بسم الله الرحمن الرحيم
هناك جدل كثير بخصوص معنى (الولدان المخلدون) أو (الغلمان) المذكورين فى القرآن الكريم فى نعيم الجنة فى الحياة الآخرة، وهل هم للخدمة فى تقديم الأكل والشراب أم أن وجودهم لعلاقة شهوانية لمن صبر على شهوته (المثلية) وكبتها فى الحياة الدنيا ؟!
وما يثير التساؤل أن القرآن الكريم الذى به تفصيل كل شئ ولم يترك شيئا (ما فرّطنا فى الكتاب من شئ) والله العالم بخلقه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟)، هل من المعقول ألا يذكر اى شئ عن هذه الرغبة المثلية عند الكثير من البشر وعن حكمها ؟ (عدا قوم لوط)؟ ، وهى ظاهرة موجودة ومنتشرة فى كل المجتمعات، وتتم إستضافة الكثيرون منهم فى الفضائيات ويؤكدون أنه لا يد لهم بما هم فيه من هذا الشعور المنجذب تجاه الجنس المشابه، فهم منذ الطفولة يشعرون بهذا الميل دون أن تكون لهم أدنى درجة عن معرفته أو سببه ولا يشعرون بالإنتماء الى جنسهم الذى خلقوا عليه فكرا أو سلوكا، أما الإحصائيات فتقول أن عددهم سبعة من كل ألف من الناس.
ونعود الى مراجعة القرآن الكريم الذى ذكر (الولدان المخلدون) مرتين إحداها بسورة الواقعة والثانية بسورة الإنسان،
أما (الغلمان) فذكرت مرة واحدة بسورة الطور.
وإذا قمنا بمراجعة دقيقة للآيات عن نعيم الجنات من بدايتها وحتى نهايتها نصل للآتى :
سورة البقرة :
وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{25}
سورة الصافات
{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ{40} أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ{41} فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ{42} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{43} عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ{44} يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ{45} بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ{46} لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ{47} وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ{48} كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ {49}
سورة ص
هذا ذكر وإنّ للمتقين لحسن مئاب (49) جنّات عدن مفتّحة لهم الأبواب (50) متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب (51) وعندهم قاصرات الطرف أتراب (52) هذا ما توعدون ليوم الحساب .
سورة الرحمن
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ.
سورة الواقعة
أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38
سورة الدخان
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ{51} فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{52} يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ{53} كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ{54} يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ{55} لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{56
سورة النبأ
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا
عدا سورتى الطور والإنسان :
و(َالذِينَ آمَنُوا) وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24).
الملاحظة الأولى : فى الآيات أعلاه بسورتي الطور والإنسان جاء ذكر "ولدان مخلدون" و "غلمان" بعد ذكر التنعم بالأكل والشراب ، بينما فى سورة الواقعة جاء ذكر "ولدان مخلدون" لتقديم الشراب والطعام (يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين) 17-18-الواقعة.
الملاحظة الثانية : فى ذكر درجة "الذين آمنوا" بسورة الطور، وأيضا فى سورة الإنسان أنه بعد ذكر التنعم بالطعام والشراب لم يأت أى ذكر للحور العين أو الأزواج كما معظم آيات القرآن الكريم التى ذكرناها أعلاه، فقط جاء ذكر الغلمان والولدان المخلدون ! .
ولا توجد آية ذكرت الحور العين مع الولدان المخلدين الشبيهين باللؤلؤ.
الملاحظة الثالثة : أن الولدان المخلدين الذين يقومون بالخدمة ويقدمون الطعام والشراب فى سورة الواقعة لم يتم تشبييهم باللؤلؤ المكنون أو اللؤلؤ المنثور رغم أنهم مختصين بخدمة (المقرّبين) وهم أصحاب أعلى درجات الجنات،
ولكن شبه الغلمان فى سورة الطور باللؤلؤ المكنون والولدان المخلدون فى سورة الإنسان باللؤلؤ المنثور !
(وهذا التشبيه باللؤلؤ المكنون كان فقط للحور العين فى سورة الواقعة).
