النوال... (62) (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (62)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "القلم": (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)
معنى يزلقونك: يسقطونك.

والقول الراجح أن المراد ينظرون إليك نظراً شديداً بغضاً وعداوة وازدراء نظراً يكاد يسقطك.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ) على قولين:

القول الأول: أن المراد يصيبونك بالعين. (اقتصر عليه ابن جرير*, وابن كثير*, ومكمل أضواء البيان*) (ورجحه القرطبي*)

قال الماتريدي: "فإن قال قائل: إنهم كانوا يقولون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لمجنون، والمجنون لا يعان، وإنما يعان أهل الشرف والحجا وذوو الأحلام والنهى.
فجوابه أنهم وإن كانوا يعدونه من جملة المجانين، فإنهم سمعوا منه ذكراً عجباً وهو القرآن، ومن أعطي مثل ذلك الذكر والشرف، فهو مما يقصد إليه بالحسد، فكانوا يعينونه لذلك المعنى".

وكذلك قال الرازي: "طعن الجبائي في هذا التأويل وقال: الإصابة بالعين تنشأ عن استحسان الشيء، والقوم ما كانوا ينظرون إلى الرسول عليه السلام على هذا الوجه، بل كانوا يمقتونه ويبغضونه، والنظر على هذا الوجه لا يقتضي الإصابة بالعين".
قال الرازي: "واعلم أن هذا السؤال ضعيف، لأنهم وإن كانوا يبغضونه من حيث الدين لعلهم كانوا يستحسنون فصاحته، وإيراده للدلائل"اهـ

وعلى أي حال فهذا القول مرجوح كما سيأتي.

القول الثاني: أن المراد ينظرون إليك نظراً شديداً بغضاً وعداوة وازدراء نظراً يكاد يسقطك.
كما قيل:
يتقارضون إذا التقوا في مجلس ... نظراً يزيل مواطئ الأقدام
(اقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*)
(وذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*)

وهذا القول هو الراجح, ومما يدل عليه ما بعده وهو قوله: (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)

قال القرطبي: "قال القشيري: الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض، ولهذا قال: (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) أي: ينسبونك إلى الجنون إذا رأوك تقرأ القرآن".

وقال البغوي: "قال الزجاج: يعني من شدة عداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك. وهذا مستعمل في كلام العرب يقول القائل: نظر إلي نظراً يكاد يصرعني، ونظراً يكاد يأكلني. يدل على صحة هذا المعنى أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن، وهو قوله: {لما سمعوا الذكر} وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية فيحدون إليه النظر بالبغضاء"

قال صاحب الظلال: "فهذه النظرات تكاد تؤثر في أقدام الرسول صلى الله عليه وسلم فتجعلها تزل وتزلق وتفقد توازنها على الأرض وثباتها! وهو تعبير فائق عما تحمله هذه النظرات من غيظ وحنق وشر وحسد ونقمة وضغن، وحمى وسم .. مصحوبة هذه النظرات المسمومة المحمومة بالسب القبيح، والشتم البذيء، والافتراء الذميم: «وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ»".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى