النوال... (71) (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (71)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الحديد": (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ)
وقال في سورة "التحريم": (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ)

القول الأقرب في قوله: (وَبِأَيْمَانِهِمْ) أن المراد يضيء نورهم بين أيديهم وبأيمانهم, أي: من أمامهم ومن جهة أيمانهم.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وبأيمانهم) على قولين:
القول الأول: أن المراد يضيء نورهم بين أيديهم وبأيمانهم, أي: من أمامهم ومن جهة أيمانهم. (اقتصر على هذا القول الزمخشري*, وصاحب الظلال*) (وذكره الرازي* عند تفسير آية "الحديد", واقتصر عليه عند تفسير آية "التحريم") (واقتصر عليه ابن عاشور* عند تفسير آية "التحريم")
وهذا هو القول هو الأقرب, والله تعالى أعلم.

ولماذا اقتصر على ذكر اليمين على هذا القول:
قيل: المراد بالأيمان جميع جوانبهم.

قال البغوي: "قال بعضهم: أراد جميع جوانبهم، فعبر بالبعض عن الكل"

وقال ابن عطية: "قال بعضهم: كأنه خص ذكر جهة اليمين تشريفاً، وناب ذلك مناب أن يقول: وفي جميع جهاتهم".

وقال ابن عاشور: "واقتصر على ذكر الأيمان تشريفاً لها وهو من الاكتفاء أي وبجانبيهم".
قلت: هذا القول فيه بعد.

وقيل: هو خاص باليمين, وهذا هو الأقرب.

قال الزمخشري: "لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين فجعل النور في الجهتين شعاراً لهم وآية"

وقال الرازي عند تفسير آية "التحريم": "قوله: (بين أيديهم) أي: عند المشي (وبأيمانهم) عند الحساب، لأنهم يؤتون الكتاب بأيمانهم وفيه نور وخير، ويسعى النور بين أيديهم في موضع وضع الأقدام وبأيمانهم، لأن خلفهم وشمالهم طريق الكفرة".

وهل النور يشع من أيمانهم نفسها أم المراد أنه في جهة أيمانهم.
كلاهما محتمل.
قال القرطبي: "قال الفراء: الباء بمعنى (في) أي: في أيمانهم. أو بمعنى (عن) أي: عن أيمانهم".

قال صاحب الظلال: "ذلك نورهم يشع منهم ويفيض بين أيديهم. فهذه الشخوص الإنسانية قد أشرقت وأضاءت وأشعت نوراً يمتد منها فيرى أمامها ويرى عن يمينها".

قال ابن عطية: "قال جمهور المفسرين المعنى: يسعى نورهم بين أيديهم، يريد الضوء المنبسط من أصل النور {وبأيمانهم} أصله، والشيء الذي هو متقد فيه.
(قال ابن عطية): فضمن هذا القول أنهم يحملون الأنوار، وكونهم غير حاملين أكرم".

القول الثاني: أن المراد وبأيمانهم كتبهم. (رجحه ابن جرير* عند تفسير آية "الحديد", واقتصر عليه عند تفسير آية "التحريم") (واقتصر عليه ابن كثير*) (وذكره الرازي*, وابن عاشور* عند تفسير آية "الحديد")
(وذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*)

تنبيه:
ذكر بعض المفسرين أنه يحتمل أن يكون المراد بقوله: (نورهم) أي: كتبهم التي يعطون في الآخرة، فإنهم يعطون من أمامهم ومن أيمانهم. (ذكر ذلك الماتريدي*, والرازي*)

قال الماتريدي عند تفسير آية "الحديد": "جائز أن يكون قوله: (يسعى نورهم) أي: كتبهم التي يعطون في الآخرة، فإنه يعطى كتاب المقربين والسابقين من أمامهم وقدامهم، وكتاب سائر المؤمنين من أيمانهم، وكتاب أهل الشرك من وراء ظهورهم".

وقال الرازي عند تفسير آية "الحديد": "وقيل: المراد من النور ما يكون سبباً للنجاة، وإنما قال: (بين أيديهم وبأيمانهم) لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم، ووراء ظهورهم".

قلت: هذا القول فيه نظر.
والصواب أنه نور حقيقي, ويدل على ذلك قوله في الآية التالية: (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم).

وذكر نحو ذلك ابن عاشور* لكنه خصه باليمين, وما دام أنه خصه باليمين فقوله له حظ من النظر.
قال ابن عاشور: "يجوز أن يكون الباء للملابسة ويكون النور الملابس لليمين نور كتاب الحسنات كما قال تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً) فإن كتاب الحسنات هدى فيكون لفظ (النور) قد استعمل في معنييه الحقيقي والمجازي وهو الهدى والبركة".

فائدة:
قال ابن عاشور: "سعي النور: امتداده وانتشاره. شبه ذلك باشتداد مشي الماشي وذلك أنه يحف بهم حيثما انتقلوا تنويها بشأنهم".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى