محمد محمود إبراهيم عطية
Member
الوقت والفراغ
الوقْتُ هو المقدار المحدود من الزمن ؛ وقيل : مقدار من الزمان مفروض لأمر ما ؛ وكلَّ شيء قدَّرت له حينًا فقد وَقَّته تَوْقِيتًا ؛ وكذلك ما قَدَّرْتَ له غاية ، والجمع أوْقَاتُ .
فالوقت إذًا - بالنسبة للإنسان - هو الثواني والدقائق والساعات والليل والنهار وما يترتب عليهما من أيام وشهور وسنين تشكل عمر الإنسان ؛ الذي حُدِّدَ له فيه عمل يقوم به ؛ ثم يحاسب عليه يوم القيامة .
والفَراغُ : الخَلاءُ ؛ يقال : فرغ الشيء فراغًا وفروغًا : خلا ؛ والفارغ : الخالي ، يقال : إناء فارغ ، وقول فارغ ، وقلب فارغ ؛ وفي التنزيل : وأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغًا أَي : خاليًا من الصبر ؛ وقيل: خاليًا من كل شيء إلا من ذكر موسى عليه السلام .
وفرغ من الشيء : أتمه ؛ وفي التنزيل : فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ، قال ابن كثير - رحمه الله : أي : إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها ، فانصب في العبادة ، وقم إليها نشيطًا فارغ البال ، وأخلص لربك النية والرغبة .
والفراغ المراد في مقالتنا هذه هو : فراغ الوقت من الشغل ؛ بمعنى خلوه من عمل يشغله ؛ فالمعلوم أن غالب الناس تسعى لمعايشها ، فينشغل معظم وقتها اليومي بذلك ، فإذا بقي بعد عمله وقت قضاه في واجبات أخرى ؛ فإذا أنهى واجباته ، وبقي وقت فارغ عن شغل ، فذاك هو الفراغ .
وهناك بعض الناس قد كفي همَّ السعي عن الرزق ، فإن كان له ما يشغل به وقته من طلبٍ لعلم ، أو متابعة لعمل ما ، أو قيام بواجبات أخرى يشغل بها وقته ، فبها ونعمت ؛ وإلا أصبح كثير من وقته فارغًا ، وهي نعمة عظيمة ليملأه بما يعود عليه بفائدة دينية أو دنيوية ، فإن لم يفعل صار وقتًا ضائعًا من عمره ، وهو مسؤول عنه يوم القيامة .
وقت الإنسان إذًا هو الزمن المحدد من ساعات ليله ونهاره ، وهو يشكل في الحقيقة عمره ؛ وهو - أيضًا - رأس ماله الذي يتجر فيه بالأعمال ، فإن كانت صالحة نجا ، وإن كانت طالحة خسر , ومن هنا قال النبي : " نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ : الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ " ؛ فمن كان في فراغ وصحة فعنده كثير من الأوقات التي انشغل فيها غيره بتدبير معاشهم ، والسعي في أرزاقهم ، فلماذا لا يستثمر هذه الأوقات فيما يقربه من الله ، وفيما يكون ذخرًا له يوم القيامة ؟ وفي الحديث دلالة على أن الفراغ نعمة عظيمة من الله , وأن كثيرًا من الناس مغبون في هذه النعمة ، والغبن : الخسارة , وسبب الخسارة يرجع إلى أحد ثلاثة أمور :
1 - عدم استغلال هذا الفراغ على أكمل وجه , وذلك بشغله بأمر مفضول مع إمكان شغله بما هو أفضل ؛ فيضيع من الإنسان الفرق بين الأفضل والفاضل .
2 - عدم شغل هذا الفراغ بشيء من الأعمال الفاضلة التي تعود عليه بالنفع في دنياه وأخراه , وإنما شغله بأمور مباحة لا أجر فيها ولا ثواب ؛ قال ابن مسعود : إِنِّي لأَمْقُتُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا ؛ لا فِي عَمِلِ دُنْيَا ، وَلا آخِرَةٍ .
3 – شغل هذا الفراغ - عياذًا بالله - بأمر محرم ؛ وهذا أشد الثلاثة خسارة ؛ ذلك بأنه ضيع على نفسه فرصة استغلال الوقت بما يعود عليه بالنفع , ولم يكتف بذلك ، بل شغل وقته بما يكون سببًا لتعرضه لعقوبة الله في الدنيا والآخرة !
فالفراغ نعمة لمن أحسن العمل فيه ، وخسران لمن لم يحسن فيه العمل ؛ إذ الوقت ظرف الأعمال ، والأعمال نوعان : حسن ، وسيئ ، فمن ملأ فراغ وقته بالحسن كانت العاقبة حسنة ، ومن ملأه بالسوء فالعاقبة كذلك .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا ممن يملؤون أوقاتهم بالأعمال الصالحة .. آمين .
