستشارات" وهو مركز يُعنى بشكل رئيس بتقديم الاستشارات والدراسات العلمية والخدمات لتأسيس وتطوير المعاهد القرآنية في المملكة العربية السعودية, وبه كتب وأفكار جيدة لكنه يحتاج إلى تطوير وتنشيط كبير, وهناك جهود مبعثرة تذكر فتشكر كرابطة خريجات معاهد معلمات القران الكريم بالرياض على الفيس بوك, لكنها للأسف متوقفة منذ 2012م.
التوصيات:
· تنفيذ دراسة ميدانية تستقصي تفاصيل برامج إعداد معلمات القرآن الكريم في كل أنحاء المملكة, مع التصريح بأسمائها, وذكر إيجابياتها وسلبياتها بكل شفافية, واستعراض تاريخها وتجاربها في مجال إعداد معلمات القرآن الكريم, والوقوف على المشاكل والأسباب التي تؤدي إلى ضعف مخرجاتها.
· تبني أحد المنتديات القرآنية الرائدة إنشاء منتدى متفرع عنه يجمع المهتمين والمهتمات ببرامج إعداد معلمي القرآن الكريم, وفيه يضع المعلمون أفكارهم وتجاربهم سواء في تطوير برامج إعداد المعلمين أو في تطوير معلمي القرآن أنفسهم, ومناقشة ذلك مع زملائهم وكذلك مع أهل الخبرة والمختصين, وإني لأهيب بمركز تفسير للدراسات القرآنية ممثلاً في ملتقى أهل التفسير؛ أن ينشأ هذا المنتدى الوليد كفرع من فروعه التي كانت ولازالت تقدم خدمة جليلة للقرآن الكريم وأهله.
· تنشيط الموقع الإلكتروني الخاص بدليل المعاهد القرآنية "مركز معاهد للاستشارات", وكذلك دعم وتنشيط بعض الجهود الجيدة كرابطة خريجات معاهد معلمات القران الكريم بالرياض على الفيس بوك, وغيرها, وهذه الرابطة على سبيل المثال متوقفة منذ 2012م.
· عقد لقاءات سنوية للقائمين على برامج إعداد معلمي ومعلمات القرآن الكريم على غرار الملتقى العلمي الأول للمعاهد العلمية القرآنية, الذي أقامه المعهد المميز: معهد الإمام الشاطبي في جدة عام 1433هـ, تحت عنوان: ( مخرجات المعاهد العلمية القرآنية : الواقع والمأمول).
· تبني دراسة وتنفيذ هذا النموذج الذي اقترحتُه لبرامج إعداد معلمات القرآن الكريم.
وفي ختام هذا البحث أوجه شكري لكرسي القرآن الكريم وعلومه بكلية التربية بجامعة الملك سعود, ومركز تفسير للدراسات القرآنية وكلاهما بقيادة الفارس الهمام أ.د.عبدالرحمن الشهري الذي لا يفتأ ولا يكل من تشجيع الجميع على النشاط والمساهمة في تطوير الدراسات القرآنية, وكذلك المشاركة في مثل هذا المؤتمر المميز بنسخته الثانية (مؤتمر تطوير الدراسات القرآنية), والله أسأل كما وفق وأعان أن ينفع بهذا العمل ويجعله حجة لي لا حجة علي.
هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الهوامش
([1]) الأعراف آية: 204

([2]) الإسراء آية:82

([3]) صحيح البخاري، كتاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة، رقم (3758).

([4]) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع، رقم (4090).

([5])"المقومات الشخصية لمعلم القرآن الكريم" للدكتور حازم حيدر, ص486.

([6]) تعليم المرأة القرآن الكريم أهميته وآثاره, أ.د. بدر بن ناصر البدر, ص41

([7])"تصور مقترح لتحسين جودة مخرجات التعليم" إعداد: أحمد الجهيمي, ص11

([8])"المقومات الشخصية لمعلم القرآن الكريم", للدكتور حازم سعيد حيدر، (1/9 وما بعدها).

