عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 138
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
بلغ أعداد الأعضاء المشاركين في الملتقى حتى الآن 8270 مشاركاً ، الذين شاركوا أكثر من 150 مشاركة فوق المائتين من الأعضاء، والبقية دون ذلك . وبلغ عدد الموضوعات المنشورة 21472 موضوعاً تزيد يوماً بعد يوم ، وهي تمثل ثروة علمية طيبة ، ففيها من النفائس الكثير ، وبلغ عدد الردود والتعقيبات على هذه الموضوعات 141.654 تعقيباً ونقاشاً ورداً ، كان فيها من الثراء والأفكار والأجوبة والأدب الشيء الكثير ، وأرجو أن تكون هذه المشاركات في موازين أعمال من كتبها ، يثقل الله بها ميزان حسناته، ويستمر أجرها وخيرها باستمرار الانتفاع بها ، والله ذو الفضل العظيم .
ولم يتوقف الملتقى خلال هذه السنوات إلا أياماً معدودات لظروف تقنية ، وقد بذلت جهود كثيرة متواصلة خلال هذه السنوات لتطوير الملتقى علمياً وتقنياً وفنياً ، وتحققت الكثير من الأهداف والطموحات، وبقي الكثير منها قيد الإنجاز ، ولا تزال الرغبة في الكمال تؤرق فريق العمل كل حين ، حتى يبلغ هذا المشروع أقصى ما نقدر عليه من الكمال لخدمة الحوار القرآني الراقي النافع المتميز بلغته ومفرداته ومستواه العلمي .
تعرفنا على بعضنا من خلال هذا الملتقى معرفة خير ومحبة وفائدة ، وتعاونا جميعاً في كثير من المشروعات ، وتشاركنا الكثير من الفوائد والفرائد والأخبار المفيدة ، وأصبحنا أسرة واحدة نفرح لأفراح بعضنا ، ونحزن لأحزان بعضنا ، مر بنا الكثير من الأخبار السارة خلال هذه السنوات من صدور الكتب وأخبار التخرج والنجاح في مختلف مراحل الدراسة العلمية الجامعية والعليا ، والترقيات العلمية ، والجوائز والبرامج والأعياد وغيرها ، ونسأل الله أن يديم هذه الأفراح .
وكعادة هذه الحياة مر بنا الكثير من الأحزان لما وقع لبعض إخواننا أو أخواتنا من حوادث الموت والفراق ، وكان من آخرها وفاة زميلنا العزيز الدكتور عبدالله الجيوسي رحمه الله قبل نهاية هذا العام بأيام بعد أن أدى فريضة الحج مع أسرته وأبنائه ، وقد كان من الزملاء الذين تعرفت عليهم من خلال هذا الملتقى ، ثم لقيني في الأردن بحفاوة عندما حضرت للمشاركة في مؤتمر الإعجاز القرآني عام 1426هـ في جامعة الزرقاء الأردنية ، ثم لم تزل أواصر المحبة تقوى يوماً بعد يوم ، وتعاونا في كثير من المشروعات، واصطحبنا في كثير من الأسفار والمؤتمرات والتقينا كثيراً في الحرم المكي أيام المواسم ، ثم جاء خبر وفاته فألزمني الصمت ولا زال، حتى لامني بعض الأصدقاء لقصر عبارة تعزيتي فيه في الملتقى ، فتذكرتُ يوم مات أبي رحمه الله بين يدي، وحولي إخواني فلم تجد عيني بدمعة واحدة لهول المصاب، ولم أشتغل إلا بالدعاء له وتغسيله وتكفينه ودفنه ، حتى إذا مضى عامٌ كاملُ على وفاته زرت قبره فانهمرت دموعي كأنه مات للتو ، وقد لام الناس أحمد شوقي عندما لم يرث والده مع رثائه للكثير من الموتى فقال :
سألــوني لِمَ لَمْ أَرثِ أبي * ورثــاءُ الأب دَيْنٌ أَيُّ دَيْن
أَيُّها اللُّوّامُ، ما أَظلمَكـم! * أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟
يا أبي، مـا أنتَ في ذا أولٌ * كلُّ نفس للمنـايا فرضُ عَيْنْ
هلكَتْ قبلك نـاسٌ وقرَى * ونَعى الناعــون خيرَ الثقلين
غايةُ المرءِ وإن طالَ المـدى * آخذٌ يأخـــذه بالأصغرين
وطبيبٌ يتولى عاجـــزاً * نافضــاً من طبَّه خفيْ حنين
أنا منْ مــات، ومنْ مات * أنا لقي المــوتَ كلانا مرتين
نحن كنا مهجةً في بــدنٍ * ثم صِرْنـــا مُهجةً في بَدَنَيْن
ثم عدنا مهجة في بـــدنٍ * ثم نُلقى جُثَّـــةً في كَفَنَيْن
ما أَبِي إلاَّ أَخٌ فارَقْتُـــه * وأَماتَ الرُّسْــلَ إلاَّ الوالدين
