صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (69)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الإنسان": (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ)
الأسر هو الربط بقوة بالإسار (والإسار هو القيد).
والقول الراجح أن المعنى: شددنا توصيل أعضاءهم ومفاصلهم وأعصابهم وربطناها بقوة بالإسار.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (شددنا أسرهم) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: شددنا توصيل أعضاءهم ومفاصلهم وأعصابهم وربطناها بقوة بالإسار.
(أشار إليه ابن جرير*, وابن عطية*) (وذكره الماتريدي*, والبغوي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه الزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*, ومكمل أضواء البيان*) (واقتصر عليه الشنقيطي* عند تفسير آية (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنون.
القول الثاني: أن المراد شددنا خلقهم. أي: أحسناه وقويناه, يقال: رجل حسن الأسر أي: الخلق (رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن كثير*)
القول الثالث: أن الأسر هو القوة. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, وابن عطية*, والقرطبي*)
والقول الأول هو الراجح.
فالمراد والله أعلم أن الله تبارك وتعالى قوى خلق المفاصل والعظام والعصب والعروق والأعضاء الداخلية والخارجية فهي مرتبط بعضها ببعض بقوة, فهي في غاية الإحكام والإتقان والقوة مع حركتها الدائمة.
فقال: (شددنا أسرهم) أي: وصلنا أعضاءهم ومفاصلهم وربطناها بقوة بالإسار.
ألا ترى الإنسان طيلة عمره لا ينفك عن المشي والجري والحركة الدائبة والعمل الشاق, وقد يحمل الأثقال وقد يقفز ويهوي وقد يسقط ويتدحرج إلى غير ذلك ولا يتأثر أي من أعضائه الخارجية أو الداخلية.
تصور لو أن خلق الإنسان لم يحكم ولم يشد فإنه قد يتفكك وتتناثر أعضاؤه لو سقط مثلاً, أو تتقلع بعض أجهزته الداخلية.
فتبارك الله أحسن الخالقين.
قال الزمخشري: "الأسر الربط والتوثيق. ومنه: أسر الرجل إذا أوثق بالقد وهو الإسار. والمعنى: شددنا توصيل عظامهم بعضها ببعض، وتوثيق مفاصلهم بالأعصاب".
وقال ابن عاشور: "الشد: الإحكام وإتقان ارتباط أجزاء الجسد بعضها ببعض بواسطة العظام والأعصاب والعروق إذ بذلك يستقل الجسم.
والأسر: الربط وأطلق هنا على الإحكام والإتقان على وجه الاستعارة.
والمعنى: أحكمنا ربط أجزاء أجسامهم فكانت مشدوداً بعضها على بعض".
قال الشنقيطي* عند تفسير آية (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنون: "قول بعض المفسرين واللغويين: (أسرهم أي: خلقهم) فيه قصور في التفسير, لأن الأسر هو الشد القوي بالإسار الذي هو القد، وهو السير المقطوع من جلد البعير ونحوه، الذي لم يدبغ, والله جل وعلا يشد بعض العظام ببعض شداً محكماً متماسكاً كما يشد الشيء بالقد، والشد به قوي جداً".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الإنسان": (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ)
الأسر هو الربط بقوة بالإسار (والإسار هو القيد).
والقول الراجح أن المعنى: شددنا توصيل أعضاءهم ومفاصلهم وأعصابهم وربطناها بقوة بالإسار.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (شددنا أسرهم) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: شددنا توصيل أعضاءهم ومفاصلهم وأعصابهم وربطناها بقوة بالإسار.
(أشار إليه ابن جرير*, وابن عطية*) (وذكره الماتريدي*, والبغوي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه الزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*, ومكمل أضواء البيان*) (واقتصر عليه الشنقيطي* عند تفسير آية (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنون.
القول الثاني: أن المراد شددنا خلقهم. أي: أحسناه وقويناه, يقال: رجل حسن الأسر أي: الخلق (رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن كثير*)
القول الثالث: أن الأسر هو القوة. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, وابن عطية*, والقرطبي*)
والقول الأول هو الراجح.
فالمراد والله أعلم أن الله تبارك وتعالى قوى خلق المفاصل والعظام والعصب والعروق والأعضاء الداخلية والخارجية فهي مرتبط بعضها ببعض بقوة, فهي في غاية الإحكام والإتقان والقوة مع حركتها الدائمة.
فقال: (شددنا أسرهم) أي: وصلنا أعضاءهم ومفاصلهم وربطناها بقوة بالإسار.
ألا ترى الإنسان طيلة عمره لا ينفك عن المشي والجري والحركة الدائبة والعمل الشاق, وقد يحمل الأثقال وقد يقفز ويهوي وقد يسقط ويتدحرج إلى غير ذلك ولا يتأثر أي من أعضائه الخارجية أو الداخلية.
تصور لو أن خلق الإنسان لم يحكم ولم يشد فإنه قد يتفكك وتتناثر أعضاؤه لو سقط مثلاً, أو تتقلع بعض أجهزته الداخلية.
فتبارك الله أحسن الخالقين.
قال الزمخشري: "الأسر الربط والتوثيق. ومنه: أسر الرجل إذا أوثق بالقد وهو الإسار. والمعنى: شددنا توصيل عظامهم بعضها ببعض، وتوثيق مفاصلهم بالأعصاب".
وقال ابن عاشور: "الشد: الإحكام وإتقان ارتباط أجزاء الجسد بعضها ببعض بواسطة العظام والأعصاب والعروق إذ بذلك يستقل الجسم.
والأسر: الربط وأطلق هنا على الإحكام والإتقان على وجه الاستعارة.
والمعنى: أحكمنا ربط أجزاء أجسامهم فكانت مشدوداً بعضها على بعض".
قال الشنقيطي* عند تفسير آية (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنون: "قول بعض المفسرين واللغويين: (أسرهم أي: خلقهم) فيه قصور في التفسير, لأن الأسر هو الشد القوي بالإسار الذي هو القد، وهو السير المقطوع من جلد البعير ونحوه، الذي لم يدبغ, والله جل وعلا يشد بعض العظام ببعض شداً محكماً متماسكاً كما يشد الشيء بالقد، والشد به قوي جداً".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/