الوقف الحسن عند العلامة ابن الأنباري

إنضم
22/05/2006
المشاركات
2,552
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
59
الإقامة
الرياض
مصطلح الوقف الحسن عند العلامة ابن الأنباري – رحمه الله –
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد
فهذا بيان لمصطلح الوقف الحسن عند العلامة ابن الأنباري – رحمه الله– دراسة مقارنة مع علماء الوقف اخذت مادتها من كتابي مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء سائلا الله تعالى أن ينفع أهل القرآن إنه ولي ذلك والقادر عليه، وكتبه جمال بن إبراهيم القرش 1/1/1439هـ
مقدمة المبحث
من الأمور الهامة لدى الباحث أن يتعرف على مصطلحات أهل الوقف والابتداء ومدى استخدامهم لها ، فهذا يعينهم كثيرا على دقة النقل عن هؤلاء الأئمة، وكذلك حكمهم الحقيقي في المسألة لئلا يحدث خلط بين المفاهيم ومراد هؤلاء الأعلام، وهو جدير بأن يكون مشروعا كبيرا يقسم على الباحثين بحيث يتناول كل باحث مصطلحا من مصطلحات علماء الوقف ويقوم عليها دراسة واستقصاء لاكتشاف مدى تطبيقه على ما نص عليه في بداية كتابه .
ومن يتأمل كلام العلامة ابن الأنباري رحمه الله عن الوقف الحسن وتطبيقه على ذلك يلاحظ تباين في ذلك فقد نص رحمه الله تعالى في بداية كلامه عند الوقف الحسن بأنه (( الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعد)).
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : الوقف الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده كقوله (الحمد لله) الوقف على هذا حسن لأنك إذا قلت: (الحمد لله) عُقِلَ عنك ما أردت وليس بتام لأنك إذا ابتدأتك {رب العالمين} [الفاتحة: 2] قبح الابتداء المخفوض. وكذلك الوقف على (بسم الله) حسن وليس بتام لأنك تبتدئ: (الرحمن الرحيم) بالخفض اهـ[1].
ما يلاحظ: وبعد مدارسة وتتبع تطبيقه على ذلك من خلال الاطلاع على سورة الفاتحة وبداية سورة البقرة ، ووسطها وجزء عم ، لاحظت أنه تارة يستخدمه على هذا المعنى وتارة يستخدمه على اعتبار أنه وقف كاف وهو ما يحسن الوقف عليه ويحسن الابتداء بما بعده.
ومن صور ذلك: قول ابن الأنباري: « {قل إي وربي} وقف حسن كما تقول في الكلام: إي لعمري. ثم تبتدئ: {إنه لحق} »[2]
وقوله: (دمر الله عليهم) [10] وقف حسن ثم تبتدئ: (وللكافرين أمثالهم) أي: أمثال ما أصاب قوم نوح وعادًا. [3]
وقوله: (فأولى لهم) حسن ثم تبتدئ: (طاعة) [21] على معنى «يقولون منا طاعة».
ما يلاحظ: وبهذا يظهر أن هناك تباينا بين ما نص عليه في بداية الكتاب وما طبقه رحمه الله .
وقد قسمت البحث إلى عدة مطالب :
المطلب الأول : استخدام ابن الأنباري رحمه الله للوقف الحسن من سورة الفاتحة
المطلب الثاني: استخدام ابن الأنباري رحمه الله للوقف الحسن في سورة البقرة
المطلب الثالث : استخدام ابن الأنباري رحمه الله للوقف الحسن من جزء عم

