بحث استاذنا الدكتور محمد ا لحسين مليطان حول كتاب السبعة لابن مجاهد

إنضم
30/11/2007
المشاركات
0
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
بسم الله الرّحمن الرّحيم

القراءات القرآنية.. إشكالية النقد

قراءة في كتاب السبعة لابن مجاهد*



الكاتب: محمد الحسين مليطان (جامعة 7 أكتوبر / كلية الآداب – قسم اللغة العربية)



( 1 )

نَقَدَ: كـ(نَصَرَ)، والنَّقْدُ والتَّنْقَادُ: تَمييزُ الدراهم، وإخراجُ الزَّيْفِ منها، وإِعطَاؤُكَهَا إنسانًا، وأَخْذُهَا: الانْتِقَادُ، ونَاقَدْتُ فُلانًا إذا نَاقَشْتُهُ في الأَمْرِ. ونَقَدَ الشيءَ يَنْقُدُهُ نَقْدًا: إِذَا نَقَرَهُ بِإِصْبَعِهِ، كما تُنْقَرُ الجَوْزَةُ. ونَقَدَ الطَّائرُ الفخَّ يَنْقُدُهُ بِمِنْقَارِهِ: أي يَنْقُرُهُ، والمِنْقَادُ: مِنْقَارُهُ. ونَقَدَ الرجلُ الشيءَ بِنَظَرِهِ يَنْقُدُهُ نَقْدًا، وَنَقَدَ إِلَيهِ: اخْتَلَسَ النَّظَرَ نَحْوَهُ، وما زال فلانٌ يَنْقُدُ بَصَرَهُ إلى الشَّيءِ: إذَا لَمْ يَزَلْ يَنْظُرُ إِلَيهِ، وقد جاء في الأثر: "إِنْ نَقَدْتَ النَّاسَ نَقَدُوكَ، وَإِنْ تَرَكْتَهُمْ تَرَكُوكَ"([1]) أي: إن عبتهم واغتبتهم قابلوك بمثله([2]).

فالدلالة المعجمية لمصطلح (النَّقْد) تسمح بأن يحمل ما عناه علماء النحو والقراءات من مصطلح (نقد القراءات) بأنها كانت موضع نظر، وتأمل، ومراجعة، وتمييز جيدها من رديئها، ولم يكن مصطلح (النَّقْد) متناصا مع البحث عن العيوب والمثالب، ولم يكن القصد من مصطلح (نقد القراءات) رفض القراءة وعدم قبولها، فـ(نقد القراءات) هو إعمال الفكر فيها اختيارا، وترجيحا، وتقوية، وتضعيفا، بمبررات وحجج علمية، تنطلق من ثوابت الإيمان بتواتر القرآن، وسلامته من أي نقص، ولا تتأسس على مبدأ الشك في هذه الثوابت، كما قد يتوهم ذلك الانفعاليون.

و(القُرْآن) في اللغة: من قَرَأ، يَقْرَأُ، ويَقْرُؤُ، قَرْءًا، وقِرَاءَةً، وقُرْآنًا.. ومعنى (القُرْآن): الجَمْعُ، وسُمّي قُرآنًا؛ لأنّه يَجْمَعُ السُّوَرَ فَيَضُمُّهَا، ومنه قوله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ) ([3]) أي: جَمْعَهُ وقِرَاءَتَهُ، (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ) ([4]) أي: قِرَاءَتَهُ. و(قَرَأْتُ) الشّيءَ (قُرْآنًا): جَمَعْتُهُ، وضَمَمْتُ بَعْضَهُ إلى بَعْضٍ، ومعنى (قَرَأْتُ القُرْآنَ): لَفَظْتُ به مَجْمُوعًا. ورُوِي عن الشّافعي أنه كان يقول: (القُرْآن) اسم، وليس بمهموز، ولم يؤخذ من (قَرَأْتُ)؛ ولكنه اسم لكتاب الله مثل التوراة والإنجيل، ويهمز (قَرَأْتُ)، ولا يهمز (القُرَان). وقال ابن الأثير: الأصل في لفظة (القُرْآن): الجمع، وكُلُّ شيءٍ جَمعتَهُ فقد قَرَأْتَه، وسُمّي (القُرْآن) لأنه جَمَع القِصَصَ، والأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، والآيات، والسور، بعضها إلى بعض، وهو مصدر كالغُفْرَان والكُفْرَان([5]).

وقد حاول كثيرون من علماء التراث الإسلامي([6]) الوصول إلى صياغة تعريف جامع مانع محكم للقرآن، فجمعوا صفاته، وخصائصه، المتميز بها عن غيره، ورصفوها في أبنية سردية، وقفت عند حدود ملامحه الخارجية، ولم تتسلل إلى أنسجته اللغوية، أو بنياته الدلالية، فاقتصرت تعريفاتهم على حشد المصطلحات: (الكتاب- المعجز- المنزل على محمد- المتلو- المتواتر - المكتوب في المصحف -...) إلى غير ذلك من الملامح الظاهرية لهذا الكتاب العظيم الخالد، ولعل التعريف الذي انتخبه علي الجرجاني يعكس ظاهرية هذه المحاولات، ويبرز المهابة التي حالت دون التسلل إلى أبعد من الوصف الشكلاني للقرآن، حيث القُرْآن هو: "المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، المكتوب في المصاحف، المنقول عنه نقلا متواترا، بلا شبهة"([7]).

ويجري على (القِرَاءَة) في اللغة ما جرى في لفظ (القُرْآن)، فـ(القِرَاءَة) مفرد: القراءات، وهي مصدر سماعي لـ(قرأ)، لكنها تفترق عن لفظ (القُرْآن) في اصطلاح علوم القرآن والقراءات، فما القراءات إلا علم "به يعرف كيفية النطق بالقرآن"([8])، وبهذا العلم "يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض"([9])، وهي أيضا " مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم، مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف، أم في نطق هيآتها"([10]).



( 2 )

القرآن (منقول)، والقراءات (علم) و(مذهب)، ولا يحتاج التفريق بين ما هو منقول وما هو مذهب إلى إطالة حديث، فالنقل لا يسمح بتدخل الرأي، ولا يحق للناقل التبديل أو التغيير أو الاختيار، أما في المذهب فله كل ذلك وأكثر، ولذلك فإن علماء القراءات يؤكدون على أن "الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على خط المصاحف والكتب"([11]) حرصا على ألا يتم التداخل والخلط بين المصطلحين.

قال الزركشي: "واعلم أن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان.

فالقرآن: هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز.

والقراءات: هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتابة الحروف، أو كيفيتها، من تخفيف، وتثقيل، وغيرهما"([12]).

والتفريق بين القرآن والقراءات دفعت إليه إشكالية تتعلق بتواتر القراءات؛ فعلماء القراءات وعلوم القرآن لم يتفقوا على تواتر القراءات، فالقراءات السبع منها - حسب الزركشي - "متواترة عند الجمهور، وقيل: بل مشهورة....... والتحقيق أنها متواترة عن الأئمة السبعة، أما تواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيه نظر، فإن إسناد الأئمة السبعة بهذه القراءات السبعة موجود في كتب القراءات، وهى نقل الواحد عن الواحد، لم تكمل شروط التواتر في استواء الطرفين والواسطة، وهذا شيء موجود في كتبهم"([13]).

تواتر القراءات لم يكن مبدأ متفقا عليه عند علماء القراءات وعلوم القرآن، فالمجمع عليه - فقط - هو تواتر القرآن، أما كيفية قراءته فليس من المبادئ المتفق عليها([14])؛ فبعضهم يعتقد أن تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات، لأن الاختلاف في كيفية الكلمة لا ينافي الاتفاق على أصلها، وأن الواصل إلينا بواسطة القراء إنما هو خصوصيات قراءاتهم، وأما أصل القرآن فهو واصل إلينا بالتواتر بين المسلمين، وبنقل الخلف عن السلف، ولا دخل للقراء في ذلك أصلا، ولذلك فإن القرآن ثابت التواتر حتى لو فرضنا أن هؤلاء القراء السبعة أو العشرة لم يكونوا موجودين أصلا([15]).

وتأسيسا على ذلك فإن "القول بعدم تواتر القراءات السبع لا يستلزم القول بعدم تواتر القرآن.... حيث يصح أن يكون القرآن متواترا في غير القراءات السبع، أو في القدر الذي اتفق عليه القراء جميعا، أو في القدر الذي اتفق عليه عدد يؤمن تواطؤهم على الكذب قراء كانوا، أو غير قراء، بينما تكون القراءات السبع غير متواترة، وذلك في القدر الذي اختلف فيه القراء، ولم يجتمع على روايته عدد يؤمن تواطؤهم على الكذب في كل طبقة، وإن كان احتمالا ينفيه الواقع"([16])

فإذا كانت القراءة تختلف عن القرآن، وتواتر القراءة موطن خلاف، فمن الذي اشترط التواتر في القراءة ؟ وعلى أي تأسيس أسس شرطه هذا ؟.

إن هذا - حسب ابن الجزري - ليس من صنيع المتقدمين، ولم تعرف الأجيال الأولى هذا الشرط، بل إنهم لم يتعرضوا لقضية التواتر أصلاً، وإنما هو ابتداع من جاء بعدهم، "فقد شرط بعض المتأخرين التواتر... ولم يكتف فيه بصحة السند، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن"([17]).

وقد تطورت إشكالية تواتر القراءات فيما بعد حتى وصلت مذاهب علماء علوم القرآن والقراءات [القرائيون] في مسألة التواتر إلى خمسة: أولها: أن القراءات ليست متواترة بل هي آحاد. وثانيها: أن القراءات العشر فيها المتواتر وغيره. وثالثها: أنها متواترة فيما ليس من قبيل الأداء. ورابعها: أن القراءات السبع متواترة عن القراء لا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وخامسها: أن القراءات العشر متواترة إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم([18]).

إن ما عقّد خيوط هذه الإشكالية هو الاعتقاد السائد لدى كثير من المتأخرين بأن القول بعدم تواتر القراءات يجر إلى القول بعدم تواتر القرآن، مع أنه لا تكاد تجدُ ذكرا لهذا المصطلح في هذا المقام في كتب السابقين، وإنما تجد مصطلحات مثل: قراءة العامة، أو القراءة المشهورة، ففي كتاب (السبعة) لابن مجاهد - مثلا - لا يوجد ذكر لمصطلح (التواتر)، مع كونه المرجع الأقدم في علم القراءات، وفي هذا الكتاب صاغ ابن مجاهد فكرة (السبعة) التي استقدسها كثير من المتأخرين، من القرائيين، ومن النحويين، ومن المفسرين، وغيرهم، وباتت منطقة منزهة عن التقول فيها ولو بكتاب بيّن([19]).

لم يكن ابن مجاهد أول من قام بجمع القراءات في كتاب، وليس آخر من فعل ذلك، فأول من جمع القراءات في كتاب هو أبو عبيد القاسم بن سلام وحصرهم في خمسة وعشرين قارئا مع القراء السبعة، الذين اقتصر ابن مجاهد على قراءاتهم في كتابه، وهذه القراءات لم تكن معروفة في مصر وشمال أفريقيا والأندلس حتى أواخر المائة الرابعة، ولم تكن كل قراءة من هذه القراءات مقتصرة على راويين - كما هو شائع اليوم - فالحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني وصل بالقراءات السبعة إلى أكثر من خمسمائة رواية وطريق، وكتب أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري كتابا سماه: (التلخيص في القراءات الثماني)، وزاد آخرون في عدد الروايات والطرق، حتى وصلت عند أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز الإسكندري إلى سبعة آلاف رواية وطريق، جمعها في كتاب سماه (الجامع الأكبر والبحر الأزخر)([20]).

إن جمع القراءات وحصرها في القراء السبعة الذين ذكرهم ابن مجاهد لم يكن محل إجماع بين علماء القراءات وعلوم القرآن؛ بل إن هناك نخبة منهم كالإمام أبي العباس المهدوي، والإمام أبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي انتقدت هذا التصنيف، وعابت هذا الحصر؛ فمنهم من اعترض على القراء السبعة من حيث العدد، باعتباره "أشكل على العامة؛ حتى جهلوا ما لم يسعهم جهله، وأوهم كل من قلّ نظره أن هذه هي المذكورة في الخبر النبوي لا غير، وأكد وهم اللاحق السابق، وليته إذ اقتصر، نقص عن السبعة، أو زاد، ليزيل هذه الشبهة"([21]).

ومنهم من اعترض على القراء السبعة أنفسهم باعتبارهم ليسوا النخبة من جمهور القراء الغفير، مؤكدا أن هناك من الأئمة "أكثر من سبعين، ممن هو أعلى رتبة، وأجل قدرا، من هؤلاء السبعة"([22]).

وقللّ آخرون من قيمة بعض القراء السبعة الذين ذكرهم ابن مجاهد في كتابه، بحجة أن جماعة من العلماء قد تركوا في مؤلفاتهم "ذكرَ بعض هؤلاء السبعة، واطّرحهم.. قد ترك أبو حاتم وغيرُه ذكرَ حمزة، والكسائي، وابن عامر، وزاد نحو عشرين رجلا من الأئمة، ممن هو فوق هؤلاء السبعة، وكذلك فعل أبو عبيد، وإسماعيل القاضي"([23]).

وشكك بعضهم في اختيار ابن مجاهد بعض القراء الكوفيين، وشطبه من قائمة السبعة آخرين بصريين، مشيرا إلى وجود دوافع أخرى - سياسية وغيرها- كامنة وراء هذا التصنيف، يقصدون بذلك الكسائي الذي ألحقه ابن مجاهد بالسبعة في أيام المأمون، حيث كان يعقوب الحضرمي هو القارئ السابع حسب اختيار ابن مجاهد وتصنيفه، لكنه فضّل فيما بعد إثبات الكسائي في موضع يعقوب([24]).