([9]) المصدر السابق.

([10]) موقع "مركز معاهد للاستشارات" على الإنترنت: http://www.m3ahed.net/default.aspx
وهو مركز يُعنى بشكل رئيس بتقديم الاستشارات والدراسات العلمية والخدمات لتأسيس وتطوير المعاهد القرآنية في المملكة العربية السعودية.

([11]) الوحدات التعليمية هي: مجموع عدد ساعات المقرر.

([12]) البحث بعنوان: "تطوير أداء معلم القرآن في مهارة تصحيح أخطاء التلاوة المتأصلة لدى الفئة العمرية ما فوق الثلاثين", لحفصة محمد سعد اسكندراني, وهو من بحوث مؤتمر تطوير الدراسات القرآنية الأول, ويمكن الرجوع إليه في ملتقى أهل التفسير.

([13]) رابط الاستبانة:
H8OeAUDmVYh-z8/viewform?c=0&w=1&usp=mail_form_link

([14])"تحليل الاحتياجات التدريبية لمعلم الحلقات القرآنية : دراسة ميدانية" للدكتور فؤاد بن صدقة مرداد, والدكتور يعن الله بن علي القرني, وهو ورقة عمل مقدمة لملتقى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم 1427/1428هـ.

([15]) البحث بعنوان: "تصور مقترح لتحسين جودة مخرجات التعليم" إعداد: أحمد بن عبد الرحمن الجهيمي
وهو ورقة عمل مقدمة لملتقى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم 1427/1428هـ.




المراجـــــع
· القرآن الكريم.
· "تحليل الاحتياجات التدريبية لمعلم الحلقات القرآنية: دراسة ميدانية", للدكتور فؤاد بن صدقة مرداد, والدكتور يعن الله بن علي القرني, وهو ورقة عمل مقدمة لملتقى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض 1427/1428هـ.
· "تصور مقترح لتحسين جودة مخرجات التعليم", إعداد: أحمد بن عبد الرحمن الجهيمي, ويعد ورقة عمل مقدمة لملتقى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض 1427/1428هـ.
· "تطوير أداء معلم القرآن في مهارة تصحيح أخطاء التلاوة المتأصلة لدى الفئة العمرية ما فوق الثلاثين", لحفصة محمد سعد اسكندراني, وهو من بحوث مؤتمر تطوير الدراسات القرآنية الأول.
· "تعليم المرأة القرآن الكريم أهميته وآثاره", أ.د.بدر بن ناصر البدر, الرياض, 1430هـ, ط1, مطابع الحميضي.
· صحيح البخاري, أبو عبدالله بن اسماعيل البخاري, تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب, المطبعة السلفية.
· المقومات الشخصية لمعلم القرآن الكريم, للدكتور حازم سعيد حيدر، من بحوث ندوة عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه, تحت المحور الثالث, طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
· موقع "مركز معاهد للاستشارات" على الإنترنت, وهو مركز يُعنى بشكل رئيس بتقديم الاستشارات والدراسات العلمية والخدمات لتأسيس وتطوير المعاهد القرآنية في المملكة العربية السعودية.
http://www.m3ahed.net/default.aspx


