النوال... (40) (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (40)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الرعد" (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)
القول الصحيح أن المستخفي هو المتستتر بالليل في ظلمته, والسارب الظاهر الذاهب في حوائجه.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله تعالى: (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) على قولين:

القول الأول: أن المستخفي هو المتستتر بالليل في ظلمته, والسارب الظاهر الذاهب في حوائجه. (اقتصر عليه ابن جرير*, والزمخشري*, وابن كثير*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (ورجحه الشنقيطي*)

وهذا القول هو الصحيح, فالسارب الذاهب في سربه, والسَّرْب بفتح السين وسكون الراء هو الطريق.

القول الثاني: أن المستخفي بالليل هو الظاهر, والسارب هو المتواري أي: الداخل سرباً (ضعفه ابن عطية*)
(وذكر القولين دون ترجيح البغوي*, والرازي*, والقرطبي*)
(وذكر الماتريدي* القول الأول وبعض الثاني).

قال ابن عطية: "وهذا القول وإن كان تعلقه باللغة بيناً فضعيف، لأن اقتران الليل بالمستخفي والنهار بالسارب يرد على هذا القول".

فائدة:
قال الزمخشري: فإن قلت: كان حق العبارة أن يقال: ومن هو مستخف بالليل ومن هو سارب بالنهار حتى يتناول معنى الاستواء المستخفي والسارب، وإلا فقد تناول واحداً هو مستخف وسارب.
قلت: فيه وجهان: أحدهما أن قوله (وسارب) عطف على (من هو مستخف)، لا على (مستخف)...".

قال صاحب الظلال: "«سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ» .. والتقابل واضح في العبارة. إنما تستوقفنا كلمة «سارب» وهي تكاد بظلها تعطي عكس معناها، فظلها ظل خفاء أو قريب من الخفاء. والسارب: الذاهب. فالحركة فيها هي المقصودة في مقابل الاستخفاء. هذه النعومة في جرس اللفظ وظله مقصودة هنا كي لا تخدش الجو. جو العلم الخفي اللطيف الذاهب وراء الحمل المكنون والسر الخافي والمستخفي بالليل والمعقبات التي لا تراها الأنظار. فاختار اللفظ الذي يؤدي معنى التقابل مع المستخفي ولكن في لين ولطف وشبه خفاء".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
بالتدبر العميق في هذه الآية تجد معاني عجيبة
المعنى الظاهر من السارب بالنهار هو المقابلة مع المستخفي بالليل لكن المعنى العميق يعني تطابق المعنى ، أي السارب بالنهار بمعنى من يريد التخفي أيضاً ، فالشخص المستخفي بالليل يستعمل ظلمة الليل ليخفي نفسه لكن إذا طلع عليه النهار يحتاج إلى وسيلة مختلفة للتخفي أثناء النهار فهو يختلط بأسراب الناس فلا يلمح منه إلا سرابه ، والمقابلة هنا هي بين المعنى الظاهر والمعنى الباطن ، وعند التعمق في المعنى أكثر تلاحظ الكلمة التي جاءت في في بداية الآية وهي "سواء" ، فبالنسبة لنا نحن البشر قد يختلف المعنى بسبب ما هو مخفي عنا ولا نعلمه ، لكن بالنسبة إلى الله العليم البصير عالم الغيب والشهادة فيستوي المخفي والظاهر عنده لأن لا شيئ يغيب عنه ، فكل ماهو مخفي عنا هو ظاهر عنده .
 
عودة
أعلى