قوله تعالى : ( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين )
حيث حذف جواب الشرط ( إذا ) الذي يمكن أن يقدر ب ( حتى إذا جاءوها وجدوا ما يقصر عنه البيان ) ، لأن وصف ما يجدونه ، ويلقونه عند ذلك في الجنة لا يتناهى ، فلا يحيط به لفظ ، فجعل الحذف دليلاً على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه ، وتركت النفوس تقدر ما شأنه ، ولا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك ، لقول الله عز وجل في الحديث القدسي فيما رواه الشيخان – رحمهما الله – عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ) .
وههنا سؤال جدير بالإجابة هو : لماذا أدخل الواو مع الجنة في قوله : ( وفتحت أبوابها ) ، ولم يدخلها مع النار في قوله : ( وسيق الذين كفروا إلى جنهم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين )وقبل الإجابة على هذا السؤال يذكر أنه قد اجتمع في مجلس سيف الدولة الحمداني أبو علي الفارسي وأبو عبد الله الحسين بن خالويه ، فسئل ابن خالويه ذاك السؤال ، فقال : هذه الواو تسمى الثمانية ، لأن العرب لا تعطف الثمانية إلا بالواو .
فنظر سيف الدولة إلى أبي علي ، وقال له : أحق هذا ؟ فقال أبو علي : لا أقول كما قال ، إنما تركت الواو في النار لأنها مغلقة ، وكان مجيئهم شرطاً في فتحها ، فقوله : ( فتحت ) فيه معنى الشرط ، وأما قوله : ( وفتحت ) في الجنة فهذه واو الحال ، كأنه قال : جاءوها وهي مفتحة الأبواب ، أو : هذه حالها .
وهذا هو القول الصحيح ، لأن النار تكون مغلقة حتى يردوها ، وفي ذلك اشتداد لحرارتها ، ولأن من العادة أن يهان المعذبون بالسجون ، فتغلق حتى يأتوها ، ومن العادة أيضا أن يكرم المنعمون بفتح الأبواب قبل وصولهم إليها ، ويؤيده قوله تعالى في سورة أخرى : ( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب )( جنات عدن مفتحة لهم الأبواب )
وأما واو الثمانية التي أشار إليها ابن خالويه فهي التي تلحق الثامن من الأعداد وغيرها ، فالعرب تقول : واحد ، اثنان ، ثلاثة ، أربعة ، خمسة ، ستة ، سبعة ، وثمانية ، وجعل الحريري منها قوله تعالى : ( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين .
وابن خالويه يرى أن أبواب الجنة ثمانية ، لذلك دخلت الواو ، وتابعه في ذلك أبو القاسم الحريري ، وقيل: أن هذه الواو زائدة ، والصحيح أنها حالية كما سبق .
قال ابن كثير:
وقوله: { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } لم يذكر الجواب هاهنا، وتقديره: حتى إذا جاءوها، وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب لهم إكراما وتعظيما، وتلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة والسلام والثناء، لا كما تلقى الزبانية الكفرة بالتثريب والتأنيب، فتقديره: إذا كان هذا سَعِدوا وطابوا، وسُرّوا وفرحوا، بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم. وإذا حذف الجواب هاهنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل.
ومن زعم أن "الواو" في قوله: { وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } واو الثمانية، واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية، فقد أبعد النّجْعَة وأغرق في النزع. وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة.
قال القرطبي :
حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " قيل: الواو هنا للعطف عطف على جملة والجواب محذوف.
قال المبرد: أي سعدوا وفتحت، وحذف الجواب بليغ في كلام العرب.
وأنشد:
[align=center] فلو أنها نفس تموت جميعةً *** ولكنها نفس تساقط أنفسا[/align]
فحذف جواب لو والتقدير لكان أروح.
وقال الزجاج: " حتى إذا جاءوها " دخلوها وهو قريب من الأول.
وقيل: الواو زائدة.
قال الكوفيون وهو خطأ عند البصريين.
وقد قيل: إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة، بدليل قوله: " جنات عدن مفتحة لهم الأبواب " وحذف الواو في قصة أهل النار، لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالا وترويعا لهم.
ذكره المهدوي وحكى معناه النحاس قبله.
قال النحاس: فأما الحكمة في إثبات الواو في الثاني وحذفها من الأول، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم بقول لا أعلم أنه سبقه إليه أحد، وهو أنه لما قال الله عز وجل في أهل النار: " حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها " دل بهذا على أنها كانت مغلقة ولما قال في أهل الجنة: " حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " دل بهذا على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيئوها، والله أعلم.