لم يكن ابن مجاهد يعني بـ(السبعة) أكثر من كونهم نخبة القراء الذين عرفهم، حسب معاييره الخاصة، هذه المعايير التي قد تتفق مع معايير الآخرين، وقد لا تتفق معها، فاختلاف القراءات - حسب ابن مجاهد - توسعة ورحمة للمسلمين، وليس تضييقا عليهم وتشديدا، وهؤلاء القراء ليسوا سوى بشر، يجري عليهم ما يجري على بقية البشر من الخطأ، والسهو، والتفاوت في الإتقان، فـ"حملة القرآن متفاضلون في حمله، ولنقلة الحروف منازل في نقل حروفه..... فمن حملة القرآن:

- المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات، العارف باللغات ومعاني الكلمات، البصير بعيب القراءات، المنتقد للآثار، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين.

- ومنهم من يعرب، ولا يلحن، ولا علم له بغير ذلك، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته، ولا يقدر على تحويل لسانه، فهو مطبوع على كلامه.

- ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه، ليس عنده إلا الأداء لما تعلم، لا يعرف الإعراب، ولا غيره، فذلك الحافظ، فلا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده، فيضيع الإعراب لشدة تشابهه، وكثرة فتحه وضمه وكسره في الآية الواحدة؛ لأنه لا يعتمد على علم بالعربية، ولا بصر بالمعاني يرجع إليه، وإنما اعتماده على حفظه وسماعه، وقد ينسى الحافظ، فيضيع السماع، وتشتبه عليه الحروف، فيقرأ بلحن لا يعرفه، وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره، ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقا، فيحمل ذلك عنه، وقد نسيه، ووهم فيه، وجسر على لزومه، والإصرار عليه، أو يكون قد قرأ على من نسى، وضيع الإعراب، ودخلته الشبهة، فتوهم، فذلك لا يقلد القراءة، ولا يحتج بنقله.

- ومنهم من يعرب قراءته، ويبصر المعاني، ويعرف اللغات، ولا علم له بالقراءات، واختلاف الناس، والآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب، إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية، لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون بذلك مبتدعا"([25]).

ومن هذه الفئات انتخب ابن مجاهد (السبعة)، مما يؤكد أن هؤلاء (السبعة) ليسوا - وحدهم- من تحمل مسؤولية نقل القرآن إلى الأجيال اللاحقة؛ وإنما هم أفضل النقلة، مما يدعم القول بالتفريق بين (الحفاظ) الناقلين القرآن من جيل إلى جيل، وبين (القراء) المتقنين المتفننين في أداء القرآن، ويدعم - أيضا- القول بأن القراءة: فعل نخبويّ، بينما الحفظ والنقل: فعل عاميّ أمميّ.

هذه المقالة مدعومة من ابن مجاهد نفسه، الذي يؤكد أن القراء اختاروا من الحفاظ ومن القراء ما استحسنوه في قراءاتهم، متوسلين بمبدأ الانتخاب، لا مبدأ التسليم والانقياد، ومما حكاه ابن مجاهد من اختيارات القراء:

1- يقول ابن مجاهد: " حدثني الحسن بن أبي مهران قال: حدثنا أحمد بن يزيد عن عيسى ابن مينا قالون قال: كان أهل المدينة لا يهمزون، حتى همز ابن جندب، فهمزوا: (مستهزئون) و(استهزئ)([26]).

2- حدثني محمد بن الفرج قال: حدثنا محمد بن إسحق المسيبي، عن أبيه، عن نافع، أنه قال: أدركت هؤلاء الأئمة الخمسة([27])، وغيرهم ممن سمى فلم يحفظ أبي أسماءهم، قال نافع: فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شذ فيه واحد فتركته، حتى ألفت هذه القراءة في هذه الحروف([28]).

3- وكان علي بن حمزة الكسائي قد قرأ على حمزة، ونظر في وجوه القراءات، وكانت العربية علمه، وصناعته، واختار من قراءة حمزة، وقراءة غيره قراءة متوسطة، غير خارجة عن آثار من تقدم من الأئمة([29]).

4- وأما البصرة، فقام بالقراءة بها بعد التابعين جماعة، منهم: أبو عمرو بن العلاء...... قال أبو بكر: وكان مقدما في عصره، عالما بالقراءة ووجوهها، قدوة في العلم باللغة، إمام الناس في العربية، وكان مع علمه باللغة، وفقهه بالعربية، متمسكا بالآثار، لا يكاد يخالف في اختياره ما جاء عن الأئمة قبله([30]).

5- ... وحدثونا عن وهب بن جرير قال: قال لي شعبة: تمسك بقراءة أبي عمرو، فإنها ستصير للناس إسنادا. حدثني محمد بن عيسى بن حيان قال: حدثنا نصر بن علي قال: قال لي أبي: قال لي شعبة: انظر ما يقرأ به أبو عمرو مما يختار لنفسه فاكتبه، فإنه سيصير للناس إسنادا([31]).

6- ... وكان أبو عمرو حسن الاختيار، سهل القراءة، غير متكلف، يؤثر التخفيف ما وجد إليه السبيل([32]).

وقد أثبت بعض المؤرخين أن هذا النهج في الاختيار بين القراءات كان منهج ابن مجاهد نفسه، فقد قرأ ابن مجاهد على قنبل المكي، لكنه انفرد عن قنبل بعشرة أحرف، لم يتابعه عليها([33]).

ولعل هذا ما جعل بعض علماء القراءات يمنعون القراءة اعتمادا على القياس المطلق، الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه، ولا في الأداء ما يعتمد عليه، ولكنهم يسمحون للقراء النخبة بالقراءة بالقياس، متى توفرت متطلباته، فيسمح لهم بالرجوع إلى القياس عند عدم النص، وغموض وجه الأداء، وقد لا يكون قياسا "على الوجه الاصطلاحي، إذ هو في الحقيقة نسبة جزئي إلى كلي، كمثل ما اختير في تخفيف بعض الهمزات لأهل الأداء، وفي إثبات البسملة وعدمها لبعض القراء، ونقل (كِتَابِيَهْ إِنِّي) وإدغام (مَالِيَهْ هَلَكَ) قياسا عليه، وكذلك قياس (قَالَ رَجُلَانِ) و(قَالَ رَجُلٌ) على (قَالَ رَبِّ) في الإدغام.... مما لا يخالف نصا، ولا يرد إجماعا، ولا أصلا، مع أنه قليل جدا"([34]).