الوقْتُ هو المقدار المحدود من الزمن ؛ وقيل : مقدار من الزمان مفروض لأمر ما ؛ وكلَّ شيء قدَّرت له حينًا فقد وَقَّته تَوْقِيتًا ؛ وكذلك ما قَدَّرْتَ له غاية ، والجمع أوْقَاتُ .
فالوقت إذًا - بالنسبة للإنسان - هو الثواني والدقائق والساعات والليل والنهار وما يترتب عليهما من أيام وشهور وسنين تشكل عمر الإنسان ؛ الذي حُدِّدَ له فيه عمل يقوم به ؛ ثم يحاسب عليه يوم القيامة .
والفَراغُ : الخَلاءُ ؛ يقال : فرغ الشيء فراغًا وفروغًا : خلا ؛ والفارغ : الخالي ، يقال : إناء فارغ ، وقول فارغ ، وقلب فارغ ؛ وفي التنزيل : وأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغًا أَي : خاليًا من الصبر ؛ وقيل: خاليًا من كل شيء إلا من ذكر موسى عليه السلام .
وفرغ من الشيء : أتمه ؛ وفي التنزيل : فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ، قال ابن كثير - رحمه الله : أي : إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها ، فانصب في العبادة ، وقم إليها نشيطًا فارغ البال ، وأخلص لربك النية والرغبة .
والفراغ المراد في مقالتنا هذه هو : فراغ الوقت من الشغل ؛ بمعنى خلوه من عمل يشغله ؛ فالمعلوم أن غالب الناس تسعى لمعايشها ، فينشغل معظم وقتها اليومي بذلك ، فإذا بقي بعد عمله وقت قضاه في واجبات أخرى ؛ فإذا أنهى واجباته ، وبقي وقت فارغ عن شغل ، فذاك هو الفراغ .
وهناك بعض الناس قد كفي همَّ السعي عن الرزق ، فإن كان له ما يشغل به وقته من طلبٍ لعلم ، أو متابعة لعمل ما ، أو قيام بواجبات أخرى يشغل بها وقته ، فبها ونعمت ؛ وإلا أصبح كثير من وقته فارغًا ، وهي نعمة عظيمة ليملأه بما يعود عليه بفائدة دينية أو دنيوية ، فإن لم يفعل صار وقتًا ضائعًا من عمره ، وهو مسؤول عنه يوم القيامة .
وقت الإنسان إذًا هو الزمن المحدد من ساعات ليله ونهاره ، وهو يشكل في الحقيقة عمره ؛ وهو - أيضًا - رأس ماله الذي يتجر فيه بالأعمال ، فإن كانت صالحة نجا ، وإن كانت طالحة خسر , ومن هنا قال النبي : " نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ : الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ " ؛ فمن كان في فراغ وصحة فعنده كثير من الأوقات التي انشغل فيها غيره بتدبير معاشهم ، والسعي في أرزاقهم ، فلماذا لا يستثمر هذه الأوقات فيما يقربه من الله ، وفيما يكون ذخرًا له يوم القيامة ؟ وفي الحديث دلالة على أن الفراغ نعمة عظيمة من الله , وأن كثيرًا من الناس مغبون في هذه النعمة ، والغبن : الخسارة , وسبب الخسارة يرجع إلى أحد ثلاثة أمور :
1 - عدم استغلال هذا الفراغ على أكمل وجه , وذلك بشغله بأمر مفضول مع إمكان شغله بما هو أفضل ؛ فيضيع من الإنسان الفرق بين الأفضل والفاضل .
2 - عدم شغل هذا الفراغ بشيء من الأعمال الفاضلة التي تعود عليه بالنفع في دنياه وأخراه , وإنما شغله بأمور مباحة لا أجر فيها ولا ثواب ؛ قال ابن مسعود : إِنِّي لأَمْقُتُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا ؛ لا فِي عَمِلِ دُنْيَا ، وَلا آخِرَةٍ .
3 – شغل هذا الفراغ - عياذًا بالله - بأمر محرم ؛ وهذا أشد الثلاثة خسارة ؛ ذلك بأنه ضيع على نفسه فرصة استغلال الوقت بما يعود عليه بالنفع , ولم يكتف بذلك ، بل شغل وقته بما يكون سببًا لتعرضه لعقوبة الله في الدنيا والآخرة !
فالفراغ نعمة لمن أحسن العمل فيه ، وخسران لمن لم يحسن فيه العمل ؛ إذ الوقت ظرف الأعمال ، والأعمال نوعان : حسن ، وسيئ ، فمن ملأ فراغ وقته بالحسن كانت العاقبة حسنة ، ومن ملأه بالسوء فالعاقبة كذلك .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا ممن يملؤون أوقاتهم بالأعمال الصالحة .. آمين .