الهرولة بين الميلين في بطن الوادي

إنضم
15/08/2010
المشاركات
39
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
كم تمنيت في طفولتي أن أحاكي والدي –حفظه الله- في تطبيق سنة الهرولة بين العلمين في المسعى وكلما هممت بتقليده ذكرتني والدتي –حفظها الله – أن هذه سنة خاصة بالرجال..

عقلي الصغير لم يدرك خصوصية تلك الشعيرة بالرجل مع أن الفاعل لها ابتداء امرأة "هاجر" أم إسماعيل عليه السلام ، فلم لا تكون سنة خاصة بنا معاشر النساء ؟!!

ومن كرم الله أني نشأت في بيئة شعارها { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا }الأحزاب (36)
فأذعنت لأمر ربي وتناسيت سؤالي ..

فلما يسر الله لي العمرة قبل أيام ، رأيت امرأة تركض بالمسعى كالمجنونة تبحث عن طفلها الذي فقدته ، حتى لم الله شملها وأقر عينها به ، ذاك المنظر جعلني استحضر مشهد هاجر وابنها إسماعيل عليه السلام وهي تركض خشية الهلاك تبحث عن ما يقيم صلبها وصلب طفلها ، حتى فرج الله عنها ، وخلّد فعلها ، سنة تُذّكر بتفريج الهم ، وتنفيس الكرب لمن توكل على الله كمال التوكل ، وأحسن الظن بمن يملك مقاليد الأمور ، إذا أراد أمرا قال له كن فيكون ..

أوقفت شريط مخيلتي ، وأغمضت عيني قلبي لأفتح عيني بصري ، وإذ بفوج من المعتمرين قادم يهرول بين العلمين
انتابني شعور من الفخر والاعتزاز فمنظرهم مهيب فيه الشجاعة والقوة والبسالة
ومن خلفهم النساء يسرن بحشمة وحياء ..
حينها قفز سؤالي الطفولي : لم الهرولة خاصة بالرجال مع أنها إحياء لسنة امرأة تُذّكِر بكرم الله ولطفه وقريب فرجه ..


هي رسالة إلهية لنا معاشر النساء استوحيت منها :

أي عمل يُخل بحيائنا وحشمتنا وعفتنا فلنحذر إتيانه ، وفعله وإن كان في مجال الخير..
وفيها غلق لباب كل طامع يحاول زلزلة الفضيلة ، واقتحام سور العفة بدعوات آثمة، وشعارات مضللة باسم حرية المرأة ، ومساواتها بالرجل ..
 
حينها قفز سؤالي الطفولي : لم الهرولة خاصة بالرجال مع أنها إحياء لسنة امرأة تُذّكِر بكرم الله ولطفه وقريب فرجه ..
هي رسالة إلهية لنا معاشر النساء استوحيت منها :
أي عمل يُخل بحيائنا وحشمتنا وعفتنا فلنحذر إتيانه ، وفعله وإن كان في مجال الخير..

وفيها غلق لباب كل طامع يحاول زلزلة الفضيلة ، واقتحام سور العفة بدعوات آثمة، وشعارات مضللة باسم حرية المرأة ، ومساواتها بالرجل ..
لا أظن يا بنيتي أن سبب اقتصار سنة الهرولة للرجال لذلك السبب. فالمرأة قد تهرول وتركض لأسباب وجيهة ولا عيب فيها ولا حرام. أما إذا أردت أن تعرفي السبب في ذلك فهو كما قلته مراراً للأخوة وأظن أن الكثير من الأخوة يعرفونه ويقولونه . أن هاجر حينما ركضت وسعت ومشت كي تنقذ))) رضيعها من موت يكاد يكون محققاً لولا رعاية الله . فقد كانت تقوم مقام الرجل في ذلك . لأن من واجبات الرجل السعي في الارض والمشي في طلب الرزق ورعاية الأولاد والسعي لهم . فقد قامت بعمل موكول للرجال في الأصل . ولأجل ذلك ولأجل أن يكون ذلك تذكيراً للرجال وللرجولة الى يوم القيامة فإن الرجل هو المكلف الآن في السعي والركض دون المرأة التي ركضت مضطرة وعملت ما ينبغي أن يعمله الرجال في ذلك الوقت والحين . فحينما يركض الرجال بين الميلين دون النساء فإنهم يستشعرون تلك اللفتة ويتذكرون أمهم هاجر ومعاناتها وخوفها على وليدها. فيركضون شاكرون لها صنيعها وفعلها على غيبة من الرجل ورب الأسرة ذلك الوقت.
إن الركض بين الميلين ما هو إلا تعبير عن الشكر للمرأة التي لم تقصّر حال غيبة زوجها . وشكراً لله تعالى أولاً وآخراً على الرعاية الإلهية التي نجت الوليد اسماعيل وأمه الى يوم القيامة. وبارك الله بك بنيتي وعمرة مقبولة إن شاء الله مع سعي مقبول .
 
الأخت الكريمة حفيدة البخاري وفقها الله
الحكمة - كما تفضلتم - من هرولة الرجال في الحج أو العمرة أثناء السعي بين الميلين في المسعى بيَّنها النبي صل1 لأصحابه كما يؤخذ من عدة أحاديث وهي إظهارُ قوة المسلمين للمشركين أول الأمر ، وكان قد علم النبي صل1 أن المشركين قالوا عام الحديبية في المؤمنين :قد أوهنتهم حمى يثرب. وروي في الصحيح أيضًا أن النبي صل1 لما قدم مكة لعمرة القضاء قال المشركون : إنَّ محمداً وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال والضعف؛ لذلك أمر صل1 أصحابه أن يرملوا في ثلاثة أشواط ويمشوا في أربعة أشواط من طواف القدوم فقط. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يترك هذا الرَّمَل ويأمر بتركه؛ لأن النبي صل1 فعله لسبب عارض، ثم بدا له فمضى عليه؛ لأنه علم أن المحافظة على ما فعله النبي
صل1 ولم ينه عنه كالمحافظة على ما كان فعله جده إبراهيم صل1 إن لم تكن أولى ، روى أبو داود و ابن ماجه عنه أنه قال : فيم الرملان اليوم والكشف عن المناكب وقد أطأ الله الإسلام ( أي : وطأه وأحكمه ) ونفى الكفر وأهله ؟ مع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صل1 . وأصله في البخاري بلفظ : فما لنا والرمل إنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلكهم
الله ، ثم قال : هو شيء صنعه رسول الله صل1 فلا نحب أن نتركه . وقوله : ( راءينا ) مشاركة من الرؤية أي أريناهم قوتنا وأننا لا نعجز عن مقاومتهم ، وقيل : هو من الرياء بمعنى إراءة ما هو غير الواقع أي أريناهم من الضعف قوة .
وقد ورد في الصحيح أن المشركين قالوا عندما رأوا النبي صل1 وأصحابه يرملون مضطبعين : هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم أجلد من كذا وكذا . وفي رواية أجلد منا .
فعلم من هذا أن الرمل أو الهرولة إنما شرعت لإظهار قوة الرجال من المسلمين خصوصاً، وإنما نحافظ عليه اقتداء بالنبي صل1 وأصحابه ، وأنها خاصة بالرجال لأنهم هم الذين يقاتلون ويهابهم العدو ، بخلاف النساء فهنَّ محل السكينة والستر كما تفضلتم ، وأصل السعي من سعي هاجر عليها السلام ، وأما الهرولة والعدو فليس كذلك وإنما هو أمرٌ سنه النبي صل1 خصوصاً للرجال لإظهار قوتهم أمام مشركي قريش في تلك القصة المذكورة ثم بقي سنة تذكرنا ببدء الدين وانتصاره ولله الحمد .
 
الأخت الكريمة حفيدة البخاري - وفقها الله - :
المقصود من سؤالك "الهرولة بين العلمين "
والذي يظهر لي – والله أعلم – أن الهرولة أمر زائد على السعي ، وهو داخل فيه بلاشك ، فهو سعي فيه هرولة بين العلمين ، وطواف فيه رمل في أشواطه الثلاثة الأول .
فالحكمة من الرمل في الطواف في أشواطه الثلاث معروفة – كما ذكر الإخوة وفقهم الله - .
أما السعي الشديد بين العلمين في السعي ، فيظهر لي – والله أعلم – أن الحكمة منه ما روته صفية بنت شيبة ، عن امرأة منهم أنها رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - من خوخة وهو يسعى في بطن المسيل ، وهو يقول : « لا يقطع الوادي الا شداً » ، وأظنه قال : وقد انكشف الثوب عن ركبتيه ، وفي رواية : « لا يقطع الأبطح الا شداً » .
( صحيح ) أخرجه الإمام أحمد في المسند (27281) ، و النسائي في "المجتبى" (5/242) ، وفي "الكبرى" (3974) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (2/102) ، والبيهقي في السنن (5/98) ، وأخرجه ابن ماجة رقم (2987) في المناسك ، باب السعي بين الصفا والمروة بنحوه .
وصححه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (2437) .
ومعنى الحديث: أنه لا يقطع بطنا الوادي إلا سعياً.
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – في مناسك الحج والعمرة ص (25) :
« فيمشي إلى العلم ( الموضوع ) عن اليمين واليسار ، وهو المعروف بالميل الأخضر ، ثم يسعى منه سعياً شديداً إلى العلم الآخر الذي بعده . وكان في عهده - صلى الله عليه وسلم - وادياً أبطح فيه دقاق الحصا ، فقال - صلى الله عليه وسلم - :
" لا يقطع الأبطح إلا شدا ". » اهـ
فهو سنة باقية كبقاء الرمل في الطواف .
قال الشيخ – رحمه الله – في حاشية الكتاب :
( فائدة ) جاء في " المغني " لابن قدامة المقدسي ( 3 / 394 ) ما نصه :
" وطواف النساء وسعيهن مشي كله قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت ، ولا بين الصفا والمروة ، وليس عليهن اضبطاع .
وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد ولا يقصد ذلك في حق النساء ؛ لأن النساء يقصد فيهن الستر ، وفي الرمل والاضبطاع تعرض للكشف " .
وفي " مجموع " للنووي ( 8 / 75 ) ما يدل على أن المسألة خلافية عند الشافعية فقد قال : " إن فيها وجهين :
الأول وهو الصحيح وبه قطع الجمهور : أنها لا تسعى بل تمشي جميع المسافة ليلاً ونهاراً .
والوجه الثاني : أنها إن سعت في الليل حال خلو المسعى استحب لها السعي في موضع السعي كالرجل " .
قلت : ولعل هذا هو الأقرب ؛ فإن أصل مشروعية السعي إنما سعي هاجر أم إسماعيل تستغيث لابنها العطشان كما في حديث ابن عباس : " فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحداً ، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي ، رفعت طرف ردعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود ، حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة ، فقامت عليها ، فنظرت هل ترى أحدا ؟ فلم ترى أحداً ، ففعلت ذلك سبع مرات . قال ابن عباس : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فذلك سعي الناس بينهما " . أخرجه البخاري في " كتاب الأنبياء " » أهـ
هذا ، والله تعالى أعلم .


 
وفقكم الله جميعا وبارك فيكم
والفتاح سبحانه يفتح للمتأمل في حِكم الشرع كل بحسبه
أسأل الله أن يفتح لي ولكم في الفهم عنه وعن نبيه صل1 مايبلغنا به أعالي جنته.

مستندي الذي ارتكزت عليه في هذا الموضوع ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- : "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى إذا جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات . قال ابن عباس :قال النبي صلى الله عليه و سلم ( فذلك سعي الناس بينهما ) " .

الذي فهمته من الحديث أن الهرولة ثابته عن هاجر عليها السلام انطلقت تسير فلما بلغت الوادي رفعت طرف درعها لتسرع. والله أعلم.
 
مستندي الذي ارتكزت عليه في هذا الموضوع ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- : "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى إذا جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات . قال ابن عباس :قال النبي صلى الله عليه و سلم ( فذلك سعي الناس بينهما ) " .

الذي فهمته من الحديث أن الهرولة ثابته عن هاجر عليها السلام انطلقت تسير فلما بلغت الوادي رفعت طرف درعها لتسرع. والله أعلم.
أختي الفاضلة - حفظها الله - لا يلزم من كون هاجر علبها السلام لما بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود أنها هرولت ، لأنه السعي في اللغة الإسراع في المشي (المصباح المنير ، والمغرب ).

والْمَشْيُ لُغَةً : السَّيْرُ عَلَى الْقَدَمِ ، سَرِيعًا كَانَ أَوْ غَيْرَ سَرِيعٍ ، يُقَال : مَشَى يَمْشِي مَشْيًا : إِذَا كَانَ عَلَى رِجْلَيْهِ ، سَرِيعًا كَانَ أَوْ بَطِيئًا ، فَهُوَ مَاشٍ ، وَالْجَمْعُ مُشَاةٌ (المغرب ، والمصباح المنير) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .

وَالسَّعْيُ فِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مِنْهَا : قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا ، وَمِنْهَا : الإْسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ .
قَال الرَّاغِبُ الأْصْفَهَانِيُّ : السَّعْيُ : الْمَشْيُ السَّرِيعُ وَهُوَ دُونَ الْعَدْوِ .(المفردات في غريب القرآن .) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا هِيَ أَنَّ الْمَشْيَ أَعَمُّ مِنَ السَّعْيِ (الكليات لأبي البقاء الكفوي 2 / 214 ) .

أما الهرولة فتطلق على الرَّمَل :
الرَّمَل - بِفَتْحِ الْمِيمِ - فِي اللُّغَةِ الْهَرْوَلَةُ (المصباح المنير) ، الهَرْوَلَةٍ مَا دُونَ الْجَرْيِ .
قَال صَاحِبُ النِّهَايَةِ : رَمَل يَرْمُل رَمَلاً وَرَمَلاَنًا : إِذَا أَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ وَهَزَّ مَنْكِبَيْهِ (النهاية لابن الأثير 2 / 265 ولسان العرب) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ ، لَكِنَّ النَّوَوِيَّ قَال : الرَّمَل - بِفَتْحِ الرَّاءِ - هُوَ إِسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى دُونَ الْوُثُوبِ وَالْعَدْوِ (تهذيب الأسماء واللغات 3 / 127 - 128) .

وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا هِيَ أَنَّ الرَّمَل أَخَصُّ مِنَ الْمَشْيِ .
وعلى هذا يفهم معنى الحديث . والله تعالى أعلم .

 
وفقكم الله جميعا وبارك فيكم
والفتاح سبحانه يفتح للمتأمل في حِكم الشرع كل بحسبه
أسأل الله أن يفتح لي ولكم في الفهم عنه وعن نبيه صل1 مايبلغنا به أعالي جنته.

مستندي الذي ارتكزت عليه في هذا الموضوع ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- : "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى إذا جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات . قال ابن عباس :قال النبي صلى الله عليه و سلم ( فذلك سعي الناس بينهما ) " .

الذي فهمته من الحديث أن الهرولة ثابته عن هاجر عليها السلام انطلقت تسير فلما بلغت الوادي رفعت طرف درعها لتسرع. والله أعلم.
ومن خلال هذا الفهم أختي الفاضلة وبالإضافة الى الحديث الشريف الذي ذكره الأخ الفاضل ضيدان وهو قوله عليه الصلاة والسلام:لا يقطع الوادي الا شداً . فإن ذلك يثبت أن الرمل والحكمة في فعله لا علاقة له بالهرولة بين الميلين . وذلك لعدم ورود الهرولة في الحديث الذي ذكر حكمة الرمل وهي ظن المشركين بإصابة المسلمين بحمى يثرب.ورفع طرف الدرع دلالة واضحة في الإسراع بالمشي. بارك الله بك أختي . وأشكر الأخ الفاضل ضيدان على ما تفضل به.
 
وَالسَّعْيُ فِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مِنْهَا : قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا ، وَمِنْهَا : الإْسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ .
قَال الرَّاغِبُ الأْصْفَهَانِيُّ : السَّعْيُ : الْمَشْيُ السَّرِيعُ وَهُوَ دُونَ الْعَدْوِ .(المفردات في غريب القرآن .) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا هِيَ أَنَّ الْمَشْيَ أَعَمُّ مِنَ السَّعْيِ (الكليات لأبي البقاء الكفوي 2 / 214 ) .

أما الهرولة فتطلق على الرَّمَل :
الرَّمَل - بِفَتْحِ الْمِيمِ - فِي اللُّغَةِ الْهَرْوَلَةُ (المصباح المنير) ، الهَرْوَلَةٍ مَا دُونَ الْجَرْيِ .
قَال صَاحِبُ النِّهَايَةِ : رَمَل يَرْمُل رَمَلاً وَرَمَلاَنًا : إِذَا أَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ وَهَزَّ مَنْكِبَيْهِ (النهاية لابن الأثير 2 / 265 ولسان العرب) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ ، لَكِنَّ النَّوَوِيَّ قَال : الرَّمَل - بِفَتْحِ الرَّاءِ - هُوَ إِسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى دُونَ الْوُثُوبِ وَالْعَدْوِ (تهذيب الأسماء واللغات 3 / 127 - 128) .

وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا هِيَ أَنَّ الرَّمَل أَخَصُّ مِنَ الْمَشْيِ .
وعلى هذا يفهم معنى الحديث . والله تعالى أعلم .
أظن أن الرمل يختلف عن الهرولة . فالهرولة أشد وهي حالة بين الركض والرمل . بينما الرمل هو مشي شديد دون الهرولة . وهذا ما نلاحظه ونعمل به في العمرة .فنرمل في الطواف ونهرول في السعي . والله تعالى أعلم . وبارك الله بك أخي الفاضل على تلك الإضافات.
 
عودة
أعلى