المطلب الأول : استخدام ابن الأنباري مصطلح الحسن

على ما لا يحسن الابتداء بما بعده
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : الوقف الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده كقوله (الحمد لله) الوقف على هاذ حسن لأنك إذا قلت: (الحمد لله) عُقِلَ عنك ما أردت وليس بتام لأنك إذا ابتدأتك {رب العالمين} [الفاتحة: 2] قبح الابتداء المفخوض. وكذلك الوقف على (بسم الله) حسن وليس بتام لأنك تبتدئ: (الرحمن الرحيم) بالخفض اهـ[4].
استخدام ابن الأنباري رحمه الله للوقف الحسن من سورة الفاتحة
وقال رحمه الله- : االوقف على (الرحمن الرحيم) [3] حسن وليس بتام لأن (ملك يوم الدين) [4] نعت لـ (الله).
وقال رحمه الله- : والوقف على (نعبد) حسن، وليس بتام لأن قوله: (وإياك نستعين) نسق على (إياك نعبد). والوقف على (إياك) اهـ [5]
وقال رحمه الله- : الوقف على (المستقيم) حسن وليس بتام لأن «الصراط» الثاني مترجم عن «الصراط» الأول، والمترجم متعلق بالاسم الذي يترجم عنه. [6]
وقال رحمه الله- (عليهم) حسن وليس بتام لأن قوله (غير المغضوب) خفض على النعت لـ (الذين).
وقال رحمه الله-والوقف على (المغضوب عليهم) حسن وليس بتام لأن (ولا الضالين) نسق على (غير المغضوب) [7]
ما يلاحظ: يظهر من خلال تطبيق العلامة ابن الأنباري على مصطلح الوقف الحسن بما نص عليه في تعريفه للوقف الحسن في بداية كتابة الإيضاح بأنه ما يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده
نلاحظ أنه يقيد ذلك بقوله : (( حسن وليس بتام)).

المطلب الثاني استخدام ابن الأنباري - رحمه الله- للوقف الحسن في سورة البقرة
أولا : من بداية سورة البقرة
قال ابن الأنباري- رحمه الله- :: والوقف على «الغيب» حسن وليس بتام لأن قوله: (ويقيمون الصلاة) نسق على (يؤمنون بالغيب) [8].
وقال رحمه الله- : والوقف على (الصلاة) حسن وليس بتام لأن (ينفقون) نسق على (يؤمنون) كأنه قال: «وينفقون مما رزقناهم»
وقال رحمه الله- : والوقف على (ينفقون) حسن وليس بتام لأن قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} [4] نسق على (الذين يؤمنون بالغيب)
وقال رحمه الله- : والوقف على (يوقنون) حسن وليس بتام لأن الذي بعده متعلق به من جهة المعنى
وقال رحمه الله- : الوقف على ربهم حسن وليس بتام لأن قوله: {أولئك هم المفلحون} [5] نسق على (أولئك على هدى من ربهم). [9]
يلاحظ أن العلامة ابن الأنباري رحمه الله استخدم الوقف الحسن في كل هذه الأمثلة على ما نص عليه في بداية الكتاب وهو ما يحسن الوقف ولا يحسن الابتداء.
نلاحظ أنه يقيد ذلك بقوله : (( حسن وليس بتام)).
ثانيا : من وسط سورة البقرة
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : والوقف على قوله: (ما يضربهم ولا ينفعهم) حسن[10].
قلت : وهو كاف عند النحاس، والداني وحسن عند الأنصاري وهو في رتبة التام، وحسن عند الأشموني وهو في رتبة الكافي.
وقال رحمه الله- : والوقف على قوله: (من خير من ربكم) [105] حسن.
قلت : وهو كاف عند النحاس، والداني وحسن عند الأنصاري وهو في رتبة التام، وكاف عند الأشموني.
وقال رحمه الله- : والوقف على قوله: (نأت بخير منها أو مثلها) [106] حسن وليس بتام لأن قوله «ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير» تثبيت وتسديد لقدرة الله تعالى على المجيء بما هو خير من الآية المنسوخة، وبما هو أسهل فرائض منها[11].
قلت : وهو تام عند النحاس، وكاف عند الداني وحسن عند الأنصاري وهو في رتبة التام، وحسن عند الأشموني وهو في رتبة الكافي
وقال رحمه الله- : والوقف على قوله: (ملك السماوات والأرض) [107] حسن.
قلت : وهو كاف عند النحاس، والداني والأشموني ومفهوم عند الأنصاري .
وقال رحمه الله- : والوقف على قوله: (ولا نصير) [107] حسن[12].
قلت : وهو حسن عند النحاس، وكاف عند الداني وصالح عند الأنصاري وتام عند الأشموني للابتداء بعده بالاستفهام.
وقال رحمه الله- : والوقف على قوله: (كما سئل موسى من قبل) [108] حسن[13].
قلت : وهو وقف صالح عند النحاس ،وكاف والداني والأشموني وتام عند الأنصاري والأشموني للابتداء بعده بالشرط
يلاحظ أن العلامة ابن الأنباري رحمه الله استخدم الوقف الحسن في كل هذه الأمثلة على معنى الوقف الكافي الذي يحسن الابتداء بما بعده خلافا لما نص عليه في بداية الكتاب .
لكن الملاحظ أنه لم يقيد ذلك بقوله : (( حسن وليس بتام))، إنما قال حسن فقط .

