صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (28)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "غافر" (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ)
من الأقوال الجيدة في هذه الآية أن المراد بما عندهم من العلم معتقداتهم الموروثة, كالاعتقاد بعدم البعث, وكانوا يفرحون بذلك ويدفعون به البينات وعلم الأنبياء.
وكذلك القول بأن المراد علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) على أقوال متعددة أهمها قولان:
القول الأول: أن المراد بما عندهم من العلم معتقداتهم الموروثة, كالاعتقاد بعدم البعث, وكانوا يفرحون بذلك ويدفعون به البينات وعلم الأنبياء.
قال مجاهد: "قولهم: نحن أعلم منهم، لن نعذب، ولن نبعث".
(اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, وابن كثير*) (واقتصر عليه ابن عاشور* ورجحه) (وذكره الزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
وهذا هو القول الأقرب.
قال الرازي: الأشياء التي كانوا يسمونها بالعلم، وهي الشبهات التي حكاها الله عنهم في القرآن كقولهم: {وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلا الدَّهْرُ}, وقولهم: {لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلا ءَابَآؤُنَا}, وقولهم: {مَن يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ}"اهـ
وإطلاق العلم على ذلك على طريق التهكم.
القول الثاني: أن المراد علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها، كما قال تعالى: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون), ففرحوا بذلك ولم يلتفتوا إلى ما جاءهم به الأنبياء, وصغروا شأنه واستهزؤا به (ذكره الزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
وفي الآية أقوال أخرى:
فقيل: الضمير يعود إلى الرسل.
والمعنى: أن الرسل لما رأوا جهلهم المتمادي واستهزائهم بالحق وعلموا سوء عاقبتهم فرحوا بما أوتوا من العلم وشكروا الله عليه. (ذكره الزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
(وعبارة القرطبي: أعلمهم الله عز وجل أنه مهلك الكافرين ومنجيهم والمؤمنين فـفرحوا بما عندهم من العلم بنجاة المؤمنين).
وقيل: المراد بهم أهل الكتاب, وأنهم فرحوا بما عندهم من العلم، لكنهم لما كذبوا غيره من الكتب والعلوم وكفروا بها. (انفرد بذكره الماتريدي* واقتصر عليه)
وقيل: المراد أنهم فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك منه واستهزاء (ذكره الزمخشري*, والرازي*)
وقيل: المراد علم الفلاسفة والدهريين، وكانوا إذا سمعوا بوحي الله دفعوه وصغروا علم الأنبياء إلى علمهم. (ذكره الزمخشري*, والرازي*)
قال الزمخشري: ومن الوجوه: أن يوضع قوله: (فرحوا بما عندهم من العلم) ولا علم عندهم البتة مبالغة في نفي فرحهم بالوحي الموجب لأقصى الفرح والمسرة، مع تهكم بفرط جهلهم وخلوهم من العلماء. (انفرد به الزمخشري*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "غافر" (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ)
من الأقوال الجيدة في هذه الآية أن المراد بما عندهم من العلم معتقداتهم الموروثة, كالاعتقاد بعدم البعث, وكانوا يفرحون بذلك ويدفعون به البينات وعلم الأنبياء.
وكذلك القول بأن المراد علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) على أقوال متعددة أهمها قولان:
القول الأول: أن المراد بما عندهم من العلم معتقداتهم الموروثة, كالاعتقاد بعدم البعث, وكانوا يفرحون بذلك ويدفعون به البينات وعلم الأنبياء.
قال مجاهد: "قولهم: نحن أعلم منهم، لن نعذب، ولن نبعث".
(اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, وابن كثير*) (واقتصر عليه ابن عاشور* ورجحه) (وذكره الزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
وهذا هو القول الأقرب.
قال الرازي: الأشياء التي كانوا يسمونها بالعلم، وهي الشبهات التي حكاها الله عنهم في القرآن كقولهم: {وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلا الدَّهْرُ}, وقولهم: {لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلا ءَابَآؤُنَا}, وقولهم: {مَن يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ}"اهـ
وإطلاق العلم على ذلك على طريق التهكم.
القول الثاني: أن المراد علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها، كما قال تعالى: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون), ففرحوا بذلك ولم يلتفتوا إلى ما جاءهم به الأنبياء, وصغروا شأنه واستهزؤا به (ذكره الزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
وفي الآية أقوال أخرى:
فقيل: الضمير يعود إلى الرسل.
والمعنى: أن الرسل لما رأوا جهلهم المتمادي واستهزائهم بالحق وعلموا سوء عاقبتهم فرحوا بما أوتوا من العلم وشكروا الله عليه. (ذكره الزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
(وعبارة القرطبي: أعلمهم الله عز وجل أنه مهلك الكافرين ومنجيهم والمؤمنين فـفرحوا بما عندهم من العلم بنجاة المؤمنين).
وقيل: المراد بهم أهل الكتاب, وأنهم فرحوا بما عندهم من العلم، لكنهم لما كذبوا غيره من الكتب والعلوم وكفروا بها. (انفرد بذكره الماتريدي* واقتصر عليه)
وقيل: المراد أنهم فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك منه واستهزاء (ذكره الزمخشري*, والرازي*)
وقيل: المراد علم الفلاسفة والدهريين، وكانوا إذا سمعوا بوحي الله دفعوه وصغروا علم الأنبياء إلى علمهم. (ذكره الزمخشري*, والرازي*)
قال الزمخشري: ومن الوجوه: أن يوضع قوله: (فرحوا بما عندهم من العلم) ولا علم عندهم البتة مبالغة في نفي فرحهم بالوحي الموجب لأقصى الفرح والمسرة، مع تهكم بفرط جهلهم وخلوهم من العلماء. (انفرد به الزمخشري*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/