صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (96)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "هود": (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)
القول الأقرب والله أعلم: أن المراد بالبينة القرآن, والشاهد النبي محمد, ومعنى يتلوه يقرؤه ويدعو به, فهو مرسل من الله شاهد على صدق القرآن حيث إنه أمي فلم يكن يتلو من قبله من كتاب ولا يخطه بيمينه ومع ذلك جاء بهذا الكتاب المعجز, ومما يشهد أيضاً للقرآن أنه مصدق لكتاب موسى ومصدق لما بين يديه من الكتب.
والقرائن على قوة هذا القول سأذكرها بعد قليل.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ) على أقوال أهمها قولان:
الأول: أن البينة القرآن (رجحه ابن عطية*) (وذكره الرازي*)
والشاهد محمد صلى الله عليه وسلم. (ذكره ابن جرير*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
ومعنى (يتلوه) يقرؤه (ذكره الماتريدي*, وابن عطية*, والرازي*)
وهذا هو القول الأقرب.
ومعنى الآية: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وهم أهل الإيمان متبعين وسائرين على هديالقرآن وفي هذا القرآن بينة وبرهان على أنه حق منزل من السماء, ويدل على أنه حق كذلك شاهد من الله وهو رسوله الذي يقرؤه ويدعو به وهو أمي لم يقرأ كتاباً من قبل وقد جاء بهذا الكتاب المعجز.
ويدل على أنه حق كذلك كتاب موسى من قبل فهو مصدق له.
(أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) وهم من كانوا على هذه البينة وهم المؤمنون بها.
أفمن كان كذلك كمن هو في الضلالة لا يهتدي، ولا يعرف حقاً من باطل.
(فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي: هذا القرآن (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)
والقرائن على قوة هذا القول:
أولاً: سياق الآيات فالسياق قبل هذه الآية في ذكر القرآن والتحدي به وتفنيد زعم الكفار أن النبي افتراه.
قال تعالى قبل هذه الآية: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
ثم قال بعد قوله: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) الآية:
(أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)
ثانياً: أن البينة أطلقت على القرآن في عدد من الآيات كما في قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ)
وقوله: (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ)
ثالثاً: أن التلاوة لا تكاد تأتي في القرآن الا بمعنى القراءة بكل تصاريفها (تتلو) (يتلون) (يتلونه) (اتل) (تلوته) (يتلى)
كما في قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)
وقوله: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
رابعاً: قوله: (يتلوه) فهو القرآن ولو كانت البينة غير القرآن لقال: يتلوها.
خامساً: قوله: (فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك) أصل الكلام عن البينة لا عن ما يتبعها فالأصل أن قوله: (فلا تك في مرية منه) النهي عن المرية في البينة نفسها فالمعنى فلا تكن في مرية من هذا القرآن.
كما قال تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)
سادساً: أنه في آيات كثيرة يذكر الله أن هذا القرآن مصدق لما بين يديه وهنا قال: (ومن قبله كتاب موسى) وأصل الكلام إنما هو عن البينة لا عن ما يتبعها كما قيل في القرينة الخامسة.
سابعاً: قوله: (يتلوه) لو كان المعنى يتبعه لذكر ما يدل على أنه برهان عليه أو يؤيده أو يشهد له أو نحو ذلك لا أنه يتلوه فالقرآن لا يتبع الإيمان بل هو من أتى بالإيمان.
القول الثاني: أن الشاهد القرآن ومعنى يتلوه يتبعه (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*) (واقتصر عليه الزمخشري*, وابن عاشور*) (ورجحه صاحب الظلال* واقتصر عليه)
وأصحاب هذا القول اختلفوا في المراد بالبينة ومن هم المعنيون بأنهم على بينة من ربهم:
فقيل: الذي على بينة من ربه هو النبي صلى الله عليه وسلم (ذكره ابن جرير*, وابن عطية*, والقرطبي*) (واقتصر عليه البغوي*) (وضعفه الرازي*)
وقيل: هم المؤمنون (ذكره ابن عطية*, والرازي*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن كثير*)
وقيل: هو النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون (رجحه ابن عطية*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
وقيل: هم من آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وغيره. (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه الرازي*)
وقيل: هم النصارى. (ذكره الماتريدي*) (ورجحه ابن عاشور*)
والبينة اختلفوا فيها على أقوال متقاربة في المعنى:
فقيل: البينة البرهان والحجج من الله (ذكره الماتريدي*, والقرطبي*)
وقيل: البينة معرفة الله (ذكره القرطبي*)
وقيل: البينة الفطرة التي فطر الله عليها عباده (اقتصر عليه ابن كثير*)
وقيل: البينة البرهان أن دين الإسلام حق وهو دليل العقل (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه الرازي*)
وقيل: البينة الرؤية القلبية المستقينة لحقيقة الألوهية وأن الله هو الذي يوحي بهذا الوحي. (اقتصر عليه صاحب الظلال*)
(وأما ابن عاشور*) فرجح أن البينة الإنجيل.
وهناك أقوال ضعيفة في المراد بالشاهد:
فقيل: الشاهد جبريل عليه السلام.
وقيل: هو لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: هو ملك يحفظه ويسدده.
