باحثة ومبتعث يثير كل منهما إشكاليات حول ترجمة القرآن الكريم

إنضم
18/07/2010
المشاركات
537
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
المدينة المنورة
ربما وقفت دوافعٌ سياسيةٌ خلال الآونة الأخيرة وراء شغف المجتمعات الغربية للتعرف على الديانة الإسلامية التي يعتنقها غالبية سكان المنطقة العربية, إما لمد جسور التواصل وهذا قليل, أو لتعزيز نظرة سلبية تجاه العرب, يساعد في ذلك بعض النصوص القرآنية المترجمة التي يفتقد كثير منها لمعايير الدقة بالإضافة لكونها توصم بالسطحية في الفهم.
والنصوص القرآنية المترجمة ترجمة خاطئة سواء كانت عن عمد أو عن قصور أو عن خطأ لابد أن تستدعي الباحثين لكي ينتفضوا من أجلها فينقحوها ويقوموا عوجها, حتى لا تسيء لكتاب الله وتكون سببا في تنفير الناس عنه.
وفي هذا الموضوع اطلعتُ على خبر حديث لرسالة ماجستير أعدتها باحثة مصرية تدعى دينا الكردي، بعنوان:
"مقارنة بين ترجمتى أبى حمزة وجاك بيرك لمعانى سورة الأحزاب", تم استعراض الرسالة خلال ندوة نظمتها الوحدة الفرانكفونية التابعة لمكتبة الإسكندرية. وتفيد فيها الباحثة:
*أن الناطقين باللغة العربية يعجزون كثيرا عن تفسير آيات وردت بالقرآن الكريم نظرا لثرائه من النواحي الدلالية واللغوية وتضمن نصوصه لمفردات مازالت تبدو خفية أمام المفسرين, مما يعكس صعوبة بالغة يواجهها القارئ الغربي لاستيعاب معانيه ومقاصده بوجه دقيق.
*اخفاق عدد كبير من المستشرقين في ترجمة النصوص القرآنية أما لعدم إلمامهم بخصائص اللغة العربية أو تأثرهم بمعتقدات ثقافية ودينية تحول دون نقلهم لترجمة تتمتع بالحيادية، وقد أبرزت الباحثة الجدل الذي أثارته مسألة ترجمة القرآن بين مؤيد ومعارض نظرا لإعجازه من ناحية وكذا اختلافات لغوية بين اللغة العربية ونظيراتها الأجنبية.
ويرجع اختيار الباحثة دينا الكردي ـ مدرس اللغة الفرنسية بكلية آداب جامعة الإسكندرية ـ لسورة "الأحزاب" موضوع لدراستها المقارنة كونها تناولت أحكام عدة تشريعات إلهية شائكة مثل الظهار, التبني، الإرث، تعددالزوجات عند الرسول صلى الله عليه وسلم وزواجه من مطلقة ابنه بالتبني, إضافة لتحديدها آداب ساهمت بإصلاح الحياة الاجتماعية وقتذاك مقارنة بأحوال عاصرت فترة ما قبل الإسلام, كآداب الزيارات والاستئذان.
كما أن أسباب تحديد مقارنة ترجمة السورة بين المستشرق الفرنسي "بيرك" والجزائري "أبى بكر حمزة" تعود لكشف مدى تأثير العوامل الثقافية والدينية لكل منهما في ترجمة نصوص القرآن.
وتعلقت أهم التساؤلات المطروحة بتلك الرسالة حول مدى تمتع المترجم بحرية في ترجمة النصوص المقدسة والمقصود بالملائمة في الترجمة.
واهتمت الباحثة في رسالتها بتحليل العناصرالمحيطة بالترجمتين المشار إليهما لغويا ونحويا, وقد انتهت الباحثة لصعوبة وجود ترجمة دقيقة للقرآن الكريم لإعجازه اللغوي موضحة أنه مهما بلغت درجة إتقان المترجم فلن يتمكن الوصول لترجمة متقنة، ذلك أن الترجمة تبقى عمل أنساني لا يقارن بالنص الإلهي.
وقد اعتمد المستشرق الفرنسي "بيرك" في ترجمته لسورة الأحزاب على ترجمة حرفية مما أظهر النص مشوبا بالغرابة والأخطاء اللغوية لإغفاله ترجمة العديد من الكلمات أو التغيير في ترتيبها وعدم اعتنائه بإيضاح الإيجازاللغوي وتفسير الألفاظ الغريبة رغم قضائه 20 عاما في ترجمة القرآن باعتباره عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة, خلافا للجزائري "أبى بكر حمزة" الذي اعتمدت ترجمته لسورة "الأحزاب" على نقل معنى الآيات للفرنسية وليس ترجمتها حرفيافبدت ترجمته أكثر وضوحا لاستطراده في محاولة إفهام القارئ الأجنبي من خلال إدخاله زيادات في الترجمة ولجوؤه لنقاط هامشية لأجل إيضاح ألفاظ كثيرة.

**"مُبتعث" في أمريكا يكتشف أخطاء في ترجمة القرآن للإنجليزية
وفي ذات السياق لفت نظري الاعلان عن اكتشافطالب سعودي مبتعث لإكمال شهادة الدكتوراه في ولاية مونتانا بأمريكا أخطاء فادحة فيترجمة القرآن الكريم للغة الإنجليزية بموقع الإسلام الدعوي والإرشادي، الذي تشرف عليهوزارة الشؤون الإسلامية.
وتمثلت الأخطاء في عدم الالتزام بتسلسل أرقام آياتالسور القرآنية عند ترجمتها؛ فيتصور القارئ للترجمة أنها أتت في سياق متصل، إلا أنهفي الأصل غير ذلك؛ وهذا الخطأ البسيط للأسف يتسبب في تحريف معنى القرآن.

ومما قاله المبتعث مبارك بن مشيط الشهري حول هذا الأمر:
"إنه لشيء يحز في النفس عندما تقرأ ترجمة القرآن الكريم باللغة الإنجليزية في موقع تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية بعلمائها ودعاتها، ثم تجد هناك أخطاء لا يرضاها المسلم؛ إذ هناك خلل كبير وإهمال واضح في ترتيب الآيات المترجمة، يكتشفها الذي يقرأ اللغة العربية، بينما من يقرأ الترجمة يتضح لهأن المعنى لا يكتمل، وهذا يجعله مشككاً في كتاب الله وفي هذا الدين, وهناك أخطاء في الترجمة قد تكون كفرية، كوصف الجنة بأنها موطن العذاب الأليم؛ إذ ذكر في سورة الصافات الآية رقم 48 قوله تعالى {وعندهم قاصرات الطرف عين} ثم بعدها بآية {إنكم لذائقو العذاب الأليم}، وبعدها وصف أن المجرمين جزاؤهم {فواكه وهم مكرمون} في الآية 42، ثم بعدها الآية 31 {فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون}، إلى قوله تعالى {إنا كذلك نفعل بالمجرمين},ومثل هذا الخطأ ليس في سورة واحدة فقط بل في العديد من السور القرآنية".

أخيرا أقول: إن هذه الأخطاء الكارثية التي تمتلئ بها ترجمات القرآن الكريم في جميع اللغات بلا استثناء لهي ـ من وجهة نظري ـ جبهة جهاد مشرعة أمام المسلمين باختلاف مشاربهم ولغاتهم, وإنها لأمانة عظيمة في أعناقهم, ويجب أن يسخر المتمكنين منهم نفسه لأجل النزول في هذه الساحة المباركة خدمة لكتاب الله وللبشرية جمعاء.
 
جزاك الله خير وبارك الله بك.
مع التسليم التام بأن الترجمات الحالية والمستقبلية للقرآن الكريم لن تستطيع إلا تقريب المعنى إلى القارىء، إلا أنه يجب الحذر من تهويل وتضخيم صعوبة فهم القرآن الكريم، فإن هذا أسلوب يتخذه أعداء الإسلام للطعن بالقرآن الكريم، من باب أنه من غير المنطق أن يكون هو كتابا من عند الله إن كان من المستحيل أن يفهمه أحد.
وحسبنا هذه الآية الكريمة:
{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }
فما من أمر شائك في كتاب الله سبحانه، وكما تفضلت، فنحن المقصرون.
وجزاك الله خير.
 
جراك الله خيرا على هذا الموضوع القيم جدا ،وهو يلفت النظر الى فرض على الامة تجاه كتابها اولا:وتجاه العجم بتسهل وصول معاني القران واضحة بينه لهم،وحري بالباحثين ان يهتموا بهذا الجانب المهم في ابحاثهم ودراساتهم .
 
عودة
أعلى