حيث حذف جواب الشرط ( إذا ) الذي يمكن أن يقدر ب ( حتى إذا جاءوها وجدوا ما يقصر عنه البيان ) ، لأن وصف ما يجدونه ، ويلقونه عند ذلك في الجنة لا يتناهى ، فلا يحيط به لفظ ، فجعل الحذف دليلاً على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه ، وتركت النفوس تقدر ما شأنه ، ولا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك ، لقول الله عز وجل في الحديث القدسي فيما رواه الشيخان – رحمهما الله – عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ) .
وههنا سؤال جدير بالإجابة هو : لماذا أدخل الواو مع الجنة في قوله : ( وفتحت أبوابها ) ، ولم يدخلها مع النار في قوله : ( وسيق الذين كفروا إلى جنهم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين )وقبل الإجابة على هذا السؤال يذكر أنه قد اجتمع في مجلس سيف الدولة الحمداني أبو علي الفارسي وأبو عبد الله الحسين بن خالويه ، فسئل ابن خالويه ذاك السؤال ، فقال : هذه الواو تسمى الثمانية ، لأن العرب لا تعطف الثمانية إلا بالواو .
فنظر سيف الدولة إلى أبي علي ، وقال له : أحق هذا ؟ فقال أبو علي : لا أقول كما قال ، إنما تركت الواو في النار لأنها مغلقة ، وكان مجيئهم شرطاً في فتحها ، فقوله : ( فتحت ) فيه معنى الشرط ، وأما قوله : ( وفتحت ) في الجنة فهذه واو الحال ، كأنه قال : جاءوها وهي مفتحة الأبواب ، أو : هذه حالها .
وهذا هو القول الصحيح ، لأن النار تكون مغلقة حتى يردوها ، وفي ذلك اشتداد لحرارتها ، ولأن من العادة أن يهان المعذبون بالسجون ، فتغلق حتى يأتوها ، ومن العادة أيضا أن يكرم المنعمون بفتح الأبواب قبل وصولهم إليها ، ويؤيده قوله تعالى في سورة أخرى : ( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب )( جنات عدن مفتحة لهم الأبواب )
وأما واو الثمانية التي أشار إليها ابن خالويه فهي التي تلحق الثامن من الأعداد وغيرها ، فالعرب تقول : واحد ، اثنان ، ثلاثة ، أربعة ، خمسة ، ستة ، سبعة ، وثمانية ، وجعل الحريري منها قوله تعالى : ( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين .
وابن خالويه يرى أن أبواب الجنة ثمانية ، لذلك دخلت الواو ، وتابعه في ذلك أبو القاسم الحريري ، وقيل: أن هذه الواو زائدة ، والصحيح أنها حالية كما سبق .
قال ابن كثير:
وقوله: { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } لم يذكر الجواب هاهنا، وتقديره: حتى إذا جاءوها، وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب لهم إكراما وتعظيما، وتلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة والسلام والثناء، لا كما تلقى الزبانية الكفرة بالتثريب والتأنيب، فتقديره: إذا كان هذا سَعِدوا وطابوا، وسُرّوا وفرحوا، بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم. وإذا حذف الجواب هاهنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل.
ومن زعم أن "الواو" في قوله: { وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } واو الثمانية، واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية، فقد أبعد النّجْعَة وأغرق في النزع. وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة.
قال القرطبي :
حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " قيل: الواو هنا للعطف عطف على جملة والجواب محذوف.
قال المبرد: أي سعدوا وفتحت، وحذف الجواب بليغ في كلام العرب.
وأنشد:
[align=center] فلو أنها نفس تموت جميعةً *** ولكنها نفس تساقط أنفسا[/align]
فحذف جواب لو والتقدير لكان أروح.
وقال الزجاج: " حتى إذا جاءوها " دخلوها وهو قريب من الأول.
وقيل: الواو زائدة.
قال الكوفيون وهو خطأ عند البصريين.
وقد قيل: إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة، بدليل قوله: " جنات عدن مفتحة لهم الأبواب " وحذف الواو في قصة أهل النار، لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالا وترويعا لهم.
ذكره المهدوي وحكى معناه النحاس قبله.
قال النحاس: فأما الحكمة في إثبات الواو في الثاني وحذفها من الأول، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم بقول لا أعلم أنه سبقه إليه أحد، وهو أنه لما قال الله عز وجل في أهل النار: " حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها " دل بهذا على أنها كانت مغلقة ولما قال في أهل الجنة: " حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " دل بهذا على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيئوها، والله أعلم.