الذي قلتُه أنا هو: أنَّ عبارة (منهم من قال بأنها ... ومنهم من قال إنها) هو موجود في الكتب، ولكن الإشكال في تحديد كيفية الأداء، فبالإمكان أن يكون الحكم واحداً، لا سيما والإخفاء قد يقصد به الإظهار على رأي البعض وأنتم ممن تقولون بذلك، وبالتالي فليس في هذه العبارة المنقولة إفادة السماع أو القراءة بأداءين مختلفَين.
السلام عليكم
شيخنا الأهدل فتحي لهذا الموضوع بين الحين والآخر هو أنني أكتب بحثا طويلا في هذه القضية ، وأحاول أن أعرف ما يدور في خلد المخالفين حتى أجهز عليهم فلا يستطيع أحدهم ردّ الدليل ولو استعان بقراء الأرض .
قولك (
فبالإمكان أن يكون الحكم واحداً،) الحكم يا سيدي ليس واحدا ؛لأنه وصف وصفين مختلفين تماما :إظهار فيه انطباق الشفاة ، وإدغام فيه انفراج الشفاة ..كيف يكونان حكما واحدا ؟
فوصفه للحالتين يخرجهما من كونهما افتراض ..وارجع لكلام ابن شريح واقرأه بتأمل سيظهر لك ذلك .
نعم الموضوع واضح جدًّا أن كلام الإمام ابن الباذش عبارة عن افتراضات
أؤكد لك عدم افتراض ابن الباذش لشئ .
هناك من يذكر الإدغام من غير تفصيل ، قال الخزاعي(408ت) في المنتهى :باب الميم :يدغمها في جنسها تحرك أو سكن ما قبلها ، وفي الباء إذا تحرك ما قبلها ...وإن كان من غيره لم يدغم )220
فهناك من يعبر بالإدغام من غير أن يوضح مقصده من بالإدغام ، بينما يوجد من يذكر الإدغام ويوضح مقصده من قوله .
قال البغدادي المالكي (ت438) صاحب روضة المالكي : وكان الوليد بن حسان يدغم الميم في الباء ...نحو (أعلمُ بما ) .ثم قال بعد ذلك : (وهذا إنما هو حذف حركة الميم وإخفاؤها ليس بإدغام على الحقيقة ..) 1/275
انظر كيف كان بعضهم يفسر معنى الإدغام ،وهذا ما جعل الأئمة يذكرون الإدغام ويبينون مقصدهم وارجع للإقناع وجامع البيان وغيرهما .
وهذا التعبير ما جعل ابن الباذش يدفع الإدغام ويقول ( وأما الإدغام المحض فلا وجه له ...) وهذا واضح .
وكذا الحال فيمن قال بالإخفاء لأنه ممن يأخذون بالإظهار
(المعول عليه إظهار الميم عند الفاء والواو والباء..) .
ويجيب أيضا على من يعتقدون أن الإخفاء مقصود به مثل وهو تجافي الشفتين كما يتجافى اللسان في النون ((ولا يتجه إخفاؤهن عندهن إلا بأن يزال مخرجها من الشفة ، ويبقي مخرجها من الخيشوم كما يفعل ذلك في النون المخفاة) .
وحيث يأخذ هو بالإظهار أراد أن يبرر للقائلين بالإخفاء فقال ("
فإن أرادوا بالإخفاء أن يكون الإظهار رفيقا غير عنيف فقد اتفقوا على المعني ، واختلفوا في تسميته إظهارًا أو إخفاء ، ولا تأثير لذلك) هل فهمت الآن القصة من طقطق لسلام عليكم . (وخلصت الحدودة )
وأما الشاطبي فلا يهمني إثبات أنه يقرأ بعدم الإظهار أو به لعدم بناء أي نتيجة - عندي - على ذلك.
لا.. هناك نتيجة مهمة فإن ثبت أنه يأخذ بالإظهار يعني أن قوله (فتخفى تنزلا) يقصد به الإظهار المحض فلا يوجد بعد ذلك إلا ما قاله ابن الباذش((ولا يتجه إخفاؤهن عندهن إلا بأن يزال مخرجها من الشفة ، ويبقي مخرجها من الخيشوم كما يفعل ذلك في النون المخفاة) .
وبهذا إطباقكم باطل .
والسلام عليكم