طالما قمنا إلى مائــــدةٍ * كانت الكسـرةُ فيها كسرتين
وشربنا من إناءٍ واحـــدٍ * وغسلنــا بعدَ ذا فيه اليدين
وتمشَّيْنــــا يَدي في يدِه * من رآنا قــال عنّا: أخوين
نظرَ الدهرُ إلينا نظــــرةً * سَوَّت الشـرَّ فكانت نظرتين
يا أبي والموتُ كأسٌ مـــرةٌ * لا تذوقُ النفـسُ منها مرتين
كيف كانت ساعةٌ قضيتهــا * كلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟
أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعـةً * أَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟
لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكـاً * جمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عين
أنت قد علمتني تركَ الأسـى * كلُّ زَيْنٍ مُنتهـاه الموتُ شَيْن
أَيُّها اللُّوّامُ، ما أَظلمَكـم! * أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟
يا أبي، مـا أنتَ في ذا أولٌ * كلُّ نفس للمنـايا فرضُ عَيْنْ
هلكَتْ قبلك نـاسٌ وقرَى * ونَعى الناعــون خيرَ الثقلين
غايةُ المرءِ وإن طالَ المـدى * آخذٌ يأخـــذه بالأصغرين
وطبيبٌ يتولى عاجـــزاً * نافضــاً من طبَّه خفيْ حنين
أنا منْ مــات، ومنْ مات * أنا لقي المــوتَ كلانا مرتين
نحن كنا مهجةً في بــدنٍ * ثم صِرْنـــا مُهجةً في بَدَنَيْن
ثم عدنا مهجة في بـــدنٍ * ثم نُلقى جُثَّـــةً في كَفَنَيْن
ما أَبِي إلاَّ أَخٌ فارَقْتُـــه * وأَماتَ الرُّسْــلَ إلاَّ الوالدين
طالما قمنا إلى مائــــدةٍ * كانت الكسـرةُ فيها كسرتين
وشربنا من إناءٍ واحـــدٍ * وغسلنــا بعدَ ذا فيه اليدين
وتمشَّيْنــــا يَدي في يدِه * من رآنا قــال عنّا: أخوين
نظرَ الدهرُ إلينا نظــــرةً * سَوَّت الشـرَّ فكانت نظرتين
يا أبي والموتُ كأسٌ مـــرةٌ * لا تذوقُ النفـسُ منها مرتين
كيف كانت ساعةٌ قضيتهــا * كلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟
أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعـةً * أَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟
لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكـاً * جمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عين
أنت قد علمتني تركَ الأسـى * كلُّ زَيْنٍ مُنتهـاه الموتُ شَيْن
صدق رحمه الله أحمد : جمدت مني ومنك اليوم عين ، وكل زين منتهاه الموت شين .
لم أتذكر يوم بلغني خبر وفاة أخي عبدالله الجيوسي وكنت أستمع إلى تقرير قدمه أحد طلاب الماجستير في قاعة الدرس إلا ما يتركه المؤمن من العمل الصالح بعده ، وكيف يمكن لي أن أجتهد في عمل يبقى بعد موتي . بقي لأخي عبدالله الجيوسي الكثير من الموضوعات والمشاركات في الملتقى ، والكتب والبحوث المطبوعة ، وبقيت له كتب لم نطبعها بعد سأسعى لطباعتها ونشرها وفاءً له إن شاء الله هذا العام .
هذا العمر القصير فرصة سانحة لملئه بأعمال الخير والمعروف، والحرص على رضا الله في كل أمر، فهو الذي يبقى للمرء، وما سوى ذلك من عرض الدنيا فهو زائل ، وأرى الدنيا تصغر في عيني كلما تعرفت عليها أكثر، كما قال المتنبي :
وَمن صَحِبَ الدّنيا طَوِيلاً تَقَلّبَتْ * على عَيْنِهِ حتى يَرَى صِدْقَها كِذبَا
جرى في أثناء هذه السنوات الكثير من النقاشات عبر صفحات هذا الملتقى ، واحتدم النقاش في بعضها حتى ضاقت أخلاق بعضنا ووقع في هفوة على أخيه ، وأعتذر من كل إخواني وأخواتي الذي وقع مني أي إساءة لأحدهم ، وأرجو أن يغفر الله لي ولكل من أسأتُ إليه أو جرحتُ مشاعره دون قصد ، وأرجو أن يغفر بعضنا لبعض ما وقعنا فيه ، ولو التزمنا بآداب القرآن لسلمنا من كثير مما وقعنا فيه من الزلل في الحوار ، ولكن ضعفنا ونسياننا وطباعنا تأبى علينا في أحيانٍ كثيرة ، ولكننا نجاهد ونحاول وسنصل بإذن الله .