المطلب الثالث: استخدام ابن الأنباري - رحمه الله- للوقف الحسن في جزء عم
مقارنة بين علماء الوقف من سورة الليل إلى الناس
سورة الليل
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (فسنيسره لليسرى) [7] وقف حسن.
وهو كاف عند النحاس والأنصاري والأشموني، وتام عند الداني، ومطلق عند السجاوندي.
وكذلك: (فسنيسره للعسرى) [10] وقف حسن. [14]
وهو كاف عند النحاس والأنصاري والأشموني، وتام عند الداني، ومطلق عند السجاوندي.
[سورة] ألم نشرح
(فانصب) [7] حسن.
وهو كاف عند الداني
سورة التين
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (في أحسن تقويم) [4] حسن،
وهو كاف عند النحاس والداني والأشموني، وجائز عند السجاوندي.
وأحسن منه (وعملوا الصالحات) [6] [15]
سورة العلق
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (باسم ربك الذي خلق) [1] وقف حسن[16]
وهو تام عند النحاس والداني، وكاف عند الأشموني، جائز عند السجاوندي.
سورة القدر
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (وما أدراك ما ليلة القدر) [2] حسن[17].
وهو كاف عند النحاس والداني، وتام عند الأنصاري والأشموني، ومطلق عند السجاوندي.
(خير من ألف شهر) [3] حسن أيضًا[18].
(من كل أمر) [4] وقف حسن ثم تبتدئ: (سلام هي حتى مطلع الفجر) [5] فترفع «السلام» بـ (هي) [19].
وهو كاف عند النحاس والداني، وتام عند الأشموني، ومطلق عند السجاوندي
وحسن عند الأنصاري وهو عنده في رتبه التام.
سورة البينة
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (حتى تأتيهم البينة) وقف حسن ثم تبتدئ: (رسول من الله) [2] على معنى «هو رسول من الله».
قلت: وهو كاف عند الداني، ويحتمل أن يكون كافيا عند الأنصاري والأشموني، ولا وقف عند السجاوندي.
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (أولئك هم شر البرية) [6] وقف حسن[20].
قلت: وهو كاف عند النحاس والداني، وتام عند الأنصاري والأشموني، ومطلق عند السجاوندي.
ومثله: (خير البرية) [7] [21]
سورة إذا زلزلت
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (ليروا أعمالهم) [6] حسن[22].
قلت: وهو كاف عند جمهور أهل الوقف والابتداء لاستئناف ما بعده مع اتصال المعنى.وتام عند النحاس
سورة التكاثر
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : ( (حتى زرتم المقابر) [2] حسن اهـ [23].
قلت: وهو تام عند النحاس والأنصاري، والداني في أحد قوليه ، وكاف عند الأشموني والداني في أحد قوليه. ومطلق عند السجاوندي.
سورة الهمزة
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : ( (يحسب أن ماله أخلده. كلا) [3، 4] حسن اهـ [24].
قلت: وهو تام عند النحاس والداني والأشموني، وجائز عند السجاوندي وكاف عند الأنصاري.
ومثله: (وما أدراك ما الحطمة) [5] ثم تبتدئ: (نار الله) [6] على معنى «هي نار الله» اهـ [25].
وهو كاف عند جمهور أهل الوقف والابتداء لاستئناف ما بعده مع اتصال المعنى.
سورة الفيل
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : ( (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) [1] وقف حسن اهـ [26].
قلت: وهو كاف عند جمهور أهل الوقف والابتداء لاستئناف ما بعده مع اتصال المعنى.
في سورة الكافرون
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (ولا أنتم عابدون ما أعبد) [3] وقف حسن ثم تبتدئ: (ولا أنا عابد ما عبدتم) [4] اهـ [27]
قلت: وهو كاف عند جمهور أهل الوقف والابتداء لاستئناف ما بعده مع اتصال المعنى.
في سورة النصر:
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : ( (واستغفره) [3] وقف حسن، والتمام آخر السورة اهـ [28]..
قلت: وهو كاف عند جمهور أهل الوقف والابتداء لاستئناف ما بعده مع اتصال المعنى.
سورة المسد
قال ابن الأنباري- رحمه الله- : (وتب) [1] وقف حسن اهـ [29].
قلت: وهو تام عند النحاس، والانصاري ، والداني في احد قوليه، وكاف عند الأشموني، والداني في أحد قوليه ومطلق عند السجاوندي، لاستئناف ما بعده .
يلاحظ أن العلامة ابن الأنباري رحمه الله استخدم الوقف الحسن في كل هذه الأمثلة على معنى الوقف الكافي الذي يحسن الابتداء بما بعده خلافا لما نص عليه في بداية الكتاب .
لكن الملاحظ أنه لم يقيد ذلك بقوله : (( حسن وليس بتام))، إنما قال حسن فقط .
وبناء على ذلك يظهر أن مصطلح الحسن عند ابن الأنباري له احتمالان:
الأول: ما يحسن الوقف ولا يحسن الابتداء وهو الحسن ، وغالبا ما يقيده بقوله: (( حسن وليس بتام)) [30].
الثاني: ما يحسن الوقف ويحسن الابتداء وهو الكافي، وغالبا أنه لا يقيده بقوله: وليس بتام إنما يقول : حسن فقط.
وبذلك يظهر من خلال هذا المبحث أن الناقل عن العلامة ابن الأنباري رحمه الله، يحتاج إلى تثبت من من حيث دلالة الوقف الحسن عنده هل هو يقصد ما يحسن الابتداء بما بعده أو لا يحسن.
ومن خلال استقرائي لاستخدام العلامة ابن الأنباري رحمه الله، للوقف الحسن وجدته انه استخدمه أكثر من أربعمائة مرة .
وهو جدير بأن يكون بحثا ورسالة علمية للباحثين، ليخرج بعدها الباحث بمدى استخدامه للوقف الحسن على ما يحسن الابتداء بعده ، أو لا يحسن دراسة مقارنة بين علماء الوقف ، مع استقصاء الأعداد في كل سورة للوقف الحسن.