 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم أختي الكريمة وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم، وبلَّغكم فيما يرضيه آمالكم، ونفعكم ونفع بكم.
وبعد؛
اطَّلعتُ على بحثكم في مطبوعات المؤتمر عند إتاحتها للتحميل؛ وهو بحثٌ جيِّد، يكشف عن أنَّ مشكلات التعليم القرآني متشابهة في مصر والسعودية. ولا شكَّ أنها كذلك في سائر البُلدان الإسلامية، والتغلُّب عليها يحتاج إلى تكاتف الغيورين على كتاب الله المهتمين بهذا الباب.
وقد ذكرت قديمًا في ورقة عمل بعنوان:(أكاديمية تأهيل المحفظين) بعض سلبيات نُظُم اختيار المحفِّظين وتأهيلهم، وهي تتفاوت كمًّا وكيفًا من مؤسسة لأخرى؛ كما تفضَّلتِ بالقول. ومن أهم تلك السلبيات:
1. عدم وجود إستراتيجيَّات تطبيقيَّة وبرامج واقعية لتأهيل المحفِّظين في كثير من المؤسسات الرسمية الـمنوط بها تحفيظ القرآن الكريم. وقد تكون موجودةً ولكن بقدر ما يشغل الحبرُ من الورق! وإن عُقِدَ بعضها فهو شكلٌ ديكوريٌّ لا حقيقة له؛ إلا فيما رحم ربّي.
2. كثرة الاعتماد على الهواة المتطوِّعين في التعليم القرآني: لـمَّا كان الواقع يُعربُ عن انتشار التعليم القرآنيّ غير النظاميِّ إذا قورنت مخرجاته بمخرجات التعليم الرسميّ؛ فإنَّ المنقِّبَ قد يشرح صدرًا بأن يقوم على الثَّغر غيورٌ من أهل الصدق والأمانة، ولكنَّه لا يأمنُ أن يجد هذا الصادقَ الأمينَ غيرَ مُتقنٍ، وهو مع هذا لا يسعى للإتقان، أو يسعى فلا يجدُ إليه سبيلًا، فيضطر إلى أن يسلك السبيل من بدايتها تجربةً فخطأً وصوابًا، فيتمضَّى عُمُرُه فيما كان يمكن أن يُكفاه بإقامة مَن سبقوه في تلك السبيل مناراتٍ يستهدي بها المستهدي، ويفيء إليها السالكون.
والأدهى أن يظنَّ القائمون على العمل القرآني التطوعيّ أنَّ تطوَّعَهم يغفر تقصيرهم في بلوغ مراقي الإتقان، فيقال لهم: إنَّك في سَعةٍ من أمركَ ألَّا ترى في نفْسكَ طاقةً لِتحمُّل أمانةٍ ما، أمَا وقد تحمَّلْتَها فلستَ مخيَّرًا بين أدائها وعَدَمِه؛ إذ أداؤها على وجهها يصير واجبًا مُتعيَّنًا.
فالحاصل أنَّ التعليم القرآنيَّ غير النظاميِّ – في غالبه – يتميَّز بأنَّ العاملين به من ذوي الغيرة والحماس للبذل والعطاء، ولكنَّهم في الوقت ذاته قد يفتقرون إلى التدريب والتأهيل المنهجيّ.
3. غياب المنهجية في التحفيظ، وبالتالي في التأهيل: وليتَ الأمر يقتصرُ على التأهيل لحفظِ القرآن حفظَ روايةٍ، بل إنَّ مراكز التحفيظِ التي ترومُ تعليم الدارسين شيئًا من أحكام دينهم وآدابه ينتهجون في سبيل ذلك – غالبًا - مناهج ليس لها من المنهجية إلا الاسمُ واللفظُ دون المسمَّى والجوهر، ومن ذلك أن ترى الخلط بينَ المقرَّر والمحتوى وبين المنهج؛ إذ يُصوَّر الأوَّلُ على أنَّه الثاني، فتقام الوسيلةُ مقام الغاية. وليس الخلاف في هذا لفظيًّا – كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان – فقد رأينا من اهتمام بعضهم بإحدى وسائل تعليم القراءة والكتابة ما يُصوِّرها على أنَّها غايةٌ في نفسها؛ لا مجرَّد طريقةٍ لغايةٍ أعظم. كما يتبدَّى ذلك الخلطُ في عدم وضوح وسائل التقويم وأنواعه وأهدافه وغاياته ومجالاته، فرضيَ البعضُ - في هذا الباب - من الغنيمة بالإيابِ. وما ذكرناه أمثلةٌ تُبصِّرُ ولا تحصر.