وأنا أكتب هذه المقالة الآن أجد أمامي الكثير من بشائر الخير لنفع الأمة وخدمة القرآن من المشروعات والمراكز والبحوث والكفاءات والكتب ، فهناك عدد من كراسي الأبحاث التي بدأت في خدمة القرآن في الجامعات ، وهناك عدد من المراكز والمؤسسات القرآنية التي شعرت بأهمية خدمة القرآن على مستوى المؤسسات ، وقد شرعنا منذ ما يقارب العام في إنشاء رابطة المراكز والمؤسسات القرآنية وستنطلق قريباً ، وتضم في عضويتها كل المؤسسات والمراكز المعنية بخدمة القرآن لتنسيق الجهود، والتكامل بينها ، وتبادل الخبرات ، وقد كنا قبل أمس في لقاء علمي مع أستاذنا العزيز الدكتور غانم قدوري الحمد وحضره جمعٌ من أهل العلم المتخصصين في القرآن وعلومه بمختلف طبقاتهم ، ثم اجتمعنا اليوم التالي للغداء ودار حديث عن الدراسات القرآنية وواقعها اليوم ، وما يقدم لها من مشروعات في كل مكان ، مع الاستبشار بالقائم منها والدعوة لبذل المزيد من الجهد .
هذا زمانكم يا أهل القرآن
مع إقبال الأمة على دينها في كل مكان ، وعودتها إلى القرآن لتتعلمه وتحفظه وتتدبره وتعمل به ، فقد عظمت الحاجة للعلماء بكتاب الله والمتخصصين في كل علومه، والمدققين في كل مسائله، والمتحمسين لتعليم الأمة هذا الخير، مع وفرة وسائل البلاغ والتعليم ، وحق لكم الاغتباط بالقرآن والتخصص فيه ، ولكن لنكن على مستوى المسئولية في إتقان العلم بكتاب الله، وبذل الجهد في الجودة في التعلم والتعليم والتدريس والبحث والبلاغ ، واليوم أصبحت ثقافة الجودة ثقافة عامة الكل يسعى لتحقيقها ولله الحمد، ونحن أولى الناس بذلك لنكون نموذجاً يحتذى ، والكل ينظر للقرآن وأهله أنهم محل القدوة مهما ظهر من تقصيرهم وقصورهم، والأمة كلها تحب أن يكون أهل القرآن هم القدوة ويفرحون بذلك .
ومنذ أكثر من عامين وأنا أزور في نفسي مقالة مطولة عن ضرورة قيام أهل القرآن بواجبهم حيال أمتهم في هذا الزمن العصيب، ثم لم تزل الأحداث تتوالى والوقت يمر ولم أنشر منها شيئاً لضيق الوقت، والرغبة في اكتمال المقال . ولكن لا بأس من هذه الإشارة العابرة مع مرور هذه المناسبة الطيبة .
إِنَّ مشروع ملتقى أهل التفسير مشروع مشترك بيننا جميعاً ، لكل منا نصيبه فيه بقدر إفادته واستفادته منه، وقد أصبح هذا الملتقى جزءاً من حياتي، أفكر فيه في كل أوقاتي وأحوالي، وأجزم أنه أصبح لكثير منكم كذلك ، وقد لقيت خلال هذه السنوات الكثير من الفضلاء حول العالم وكان لملتقى أهل التفسير دور في لقاءنا لقاء محبة وعلم ومعرفة وتواصل على الخير والعلم .
أكرر شكري لكل واحد منكم أيها الفضلاء والفضليات في ملتقى أهل التفسير ، على مشاركتكم وحرصكم ومقترحاتكم وأفكاركم وجهودكم الرائعة التي جعلت هذا الملتقى بهذه المثابة ، وأبشركم أنكم أصبحتم قدوةً لغيركم في البناء والأدب وعلو الهمة والاستمرار في خدمة العلم دون توقف أو انحراف، وهذا من توفيق الله لكم لاشتغالكم بكتاب الله وتعليمه، وأرجو أن يجعل الله لكم أوفر الحظ والنصيب من قوله صلى الله عليه وسلم : (خيركم مَنْ تعلَّم القرآنَ وعلَّمه). وأن يقرن الله أعمالكم في هذا الملتقى بالإخلاص وحسن القصد والسداد إنه على كل شيء قدير .
جعل الله عامكم الجديد هذا عام خير ونصر وتأييد لأمة الإسلام ، وأن يمكن الله لدينه وأوليائه في أرضه ، وأن يرد كيد المتربصين في نحورهم .
وكل عام وأنتم بخير ،،
ليلة السبت غرة محرم 1433هـ