[1] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 150)
[2] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 706)،
[3] المكتفى: 2/896
[4] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 150)
[5] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 475)
[6] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 476)
[7] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 477)
[8] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 493)
[9] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 491)
[10] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 527)
[11] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 527)
[12] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 528)
[13] إيضاح الوقف والابتداء (1/ 528)
[14] إيضاح الوقف والابتداء: (2/ 979)
[15] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 980)
[16] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 980)
[17] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 981)
[18] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 981)
[19] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 981)
[20] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 982)
[21] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 982)
[22] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 983)
[23] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 983)
[24] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 984)
[25] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 984)
[26] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 984)
[27] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 989)
[28] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 990)
[29] إيضاح الوقف والابتداء (2/ 990)
[30] . لماذا قلت غالبا لأني لاحظت أن هناك أيضا مواضع ذكر فيها قوله ( حسن وليس بتام ) وهو في رتبة الكافي، مثال ذلك : قال العلامة ابن الأنباري رحمه الله : والوقف على قوله: (أن يطوف بهما) [158] حسن وليس بتام، إيضاح الوقف والابتداء (1/ 537) قلت وهو كاف عند الداني، وحسن عند الأنصاري ، والأشموني
 
ممكن أن يدرس هذا المصطلح عند ابن الأنباري مع مقارنة بأي عالم آخر وعمل دراسة مقارنة
 
