صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (68)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)
القول الراجح أن المراد بالإنسان جميع الناس, والمعنى أنه قد مضت أزمان ودهور قبل أن يخلق الإنسان ولم يكن شيئاً موجوداً ولا مذكوراً, بل كان معدوماً.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على قولين:
الأول:
أن المراد بالإنسان آدم, وقد مكث طيناً مصوراً لم ينفخ فيه الروح مدة من الزمن, فكان شيئاً غير مذكور.
(رجحه ابن جرير* واقتصر عليه) (وكذلك اقتصر عليه البغوي*) (وذكره مكمل أضواء البيان*)
قال ابن جرير: "الإنسان هو آدم, قال بعضهم: مكثت طينة آدم مصورة لا تنفخ فيها الروح أربعين عاماً، فأتى عليه وهو جسم مصور لم تنفخ فيه الروح أربعون عاماً، فكان شيئاً غير أنه لم يكن شيئاً مذكوراً...
ومعنى قوله:(لم يكن شيئا مذكوراً) لم يكن شيئاً له نباهة ولا رفعة ولا شرف، إنما كان طيناً لازبا وحمأً مسنوناً".
قال ابن جرير مرجحاًً لهذا القول:
"وغير مفهوم في الكلام أن يقال: أتى على الإنسان حين قبل أن يوجد، وقبل أن يكون شيئاً، وإذا أريد ذلك قيل: أتى حين قبل أن يخلق، ولم يقل أتى عليه".
القول الثاني:
أن المراد بالإنسان جميع الناس, بدليل قوله: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).
والمراد أنه قد مضت أزمان ودهور قبل أن يخلق الإنسان ولم يكن شيئاً موجوداً ولا مذكوراً, بل كان معدوماً.
(اقتصر عليه الزمخشري*, وابن عطية*, وابن كثير*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (ومال إليه الرازي*) (وذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والقرطبي*)
وهذا القول هو الراجح.
قال ابن عطية: "قال أكثر المتأولين: {الإنسان} اسم الجنس، أي: إذا تأمل كل إنسان نفسه علم بأنه قد مر {حين من الدهر} عظيم {لم يكن} هو فيه {شيئاً مذكوراً}، أي: لم يكن موجوداً".
وذكر القرطبي* قولاً ثالثاً فقال: "وقد قيل: الحين تسعة أشهر، مدة حمل الإنسان في بطن أمه (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إذ كان علقة ومضغة، لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له"اهـ
(وهذا القول ذكره أيضاً مكمل أضواء البيان* مع القول الأول ولم يذكر القول الثاني).
وعلى أي حال فهذا القول بعيد, والراجح كما سبق هو القول الثاني.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)
القول الراجح أن المراد بالإنسان جميع الناس, والمعنى أنه قد مضت أزمان ودهور قبل أن يخلق الإنسان ولم يكن شيئاً موجوداً ولا مذكوراً, بل كان معدوماً.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على قولين:
الأول:
أن المراد بالإنسان آدم, وقد مكث طيناً مصوراً لم ينفخ فيه الروح مدة من الزمن, فكان شيئاً غير مذكور.
(رجحه ابن جرير* واقتصر عليه) (وكذلك اقتصر عليه البغوي*) (وذكره مكمل أضواء البيان*)
قال ابن جرير: "الإنسان هو آدم, قال بعضهم: مكثت طينة آدم مصورة لا تنفخ فيها الروح أربعين عاماً، فأتى عليه وهو جسم مصور لم تنفخ فيه الروح أربعون عاماً، فكان شيئاً غير أنه لم يكن شيئاً مذكوراً...
ومعنى قوله:(لم يكن شيئا مذكوراً) لم يكن شيئاً له نباهة ولا رفعة ولا شرف، إنما كان طيناً لازبا وحمأً مسنوناً".
قال ابن جرير مرجحاًً لهذا القول:
"وغير مفهوم في الكلام أن يقال: أتى على الإنسان حين قبل أن يوجد، وقبل أن يكون شيئاً، وإذا أريد ذلك قيل: أتى حين قبل أن يخلق، ولم يقل أتى عليه".
القول الثاني:
أن المراد بالإنسان جميع الناس, بدليل قوله: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).
والمراد أنه قد مضت أزمان ودهور قبل أن يخلق الإنسان ولم يكن شيئاً موجوداً ولا مذكوراً, بل كان معدوماً.
(اقتصر عليه الزمخشري*, وابن عطية*, وابن كثير*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (ومال إليه الرازي*) (وذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والقرطبي*)
وهذا القول هو الراجح.
قال ابن عطية: "قال أكثر المتأولين: {الإنسان} اسم الجنس، أي: إذا تأمل كل إنسان نفسه علم بأنه قد مر {حين من الدهر} عظيم {لم يكن} هو فيه {شيئاً مذكوراً}، أي: لم يكن موجوداً".
وذكر القرطبي* قولاً ثالثاً فقال: "وقد قيل: الحين تسعة أشهر، مدة حمل الإنسان في بطن أمه (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إذ كان علقة ومضغة، لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له"اهـ
(وهذا القول ذكره أيضاً مكمل أضواء البيان* مع القول الأول ولم يذكر القول الثاني).
وعلى أي حال فهذا القول بعيد, والراجح كما سبق هو القول الثاني.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/