الملاحظة الرابعة : أن (الطواف) ذكر مرتين بسورة الإنسان :
وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)
فالطواف ذكر فى المرة الأولى لتقديم خدمة الطعام والشراب ، فلماذا يطوف أيضا الولدان المخلدون؟ ..ولم يحدث ذكر طوافين بأى سورة من السور الخاصة بالجنات .
الملاحظة الخامسة : بقراءة دقيقة لآيات سورة الطور المختصة بهذا الشأن :
(والذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرىء بما كسب رهين، وأمددناهم بفاكهة ولحم ممّا يشتهون (22) يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم (23) ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون (24) وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (25) قالوا إنّا كنّا قبل فى أهلنا مشفقين (26) فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم (27) إنّا كنا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرحيم (28).
أولا : لم تقل الآية اتبعتهم أزواجهم بايمان (وإتبعتهم أزواجهم وذرّيتّهم بإيمان، ألحقنا بهم أزواجهم وذرّيّتهم)، فقط تم الحاق ذريتهم المؤمنة بهم،
وهذا يعنى أنه لن يتم إلحاق أزواج المثليين بهم، حتى ولو كان أزواجهم مؤمنين، ذلك أنهم كانوا صابرين على أزواجهم فى الحياة الدنيا رغم رغبتهم المثلية.
ونستنبط أن المثليين عليهم الزواج من الجنس الآخر أسوة بالطبيعيين ويمكنهم بيولوجيا الإنجاب (ذرّيّتهم) .
ثانيا : جاء ذكر الغلمان بعد ذكر مدّهم بالفاكهة واللحم أى هم ليسوا للخدمة.
ثالثا: (وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون ) والسؤال هنا عن ماذا كانوا يتسائلون ؟!ّ هل كانوا يتسائلون عن سبب دخولهم الجنة؟ وكلهم مؤمنين ويعلمون أسباب وشروط دخول الجنة، فما المدهش فى الأمر؟، والأرجح أن ذرّيّاتهم كانوا يتسائلون عن سبب وجود الغلمان الشبيهين باللؤلؤ معهم ؟
فكانت الإجابة : قالوا إنّا كنّا قبل فى أهلنا مشفقين (26) فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم (27) إنّا كنا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرحيم (28).
أى كنا صابرين على شهوتنا المثلية، فمنّ الله علينا ورحمنا من عذاب السموم، وكنا ندعوه الثبات والصبر، فهى إبتلاء من رب العالمين وسيجازى المطيعين له بالجنات.
الملاحظة السادسة : فى سورة الإنسان جاءت الآية (وجزاهم بما صبروا ) بعد ذكر أعمالهم الصالحة:
كانوا يوفون بالنذر و يطعمون الطعام قائلين أنهم يفعلون ذلك خوفا من اليوم العبوس القمطرير (فوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا )
ثم إضافة مهمة (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) :
أى الصبر على شهوتهم الشاذة طاعة لله تعالى.
الملاحظة السابعة : سورة الإنسان بدأت بـ (إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه)،
وكلمة أمشاج لم ترد إلا فى هذه السورة، ففى كل السور ذكرت (النطفة) فهل الأمر بهذا الميل الجنسى المختلف سببه الجينات؟!، ولماذا جاءت كلمة (نبتليه) بعد الأمشاج مباشرة، ثم بعدها جاءت حواس السمع والبصر وهديناه السبيل إما شاكر وإما كفورا؟!
(إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا، فأصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا) :
أى أن حكم الله تعالى هو تحريم هذه العلاقة المثلية، والصبر عليها،
ولا تطع منهم (آثما ) أو كفورا .
وجاء ذكر صفات أخرى لأهل الجنة من الصابرين على إرتكاب الشذوذ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) أى أن عمل الصالحات الأخرى سبب لدخول الجنة وألا يظنون أن التعفف عن الشذوذ كافيا لدخولهم الجنة .
أما عقوبة الشذوذ الجنسى فى الدنيا فى القرآن الكريم :
أعتقد أن الآيات بسورة النساء عن الشذوذ وعقوبته واضحة ولا أدرى لماذا فسرها المفسرون أنها تتكلم عن الزنا ؟! وأنه قد حدث بها يسمى بال (نسخ!) ،
رغم أن هناك آية واضحة عن الزنا وعقوبته وتفاصيل كل شئ بسورة النور .
والآيات هى :
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)
وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)
والفاحشة فى القرآن الكريم تطلق على الزنا وعلى الشذوذ الجنسى كما فى قوم لوط (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30).
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84).
قوم لوط :
هل هم أول من قام بفعل الشذوذ الجنسى؟ أى حصل بهم الإبتلاء بالتغيير الجينى؟!
أم أنهم أول من فعلوه علنا دون حياء ؟ !
فكيف عرف لوط عليه السلام بأفعالهم؟ الراجح أنهم أول الأقوام من فعل هذا المنكر بصورة علنية (وتأتون فى ناديكم المنكر) فأخذ يدعوهم بتركها، ونرى تكالبهم دون حياء على ضيفى النبى لوط عليه السلام (من الملائكة)، إضافة الى سيئاتهم الأخرى من قطع السبيل والكفر بالله تعالى.
وهم مشابهين لقوم شعيب عليه السلام فى إنتشار الغش والتطفيف والفساد إضافة الى الكفر بالله تعالى، ومشابهين ب (عاد) الذين إشتهروا بقطع الطرق على الناس إضافة الى الكفر بالله تعالى.
الخلاصة :
هناك جدل كثير بخصوص معنى (الولدان المخلدون) أو (الغلمان) المذكورين فى القرآن الكريم فى نعيم الجنة فى الحياة الآخرة، وهل هم للخدمة فى تقديم الأكل والشراب أم أن وجودهم لعلاقة شهوانية لمن صبر على شهوته (المثلية) وكبتها فى الحياة الدنيا ؟!
وما يثير التساؤل أن القرآن الكريم الذى به تفصيل كل شئ ولم يترك شيئا (ما فرّطنا فى الكتاب من شئ) والله العالم بخلقه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟)، هل من المعقول ألا يذكر اى شئ عن هذه الرغبة المثلية عند الكثير من البشر وعن حكمها ؟ (عدا قوم لوط)؟ ، وهى ظاهرة موجودة ومنتشرة فى كل المجتمعات، وتتم إستضافة الكثيرون منهم فى الفضائيات ويؤكدون أنه لا يد لهم بما هم فيه من هذا الشعور المنجذب تجاه الجنس المشابه، فهم منذ الطفولة يشعرون بهذا الميل دون أن تكون لهم أدنى درجة عن معرفته أو سببه ولا يشعرون بالإنتماء الى جنسهم الذى خلقوا عليه فكرا أو سلوكا، أما الإحصائيات فتقول أن عددهم سبعة من كل ألف من الناس.
ونعود الى مراجعة القرآن الكريم الذى ذكر (الولدان المخلدون) مرتين إحداها بسورة الواقعة والثانية بسورة الإنسان،
أما (الغلمان) فذكرت مرة واحدة بسورة الطور.
وإذا قمنا بمراجعة دقيقة للآيات عن نعيم الجنات من بدايتها وحتى نهايتها نصل للآتى :
- أن تفاصيل نعيم الجنة فى كل الآيات التى تتحدث عن الحياة الآخرة يكون بذكر الطعام والشراب ثم الحور العين أو الأزواج المطهرة، وهذه الآيات تكررت تسع مرات نجدها فى كل من سور (البقرة - الرحمن - الواقعة - الدخان – ص- الصافات - النبأ)
سورة البقرة :
وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{25}
سورة الصافات
{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ{40} أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ{41} فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ{42} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{43} عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ{44} يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ{45} بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ{46} لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ{47} وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ{48} كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ {49}
سورة ص
هذا ذكر وإنّ للمتقين لحسن مئاب (49) جنّات عدن مفتّحة لهم الأبواب (50) متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب (51) وعندهم قاصرات الطرف أتراب (52) هذا ما توعدون ليوم الحساب .
سورة الرحمن
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ.
سورة الواقعة
أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38
سورة الدخان
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ{51} فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{52} يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ{53} كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ{54} يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ{55} لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{56
سورة النبأ
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا
عدا سورتى الطور والإنسان :
- سورة الطور : ذكرت فيها درجتين من الجنات، درجة "المتقين" وفيها الطعام والشراب والحور العين ،
- إنَّ (الْمُتَّقِينَ) فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ{17} فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{18} كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{19} مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ {20}
- الدرجة الثانية هى "الذين آمنوا" ذكر فيها الطعام والشراب ثم "غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون".
و(َالذِينَ آمَنُوا) وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24).
- أما سورة الإنسان :
الملاحظة الأولى : فى الآيات أعلاه بسورتي الطور والإنسان جاء ذكر "ولدان مخلدون" و "غلمان" بعد ذكر التنعم بالأكل والشراب ، بينما فى سورة الواقعة جاء ذكر "ولدان مخلدون" لتقديم الشراب والطعام (يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين) 17-18-الواقعة.
الملاحظة الثانية : فى ذكر درجة "الذين آمنوا" بسورة الطور، وأيضا فى سورة الإنسان أنه بعد ذكر التنعم بالطعام والشراب لم يأت أى ذكر للحور العين أو الأزواج كما معظم آيات القرآن الكريم التى ذكرناها أعلاه، فقط جاء ذكر الغلمان والولدان المخلدون ! .
ولا توجد آية ذكرت الحور العين مع الولدان المخلدين الشبيهين باللؤلؤ.
الملاحظة الثالثة : أن الولدان المخلدين الذين يقومون بالخدمة ويقدمون الطعام والشراب فى سورة الواقعة لم يتم تشبييهم باللؤلؤ المكنون أو اللؤلؤ المنثور رغم أنهم مختصين بخدمة (المقرّبين) وهم أصحاب أعلى درجات الجنات،
ولكن شبه الغلمان فى سورة الطور باللؤلؤ المكنون والولدان المخلدون فى سورة الإنسان باللؤلؤ المنثور !
(وهذا التشبيه باللؤلؤ المكنون كان فقط للحور العين فى سورة الواقعة).
الملاحظة الرابعة : أن (الطواف) ذكر مرتين بسورة الإنسان :
وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)
فالطواف ذكر فى المرة الأولى لتقديم خدمة الطعام والشراب ، فلماذا يطوف أيضا الولدان المخلدون؟ ..ولم يحدث ذكر طوافين بأى سورة من السور الخاصة بالجنات .
الملاحظة الخامسة : بقراءة دقيقة لآيات سورة الطور المختصة بهذا الشأن :
(والذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرىء بما كسب رهين، وأمددناهم بفاكهة ولحم ممّا يشتهون (22) يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم (23) ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون (24) وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (25) قالوا إنّا كنّا قبل فى أهلنا مشفقين (26) فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم (27) إنّا كنا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرحيم (28).
أولا : لم تقل الآية اتبعتهم أزواجهم بايمان (وإتبعتهم أزواجهم وذرّيتّهم بإيمان، ألحقنا بهم أزواجهم وذرّيّتهم)، فقط تم الحاق ذريتهم المؤمنة بهم،
وهذا يعنى أنه لن يتم إلحاق أزواج المثليين بهم، حتى ولو كان أزواجهم مؤمنين، ذلك أنهم كانوا صابرين على أزواجهم فى الحياة الدنيا رغم رغبتهم المثلية.
ونستنبط أن المثليين عليهم الزواج من الجنس الآخر أسوة بالطبيعيين ويمكنهم بيولوجيا الإنجاب (ذرّيّتهم) .
ثانيا : جاء ذكر الغلمان بعد ذكر مدّهم بالفاكهة واللحم أى هم ليسوا للخدمة.
ثالثا: (وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون ) والسؤال هنا عن ماذا كانوا يتسائلون ؟!ّ هل كانوا يتسائلون عن سبب دخولهم الجنة؟ وكلهم مؤمنين ويعلمون أسباب وشروط دخول الجنة، فما المدهش فى الأمر؟، والأرجح أن ذرّيّاتهم كانوا يتسائلون عن سبب وجود الغلمان الشبيهين باللؤلؤ معهم ؟
فكانت الإجابة : قالوا إنّا كنّا قبل فى أهلنا مشفقين (26) فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم (27) إنّا كنا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرحيم (28).
أى كنا صابرين على شهوتنا المثلية، فمنّ الله علينا ورحمنا من عذاب السموم، وكنا ندعوه الثبات والصبر، فهى إبتلاء من رب العالمين وسيجازى المطيعين له بالجنات.