هذا.. مع إقرار كثير من المتأخرين أن "أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية؛ بل على الأثبت في الأثر، والأصح في النقل، والرواية، إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية، ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة، يلزم قبولها، والمصير إليها"([35]). في المقام نفسه يؤكد ابن الجزري أن "جهابذة علماء الأمة وصناديد الأئمة..... جمعوا الحروف والقراءات، وعزوا الوجوه والروايات، وميزوا بين المشهور والشاذ، والصحيح والفاذ، بأصول أصّلوها، وأركان فصّلوها، وهانحن... نعول كما عولوا عليها"([36])، وعلى الرغم من يقين ابن الجزري أن هذه الأصول مؤصّلة، وهذه الأركان مفصّلة على يد علماء القراءات، فإنه يعلن الإصرار على أنه سوف يعول - كما عولوا- عليها، وهذا التعويل يحتاج إلى رصيد من التبرير حتى يكون ملزما لغيره باتباعه، وإلا فإنه سوف يظل مجرد اختيار خاص به، لا يمكن حمل القراء الآخرين عليه.



( 3 )

بعد بحث إحصائي (كمبيوتري) لكتاب (السبعة) لابن مجاهد لم تظهر نتائجه موقفا منسجما مع موقف أكثر المتأخرين المحافظين ومطابقا له في قضية تنزيه القراءات عن التقييم؛ بل إن هذه النتائج أظهرت أن ابن مجاهد وصف بعض القراء وقراءاتهم بـ(الخطأ) تارة، و(الوهم) تارة، و(الغلط) أو (اللحن) تارات أخرى، وتظهر النتائج أيضا أنه روى مثل هذه الأوصاف عن غيره دون اعتراض، أو توجيه؛ مما يدعم القول بأن ابن مجاهد كان لا يعتقد حصانة القراء والقراءات من التقييم، ونزاهتهم عن التقويم، وقد جاءت هذه النتائج كما هو مبين في الجدول الآتي:



الوصف
مرات تكراره

الخطأ
6

الوهم
9

الغلط
33

اللحن
1

الضعف
0




وفيما يأتي نماذج من هذه الانتقادات:

1. (الخطأ) الذي وصم به ابن مجاهد بعض القراءات:

‌أ- "قوله: (أَنْبِئْهُمْ) ([37])... كلهم قرأ (أَنْبِئْهُمْ) بالهمز، وضم الهاء، إلا ما حدثني أحمد بن محمد بن بكر عن هشام بن عمار عن أصحابه، عن ابن عامر (أَنْبيهِمْ) بكسر الهاء، وينبغي أن تكون غير مهموزة؛ لأنه لا يجوز كسر الهاء مع الهمز؛ فتكون مثل: (عَلَيهِمْ) و(إِلَيهِمْ)، وزعم الأخفش الدمشقي عن ابن ذكوان بإسناده عن يحيى بن الحارث عن ابن عامر (أَنْبِئْهِمْ) مهموزة، مكسورة الهاء، وهو خطأ في العربية"([38]).

‌ب- "روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه كان يكسر الشين من (شُيُوخًا)([39]) وحدها، ويضم الباقي، قال أبو بكر: وهذا خطأ"([40]).

‌ج- "قوله: (كُنْ فَيَكُونُ) ([41]) قرأ ابن عامر وحده (كُنْ فَيَكُونَ) نصبا، وهذا خطأ في العربية، وقرأ الباقون رفعا"([42]).



2. (الوهم) الذي وصم به ابن مجاهد بعض القراء والقراءات:

‌أ- "قرأ ابن عامر وحده (كُنْ فَيَكُونَ)([43]) بالنصب، قال أبو بكر: وهو وهم"([44]).

‌ب- "وقال البزي عن أبى الإخريط عن ابن كثير: (قَالَ فِرْعَوْنُ وآَمَنْتُمْ بِهِ) ([45]) بواو بعد النون بغير همز، وقال لي قنبل عن القواس مثل رواية البزي عن أبى الإخريط، غير أنه كان يهمز بعد الواو، (قَالَ فِرْعَوْنُ وآَمَنْتُمْ بِهِ) وأحسبه وهم"([46]).

‌ج- "قوله: (لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ)([47])...قرأت على قنبل عن النبال (مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ)([48]) ساكنة الهمزة، وكذلك في قوله (لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ) وهكذا الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبى يزيد عن شبل عن ابن كثير، وهو وهم، والصواب رواية البزى (مِنْ سَبَإٍ) مفتوحة الهمزة، مثل أبى عمرو، وكذلك (لِسَبَإٍ) فى سورة سبأ"([49]).



3. (الغلط) الذي وصم به ابن مجاهد بعض القراء والقراءات:

‌د- "اختلفوا في قوله: (كُنْ فَيَكُونُ)([50]) في نصب النون، وضمها؛ فقرأ ابن عامر وحده (كُنْ فَيَكُونَ) بنصب النون، قال أبو بكر: وهو غلط"([51]).

‌ه- "قوله (مَعَايِشَ)([52]) كلهم قرأ (مَعَايِشَ) بغير همز، وروى خارجة عن نافع (مَعَآئِشَ) ممدودة مهموزة، قال أبو بكر: وهو غلط"([53]).

‌و- "وروى حسين الجعفى عن أبى عمرو (وَيَخْلُدْ)([54]) بضم الياء، وفتح اللام، وجزم الدال، وهو غلط"([55]).



4. (اللحن) الذي وصم به ابن مجاهد بعض القراء والقراءات:

لم يصف ابن مجاهد أي قراءة بهذا الوصف، لكنه رواه عن الأعمش يصف به قراءة عاصم، ولم يعقب عليه، قال ابن مجاهد:

"قوله: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)([56]) كلهم قرأ (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ) رفعا، (عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) نصبا، إلا ما حدثني به موسى بن إسحق الأنصاري عن هرون بن حاتم عن حسين عن أبى بكر، ورواه أيضا خلاد عن حسين عن أبى بكر عن عاصم، أنه قرأ (وَمَا كَانَ صَلَاتَهُمْ) نصبا (عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءٌ وَتَصْدِيَةٌ) رفعا جميعا، حدثني محمد بن الحسين قال حدثنا حسين بن الأسود قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا سفيان الثورى عن الأعمش أن عاصما قرأ (وَمَا كَانَ صَلَاتَهُمْ) نصبا (إِلَّا مُكَاءٌ وَتَصْدِيَةٌ) رفعا، فقال الأعمش: وإن لحن عاصم تلحن أنت"([57]).



( 4 )

اجتهادات ابن مجاهد كانت مؤسسة على قاعدة أن ما رواه القراء من القراءات القرآنية يماثل ويماهي ما روي من الآثار الأخرى، "كالآثار التي رويت في الأحكام، منها المجتمع عليه، السائر المعروف، ومنها المتروك، المكروه عند الناس، المعيب من أخذ به، وإن كان قد روي، وحفظ، ومنها ما توهم فيه من رواه، فضيع روايته، ونسى سماعه؛ لطول عهده، فإذا عرض على أهله عرفوا توهمه، وردوه على من حمله، وربما سقطت روايته لذلك؛ بإصراره على لزومه، وتركه الانصراف عنه.... كذلك ما روى من الآثار في حروف القرآن، منها المعرب السائر الواضح، ومنها المعرب الواضح غير السائر، ومنها اللغة الشاذة القليلة، ومنها الضعيف المعنى في الإعراب، غير أنه قد قرئ به، ومنها ما توهم فيه فغلط به، فهو لحن غير جائز عند من لا يبصر من العربية إلا اليسير، ومنها اللحن الخفي الذي لا يعرفه إلا العالم النحرير، وبكل قد جاءت الآثار في القراءات"([58]).

هذا التأسيس الذي بنى عليه ابن مجاهد فكرة (السبعة) في القراءات القرآنية، والقائم على إمكانية نقد التراث، وإعادة النظر فيه، وإعمال الفكر فيه، قبولا وترجيحا وردا، تحول بعد مرور الزمن وتعاقب الأجيال إلى رؤى ممنوعة، وتحولت (السبعة) - قراء وقراءات- إلى مسلمات لا يجوز المساس بها، ولا إعادة النظر فيها، ولا نقدها؛ لأنها قد توقع في الكفر حسب أبي حيان([59]).

إشكالية نقد القراءات اقترنت بالعلوم اللغوية عامة، وعلم النحو بشكل خاص، حتى إنها لم تقترن في علوم الفكر الإسلامي الأخرى كما اقترنت به، ولأسباب مختلفة وكثيرة شاعت كثير من الأفكار التي تقدم خدمات غير مباشرة لطائفة على حساب الأخرى، موظفين العاطفة الدينية في الانتماء لتيار دون آخر، وخاصة (القراءات القرآنية)، حيث ساد عند كثير من الباحثين والمتخصصين في العلوم اللغوية عامة، والنحوية خاصة - قديما وحديثا- أن البصريين وقفوا من القراءات موقفهم من سائر النصوص اللغوية، فأخضعوها لأصولهم وأقيستهم، فما وافق منها أقيستهم وأصولهم قبلوه، وما أباها رفضوا الاحتجاج به، ووصفوه بالشذوذ، أو القلة، أو الرداءة، أو ما شابه هذه المصطلحات الطبقية.. وأن الكوفيين قبلوا القراءات القرآنية كافة، واحتجوا بها، وعقدوا على ما جاء فيها كثيرا من أصولهم وأحكامهم؛ لأن منهجهم مبني على منهج القراء، الذي لا يقوم على (الأفشى) في اللغة، (والأقيس) في العربية، بل على (الأثبت) في الأثر والأصح في النقل([60]).

هذا التصنيف يتخلف بدرجة كبيرة، ويسقط سقوطا مريعا عندما تظهر المقارنة بين سيبويه (شيخ البصريين)، والكسائي أو الفراء (شيخي الكوفيين) نتائج متباينة مع هذا التصنيف؛ حيث القطع والجزم بأنه "ليس في كتاب سيبويه تخطئة واحدة لقراءة من القراءات، مع كثرة ما استشهد به منها، وقد صرح بقبولها جميعا، مهما كانت شاذة على مقاييسه، إذ قال: إن القراءة لا تخالف؛ لأنها سنة"([61])، أمّا الكسائي فيصنّف بأنه "هو الذي بدأ تخطئة القراء، إذ نرى الفراء يتوقف في كتابه (معاني القرآن) مرارا ليقول إن الكسائي كان لا يجيز القراءة بهذا الحرف أو ذاك"([62])، والأمر نفسه مع الفراء؛ فقد صار من المؤكد أنه ردّ بعض القراءات، ورمى بعض القراء بالوهم، ورجح بعض القراءات على بعض، وفضّل قراءة على أخرى([63]).

هذه المواقف المتباينة مع ما هو كالمتعارف عليه اليوم بين أكثر الباحثين، لا تغري بإصدار الأحكام القاضية بسطحية البحث النحوي التاريخي [النحوتاريخي] بقدر ما تلح على الباحثين بإعادة قراءة التراث النحوي، قراءة معاصرة، لا تنفصم عراها عن الدراسات التراثية، ولا تجترها اجترارا بسذاجة وظلامية؛ ذلك أن "التراث لا يوجد في ذاته، فالتراث هو قراءتنا له، هو موقفنا منه، هو توظيفنا له... قد أتجاهل التراث أو أكرره حرفيا، أو أفسره أو استلهمه أو أهول من شأنه أو أهون منه، وقد أراه على هذا النحو أو ذاك. وفي أي موقف من المواقف يفقد التراث ماضيه - حتى ولو كررته حرفيا - أي يفقد حقيقته الذاتية المرتبطة بغير شك بسياقه الزمني التاريخي الاجتماعي الخاص، ويصبح جزءا من زمني، من سياق حاضري الخاص"([64]).



إن القراءة الناضجة المثمرة للتراث لابد لها أن تقوم على أسس من الثقة بالحاضر، والإيمان بثراء الماضي وجدواه، وأن تتوسل بكل ما شأنه تأمين الطريق إلى الحقيقة دون انخداع أو انبهار، بعيدا عن الخطابية الساذجة، أو الشعاراتية العمياء، حتى يمكننا إزالة كل الأوهام الملتصقة بوجداننا، ونعيد اكتشاف تراثنا بأدواتنا الحالية، ولا نشعر بالخجل أو الحرج من مساءلة التراث، إذا ما توفرت لنا الأدلة والدواعي والأسباب لذلك، فإعادة قراءة التراث لا تعني - قطعا - أنه عدو لنا، أو أننا نقف منه موقفا معاديا، بل إن إعادة القراءة تتأسس على الحرص على تراثنا، وتنقيته من شوائب المراحل التاريخية التي مرت به، والتي لا يستطيع أحد إنكار حضورها في تكوين المشهد المعرفي للعقل الإسلامي الراهن.

( 5 )

لقد اكتسبت كثير من الآراء والأفكار ووجهات النظر قداسة حصينة؛ باعتبارها نصوصا تراثية، أدت في بعض الأحيان إلى الإلقاء بالمحاولين تجاوز هذه الحصانة إلى أرصفة التجهيل والتخطئة، والرمي بالجهالة، وربما وصلت في أزمنة الانحطاط إلى الإقصاء نهائيا خارج منظومة الأمة الإسلامية، باتهام هذه المحاولات النقدية وأصحابها بالزندقة تارة، وبالكفر تارات أخرى.

إعادة قراءة التراث تتأسس على الشعور بوجود أزمة معرفية كبيرة، وتتوسل الوعي بأهمية إعادة قراءة التراث، باعتباره الملهم الأول لإيجاد الحلول لكافة الأزمات التي تخص الوجدان الإنساني ومتطلباته المعرفية، كما أنه من المهم اليقين بأن هذه المراجعات النقدية للتراث لا تقتصر على التراث العربي والإسلامي وحده ولكنها حالة تاريخية مهمة تمر بها أمم الأرض جميعا، فالانفتاح الرهيب الذي يعيشه العالم الآن، سمح بتداول المعرفة الإنسانية بلا حدود، ولا شروط، فضلا عن الاختيار، وفض الخواتيم المحرمة، وانتهاك المقدسات التراثية، وأصبح العالم الإنساني جاهزا - تقريبا - لقراءة مغايرة للقراءات النمطية السائدة، وهو في هذه القراءات الجديدة إما مؤكد على السابق، وإما مضيف إليه، وإما مكتشف ضلالته وزيفه، ولكنه سوف يؤدي إلى "إنتاج معرفة جديدة بالنص المقروء سواء كان هذا النص نصا أدبيا أو فلسفيا أو دينيا أو نقديا أو سياسيا...إلخ"([65]).

وتأسيسا على أن الموقف من التراث لا يعني الموقف من الهوية، أو التاريخ، أو الماضي بكل أبعاده، وإنما هو - في الحقيقة - موقف من الواقع والحاضر، فإن هذه الدراسة / القراءة تحث على إعادة قراءة النصوص التي مارست (نقد القراءات)، خاصة في التراث النحوي، ووصلت إلى حد التصريح بالقول: "ولا نسلم تواتر القراءات"([66])، و"أن دعوى التواتر باطلة"([67]).. تلك النصوص التي اعتبرها كثيرون نصوصا جريئة إلى حد أنها قد توقع المسلم في الكفر، ما أسهم في ظهور تيار محافظ، في رد فعل طبيعي عند المساس بالثوابت، أو ما حل محل الثوابت، وزيادة في التعبئة المعنوية أطلقت الألقاب المشجعة، والحماسية، كـ(حماة العقيدة) و(حماة القرآن) على كل من تصدى لناقدي القراءات، ونال منهم، وقد قام بهذا الدور كثيرون، تتبعوا كثيرا من المواقف النقدية الساخنة، وردوا عليها، بدافع حماية القرآن، والعقيدة، بالإضافة إلى حماية الأجيال اللاحقة من كتابات نقاد القراءات القرآنية؛ لأن هذه الكتابات - حسب أبي حيان - قد تقع بين يدي من لا يحسن هذا الفن؛ فيسيء ظنا بالقراءة وبقارئها، "فيقارب أن يقع في الكفر بالطعن في ذلك"([68])؛ لأننا نتعبد بالقرآن، وفي كل الأحوال "لسنا متعبدين بقول نحاة البصرة، ولا غيرهم"([69]).

إشكالية (نقد القراءات) من أخطر إشكاليات التراث الإسلامي، وأشدها تعقيدا، ولذلك فإن الكتابة في هذا الموضوع لا يمكن لها أن تدعي تقديم الحلول الفاصلة والنهائية لتلك الإشكالية، ولا أن تطرح بدائل لعملية (النقد)، أو آلية (الدفاع)، ولكنها تثير الأسئلة من جديد، وليس بالضرورة أن تقدم الإجابات؛ لأن السؤال في حقيقته هو نوع من المعرفة، كما أن هذه الدراسة تنطلق من الإيمان بأن القراءة السلفية للتراث لا تقدم قراءة معاصرة، "وبالتالي فهي لا يمكن أن تنتج سوى نوع واحد من الفهم للتراث، هو: الفهم التراثي للتراث، التراث يحتويها، وهي لا تستطيع أن تحتويه، لأنها: التراث يكرر نفسه"([70]).

تعكس هذه الدراسة / القراءة - فيما تعكس- حضورا متميزا لهذه القضية في المشهد الثقافي الخاص بالفكر الإسلامي واللغوي على مدى قرون طويلة، ولا تزال قضية نقد القراءات نحويا ضمن قضايا البحث اللغوي المعاصرة المهمة، وهو ما يؤكد أن "إشكالية قراءة التراث إشكالية معرفية واحدة، لا تتبدل بتبدل القارئين، المتزامنين والمتعاقبين، المختلفين والمتفقين، وإنها لا تزال مفتوحة أمام كل مفكر... مثقل بتراثه، مهموم بحاضره، متطلع إلى مستقبله، ليعاود التفكير فيها من الحين إلى الآخر، مادام التراث جزءا من أزمة الذات"([71]).





* بحث مقدم للمشاركة في المؤتمر الدولي الثالث عن: "العلوم الإسلامية والعربية وقضايا الإعجاز في القرآن والسنة بين التراث والمعاصرة" المنعقد بجامعة المنيا / كلية دار العلوم في الفترة من 4 : 6 مارس 2007م.





--------------------------------------------------------------------------------



[1] - قول لأبي الدرداء في مصنف ابن أبي شيبة 7 / 112 بلفظ :" إن قارضت وإن تركتهم لم يتركوك". وهو حديث عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مسند الشاميين للطبراني 2 / 293 والمعجم الكبير للطبراني 8 / 126 بلفظ: "إن ناقدتهم ناقدوك وإن تركتهم لم يتركوك ". وفي مجمع الزوائد للهيثمي 7 / 285 بلفظ: " إن نافذتهم نافذوك". وهو قول لعبد الله بن مسعود في شعب الإيمان للبيهقي 6 / 352، وفيض القدير للمناوي 1 / 461. بلفظ: "إن نافرتهم نافروك وإن تركتهم تركوك".

[2] - انظر: لسان العرب مادة ( نقد ).

[3] - الآية 17 من سورة القيامة.

[4] - الآية 18 من سورة القيامة.

[5] - لسان العرب مادة ( ق ر أ ).

[6] - انظر مثلا: مقدمة ابن خلدون، تحقيق: علي عبد الواحد وافي، 3/1028. والبرهان للزركشي 1 / 318. ومناهل العرفان للزرقاني 1 / 15.

[7] - التعريفات، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، ص 223 .

[8] - الإتقان للسيوطي 2 / 478.

[9] - المصدر السابق 2 / 478.

[10] - مناهل العرفان للزرقاني 1 / 284.

[11] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 6.

[12] - البرهان للزركشي 1 / 318.

[13] - البرهان للزركشي 1 / 318 - 319.

[14] - بعض الشيعة يعتقدون أن قراءة عاصم وحدها المتواترة، انظر مثلا: إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف، لأبي عمر صادق العلائي ص 283. لكن تاريخ القراءات يقول غير ذلك، فرواية حفص عن عاصم هي أقل القراءات انتشارا، بل كانت قراءة نادرة لم تنتشر حتى بالكوفة، التي أخذ أهلها قراءة عاصم عن أبي بكر شعبة، وليس عن حفص. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، ولم يلتفتوا لرواية حفص. قال ابن مجاهد في كتاب السبعة في القراءات ص 53 : "وإلى قراءة عاصم صار بعض أهل الكوفة، وليست بالغالبة عليهم؛ لأن أضبط من أخذ عن عاصم أبو بكر بن عياش فيما يقال، لأنه تعلمها منه تعلما خمسا خمسا، وكان أهل الكوفة لا يأتمون في قراءة عاصم بأحد ممن يثبتونه في القراءة عليه إلا بأبي بكر بن عياش، وكان أبو بكر لا يكاد يمكن من نفسه من أرادها منه، فقلت بالكوفة من أجل ذلك، وعز من يحسنها، وصار الغالب على أهل الكوفة إلى اليوم، قراءة حمزة بن حبيب الزيات"، وقال ص 58 : " حدثني علي بن الحسن الطيالسي، قال: سمعت محمد بن الهيثم المقرئ يقول: أدركت الكوفة ومسجدها الغالب عليه قراءة حمزة، ولا أعلمني أدركت حلقة من حلق المسجد الجامع يقرؤون قراءة عاصم ". وخلال فترة من الزمن سادت قراءتي أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي، ولم يكن لقراءة حفص عن عاصم ذكر. ومع قدوم الاحتلال التركي تم فرض رواية حفص بالحديد والنار على العالم الإسلامي.

[15] - انظر: البيان في تفسير القرآن. السيد الخوئي ص 157 - 159.

[16] - مناهل العرفان للزرقاني 1 / 301.

[17] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 13. قال ابن الجزري: "لقد كنت قبل أجنح إلى هذا القول، ثم ظهر فساده، وموافقة أئمة السلف والخلف".. وقال الإمام أبو شامة المقدسي: "وقد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة أي كل فَرْدٍ فَرَدَ ما روى عن هؤلاء الأئمة السبعة، قالوا: والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب، ونحن بهذا نقول، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير له، مع أنه شاع واشتهر واستفاض فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها" انظر: المصدر نفسه 1 / 13

[18] - انظر مثلا: النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 25 وما بعدها .

[19] - انظر مثلا: البحر المحيط لأبي حيان 3/159.

[20] - انظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 33 - 35.

[21] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 36، والمقصود بالخبر النبوي الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحرف السبعة، ومنها ما أخرجه البخاري 4/1909 ومسلم 1/560 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه". وللعلماء في تفسير الأحرف السبعة هذه مذاهب كثيرة، أكثرها قبولا هو القول بأن المراد بالسبعة ليس حقيقة العدد بحيث لا يزيد ولا ينقص، بل المراد السعة والتيسير، كما قال تعالى (إن تستغفر لهم سبعين مرة)؛ لأنه يتناسب والتيسير المنشود في الحديث الشريف. انظر هذه المذاهب في: النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 27.

[22] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 37.

[23] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 37.

[24] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 37، وقد تم هذا الشطب وهذه الإضافة في خلافة المأمون الذي اشتهر عنه أنه يرغم العلماء على القول حسب ما يرى هو ويعتقد ، انظر : المصدر نفسه 1 / 37 .

[25] - السبعة لابن مجاهد ص 45 - 46.

[26] - كتاب السبعة لا بن مجاهد ص 60.

[27] - هم مشايخ الإمام نافع: عبد الرحمن بن هرمز، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب، ويزيد بن رومان. انظر: كتاب السبعة لابن مجاهد ص 61.

[28] - كتاب السبعة لا بن مجاهد ص 61 - 62.

[29] - كتاب السبعة لا بن مجاهد ص 78.

[30] - كتاب السبعة لا بن مجاهد ص 79 - 81.

[31] - كتاب السبعة لا بن مجاهد ص 82.

[32] - كتاب السبعة لا بن مجاهد ص 84.

[33] - انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي 1 / 269 - 271.

[34] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 17 - 18 وقال ابن الجزري: "وإلى ذلك أشار مكي بن أبي طالب رحمه الله في آخر كتاب التبصرة حيث قال: فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب، ينقسم ثلاثة أقسام: قسم: قرأت به ونقلته، وهو منصوص في الكتب موجود، وقسم: قرأت به وأخذته لفظا أو سماعا وهو غير موجود في الكتب، وقسم: لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب، ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل".

[35] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 10 - 11.

[36] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1 / 9 .. قال ابن الجزري: " كل قـراءة: وافقت العربية ولو بوجـه. ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا. وصح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها، ولا يحل إنكـارها.... سواء كانت عن الأئمة السبعة، أم عن العشـرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة، أطـلق عليها ضعيفة، أو شاذة، أو باطلة، سواء كانت عن السبـعة، أم عمن هو أكبر منهم.. هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلـف... وهو مـذهب السلف الذي لا يعـرف عن أحد منهم خلافـه" انظر: النشر في القراءات العشر 1/ 9 - 10.

[37] - من الآية 33 من سورة البقرة .

[38] - السبعة لابن مجاهد ص 154.

[39] - من الآية 67 من سورة غافر .

[40] - السبعة لابن مجاهد ص 179.

[41] - من الآية 35 من سورة مريم .

[42] - السبعة لابن مجاهد ص 409.

[43] - من الآية 47 من سورة آل عمران .

[44] - السبعة لابن مجاهد ص 206 - 207.

[45] - من الآية 123 من سورة الأعراف .

[46] - السبعة لابن مجاهد ص 290.

[47] - من الآية 15 من سورة سبأ .

[48] - من الآية 22 من سورة النمل .

[49] - السبعة لابن مجاهد ص 480.

[50] - من الآية 117 من سورة البقرة .

[51] - السبعة لابن مجاهد ص 169.

[52] - من الآية 10 من سورة الأعراف .

[53] - السبعة لابن مجاهد ص 278.

[54] - من الآية 69 من سورة الفرقان .

[55] - السبعة لابن مجاهد ص 467.

[56] - من الآية 35 من سورة الأنفال .

[57] - السبعة لابن مجاهد ص 305 - 306.

[58] - السبعة لابن مجاهد ص 48 - 49.

[59] - البحر المحيط 3/159.

[60] - انظر مثلا: المدارس النحوية، لشوقي ضيف ص 158 ، ودراسة في النحو الكوفي، لمختار ديرة ص 200 - 202 .

[61] - المدارس النحوية لشوقي ضيف ص 157. وانظر الكتاب 1/74 .

[62] - انظر: المصدر السابق ص 157. وانظر معاني القرآن للفراء 1/ 75 .

[63] - انظر: معاني القرآن للفراء: 1 / 358، 2 / 81 - 82. وغيرها، والنحو وكتب التفسير لإبراهيم رفيدة 1/ 289 - 310 . دراسة في النحو الكوفي لمختار ديرة، ص 173 - 185 .

[64] - الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي المعاصر، محمود أمين العالم، ص222.

[65] - إشكالية قراءة التراث، مصطفى بيومي عبد السلام / مجلة النقد الأدبي (فصول) العدد 63. ص 66.

[66] - شرح الرضي على الكافية 2 / 336.

[67] - فتح القدير للشوكاني 1 / 418.

[68] - البحر المحيط 3/159.

[69] - المصدر السابق 3/159.