والعجزُّ عن توصيف الأهداف الحقيقيَّةِ لتحفيظ القرآن بمعناه الذي ندندن حوله: تحفيظ الرواية والدراية والرعاية = يجنحُ بالبعضِ أن يتغيَّا الاستظهارَ الـمُجرَّد، فيُريقُ ماء همَّتِه دون المقصود الأسمى من تحفيظ الرِّعاية. ومن أنفسِ النصيحةِ لكتاب الله أنَّ يُصحَّح مفهوم الحفظِ؛ فيتراتبُ بالمنطقِ المستقيم أنَّ شَدْوَ طَرَفٍ من العملِ بوعده ووعيده وأمره ونهيهِ أوْلى من الظَّفَرِ باستظهارٍ لا تنخرمُ منه واوٌ ولا فاءٌ، بإِحكام ضروب تجويد تلاوته وهو عند النَّفيرِ لتجويد رعايته ما أصاب أفذَّ ولا مَريشًا.
ولن يستعصيَ غرسُ هذا الهدفِ الأسمى غراسًا عامًّا إنْ توفَّر عليه مَنْ يرتشفون رحيقه، ويَصدرون ريَّانينَ يحملون بهِمَمِهم حبوب لقاحه ينثرونها في آفاق الأرضِ نثرًا، ويصدحون بها نظمًا ونثرًا، ويُوقِّعونها تطبيقًا وفَسْرًا. فالتأهيل المنشود يجب أن يفي بمتطلَّبات التربية القرآنية النموذجية.
4. محليَّة الطرح في كثير من مفردات التجارب، بما يجعلها عصيَّةً على التطبيقِ خارج بيئاتها المحليَّة.
وليس بخافٍ على الـمُطَّلعين أنَّ من أسبابِ القطيعةِ بين التجارب الناجحة في أجزاء متفرقة من العالم العربي والإسلاميّ ضعفَ التنسيق أو غيابَه، وعدمَ العمل على إيجاد أواصرَ تُكفكفُ المتجافي، وتلمُّ النُّـثار، وذاكَ أحدُ أهمِّ مطامح هذا المشروع، إذا صدر عن اجتهاد جماعيٍّ يمدُّ طرق التواصل بين الجزر المنعزلة في محيط العولمة المترامي، ويمهِّد مسالكَ ذلولًا بين الواحات الإيمانية في صحراء الخواء الروحيّ العالميِّ.
إنَّ القرآنَ موضوعُ الاجتماع وغايته، كما أنَّه وسيلته، وقد استقرَّ في الوجدان الثقافي العربيّ أنَّ لكل شيخ طريقةً، وليس أضرَّ من هذا الزعمِ حين يصيرُ مُبرِّرًا للفُرقة والتشرذم، ومُوطِّأً لثقافة التقوقع والانغلاق على الذات. فَلِمَ لا يصير لكلِّ المشايخ منهجٌ واحدٌ وطريقة جامعةٌ؟ فإذا تفرَّد أحدهم بعدُ بطريقةٍ لمناسَبةِ حالٍ أو عُرف زمان أو مكانٍ؛ فهو تَفرُّدُ الـمُرابطِ يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، والـمُبدع الفذُّ يمدُّه من بعده آلاف المبدعين، لا تَفرُّدُ الـمُنبَتِّ الذي لا أبقى ظهرًا ولا قطع أرضًا.
5. وفي بيئة العمل التقليدية يصير معدَّل انتقال المكاسب التطوُّرية والتحديثية للأبحاث التربوية والتعليمية بطيئًا جدًّا، فإذا كان المثال النموذجيُّ يقضي بألا يزيد الوقت المستغرق بين ابتكارِ طريقةٍ تعليمية في مشارق الأرض أو مغاربها، وبين بحثها وتجريدها للوزنِ بميزانِ المناسبة الشرعية والعُرفية عن أسابيعَ قليلةٍ = فإنَّ الواقع شاهدٌ على تجارِبَ وطروحاتٍ وطرائقَ وُلِدتْ فشبَّتْ فاستقرَّت دون أن نعرف عنها شيئًا، ودون أن نُلقي لها بالًا.
إنَّ من أهمِّ مُهمَّات معاهد تأهيل المحفظِّين أن تعمل على تسريعِ معدَّل انتقال التطوُّر، بل تعمل على تسريع معدَّل التطوُّر نفسه وتوسيع نطاقه؛ بأخذ زمام الابتكارِ، والمسابقةِ إلى الإبداع التربويِّ القرآنيّ الخالص المصنوع بأيدي المسلمين.
6. الاعتماد الكامل على نظام الدورات التدريبية والمحاضراتِ، وهذا النظام - وإن كان طيِّبَ الثمرة – فإنَّه لا يكفي وحده لتخريج المحفِّظ المؤهَّل علميًّا وتربويًّا وإداريًّا. وقارن مثلًا بين أربع سنواتٍ يقضيها طلّاب كليَّات التربية ليصيروا مؤهَّلين للتدريس، بساعاتٍ يقضيها المحفِّظون في الدورات التدريبية ليخرجوا منها رأسًا إلى حلقات التحفيظ. نعم؛ نحن نعلم أنَّ للواقع متطلَّباته التي لا تساعد على توفير مثل هذا الوقت لتأهيل المحفِّظ، ولكنَّ ما لا يُدرك كله لا يترك جُلُّه، فإن عجزنا عن تأهيل المحفِّظ ثمانيةَ فصول دراسية، فلتكنْ فصلين أو ثلاثة، والخلاصة: أنَّ الوقت المتاحُ للتأهيل غير كافٍ للوصول إلى الجدارة المعرفية المطلوبة لمعلِّم الحلقات.
7. ضعف التأهيل العملي: وينتج عن ما سبق أنًّ الوقت المتاح للتدريب العمليّ الميدانيِّ غير كافٍ، أو غير موجودٍ. وقارنْه أيضًا ببرامج التربية العملية في كليات التربية من خلال التدريب العمليّ الميدانيّ في المدارس، والذي يستغرق عادةً يومًا أسبوعيًّا لمدة أربعة فصول دراسية على الأقلّ. فينضاف إلى ما سبقَ عدم وصول الدارس من خلال تلك الدورات إلى الجدارة المهاريَّة المطلوبة.
8. مُحتوى بعض البرامج والحقائب التدريبيةِ غير مناسبٍ كليًّا أو جُزئيًّا، وبعضه لا يتَّسمُ بالمرونة ومواكبة حاجات الواقع، وبعضُه يؤصِّل للتقليدِ ما لا يؤصِّل للإبداع. وهو جارٍ على طريقة الاهتمام بحفظ الرواية والاستظهارِ؛ إذ هو موضوع التقويم الأساسيّ من إدارة الحلقات ومن أولياء الأمور، بغضّ النظر عن حفظ الدراية فضلًا عن حفظ الرعاية.
وعليه؛ فإن غياب بعض البرامج الضرورية لتربية قرآنية مثالية ملحوظٌ بوضوحٍ في برامج تأهيل المحفِّظين، وقد يُعييكَ أن تجد برنامجًا يعلِّم المحفِّظ كيف يتدبر القرآن الكريم، وكيف يعلِّم التدبُّر لطلّابه، والتدبُّر واجبٌ وحفظ الرواية مستحبٌّ، فانتبه.
9. عدم شمول الاهتمام بعناصر المنظومةِ التحفيظيَّة؛ كالمشرفينَ والإداريين، وغيرهم، بل يكون التركيز على الـمُعلِّمين. ولا يخفى أنَّ المعلِّم أحدُ أهمِّ عناصر المنظومة المثالية في التعليم القرآنيّ، ولكنَّه ليس كلَّ المنظومة.
10. بعض المدارس قد يهتمُّ بمعايير اختيار الـمُعلِّم، حتَّى إذا اجتازها بنجاح أُوكلَ إليه التحفيظ، ثمَّ لا تهتمُّ الإدارة باستمرار تطوير المحفظِّ ورفع كفاءته، فلا توفِّر له برامج تدريبية، ولا حلقات نقاشٍ، ولا ملتقيات تربوية... ولا غيرها من الفعاليَّات المفيدة.
11. غياب الاهتمام – إلا فيما ندر – بتخريج المحفِّظ الباحث الذي يمثَّل قاطرةَ التقدُّم والإبداع في مسيرة التربية القرآنية العالمية. وهذا الموضوعُ ذو شجونٍ؛ إذ إنَّ كبار الباحثين التربويين قد يكتفون بالتنظير لبحوث التربية القرآنية من مقاعد المشاهدين، والمحفِّظين الممارسين لا وقت لديهم لتجريبِ أفكارهم التربوية؛ لأنَّ البنية الفكرية في مدارس التعليم القرآنيّ لا تُشجِّع على ذلك، والوقت المتاح للمحفِّظ يكاد لا يكفي إنجازَ خطَّته الشهرية أو السنوية، فمتى يتفرَّغ لتجريب أفكاره؟ ومَن يُساعده على ذلك؟
***
وبحمد الله وتوفيقه استطعنا التغلب على كثير من هذه السلبيات، وتحقيق مجموعة من المكاسب النوعية على عدة أصعدة؛ كان آخرها وأهمها مشروع أكاديمية تأهيل المحفظين، والتي استقبلتْ هذا الشهر تحديدًا الدُّفعة الأولى من الدارسين بها.
وقد راعينا في برنامج الأكاديمية التغلب على كثير من المشكلات في مجال التأهيل القرآني التي أشرنا إليها، وأشار إليها بحثكم الطيِّب. وبين يديَّ طائفة من منتجات حلقات النقاش وأوراق العمل التي وُلِدت مع فكرة الأكاديمية وواكبت انطلاقها وما زالت مستمرة بفضل الله وتوفيقه، ولعلي أرفع ما تكامل منها تباعًا.
ولضيق الوقتِ فإني أذكر – على عجالة - بعض النقاط التي اهتممنا بها؛ والتي حرصنا على وجود مواد دراسية وحقائب تدريبية لتحقيقها:
1. الاهتمام بالتأصيل لعلم التحفيظ كعلم مستقلّ، وترسيخ هذه الفكرة في أذهان المحفّظين، وقد بسطت ذلك، وذكرتُ الدافع إليه في بحثي بمؤتمر تطوير الدراسات (مقاربة تنظيرية لعلم تحفيظ القرآن الكريم)، وأعمل على تكميل الموضوع بكثير من الإضافات والتحريرات وإخراجه في صورة كتاب بعنوان (علم تحفيظ القرآن الكريم) قريبًا بإذن الله. وهذا التأصيل المنهجي – من خلال خبرتي العلمية والعملية– أهمّ الموضوعات التي تضبط تمامًا المنهج النظري والعملي في التعاطي من التعليم القرآني، وهو اختصار لكثير من الحواشي ووضع الجهود الحقيقة في المتون. ولا يخفى أنَّ انضباط المنهج يُعالج تلقائيًّا مئات السلبيات المذكورة وغير المذكورة. وقد كان لدراسة المحفِّظين لهذا الموضوع أطيب الأثر، ولله الحمد من قبل ومن بعدُ.
2. الاهتمام بتطبيق التكامل المعرفي، وقد وفَّقنا الله – عزَّ وجلَّ – إلى منهجية رائعة للتحفيظ الجامع رعايةً ودرايةً ورواية ًمن خلال مشروع بناء القيم والأخلاق، والذي يحلو لكثير من إخواني بتسميته بمشروع (الأترجَّة). وهذا التكامل المعرفيُّ عنوان المناهج الدراسية للمحفِّظين المتدربين، وللطلاب من الحفظة، مما قلَّل حجم الحقائب الدراسية وضاعف من ثمارها ومخرجاتها؛ فضلًا عن أنّها أقرب تمثيلًا – بإذن الله – للمنهج النبوي في التعليم القرآني.