الملاحظة السادسة : فى سورة الإنسان جاءت الآية (وجزاهم بما صبروا ) بعد ذكر أعمالهم الصالحة:
كانوا يوفون بالنذر و يطعمون الطعام قائلين أنهم يفعلون ذلك خوفا من اليوم العبوس القمطرير (فوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا )
ثم إضافة مهمة (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) :
أى الصبر على شهوتهم الشاذة طاعة لله تعالى.
الملاحظة السابعة : سورة الإنسان بدأت بـ (إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه)،
وكلمة أمشاج لم ترد إلا فى هذه السورة، ففى كل السور ذكرت (النطفة) فهل الأمر بهذا الميل الجنسى المختلف سببه الجينات؟!، ولماذا جاءت كلمة (نبتليه) بعد الأمشاج مباشرة، ثم بعدها جاءت حواس السمع والبصر وهديناه السبيل إما شاكر وإما كفورا؟!
(إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا، فأصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا) :
أى أن حكم الله تعالى هو تحريم هذه العلاقة المثلية، والصبر عليها،
ولا تطع منهم (آثما ) أو كفورا .
وجاء ذكر صفات أخرى لأهل الجنة من الصابرين على إرتكاب الشذوذ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) أى أن عمل الصالحات الأخرى سبب لدخول الجنة وألا يظنون أن التعفف عن الشذوذ كافيا لدخولهم الجنة .
أما عقوبة الشذوذ الجنسى فى الدنيا فى القرآن الكريم :
أعتقد أن الآيات بسورة النساء عن الشذوذ وعقوبته واضحة ولا أدرى لماذا فسرها المفسرون أنها تتكلم عن الزنا ؟! وأنه قد حدث بها يسمى بال (نسخ!) ،
رغم أن هناك آية واضحة عن الزنا وعقوبته وتفاصيل كل شئ بسورة النور .
والآيات هى :
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)
وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)
والفاحشة فى القرآن الكريم تطلق على الزنا وعلى الشذوذ الجنسى كما فى قوم لوط (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30).
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84).
قوم لوط :
هل هم أول من قام بفعل الشذوذ الجنسى؟ أى حصل بهم الإبتلاء بالتغيير الجينى؟!
أم أنهم أول من فعلوه علنا دون حياء ؟ !
فكيف عرف لوط عليه السلام بأفعالهم؟ الراجح أنهم أول الأقوام من فعل هذا المنكر بصورة علنية (وتأتون فى ناديكم المنكر) فأخذ يدعوهم بتركها، ونرى تكالبهم دون حياء على ضيفى النبى لوط عليه السلام (من الملائكة)، إضافة الى سيئاتهم الأخرى من قطع السبيل والكفر بالله تعالى.
وهم مشابهين لقوم شعيب عليه السلام فى إنتشار الغش والتطفيف والفساد إضافة الى الكفر بالله تعالى، ومشابهين ب (عاد) الذين إشتهروا بقطع الطرق على الناس إضافة الى الكفر بالله تعالى.
الخلاصة :
- يحدث إشتهاء للجنس المشابه لبعض البشر بسبب من الجينات، وهو إبتلاء من رب العالمين.
- على المؤمن أن يعلم أنه لا يجوز له إرتكاب هذا الفعل الشاذ، فهو إبتلاء من رب العالمين ، وأن يبتعد عن كل ما يثير شهوته هذه، وأن يتمسك بذكر الله تعالى فهو ينهى عن الفحشاء والمنكر.
- على المؤمن الزواج بصورة شرعية، فلوط عليه السلام دعا قومه للزواج من بناته، وهذا يعنى أن تلك الشهوة يمكن أن تفرغ ويتم كبتها بالزواج الطبيعى .
- عقوبة إرتكاب الفاحشة فى الدنيا فى الشريعة الإسلامية هو العزل فى البيوت للنساء، الجلد أو الإيذاء للرجال.
- أن الله تعالى سيجزى فى الجنة من قام بكبت تلك الشهوة طاعة لله وخوفا منه والتزم بما أملاه عليه الشرع إضافة الى قيامه بالأعمال الصالحات الأخرى.