الوعيد و النذير في الإلهام و التيسير!

إنضم
10/12/2016
المشاركات
48
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً : النذيرفي الإلهام!
يقول الله عز و جل : ( و نفس و ما سوّاها , فألهمها فجورها و تقواها )
سبحان الله فإن النفس تلهم الفجور كما تلهم التقوى .. فما الفرق ؟
الفرق في جهةالوحي إذ يقول الله عز و جل : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ).
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسأل الله العافية في دينه , و يدعو الله أن يثبت قلبه على دينه , ذلك أن النفس أمارة بالسوء , و معنى كلمة أمارة : أي كثيرة الأمر بالسوء , إلا من رحم ربك! لذلك نحن نستهدي الله لأن من رحمته أن يهدي القلوب و يحييها بعدما تموت كما يبعث الله الموتى .. فنسأل الله العافية و الثبات , و نسأله كما سأله من قبلنا نبي الله يوسف عليه السلام : ( أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً و ألحقني بالصالحين).
إذن كلا الفريقين يظن أنه على خير ( أقصد المشركين والمسلمين) , و ذلك واضح في القرآن يوم القيامة حين يتساءل المجرمون و هم يتلفتون في جهنم بحثا عن الأشرار؟! يقول الله عزو جل على لسان المجرمين في جهنم : ( ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار , أتخذناهم سخرياً أم زاغت عنهم الأبصار, إن ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النار ).
ذلك أن الكفار جعلوا المسلمين كالمجرمين في الدنيا , و لكن الله فرّق بين الفريقين في الآخرة ,كما ميّزهم في الدنيا فلم يجعل المسلمين كالمجرمين إذ يقول الله عز و جل : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين , ما لكم كيف تحكمون)؟!
و ذلك أوضح ما يكون في قول الصاحب الغني في سورة الكهف : ( و ما أظن الساعة قائمة و لئن رددت إلى ربي لأجدن خيراّ منها منقلبا) فذاك الرجل كان يرى أنه على خير و أن الله سيعطيه في الآخرة , لم ينكر الله بل قال ( ربي) و إنما أنكر البعث لكثرة ما أعطاه الله و لم يحرمه فاغتر بعزة نفسه الأمارة بالسوء و أخذته العزة بالإثم لمّا رأى جمال ما أعطاه الله إياه واغتر بطول مكثه في النعمة يتقلب فيها!
ثانياً : الوعيد و النذير في التيسير !
يقول الله سبحانه و تعالى : ( فأما من أعطى و اتقى , وصدّق بالحسنى , فسنيسره لليسرى, وأما من بخل و استغنى و كذّب بالحسنى , فسنيسره للعسرى)
سبحان الله !التيسير متاح للجميع !
فعلاً : (إن سعيكم لشتى) !
و فعلاً :" اعملوا فكل ميسر لما خلق له " !
إذن كلمة التيسير ليست عابرة بل إنذار لمن يتهاون في تعامله مع الدين و مع أهل الدين و مع العبادات.. وليس حديثي عن غير المسلمين بل عن المسلمين أنفسهم .
ولنأخذ قصة من القرآن حينما ذكرها الله عز و جل قال : ( و اتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق)
استوقفتني كثيرا كلمة بالحق , فالقرآن كله حق و كلام الله هو الحق فلم وردت هذه الكلمة إلا إذا كان في القصة ما يدهش السامع!
فألهمني ربي الآية السابقة : ( فأما من أعطى و اتقى و صدق بالحسنى فسنيسره لليسرى و أما من بخل و استغنى و كذب بالحسنى فسنيسره للعسرى).
و كانت المقارنة بين الأخوة الاثنين مفاجأة لي .
فنحن لا نتحدث عن كافر و مسلم !
كلاهما كان مسلماً لأنهما قرّبا ((قربانا)) لله , و كلمة قربان لا تحمل سوى وجه واحد و هو إعطاء مال لأجل التقرب لله.. يعني لم تكن زكاة مال مفروضة و حان موعدها, و لا صدقة للفقراء قد تُدفع لأجل الرياء !
بل قربا قربانا لله و انتظرا تقبل الله للأمر !
إذن كلاهما مسلم يُحَكِّم الله فيما شجر بينه و بين أخيه فما الذي جعل أحدهما يأخذ وزر كل رجل يَقتُل نفسا بغير حق إلى يوم القيامة!
الآية التي أشرت إليها تشير إلى فعلة كل منهما
فأما من أعطى و اتقى و صدق بالحسنى فسنيسره لليسرى
و أما من بخل و استغنى و كذب بالحسنى فسنيسره للعسرى).
إذن هي كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
اعملوا فكل ميسر لما خلق له !
اعملوا:
فكان عمل الأول: أعطى و اتقى و صدق بالحسنى
أما عمل الثاني : بخل و استغنى و كذب بالحسنى
فكل ميسَّرلما خُلِقَ له:
الأول : يسره الله لليسرى فلم يبسط يده حتى ليدافع بها عن نفسه, و نهى أخيه بلسانه عن المنكر الذي سيقدم عليه قائلا: ( إني أريد أن تبوء بإثمي و إثمك فتكون من أصحاب النار )
والثاني :يسره الله للعسرى ف ( طوعت له نفسه قتل أخيه فقتله) , كان القتل عنده في قمة التيسير! إذ قال : ( لأقتلنك ) , فخرجت الكلمة من نفسه الأمارة بالسوء إلى لسانه ويده !
و قد سئل الشيخ ابن باز عن صحة الحديث التالي و عن شرحه, فانظر للحديث و انظر لشرحه
السؤال: ما صحة الأحاديث التالية، وإذا كانت صحيحة نرجوا من سماحتكم التفضل بالشرح الوافي لها:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له بعمل أهل الجنة)، هذا هو الحديث الأول الذي نسأل عن تفسيره؟
فكان جوابه : نعم هذا صحيح، حديث صحيح رواه الشيخان من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - ، معناه أن الرجل قد يعمل بعمل أهل الجنة من طاعة الله، ولكن في قلبه أشياء وفي داخله أشياء، ثم ينتقل إلى عمل أهل النار، فيكتب له في ذلك، وفي بعض الروايات فيما يبدوا للناس يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس، يعني داخل قلبه ليس بذلك، عنده نفاق، وعنده خبث، فهو يتظاهر بالأعمال الصالحة، وهو غير مؤمنٍ بها، وإنما أظهرها إما رياءً وإما لمقاصد أخرى من الدنيا، ثم يغلب عليه ما كان في قلبه من شر، فيعمل بعمل أهل الشر ويموت على الشر، ويختم له بخاتمة أهل الشر، وقد يكون عنده عمل و نية صالحة طيبة، ثم يتعاطى بعض المعاصي، وبعض الشرور في آخر حياته فيكتب له في ذلك، وقد يرتد عن دينه والعياذ بالله بسبب حظ عاجل، أو بسبب سب الدين، أو بسبب مساعدة المشركين على المسلمين، فيكون في ذلك من أهل النار؛ لأنه ارتد عن إسلامه بما فعله من النواقض مثل سب الدين، وسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ومساعدة الكفار على المسلمين في الحرب، والاستهزاء بدين الله، وما أشبه هذا من أسباب الردة نسأل الله العافية و السلامة، وهكذا الرجل قد يعمل بعمل أهل الشر زمناً طويلاً، ثم يمن الله عليه بالإسلام فيموت على الإسلام ويدخل الجنة، كما جرى لعمر بن الخطاب وجمع من الصحابه، كانوا على الكفر والضلال ثم هداهم الله ودخلوا في الإسلام، وبعضهم لم يبق في الإسلام إلا مدة يسيرة أياماً قليلة، ثم توفاه الله، أو قتل شهيداً فدخل الجنة و كان في غالب حياته على الكفر والضلال، ثم هداه الله للإسلام ومات على ذلك، هذايقع وهذا يقع، وربك حكيم عليم - سبحانه وتعالى -.
لذا كان من دعاء الرسول محمد صلى الله عليه و سلم في سجوده :
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
اللهم إني أسألك حسن الخاتمة
اللهم ارزقني توبة نصوحة قبل الموت
يجب أن لا ترتاب القلوب بإيمانها بربها و يجب أيضاً أن يكون المسلم على وجل و خوف أن لا يتقبل منه عمله الصالح .
 
كيف نتجنب شر النفوس ؟

كيف نتجنب شر النفوس ؟

و استدراكا للموضوع السابق أقول

لقد هدى الله الناس جميعا بالفطرة التي فطرهم الله عليها.
و لكن المشكلة تكمن في الوالدين و البيئة فهما سببان رئيسيان لنسيان هذه الفطرة و التعود على الانتكاس.
يقول الله سبحانه و تعالى : ( علم الإنسان ما لم يعلم )
و يقول سبحانه و تعالى :( و هديناه النجدين ) ، النجدين : الطريقين طريق الخير و طريق الشر .
فالله سبحانه و تعالى كان رؤوفا رحيما بعباده فعلمهم كل شيء و هداهم ( أي دلهم ) على طريق الخير و الشر .
فمن سلك طريق الشر فلا يلومن إلا نفسه .
لأن الله عز و جل قال في محكم كتابه العزيز: ( و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى )
أما من سلك طريق الشر و استمرأ هذا الطريق، و أو حى له شيطانه أن جميع الناس على هذا فلا بأس إذن أن تكون إمعة معهم!
فلن ينفعه الأمر لأن الله عز و جل قد قرر أن لن ينفع الناس اجتماعهم و اشتراكهم في عذاب الآخرة فهو أشد من أذى الدنيا فتنة الناس.
إذن هي المعاصي يبدؤها الإنسان ثم يستسيغها فيقع حبها في قلبه بديلا عن حب الله و تقوى الله ..فينسى الله فينسيه الله نفسه .
( نسوا الله فأنساهم أنفسهم )

فلا يقولن أحد : هداني الله للشر و ألهمني الشر و يسر لي طريق الشر.. فهذا قول الأولين ممن أهلكهم الله بعذاب الدنيا
إنما استهدوا الله و امشوا في الخير ييسر الله لكم طريق الخير و الهداية
 
عودة
أعلى