[70] - نحن والتراث. قراءة معاصرة في تراثنا الفلسفي، محمد عابد الجابري ص 8.

[71] - إشكالية قراءة التراث، مصطفى بيومي عبد السلام/ مجلة النقد الأدبي (فصول) العدد 63. ص 68.







المصادر والمراجع :

- القرآن الكريم مضبوطا بالرسم الإملائي برواية حفص.

1. الإتقان في علوم القرآن ، لجلال الدين السيوطي، بلا تأريخ وبلا رقم الطبعة، المكتبة الثقافية/ بيروت- لبنان.

2. إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف، لأبي عمر صادق العلائي [نسخة محمّلة من الموقع الالكتروني : "شبكة الشيعة العالمية" ].

3. البحر المحيط ، لأبي حيان الأندلسي، دار إحياء التراث العربي ، بيروت، لبنان، ط الثانية، 1990م

4. البرهان في علوم القرآن، لبدر الدين محمد بن عبدالله الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بلا تأريخ وبلا رقم الطبعة، مكتبة دار التراث/ القاهرة - مصر.

5. البيان في تفسير القرآن. للسيد الخوئي [نسخة محمّلة من الموقع الالكتروني : "شبكة الشيعة العالمية" ].

6. التعريفات، لعلي الجرجاني، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب. بيروت. ط الأولى 1987 م

7. دراسة في النحو الكوفي من خلال معاني القرآن للفراء. لمختار أحمد ديرة، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع. ط الأولى 1991م.

8. السبعة في القراءات، لأبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد البغدادي، تحقيق: شوقي ضيف، دار المعارف/ القاهرة ، ط الثانية، 1400 هـ.

9. شرح الرضي على الكافية، لرضي الدين الاستراباذي، تصحيح: يوسف حسن عمر، منشورات جامعة قاريونس ليبيا، ط الثانية 1996م .

10. شعب الإيمان للبيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية بيروت ط الأولى، 1410 هـ،.

11. صحيح البخاري، لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، (تح) مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير , اليمامة، بيروت ط الثالثة ، 1987م.

12. صحيح مسلم، بشرح النووي أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، دار إحياء التراث العربي بيروت، ط الثانية 1392 هـ .

13. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، لمحمد بن علي الشوكاني، عالم الكتب ، بلا تأريخ.

14. فيض القدير للمناوي ، المكتبة التجارية الكبرى / مصر ط الأولى، 1356 هـ،.

15. الكتاب لسيبويه، أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، (تح) عبد السلام هارون، القاهرة، 1977م .

16. مجلة النقد الأدبي (فصول) العدد 63، شتاء وربيع 2004 ، مجلة فصلية تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

17. مجمع الزوائد لعلي بن أبي بكر الهيثمي دار الريان للتراث، دار الكتاب العربي القاهرة / بيروت، 1407 هـ

18. المدارس النحوية . لشوقي ضيف، ط الرابعة، بلا تأريخ، دار المعارف / مصر.

19. مسند الشاميين، لسليمان بن أحمد أبو القاسم الطبراني، (تح): حمدي بن عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، بيروت ط الأولى 1984م،

20. مصنف ابن أبي شيبة، لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، (تح) : كمال يوسف الحوت مكتبة الرشيد، الرياض ط الأولى 1409 هـ.

21. معاني القرآن، لأبي زكرياء الفراء، (تح) أحمد نجاتي، ومحمد النجار ، بلا دار نشر ، وبلا تأريخ .

22. المعجم الكبير، للطبراني (تح): حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة العلوم والحكم، الموصل العراق، ط الثانية، 1983م،

23. معرفة القراء الكبار لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، (تح) بشار عواد معروف، شعيب الأرناؤوط، صالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة بيروت، ط الأولى 1404 هـ .

24. مقدمة ابن خلدون، (تح): علي عبد الواحد وافي، نهضة مصر ط 3، بلا تأريخ.

25. مناهل العرفان في علوم القرآن، لمحمد عبد العظيم الزرقاني، (تح): مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر / بيروت. ط الأولى 1996 م

26. نحن والتراث. قراءة معاصرة في تراثنا الفلسفي، لمحمد عابد الجابري، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط الأولى، بيروت 1980 م .

27. النحو وكتب التفسير. لإبراهيم رفيدة ، منشورات المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان والمطابع ط الثانية، 1981 م

28. النشر في القراءات العشر، لأبي الخير محمد بن محمد ابن الجزري، (تح) علي محمد الضباع ، دار الكتب العلمية، بيروت ، بلا تاريخ

29. الوعي والوعي الزائـف في الفكر العربي المعاصر ، لمحمـود أمين العالم، دار الثقـافة الجديـدة، القاهرة، 1986 م.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فأشكر الشيخ عبد الله خليفة سلمه الله على وضعه هذا البحث القيم في الملتقى،
وهو موضوع قيم تنوعت فيه جهود الباحثين فقامت في جامعة الإمام رسالتان حول منهج ابن مجاهد في السبعة للشيخ أحمد المطيري، ونقد القراءات، ناقشها الدكتور السالم الجكني،قريبا،
ومن المهم كذلك الإشارة الى أن كتاب السبعة قد حققه الدكتورشوقي ضيف،وتميز تحقيقه بميزات عديدة،
وأن بعض الباحثين يحاول إعادة تحقيقه فياترى مامدى امكانية ذلك؟
ارجو مطارحتكم أخي الكريم وبقية الإخوة الكرام.والله الموفق.
 
تزكية وشهادة

تزكية وشهادة

الأخ الدكتور محمد الحسين مليطان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فلقد قرأت أخيرا دراستكم النقدية للقراءات من خلال سبعة ابن مجاهد .
وإني لأعلن موافقتكم في بحثكم هذا جملة وتفصيلا .
ولهو محاولة جادة في سبيل مراجعة أفضل ميادين التراث الإسلامي ميدان القراءات مراجعة منصفة يجب أن يبادر إليها علماء القراءات والأساتذة المتخصصون ، وهكذا أسخر لكم بحوثي وتجربتي الميدانية في علم القراءات وأجعلها تحت تصرفكم وتحت تصرف الباحثين الجادين الساعين لأجل ذلك الهدف النبيل
طالب العلم
الحسن محمد ماديك
متخصص في تحرير طرق القراءات العشر الكبرى
مؤلف :
ـ غاية البشر في تحرير طرق طيبة النشر
ـ تفسير القرآن "من تفصيل الكتاب وبيان القرآن"
ـ حوار مع التراث الإسلامي
 
أحيطكم علما مشايخنا الفصلاء بأن دراسة هذا الكتاب قد أخذت في رسالة علمية(ماجستير) بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر ونوقشت قبل عامين
 
ومع قدوم الاحتلال التركي تم فرض رواية حفص بالحديد والنار على العالم الإسلامي.
ما هو الدليل على هذه الكلمة التي قلتها
 
عودة
أعلى