الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه الأكرمين، أمَّا بعد: فهذه سلسلة مقالات إيمانيَّة، تُرسِّخ في نفوس المؤمنين المعنى الحقيقي لتدبُّر القرآن الكريم، ومآلات الجدّ والاجتهاد في تأمّل معاني آياته، والتمعُّن الدقيق في دلالات ألفاظه؛ حتى لا يفوِّتَ المؤمن الصادق الفائدة والربح المعنوي الذي يُكتَسَب نتيجة هذه العبادة العظيمة، وهي التدبُّر في كتاب الله
. إنَّ النفس البشرية بطبيعتها متقلّبة، لا ترغب في الدوام على فعل قد يبعث فيها الملل، وأيضاً فإنَّ النفس تنفُر تماماً من أيّ فعل قد لا يبعث فيها راحة البال، والرضا عن الحال، وحسن المنقلب والمآل؛ فكان لزاماً على الأنفس أن تبحث عن فعل منشود، تلجأ إليه بعد أن تتيقَّن العاقبة الحسنة من فعله، لاسيما إنْ كانت عواقبه راحة نفسية، وسعادة أبدية، وثقة، وقوة في الشخصيَّة. فلذلك كانت العبادات والطاعات ملاذاً وملجأً لذوي النوايا الحسنة، والإخلاص القلبي العميق، بعكس أصحاب المعيشة الضنكى، فالعباد الصالحون ينظرون إلى منافع العبادات القلبية والقولية والعملية من عدة جوانب: - أنَّ هذه العبادات لها من الأجر العظيم المترتِّب عليها ما يبشِّر أصحابها بجنان الخلد في الآخرة. - أنَّ هذه العبادات تُقرِّب العبد من خالقه؛ فيترتَّب على ذلك محبة الله له وما يعقبها من فتوحات وكرامات. - هذه الطاعات تبعثُ في نفوس الصالحين شعوراً يتنامى بالعزة، والطمأنينة، والأمن، والسعادة. - أنَّ البعيد عن هذه العبادات –وكما هو مشاهد- يعيش في أتعس الحياة وأشقاها. فكان لزاماً على ذوي التقوى والصلاح محافظتهم على عباداتهم، وترك الغالي والنفيس من أجلها، وترك مجالس السوء والفساد؛ حتى لا تضعف قلوبهم عن أداء هذه العبادات. وإنَّ تلاوة القرآن الكريم من أهمِّ العبادات التي تُؤثِّر مباشرةً على القلوب، وتنعكس على الجوارح، فتتربَّى الأنفس الطيبة على محاسن الأخلاق وأسناها، وتزداد بعداً عن مساوئها وأرداها، ولكن تلك الثمرة لنْ يجنيَها المسلم إلاَّ إذا أينعت بالتأمل والتدبر والامتثال والانقياد. فرُبَّ قارئٍ للقرآن، والقرآن يلعنه، ورُبَّ متحدِّثٍ بالقرآن، وهو أول من يخالفه، ورب قارئ للقرآن، وليس له من قراءته إلاَّ تحريك الفم واللسان؛ ليوهم الناس بأنَّه من أهل التقوى، فإذا انتقلت إلى حياته الواقعية لا ترى إلاَّ مخالفة القرآن، والسير على ضلالات الهوى والنفس الأمَّارة بالسوء. إنَّ الانطلاق من مبدأ التدبُّر والخشوع يجعل العبادة في غاية التأثير الواقعيّ على حياة المتعبِّد، ولا سيَّما أنَّ للتدبر في العبادة انعكاساتٍ تُرسِّخ مبدأ الزهد في الدنيا. ويجدُر التنبيه على أنَّ حقيقة التدبُّر تنطلق من ذوي القلوب المُخلصة المتجرِّدة عن لوثة الرياء، فلا يُمكن للتدبُّر أن يكون مُصطنعاً، فهو حقيقيٌّ، ولحقيقته جمالاتٌ روحانيَّة، لا بدَّ وأنْ تَظْهَرَ على سلوك المُتَعبِّد. والتظاهر المُختلق المصطنع بالتدبُّر يزيد صاحبه سوءاً في الحال والمآل؛ وذلك للأسباب التالية: - هذا الصنيع من باب الرياء الذي سيكون سبباً في إلحاق العقوبة الأُخْروِيَّة بصاحبه. - أنَّ الرياء يُنبئُ عن خللٍ في الفكر، يتمثل في خلو النية مِنْ طلب الأجر والمثوبة من الله تعالى، ففعله مضيعة لوقته في ما لا يعود عليه بمنفعة!. - لو اغتر الناس بهذا الجاهل، وأحسنوا به الظنَّ، فإنَّه سيكون سبباً في ضلالهم وإضلالهم. فنسأل الله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه الأكرمين، أمَّا بعد: فهذه سلسلة مقالات إيمانيَّة، تُرسِّخ في نفوس المؤمنين المعنى الحقيقي لتدبُّر القرآن الكريم، ومآلات الجدّ والاجتهاد في تأمّل معاني آياته، والتمعُّن الدقيق في دلالات ألفاظه؛ حتى لا يفوِّتَ المؤمن الصادق الفائدة والربح المعنوي الذي يُكتَسَب نتيجة هذه العبادة العظيمة، وهي التدبُّر في كتاب الله جل وعلا. إنَّ النفس البشرية بطبيعتها متقلّبة، لا ترغب في الدوام على فعل قد يبعث فيها الملل، وأيضاً فإنَّ النفس تنفُر تماماً من أيّ فعل قد لا يبعث فيها راحة البال، والرضا عن الحال، وحسن المنقلب والمآل؛ فكان لزاماً على الأنفس أن تبحث عن فعل منشود، تلجأ إليه بعد أن تتيقَّن العاقبة الحسنة من فعله، لاسيما إنْ كانت عواقبه راحة نفسية، وسعادة أبدية، وثقة، وقوة في الشخصيَّة. فلذلك كانت العبادات والطاعات ملاذاً وملجأً لذوي النوايا الحسنة، والإخلاص القلبي العميق، بعكس أصحاب المعيشة الضنكى، فالعباد الصالحون ينظرون إلى منافع العبادات القلبية والقولية والعملية من عدة جوانب: - أنَّ هذه العبادات لها من الأجر العظيم المترتِّب عليها ما يبشِّر أصحابها بجنان الخلد في الآخرة. - أنَّ هذه العبادات تُقرِّب العبد من خالقه؛ فيترتَّب على ذلك محبة الله له وما يعقبها من فتوحات وكرامات. - هذه الطاعات تبعثُ في نفوس الصالحين شعوراً يتنامى بالعزة، والطمأنينة، والأمن، والسعادة. - أنَّ البعيد عن هذه العبادات –وكما هو مشاهد- يعيش في أتعس الحياة وأشقاها. فكان لزاماً على ذوي التقوى والصلاح محافظتهم على عباداتهم، وترك الغالي والنفيس من أجلها، وترك مجالس السوء والفساد؛ حتى لا تضعف قلوبهم عن أداء هذه العبادات. وإنَّ تلاوة القرآن الكريم من أهمِّ العبادات التي تُؤثِّر مباشرةً على القلوب، وتنعكس على الجوارح، فتتربَّى الأنفس الطيبة على محاسن الأخلاق وأسناها، وتزداد بعداً عن مساوئها وأرداها، ولكن تلك الثمرة لنْ يجنيَها المسلم إلاَّ إذا أينعت بالتأمل والتدبر والامتثال والانقياد. فرُبَّ قارئٍ للقرآن، والقرآن يلعنه، ورُبَّ متحدِّثٍ بالقرآن، وهو أول من يخالفه، ورب قارئ للقرآن، وليس له من قراءته إلاَّ تحريك الفم واللسان؛ ليوهم الناس بأنَّه من أهل التقوى، فإذا انتقلت إلى حياته الواقعية لا ترى إلاَّ مخالفة القرآن، والسير على ضلالات الهوى والنفس الأمَّارة بالسوء. إنَّ الانطلاق من مبدأ التدبُّر والخشوع يجعل العبادة في غاية التأثير الواقعيّ على حياة المتعبِّد، ولا سيَّما أنَّ للتدبر في العبادة انعكاساتٍ تُرسِّخ مبدأ الزهد في الدنيا. ويجدُر التنبيه على أنَّ حقيقة التدبُّر تنطلق من ذوي القلوب المُخلصة المتجرِّدة عن لوثة الرياء، فلا يُمكن للتدبُّر أن يكون مُصطنعاً، فهو حقيقيٌّ، ولحقيقته جمالاتٌ روحانيَّة، لا بدَّ وأنْ تَظْهَرَ على سلوك المُتَعبِّد. والتظاهر المُختلق المصطنع بالتدبُّر يزيد صاحبه سوءاً في الحال والمآل؛ وذلك للأسباب التالية: - هذا الصنيع من باب الرياء الذي سيكون سبباً في إلحاق العقوبة الأُخْروِيَّة بصاحبه. - أنَّ الرياء يُنبئُ عن خللٍ في الفكر، يتمثل في خلو النية مِنْ طلب الأجر والمثوبة من الله تعالى، ففعله مضيعة لوقته في ما لا يعود عليه بمنفعة!. - لو اغتر الناس بهذا الجاهل، وأحسنوا به الظنَّ، فإنَّه سيكون سبباً في ضلالهم وإضلالهم. فنسأل الله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل.