صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (89)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "يوسف": (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
القول الصحيح أن هذا قول امرأة العزيز, فقالت: إني اعترفت بذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في من هو قائل هذا القول على قولين:
الأول: أنه قول يوسف عليه السلام.
وأنه قال: إنما رددت رسول الملك وتركت إجابته والخروج إليه وطلبت أن يسأل النسوة اللاتي قطعن أيديهن عن شأنهن إذ قطعن أيديهن، إنما فعلته ليعلم أني لم أخنه في زوجته بالغيب.
ثم قال: يوسف عليه السلام: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي).
(اقتصر على هذا القول ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*) (ورجحه الزمخشري*).
وقال أصحاب هذا القول: إن المعنى يؤيد أن يكون من كلام يوسف ولو كان غير متصل بكلامه الأول, لمعرفة السامعين لمعناه، كاتصال قول الله: (وكذلك يفعلون) بقول المرأة: (وجعلوا أعزة أهلها أذلة)
وكذلك قول فرعون لأصحابه: (فماذا تأمرون)، وهو متصل بقول الملأ: (يريد أن يخرجكم من أرضكم)
القول الثاني: أنه قول امرأة العزيز, فقالت: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} أي: إني اعترفت بذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصحيح والصدق فيما سئلت عنه.
وهذا هو القول الصحيح, والقول الأول ضعيف.
ومما يدل على ضعفه قوله: (وما أبرئ نفسي) فيبعد أن يؤسف يريد أن يبرئ ساحته من الاتهام ثم يقول في هذا المقام: وما أبرئ نفسي, واللائق أن يكون هذا القول من المرأة لأنه وقعت في السوء ومراودة يوسف عليه السلام.
(رجح هذا القول ابن كثير*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
(وذكر القولين دون ترجيح ابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
قال ابن كثير رحمه الله مرجحاً لهذا القول: "وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام, وقد حكاه الماوردي في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، فأفرده بتصنيف على حدة... وهذا القول أقوى وأظهر, لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف عليه السلام عندهم".
وقال ابن تيمية: "وقد قال كثير من المفسرين: إن هذا من كلام يوسف, ومنهم من لم يذكر إلا هذا القول, وهو قول في غاية الفساد ولا دليل عليه, بل الأدلة تدل على نقيضه, وقد بسط الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع".
وقال في "جامع المسائل": "قوله: (وما أبرئ نفسي) هو من تمام كلام امرأة العزيز، وكما دل على ذلك القرآن في غير موضع, ومن قال: إنه من كلام يوسف فقد قال باطلاً، والنقولات في ذلك عن ابن عباس ضعيفة بل موضوعة.
ولو قدر أنه قال ذلك فبعض ما يخبره هذا وعبد الله بن عمرو من الإسرائيليات كله مما سمعوه من أهل الكتاب، فلا يجوز الاحتجاج به"اهـ
تنبيه:
قوله تعالى: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) أي: أني اعترفت بذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصحيح والصدق فيما سئلت عنه. (هذا هو المعنى كما سبق).
(وانفرد ابن كثير*) فذكر أن المعنى: أني اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي أن لم أخنه في نفس الأمر.
ويبدو أن هذا ذهول من ابن كثير, فإن هذا يناسب القول الأول وأنه قول يوسف عليه السلام.
وأنه قال: إنما فعلت ذلك ليعلم أني لم أخنه في زوجته بالغيب.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "يوسف": (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
القول الصحيح أن هذا قول امرأة العزيز, فقالت: إني اعترفت بذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في من هو قائل هذا القول على قولين:
الأول: أنه قول يوسف عليه السلام.
وأنه قال: إنما رددت رسول الملك وتركت إجابته والخروج إليه وطلبت أن يسأل النسوة اللاتي قطعن أيديهن عن شأنهن إذ قطعن أيديهن، إنما فعلته ليعلم أني لم أخنه في زوجته بالغيب.
ثم قال: يوسف عليه السلام: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي).
(اقتصر على هذا القول ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*) (ورجحه الزمخشري*).
وقال أصحاب هذا القول: إن المعنى يؤيد أن يكون من كلام يوسف ولو كان غير متصل بكلامه الأول, لمعرفة السامعين لمعناه، كاتصال قول الله: (وكذلك يفعلون) بقول المرأة: (وجعلوا أعزة أهلها أذلة)
وكذلك قول فرعون لأصحابه: (فماذا تأمرون)، وهو متصل بقول الملأ: (يريد أن يخرجكم من أرضكم)
القول الثاني: أنه قول امرأة العزيز, فقالت: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} أي: إني اعترفت بذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصحيح والصدق فيما سئلت عنه.
وهذا هو القول الصحيح, والقول الأول ضعيف.
ومما يدل على ضعفه قوله: (وما أبرئ نفسي) فيبعد أن يؤسف يريد أن يبرئ ساحته من الاتهام ثم يقول في هذا المقام: وما أبرئ نفسي, واللائق أن يكون هذا القول من المرأة لأنه وقعت في السوء ومراودة يوسف عليه السلام.
(رجح هذا القول ابن كثير*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
(وذكر القولين دون ترجيح ابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
قال ابن كثير رحمه الله مرجحاً لهذا القول: "وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام, وقد حكاه الماوردي في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، فأفرده بتصنيف على حدة... وهذا القول أقوى وأظهر, لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف عليه السلام عندهم".
وقال ابن تيمية: "وقد قال كثير من المفسرين: إن هذا من كلام يوسف, ومنهم من لم يذكر إلا هذا القول, وهو قول في غاية الفساد ولا دليل عليه, بل الأدلة تدل على نقيضه, وقد بسط الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع".
وقال في "جامع المسائل": "قوله: (وما أبرئ نفسي) هو من تمام كلام امرأة العزيز، وكما دل على ذلك القرآن في غير موضع, ومن قال: إنه من كلام يوسف فقد قال باطلاً، والنقولات في ذلك عن ابن عباس ضعيفة بل موضوعة.
ولو قدر أنه قال ذلك فبعض ما يخبره هذا وعبد الله بن عمرو من الإسرائيليات كله مما سمعوه من أهل الكتاب، فلا يجوز الاحتجاج به"اهـ
تنبيه:
قوله تعالى: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) أي: أني اعترفت بذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصحيح والصدق فيما سئلت عنه. (هذا هو المعنى كما سبق).
(وانفرد ابن كثير*) فذكر أن المعنى: أني اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي أن لم أخنه في نفس الأمر.
ويبدو أن هذا ذهول من ابن كثير, فإن هذا يناسب القول الأول وأنه قول يوسف عليه السلام.
وأنه قال: إنما فعلت ذلك ليعلم أني لم أخنه في زوجته بالغيب.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/