السلام عليكم ورحمة الله وبركاته !
أشكر للأساتذة الكرام على ما أدلوا به من معلومات قيّمة مفيدة . لقد لفت انتباهي هذا الموضوع في تأليف مخطوط عن القراءات السبع ، مجهول المؤلِّف ، مبتور البداية (حتّى سورة النساء) . كما يبدو أنّ هذا التأليف عبارة عن أصل وشرح ، حيث استخدم صاحب الأصل رموزًا لأصحاب القراءات ورواتهم ، بينما حَلَّهَا صاحبُ الشرح ، وللشارح تعليقات على مواضع في الوقوف ، لا يكفر فيها القارئ عنده بخلاف رأي صاحب التأليف ، منها (ورقة 76ب) على سبيل المثال ، لا الحصر : "فيها لفظ كفر , نحو قوله : ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ﴾ [23:79-24] ووقف فيها وابتدأ ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى﴾ [24:79] ، يكفر . وعندي لا يكفر , لأنّ مراد القارئ ليس كذلك , ويقول : أنا عبد ضعيف ، لا طاقة لي أن أقول مثل هذا , بل اللّه الواحد القهّار ، ربّي الأعلى ، وأنا عبده وهو مولاي . وهذا الكفر يظهر في النيّة ، لا في التلفّظ . واعتقاد القارئ على أنّ فرعون كفر لأجل هذا . أعاذنا اللّه وإيّاكم من الكفر وباللّه أعتصم" .
جاء في آخر المخطوط (ورقة 88ب) ما يبدو أنّه عنوان الكتاب مع ذكر اسم الناسخ وتاريخ النسخ على النحو التالي :
"تمّ كتاب التيسير المبارك بحمد الله وعونه وحسن توفيقه على يد ناسخه العبد الفقير الحقير المعترف بالذنب والتقصير ، أقلّ عباد الله تعالى ، الفقير محمّد الشافعيّ بن المرحوم الشيخ صالح بن خضير بن أحمد بن عليّ بن محمّد ، عفا الله عنهم وجميع المسلمين ، في تاريخ يوم الأربع [كذا] المبارك ، مستهلّ شهر ذي القعدة سنة 1111 . اللهم اغفر لكاتبه ولوالديه ولمن قرأه وطالع فيه ودعا له بالمغفرة وجميع المسلمين" .
لقد ذكر المؤلِّف في نهاية السور التي فيها ألفاظ كفر مواضعها ، ونصّ بالمقابل على السور التي لا يوجد فيها ألفاظ من هذا القبيل ، نحو (ورقة 79أ) : "ليس فيها من ألفاظ الكفر شيء . وبالله التوفيق وبه أعتصم وعليه أتوكّل" [فيها : يعني سورة الفجر (89)] .
من جهتي أحاول دراسة هذه الظاهرة والإحاطة بها والوقوف على بداياتها المتقدّمة . لذا اتّفق مع الأستاذ الدكتور الحمد ، حفظه الله ورعاه ، فيما أشار إليه من تلميح في نهاية مداخلته عن تقادم هذه الظاهرة : "وأتوقع أن يكون مضمون هذا الفصل يرجع إلى حقبة أقدم ، لكن المصادر الأخرى التي عندي لم أجد فيها ما يشير إلى ذلك ، والله أعلم" . وقد أكّد على ذلك الأستاذ الدكتور مساعد الطيّار ، حفظه الله ورعاه ، بما ذكره من الرسالة المنسوبة إلى الماتريديّ (333) فيما لا يجوز الوقف عليه في القرآن .
فهذا الموضوع لم يحظ باهتمام بالغ ولا بدراسة محيطة ، تكشف بدورها النقاب عن أهمّيّته القصوى في علم الوقف والابتداء في كتاب الله عزّ وجلّ ، كما أكّد الأستاذ الطيار من جانبه أيضًا على ذلك . بذلك تكون هذه المشاركات والمداخلات العلميّة من الأساتذة الأفاضل في هذا الملتقى الرائد بداية موفّقة في معالجة هذا الموضوع وطرحه . والله تعالى من وراء القصد ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .