صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (97)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الحج": (وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)
القول الأقرب أن القانع هو الفقير الذي يقنع بما عنده ولا يسأل.
فالقانع من القناعة وهي الرضا بما قسم له.
والمعتر: المعتري الذي يعتريك ويتعرض لك ولا يسأل, أو يتعرض لك فيسأل.
فالمراد من الآية والله أعلم الأمر بإعطاء الفقير الذي لا يسأل تعففاً والفقير الذي يسأل, فكل منهما له حق.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بالقانع والمعتر على أقوال أهمها قولان:
الأول: أن القانع هو الفقير الذي يقنع بما عنده ولا يسأل.
فالقانع من القناعة وهي الرضا بما قسم له.
والمعتر: المعتري الذي يعتريك ويتعرض لك ولا يسأل, أو يتعرض لك فيسأل.
وهذا القول هو الأقرب, لأنه هو المتبادر للقارئ, فالمراد من الآية والله أعلم الأمر بإعطاء الفقير الذي لا يسأل تعففاً والفقير الذي يسأل, فكل منهما له حق.
وكأن هذا تفسير لقوله في الآية السابقة: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير)
فكأنه يقول: اطعموا البائس الفقير سواء كان قانعاً لا يسأل أو متعرضاً للسؤال.
فهذه الآية إذن كقوله تعالى: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
قال الزمخشري : "المحروم الذي يحسب غنياً فيحرم الصدقة لتعففه".
قال تعالى: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)
قال ابن عطية: "اختلف الناس في المحروم اختلافاً هو عندي تخليط من المتأخرين، إذ المعنى واحد، وإنما عبر علماء السلف في ذلك بعبارات على جهة المثالات فجعلها المتأخرون أقوالا.
والمحروم هو الذي تبعد عنه ممكنات الرزق بعد قربها منه فيناله حرمان وفاقة، وهو مع ذلك لا يسأل، فهذا هو الذي له حق في أموال الأغنياء كما للسائل حق"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس) متفق عليه.
ومما يؤيد هذا القول أيضاً أنه لو قيل بأن القانع هو السائل والمعتر هو المتعرض للسؤال كما سيأتي في القول الثاني لكان هذا أشبه بالتكرار في الحقيقة فإن المتعرض للسؤال سائل في الحقيقة.
القول الثاني: أن القانع: هو السائل.
فالقانع من القنوع, وهو السؤال. يقال: قنعت إليه: إذا خضعت له وسألته.
والمعتر: هو الذي يعتريك ويتعرض لك ولا يسأل.
(رجح هذا القول ابن جرير*) (ومال اليه ابن عطية*) (ورجحه الشنقيطي* واقتصر عليه) (واقتصر عليه ابن عاشور*) (واقتصر صاحب الظلال* على القول الأول)
(وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال ابن جرير مبيناً قرينة ترجيحه لهذا القول: "لأنه لو كان المعني بالقانع في هذا الموضع المكتفي بما عنده والمستغني به لقيل: وأطعموا القانع والسائل، ولم يقل: وأطعموا القانع والمعترّ. وفي إتباع ذلك قوله: والمعترّ، الدليل الواضح على أن القانع معني به السائل"
قلت: قد يكون ذكر المعتر بعد القانع ليشمل من يسأل ومن يتعرض للسؤال ولا يسأل.
فلا يكون ذكر المعتر بعد القانع دليلاً على أن القانع هو السائل.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الحج": (وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)
القول الأقرب أن القانع هو الفقير الذي يقنع بما عنده ولا يسأل.
فالقانع من القناعة وهي الرضا بما قسم له.
والمعتر: المعتري الذي يعتريك ويتعرض لك ولا يسأل, أو يتعرض لك فيسأل.
فالمراد من الآية والله أعلم الأمر بإعطاء الفقير الذي لا يسأل تعففاً والفقير الذي يسأل, فكل منهما له حق.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بالقانع والمعتر على أقوال أهمها قولان:
الأول: أن القانع هو الفقير الذي يقنع بما عنده ولا يسأل.
فالقانع من القناعة وهي الرضا بما قسم له.
والمعتر: المعتري الذي يعتريك ويتعرض لك ولا يسأل, أو يتعرض لك فيسأل.
وهذا القول هو الأقرب, لأنه هو المتبادر للقارئ, فالمراد من الآية والله أعلم الأمر بإعطاء الفقير الذي لا يسأل تعففاً والفقير الذي يسأل, فكل منهما له حق.
وكأن هذا تفسير لقوله في الآية السابقة: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير)
فكأنه يقول: اطعموا البائس الفقير سواء كان قانعاً لا يسأل أو متعرضاً للسؤال.
فهذه الآية إذن كقوله تعالى: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
قال الزمخشري : "المحروم الذي يحسب غنياً فيحرم الصدقة لتعففه".
قال تعالى: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)
قال ابن عطية: "اختلف الناس في المحروم اختلافاً هو عندي تخليط من المتأخرين، إذ المعنى واحد، وإنما عبر علماء السلف في ذلك بعبارات على جهة المثالات فجعلها المتأخرون أقوالا.
والمحروم هو الذي تبعد عنه ممكنات الرزق بعد قربها منه فيناله حرمان وفاقة، وهو مع ذلك لا يسأل، فهذا هو الذي له حق في أموال الأغنياء كما للسائل حق"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس) متفق عليه.
ومما يؤيد هذا القول أيضاً أنه لو قيل بأن القانع هو السائل والمعتر هو المتعرض للسؤال كما سيأتي في القول الثاني لكان هذا أشبه بالتكرار في الحقيقة فإن المتعرض للسؤال سائل في الحقيقة.
القول الثاني: أن القانع: هو السائل.
فالقانع من القنوع, وهو السؤال. يقال: قنعت إليه: إذا خضعت له وسألته.
والمعتر: هو الذي يعتريك ويتعرض لك ولا يسأل.
(رجح هذا القول ابن جرير*) (ومال اليه ابن عطية*) (ورجحه الشنقيطي* واقتصر عليه) (واقتصر عليه ابن عاشور*) (واقتصر صاحب الظلال* على القول الأول)
(وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال ابن جرير مبيناً قرينة ترجيحه لهذا القول: "لأنه لو كان المعني بالقانع في هذا الموضع المكتفي بما عنده والمستغني به لقيل: وأطعموا القانع والسائل، ولم يقل: وأطعموا القانع والمعترّ. وفي إتباع ذلك قوله: والمعترّ، الدليل الواضح على أن القانع معني به السائل"
قلت: قد يكون ذكر المعتر بعد القانع ليشمل من يسأل ومن يتعرض للسؤال ولا يسأل.
فلا يكون ذكر المعتر بعد القانع دليلاً على أن القانع هو السائل.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/