صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (95)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "يوسف": (فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ)
القول الصحيح أن الضمير في قوله: (أنساه) يعود إلى الفتى الناجي.
ومعنى (ذكر ربه) أي ذكر يوسف لربه وهو الملك.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في من هو الذي أنساه الشيطان على قولين:
القول الأول: أن الضمير في قوله: (أنساه) يعود إلى يوسف أي: طلب من الفتى أن يذكره عن ربه فجنح إلى الاعتصام بمخلوق, وأنساه الشيطان ذكر الله والشكوى إليه فعوقب بأن لبث في السجن بضع سنين. (ضعف هذا القول الماتريدي*) (ورجحه الرازي*)
(واقتصر عليه ابن جرير*, لكنه ذكر القول الثاني كالمضعف له بعد تقريره للقول الأول فقال: وكان محمد بن إسحاق يقول: إنما أنسى الشيطان الساقي ذكر أمر يوسف لملكهم).
وأورد ابن جرير روايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تؤيد القول بأن المراد به يوسف, لكنها روايات ضعيفة.
القول الثاني: أن الضمير يعود إلى الفتى الناجي.
ومعنى (ذكر ربه) أي ذكر يوسف لربه وهو الملك.
وهذا هو القول الصحيح كما سيأتي.
(رجح هذا القول الماتريدي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*) (واقتصر عليه الشنقيطي* عند تفسير قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم).
(وصوبه ابن كثير*) وضعف الأحاديث الواردة في هذا, وقال: "الحديث ضعيف جداً, لأن سفيان بن وكيع ضعيف، وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي أضعف منه أيضاً.
وقد روي عن الحسن وقتادة مرسلاً عن كل منهما، وهذه المرسلات هاهنا لا تقبل لو قبل المرسل من حيث هو في غير هذا الموطن".
(وذكر القولين دون ترجيح البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*) (ومال ابن عاشور* إلى أن كلا الاحتمالين مراد)
والصحيح هو القول الثاني لأربعة أمور:
الأول: أنه هو المتوافق والمناسب لقوله: (اذكرني عند ربك) قال الله: (فأنساه الشيطان ذكر ربه).
الثاني: قوله بعد ذلك: (وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة)
الثالث: أن قول يوسف لا ينافي ذكر الله, لكنه من فعل الأسباب, وذكر الله ودعاؤه دون فعل الأسباب هو الذي يلام صاحبه.
الرابع: أنه لو كان الذي أنساه الشيطان هو يوسف لكان معذوراً بالنسيان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
فائدة:
قال الزمخشري: فإن قلت: ما وجه إضافة الذكر إلى ربه إذا أريد به الملك؟ وما هي بإضافة المصدر إلى الفاعل ولا إلى المفعول؟
قلت: قد لابسه في قولك: فأنساه الشيطان ذكر ربه، أو عند ربه فجازت إضافته إليه، لأن الإضافة تكون بأدنى ملابسة.
أو على تقدير: فأنساه الشيطان ذكر إخبار ربه، فحذف المضاف الذي هو الإخبار.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "يوسف": (فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ)
القول الصحيح أن الضمير في قوله: (أنساه) يعود إلى الفتى الناجي.
ومعنى (ذكر ربه) أي ذكر يوسف لربه وهو الملك.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في من هو الذي أنساه الشيطان على قولين:
القول الأول: أن الضمير في قوله: (أنساه) يعود إلى يوسف أي: طلب من الفتى أن يذكره عن ربه فجنح إلى الاعتصام بمخلوق, وأنساه الشيطان ذكر الله والشكوى إليه فعوقب بأن لبث في السجن بضع سنين. (ضعف هذا القول الماتريدي*) (ورجحه الرازي*)
(واقتصر عليه ابن جرير*, لكنه ذكر القول الثاني كالمضعف له بعد تقريره للقول الأول فقال: وكان محمد بن إسحاق يقول: إنما أنسى الشيطان الساقي ذكر أمر يوسف لملكهم).
وأورد ابن جرير روايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تؤيد القول بأن المراد به يوسف, لكنها روايات ضعيفة.
القول الثاني: أن الضمير يعود إلى الفتى الناجي.
ومعنى (ذكر ربه) أي ذكر يوسف لربه وهو الملك.
وهذا هو القول الصحيح كما سيأتي.
(رجح هذا القول الماتريدي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*) (واقتصر عليه الشنقيطي* عند تفسير قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم).
(وصوبه ابن كثير*) وضعف الأحاديث الواردة في هذا, وقال: "الحديث ضعيف جداً, لأن سفيان بن وكيع ضعيف، وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي أضعف منه أيضاً.
وقد روي عن الحسن وقتادة مرسلاً عن كل منهما، وهذه المرسلات هاهنا لا تقبل لو قبل المرسل من حيث هو في غير هذا الموطن".
(وذكر القولين دون ترجيح البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*) (ومال ابن عاشور* إلى أن كلا الاحتمالين مراد)
والصحيح هو القول الثاني لأربعة أمور:
الأول: أنه هو المتوافق والمناسب لقوله: (اذكرني عند ربك) قال الله: (فأنساه الشيطان ذكر ربه).
الثاني: قوله بعد ذلك: (وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة)
الثالث: أن قول يوسف لا ينافي ذكر الله, لكنه من فعل الأسباب, وذكر الله ودعاؤه دون فعل الأسباب هو الذي يلام صاحبه.
الرابع: أنه لو كان الذي أنساه الشيطان هو يوسف لكان معذوراً بالنسيان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
فائدة:
قال الزمخشري: فإن قلت: ما وجه إضافة الذكر إلى ربه إذا أريد به الملك؟ وما هي بإضافة المصدر إلى الفاعل ولا إلى المفعول؟
قلت: قد لابسه في قولك: فأنساه الشيطان ذكر ربه، أو عند ربه فجازت إضافته إليه، لأن الإضافة تكون بأدنى ملابسة.
أو على تقدير: فأنساه الشيطان ذكر إخبار ربه، فحذف المضاف الذي هو الإخبار.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/