وقيل: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقيل: هو الإنجيل.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "هود": (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)
القول الأقرب والله أعلم: أن المراد بالبينة القرآن, والشاهد النبي محمد, ومعنى يتلوه يقرؤه ويدعو به, فهو مرسل من الله شاهد على صدق القرآن حيث إنه أمي فلم يكن يتلو من قبله من كتاب ولا يخطه بيمينه ومع ذلك جاء بهذا الكتاب المعجز, ومما يشهد أيضاً للقرآن أنه مصدق لكتاب موسى ومصدق لما بين يديه من الكتب.
والقرائن على قوة هذا القول سأذكرها بعد قليل.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ) على أقوال أهمها قولان:
الأول: أن البينة القرآن (رجحه ابن عطية*) (وذكره الرازي*)
والشاهد محمد صلى الله عليه وسلم. (ذكره ابن جرير*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
ومعنى (يتلوه) يقرؤه (ذكره الماتريدي*, وابن عطية*, والرازي*)
وهذا هو القول الأقرب.
ومعنى الآية: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وهم أهل الإيمان متبعين وسائرين على هديالقرآن وفي هذا القرآن بينة وبرهان على أنه حق منزل من السماء, ويدل على أنه حق كذلك شاهد من الله وهو رسوله الذي يقرؤه ويدعو به وهو أمي لم يقرأ كتاباً من قبل وقد جاء بهذا الكتاب المعجز.
ويدل على أنه حق كذلك كتاب موسى من قبل فهو مصدق له.
(أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) وهم من كانوا على هذه البينة وهم المؤمنون بها.
أفمن كان كذلك كمن هو في الضلالة لا يهتدي، ولا يعرف حقاً من باطل.
(فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي: هذا القرآن (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)
والقرائن على قوة هذا القول:
أولاً: سياق الآيات فالسياق قبل هذه الآية في ذكر القرآن والتحدي به وتفنيد زعم الكفار أن النبي افتراه.
قال تعالى قبل هذه الآية: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
ثم قال بعد قوله: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) الآية:
(أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)
ثانياً: أن البينة أطلقت على القرآن في عدد من الآيات كما في قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ)
وقوله: (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ)
ثالثاً: أن التلاوة لا تكاد تأتي في القرآن الا بمعنى القراءة بكل تصاريفها (تتلو) (يتلون) (يتلونه) (اتل) (تلوته) (يتلى)
كما في قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)
وقوله: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
رابعاً: قوله: (يتلوه) فهو القرآن ولو كانت البينة غير القرآن لقال: يتلوها.
خامساً: قوله: (فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك) أصل الكلام عن البينة لا عن ما يتبعها فالأصل أن قوله: (فلا تك في مرية منه) النهي عن المرية في البينة نفسها فالمعنى فلا تكن في مرية من هذا القرآن.
كما قال تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)
سادساً: أنه في آيات كثيرة يذكر الله أن هذا القرآن مصدق لما بين يديه وهنا قال: (ومن قبله كتاب موسى) وأصل الكلام إنما هو عن البينة لا عن ما يتبعها كما قيل في القرينة الخامسة.
سابعاً: قوله: (يتلوه) لو كان المعنى يتبعه لذكر ما يدل على أنه برهان عليه أو يؤيده أو يشهد له أو نحو ذلك لا أنه يتلوه فالقرآن لا يتبع الإيمان بل هو من أتى بالإيمان.
القول الثاني: أن الشاهد القرآن ومعنى يتلوه يتبعه (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*) (واقتصر عليه الزمخشري*, وابن عاشور*) (ورجحه صاحب الظلال* واقتصر عليه)
وأصحاب هذا القول اختلفوا في المراد بالبينة ومن هم المعنيون بأنهم على بينة من ربهم:
فقيل: الذي على بينة من ربه هو النبي صلى الله عليه وسلم (ذكره ابن جرير*, وابن عطية*, والقرطبي*) (واقتصر عليه البغوي*) (وضعفه الرازي*)
وقيل: هم المؤمنون (ذكره ابن عطية*, والرازي*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن كثير*)
وقيل: هو النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون (رجحه ابن عطية*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
وقيل: هم من آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وغيره. (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه الرازي*)
وقيل: هم النصارى. (ذكره الماتريدي*) (ورجحه ابن عاشور*)
والبينة اختلفوا فيها على أقوال متقاربة في المعنى:
فقيل: البينة البرهان والحجج من الله (ذكره الماتريدي*, والقرطبي*)
وقيل: البينة معرفة الله (ذكره القرطبي*)
وقيل: البينة الفطرة التي فطر الله عليها عباده (اقتصر عليه ابن كثير*)
وقيل: البينة البرهان أن دين الإسلام حق وهو دليل العقل (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه الرازي*)
وقيل: البينة الرؤية القلبية المستقينة لحقيقة الألوهية وأن الله هو الذي يوحي بهذا الوحي. (اقتصر عليه صاحب الظلال*)
(وأما ابن عاشور*) فرجح أن البينة الإنجيل.
وهناك أقوال ضعيفة في المراد بالشاهد:
فقيل: الشاهد جبريل عليه السلام.
وقيل: هو لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: هو ملك يحفظه ويسدده.
وقيل: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقيل: هو الإنجيل.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/