عبدالرحمن السديس
New member
الحمد لله وصلى الله على نبينا محمد أما بعد:
فلا يخفى عليكم ولع المتاخرين بالمختصرات في كل الفنوان وفي ذلك مصالح ومفاسد، وكنت من مدة أريد أن أكتب موضوعا عن المختصرات، لكني ما استطعت أن استجمع الفكر وأجد من الفراغ ما يكفي، وكنت قد جمعت نقولا متفرقة في ذمها وبيان عيبها، فالظاهر أن غاية ما سيكون هو نقل بعض هذه النقول!
والغرض أن تخفف هذه العبارات من غلو بعضنا فيها، وتلفت انتباههم إلى كتب الأئمة المتوسطة والموسعة .
وسأبدأ بكلام لطيف طريف للشيخ علي الطنطاوي
قال ـ رحمه الله ـ في ذكرياته 2/43
في كلامه على (رسائل سيف الإسلام ):
وأثرتُ بعض المشايخ لما نقدتُ طريقتهم في الدعوة إليه، وفي تلقين المتعلمين أحكام شريعته، وكانت (في الحق) أسوأ الطرق في التدريس في كتب ألفت على أسوأ الأساليب في التأليف: (متن) موجز إيجازًا مخلاً ، كأن مؤلفه بخيل كُلِّف بأن يرسله في (برقية) إلى أوستراليا، يغرم أجرتها من ماله، فهو يقتصد في الكلمات لتقل عليه النفقات، وانظروا (جمع الجوامع) و(التحرر) في الأصول مثالا على هذه المتون، وقابلوا أسلوبه بأسلوب الغزالي في (المستصفى) .
كانت أكثر الكتب التي يعكفون عليها بعيدة عن البيان بعد الأرض عن السماء، معقدة العبارة أعجمية السبك، وإن كانت عربية الكلمات، فيأتي من يوضح غامض المتن فيدخل جملة من عنده بين كل جملتين منه كما يرقعون اليوم الجلد المحروق من الإنسان بقطعة من جلده السليم فينجح الرتق أو يظهر الفتق وهذا هو (الشرح).
ويأتي من يضع لهذا الشرح حواشي وذيولا يطوله فيها فيجمله أو يقبحه ويعطله وهذه هي (الحاشية)، ويبدو ضعف الإنشاء في القرون المتأخرة حتى في مثل حاشية ابن عابدين التي هي اليوم عمدة المفتين على المذهب الحنفي ثم يجيء من يعلق على هذه الحاشية تعليقات وتسمى (التقريرات) فلا الأسلوب عربي فصيح ولا المنهج قويم صحيح.
وانظروا (المبسوط) مثلا للسرخسي أو (البدائع ) للكاساني ثم انظروا الحاشية أو انظروا في مذهب الشافعية (الأم) ثم (مغني المحتاج) إن ما بينهما كالذي بين (أسرار البلاغة) و(شروح التلخيص) في كتب الأولين، البلاغة والبيان والأسلوب العربي النير، وفي حواشي الآخرين.. فيها ما تعرفون !
فلا يخفى عليكم ولع المتاخرين بالمختصرات في كل الفنوان وفي ذلك مصالح ومفاسد، وكنت من مدة أريد أن أكتب موضوعا عن المختصرات، لكني ما استطعت أن استجمع الفكر وأجد من الفراغ ما يكفي، وكنت قد جمعت نقولا متفرقة في ذمها وبيان عيبها، فالظاهر أن غاية ما سيكون هو نقل بعض هذه النقول!
والغرض أن تخفف هذه العبارات من غلو بعضنا فيها، وتلفت انتباههم إلى كتب الأئمة المتوسطة والموسعة .
وسأبدأ بكلام لطيف طريف للشيخ علي الطنطاوي
قال ـ رحمه الله ـ في ذكرياته 2/43
في كلامه على (رسائل سيف الإسلام ):
وأثرتُ بعض المشايخ لما نقدتُ طريقتهم في الدعوة إليه، وفي تلقين المتعلمين أحكام شريعته، وكانت (في الحق) أسوأ الطرق في التدريس في كتب ألفت على أسوأ الأساليب في التأليف: (متن) موجز إيجازًا مخلاً ، كأن مؤلفه بخيل كُلِّف بأن يرسله في (برقية) إلى أوستراليا، يغرم أجرتها من ماله، فهو يقتصد في الكلمات لتقل عليه النفقات، وانظروا (جمع الجوامع) و(التحرر) في الأصول مثالا على هذه المتون، وقابلوا أسلوبه بأسلوب الغزالي في (المستصفى) .
كانت أكثر الكتب التي يعكفون عليها بعيدة عن البيان بعد الأرض عن السماء، معقدة العبارة أعجمية السبك، وإن كانت عربية الكلمات، فيأتي من يوضح غامض المتن فيدخل جملة من عنده بين كل جملتين منه كما يرقعون اليوم الجلد المحروق من الإنسان بقطعة من جلده السليم فينجح الرتق أو يظهر الفتق وهذا هو (الشرح).
ويأتي من يضع لهذا الشرح حواشي وذيولا يطوله فيها فيجمله أو يقبحه ويعطله وهذه هي (الحاشية)، ويبدو ضعف الإنشاء في القرون المتأخرة حتى في مثل حاشية ابن عابدين التي هي اليوم عمدة المفتين على المذهب الحنفي ثم يجيء من يعلق على هذه الحاشية تعليقات وتسمى (التقريرات) فلا الأسلوب عربي فصيح ولا المنهج قويم صحيح.
وانظروا (المبسوط) مثلا للسرخسي أو (البدائع ) للكاساني ثم انظروا الحاشية أو انظروا في مذهب الشافعية (الأم) ثم (مغني المحتاج) إن ما بينهما كالذي بين (أسرار البلاغة) و(شروح التلخيص) في كتب الأولين، البلاغة والبيان والأسلوب العربي النير، وفي حواشي الآخرين.. فيها ما تعرفون !