3. الاهتمام باكتشاف المواهب وتكوين الملكات. وفيه عدة بحوث واعدة - بإذن الله - تهتمُّ بالبناء النظري والعملي. وفي سبيل ذلك نهتم بتدريس مادة (التحفيظ الخاص) وهي مقابلة للتربية الخاصة التي تعنى بفئة الموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة.
4. الاهتمام بإخراج المحفظ الباحث المبدع. وقد انتهجنا في سبيل سبيلين كان لهما – حتى الآن – أفضل الأثر في مستوى الدارسين: السبيل الأول: اختيار مادة التخصص الدقيق في أحد فروع التحفيظ، والسبيل الثاني: إضافة مادة بحث أشبه بمشروع التخرُّج، على أن يكون بحثًا تطبيقيًّا واقعيًّا.
5. الاهتمام بالتمكين التكنولوجي، وقد استحدثنا في سبيل ذلك مادة: (تكنولوجيا التحفيظ).
6. الاهتمام بالجودة وبناء المعايير، وقد قطعنا فيه شوطًا طيِّبًا بفضل الله عز وجل، وأخرجنا عدة أبحاث نُشِرَ بعضُها، وهي – فيما نعلم – أبحاث غير مسبوقة في هذا المجال، فيها دمجٌ للرياضيات المتقدمة، والنمذجة بأنواعها وخصوصًا النمذجة الرياضية، والبرمجة، والإحصاء، والقياس النفسي،... وغير ذلك. وهناك مادة دراسية تُدرَّس في مصفوفة المشرفين بعنوان: الجودة في التعليم القرآني.
7. الاهتمام بعناصر المنظومة التحفيظية ككل، فهناك مصفوفة للمشرفين متطلبها القبلي مصفوفة المحفظين، وهناك مصفوفة للإداريين. على أنَّ هناك موادّ تثقيف إداري للمحفظين والمشرفين.
8. إتاحة المجال للمحفظين المتخرجين المتميزين علميًّا والمبدعين أن يكونوا مُحاضرين في الدفعات اللاحقة بإذن الله، على أن توفر لهم منح لاستكمال برامج تكميلية تخصصية أشبه بالدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه). كما توفَّر لهم أربع دورات تأهيلية مكثَّفة قبل قيامهم بمباشرة المحاضرة في الأكاديمية.
****
هامشان:
الأول: ذكرتِ في توصيات بحثكِ – أختي الكريمة – نفس ما ذكرتُه في توصيات بحث المؤتمر؛ فقلتُ نصًّا في توصياتي: «نشر الفكر التحفيظيّ التأصيليّ من خلال وسائل الإعلام المتاحة، ومن أهمِّها الفضاءُ الشبكيُّ، والملتقيات القرآنية. ويقترح الباحث إنشاء ملتقى شبكيّ مُتخصِّص للتحفيظ النموذجيِّ. كما يقترح تخصيص قسم بملتقى (أهل التفسير) بعنوان: ملتقى التعليم القرآني = ملتقى علم التحفيظ».
وهناك ضرورة ملموسة لإنشاء منتدى أو ملتقى فرعي في منتدى – كمنتدانا المبارك – ليكون مجتمع أفكار المتخصصين في هذا المجال وطروحاتهم. فلعل هذا التواطؤ على هذه الرؤية يجعل القائمين على مركز تفسير، وعلى رأسهم أستاذنا المبدع فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري أن يسعوا في تنفيذ الفكرة.
الثاني: قرأت أو سمعتُ في مكان ما أثناء تغطية مؤتمر تطوير الدراسات القرآنية أنَّ فضيلة شيخنا الحبيب الأستاذ الدكتور مساعد الطيار تحدَّث عن مشروع علمي يجهِّز له مركز تفسير بخصوص الكتاتيب، فما حقيقة الأمر؟ نرجو الإجابة ممن لديه علمٌ بذلك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
عودة
أعلى