النوال... (69) (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (69)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الإنسان": (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ)

الأسر هو الربط بقوة بالإسار (والإسار هو القيد).
والقول الراجح أن المعنى: شددنا توصيل أعضاءهم ومفاصلهم وأعصابهم وربطناها بقوة بالإسار.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (شددنا أسرهم) على ثلاثة أقوال:

القول الأول: شددنا توصيل أعضاءهم ومفاصلهم وأعصابهم وربطناها بقوة بالإسار.
(أشار إليه ابن جرير*, وابن عطية*) (وذكره الماتريدي*, والبغوي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه الزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*, ومكمل أضواء البيان*) (واقتصر عليه الشنقيطي* عند تفسير آية (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنون.

القول الثاني: أن المراد شددنا خلقهم. أي: أحسناه وقويناه, يقال: رجل حسن الأسر أي: الخلق (رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن كثير*)

القول الثالث: أن الأسر هو القوة. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, وابن عطية*, والقرطبي*)

والقول الأول هو الراجح.
فالمراد والله أعلم أن الله تبارك وتعالى قوى خلق المفاصل والعظام والعصب والعروق والأعضاء الداخلية والخارجية فهي مرتبط بعضها ببعض بقوة, فهي في غاية الإحكام والإتقان والقوة مع حركتها الدائمة.

فقال: (شددنا أسرهم) أي: وصلنا أعضاءهم ومفاصلهم وربطناها بقوة بالإسار.
ألا ترى الإنسان طيلة عمره لا ينفك عن المشي والجري والحركة الدائبة والعمل الشاق, وقد يحمل الأثقال وقد يقفز ويهوي وقد يسقط ويتدحرج إلى غير ذلك ولا يتأثر أي من أعضائه الخارجية أو الداخلية.
تصور لو أن خلق الإنسان لم يحكم ولم يشد فإنه قد يتفكك وتتناثر أعضاؤه لو سقط مثلاً, أو تتقلع بعض أجهزته الداخلية.
فتبارك الله أحسن الخالقين.

قال الزمخشري: "الأسر الربط والتوثيق. ومنه: أسر الرجل إذا أوثق بالقد وهو الإسار. والمعنى: شددنا توصيل عظامهم بعضها ببعض، وتوثيق مفاصلهم بالأعصاب".

وقال ابن عاشور: "الشد: الإحكام وإتقان ارتباط أجزاء الجسد بعضها ببعض بواسطة العظام والأعصاب والعروق إذ بذلك يستقل الجسم.
والأسر: الربط وأطلق هنا على الإحكام والإتقان على وجه الاستعارة.
والمعنى: أحكمنا ربط أجزاء أجسامهم فكانت مشدوداً بعضها على بعض".

قال الشنقيطي* عند تفسير آية (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنون: "قول بعض المفسرين واللغويين: (أسرهم أي: خلقهم) فيه قصور في التفسير, لأن الأسر هو الشد القوي بالإسار الذي هو القد، وهو السير المقطوع من جلد البعير ونحوه، الذي لم يدبغ, والله جل وعلا يشد بعض العظام ببعض شداً محكماً متماسكاً كما يشد الشيء بالقد، والشد به قوي جداً".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
جزاك الله خيرًا أخي صالح ووفقك الله.
قبل أن أطلع على ما يقوله أصحاب التفاسير في هذه الآية قبل سنواتٍ، لم يكن في ذهني غير معنى واحدٍ هو خلاف تلك الأقوال جميعا، وعجبتُ أن أحدا من المفسرين لم يقل به.
وقولي هو أنَّ شد الأسر تقديرُ أفعال وأقوال الإنسانِ تقديرًا لا يخرج عن إرادة الله المسطورة في أم الكتاب.
ونظير قوله تعالى: ﴿نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ ﴾ في القرآن قوله تعالى: ﴿‏‏الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [‏الأعلى‏:‏ 2- 3‏].

والله أعلى وأعلم.
 
﴿نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ ﴾
فالمراد والله أعلم : شددنا خلقهم وقوينا خِلقتهم كما قال معظم المفسرون.
أما " شَدَدْنَا أَسْرَهُمْ " بمعنى قدرنا أفعالهم او قسّينا قلوبهم من باب "وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ" ، فيمنعه تكملة الآية " وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا" (28) الانسان
يقول الطبري : وقوله: "{وَإذَا شِئْنا بَدَّلْنا أمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً} " يقول: وإذا نحن شئنا أهلكنا هؤلاء وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم أمثالهم من الخلق، مخالفين لهم في العمل.
فإذا كان التبديل بأمثالهم مشدود على قلوبهم ، لم يكن لذلك معنى.
والله أعلم.
 
قولي هو أنَّ شد الأسر تقديرُ أفعال وأقوال الإنسانِ تقديرًا لا يخرج عن إرادة الله المسطورة في أم الكتاب.
ونظير قوله تعالى: ﴿نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ ﴾ في القرآن قوله تعالى: ﴿‏‏الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [‏الأعلى‏:‏ 2- 3‏].

والله أعلى وأعلم.

ولستُ أنفي التأويل الأثريّ، بل أقول أنّ كل ما قاله السلف صوابٌ معتضِدٌ فشدّ الأسرِ هوَ لإحكام الخلق وشد المفاصل والأوصال وهو للمعنى الذي روي عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ "الْأَسْرِ" قَالَ: الشَّرَجُ، يَعْنِي: مَوْضِعَ مَصْرَفَيِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، إِذَا خَرَجَ الْأَذَى تَقَبَّضَا.

وما أقول به هو أنّ الأسْرَ يجوزُ حمله على الأسْرِ المعروفِ من إحكامِ تسيير المأسورِ وتقييد أفعاله ومكانه.
ونظيرُه في القرآن أسرُ الثقلين في مكانِهمُ الذي هم فيه داخل أقطار السموات والأرض كتابِ الله المنظور لا يتجاوزونه كما شدّ أسرَ أفعالهمْ التي هي مثبتة في كتاب الله المسطور.
﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ (39)﴾ (الرحمن:33-38).
وأين السموات السبع والأرض من عظيم خلق الله الذي في حديث النبيّ صلى الله عليـه وسلم عن أبي ذر الغفاري؟: "ما السَّماوات السّبع في الكُرسيِّ إلَّا كحلقةٍ ملقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ، وفضلُ العرشِ على الكُرسيِّ كفضلِ تلك الفلاةِ على تلك الحلقةِ" صحّح الألباني هذا القدر مرفوعا.

ولا شبهةَ في القدرِ فإنّ أوّل سورة الإنسان فيها جوابٌ لمن ظنّ أنّ هذا المعنى تبريرٌ للقدريّة، لأن الله علِم ما كان وما يكون وأعطى الخيار للإنسان؛ فخياره لا يخرج عن علم الله وقدره.

وما هو في التفاسير وما أقول به محصورٌ في موضوعاتٍ ثلاثة هي: الخلقُ وإحكامُهُ والقدر، وهي ما جاءت موضوعَات آياتٍ ثلاثةٍ متتاليةٍ في أول سورة الإنسان، الآية الأولى للخلق بعد أن لمْ يكنْ والآية الثانية لإحكامِ الخَلْقِ وتفاصيله والآية الثالثة للقدر والمشيئة تسييرًا وتخييرا:
﴿هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)﴾ (الإنسان:1-3).

وعساني أفردُ لظاهرةِ جواباتِ وتتمّاتِ أوائل السور بأواخرها منشورًا إن شاء الله.

والله أعلى وأعلم.
 
عودة
أعلى