هذا البحث يمثل إضافة تتمثل في محاولة الاستفادة من الرسوم البيانية لعرض الفكرة.
وهي أدوات مفيدة جدا في بيان الأفكار أعتقد أن البحوث الشرعية تحتاج إليها.
===
الوحدة البنائية للقرآن الكريم - محمد الغرضوف
المصدر: موقع الملتقى:
http://www.almultaka.net/ShowMaqal....t=1&id=633&m=2c09fe0e14b8f2e082536e37c1f7f9c0
كتب صاحب المقال فقال:
[align=center]"خاتمــــــــــة:[/align]
عموما إن الغرض من طرح هذا التصور في هذا المقام يتمثل في قناعة مفادها أن القرآن ليس نصا مستغلقا حتى يمكن الحديث عن العجز عن فهمه في تمهيد لإقصائه عن ساحة الفعل الحضاري بناء وتوجيها أو تقويما وتصحيحا، بل العكس هو الصحيح إذ القرآن ميسر للذكر ولكن لمن أراد أن يذكر أو أراد خشوعا."
إن الطرح الذي طرحه الكاتب لا يتفق مع ما ذكره هنا في الخاتمة فطرحه في نظري يجعل فهم القرآن أمر مستغلقاً عسيرا ، فالقرآن يخاطب النفس البشرية عقلاً وعاطفةً بأسلوب مباشر يتناسب مع التركيب العقلي والعاطفي لكل شخص متى قبل أن يستمع إلى هذا القرآن ويصغي إليه بسمعه وقلبه.
"لمن أراد أن يذكر أو أراد خشوعا." هذه عبارة قرانية كان الأجدر بالكاتب أن يوردها كما هي" لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا."
"فمسألة الفهم : فهم معاني القرآن، توجيهاته، مقاصده، أحكامه ... كل ذلك رهين بعملية نفسية وفكرية بسيطة لعل مناطها الأساسي هو التقوى، تقوى الله سبحانه وتعالى والتي مدارها على آلية أساسية ومركزية في اشتغال منظومة التقوى وهي آلية : الالتزام (= الميثاق)."
هذا صحيح التقوى مناط فهم القرآن كما قال الله تعالى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) سورة البقرة من الآية (282) ، وهذه التقوى يغرسها في النفس الأسلوب القرآني المباشر الذي يصل إلى أعماق النفس الإنسانية بكل يسر وسهوله إذا ما هي استعمت له وسواء كان المستمع ممن يفهم لغة القرآن ، أو ممن ترجمة له معانيه ، والشواهد على هذا كثيرة ممن قبلوا الإسلام من غير الناطقين بلغته.
أما الأسلوب الذي ذكره الكاتب مع احترامي الشخصي له فهو ينفع في التعامل مع ما يدور في المعامل والمختبرات وورش الهندسة لا مع النفس البشرية.
"ورحم الله سيد قطب عندما قال :"إن هذا القرآن هو معلم هذه الأمة ومرشدها ورائدها وحادي طريقها على طول الطريق، وهو يكشف لها عن حال أعدائها معها، وعن جبلتهم وعن تاريخهم مع هدى الله كله. ولو ظلت هذه الأمة تستشير قرآنها؛ وتسمع توجيهاته؛ وتقيم قواعده وتشريعاته في حياتها، ما استطاع أعداؤها أن ينالوا منها في يوم من الأيام ... ولكنها حين نقضت ميثاقها مع ربها، وحين اتخذت القرآن مهجورا- وإن كانت ما تزال تتخذ منه ترانيم مطربة، وتعاويذ ورقى وأدعية- أصابها ما أصابها".
وهذا هو بيت القصيد ؛ إننا لا نحتاج إلى دراسات نظرية معقدة جافة كالتي قدمها الكاتب ، بل نحتاج إلى تطبيق عملي لأحكام وآداب وأخلاق هذا القرآن ، وهذا الذي دعى إليه سيد رحمه الله بأسلوبه السهل الميسر الذي هو قبس من مشكاة القرآن ، هو الذي نحتاج إليه في هذا العصر وكل عصر ، وليس إلى نظريات فلسفية معقدة يصور فيها أصحابها القرآن على أنه قد استغلق فهمه وأنه يحتاج إلى توضيح بمثل هذه النظريات التي هي أقرب إلى تعقيد المشكلة " إن كان هناك مشكلة " من حلها.
"إن مرجعية القرآن الكريم الحضارية ليست بالشيء المستحيل، فقد حقق القرآن الكريم عالميته في الصدر الأول فكيف لا يمكن له أن يحقق عالميته الثانية، الواقع أن مفتاح هذه العالمية يكمن في الكسب البشري ونهله من هذا الكتاب العظيم بالمجهود والكيفية التي تليق بكتاب أنزله رب العالمين هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان "ذلك أن كتابا نزل إلى العالمين، إلى الناس كافة على امتداد أزمنتهم وأمكنتهم لابد أن يبقى مفتوحا للأجيال تنهل منه على اختلاف بيئاتها وأزمانها، ولو كان ذلك بأقدار ونسب متفاوتة. إنه لمن الخطأ أن تعمد مدارس أو فرق أو اتجاهات إلى محاصرة الوحي بأفهامها، فلا تسمح له بالامتداد إلا بمقدار ما تسمح له عقولها ومداركها. فما كان لهذا الدين إن سادته هذه الأفهام في صدره الأول أن يحقق عالميته الأولى ولا أن يغادر الجزيرة ليصل آفاق الأرض."
وهذا كلام لا غبار عليه ؛ ليس لأحد حق محاصرة الوحي بفهمه ، لكن في نفس الوقت ليس لكل أحد أن يتكلم في القرآن كيفما اتفق دون ضوابط ويزعم لنفسه أنه مكتشف الأسلوب الأمثل لفهم القرآن.
وأقول هذا ردا على قول الكاتب:
"فمناط الأمر إذن دعوة للتحرر من القيود المذهبية التي حنطت الآيات في أفهام تاريخية غير قابلة للرد أو التعديل أو حتى التكميل، وهذا لا يعني بالضرورة رفض كل هذا التراث التفسيري الجليل وإنما كما يقال تاريخ العلوم هو تاريخ تراكم لا تاريخ القواطع المعرفية، إننا في حاجة إلى استئناف حضاري بوابته الكبرى استئناف في الإبداع العلمي والمعرفي ولعل عنوان إعادة بناء علومنا وفق مرجعية القرآن الكريم هو البداية الصحيحة. "
فهذا كلام فيه تجني على تأريخ الأمة وتسفيه للأجيال التي حملت أمانة تبليغ هذا الدين ، فليس هناك قيود مذهبيه حنطت القرآن في أفهام تأريخية غير قابلة للرد أو التعديل أو حتى تكميل كما زعم الكاتب.
إن ما تركه السلف من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا لا يمنع من الإبداع العلمي والمعرفي.
أما إعادة بناء علومنا وفق مرجعية القرآن الكريم ، فإني أسأل هل كانت علومنا يوما مبنية على غير القرآن ؟
هذه وجهة نظر ، والله من وراء القصد.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.