حفظكم الرحمن الرحيم فضيلة الدكتور العزيز عبد الرحمن الشهري وبارك الله في جهودكم
 
القسم الثالث: الوقف الحسن
من كتاب مسك الختام في معرفة الوقف والابتداء


تعريفه: هو الوقف على كلام أدى معنى صحيحا، وتعلق بما بعده لفظا.
شرح التعريف : وبينه الإمام الداني بقوله : واعلم أن الوقف الحسن هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به من جهة اللفظ والمعنى جميعاً، وذلك نحو قوله: {الحمد لله رب العالمين} و {الرحمن الرحيم} الوقف على ذلك وشبهه حسن، لأن المراد مفهوم، والابتداء بقوله: {رب العالمين} و: {الرحمن الرحيم} و: {مالك يوم الدين} لا يحسن، لأن ذلك مجرور، والابتداء بالمجرور قبيح [لأنه] تابع لما قبله. ويسمى هذا الضرب صالحاً إذ لا يتمكن القارئ أن يقف في كل موضع على تام، ولا كاف، لأن نفسه ينقطع دون ذلك[1].
رمزه: الأصل أنه لا يرمز له بعلامة وقف للتعلق اللفظي بما بعده، وإن كان بعض العلماء يرى أن يرمز له بمصطلح ( صلى) في حالة كون الوصل أولى[2]
حكمه: يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء إلا إذا كان على رأس آية لأن الوقف على رأس الآية سنة متبعة، ولو تعلق بما بعده لفظا.
والدليل: ما ثبت متصل الإسناد إلى أم سلمة- رضي الله عنها- أَنَّهَا سُئلَتْ عَنْ قِرَاءةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَقَالَتْ: « كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّين}[3] ، وهذا أصل معتمد في الوقف على رؤوس الآي.
قال الإمام ابن الجزري- رحمه الله-: [TABLE="class: Table, align: center"]
[TR]
[TD] [/TD]
[TD] [/TD]
[TD]إِلاَّ رُؤُوسَ الآيِ جَوِّزْ فَالْحَسَنْ[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
كالوقف على: {لِلْمُصَلِّينَ} من قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُون} [الماعون: 4- 5]
قد يكون الوقف حسنا على تأويل وتاما على تاويل كما يلي:
  1. حسن على تأويل وتام على تاويل
قال ابن الأنباري: والوقف على (أم لم تنذرهم لا يؤمنون) حسن وليس بتام لأن قوله: {ختم الله على قلوبهم} [7] متعلق بالأول من جهة المعنى. قال أبو بكر: هذا إذا أضمرت مع (ختم) «قد» وجعلته حالاً للضمير الذي في (يؤمنون) وتقديره: «خاتمًا الله على قلوبهم» فإن جعلته استئناف دعاء عليهم ولم تنو الحال كان الوقف على (يؤمنون) تامًا. [4]
2- حسن على تأويل ولا وقف على تأويل :
كالوقف على: {أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [172] حسن إن جعل «الذين استجابوا» نعت المؤمنين، أو نصب على المدح، وليس بوقف إن جعل ذلك مبتدأ، و «للذين أحسنوا منهم واتقوا» خبرًا؛ لأنه لا يفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف، يرتفع «أجر عظيم» بقوله: «للذين أحسنوا».[5]
3-حسن على تأويل وكاف على تأويل ولا وقف على تأويل
كالوقف على : {ثَمَنًا قَلِيلًا} [199] حسن، وقيل: كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده خبرًا بعد خبر؛ لأنَّ «ولمن» اسمها دخلت عليها اللام، وحمل على لفظ من فأفرد الضمير في «يؤمن»، ثم حمل على المعنى، فجمع في «وما أنزل إليهم»، وفي «خاشعين»، وعلى هذا فلا يوقف على «قليلًا»، ولا على «لله»؛ لأنَّ «لا يشترون» حال بعد حال، أي: خاشعين غير مشترين. [6]

وقد يستخدم لفظ الحسن على التام لكنه أقل رتبه:
مثال ذلك ما ذكره الأشموني في الوقف على: {كُلَّهُ لِلَّهِ} [154] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من «يظنون» أيضًا، ويكون حالًا بعد حال، وكذا لو جعل «يخفون» نعتًا لـ «طائفة».[7]
ومن ذلك الوقف على: {مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} [154] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل نعتًا بعد نعت، أو خبرًا بعد خبر.)) [8]
وقد يستدرك العلماء على بعضهم فمن أمثلة ذلك:
ما استدركه ابن الأنباري على أبي حاتم السجستاني فمن ذلك : الوقف على قوله: (نأت بخير منها أو مثلها) [106] حسن وليس بتام. وقال السجستاني: وهو تام. وهذا غلط لأن قوله: (ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) تشديد وتثبيت لقدرة الله على المجيء بما هو خير من الآية المنسوخة وبما هو أسهل فرائض منها.[9] ومن ذلك الوقف على قوله :{أن لهم قدم صدق عند ربهم) [2] حسن. قال السجستاني: هو تام. وقال ابن الأنباري : وليس بتام لأن قوله: (قال الكافرون إن هذا لساحر مبين) جواب لـ «الوحي». وهذا إشارة إليه )[10]
ومن ذلك قول الإمام الداني : {تلك حدود الله} النساء 13 ، تام وقال ابن الأنباري: حسن، يريد: كافياً.[11]
[1] المكتفى: 11

[2] انظر: فن الترتيل وعلومه الشيخ أحمد الطويل: (2/920)

[3] رواه أبو داود/4001، والترمذي/2927.وصححه الألباني في الإرواء (2/60)

[4] الإيضاح: 494

[5] منار الهدى: 197

[6] منار الهدى: 201

[7] منار الهدى: 192

[8] منار الهدى: 192

[9] الإيضاح: 527

[10] الإيضاح: 2/ 702

[11] المكتفى : 49

وكتبه / جمال بن إبراهيم القرش
 
عودة
أعلى